عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 17-06-2012, 10:54 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New إعانة الزوج زوجته لتجنب الغيبة ومساوئ الأخلاق

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأنا متزوج منذ 6 سنوات، وأعيش في الغربة, جرت العادة أن تستشيرني زوجتي في كل علاقاتها، وعما اذا أحسنت التصرف أو لا أو كيف علي أن تتصرف بالموقف الفلاني، وعلى الدوام أنصحها كي لا تنزلق في مطب الغيبة والنميمة أو دون قصد الانحراف إلى طرف في نزاع أو مشادة تتسبب في خسارتها صديقاتها أو ندم، وإلى نصحهن بالمعروف وكف الأذى, ومنذ يومين التقيت بأحد المثقفين دينيا وأخبرني بأن ما نفعله هو عين الحرام، فإما أن تكون لك ثقة بزوجتك وترخي لها الحبل في علاقاتها أو فلتغلق عليها بابها إذا كانت ليست أهلا لذلك.


أرجو إفادتي عن الواجب فيما علينا فعله حتى نتجنب الحرام وأن نحافظ على قيمنا.


والسلام عليكم.





الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}. وقال جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

فهذا هو عين ما يقع لك أنت وزوجتك الكريمة بمنِّ الله وكرمه، فإنك تحرص على أن تقي زوجتك أسباب الشر وأسباب الوقوع في الحرام، لاسيما في أمور الغيبة والنميمة التي قد تصدر من الإنسان والتي قد تكثر في بعض الأحيان في بعض العلاقات الاجتماعية التي لا تخفى على نظرك الكريم، فأنت تحرص على نصحها وعلى بذل الخير لها ونيتك هو إرشادها إلى وجه الصواب بالتعاون على البر والتقوى، ومقصودك حفظها وصيانتها لتتلافى الوقوع في الخطأ أو الوقوع فيما يغضب الله جل وعلا، فكيف يكون هذا من الحرام أو كيف يكون أمرًا مذمومًا، إنه لا يكون - بحمد الله عز وجل – إلا من التعاون على البر والتقوى الذي يحبه جل وعلا ويحثه عليه، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

وأيضًا فهذا استنصاح منك لزوجتك وطلب معونة لترشدها وتعينها برأيك، ولا ريب أن العاقل يحرص على استشارة أهل المعرفة والأمانة حتى يستنير برأيهم؛ ولذلك قيل: (من استشار الناس فقد أخذ بزبدة عقولهم)، وقد خرج الطبراني في المعجم بإسناد: (ما خاب من استخار وما ندم من استشار، وما عال من اقتصد)، فهذا حديث إسناده ضعيف لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – وإن كان معناه صحيحا مستقيما، ولا ريب أن من استخار ربه لم يخب، ومن استشار الناس وأخذ زبدة عقولهم فإنه لا يتندم على ذلك بإذن الله عز وجل، وقد كان النبي - صلوات الله وسلامه عليه – يشاور أصحابه وكان ينزل الناس منازلهم في ذلك، بل إن الله جل وعلا حثه على ذلك وأمره بهذا الخلق العظيم فقال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}. وقال جل وعلا: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}. فهذا أمر ممدوح بل هو من القربات إلى الله جل وعلا، ومع هذا فلابد من ضوابط في هذا الشأن، فإن زوجتك إذا استشارتك فينبغي لها – إن كانت الاستشارة تتعلق بذكر بعض الأخوات – أن تتحرز من ذكر بعض الأمور التي قد لا تحب صاحبة الشأن الاطلاع عليها، فيمكنها حينئذ أن تقول بعض صاحباتي أو بعض الأخوات قد وقع لي معها كذا وكذا دون أن تصرح باسمها أو تشير إليها فتعرفها من خلال الإشارة، فبهذا تخرجون من أي إشكال من هذا الأمر.

وأيضًا فلو اقتضى الأمر التعيين لمصلحة شرعية كدفع مفسدة ظاهرة من فساد ذات البين أو دفع محرم يخشى وقوعه فيجوز التعيين للحاجة لذلك، وقد ثبت في الصحيح أن هند بنت عتبة – رضي الله عنها – سألت النبي - صلى الله عليه وسلم – فقالت له: إنا أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني وولدي إلا ما أخذته منه وهو لا يعلم. فقال - صلوات الله وسلامه عليه -: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف). فعينته وذكرته بوصف يدل على مذمة فيه للحاجة إلى ذلك، فهذا أمر لا يتردد بالجزم بجوازه عند الحاجة إليه ودلائل ذلك مبسوطة في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بل وتدل عليها عموم النصوص القرآنية وقواعد الشرع المطهر.

والمقصود أن استشارتك زوجتك في أمورها ليس بالأمور المحرمة بالضوابط الشرعية التي لا تهتك ستر الناس ولا تفضحهم ولا تذكر أسرارهم وإنما يكون ذلك بطريق الإشارة والسؤال والاستيضاح ولا يعيَّن المذكور بشيء يسيئه إلا عند الحاجة الضرورية التي تضطرها إلى ذلك فهذا لا مانع منه ولا حرج، بل عليكما بالتواصي والتشاور في شؤونكم فإن هذا أقرب إلى داوم مودتكم وأقرب إلى الحفاظ على بيتكم وأبعد لكم وأسلم عن المشاكل التي قد تأتيكم من الاختلاط الاجتماعي والذي لا غنى لكم عنه - كما لا يخفى على نظرك الكريم – ومع هذا فابذل جهدك أيضًا في أن تنمي من ثقة زوجتك بنفسها، وأن تحاول أن تستشيرها أيضًا لتشعرها بتقدير رأيها واحترامك لوجهة نظرها لينمو في نفسها أيضًا الاعتماد على نفسها، فهذا أمر ينبغي سلوكه وينبغي أن تنميه في نفس زوجتك، والله يتولاكم برحمته ويرعاكم بكرمه.

ونسأل اللهَ أن يزيدكم من فضله وأن يجعلكم أكثر حرصًا على اتباع طاعة الله عز وجل والعمل بمرضاته، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى.

وبالله التوفيق.
__________________
رد مع اقتباس