اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > رمضان كريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #46  
قديم 20-08-2010, 02:33 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي


ما يُستحبُّ للصائمين في رمضان
م
من المستحبِّ للصائم
1
تعجيل الفطور وهي سنةٌ مستحبةٌ: « قَالَ صلى الله عليه وسلم: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ».
2
السحور: «تسحَّروا؛ فإنَّ في السحور بركةٌ».
والسنَّة تأخير السحور: لما رواه البخاري عن أنسٍ عن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنهم قال: "تسحَّرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثمَّ قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور قال: قدر خمسين آية».
3
الدعاء عند الإفطار بمثل قوله: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجرُ إنْ شاء الله»، أو بقوله: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت».
4
التنزُّه عن اللغو والرفث والجهل والسبِّ؛ وذلك لقول الله تعالى عن صفات المفلحين والمؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، وإنْ سابَّه أحدٌ أو شاتمه؛ فليتعبد لله بقوله: «إني صائمٌ.. إني صائمٌ».
5
القيام بعمرةٍ في رمضان؛ لقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «عُمرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً».
6
تفطير صائمٍ تطوُّعاً ونافلةً لها أجرٌ عظيمٌ عند الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنَّه لا ينقص من أجر الصائم شيء».
7
الاجتهاد في الجود والعطاء ومُدَارسة القرآن مع الصالحين؛ ففي الحديث: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاهجبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فَلَرَسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة».
8
الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان، فلقد روى البخاري ومسلمٌ عن عائشة رضي الله عنها: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشَدَّ المِئزَرَ».
9
ومن المؤكَّد أنَّك تعلم أخي الصائم أنَّ أعظم ما يُستحبُّ للعبد التنفُّل به في رمضان: هو قيام ليالي رمضان (التراويح)؛ ففي الحديث المتفق عليه: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».
10
الدعاء الصالح طوال نهار وليالي رمضان، فكما تعلم أنَّ الصائم له دعوةٌ لا تُردُّ عند فطره، وكذا ورد أنَّ دعوته مستجابةٌ.

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 20-08-2010, 02:40 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

واشوقاه إلى رمضان
لقد فضل الله تبارك وتعالى شهر رمضان بفضائل كثيرة, هي أجل من أن تحصى وأكثر من أن تُعد, فهو شهر بركة وخير, حباه الله بخير وافر, وبركة في كل شيء زائدة وأثرها واضح للعيان, فهو شهر القرآن, وشهر الإحسان وشهر البر والمواساة وشهر التقوى والمغفرة, وشهر التوبة وتكفير الذنوب, شهر قيام الليل والتهجد, شهر تصفيد الشياطين, شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران, شهر العتق من النار, شهر يُستجاب فيه الدعاء, شهر ليلة القدر, وما أدراك ما ليلة القدر؟! إنها ليلة هي خير من ألف شهر, ولو استطردنا في سرد فضائله وإيضاح محاسنه لطال بنا المقام ونفد منا المداد, قبل أن نأتي على شيء يسير من فضائله الجمة.
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه رضوان الله عليهم بقدوم شهر رمضان.
أخرج الإمام أحمد في المسند والنسائي عن أبي قلابة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه – أي بحلول لرمضان -" قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك, افترض الله عليكم صيامه, يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم, وتغل فيه الشياطين, فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرُم "([1]).
قال ابن رجب – رحمه الله – في التعليق على هذه الحديث: "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان, كيف لا يُبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان, كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران, كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان " أ. هـ.
أخي الحبيب: إن بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه.
قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان, ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم.
قال يحي بن أبي كثير: "كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان, وسلم رمضان لي, وتسلمه مني متقبلاً".
عن أبي سلمة عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : كان رجلان من بني قضاعة, أسلما مع النبي صلى الله عليه وسلم , واستشهد أحدهما وأُخِرَ الآخر سنة, قال طلحة بن عبيد الله: فأريت الجنة, فرأيت فيها المؤخر منهما, أُدخل قبل الشهيد, فعجبت لذلك , فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, أو ذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أليس قد صام بعده رمضان, وصلى ستة آلاف ركعة أو كذا وكذا ركعة صلاة السنة ". ([2]).
أخي الكريم:
من حرم في رمضان فهو المرحوم, ومن حُرم خيره وبركته فهو المحروم, ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو الملوم.
كم ممن أمَّل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله. فصار قبله إلى ظلمة القبر, كم من مستقبل يوماً لا يستكمله, ومؤمل غداً لا يدركه, إنك لو أبصرت الأجل ومصيره, لأبغضت الأمل وغروره.
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربه في شهر شعبان
فاحمل على جسد ترجو النجاة له
فسوف تضرم أجساد بنيران
كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران إخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم
حيا فما أقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها
فأصبحت في غد أثواب وأكفان
حتى متى يعمر الإنسان مسكنه
يصير مسكنه قبر لإنسان ([3])

