29-07-2015, 07:31 PM
|
|
نجم العطاء
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,998
معدل تقييم المستوى: 38
|
|
فكرة حفر القناة
رسم قديم لقناة السويس.
عقب اكتشاف البرتغالي فاسكو دا غاما لطريق رأس الرجاء الصالح، تضرر اقتصاد وتجارة مصر المملوكية واقتصاد البندقية ونابولي وجنوة بشكل بالغ، فما كان من أمراء البندقية إلا أن وفدوا على مصر عام 1501 ليعرضوا على السلطان الغوري فكرة الاستغناء عن طرق القوافل واستبدالها بالنقل عبر النيل بحفر قناة تصل بين البحرين الأحمر والأبيض، إلا أن ظروف مصر وصراعها مع العثمانيين في ذلك الوقت والذي انتهى باحتلالهم للقاهرة سنة 1517 لم يسمح بإنشاء مشروع بهذا الحجم، ومات المشروع حتى اقترحه الفيلسوف الألماني الشهير لايبيتز على الملك لويس الرابع عشر في إطار مشروع شامل لغزو مصر، ولكن الملك لويس لم يُرِد إغضاب الباب العالي في الأستانة من ناحية، ولأن أحلامه التوسعية كانت في أوروبا.
وعندما قامت الثورة الفرنسية دخلت في صراعات مسلحة دموية مع ممالك أوروبا واستطاعت الانتصار عليها إلا مملكة واحدة وهي انجلترا؛ أرادت فرنسا قطع طريق المستعمرات البريطانية في الهند باحتلال مصر فقامت الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798. أعطت حكومة الديركتوار التي كانت تحكم فرنسا أمراً مباشراً لنابليون بونابرت بالقيام بحملة لحفر قناة تربط بين البحرين ولذا كانت تسمى قناة البحرين.
فخرج نابليون من القاهرة ومعه مجموعة من المهندسين يرأسهم مهندس يدعي لوبير لمعاينة الموقع هندسياً عند السويس والبدء في الحفر. إلا أن لوبير أقنع نابليون بالعدول عن المشروع لأنه اكتشف أن مستوى البحر الأحمر أعلى من مستوى البحر الأبيض، مما سيتسبب في غرق مصر كلها
عاد نابليون إلى القاهرة دون أن يحقق هدفه. وذلك حتى تولى المشروع مجموعة من المهندسين من خريجي مدرسة البوليتكنيك الشهيرة وكانوا مفتونين بعظمة نابليون ويطلق عليهم اسم السان سيمونيين وأتوا إلى مصر في عصر محمد علي سنة 1832 وحصلوا على إذن منه بالذهاب إلى الموقع من جديد وتبين لهم أن البحرين مستويان وأن مهندس نابليون أخطأ الحساب والتقدير، إلا أن محمد علي رفض فكرة حفر القناة إلا بشرطين: أولهما أن تضمن القوى العظمى حيادية القناة، وبالتالي استقلال مصر، وثانيهما أن تمول القناة بالكامل من الخزانة المصرية، مما أظهر حنكة وبُعد نظر محمد علي باشا في مسألة القناة، إلا أن الشرطين قوبلا بالرفض.
فرديناند دي لسبس.
عقب عودة نابليون إلى فرنسا عام 1801 بعد فشل حملته على مصر التي استمرت 13 شهراً، أرسل دبلوماسياً اسمه ماتيو دي لسبس إلى مصر لاختيار والي لمصر موالي لفرنسا يحكمها بعد أن قام الإنجليز باختيار البرديسي، فوقع اختيار ماتيو دي لسبس على محمد علي الضابط الألباني القريب من شيوخ الأزهر فاصطفاه وقدم له المشورة والمساعدة وهو ما لم ينساه محمد علي، وعندما مات ماتيو دي لسبس جاء ابنه الشاب فرديناند دي لسبس كقنصل مساعد لبلاده فرنسا في الإسكندرية واستقبله محمد علي بحفاوة كبيرة وعرض عليه أن يعمل في القصر مربياً ومعلماً لابنه محمد سعيد باشا وعلى إثر ذلك توطدت عرى الصداقة بين الدبلوماسي الفرنسي والأمير.
وبعد أن جاء سعيد باشا إلى سُدة الحُكم، في وقت كانت أسرة دي لسبس تعاني الفقر والعزلة منذ سقوط إمبراطورية نابليون، فما كان من دي لسبس إلا أن ركب أول سفينة متجهة للإسكندرية ليصلها في 7 نوفمبر 1854 ويلتقي بصديقه الذي أصبح خديوي مصر في 11 نوفمبر، وهناك عرض دي لسبس مشروع حفر القناة على سعيد باشا الذي قبل فوراً ما رفضه والده وكأن سعيداً أراد أن يعبر عن امتنانه لصديقه القديم الذي كان يقدم له الأكل الذي حرمه منه والده داخل القصر.
عهد دي لسبس إلي المهندس الفرنسي فوازان بك بمنصب رئيس مهندسي موقع حفر القناة، والذي كان مسئولاً عن الحياة اليومية في موقع الحفر بكل تفاصيلها، من تقدم عملية الحفر والنفقات والعلاقات بين العمال من مختلف الجنـسيات، ومسألة السخرة الواقعة على الفلاحين المصريين بأوامر من دي لسبس باعتباره رئيس شركة قناة السويس البحرية العالمية التي كان قد أسسها لتولى عمليات الحفر في الموقع. وتعرض دي لسبس لضغوط واتهامات من قبل السان سيمونيين بأنه سرق منهم مشروع القناة الذي عرضوه على محمد علي ورفضه.
|