اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > القسم العلمى و الصحى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-05-2015, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي بيوت العنكبوت

بيوت العنكبوت

كارم غنيم

إن جوهر الدين الإسلامي الحنيف يدعو إلى التفكر والتأمل في ملكوت الله، ومحاولة النفاذ إلى بديع صنعه ورائع خلقه سبحانه؛ فبهذا ترتكز العقيدة إلى الأساس الراسخ المتين، وتتأكد دعوة التوحيد في قلوب المؤمنين بالله؛ حيث إن كل آية من الآيات التي يعمر بها الكون المترامي الأطراف من أرض وسماء ويابس وماء - لتؤكد قدرة الخالق البارئ المصور.

وحول كائن من الكائنات البسيطة الحجم، الهائلة القدرة، العظيمة التركيب، يحدثنا الدكتور كارم السيد غنيم عن آيات الله في العناكب، فيقول:
خير ما نستهل به مقالَنا قول الحق تبارك وتعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [الأنعام: 95].

هكذا يدعو القرآن العظيم الإنسان إلى استخدام ملكاته العقلية وسائر حواسِّه استخدامًا أساسه: المشاهدة، والسمع، والحسُّ، والاستنباط، وهذا هو منهج القرآن في تربية الإنسان، وهو ذات المنهج الذي إذا اتبعه الإنسان فإنه لا محالةَ واصل إلى أرقى مستويات التقدم والحضارة، ولنا في سلفنا الصالح أعظم قدوة، وأفضل مثال، وأقرب دليل على ذلك؛ فهم حينما ساروا على منهج القرآن الواضح المعالم والقسمات: فهمًا، وإدراكًا، وتطبيقًا - ساروا في أرجاء الأرض حتى دانت لهم دولها؛ فملؤوا الأرض: علمًا، وعدلاً، وثقافة، ورُقيًّا، وابتكارًا في شتى مناحي الحياة، وأفرزت الأمة الإسلامية أجيالاً من كبار علماء العالم، وفحول حكمائه وقادته، ولن يسترد المسلمون مجدهم التليد إلا بما بنى به أسلافهم تلك الحضارة الشامخة.

هذه ناحية، أما الناحية الأخرى التي يجب ذكرها في مستهلِّ مقالنا فهي: أن علوم الحياة (Biotgy) كانت ولا تزال عصب الفكر والعلم في كل زمان ومكان؛ فقضايا عديدة كقضية الخلق، وقضية الإلهام الإلهي للمخلوقات وغيرها - شغلت العقول المفكرة طويلاً، فهَدَتْ إلى إثراء الإيمان، ورسوخ عقيدة التوحيد.

وفي مقالنا الحالي، نعرض لإحدى عجائب الكائنات "العنكبوت"، ونخص بالذكر جانبًا واحدًا في حياته، وهو: إلقاء الضوء على قدراته وإمكاناته في بناء بيوته، ونسج خيامه؛ لنرى الأعاجيب التي لن تنتهي ما دام هناك علم وبحوث تترى في أرجاء العالم.

العنكبوت وموقعه في دنيا الأحياء:
لفظة "عنكبوت" (Spider) ليست - كما يظن بعض الناس - مشتقة من أصل يوناني، بل هي من أصل ألماني هو Spinner؛ يعني: الكائن الذي يمكنه أن يغزل غزلاً، ولقد أحصت الدراسات من العناكب حوالي ثلاثين ألفَ نوع، ولا تزال الدراسات الميدانية والبحوث تكتشف المزيد حتى الآن.

يحتل العنكبوت في عالم الحيوان رتبة "العنكبوتيات" (Araneida)، وهي العناكب الأصيلة، وهذه الرتبة تتبع طائفة العنكبيات (Aracgnida)، التي تنتمي إلى شعبة الحيوانات مفصلية الأرجل (Arthropoda).