فاعلم يا أخي الكريم أن الناصح لنفسه لا تخرج عنه مواسم الطاعات وأيام القربات عطلاً, لأن الأبرار ما نالوا البر إلا بالبر, والعاقل خصيم نفسه.
فيجب على العاقل أن يضع نصب عينيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " افعلوا الخير دهركم, وتعرضوا لنفحات رحمة الله, فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده " ([4]).
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن لربكم في أيام دهركم نفحات, فتعرضوا لها, لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً " ([5]).
فيتعرض العبد لإحسان مولاه, سبحانه من كريم أضحت رحالنا بباب كرمه مطروحة, ورمضان سيد الشهور وتاج على مفرق الأيام والدهور.
رمضان ربيع التُقى وقد فاح فواحه.. رمضان يوسف الزمان في عين يعقوب الإيمان, فمرحباً بشهر طيب كريم مبارك.
هبت اليوم على القلوب نفحة من نفحات نسيم القرب في رمضان, وسعى سمسار الوعظ للمهجورين في الصلح, ووصلت البشارة للمنقطعين بالوصل, وللمذنبين بالعفو, والمستوجبين النار بالعتق, لما سلسل الشيطان في شهر رمضان, وخمدت نيران الشهوات بالصيام انعزل سلطان الهوى, وصارت الدولة لحاكم العقل بالعدل, فلم يبقى للعاصي عذر.
فيا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي, يا شموس التقوى والإيمان اطلعي, يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي, يا قلوب الصائمين اخشعي يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي, يا عيون المجتهدين لا تهجعي, يا ذنوب التائبين لا ترجعي, يا أرض الهوى ابلعي ماءك, ويا سماء النفوس أقلعي, يا بروق العشاق للعشاق إلمعي, يا خواطر العارفين ارتعي. يا همم المحبين لغير الله لا تقنعي, ويا همم المؤمنين أسرعي([6]).
أحبتي في الله لقد اشتاقت نفوس المؤمنين لهذا الشهر العظيم, والموسم الجليل, فهنيئاً لمن وفقه الله جل وعلا في اغتنام أوقاته بفعل الخيرات وترك المعاصي والمنكرات والمسارعة والإقبال على الله, فهيا أحبتي لنلبي نداء الداعي ( يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر ).
أحبتي في الله علينا جميعاً أن نستغل كل لحظة من لحظات هذا الشهر الفضيل في فعل الخيرات والطاعات, والبعد كل البعد عن المعاصي والسيئات, فلعله أن يكون هذا آخر رمضان لنا.
اللهم يا حي يا قيوم وفقنا للطاعة وجنبنا السيئات والمعاصي فبئست البضاعة, وارزقنا صيام نهاره, وقيام ليله إيماناً واحتساباً لك يا رب, وأختم لنا فيه بخير واعتق رقابنا من النار إنك ولي ذلك والقادر عليه ومولاه.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 20-08-2010, 02:47 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أبواب الخير في رمضان
فهيا أحبتي في الله نلج هذه الأبواب عسى الله أن يفتح لنا باباً من أبواب الخير في رمضان يكون لنا باباً إلى الجنان لننعم النعيم الأبدي الذي لا شقاء بعد نسأل الله من فضله, ومن أبواب الخير في رمضان:
55 - فضل صدقة السر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنائعُ المعروف تقي مصارعَ السوء، وصدقةُ السرّ تطفئ غضبَ الرب، وصلةُ الرحم تزيد في العمر))([1]).
56 - إخراج زكاة الفطر: فرض - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللَّغو والرفث، وطعمةً للمساكين، مَن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. ([2]).
57 - إفشاء السلام وإطعام الطعام: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام))([3]).
58 - إماطة الأذى عن الطريق: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد رأيت رجلاً يتقلَّب في الجنَّة؛ في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذِي الناس))([4]).
59 - بر الوالدين وطاعتهما: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رَغِم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه)) قيل: مَن يا رسول الله؟! قال: ((مَن أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما، ثم لم يَدخل الجنة))([5]).
60 - طاعة المرأة لزوجها: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلَّت المرأة خَمسَها، وصامتْ شهرها، وحصَّنتْ فرْجَها، وأطاعت بعلها - أي: زوجها - دخلتْ من أي أبواب الجنة شاءت))([6]).
61 - النفقة على الزوجة والعيال، والتوسعة عليهم في هذا الشهر: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أنفق المسلم على أهله وهو يحتسبها، كانت له صدقة))([7]).
62 - النفقة على الأرملة والمساكين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله))، وأحسبه قال: (وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر))([8]).
63 - كفالة اليتيم والنفقة عليه: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا))، وقال بإصبعيه: السبابة، والوسطى. ([9]).
64 - مسح رأس اليتيم والشفقة عليه: شكا رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسوةَ قلبه، فقال له صلى الله عليه وسلم -: ((امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين))([10]).
65 - قضاء حوائج الإخوان: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لأن يمشي أحدُكم مع أخيه في قضاء حاجته - وأشار بإصبعه - أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين))([11]).
66 - زيارة الإخوان في الله: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا لله، في الجنة))([12]).
67 - زيارة المرضى: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن عاد مريضًا لم يزل في خُرْفَةِ الجنة))، قيل: يا رسول الله، ما خرفة الجنة؟ قال: ((جَنَاها))([13]).
68 - صلة الأرحام وإن قطعوا: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الرحم معلقة بالعرش تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله))([14]).
69 - إدخال السرور على المسلم: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره بذلك، سرَّه الله - عز وجل - يوم القيامة))([15]).
70 - التخفيف على الخدم والعمال في رمضان: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن خفَّف على مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار))([16]).
71 - التيسير على المعسر: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن يسَّر على معسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة))([17]).
72 - الشفقة على الضّعفاء ورحْمتهم والرّفق بهم: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الرَّاحِمون يرحَمُهم الرحْمن، ارْحَموا مَن في الأرض يرحَمُكم مَن في السماء))([18]).
73 - الإصلاح بين الناس: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أُخْبِركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟))، قالوا: بلى يا رسول الله!! قال: ((إصلاح ذات البين))([19]).
74 - حسن الخلق: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناسَ الجنةَ، قال: ((تقوى الله، وحسن الخلق))([20]).
75 - طيب الكلام: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اتَّقوا النَّار ولو بشقّ تَمرة، فإن لم تَجِدْ فبكلمة طيبة))([21]).
76 - الصمت وحفظ اللسان إلا من خير: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كان يُؤْمِن بالله واليوم الآخر فليقُلْ خيرًا أو ليصمت))([22]).
77 - حِفْظ اللسان من اللَّغو والرفث والسب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الصيام من الأكل والشرب، إنَّما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحدٌ أو جهِل عليْكَ، فقل: إنّي صائم، إنّي صائم))([23]).
78 - حفظ اللسان عن قول الزور: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من لم يَدَع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه))([24]).
79 - حفظ اللسان من أذية المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((المسلم مَن سَلِم المسلمون مِن لسَانه ويده))([25]).
80 - حفظ اللسان من الغيبة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذِكرُك أخاك بما يكره)) قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهَّتَّه))([26]).
81 - حفظ اللسان من النميمة والوقيعة بين الناس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل الجنة قتَّات))([27]) ؛ أي: نمَّام.
82 - الحلم والصفح وكظم الغيظ: قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]، وقال - صلى الله عليه وسلم - للأشج: ((إن فيك خصلتين يحبهما الله تعالى: الحلم، والأناة))([28]).
83 - غض البصر عن محارم الله: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، مَن تركها من مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه))([29]).
84 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))([30]).
85 - كثرة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا))([31]).
86 - الجلوس مع الصالحين والأخيار: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقعد قوم يَذكُرون الله - عزَّ وجلَّ - إلا حفَّتهم الملائكةُ، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذَكَرهم الله فيمن عنده))([32]).
87 - اصطناع المعروف والدلالة على الخير، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّ معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله))([33]) ، وقال: ((ومَن دل على خير فله مثل أجر فاعله))([34]).
88 - الدعوة إلى الله: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن دعا إلى هدًى كان له مِن الأجر مثل أجور مَن تَبِعه، لا يَنقص ذلك من أجورهم شيئًا))([35]).
89 - كفارة المجلس: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن جلس جلسة فكثر لغطُه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غُفر له ما كان في مجلسه ذلك))([36]).
90 - الستر على المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة))([37]).
91 - إغاثة المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة))([38]).
92 - المداومة على العمل الصالح وإن قلَّ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ))([39]).
93 - الإحسان إلى الجار: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرمْ جارَه))([40]).
94 - الدعاء للوالدين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - عز وجل - ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا ربِّ، أنَّى هذا لي؟ فيقول: باستغفار ولدِك لك))([41]).
95 - رد المظالم والتحلل من أصحاب الحقوق: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها؛ فإنه ليس ثَم دينار ولا درهم، مِن قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطُرحتْ عليه))([42]).
96 - اتباع السيئة الحسنة: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأتبعِ السيّئةَ الحسنةَ تَمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلق حَسن))([43]).
97 - أداء الأمانة والوفاء بالعهد: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا إيمانَ لمَن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))([44]).
98 - التراحم والتعاطف مع المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد الواحد: إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))([45]).
99 - الذب عن أعراض المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن ردَّ عن عرض أخيه ردَّ الله عن وجهه النارَ يوم القيامة))([46]).
100 - سلامة الصدر وترك الشحناء: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((تُفتحُ أبوابُ الجنَّة يومَ الاثنين ويوم الخميس، فيُغفرُ لكُلِّ عبدٍ لا يُشركُ بالله شيئًا، إلاَّ رجُلاً كانتْ بينه وبين أخيه شحناءُ، فيُقالُ: أَنْظِرُوا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتَّى يصطلِحا))([47]).
101 - التعاون مع المسلمين فيما فيه خير: قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، وفي الحديث: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا)) ثم شبك بين أصابعه.([48]).
102 - توزيع الكتاب والشريط الإسلامي النافع على الأسرة أو الأصدقاء في العمل أو المدرسة أو النادي، ونحوه من التجمعات.
103 - التنسيق مع التجار وأصحاب المحلات لشراء ملابس وما يلزم من أمور العيد، وتوزيعها في آخر رمضان على الفقراء والمحتاجين؛ لتعم الجميعَ فرحةُ العيد.
104 - حثّ كلّ بيتٍ على المُساهَمة في إفطار الصَّائم، كلّ بِما يستطيع، وإرسال ما تيسَّر لهم من طعام إلى مسجد الحيّ، أو التنسيق مع المطاعم من أجل ذلك.
105 - الاستفادة من حملات المرَّة التي تقام في شهر رمضان المبارك، بتنظيم حملة من البرامج الدعوية والعلمية والثقافية للمشاركين، مع الحرص على أن يكون مع كل رحلة شيخٌ يستفاد من علمه، أو طالب علم جيد إن تعذَّر الأول.
106 - ترتيب كلِمات تلقى خلال شهر رمضان أثناء صلاة التراويح، وتعلن في لوحة المسجد على شكل جدول بيِّن وواضح.
107 - القيام بزيارة المرضى في المستشفيات، وتشجيعهم وحثهم على الصبر والاحتساب، مع إهدائهم مجموعة من الهدايا الدعوية الهادفة النافعة المفيدة.
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 21-08-2010, 10:15 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

همسات العشر تقول:
لحمد لله الكريم الوهاب ، خلق خلقه من تراب ، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، إمام الأنبياء وسيد الحنفاء، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، الذين آمنوا وهُدوا إلى الطيب من القول، وهدوا إلى صراط الحميد.

نحن في شهر كثيرٌ خيره ، عظيم بره، جزيلة ُ بركته ، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ، والشهر شهر القران والخير وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد ، لا نظير له ولا مثيل.

