عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 18-11-2016, 07:07 PM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,998
معدل تقييم المستوى: 38
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي

موتوسيكلات الحياة.. تتحدى فاقعى العيون

يكفيك أن تدخل إلى الميدان وقت الاشتباكات الواقعة على أطرافه في محمد محمود لتجده مصممًا من كتل بشرية في غاية من الدقة هندسية غير المعتادة في التظاهرات، فهذا محتج يعرف أين يقف وكيف يتحرك، وهناك بين كل تجمع احتجاجي وآخر تجد حارة لا تتعدى مترين يسير فيها “موتوسيكلات” بسرعة فائقة تحمل شاب فقد توازنه من كثافة الغاز وآخر تسيل دمًا من إحدى عينيه بعد تصويب فرد الأمن عليها، تلك الموتوسيكلات التي يمكن أن نسميها “موتوسيكلات الحياة” لما قامت به من إنقاذ حياة المئات باعتبار أنها الوسيلة الأنسب والأسرع وسط هذه الحشود البشرية.





تجلت الموتوسيكلات كظاهرة بقوة خلال أحداث محمد محمود لعجز عربات الإسعاف أن تنقل كل تلك الأعداد الساقطة أو تنقلهم بسرعة من داخل الشارع وحتى المستشفيات الميدانية الواقعة في قلب الميدان، بدأ كل من لديه دراجة بخارية في إحضارها لإنقاذ من يمكنه إنقاذه متحديًا خرطوش الشرطة وغازها مقتحمًا الاشتباكات لحمل من يسقط في صفوف المتظاهرين لعلاجه.

وبات أصوات الموتوسيكلات وصرخاتها من قلب الميدان تنطلق متقاطعة مع هتافات المتظاهرين وصرخات المصابين، بالتزامن مع أصوات الرصاص والخرطوش والسحابة الضبابية المخيمة على الميدان من كثافة الغاز، إغماءات وإصابات متتالية، استغاثات على مواقع التواصل الاجتماعي تنوه عن طرق جديدة لعلاج الإصابة بالغاز غير المعتاد، فبدأت النصائح باستخدام الخميرة والخل، بدلًا من زجاجات المياه الغازية التي كانت تستخدم في 25 يناير.

وفي ظل كل تلك المظاهر الجديدة على المشهد السياسي تركز إبداع المتظاهرين في رسم الجرافيتي على الجدران لعيون فقعت وأخرى تسيل الدموع من الغازات، لتظهر صورة ساخرة من المشهد لأسد قصر النيل وهو مغطٍ لعينه.



المستشفيات الميدانية.. ملحمة كتبت بدماء الأطباء

بجانب بطولات الشباب المثابر في مواجهة قوات الأمن وحماية ميدان التحرير من الاقتحام أثناء أحداث شارع عيون الحرية كان هناك أبطال من نوع آخر، سلاحهم القطن والشاش والبيتادين ورداؤهم البالطو الأبيض، إنهم أطباء التحرير.

فالمستشفيات الميدانية سطرت خلال ملحمة شارع محمد محمود أسطورتها الخاصة التي لن ينساها أبدًا كل مصاب وجريح، فهؤلاء الأطباء عملوا طوال ستة أيام على خط النار وتعرضوا لكل أشكال ال*** الذي لم يواجه أي طبيب يومًا إلا في حالات الحرب.

حيث روى الدكتور محمد فتوح، رئيس جمعية أطباء التحرير كيف واجهتهم صعوبة دائمة في بناء المستشفيات الميدانية أثناء الأحداث خاصة في ظل استهدافها المستمر، فالأطباء تعرضوا لكل ما كان يتعرض له المتظاهرون من إطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع بشكل مكثف واعتداءات من قبل البلطجية وقوات الأمن للنيل من المصابين خاصة أثناء الليل، متذكرًا كيف تم اقتحام المستشفى الميداني بمسجد عمر مكرم وحصارها ومنع الأطباء من الوصول إليها في الوقت الذي يتم فيه الاعتداء على المصابين من قبل بعض البلطجية.





كما أكد فتوح أن عدد المستشفيات الميدانية أثناء الأحداث كان كبيرًا جدًا فبجانب المستشفيات الرئيسية التي تم إنشاؤها فى مسجد عمر مكرم وكنيسة الدوبارة ومسجد عباد الرحمن ومجمع التحرير، كان كثيرًا من الأطباء المتطوعين يقيمون خيامًا صغيرة بقلب الميدان في محاولة منهم لإسعاف أكبر قدر ممكن من المصابين الذين منعتهم الاشتباكات من الوصول للمستشفيات الرئيسية.

ولم يشفع البالطو الأبيض ولا عدم تدخل هؤلاء الأطباء في الاشتباكات لهم، حيث تزايد استهداف الأطباء والمسعفين يومًا بعد يوم فبالرغم من معرفة قوات الأمن التامة لأماكن وجود المستشفيات إلا أنهم لم يتوقفوا عن استهدافها بالقنابل، كما أصيب الكثير منهم خلال الأحداث حيث يروي الدكتور فتوح لـ”المصريون” عن ذلك المسعف الذي لم يرحموه وأطلقوا عليه الرصاص خلال محاولته لنقل عدد من المصابين مما أدى إلى استئصال إحدى كليتيه وجزء من المعدة والقولون، كما اعتقل ثلاثة أطباء، فضلًا عن الدكتور أحمد حسين الذي تم اختطافه وتعــذيبه لمدة ثلاثة أيام.

وأشاد رئيس جمعية أطباء التحرير بالدور الوطني الذي قام به إمام مسجد عمر مكرم الشيخ مظهر شاهين ورجال كنيسة الدوبارة حيث سمحوا للأطباء بإنشاء مستشفياتهم داخل المسجد والكنيسة وتعاونوا معهم بشكل فعال ووفروا لهم الحماية.

أما عن الإصابات التي واجهها الأطباء خلال الأحداث فأكد الدكتور محمد فتوح أن اغلبها كانت بالرصاص الحي في منطقة العين والوجه والرقبة والرأس، حيث وصلت حالات الوفاة الرسمية 57 شهيدًا وعدد المصابين بلغ 2800 مصاب، إلى جانب العدد الكبير من المختفين والذين لم يعثر عليهم والذي يصل عددهم ما بين 300 إلى 1200 شهيد.

واستكمل الشباب والبنات إلى جان الأطباء عزف سيمفونية الفداء والتضحية من أجل إسعاف من يطوله رصاص الأمن الغاشم، فمع تناقص الأدوية ومواد الإسعافات الأولية كان الأطباء يطلقون استغاثات عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، كشف الدكتور فتوح عن الاستجابة السريعة التي كانت تلقاها دعواتهم، حيث توافدت طوال الأحداث أفواج الشباب والفتيات بمختلف الأعمار يمدونهم بما يحتاجونه من أدوية وإسعافات أولية ليكتشفوا في نهاية الأحداث وجود فائض كبير في الأدوية.


رد مع اقتباس