أما عن شكل العنكبوت: فالجسم فيه مُقسَّم إلى مقدم وإلى مؤخر، وهذا المؤخر رخو طري، وغير منقسم إلى عقل أو وحدات، ويتصل المقدم بالمؤخر بواسطة خصر نحيل، ولا يوجد له عجب القرنان الكلابيان (Chelicera) غير مكلبين، ويتكون كلٌّ منهما من شدفتين، ويحتويان على غدد السم، الرجلان الملماسيتان (Pedipalps) غير مكلبتين، وهما حسيتان (ومن الملاحظ أن فيهما غددًا تناسلية طرفية في حالة الذكر؛ لينقل بها الحيوانات المنوية - أي: الخلايا التناسلية الذكرية - إلى الأنثى)، ويوجد في نهاية الجسم - تقريبًا - ثلاثة أزواج من الغازلات (Spinnerts).

وتتنفس هذه الحيوانات برئات كتبية الشكل، أو عن طريق قصبات هوائية، أو بواسطتهما معًا، وهي حيوانات بيوضة (Oviparous)؛ أي: تضع بيضًا.

والعناكب تشتمل على مجموعة كبيرة منتشرة انتشارًا واسعًا، وتظهر في طرز كثير من البيئات، وجميع أفرادها مفترس، وتفترس - أساسًا - الحشرات، وتغزل أغلب العناكب بيوتًا من عدة طرز، تعيش فيها وتقتنص فريستَها، غير أن بعضًا منها لا يبني بيوتًا، وإنما يتحرك بسرعة ويتصيد فريسته.

تنتشر العناكب في معظم بلاد العالم في: المنازل، والمزارع، والحدائق، وعلى السقوف، وفي الأركان، وشقوق الجدران، وبين الأحجار، وبعض أنواعها يعيش في المياه العذبة وعلى شواطئ البحار، والعناكب التي تغزل نسيجَ بيوتها تخرج مادة هذا النسيج من المغازل (أو الغازلات) التي تظهر على شكل نتوءات (Projections) متحركة في نهاية البطن، وتنتهي بثقوب تخرج منها تلك المادة، التي من خصائصها أن تكون سائلة، وتجف بمجرد تعرضها لهواء الجو، وتنشأ عنها خيوطٌ تختلف تبعًا لنوع الغدة؛ فالخيوط الدائرية رفيعة ولزجة، وتساعد العنكبوت على الإمساك بفريسته، أما الخيوط القطرية أو الشعاعية، فسميكة دقيقة، وهي التي تكوِّن الهيكل الذي يدعم بيت العنكبوت، ويلدغ العنكبوت فريسته بالطرف المدبَّب للقرن الكلابي (أي: عن طريق مقدم الجسد)، وهو عبارة عن مخلب قوي تفتح في نهايته غدة سامة.

غزل العنكبوت: مصانع الغزل:
قلنا: إن في مؤخر بطن العنكبوت يوجد ثلاثة أزواج من المغازل، ومن المعروف لدى علماء الأحياء أن هذه المغازل (أو المناول) تأتيها المادة الخام التي تقوم بغزلها عن طريق سبع غدد - على الأقل - وربما يصل عدد هذه الغدد في بعض أنواع العناكب إلى 600، وهي غدد منفصلة عن بعضها البعض، وتنتظم في ستة أنواع (أو أنماط، أو أصناف) من الغدد.

خواص الغزل:
خيوط العنكبوت حريرية المادة، رفيعة جدًّا، حتى إن سمك شعرة واحدة من رأس الإنسان يزيد عن سمك خيط الحرير بحوالي 4000 مرة؛ أي: إننا لو غزلنا 4000 خيط من خيط العنكبوت لوصلت إلى سمك شعرة واحدة من شعر رأس الإنسان.

نسج العنكبوت:
تعدد أغراضه:
يمثل نسج العنكبوت (Web)، أو "بيته" أهمية كبرى في حياته؛ ذلك لأنه يستخدمه في أغراض شتى، منها: إعداد وتجهيز أكياس البيض، تجهيز المهاد والأسرَّة الملائمة لحضانة الذرية اللاحقة، بناء غرف الرقاد الشتوي، تشييد مخادع التسافد، أو حتى مائدة التهام الولائم التي هي عبارة عن فريسة أو أكثر تم اقتناصها، وهي لا تزيد عن كونها ذبابة مثلاً.