وقد خص هذا الشهر العظيم بمزية ليست لغيره من الشهور وها نحن ننتظر أيام عشرة مباركة هن العشر الأواخر التي يمن الله تعالى بها على عباده بالعتق من النار، وها نحن الآن في هذه الأيام ننتظر العشر المباركات وهمساتها تقول :-

ها أنا العشر الأواخر من رمضان قد أقبلت ، ها أنا خلاصة رمضان ، و زبدة رمضان ، و تاج رمضان.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيي لياليَّ بالصلاة والذكر والقيام ويوقظ أهله شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في لياليَّ ـ وكان يشدُّ مئزره من أجلي أي يعتزل نساءه في هذه الليالي لإشتغاله بالذكر والعبادة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيى ليله وأيقظ أهله وشد مئزره.

همسات العشر تقول ...

ضاعفوا الإجتهاد في هذه الليالي ، أكثروا من الذكر ... أكثروا من تلاوة القرآن ... أكثروا من الصلاة ، أكثروا من الصدقات ، أكثروا من تفطير الصائمين ... ففي صحيح مسلم أن رسول الله كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها..

همسات العشر تقول ...

اطلبوا تلك الليلةِ الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة العتق والمباهاة ، ليلة القرب والمناجاة ... ليلة القدر ، ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر ...

أطلّّي غُرّةَ الدهرِ .. أطلي ليلةَ القدرِ
أطلي درّةَ الأيام مثلَ الكوكب الدرّي
أطلّي في سماء العمر إشراقاً مع البدرِ
سلامٌ أنتِ في الليل وحتى مطلعِ الفجرِ
سلامٌ يغمرُ الدنيا يُغشّي الكونَ بالطهرِ
وينشرُ نفحةَ القرآنِ والإيمانِ والخيرِ
لأنكِ منتهى أمري فإني اليوم لا أدري
فأنتِ أنتِ أمنيتي.. لأنك ليلة القدرِ


فاجتهدوا لهذه الليلة التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه كما في البخاري من حديث أبي هريرة ...

فيا حسرة من فاتته هذه الليلة في سنواته الماضية ، ويا أسفى على من لم يجتهد فيها في الليالي القادمة ...

وحتي تضمنوا قيام ليلة القدر والفوز بها اجتهدوا وشمروا في كلِّ لياليّ ... فحبيبكم صلى الله عليه وسلم يقول : « تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان » رواه البخاري ... وقد خصَّها الرسول في الأوتار فقال : « تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر » رواه البخاري..

قال الله { ليلة القدر خير من ألف شهر }

همسات العشر تقول ...

يا أيها الراقـد كـم ترقـد *** قم يا حبيبا قد دنا الموعدُ
و خذ من الليل وساعاته *** حظا إذا هــجع الـرُّقَـــُد


لا تتركوني من دون القيام ...

اتركوا لذيذ النوم ، وجحيم الكسل ، وانصبوا أقدامكم في جنح لياليّ ، وارفعوا هممكم ، وادفِنوا فتوركم ونافسوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا أصحاب تقىً وقيام ...

قال تعالى { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفـًا وطمعـًا }

فاغتنموني فإن ليلة القدر تستحق التضحية والإجتهاد ... .

همسات العشر تقول ...

ارفعوا عنكم التنازع والخصام فإنها سببٌ في منع الخير وخفائه ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى " أي تخاصم وتنازع " رجلان من المسلمين، فقال: « خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت » رواه البخاري.

همسات العشر تقول ...

أحيوا فيَّ سنة الإعتكاف ، فإن هذه السُنَّة بلسمٌ للقلوب ، ودواءٌ لآفاته ، وقد قال ابن القيم رحمه الله ( الاعتكاف هو عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق فيعده بذلك بأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم )

فيا من هجر الاعتكاف ...

أحيوا هذه السنة العظيمة في مساجدكم ...

فهذه السنة سبب في تعويد وتربية النفس على الإخلاص لأنك في معتكفك لايراك أحد إلا الله جل وعلا ، فالإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأنت في معتكفك تصلي وتصوم وتذكر الله جل وعلا وتقرأ القرآن فبذلك تربي نفسك على الإخلاص ...

وهذه السنة تربي النفس على التخلص من فضول الكلام والطعام والنوم والخلطة وتعويد النفس على ذلك ...

وكذلك سبب في تربية النفس على قيام الليل وقراءة القرآن والاستغفار والذكر والمناجاة ... وتقوية الصلة بالله تعالى واللجوء إليه ومناجاته ... والتفكر والتعود على الاستخدام الأمثل لنعمة العقل وخاصة في زمن الفتن والمحن ... وكذلك سبب في مراجعة النفس ومحاسبتها في أمور الدين والدنيا في أمور العبادة وغيرها ...

كذلك سبباً في تربية النفس على الاستخدام الأمثل للوقت وعدم تضييع الثواني فضلاً عن الدقائق والساعات ... وكذلك سببا مباشر في تعويد النفس على الصبر ومجاهدة النفس وتأديبها على معالي الأمور ...

فالزموا هذه السنة العظيمة ، وتخلصوا من الآفات التي يتعرض لها بعض المعتكفين من فضول الكلام والأكل والشرب والنوم والخلطة ...

همسات العشر تقول ...

ما جئتكم لتجعلوني موسماً لملء بطونكم بأصناف الطعام والشراب .. ولا جئتكم لتجعلوا ليلي نهاراً، ونهاري ليلاً ، وتقطّعوا ساعاتي الثمينة باللهو واللعب، والنظر إلى ما حرم الله وتقطيع الوقت في المنتزهات وغيرها.. !
... فأدركوا الحكمة من مجيئي إليكم . .

همسات العشر تقول ...

أيها المسلمون : إني لم أكن في يوم من الأيام وقتاً للنوم والبطالة وملء البطون والنوم والكسل إلا في هذه الأزمنة المتأخرة ..
فهلا رجعتم إلى تأريخ أسلافكم العظام لتروا ما صنعوا في الأيام التي قبلي ... فلا تنسوا معركة بدر ، وفتح مكة ، واليرموك وحطين، إنها بطولات تحققت في رمضان .. ولم تكن هذه البطولات والانتصارات لتتحقق في أرض الواقع ، لو لا أنها تحققت أولاً في نفوس أولئك المؤمنين ، على أهوائهم وشهواتهم فمتى انتصرتم أيها المسلمون اليوم على أنفسكم وأهوائكم، نصركم الله على أعدائكم ، وعاد لكم عزكم ومجدكم المسلوب ..

همسات العشر تقول ...

لا تفسدوا صفو لياليَّ ببعضَ المعكرات التي تثيرُ الأشجان ... وتجلبُ الأحزان ... وتؤنبُ الضمائر ... وتقلقُ الخواطر ... فلقد اعتكف بعض الناس في لياليَّ في الأسواق التي قد ضاقت بها النساء وتهافتوا على المراكزِ التجارية ومسابقاتِها ...

فلماذا لم يجد الناس أوقاتاً غير أوقاتي الفاضلة ...

أم أن العادة فرضت نفسها على ضعفاء البشر ...

فيمكنك أن تشتري ملابس العيد وأغراضه في شهر شعبان ، حيث الأسعار مناسبة ، والأعداد قليلة !! فتقضي حوائجك دون أن تخسر كثيرا أو أن تضيع وقتا فاضلاً ...

همسات العشر تقول ...

أيقظوا قلوبكم من النوم عن صلاة الظهر وصلاة العصر ... ولاتجعلوا القيام مندوحة ً لكم في ذلك ... فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ...

همسات العشر تقول ...

من ذهب لبيت الله الحرام فليحفظ بصره من فتن النساء التي كثرت في المسجد الحرام والله المستعان ... وإن خشيت على نفسك فالبقاء في بيتك أولى وأفضل ...

وكذلك أهمس في أذن كلِّ أبٍ رءوم وأقول له اتق الله عز وجل عند ذهابك أنت وأسرتك إلى مكة ... ولا تفلت القيد لأهلك ... لأنه قد يذهب بعضهم لأغراض سيئة لا يحمد عقباها ...
فكم من أبٍ قد ابتلَّ خدُّه من الدموع ، وبعض أبناءه في لجج المعاصي في أسواق مكة وما جاورها ...

فالمصلحة المصلحة ابحثوا ... وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضح

همسات العشر تقول ...

