الموضوع: هدية للعروسين
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 01-09-2011, 12:09 AM
الصورة الرمزية محمد حسن ضبعون
محمد حسن ضبعون محمد حسن ضبعون غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء ((رحمه الله))
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 11,961
معدل تقييم المستوى: 28
محمد حسن ضبعون is just really nice
افتراضي

الكفاءة فى النكاح :
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : (يَاأَيُّهَالنَّاسُ إِنَّاخَلَقْنَاكُممِّنذَكَرٍ وَأُنثَىوَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًاوَقَبَائِلَلِتَعَارَفُ واإِنَّأَكْرَمَكُمْعِندَاللَّه ِأَتْقَاكُمْإِنَّاللَّهَ عَلِيمٌخَبِيرٌ) (الحجرات 13) ، وقال تعالى : (إِنَّمَالْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ) (الحجرات : 10) وقال : (وَالْمُؤْمِنُونَوَالْمُؤْمِنَ اتُبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) (التوبة : 71) ، وقال تعالى : (فَاسْتَجَابَلَهُمْرَبُّهُمْأَ نِّي لاَأُضِيعُعَمَلَعَامِلٍمِّنكُم مِّن ذَكَرٍأَوْأُنثَىبَعْضُكُممِّنب َعْضٍ) (آل عمران : 195) .
وقال r : "أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى" (1) ، وفى الترمذى عنه r : "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ" (2) ، وقال النبىr لبنى بياضة : "أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه وكان حجاماً" (3) .
وزوج النبى r زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية من أسامة ابنه ، وتزوج بلال بن رباح بأخت عبدالرحمن بن عوف ، وقد قال الله تعالى : (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطيِّبَاتِ ) (النور : 26) ، وقد قال تعالى : (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) (النساء : 3) .
فالذى يقتضيه حكمه r اعتبار الدين فى الكفاءة أصلاً وكمالاً فلا تزوج مسلمة بكافر ولا عفيفة بفاجر ولم يعتبر القرآن والسنة فى الكفاءة أمراً وراء ذلك فإنه حرم على المسلمة نكاح الزانى الخبيث ولم يعتبر نسباً ولا صناعة ولا غنى ولا حرية فجوز للعبد الفقير نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفاً مسلماً ، وجوز لغير القرشين نكاح القرشيات ، ولغير الهاشمين نكاح الهاشميات وللفقراء نكاح الموسرات .
وقد تنازع الفقهاء فى أوصاف الكفاءة فقال مالك فى ظاهر مذهبه إنها الدين وفى رواية عنه إنها ثلاثة الدين والحرية والسلامة من العيوب .
وقال أبو حنيفة : هى النسب والدين ، وقال أحمد فى رواية عنه : هى الدين والنسب خاصة وفى رواية أخرى هى خمسة الدين والنسب والحرية والصناعة والمال ، وإذا اعتبر فيها النسب فعنه فيه روايتان إحداهما : أن العرب بعضهم لبعض أكفاء ، الثانية : أن قريشاً لا يكافئهم إلا قرشى وبنو هاشم لا يكافئهم إلا هاشمى ، وقال أصحاب الشافعى يعتبر فيها الدين والنسب والحرية والصناعة والسلامة من العيوب المنفرة .
ولهم فى اليسار ثلاثة أوجه اعتباره فيها وإلغاؤه واعتباره فى أهل المدن دون أهل البوادى فالعجمى ليس عندهم كفئاً للعربى ولا غير القرشى للقرشية ولا غير الهاشمى للهاشمية ولا غير المنتسبة إلى العلماء والصلحاء المشهورين كفئاً لمن ليس منتسباً إليهما ، ولا العبد كفئاً للحرة ولا العتيق كفئاً لحرة الأصل ولا من مس الرق أحد آبائه كفئاً لمن لم يمسها رق ولا أحداً من آبائها ، وفى تأثير رق الأمهات وجهان ، ولا من به عيب مثبت للفسخ كفئاً للسليمة منه فإن لم يثبت الفسخ وكان منفراً كالعمى والقطع وتشويه الخلقة فوجهان ، واختار الرويانى أن صاحبه ليس بكفء ولا الحجام والحائك والحارس كفئاً لبنت التاجر والخياط ونحوهما ولا المحترف لبنت العالم ولا الفاسق كفئاً للعفية ولا المبتدع للسنية ولكن الكفاءة عند الجمهور هى حق للمرأة والأولياء .