كما أن العنكبوت يستخدم بيته (أو خيمته) فخًّا أو مصيدة للإيقاع بفريسته، وإحكام القبض على جسدها، ومن خيوط العنكبوت ما يسمَّى "حبل النجاة".

حبل النجاة:
حبل النجاة (Drag Bine) عبارة عن خيط يستخدمه العنكبوت في أغراض معيشية شتَّى؛ فمثلاً إذا أراد الرحيل من مكانه، فإنه يرحل على طول هذا الحبل المشدود، حيث يقوم أولاً بغزله ودفعه إلى الخلف، خارج غازلاته - كما لو كان حبلاً ملفوفًا على بكرة خيط - ليندفع هو نفسه إلى الإمام، ويظل هذا الحبل ممتدًّا مع صاحبه أينما توجه دونما انقطاع، حتى في أصعب اللحظات حينما يواجه أرزاء حياتية، أو أية مشكلات معيشية أثناء عمليات الصيد والقنص، أو طلب الزواج، أو الهروب من الخصوم والأعداء، أو حتى الهجوم على بعض الكائنات الأخرى.

أنواع بيوت العنكبوت:
راقب الباحثون أنواعًا مختلفة من العناكب، فوجدوا لها قدرات فائقة في العمليات الإنشائية حين تشيد بيوتها، منذ لحظة اختيار الموقع إلى تحديد زوايا القوائم، إلى تجهيز "كمرات" البيت، وما إلى ذلك من خطوات الإنشاء وإجراءاته، وإذا كنا قد أسلفنا القول بأن بيت العنكبوت متعدد الأغراض في حياة صاحبه، فإن من أنواع العناكب ما لا يلجأ إلى بيته في عمليات قنص وصيد الفرائس، ولكنه إذا أحس بمقدم فريسة مناسبة ترصَّد لها، وباغتها بهجوم قاتل، أو جرى وراءها، واقتفى أثرها حتى يتمكن من الإمساك بها مهما راوغته، وتملَّصت من بين يديه.


يوجد من بيوت العنكبوت أربعة أنواع (أو طرز)، هي:
1- البيوت الشبكية غير المنتظمة.
2- البيوت الشبكية الفسطاطية الشكل.
3- البيوت الشبكية القمعية الشكل.
4- البيوت الشبكية الدائرية النسيج.

غالبًا ما يتشكَّل بيت أحد أفراد العنكبوت من طراز واحد من هذه الطرز، إلا أنه من العناكب ما يشيد بيته من عدة طرز مختلطة، يجمع بينها في بيت واحد، بمعنى أن بيته غير نمطي الشكل (أو الطابع)، كما أنه لوحظ انشغال العنكبوت الذَّكَر بالنسج والتشييد والتوسعة في بيته، واستمراره في هذه الأعمال حتى يبلغ نضجه التناسلي، وعندها يقف عن النشاط المعماري؛ ليبدأ بمزاولة نشاط آخر، هو المساهمة في إنجاب الذرية التي هي سنة الحياة.

1 - البيت الشبكي غير المنتظم: (Messy Irrigular Web):
يتميز بأنه شبكة معقدة، تحير مَن يقف ليتفحَّصها، يستخدمه العنكبوت كمصيدة أو شَرَك، ويشتمل على غلالة نسيجية متقنة الصنع، مطعمة بمواد غريبة؛ كأجزاء أوراق النباتات، أو حبات الرمل، ومن العناكب ما يستخدم هذا البيت مأوًى له أحيانًا، تقوم العناكب بإنشاء بيوتها من هذا الطراز، ويكون الهيكل البنائي لها عددًا من أحبال الشد القوية المتينة المضفرة من خيوط حريرية لاصقة، وتعمل هذه الأحبال على هيئة مفاتيح شَرَك للبيت، فإذا عبثت بها فريسة، كان نتيجة ذلك وقوعها في شَرَكٍ مغلق، لعبت هي بمفاتيحه، فلا طاقة لها بعد ذلك على الهرب أو الفرار من الموت المحتم على يدي من لا يرحمها، كيف ذلك وقد اتخذها طعمة يطعمها، وأصبح ذلك طبعًا وعادة في حياته؟!

