عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 27-05-2018, 05:22 AM
الصورة الرمزية Mr. Hatem Ahmed
Mr. Hatem Ahmed Mr. Hatem Ahmed غير متواجد حالياً
نائب رئيس مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 49,816
معدل تقييم المستوى: 10
Mr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond repute
افتراضي


(33) أمنمحات الأول


ساءت الحالة في أواخر عهد الأسرة الحادية عشرة، وربما بلغت الحالة من السوء حدًّا جعل بعض العناصر الآسيوية تهدد شرق الدلتا، وكان تنظيم الأمور الداخلية في البلاد هو أول ما وجه أمنمحات عنايته إليه؛ فقام بتحديد الحدود بين الأقاليم المختلفة وأبقى كل أمير موالٍ له في منصبه، أما من حاول الوقوف في سبيله من أمراء؛ فكان يُنحيه عن منصبه ويُولي بدلًا منه أميرًا آخر ممن يثق بهم، ويبدو أن أمراء الأقاليم قد ارتضوا الوضع الجديد وقبلوا ما فرضه عليهم أمنمحات الأول من شروط؛ فأتيحت الفرصة للحكومة المركزية لأن تشرف على الشئون الداخلية في الأقاليم المختلفة؛ وما إن استقر الأمر لأمنمحات الأول حتى قام بتحصين شرق الدلتا وغربها بعد أن حارب جماعات البدو التي كانت تُغير عليها، ونقل العاصمة من طيبة إلى عاصمة أخرى في مركز متوسط وأطلق عليها اسم "إيثت تاوي" "أو القابضة على الأرضين" وهي قرب اللشت الحالية في شمال الفيوم، ومع ذلك فقد ظل يهتم بطيبة وأقام بها المعابد، ولم يقتصر نشاطه المعماري على العاصمة وعلى طيبة؛ بل انتشرت آثاره في كثير من جهات مصر وخاصة في الفيوم وشرق الدلتا وسيناء، وقد بنى لنفسه هرماً ومجموعة جنزية في اللشت ولكنه -مع الأسف- استعمل في بناء هرمه كثيرًا من الأحجار التي جاء بها من معابد ومقابر قديمة، ومن بينها أحجار منقوشة لمعابد بعض ملوك الأسرتين الرابعة والخامسة، رغم أنه نشط في استغلال المحاجر وأرسل البعوث لجلب الأحجار من وادي حمامات.


هذا وقد أرسل بعض الحملات إلى النوبة، واستطاع أن يُخضع جزأها الشمالي لسلطانه، أما سياسته تجاه أمراء الأقاليم فكانت تختلف باختلاف الأحوال لأننا نجد أنه من جهة كان يخطب وُد الكثيرين من الأمراء "الذين كانوا على الأرجح من الأقوياء" حتى لا يثيروا المتاعب إذا ما غفلت الحكومة المركزية عن نشاطهم بعض الوقت؛ فأبقى على ثرواتهم ونفوذهم بل وربما منحهم بعض الهبات أو المزيد من الامتيازات؛ حيث يبدو أثر هذا واضحًا في المقابر العظيمة التي بنوها لأنفسهم في أقاليمهم، ومن جهة أخرى كان لا يتوانى عن استعمال الشِّدة مع بعض الأمراء الآخرين؛ والظاهر أن عهده كان لا يخلو من المتاعب وخاصة في الجزء الأخير منه، وربما كان ذلك هو الذي دعا إلى إشراكه ولده "سنوسرت الأول" معه في الحكم ابتداءً من السنة العشرين من عهده بعد أن تقدمت به السِّن وعجز عن مواصلة نشاطه في الخارج والداخل؛ ولذلك كان ولده هو الذي يتولى أمر الحملات الحربية؛ بينما ظل معظم النفوذ في يد هذا الملك الشيخ، وكان البيت المالك نفسه لا يخلو من وجود بعض الحاقدين على الملك أو الحاسدين لولي العهد كما يستدل على ذلك من النصوص المعروفة باسم "نصائح أمنمحات إلى ولده"؛ إذْ إنه يوصيه فيها بما يجب عليه اتباعه في إدارة شئون المملكة ويحذره ممن حوله وألا يثق في أخٍ ولا يعتمد على صديق ويذكره بما تعرض له هو شخصيًّا، ويوضح له كيف أنه على الرغم من عطفه على المحتاجين واليتامى والمساكين لم يسلم من أذى أولئك الذين أحسن إليهم، إذْ يقول في هذا الصدد: "الذي أكل طعامي بيده هو نفسه الذي استطاع أن يحدث بواسطتها الفزع"، وتسترسل هذه النصائح في بيان كيفية تدبير مؤامرة اغتياله وهو مستلقٍ على فراشه بعد أن تناول طعام العشاء وكيف تمكن من الدفاع عن نفسه، ولكن يُشْتَمُّ مما ورد في هذه النصوص أن المتآمرين نجحوا في إصابته إصابة قاتلة وإن كان من المرجح أنه لم يمت إلا بعد أن أملى هذه النصائح لكي تبلغ إلى ولده، وفيها نتبين ما كان يساوره من الأسى والألم لعدم تمكنه من القضاء على المتآمرين وهو يعدد ما قام به من جلائل الأعمال التي تتصف بالشجاعة والإقدام ثم يختتمها بتحية ولده وتمنياته له بالتوفيق، ويناشده عمل الخير والنشاط.


ومما يؤكد ما ورد في هذه النصائح تلك النصوص المعروفة باسم "قصة سنوهي"؛ لأنها تروي أن سنوهي كان مع ولي العهد سنوسرت فيما بعد في حملة على ليبيا حينما وصل رسول من القصر وأبلغ الأمير برسالة سرية عاجلة بأن الملك أمنمحات الأول قد مات، وقد أتيحت الفرصة لسنوهي كي ينصت إلى الرسالة -ومن المحتمل أنه كان على علاقة بالمتآمرين- فخشي على حياته وفرَّ هاربًا إلى فلسطين؛ حيث أقام هناك وتزعم إحدى القبائل إلى أن وصل إلى سن الشيخوخة وحينئذٍ صدر أمر من السراي بالعفو عنه فعاد إلى وطنه، ويغلب على الظن أنه كان يمت بصلة القرابة لزوجة الملك أو ينتمي إلى أحد أفراد البيت المالك؛ ولذا صدر أمر العفو عنه بعد أن زال أثر المؤامرة من النفوس وخاصة لأنها لم تنجح تمامًا؛ حيث يبدو أن المتآمرين كانوا يهدفون إلى القضاء على أمنمحات الأول وإجلاس شخص آخر غير ولده سنوسرت على العرش أثناء قيام هذا الأخير بحملة على ليبيا، ولكن أمنمحات رغم إصابته البالغة ظل فترة على قيد الحياة تمكن فيها أعوانه من أن يمهدوا السبيل لعودة سنوسرت وجلوسه على العرش.


مات أمنمحات الأول سنة 1962 ق.م تقريبًا.

__________________
رد مع اقتباس