ثم اختلفوا فقال أصحاب الشافعى : هى لمن له ولاية فى الحال ، وقال أحمد فى رواية : حق لجميع الأولياء قريبهم وبعيدهم فمن لم يرض منهم فله الفسخ ، وقال أحمد فى رواية ثالثة : إنها حق الله فلا يصح رضاهم بإسقاطه ، ولكن على هذه الرواية لا تعتبر الحرية ولا اليسار ولا الصناعة ولا النسب إنما يعتبر الدين فقط فإنه لم يقل أحمد ولا أحد من العلماء إن نكاح الفقير للموسرة باطل وإن رضيت ولا يقول هو ولا أحد إن نكاح الهاشمية لغير الهاشمى والقرشية لغير القرشى باطل وإنما نبهنا على هذا لأن كثيرا من أصحابنا يحكون الخلاف فى الكفاءة هل هى حق لله أو للآدمى ويطلقون مع قولهم إن الكفاءة هى الخصال المذكورة وفى هذا من التساهل وعدم التحقيق ما فيه" (1) .
فإذا أراد الرجل أن يخطب فتاة فله أن يرسل أمه أو بعض أهله كأخته مثلاً ليريا من الفتاة ما يدعوه إلى خطبتها ، من خلق حسن وبيت طيب وحسن معاملة .
لاخير فى حسن الفتاة وعلمها إن كان فى غير الصلاح رضاؤها
فجمالها وقف عليها إنما للناس منها دينها وفاؤها
وإن تزوجتَ فكن حاذقاً واسأل عن الغصن وعن منبته
واسأل عن الصهر وأحواله من جيرة الحى وذى قربته
صلاة الاستخارة :
فإذا وجد الرجل الفتاة التى يرى فيها أنها تصلح لتكون شريكة حياته ، وتقدم للفتاة الرجل يخطبها ، استخار الله تعالى فى هذا الأمر العظيم ، فيصلى كل منهما صلاة الاستخارة .
يقول جابر t : "كان النبى rيعلمنا الاستخارة فى الأمور كلها كالسورة من القرآن ، وصفتها : يقول r : إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ - ويسمى الأمر - خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي قَالَ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ" (1) .
ويصلى العبد صلاة الاستخارة فى أى وقت شاء ، ركعتين ، ثم بعد التسليم يدعو بهذا الدعاء ، وله أن يكررها ولا حرج فى هذا (2) ، فصلاة الاستخارة دعاء ، ولا حرج فى تكرار الدعاء ، ولا يلزم بعد الاستخارة أن يرى العبد رؤيا ، بل سيرى إما التيسير أو عدمه ، أو الراحة النفسية للأمر والإقدام عليه أو عدمه.
وتصلى الفتاة صلاة الاستخارة ، فهى تستخير رب العالمين فى شأن من تقدم لِخطبتها ، إذا رأت فيه ما يدعوها إلى قبوله ، لا أن تصلى الفتاة صلاة الاستخارة عندما يتقدم إليها السكير مثلاً أو تارك الصلاة المفرط فى أمر دينه ، فإنها ترفض من البداية أن تربط حياتها بمن يستهين بحقوق ربه عليه ، فكيف له أن يحافظ على حقوقها أو يعطيها إياها .
هذا ولا يجوز لمن عرف تقدم شاب إلى فتاة ليخطبها أن يتقدم لِخطبتها هو أيضاً : فقد نهىr أن "يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ" (1) .
كما لا يجوز خِطبة من توفى عنها زوجها حتى تنتهى عدتها ، ولكن يجوز للخاطب التعريض بالخطبة لها ، قال تعالى : (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فى أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) (البقرة : 235) أو للمطلقة المبتوتة وهى التى طُلقت ثلاث مرات لحديث الإمام مسلم أن النبىr قال لفاطمة بنت قيس وكانت قد طُلقت ثلاث مرات : "اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي" (2) .
يقول الإمام النوى رحمه الله تعالى : وفيه جواز التعريض بخِطبة البائن وهو الصحيح عندنا .