استغلوني ... فقد ذهب الكثير من رمضان ... ولا يعلم أحدٌ منكم هل سيصوم هذا الشهر في أعوامه القادمة أم سيكون في حفرة مظلمة من فوقه تراب ومن تحته تراب وعن يمينه تراب وعن شماله تراب ...

همسات العشر تقول ...

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ... وقد لا ألتقي بكم في أزمنة قادمة ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...
رد مع اقتباس
  #50  
قديم 21-08-2010, 10:18 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

العشر الأواخر
هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب ، ها هي خلاصة رمضان ،و زبدة رمضان ، و تاج رمضان قد قدمت .
فيا ترى كيف نستقبلها ؟

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص هذه العشر الأواخر بعدة أعمال .
ففي الصحيحين من حديث عائشة : « كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله » و لفظ لمسلم : « أحيا ليله و أيقظ أهله » و لها عند مسلم : « كان رسول الله يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها »
و لها في الصحيحين : « أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله » .
و في الصحيحين من حديث أبي هريرة نهى رسول الله عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين : إنك تواصل يا رسول الله ؟
قال : « و أيكم مثلي ؟ إني أبيت عند ربي يطعمني و يسقيني » .

فمن هذه الأحاديث نرى أن النبي كان يجتهد بالأعمال التالية :
1- أيقاظ أهله : و ما ذاك إلا شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في هذه الليالي العشر .
2- إحياء الليل : فإنه إذا كان رمضان كان يقوم و ينام ، حتى إذا ما دخلت العشر الأواخر أحيا الليل كله أو جله ، فقد أخرج أصحاب السنن بإسناد صحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه : « صمنا مع رسول الله في رمضان فلم يقم بنا شيئا منه حتى بقي سبع ليال ، فقام بنا السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل ، ثم كانت التي تليها ... حتى كانت الثالثة فجمع أهله و اجتمع الناس فقام حتى خشينا الفلاح . فقلت : و ما الفلاح ؟ قال : السحور . »
3- شد المئزر : و المراد به اعتزال النساء كما فسره سفيان الثوري و غيره .
4- الاعتكاف : و هو لزوم المسجد للعبادة و تفريغ القلب للتفكر و الاعتبار .
5- الوصال : وهو أنه صلى الله عليه و سلم كان لا يأكل شيئا أبدا لمدة أيام وهذا من خصائصه .ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم ، فقيل : إنك تواصل ، فقال : « إني لست مثلكم إني أُطعم و أُسقى » ، ولهما من حديث أبي هريرة « و أيكم مثلي ، إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني » و عند مسلم من حديث أنس ( أن النبي نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا ، واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال : « لو تأخر لزدتكم » كالمنكل لهم .وفي لفظ عند مسلم « لو مد الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم .. » فمن هذه الأحاديث نعلم أن الرسول كان يواصل الصيام في العشر الأواخر بدليل أنهم رأوا الهلال و هذا لا يكون إلا في آخر الشهر . وأيضا شدة حرص الصحابة على الإقتداء به . وأيضا أن المراد بالإطعام و السقاء ليس هو طعام وسقاء حقيقي ( بل المراد ما يغذيه الله لنبيه من معارف و ما يفيض على قلبه من لذة مناجاته و قرة عينه بقربه و تنعمه بحبه و الشوق إليه و توابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلب و نعيم الروح و قرة العين و بهجة النفوس و الروح و القلب بما هو أعظم غذاء و أجوده و أنفعه حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمن ، و كما قيل


لهـا أحاديـث مـن ذكـرك تشغلهـاعن الشراب و تلهيهـا عـن الـزاد
لهـا بوجهـك نـور تستضـيء بــهو من حديثك فـي أعقابهـا حـادي
إذا شكت من كلال السير أوعدهاروح القـدوم فتحـيـا عـنـد ميـعـاد

و من له أدنى تجربة و شوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب و الروح عن كثير من الغذاء الحيواني ، و لا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه ، و تنعم بقربه ، و الرضى عنه ، و ألطاف محبوبه و هداياه و تحفه تصل إليه كل وقت ، ومحبوبه حفي به ، معتنٍ بأمره ، مكرم له غاية الإكرام مع المحبة التامة له ، أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب ؟ فكيف بالحبيب الذي لا أجل منه و أعظم ، و لا أجمل و لا أكمل و لا أعظم إحسانا إذا امتلأ قلب المحب بحبه ، و ملك حبه جميع أجزاء قلبه و جوارحه و تمكن حبه منه أعظم تمكن ، وهذا حاله مع حبيبه ، أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه و يسقيه ليلا و نهارا ؟ و لهذا قال « إني أظل عند ربي يطعمني و يسقيني » و لو كان ذلك طعاما و شرابا للفم ، لما كان صائما فضلا عن كونه مواصلا ) اهـ . كلام ابن القيم من الزاد

ترى أيه الأحبة : لماذا يفعل رسول الله كل هذا ؟
إنه يطلب تلك الليلة الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة القدر ، ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر .
نعم إنها ليلة القدر : التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (كما في البخاري من حديث أبي هريرة ).
إنها ليلة القدر التي إن وفقت لقيامها كتب لك كأنك عبدت الله أكثر من ( 83 ) عاما .
إنها ليلة القدر : ليلة عتق و مباهاة ، وخدم و مناجاة ، و قربة و مصافاة .

وآه لنا إن فاتتنا هذه الليلة .
وا حسرتاه إن فاتتنا ليلة القدر .
و كيف لا يتحسر من قد فاتته المغفرة ،من فاته عبادة أكثر من ثلاث و ثمانين عاما ، إن من تفوته فهو المحروم ، وهو المطرود .
عند ابن ماجة ( قال في صحيح الترغيب و الترهيب : حسن ) ( إن هذا الشهر قد حضركم فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم خيرها إلا محروم )

إنها ليلة القدر التي كان رسولنا يحث الصحابة على التماسها حثا شديدا .

أيه الأحبة :
إن إدراك ليلة القدر- و الله - لهو أمر سهل – على من سهل الله عليه – و ما ذاك ألا بأن نقوم العشر الأواخر كلها و بهذا نضمن إدراك ليلة القدر بإذن الله .

أيه الأحبة :
أن قيام الليل هو دأب الصالحين و شعار المتقين و تاج الزاهدين ، كم وردت فيه من آيات و أحاديث ، وكم ذكرت فيه من فضائل ، فكيف إذا كان في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه حيث ليلة القدر .
ماذا فاته من فاته قيام الليل ، أما لكم همة تنافسون الحسن و الفضيل و سفيان .
أما لكم همة كهمة التابعي أبي إدريس الخولاني حيث كان يقوم حتى تتورم قدماها و يقول : و الله لننافسن أصحاب محمد على محمد صلى الله عليه وسلم و حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا .

آه يا مسكين لو رأيت أقواما تركوا لذيذ النوم ففازوا بليلة القدر فهم في قبورهم منعمين ، وغدا بين الحور العين جذلين ، وفي الجنان مخلدين .
آه لو رأيت من ترك قيام الليل ، فهو في قبره ما بين حسرة و لوعة .
يا عبد الله اهجر فراشك ، فإن الفرش غدا أمامك

* (الأفاعي)

فيا عبد الله
إن أردت لحاق السادة ، فاترك مخاللة الوسادة .

يا ثقيل النوم : أما تنبهت ، الجنة فوقك تزخرف ، و النار تحتك توقد ، و القبر إلى جنبك يحفر ، و لربما يكون الكفن قد جهز .

يا عبد الله :
أمامك الجواهر و الدرر، أمامك ليلة القدر ، فعلاما تضيع الأعمار في الطين و المدر .

يا طويل النوم :
بادر قبل أن يفوتك { تتجافى جنوبهم } فتأتي يوم القيامة فلا تجد { فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين } .

فيا أخي : و الله أن العمر كله قصير ، فكيف بعشر ليال .
آلا تستحق ليلة القدر أن نضحي من أجلها بعشر ليال فقط .
غدا يا عبد الله عندما يوفى الناس أعمالهم تحمد قيامك و صيامك .
غدا يا عبد الله تفرح بتهجدك و صلاتك ، حين يتحسر أهل الغفلة .
اللهم إنا نسأل أن تجعلنا من من يوفق قيام لليلة القدر و أنت أكرم الأكرم .


محمد الجابري
رد مع اقتباس
  #51  
قديم 21-08-2010, 10:19 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

ليلة القدر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرة ُالخيرِ، شريفةُ القدرِ، عميمةُ الفضلِ، متنوِّعةُ البركات.
فمن بركاتها أنها أفضل من ألف شهر، قال الله عز وجل : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:3].

