عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-09-2017, 07:35 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي "الآخر" في فكر مؤسس تنظيم الإخوان

"الآخر" في فكر مؤسس تنظيم الإخوان



د. عمار علي حسن

لم يتحدث مؤسس تنظيم "الإخوان" حسن البنا عن الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وقت أن كان لهم وجود معتبر في مصر، ولا حتى بين أتباع الديانتين الأوليين، ومع هذا كان يحرص على أن يصطحب معه شخصاً مسيحياً اسمه (نصيف ميخائيل) في مؤتمراته الشعبية، كنوع من الدعاية السياسية. فإن أتى على ذكر الوحدة الوطنية فكان يقصد بها توحيد صف المسلمين الذين تفرقوا شيعاً وأحزاباً.

وبالطبع فإن البنا لم يكن فكره السياسي يرتقي إلى الإيمان بفكرة "المواطنة" إنما يقف بالقطع عند حدود الذمية، فلا التصور الذي ينحاز إليه، ولا الزمن الذي عاش فيه كانا يرجحان انتقاله بعيداً عن "عهد الذمية" للآخر الديني، الذي أقصى ما يقدمه له الإخوان هو عبارتهم الشهيرة التي يتلفظون بها دوماً حين يسألهم الناس عن حقوق المسيحيين: "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، لكن في الممارسة العملية لا يلتزمون بشيء من هذا.

ولا يلغي هذا حرص الجماعة، طيلة تاريخها، على تقريب بعض أشخاص من المسيحيين إليها كنوع من الدعاية السياسية أمام الرأي العام، وليس عن اقتناع بمشاركتهم في إدارة السياسات العليا للبلاد. ففيما يتعلق بالحكم والإدارة فإن البنا نفسه يقول:"لا بأس أن تستعين الحكومة بغير المسلمين عند الضرورة في غير مناصب الولاية العامة، ولا عبرة بالشكل الذي تتخذه ولا بالنوع، ما دام موافقاً للقواعد العامة في نظام الحكم الإسلامي".

أما الآخر الغربي فقد نقده البنا من أربعة وجوه: الأول يتعلق بالجانب الديني والحضاري، وهنا وصف الغرب بأنه ***** وإلحادي ومتهافت على اللذة، وراح يهاجم كل من ينظرون إلى النموذج الثقافي الغربي نظرة تقدير أو انبهار أو حتى نظرة موضوعية تعلي من قيمة الحرية والتعددية. ويمكن في هذا المقام أن نضرب مثلاً بالهجوم الذي شنه على طه حسين عقب إصدار كتابه المهم "مستقبل الثقافة في مصر"، حيث يقول له، وكأنه يخاطب كل من يسيرون في الاتجاه نفسه: "ألستم مسلمين، أيها الناس ؟ ألا ترضون الإسلام حكما؟ فإذا كنتم ترون هذه الأصول في حياة أوروبا حقائق لا تقبل النقض، فاعلموا أنها لا تتفق مع الإسلام، وأنكم بذلك تصطدمون بإسلامكم.. فكونوا شجعاناً في إعلان الخروج عن تعاليم الإسلام حتى لا تخدعوا أنفسكم، وتخدعوا الناس".

والثاني أن البنا كان يرفض بصيغة شاملة وقاطعة نمط الحياة الغربية، بل يبذل كل جهد مستطاع في سبيل منع انتشاره في مصر والعالم الإسلامي، ويجعل من هذا أحد الأهداف الأساسية لجماعة الإخوان. والثالث يتعلق برفض البنا للغرب من جانب آخر، حيث نظر إليه على أنه "الغرب الصليبي" الذي يبعث إرسالياته التبشيرية إلى بلاد المسلمين وهو ما وصفه بأنه "حرب صلبية جديدة"، بل إن بعض الإخوان يضعون من دوافع قيام جماعتهم محاربة التبشير المسيحي في تلك الآونة.

كما كان البنا يرفض استعمال مصطلح "الاستعمار" ويطلق عليه "الاستخراب"، لكن على مستوى الممارسات تعاون مع الإنجليز، الذين ساعدوه بمساعدة مالية سخية لحظة انطلاق جماعته، وكان الإخوان يتصدون أحياناً لمظاهرات طلابية وجماهيرية تنادي برحيل الاحتلال الإنجليزي عن مصر.

ولم يقبل البنا من الغرب سوى التكنولوجيا، حيث العلم والكشف والاختراع، لكنه دعا المسلمين إلى عدم الانبهار بهذا، إنما محاولة امتلاك مثيل له، مع الأخذ في الاعتبار أن التقدم التقني الغربي يعاني من غياب عنصر مهم وأساسي وهو "الإيمان".

وبوسعنا في هذا المقام أن نتحدث عن الآخر المسلم، فالبنا وإن كان يدعو إلى التقريب بين المذاهب، فإنه طالما حض أتباعه على أن يجتهدوا كي يكونوا هم ممثلو الإسلام وليست أي جماعة أخرى. ورغم أن هناك من بين الإخوان من يقول إنهم "جماعة من المسلمين" وليسوا "جماعة المسلمين" على النقيض من بعض الجماعات الدينية المتطرفة الأخرى، فإن الممارسة العملية للإخوان أظهرت أنهم ينظرون إلى كل من ليس في جماعتهم، حتى لو كان مسلماً سنياً ورعاً، باعتباره "آخر"، بل إنهم يفرقون داخل الجماعة نفسها بين الأعضاء العاملين والآخرين المنتسبين لها أو المتعاطفين معها. وقد لبست هذه الممارسة لبوس أفكار سيد قطب الذي تحدث عن "الجاهلية المعاصرة" وطالب بـ "العزلة الشعورية" عن "الأغيار" من المسلمين، بل دعا إلى مناهضتهم.

رد مع اقتباس