والتعريض بالخِطبة : كأن يقول الرجل للمرأة وهى فى عدتها من وفاة زوجها : إنك على لكريمة ، وإنى فيك لراغب ، وان الله لسائق إليك خيراً ورزقاً ، أو يقول : إنى أريد التزوج ولودت أنه يُسر لى امرأة صالحة ، ونحو هذا .

إباحة النظر إلى وجه المخطوبة والفتاة إلى مخطوبها :
فإذا تقدم لخطبتها فله أن يرى منها الوجه والكفين : روى المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له رسول اللهr : "أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ ، فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا"(1) .
وعن جابر t أن رسول الله r قال : "إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ ، قَالَ : فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ(2) لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا" (3) .
وعن سهل بن سعد الساعدى رضى الله عنها أن امرأة جاءت إلى رسول الله r فقالت : "يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ r فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ r رَأْسَهُ " (4) .
وعن أبى هريرة t قال : "كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ r فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا قَالَ لَا قَالَ فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا" (5).
وقد ذهب جمهور أهل العلم سلفاً وخلفاً إلى جواز نظر الرجل إلى من يريد خِطبتها ، إلا أنه وقع الخلاف بينهم فيما يُنظر إلى المرأة ، فذهب الجمهور إلى جواز النظر رؤية الوجه والكفين ، وعن الإمام أحمد ثلاث روايات : النظر إلى الوجه والكفين ، النظر إلى ما يظهر منها غالبا كالرقبة والساقين ، النظر إليها كلها ، وذهب ابن حزم إلى النظر إلى جميع بدنها .
فإذا تمت الموافقة بين الأهل ، فله أن يصلى صلاة الاستخارة مرة أخرى إن شاء ، ويترك الفتاة لتستخير ربها فيمن تقدم لخطبتها .
موافقة البكر والثيب على الزواج : وتستأذن البكر على من تقدم لخِطبتها : وإذنها صماتها ، أما الثيب فإنها تستأمر ، لقوله r :"لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ أَنْ تَسْكُتَ " (1) ، وفى صحيح مسلم : "الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا قَالَ نَعَمْ" (2) .
وثبت عنه فى الصحيحين: "أن خنساء بنت حذام زوجها أبوها وهى كارهة وكانت ثيباً فأت رسول الله r فرد نكاحها" (3) .
وفى السن من حديث ابن عباس : "أن جارية بكراً أت النبىr فذكرت له أن أباها زوجها وهى كارهة فخيرها النبى r" (4) .
وهذه غير خنساء فهما قضيتان قضى فى إحداهما بتخير الثيب وقضى فى الأخرى بتخير البكر .
وموجب هذا الحكم أنه لا تجبر البكر البالغ على النكاح ولا تزوج إلا برضاها وهذا قول جمهور السلف ومذهب أبى حنيفة وأحمد فى إحدى الروايات عنه وهو القول الذى ندين الله به ولا نعتقد سواه وهو الموافق لحكم رسول اللهr وأمره ونهيه وقواعد شريعته ومصالح أمته .
أما موافقته لحكمه فإنه حكم بتخير البكر الكارهة وليس رواية هذا الحديث مرسلة بعلة فيه فإنه قد روى مسنداً ومرسلاً (1) فإن قلنا قول الفقهاء إن الإتصال زيادة ومن وصله مقدم على من أرسله فظاهر وهذا تصرفهم فى غالب الأحاديث ، فما بال هذا خرج عن حكم أمثاله وإن حكمنا بالإرسال كقول كثير من المحدثين فهذا مرسل قوى قد عضدته الآثار الصحيحة الصريحة والقياس وقواعد الشرع كما سنذكره فيتعين القول به .
وأما موافقة هذا القول لأمره فإنه قال : "والبكر تستأذن" وهذا أمر مؤكد لأنه ورد بصيغة الخبر الدال على تحقق المخبر به وثبوته ولزومه والأصل فى أوامرهr أن تكون للوجب ما لم يقم إجماع على خلافه .
وأما موافقته لنهيه فلقوله : "وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ" فأمر ونهى وحكم بالتخير وهذا إثبات للحكم بأبلغ الطرق .