أي أفضل من ثلاث وثمانين سنة، وأربعة أشهر.
ومن بركاتها أن القرآن العظيم أنزل فيها قال عز وجل: { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [الدخان:3].

ومن بركاتها أن من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. هذه بعضُ بركاتِ تلك الليلة، وهي غيض من فيض من البركات التي خصَّ الله بها هذه الأمة، فهي أمةٌ مباركةٌ، وكتابُها كتابٌ مباركٌ، ونبيها نبيٌّ مبارك.

والبركات التي أفاضها الله على هذه الأمة ببركة نبيها لا تعد ولا تحصى.

ومن ذلك أنه قد بورك لهذه الأمة في بكورها، وبورك لها في أعمالها، وعلومها؛ فهي خير الأمم، وأكرمها على الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدَّ وأسدَّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعافَ ما يناله غيرهم في قرون وأجيال".

وقال في موضع آخر: "فهدى الله الناس ببركة نبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من البيِّنات والهدى هدايةً جلَّت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفة العارفين، حتى حصل لأمته - المؤمنين عموماً، ولأهل العلم منهم خصوصاً - من العلم النافع، والعمل الصالح، والأخلاق العظيمة، والسنن المستقيمة ما لو جُمِعَتْ حكمةُ سائرِ الأمم علماً وعملاً، الخالصةُ من كلِّ شوبٍ إلى الحكمة التي بعث بها لتَفَاوَتا تَفَاوُتاً يمنع معرفةَ قَدْرِ النسبة بينهما؛ فلله الحمد كما يحب ربنا ويرضى، ودلائل هذا وشواهده ليس هذا موضعها" انتهى كلامه.

والدرس المستفاد معاشر الصائمين من هذا المعنى أن نتعرَّض لتلك النفحات، وأن نلتمس تلك البركات، وذلك بالإيمان، والعمل الصالح، والإخلاص، واتباع السنَّة، واحتساب الأجر، والبعد عن المعاصي.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

رد مع اقتباس
  #52  
قديم 21-08-2010, 10:26 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

منجم الكنوز الثمينة

د. علي بن عمر بادحدح





الحمد لله ما تَرطَّبتْ الألسن بذكره، وما عَملَتْ الجوارح بشكره، وما خَفقَتْ القلوب بحبه، وما سجدت الجباه لعظمته، وما رُفعَتْ الأيدي لمسألته، وما سارت الأقدام لطاعته، والصلاة والسلام على معلم البشرية، ومنقذ الإنسانية، منار الهدى، وعلم التُّقى، النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن بهم اقتدى، وبعد :
المنجم يرتبط في الأذهان باستخراج بعض خيرات الأرض وحصول النعمة والثراء، والغالب أن يكون المنجم مختصاً بنوع واحد من تلك الخيرات، فكيف إذا احتوى أكثر من نوع، وكلُّها غالية الثمن نفيسة القيمة عظيمة النفع؟! وكيف إذا كان استخراج تلك الكنوز سهلاً ميسوراً لكل أحدِ دون حاجة لتخصص دقيق، ولا جهد كبير !!

لا شك أن الجميع سيكونون حريصين على أن يكون لهم النصيب الأعظم من كنوز المنجم الثمينة .

المنجم أمام عينيك، وتحت قدميك، وبين يديك، وهو طوع أمرك، ورهن إشارتك، ألست تراه؟، ألا تبدو لك كنوزه المتنوعة؟، ألا تغريك ثروته الغالية؟، انتبه... ما لك؟! ألا تُبصر الجموع الغفيرة تُقبل عليه وتأخذ منه؟، ألم يتكرر هذا المشهد أمامك كثيراً؟!، إنه منجمُ...لا لن أسميه لك بل سأنتقل إلى عرض بعض كنوزه فذلك أولى وأجدى.

كنز الفضائل والخصائص :

* مغفرة : (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ متفق عليه ] .

* تكفير : ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدق ) [ متفق عليه ] .

* وقاية : ( الصيام جنة وحصن حصين من النار ) [ رواه أحمد ] .

* مثوبة : ( الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها ) [ رواه البخاري ] .

* خصوصية : ( إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم ) [ متفق عليه ] .

* شفاعة : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ) [ رواه أحمد ] .

* فرحة : ( للصائم فرحتان فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه ) [ رواه مسلم ] .

* تفرد : ( عليك بالصوم فإنه لا مثل له ) [ رواه النسائي ] .

كنز القرآن والتلاوة :

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [ البقرة:185] ،عن عبدالله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعا ) [ رواه أحمد ] .

كنز الصلاة والقيام :

{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً } [ الإسراء:79 ]، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ متفق عليه ] .

كنز الذكر والدعاء :

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [ البقرة:186] ، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم ) [ رواه الترمذي ] .

كنز الجود والإنفاق :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة ) [ متفق عليه ] .

كنز الإرادة والصبر :

« من حكم الصيام وفوائده العظيمة تقوية الإرادة في النفوس تلك الركيزة العظيمة التي عمل رجال الاجتماع وأصحاب التنظيم العسكري على تقويتها في المجتمع هذا الزمان، وقد سبقهم الدين الإسلامي على ذلك منذ أربعة عشر قريناً تقريباً، وما أحوج المسلم إلى أن يكون قوي الإرادة صادق العزيمة » (1)

« الصوم تقوية للإرادة، وتربية على الصبر، فالصائم يجوع وأمامه شهي الغذاء، ويعطش وبين يديه بارد الماء، ويعفُّ وبجانبه زوجته، لا رقيب عليه في ذلك إلا ربه، ولا سلطان إلا ضميره، ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية، يتكرر ذلك نحو خمس عشرة ساعة أو أكثر في كل يوم، وتسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين في كل عام، فأي مدرسة تقوم بتربية الإرادة الإنسانية وتعليم الصبر الجميل، كمدرسة الصيام التي يفتحها الإسلام إجبارياً للمسلمين في رمضان، وتطوعاً في غير رمضان ؟! » . (2)

كنز القوة والحرية :

« صوم رمضان من هذا الوجه إن هو إلا منهاج يتدرب به المرء على تحرير نفسه والانسحاب بها من أَسْر المادة وظلمة الشهوة، ليحيا ما شاء الله في ملكوت الحياة الحق ويكون له ما شاء الله من خصائص الخير والفضيلة، فالحرية الصحيحة لا يذوقها ولا يقدرها إلا من حيي هذه الحياة » (3)

« فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان من سلطان غرائزه، وينطلق من سجن جسده، وتغلب على نزعات شهوته، ويتحكم في مظاهر حيوانيته، ويتشبه بالملائكة » (4)

كنز الرحمة والمساواة :

« رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية، وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيهم وفقيرهم، فيحس الغني بألم الجوع ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له: أنا جوعان، ويعرف الفقير نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغني يشتهي - على غناه - رغيفاً من الخبز أو كأساً من الماء » (5)

« فقرٌ إجباريٌ يراد به إشعار الإنسانية بطريقة عملية واضحة كلَّ الوضوح، أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون، وحين يَتعاطَفُون بإحساس الألم الواحد، لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة » ، « ويجعل الناس فيه سواءً : ليس لجميعهم إلا شعور واحد وحس واحد وطبيعة واحدة ويُحكِم الأمر فيحول بين هذا البطن وبين المادة » (6)

كنز الخلق والسلوك :

« المقصود منه السمو بالنفس إلى المستوى الملائكي، وصون الحواس عن الشرور والآثام، فالكف عن الطعام والشراب ما هو إلا وسيلة إلى كف اللسان عن السب والشتم والصخب، وإلى كف اليد عن الأذى، وإلى كف البصر عن النظرة الخائنة، وإلى كف السمع عن الإصغاء للغيبة والنميمة والقول المنكر » (7)

« فألزمه سبحانه الصوم حتى إذا جاع وظمئ ذلّت نفسه، وانصدع كبره وفخره، وأحس أنه - مهما أوتي - فهو مسكين تُقعده اللقمة إذا فُقدت، وتُضعفه جرعة الماء إذا مُنعت، هنالك يُطامن من غروره، ويعترف بفضل الله عليه حتى في كسرة الخبز ورشفة البحر، ومتى عرف الله خافه، ومتى خافه استقام على الطريقة، وسار على الجادة، وترك ما كان فيه من بغي واستطالة وعلو في الأرض بغير الحق، وآثر رضوان الله على ترضية نفسه وصار رسول رحمة وسلام لكل من حوله من أبناء الإنسانية » (8)

وخذ أخيراً هذه الكلمات الجامعة: « للصوم فوائد: رفع الدرجات، وتكفير الخطيئات، وكسر الشهوات، وتكثير الصدقات، وتوفير الطاعات، وشكر عالم الخفيات، والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات » (9)

ثم ماذا أيها الأخ الحبيب ؟ دونك الكنوز تتلألأ، والثروة تتهيأ، فماذا أنت فاعل؟!

