عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-08-2013, 12:53 PM
الصورة الرمزية مسترسمير إبراهيم
مسترسمير إبراهيم مسترسمير إبراهيم غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 5,848
معدل تقييم المستوى: 20
مسترسمير إبراهيم is on a distinguished road
افتراضي ملف :صحتك بالدنيا

تفاءل لتحمى قلبك وبلدك

قدرى حفنى





تمر بلادنا بأحداث أشبه ما تكون بآلام المخاض. تقلصات شديدة وتغيرات متلاحقة وتنبؤات متضاربة، خاصة أنها المرة الأولى فى تاريخنا الطويل الذى تعانى فيه مصر من آلام هذا النوع من المخاض الحقيقى. آلام حقيقية تهز وجدان الجميع. وفى خضم ما تثيره تلك الأحداث من زوابع يبلغ القلق بكثير منا إلى حد التشاؤم. القلق صحى ولكنه مؤلم؛ أما التشاؤم فإنه خليط من الحزن والاستسلام.
وقد كتبت كثيرا مدافعا عن التفاؤل، وكيف أن البشر منذ بداية التاريخ لم يعرفوا متشائما واحدا نجح فى إحداث تغيير ثورى فى جماعته، وكيف أنه لا يوجد موقف مكتمل السوداوية ولا موقف مكتمل الإيجابية. المرض خبرة سلبية ولكنها تشعرك بالتفاف الأصحاب والأحبة حولك يحيطونك بدفء مشاعرهم، والشفاء خبرة إيجابية ولكنها قد تترك لديك إحساسا بافتقاد دفء مشاعر وحب الأصدقاء.
صحيح أن تفاؤلى كان مثيرا لتعجب البعض بل ولاستنكارهم أحيانا؛ وكنت أبذل جهدا لأعبر لهم عن أننى قد أكون أكثر منهم رفضا للواقع ونفورا من سلبياته وأشد قلقا على المستقبل، ولكنى أؤمن أن التفاؤل شرط للحياة قبل أن يكون ضرورة للتغيير.
كنت أظن أن ذلك الجدل حول التشاؤم والتفاؤل يقف على الحدود بين علم النفس والسياسة والاجتماع، إلى أن وقعت منذ أيام قليلة على دراسة منشورة فى مجلة متخصصة فى علم النفس Psychological Bulletin تتناول العلاقة بين الصحة النفسية وصحة القلب. وبدا لى للوهلة الأولى أن الدراسة قد لا تحمل جديدا فثمة دراسات عديدة تؤكد أن الحالة النفسية السلبية تؤثر على الصحة سلبيا، ولكنى حين تصفحت المقال وجدت أنه يتجاوز ذلك؛ حيث خلصت جوليا بوييم Julia Boehm ولورا كابزانسكى Laura Kubzansky من قسم الصحة العامة بكلية هارفارد فى بوسطن إلى أنه رغم وجود العديد من الدراسات التى تؤكد الأثر السلبى للعوامل النفسية السلبية كالغضب والحقد والاكتئاب والتشاؤم على القلب؛ فإننا لا نعرف إلا قليلا عن تأثير العوامل النفسية الإيجابية فى هذا المجال. ولقد أثبت البحث أن تأثير تلك العوامل النفسية الإيجابية يفوق كثيرا غياب العوامل السلبية. التفاؤل يرتبط بتقليل مخاطر الأزمات القلبية بصرف النظر عن العوامل السلبية كالعمر والمستوى الاقتصادى والاجتماعى والتدخين والسمنة، وإن تعرض الأشد تفاؤلا للأزمات القلبية يقل بنسبة 50% مقارنة بالأقل تفاؤلا.
وقد اعتمد البحث على مراجعة نتائج ما يزيد على 200 دراسة منشورة فى دوريات علمية معتمدة. ومن ثم فإنه يعد من أضخم البحوث المسحية العلمية التى أكدت وجود علاقة بين التعرض للأزمات القلبية وجلطات القلب وبين التفاؤل، كما أظهرت النتائج ارتباط التفاؤل بالتقليل من تفاقم أمراض القلب.
خلاصة القول إن التفاؤل إنما يعنى اليقين بأن التغيير للأفضل ممكن وسيظل ممكنا، وأن الواقع الراهن مهما بدا مظلما فثمة نقاط مضيئة علينا أن نبحث عنها وننميها، وأن الثمن المطلوب للتغيير مهما بدا مؤلما فإنه يهون بقدر إيجابية المستقبل المستهدف. يصدق ذلك على الجماعة فى سعيها للتغيير؛ كما يصدق على الفرد فى سعيه للتعافى من العلل الطبية وللوقاية منها.
__________________
رد مع اقتباس