وأما موافقته لقواعد شرعه : فإن البكر البالغة العاقلة الرشيدة لا يتصرف أبوها فى أقل شئ من مالها إلا برضاها ولا يجبرها على إخراج اليسير منه بدون رضاها فكيف يجوز أن يرقها ويخرج بضعها منها بغير رضاها إلى من يريده هو وهى من أكره الناس فيه وهو من أبغض شئ إليها ومع هذا فينكحها إياه قهراً" بغير رضاها إلى من يريده ويجعلها أسيرة عنده كما قال النبى r : "أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ" (1) أى أسرى ومعلوم أن إخراج مالها كله بغير رضاها أسهل عليها من تزويجها بمن لا تختاره بغير رضاها ولقد أبطل من قال إنها إذا عينت كفئا تحبه وعين أبوها كفئاً فالعبرة بتعينه ولو كان بغيضاً إليها قبيح الخلقة .
وأما موافقته لمصالح الأمة : فلا يخفى مصلحة البنت فى تزويجها بمن تختاره وترضاه وحصول مقاصد النكاح لها به وحصول ضد ذلك بمن تبغضه وتنفر عنه فلو لم تأت السنة الصريحة بهذا القول لكان القياس الصحيح وقواعد الشريعة لا تقتضى غيره وبالله التوفيق .
فإن قيل فقد حكم رسول الله r بالفرق بين البكر والثيب وقال : ""لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ" (2) وقال : "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها" (3) فجعل الأيم أحق بنفسها من وليها فعلم أن ولى البكر أحق بها من نفسها وإلا لم يكن لتخصيص الايم بذلك معنى ، وأيضاً فإنه فرق بينهما فى صفة الإذن فجعل إذن الثيب النطق وإذن البكر الصمت وهذا كله يدل على عدم اعتبار رضاها وأنها لا حق لها مع أبيها .
فالجواب : أنه ليس فى ذلك ما يدل على جواز تزويجها بغير رضاها مع بلوغها وعقلها ورشدها وأن يزوجها بأبغض الخلق إليها إذا كان كفئاً والأحاديث التى احتجتم بها صريحة فى إبطال هذا القول وليس معكم أقوى من قوله : "الأيم أحق بنفسها من وليها" هذا إنما يدل بطريق المفهوم ومنازعوكم ينازعونكم فى كونه حجة ولو سلم أنه حجة فلا يجوز تقديمه على المنطوق الصريح ، وهذا أيضاً إنما يدل إذا قلت إن للمفهو عموماً والصواب أنه لا عموم له إذ دلالته ترجع إلى أن التخصيص بالمذكور لا بد له من فائدة وهى نفى الحكم عما عداه ومعلوم أن انقسام ما عداه إلى ثابت الحكم ومنتفيه فائدة وأن إثبات حكم آخر للمسكوت عنه فائدة وإن لم يكن ضد حكم المنطوق وأن تفصيله فائدة كيف وهذا مفهوم مخالف للقياس الصريح بل قياس الأولى كما تقدم ويخالف النصوص المذكورة .
وتأمل قوله r : "والبكر يستأذنها أبوها" عقيب قوله : "الأيم أحق بنفسها من وليها" قطعاً لتوهم هذا القول وأن البكر تزوج بغير رضاها ولا إذنها فلا حق لها فى نفسها البتة فوصل إحدى الجملتين بالأخرى دفعا لهذا التوهم ومن المعلوم أنه لا يلزم من كون الثيب أحق بنفسها من وليها أن لا يكون للبكر فى نفسها حق ألبتة .
وقد اختلف الفقهاء فى مناط الإجبار على ستة أقوال :
أحدها : أنه يجبر بالبكارة وهو قول الشافعى ومالك وأحمد فى رواية .
الثانى : أنه يجبر بالصغر وهو قول أبى حنيفة وأحمد فى الرواية الثانية .
الثالث : أنه يجبر بهما معاً وهو الرواية الثالثة عن أحمد .
الرابع : أنه يجبر بأيهما وجد وهو الرواية الرابعة عنه .
الخامس : أنه يجبر بالإيلاد فتجبر الثيب البالغ حكاه القاضى إسماعيل عن الحسن البصرى قال وهو خلاف الإجماع قال وله وجه حسن من الفقه فيا ليت شعرى ما هذا الوجه الأسود المظلم .
السادس : أنه يجبر من يكون فى عياله ولا يخفى عليك الراجح من هذه المذاهب .