إليك هذه الومضات :

* أخلص نيتك، واستحضر عزيمتك، وزكِّ نفسك، وطهر قلبك، وأجج أشواقك، وأعلن أفراحك .

* بادر بالتوبة، وأكثر من الاستغفار، وتحلَّ بالإنابة، واذرف دموع الندامة، واستعد لموسم النقاء بغسل الذنوب .

* احرص في الصلوات على التبكير وإدراك التكبير، والمواظبة على الرواتب، والاستكثار من الرغائب .

* خذ حظك من قيام الليل، ودعاء القنوت، وطول القيام والسجود، وارفع دعاء الأسحار، واملأ الثلث الأخير بالاستغفار .

* أدمن التلاوة، ورطب لسانك بالقرآن، وانهل من مائدة الرحمن، ونوِّر الليالي بالتجويد، وعطَّر الأيام بالترتيل .

* صل رحمك، وزر أقاربك، واعف عمن أخطأ، وتجاوز عمن هفا، واجمع أهل حي، وتقرب من جيرانك، وكرر اللقاء بإخوانك، وخص بمزيد من الود والحب والوصل أهلك وزوجك وأبناءك .

* اجعل لنفسك مع أهل بيتك برنامجاً إيمانياً لاغتنام الكنوز الثمينة، فجلسة للتلاوة، ولقاء للتاريخ، ورحلة للعمرة، ووقت للقيام، وحلقة للذكر، وفرصة للدرس، ولا تنس أن في الوقت بركة .

* احسب زكاتك، واجمع من زكاة أهلك وأقاربك، واستعن بإخوانك على وضعها في مصارفها، وتوصيلها لمستحقيها، واحرص على أن تُبادر وتُنافس في الإنفاق فهذا ميدان السباق .

* تذكر إخوانك المسلمين المضطهدين والمشردين والمظلومين في العراق وفلسطين وغيرهما، لا تنسهم من دعواتك وزكواتك، وعرِّف بأحوالهم وبين مكر وجرم أعدائهم، واكشف زيف الدعاوى المتعلقة بقضاياهم .

رد مع اقتباس
  #53  
قديم 21-08-2010, 10:28 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

لأرباح والخسائر
د. علي بن عمر بادحدح





جل ما في هذه المقالة خارج عن رمضان، وبعيد عن فريضة الصيام، لكثرة ما يكتب عن فضائل رمضان وحِكَم الصيام، ولأنني رأيت أن هذا التركيز على الموضوعات ذات الصلة بهذا الموسم كأنما تختزل الزمان فيه، وتحصر العمل والبذل والأجر والفضل فيه، فأردت أن أبتعد عن رمضان إلى المدى الأوسع من الزمان، وأن أنأى عن الحديث عن الصيام إلى الآفاق الأرحب في معاني العبادة الواسعة، وأحسب أنك - أيها القارئ - ستوافقني على هذه الفكرة التي أعرضها .
نحن في رمضان نجتهد في الطاعات، ونحرص على اغتنام الأوقات، ونستحضر في أعمالنا ما ورد في شأنها من الأجور والحسنات، ومن ثم نشعر بأننا نجني الكثير من الأرباح، ونعظم رصيد الحسنات، فهناك أداء الفرائض من الصلوات، والسنن الرواتب من التطوعات، إضافة إلى قيام الليل وصلاة الوتر، فضلاً عن تلاوة القرآن والإكثار من الذكر، مع البذل والإنفاق، وحسن الصلة والارتفاق وغير ذلك من الأعمال، وذلك يشيع في نفوسنا فرحة غامرة وسعادة ظاهرة.

إن السؤال المطروح هنا هو :

هل هذه الأعمال وأجورها العظام مقصورة على رمضان ؟، وهل المسلم عموماً والدعاة والصالحون خصوصاً معنيون بتلك الأعمال في هذا الموسم فحسب ؟، ويدور في خاطري بقوة أين بقية العام؟، وأين أحد عشر شهراً من الزمان ؟

ومن هنا لفتت نظري واسترعت انتباهي وشغلت فكري كلمات ليحيى بن معاذ يقول فيها :" الدنيا حانوت المؤمنين، والليل والنهار رؤوس أموالهم، وصالح الأعمال بضائعهم، وجنة الخلد أرباحهم، ونار الأبد خسرانهم" (1) ، هذه الكلمات تلخص قصة الحياة كلها، وهي كلمات في غاية الوضوح والبساطة، رغم أن معانيها عميقة، ودلالاتها دقيقة، إنها كلمات تهزنا بقوة، وتوقظنا من الغفلة، لننظر إلى الآفاق الأوسع والأرحب، إلى الزمان كله لا شهر واحد منه، إلى الأعمال الصالحة كلها لا إلى الصوم وحده، حتى نعرف حقيقة الصفقة ورأس المال والبضاعة والأرباح والخسائر.

والآن أنتقل بك - أيها القارئ - إلى غيض من فيض من نصوص الأعمال الصالحة التي ليس لها خصوصية في رمضان سوى فضيلة الزمان ومزيد من مضاعفة الأجر، وهي عند المؤمنين الصادقين من برنامج حياتهم اليومي الذي يتوافر فيه الحرص والجد والاستمرار كما هو الشأن في رمضان، وإليك هذه الأمثلة :

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (صلاة الرجل في جماعة تُضعّف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين درجة، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحُط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه : اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ) متفق عليه، أليس هذا في سائر الأيام من العام ؟.

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم – وهو أعلم بهم – كيف تركتم عبادي؟، فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ) متفق عليه، فهل هذه الشهادة مقتصرة على أيام وليالي رمضان ؟ فأين الجموع الغفيرة من شهود صلاة الفجر في سائر أيام العام ؟ .

- عن أنس رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) رواه الترمذي، فهل هذه الغنيمة العظيمة مقصورة على هذه الأيام الفاضلة ؟.

ومثل ذلك يقال في ما وردت به النصوص من فضائل الذكر وتلاوة القرآن وإنفاق المال وصلة الرحم وإطعام الطعام وكل عمل من الأعمال التي نحرص عليها في رمضان، فبقدر ما نفكر في عظمة الأرباح في رمضان - وهو شهر من العام – بقدر ما يجب أن نفكر في فداحة الخسارة وضياع الغنائم التي نفرط فيها على مدى بقية أيام العام، وهنا يخطر ببالي أسئلة شديدة لإيقاظنا من الغفلة، هل هناك مدرسة أو جامعة تكتفي بالتعليم شهراً كل عام ؟ وهل هناك أسواق وشركات لا تعمل إلا شهراً في العام ؟ وهل هناك مستشفيات لا تستقبل المرضى إلا شهراً في العام ؟ وما هي حال أي مجتمع يمكن أن نتصور فيه مثل ذلك ؟ إن العمل مستمر لا ينقطع وهناك حدود دنيا أساسية لا تتوقف، والمواسم ليست – في الجملة - لاستحداث أعمال لا وجود لها، بل جلها زيادة ومضاعفة في الأعمال المعروفة ومزيد من اغتنام الأوقات للحصول على أرباح أكثر، وهنا حديثي عن الفرائض وعن أساسيات من التطوعات خاصة بالنسبة للدعاة، أين هي في غير رمضان ؟ وكم هو الخسران في تركها وهجرانها ؟ وهل خسائر أحد عشر شهراً يكفي دائماً أن تعوضها أرباح شهر واحد ؟ أليست المساجد تشكو – في غير رمضان – قلة المصلين ؟ أليست المصاحف تشكو قلة التالين ؟ أليست الأرحام تشكو قلة الواصلين ؟ أليس ذوو الحاجات يشكون قلة المنفقين ؟ كم هي الخسائر فادحة وعظيمة ؟ ألسنا نلحظ هذه الصورة تتكرر في كل الأعوام ؟ وتقع من جماهير غفيرة من أهل الإسلام ؟ وهنا يثور سؤال حزين يمكن التحفظ عليه وهو:

ما فائدة رمضان وما جدواه إن لم يبق أثره ولم يدم نفعه، بل إن جاء بعده عكسه، وخلفه وراءه ما ينقضه ؟! .

