عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 15-07-2018, 06:27 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي



افعل ولا حرج
وقفات تربوية من مدرسة الحج



فيما تغمر العالم الإسلامي فرحة أيام الحج ومناسكه
التي شرعها الله سبحانه وتعالى تطهيراً ورحمة لعباده،
تنطق الأقلام، وتسطر الحناجر، وقفات إيمانية وروحية وعلمية
وتربوية ، تنهل من مدرسة الحج نماذج وأفكار وعبر كثيرة.
فلا يوجد في الدين الإسلامي ركن أو نهج أو عمل،
إلا وكانت حكمة عظيمة وراءه، دبرها العزيز المنان،
ودروس لا تنتهي:
ومن هذه الوقفات التربوية التي كتبت الكثير من الأقلام عنها
دون أن تستطيع الإحاطة بأقل قليلها، أو تحديد معانيها ومرامها،
الدروس والعبر التي نتعلمها في مدرسة الحج،
وإن شئت فقل "جامعة الحج"،
فهي إشارات وإضاءات تبين روح الإسلام وعظمته.



لا حرج .. لا حرج
تيسيراً لا تعسيراً:

اليسر والسهولة ورفع المشقة سمة من سمات دين الإسلام،
وتظهر صور ذلك بينة في الحج،
ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنه عندما وقف النبي صلى الله عليه وسلم
في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه.
قال: ((فما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم
عن شيء قدّم ولا أخّر إلا قال: افعل ولا حرج))،


وكذلك الرخصة لذوي الأعذار
كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم
للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته،



والإذن للضعفة من النساء والصبيان بالإفاضة من مزدلفة ليلاً
ورمي جمرة العقبة قبل وقتها،

وغير ذلك من شواهد التيسير والبعد عن التعسير على الحجاج،
بل إن التخيير عند الأمر فيه من التيسير والتسهيل الشيء الكبير،
فأنت مخير في حجك بين التمتع والقران والإفراد،
ومخير بين الحلق والتقصير،
ثم أنت مخير في التعجل أو التأخر نهاية الحج،
ولا شك أن هذا درس عظيم لكل داعية ومربٍ ومعلم
وكل مسلم في اتباع التيسير والتخفيف لا التعسير والعنت
والمشقة على الآخرين عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:
(( يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا)).



■ وقف رسول الله (ص) فى حجة الوداع بمنى،
فجاءه رجل فقال: لم أشعر حلقت قبل أن أ***..
فقال: ا*** ولا حرج..
وجاءه آخر فقال: لم أشعر نحرت قبل أن أرمى (أى الجمرات)..
فقال: ارمِ ولا حرج..
فما سُئل الرسول عن شىء قدم ولا أخر يومها
إلا قال: «افعل ولا حرج».


■ «افعل ولا حرج»
شعار عظيم يُعد مقصداً من مقاصد الشريعة..
وغاية من غاياتها العظمى.
ورمز لليسر والتيسير فى الإسلام..
إنه رمز للرفق بالناس وعدم التشديد عليهم
فى عباداتهم وفتاواهم وأحوالهم.

■ فهذا رسول الله أعظم الناس إيماناًً
لا يريد أن يشدّد على الناس فى تقديم بعض المناسك أو تأخيرها..
ويهتف بهتاف التيسير على رعيته «افعل ولا حرج»..
ولو اتخذ كل داعية وقائد ومفتٍ ومربٍّ من هذا
القول الجامع شعاراًً له ودثاراًً لصلاح أمر المسلمين.



■ اختاروا الأيسر لأنفسكم وأسركم وأبنائكم
وجماعاتكم ودولكم وشعبكم وأمتكم..
«فما خير رسول الله (ص) بين أمرين
إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً..
فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه»،

تدبروا هذا الحديث العظيم الصحيح
وتأملوا كلمة «إلا اختار أيسرهما»
كان يمكن أن يختار أشدهما أو أحوطهما أو أشقهما..
ولكنه اختار أيسرهما، شريطة ألا يكون فيه إثم أو مخالفة للشريعة.



■ افعل ولا حرج فى كل ما لم يأتِ به نص
وما دامت فيه مصلحة لك أو لأسرتك أو أمتك أو دولتك.

■ افعل ولا حرج ما دام بعيداً عن الإثم والمنكر..
فالأصل فى الأشياء الإباحة سوى العبادات، لأن الأصل فيها الحظر.

■ لو أدرك الحجاج معانى اليسر فى الشريعة
ما حدثت مشكلة واحدة فى الحج..
فهذه الفريضة العظيمة تجمع كل ال***يات والألوان والأعراق
ويجتمع فيها فى مكان واحد ضيّق قُرابة ستة ملايين مسلم،
منهم المرأة الطفل والقوى والضعيف والحليم والغضوب
ومن يفهم فى الإسلام ومن لا يعرف عنه شيئاً.



■ فكيف يعامل بعضهم بعضاً إلا كما كان يناديهم
الرسول صلى الله عليه وسلم «السكينة السكينة»..
وكيف لا يخاصم بعضهم بعضاً إلا إذا تركوا الجدال،
والتزموا قوله تعالى
«الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ
فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الْحَجِّ».


■ إن تزاحم الحجاج الذاهبون والعائدون من رمى الجمرات
يؤدى إلى وقوع كثير من الحجاج تحت الأقدام
وموت الكثير من الحجاج .. وكل ذلك نتج عن تمسك بعض الفقهاء
بفتوى قديمة تقول بعدم جواز رمى الجمرات ليلاً،
وأنها ترمى بعد الزوال (أى الظهر) وحتى المغرب،
وهذا وقت قصير، خصوصاً فى الشتاء،
ويتزاحم فيه ملايين الحجاج فى وقت ومكان واحد
فتضيق الصدور وتحدث الكوارث..
وساعتها فقط يتذكر الجميع فقه الأزهر المتجدد،
الذى يبيح رمى الجمرات ليلاً.
■ إن فتوى الرمى ليلاً قال بها كثير من السلف..
ولكن المشكلة كانت فينا نحن أننا نميل إلى التشديد
أو الأخذ بالأشق والأحوط رغم مخالفة ذلك
لهدى النبى العظيم صلى الله عليه وسلم
الذى كان يهتف دائماً «يسّروا ولا تعسروا».








رد مع اقتباس