وقضى r بأن إذن البكر الصمات وإذن الثيب الكلام فإن نطقت البكر بالإذن بالكلام فهو آكد وقال ابن حزم لا يصح أن تزوج إلا بالصمات وهذا هو اللائق بظاهريته .
وقضى رسول الله r أن اليتيمة تستأمر فى نفسها و "لا يتم بعد احتلام" فدل ذلك على جواز نكاح اليتيمة قبل البلوغ وهذا مذهب عائشة رضى الله عنها وعليه يدل القرآن والسنة ، وبه قال أحمد وأبو حنيفة وغيرهما ، قال تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَفى النِّسَاءقُلِاللّهُيُفْتِيكُمْ فِيهِنَّوَمَايُتْلَىعَلَيْكُمْ فى الْكِتَابِفى يَتَامَىالنِّسَاء الَّلاتِي لاَتُؤْتُونَهُنَّمَاكُتِبَلَهُ نَّوَتَرْغَبُونَأَنتَنكِحُوهُن َّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَمِنَالْوِل ْدَانِوَأَنتَقُومُواْلِلْيَتَا مَى) (النساء 127) ، قالت عائشة رضى الله عنها : هى اليتيمة تكون فى حجر وليها فيرغب فى نكاحها ولا يسقط لها سنة صداقها فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن سنة صداقهن (1) .
وفى السن الأربعة عنه r : "الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ صَمَتَتْ فَهُوَ إِذْنُهَا وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا" (2) .
فإذا كان الرضى من المخطوبة ، بدأ الأهل فى الحديث عن نفقات الزواج ومستلزماته ، من إعداد بيت الزوجية وتجهيزه ، والمهر ونحو هذا ، وهنا يجب التنبيه على قضية المهر أو الصداق .
(1) صحيح : أخرجه أحمد (5\411) .
(2) تقدم .
(3) تقدم .
(1) زاد المعاد (5\95) بتصرف .
(1) أخرجه البخارى .
(2) وروى فى تكرار صلاة الاستخارة سبع مرات حديث ولكنه ضعيف ، وللعبد أن يكررها عددَ ما يشاء دون تقيد بوقت أو عدد ، والله أعلم .
(1) أخرجه البخارى ومسلم .
(2) أخرجه مسلم .
(1) صحيح : أخرجه الترمذى والنسائى وغيرهما .
(2) كان هذا فى زمن العفة والحشمة والحجاب ، أما اليوم فالخاطب يرى من يريد خطبتها قبل الذهاب إلى بيت أهلها يرى منها الصدر والنحر والساق والساعد والرقبة والشعر والوجه والكفين والفخذين والعحيزة "المجسمة" والفرج والدبر "مجسماً" ، وأظنه قد لا يفوته شيئاً لا يراه فى زمن خلعت فيه نساء المسلمين حجاب العفة والطهارة والإسلام ! فلا تستطيع أن تفرق بين فتاة مسلمة وأخرى على ملة غير الإسلام فى الطريق من تزيى الجميع بزى واحد ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وكما قيل : كلما زادت المرأة من كشف جسدها كلما كان هذا منها دعوة إلى الزنا بها أكبر وأدعى .
(3) صحيح : أخرجه أبو داود وأحمد .
(4) أخرجه البخارى ومسلم .
(5) أخرجه مسلم وغيره .
(1) أخرجه البخارى (5\1974) ومسلم (2\1036) .
(2) أخرجه مسلم (2\1037) .
(3) أخرجه البخارى (5\1974) ومسلم .
(4) حسن : أخرجه أبو داود (2096) وابن ماجة (1875) وأحمد(2469) .
(1) أخرجهما الدارقطنى (3\234) .
(1) صحيح : أخرجه الترمذى (3\467) .
(2) أخرجه البخارى (5\1974) ومسلم (2\1036) .
(3) أخرجه مسلم فى السابق .
(1) أخرجه البخارى .
(2) حسن : أخرجه أبو داود (2098) وابن ماجة (1870) والترمذى (1108) والنسائى (6\84) .
__________________
اطلبوا العلم، فإن عجزتم فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلاتبغضوهم
هيا بنا نتعلم الديمقراطية
<!-- Facebook Badge START --><!-- Facebook Badge END -->