دعوني من حالنا المزرية هذه واسمحوا لي أن أنقلكم إلى أجواء كلمة يحيى بن معاذ، فهذا أبو محمد الجريري يقول: قصدت الجنيد فوجدته يصلي فأطال جداً فلما فرغ قلت : قد كبرت ووهن عظمك ورق جلدك وضعفت قوتك ولو اقتصرت على بعض صلاتك، فقال: اسكت ، طريق عرفنا به ربنا، لا ينبغي لنا أن نقتصر منه على بعضه، والنفس ما حملتها تتحمل، والصلاة صلة والسجود قربة ولهذا قال تعالى:}وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ{، ومن ترك طريق القرب يوشك أن يُسلَك به طريق البعد، ثم أنشد :

صبرت عن اللذات حتى تولت *** وألزمت نفسي هجرها فاستمرتِ

وكانت على الأيام نفسي عزيزة *** فلما رأت صبري على الذل ذلتِ

وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ***فإن تُوِّقَتْ تاقت وإلا تسلتِ (1)

فهل لكم – معاشر الدعاة – من هذا الموقف وتلك الكلمات من تذكرة لنعمر الحياة كلها بالطاعة ونغمرها بحسن الصلة بالله ؟.

إن السر في تلك الصلة المستمرة هو حسن الفقه والفهم من جهة، ولذة الطاعة وحلاوتها من جهة أخرى، وإليك في كل جهة إيضاح :

ففي الفهم نقف مع قوله تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }، حيث قال بعض المفسرين: الحياة الطيبة هو ما يفتح عليه من لذة العبادة وطيب المناجاة وبرد الرضا بقضاء الله... وهذا باب من فتح له فيه يجب عليه أن يلزمه وأن يتعلق بالأسباب المثبتة له ويستعين بالله عز وجل ويسأله التأييد فيه ، ويصبر ويصابر فعسى ولعل وما ذاك على الله بعزيز وإنه عليه ليسير (3).

وفي اللذة إليك ما أجاب به (حممة العابد) عندما سأل ما أفضل عملك ؟ فقال:" ما أتتني صلاة قط إلا وأنا مستعد لها ومشتاق إليها، وما انصرفت من صلاة قط إلا كنت إذا انصرفت منها أشوق إليها مني حيث كنت فيها، ولولا أن الفرائض تقطع لأحببت أن أكون ليلي ونهاري قائماً راكعاً ساجداً " (4).

فهل ندرك - بعد كل ما ذكرت – دلالة العبارة التي نكررها: أن رب رمضان هو رب سائر أيام العام، فهل تدركون أيها الدعاة بل أيها المسلمون كم هي الخسائر العظيمة على مدى هذه الأيام التي تنقطع فيها الأعمال؟ .

وأخيراً هل ندرك أن دوام الأعمال وعظمة الأرباح مقرون بروح العبادة وخشوعها ولذتها وحلاوتها ؟، فمن لم يجد ذلك ويجتهد في تحصيله فإنه يفقد سبباً من أعظم أسباب الاستمرار والدوام، واستحضروا معي دائماً كلمة يحي بن معاذ .
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 21-08-2010, 10:31 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

مرحباً رمضان

د.علي بن عمر بادحدح


غرة رمضان في يوم الأربعاء الأغر، وختامه جمعة غراء، وفيه خمس جُمع، نور على نور، والله يضاعف لمن يشاء، فالفرحة برمضان والفاتحة بالجمعة أزهى، والخاتمة بالجمعة أبهى.

حق علينا لك يا رمضان، أن نرحب بك ضيفاً كريماً، وموسماً عظيماً، وخيرات تتوالى، وبركات تتعاظم، وحسنات تتضاعف، وسيئات تتناثر، وحري بنا أن نفرح بحلولك والقلوب فيك - بذكر الله - تطمئن، والنفوس تسعد وتأنس، والأرواح ترق وتسمو، والعزائم تقوى وتعلو، والأرحام تُوصل، والزكوات تُخرج، والآيات تُتلى، والعبرات تُسكب.

نهارك - بالصوم والعبادة - سكينة وطمأنينة، وليلك - بالدعاء والقيام - ضياء وأنوار، من كل وجه وفي كل ناحية خير وعطايا تستحق الشكر والتعظيم، وتستوجب الترحيب والتكريم ..

مرحباً بك رمضان مقرباً للجنان، ومباعداً من النيران ...

مرحباً بك رمضان منقذاً من الغفلة والنسيان، وموجهاً للذكر والقرآن ...

مرحباً بك رمضان صارفاً عن الشهوات، وسائقاً إلى الطاعات ...

مرحباً بك رمضان معالجاً للشح والبخل، ومحفزاً للجود والكرم ...

رمضان إن الأنفس الجرداء تز *** كو حين تُوفِي كالربيع وتورِقُ

أهلاً بيومك صائمين عن الأطا *** يب راغبين إلى الرضا نتشوقُ

أهلاً بليـلك قائـمين لـربنا *** وقلوبنا بالحب نشوى تخـفقُ

حسب الموفق فرحتان أجلُّ من *** هذي الحياة وإن كساها رونقُ

مرحباً ألف بل مرحباً مليون يا رمضان، مرحباً بك من كل ذرة في كياننا، ومن كل خلية في أبداننا، ومن كل خفقة من جناننا..

أقبل وأحي نفوسنا بهداية *** تُمسي لأدواء النفوس دواءَ

آسي الخيار المصْطَفين فإنهم ***يَحيَون في أوطانهم غرباءَ

قطعوا إلى الله السبيل لعلهم *** يَرِدون في رضوانه النعماءَ

أقبلت بالنور السماوي الذي *** بهر الوجود وعطّر الأجواءَ

أسهرت ليل الصائمين تعبداً *** وتهجداً وتلاوة ودعاءَ

فهجرتُ نومي في هواك توسلاً *** لله كي أزداد فيك صفاءَ

مرحباً بترك الطعام والشراب، مرحباً بسهر الليل في القيام، مرحباً بإتلاف المال بالإنفاق في سبيل الله، مرحباً بك يا رمضان بكل ما فيك من مشقة مرغوبة، وتعب لذيذ، وجهد مريح، نعم فنحن المؤمنون الصائمون لا نرى فيك ثقلاً ولا في صومك عبئاً، بل العكس هو الصحيح ...

يا أيها الشهر الذي يُلقى به ***عن كاهل الأرواح نيرٌ مرهقُ

لمرارة الحرمان فيك حلاوة *** ولـزهمة الأفواه عطرٌ يـعبقُ

قد ذاقها مستروحاً نفحاتها *** من أدركوا حكم الشريعة واتقوا

ليت الذين استثقلوك فأعرضوا *** وَرَدوا ينابـيع الـتقى وتذوقوا

ما سَرَّهم إذ ذاك أن ممالك الدنـ *** يا لـهم من دون ذلك مِرْفقُ

وصايا البدايات :

وبعد الترحيب ونحن في يوم الجمعة الأغر، غرة هذا الشهر،لابد من الحديث عن البداية، والسؤال الوارد هو : كيف نبدأ ؟

1- البدء بقوة :

إن طبيعة البدايات القوة والعزيمة، والتهيؤ والاستعداد، فكل أمر في أوله وبدايته يكون أكثر قوة، وأحسن انتظاماً، فبدء العام الدراسي ينتظم الطلاب ولا يغيبون، وكل منهم يعزم على الجد ويبدأ به، والموظف الجديد عندما يبدأ يباشر عمله يكون منضبطاً نشطاً ومؤدياً للواجب وحريصاً على عدم التفريط، وفي البداية تكون الهمة عظيمة، والعزيمة كبيرة، ثم مع مرور الأيام وتتابع الأعمال يتسلل الضعف ويحصل النقص، ولذا فلابد من الحرص على قوة البداية إلى منتهى الغاية، لتكون الانطلاقة القوية موصلة إلى أبعد مدى، حتى إذا عرض بعض الفتور أو التقصير فإن تأثيره يكون قليلاً، وأما إن كانت البداية ضعيفة ؛فإن أي نقص يطرأ عليها يعيدها إلى نقطة الصفر أو قريباً منها .