2 - البيت الشراعي أو الفسطاطي الشكل: (Sheet Web):
تقوم عناكب *** Erigone بنسج حريري أفقي، يأخذ شكل الفساط (الخيمة)، مزوَّدًا بخيوط هوائية، يوظفها العنكبوت في "شنكلة" الحشرات الهائمة، وإرباكها، وإيقاعها في هذا الشرك المنصوب، ومن العجيب أن صاحب البيت بعد انتهائه من بنائه هذا يروق له أن يستقر متعلِّقًا بالسطح السفلي فيه، وربما بنى لشخصه بيتًا آخر تحت الفسطاط العلوي، ومن الملاحظ: أن هذه الأنواع من العناكب - كغيرها من العناكب الأخرى - قادرة على لَمِّ شعث بيوتها إذا تعرضت لأي تمزيق أثناء عمليات الصيد، أو من جراء هجوم خصم ما، أو هبَّة ريح شديدة، ويتم الإصلاح والصيانة في غضون ساعات قليلة، وعمليات الصيانة هذه غالبًا ما تُرَى أنواعٌ كثيرة من العناكب تقوم بإجرائها.

3 - البيت القمعي الشكل: Funnel Web))
تقوم عناكب رتبة Agelenidae ببناء بيوت لها دهاليز ناعمة الملمس، وهذا يفيد كثيرًا في الإيقاع بفريستها؛ فإن الفريسة تستدرج على هذا الدهليز الناعم، حتى تصل إلى عدو لدود يحكم عليها قبضته، ويأتي عليها مشبعًا بها جوعته.

إذا وجدنا هذا النوع من بيوت العنكبوت ملقًى فوق الأرض حسبناه من النوع (أو الطراز) السابق الوصف، أما إذا رأيناه معلَّقا في أفرع النباتات، وجدناه في شكل أرجوحة جميلة.

4 - البيت الدائري النسج: (Orb Web):
هي بحق أعجوبة بديعة في حياة العناكب، يقف المهندسون المعماريون أمامها لدراسة طرائق بنائها، وفك ألغازها، على الرغم من أن الذي شيَّدها مخلوق هيِّن ضعيف، لا يعيره الإنسان أدنى اهتمام، ويقال: إن دراسة هذه البيوت العنكبوتية كانت أساس إنشاء القناطر المعلَّقة، أو قناطر التعلُّق (Suspension bridges).

هيَّا الآن نرقب إحدى عناكب الحدائق، وهي التي تبني بيوتها بهذا النول الدائري؛ لنرى كيف يضطلع بإنجاز هذا العمل الفني الرائع، الخطوة الأولى: هي إنشاء قنطرة معلقة، تُعَد الدعامة الأساسية التي سيتدلى منها البيت بأكمله، ويتم إنشاء هذه القنطرة بإحدى طريقتين: إما أن يقف العنكبوت على مكان مرتفع، ويرسل غزله هائمًا في الهواء، فإذا ما لامس شيئًا ما التصق به، وعندئذ يشد العنكبوت، ويزوده بخيوط أخرى، أما الطريقة الثانية: فهي غزل خيط حريري، وقذفه إلى شيء ما مرتفع، وتثبيته به، ثم الاتجاه إلى الناحية المقابلة لذلك المكان؛ حيث يقوم العنكبوت هنا بإجراءات تشييد بيته كاملاً هكذا: يقفز العنكبوت إلى مكان مرتفع يناسب المكان الأول، ثم يثبت فيه الطرف الآخر للقنطرة، ويدعِّم هذه القنطرة بخيوط إضافية، بعد ذلك يسقط العنكبوت إلى أسفل ليتلمَّس شيئًا ما - كعُشب على الأرض مثلاً - فإذا تم له ذلك ربطه بخيط حريري، سبق للعنكبوت أن ثبَّت طرفه في القنطرة قبل النزول إلى أسفل، ثم يفرز خيوطًا أخرى إضافية لتدعيم هذا الهيكل المثلثي الشكل، وهذا الهيكل هو الأساس الذي عليه ينسج العنكبوت نسجه الدائري من خيوطه الحريرية التي تترابط في جميع الاتجاهات.



رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:31 PM.