عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-07-2016, 02:35 PM
أ/رضا عطيه أ/رضا عطيه غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 37,683
معدل تقييم المستوى: 53
أ/رضا عطيه is just really nice
افتراضي التجربــــــــــة التركيـــــــــــــة

د. عماد جاد


التجربة التركية








جرى تقديم تركيا فى عهد أردوغان باعتبارها نموذجاً لدولة إسلامية ديمقراطية، دولة تدين الغالبية الساحقة من شعبها بالإسلام وتمكنت من إرساء أساس لنظام ديمقراطى وفق المعايير الغربية، وجرى تقديم حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان باعتباره نموذجاً لحزب ذى مرجعية إسلامية تمكّن من تحقيق المعادلة الصعبة بالمزج بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية ومبادئ هذا الحزب التى تؤكد على المرجعية الإسلامية. قدّم حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان نفسه للمجتمع الغربى، الأوروبى تحديداً، باعتباره مجتمعاً غربياً يطبق المعايير الأوروبية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والثقافية، ومن ثم طالب بضم بلاده إلى الاتحاد الأوروبى. روّج وزير خارجية أردوغان، أحمد داوود أوغلو، لسياسة خارجية جديدة متصالحة مع الجميع سموها «صفر مشاكل»، أى السعى الحثيث لتسوية كافة الخلافات وحل كافة الصراعات مع دول الجوار، سموا ذلك العثمانية الجديدة. اندفعت دول الخليج العربى إلى دعم هذه التجربة، فوجهت رأس المال للاستثمار فى تركيا دعماً للنموذج والتجربة وسعت للاستفادة من خبرات تركيا فى شتى المجالات حتى شهدنا حالة من الانسحاق الشعبى أمام تركيا، وأخرى من الانبهار بالرجل والنموذج، وهناك من صلى لله أن يمنح بلده زعيماً مثل أردوغان كى يأخذ بيد بلاده إلى طريق التنمية والتطور.


نجح أردوغان بالفعل فى بناء نموذج فى التنمية السياسية والاقتصادية، وفى تهدئة الخلافات مع دول الجوار، وبدأت تركيا تخفف من ضغوطها لدخول الاتحاد الأوروبى، فقد باتت الدولة الأبرز فى العالم الإسلامى وتطلعت إلى قيادته والتعبير عنه، وسعى أردوغان بالفعل إلى توظيف قضايا شعبية للحصول على مزيد من الشعبية فى العالمين العربى والإسلامى، ونفهم هنا موقف أردوغان من القضية الفلسطينية والمبالغة فى رد فعله تجاه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. وكانت تركيا من أوائل الدول التى رحبت بما سمى «الربيع العربى» دعمته وساندته فى تونس، ومصر وليبيا، وتدخلت مباشرة فى سوريا، تحولت تركيا من سياسة «صفر مشاكل» إلى الدخول فى صراع مفتوح مع النظام السورى، وتحولت إلى بوابة عبور المقاتلين من شتى الجنسيات إلى الأراضى السورية، تبنت تماماً موقف الأطراف المعادية للنظام وقادت حملة إقليمية ودولية للتدخل العسكرى فى سوريا.


وجاء فوز محمد مرسى بمنصب الرئيس فى مصر، وبدء زمن حكم المرشد والجماعة، ليسقط القناع تماماً عن وجه أردوغان ويكشف حقيقة انتماء الرجل للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين، فقد أدى فوز مرسى بداية إلى تغير لغة خطاب أردوغان وأركان نظام حكمه لتصبح لغة قريبة من تلك التى ترددها الجماعة، ليتحول أردوغان من رئيس وزراء ديمقراطى إلى مسئول غاضب يضيق صدره بالنقد، يكرر مفردات مرسى والمرشد من أنه منتخب، لديه قاعدة جماهيرية يمكن أن تنزل إلى الشوارع وتدافع عنه، مستعد للدفاع عن شرعية الصناديق بالسلاح.




وما إن قامت ثورة الثلاثين من يونيو حتى تعرى أردوغان ونظام حكمه تماماً، فقد أدى إسقاط الشعب المصرى لحكم المرشد والجماعة إلى إصابة أردوغان بحالة هياج دفعته إلى تكريس كل الوقت والجهد للهجوم على النظام المصرى الانتقالى ووصفه بالانقلابى، بل إن الرجل أقدم على تصرفات «طفولية»، وجاء بحركات «صبية الملاعب» مثل رفع شارة «رابعة العدوية» فى أحد المؤتمرات الصحفية. تفرغ أردوغان للهجوم على النظام المصرى الانتقالى وعلى الشعب المصرى، وحوّل بلده إلى مقر لفلول الجماعة الفارين من مصر، كما استضاف اجتماعات التنظيم الدولى للجماعة وشاركت أجهزته الأمنية فى التخطيط لإثارة القلاقل فى مصر.. (للحديث بقية).
__________________
الحمد لله
رد مع اقتباس