(33) رَبِـــيْـــعَــــــــةُ الــــــــرَّأْي
هُـــــــوَ: رَبِـيْـعَـةُ بْنُ فَرُّوْخٍ التَّيْمِيُّ، أَبُو عُثْمَانَ القُرَشِيُّ؛ الإِمَامُ، الفَقِيهُ المُجْتَهِدُ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، وإِمَامُ الرَّأْي، وعَالِمُ الوَقْتِ.
أَخَذَ الفِقَهَ والحَدِيثَ مِن: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ والسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. ومِن كِبَارِ التَّابِعِين: سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ والقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ وسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ وعَبْدِ الرَّحمَنِ الأَعرَجِ ومَكْحُولٍ الشَّامِيِّ وعَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وحَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ وعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ بنِ يَحيَى بنِ حَبَّانَ.
- وكَانَ مِن فُقَهَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ وحُفَّاظِهِم وعُلَمَائِهِم بِأَيَّامِ النَّاسِ وفُصَحَائِهِم.
- وكَانَت لَهُ مُرُوءَةٌ وَسَخَاءٌ، مَعَ فِقْهِهِ وعِلْمِهِ.
- وكَانَت لَهُ حَلْقَةُ عِلْمٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ).
- وكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاِجتِهَادِ.
- وكَانَ صَاحِبَ الفَتْوَى بِالمَدِيْنَةِ، وكَانَ يَجلِسُ إِلَيْهِ وَجُوهُ النَّاسِ، كَانَ يُحصَى فِي مَجْلِسِهِ أَربَعُونَ مُعْتَمّاً.
- وكَانَ يَحيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ يُجَالِسُهُ، فَإِذَا غَابَ رَبِيْعَةُ، حَدَّثَهم يَحيَى أَحسَنَ الحَدِيْثِ؛ فَإِذَا حَضَرَ رَبِيْعَةُ، كفَّ يَحيَى إِجلاَلاً لِرَبِيْعَةَ، ولَيْسَ رَبِيْعَةُ أَسنَّ مِنْهُ، وهُوَ فِيْمَا هُوَ فِيْهِ، وكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُبجِّلاً لِصَاحِبِهِ.
وأَخَذَ مِنهُ الفِقَهَ والحَدِيثَ: الأَوْزَاعِيُّ ومِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ وشُعبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ وعَبْدُ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ وعُقَيْلُ بنُ خَالِدٍ وعَمْرُو بنُ الحَارِثِ ومَالِكٌ واللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ وسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ وفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ ونَافِعٌ القَارِئُ وأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ وأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ والدَّراوَردِيُّ، وخَلْقٌ كَثِيرٌ سِوَاهُم.
ثَـنَـــاءُ الـعُـلـمَــــاءِ عَـلَـيْـــهِ:
- قَالَ يَحيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفطَنَ مِنْ رَبِيْعَةَ.
- وقَالَ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ.
فَقِيلَ لَهُ: ولاَ الحَسَنُ وابْنُ سِيْرِيْنَ...؟!
قَالَ: ولاَ الحَسَنُ وابْنُ سِيْرِيْنَ.
- وقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنِ عُمَرَ: هُوَ صَاحِبُ مُعضِلاَتِنَا، وعَالِمُنَا، وأَفَضْلُنَا.
- وقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجَشُوْنِ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحوَطَ لِسُنَّةٍ مِنْ رَبِيْعَةَ.
- وقَالَ اللَّيْثُ: كَانَ صَاحِبَ مُعضِلَاتِ أَهْلِ المَدِينَةِ ورَئِيسَهُمْ فِي الفُتْيَا.
- وقَالَ مَالِكٌ: ذَهَبتْ حَلاَوَةُ الفِقْهِ مُنْذُ مَاتَ رَبِيْعَةُ.
- وقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: صَارَ رَبِيْعَةُ إِلَى فِقهٍ وَفَضْلٍ، وَمَا كَانَ بِالمَدِيْنَةِ رَجُلٌ أَسْخَى بِمَا فِي يَدَيْهِ لِصَدِيْقٍ، أَوْ لابْنِ صَدِيْقٍ، أَوْ لِباغٍ يَبتغِيهِ مِنْهُ.
- وقَالَ الخَلِيلِيُّ: مِنَ الْأَئِمَّةِ بِالْمَدِينَةِ، تَابِعِيُّ إِمَامٌ، مُفْتِي وَقْتِهِ.
مِـن أَقــوَالِـــــهِ:
- قَالَ: الزَهَادَةُ هِيَ: جَمْعُ الْأَشْيَاءِ مِنْ حِلِّهَا ووَضْعِهَا فِي حَقِّهَا.
- وقَالَ: رَأَيْتُ الرَّأيَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ تَبِعَةِ الحَدِيْثِ.
- وقَالَ: العِلْمُ وَسِيْلَةٌ إِلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ.
- وقَالَ لَهُ رَجُلٌ: صِفْ لِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: مَا أَدرِي كَيْفَ أَنْعَتُهُمَا لَكَ، أَمَّا هُمَا فَقَدْ سَبَقَا مَنْ كَانَ مَعَهُمَا، وأَتعَبَا مَنْ كَانَ بَعدَهُمَا.
- وقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: بَكَى رَبِيْعَةُ يَوْماً؛ فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ...؟!
قَالَ: رِيَاءٌ حَاضِرٌ، وَشَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ، وَالنَّاسُ عِنْدَ عُلَمَائِهِم كَصِبْيَانٍ فِي حُجُوْرِ أُمَّهَاتِهم، إِنْ أَمرُوهم ائْتَمرُوا، وَإِنْ نَهوهُم انْتَهَوْا!!
- وقَالَ: السَّاكِتُ بَيْنَ النَّائِمِ وَالأَخْرَسِ.
قُلتُ (حَاتِم):الوَاجِبُ عَلَى المُؤمِنِ أَنْ لاَ يُكْثِر مِن الكَلَام إِلاَّ فِي الخَيْرِ؛ لِقَوْلِ النِّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». ولِقَوْلِهِ أَيْضاً كَمَا عَندَ التِّرمِذِيِّ وحَسَّنَهُ: «الحَيَاءُ وَالعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ، وَالبَذَاءُ وَالبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ». فَالعِيُّ: قِلَّةُ الكَلَامِ، وَالبَذَاءُ: هُوَ الفُحشُ فِي الكَلَامِ، والبَيَانُ: هُوَ كَثْرَةُ الكَلَامِ.
وَفَـاتُــهُ: تُوُفِّيَ رَبِيعَةُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ ومِائَةٍ (136 هــ) بِالمَدِيْنَةِ.