2- الاستعداد للعوارض :

إن كل بداية لابد أن تكون مصحوبة بتوقع العقبات ومعرفة الصعوبات حتى تكون بداية صحيحة لا تفاجؤها ظروف غير متوقعة تحول دون استمرارها، ونحن في رمضان نعرف مسبقاً كثيراً من العوارض التي تنقض البدايات أو تضعفها، فهناك في المجتمع السهر العابث، والنوم المفرط، والطعام الكثير، والإعلام الهابط، والتسوق الشره وغير ذلك مما لا تبقى معه قوة الهمة في الطاعات، فيقل ورد التلاوة، ويضعف الحرص على إتمام التراويح، ويغيب الجد في الاستثمار الوقت، ولذا نرى الناس يعزمون على أمور من أول الشهر ثم لا يلبثون أن يخفقوا في تحقيقها ويلتمسون لأنفسهم أعذاراً واهية من تلك العوارض .

3- معركة العادات :

كثير من الناس أسرى عاداتهم ومألوفاتهم، وغالباً ما يضعفون عن تغيير القبيح منها تحت الاستسلام لسلطان العادة، ومع بداية كل رمضان يعقد كثيرون العزم على التغيير لكن كثيراً منهم يخفقون في النجاح ويهزمون في معركة العادات، ولعل من أبرز الأمثلة في ذلك حال المدخنين، كما أن هناك من يحتاج ويتمنى أن يكتسب عادات حميدة في الطاعات والعبادات ويبدأ ثم يضعف، ومن الأمثلة الجلية في ذلك الرغبة في الانشغال بالذكر والتلاوة إلى الإشراق وترك النوم في هذا الوقت الثمين، ومن هنا يحسن أن تكون البداية مشتملة على عزم أكيد وحزم فريد يوفر أعظم الأسباب للانتصار بدلاً من الهزائم المتتابعة في كل رمضان.

وخلاصة ذلك يتركز من تلك الجوانب السالفة الذكر، ونخرج منها بالتوجيهات العملية التالية :

1- ضع الأعلى من البرامج واجعله البداية حتى إذا وقع النقص كان محدود التأثير، فإن أردت ختم القرآن فلا تقرر جزءاً لكل يوم، لأنك إن قصرت - والتقصير حاصل ولابد - فستنخرم الختمة، ولكن قرر جزأين في كل يوم، وحينئذ ستختم مرتين، ولو قصرت وضعفت فإنك ستضمن الختمة بإذن الله .

2- قاطع بحزم عوارض الطاعات، فلا مشاهدة للقنوات، ولا قبول لكثرة الطعام والوجبات، ولا تساهل مطلقاً لكثرة النوم، ولا استسلام لطبيعة العادات، وليكن ذلك بلا هوادة ولا تنازل .

3- استعن بالله وأكثر من الدعاء، وتعاون مع إخوانك في التزام بعض البرامج والتعاهد عليها والتذكير بها والمراجعة لها، ليكون ذلك جبراً لأي نقص وتداركاً لأي ضعف، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه .

عسى الله أن يقوي في الطاعات عزائمنا، ويعيننا في هذا الشهر على الاستزادة من الخير، والبراءة من النقص والضعف.


رد مع اقتباس
  #55  
قديم 21-08-2010, 10:33 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان والتوحيد

التوحيد هو أساس هذا الدين ، وركنه الركين وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله هي جوهر الإسلام، وهي خلاصة إخلاص العبودية لله رب العالمين، وثمرة صدق الاتباع لخاتم الأنبياء والمرسلين .

ومن المعلوم أن أخفي أنواع الشرك هو الرياء الذي وصف النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - خفاؤه فقال : ( إنه أخفى من دبيب النمل )، وخاف - عليه الصلاة والسلام - على أمته منه فقال إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : ومالشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء ) .

ونحن نعلم أن أخص خصائص الصوم التدريب على الإخلاص والتعويد على المراقبة ، وأنه يبعد العبد عن الرياء ، ويجنّبه عدم الحياء ، ففريضة الصيام من أعظم العبادات التي يتحقق فيها العبد بخلوص التوحيد بالإخلاص ، وحياة التوحيد بالمراقبة ، فهو في صيامه لا يبتغي إلا وجه الله ، وخير دليل على ذلك الحديث القدسي المشهور الذي يرويه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن رب العزة والجلال أنه قال: ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) .

فالصوم"ينمي في نفوس رعاية الأمانة والإخلاص في العمل،وأن لا يراعي فيه غير وجه الله،وهذه فضيلة عظمى تقضي على رذائل المداهنة والرياء والنفاق ".

وتعليل اختصاص الصوم وجزائه بما ذكر في الحديث القدسي فيه كلام نفيس للعلماء، ومن ذلك :

1-أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره .

2-أن الصوم لا يظهر من ابن آدم بفعله إنما هو شئ في القلب، وذلك أن الأعمال لا تكون إلا بالحركات إلا الصوم ؛ فإنه بالنية التي تخفى عن الناس .

3-جميع العبادات تظهر بفعلها وقل أن يسلم ما يظهر من شائبة بخلاف الصوم .

4-أعمال بني آدم لما كان يمكن دخول الرياء فيها أضيفت إليهم، بخلاف الصوم فإن الممسك شبعاً مثل حال الممسك تقرباً أي في الصورة الظاهرة لذا أضافه الله إليه .

5-دخول الرياء في الصوم لا من جهة الإخبار بأن يقول للناس: إني صائم، بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء قد يدخلها بمجرد فعلها .

6- لأن الصوم لا يدخله الرياء لخفائه ولأن الجوع والعطش لا يتقرب بهما إلى أحد من ملوك الأرض ولا يتقرب بهما إلى الأصنام .

فالصوم "سر بين العبد والله تعالى يفعله خالصاً ويعامله به طالباً لرضاه " ، فهو " لرب العالمين من بين سائر الأعمال فإن الصائم لا يفعل شيئاً وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثاراً لمحبة الله ومرضاته " .

فهذا الصوم الذي تتحقق فيه – أخي المسلم – بالإخلاص لله بعيداً عن الرياء ، فيتعمق في قلبك اليقين ويزيد رصيدك من الإيمان ، وتتجلى في نفسك معاني التوحيد ، فإذا أضيفت إلى ذلك ما يثمره الصوم من استشعار مراقبة الله، واستحضار عظمته تبين لك كم هي عظيمة آثار الصوم في مجال التوحيد، وما أعظم الإشارة القرآنية البليغة التي أوجز فيها المولى سبحانه وتعالى خلاصة آثار الصوم ومنتهى غايته وحكمته في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون }، وأجلُّ معاني التقوى مراقبة الله التي تملأ النفس والقلب، وتنتصب شاهداً على عظمة الإيمان وصدق التوحيد .

والصوم "يعد نفس الصائم لتقوى الله بترك شهواته الطبيعية الميسورة التناول عليه والعزيزة إليه بحيث لو لا تقوى الله وحسن مراقبته لما تركها، ولو كان تركها بأنفس الأثمان ولكن تقوى الله جعلته يعي أمانة الله في حال خفائه عن الناس واختلائه بنفسه " ، فما أجلّها من فائدة في تحقيق جوهر الإيمان، وحصول حقيقة التوحيد ! وما أكبر الأثر المترتب على ذلك من الخوف والرجاء إذ أن الصائم يعلم أن له رباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة، فأطاع ربه، وامتثل أمره، واجتنب نهيه، خوفاً من عقابه ورغبة في ثوابه .

وإن "من علامات الإيمان أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه فتصير لذاته فيما يرضي مولاه وإن كان موافقاً لهواه "، وهذا من شأنه " أن يورث خشية الله، وينمي ملكة المراقبة، ويوقظ الضمير " ، وقد جعل الله لهذه المحامد وتلك المآثر التي يتحقق بها الصائمون في معاني تجريد الإخلاص وتعميق المراقبة جهل لها ثواباً متميزاً إذ جعل للصائمين باباً خاصاً من أبواب الجنة يدخلون منه لا يشاركهم فيه سواهم ، كما في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ) ، فتأمل هذه الخصوصية وهذا الإعلان الذي يظهر فبه الصائمون ويُعرفون على رؤوس الأشهاد، إنه جزاء من جنس العمل، ألم يكن خالصاً لله ؛ فإن "الصيام لما كان سراً بين العبد وربه في الدنيا أظهره الله في الآخرة علانية للخلق ليشتهر بذلك أهل الصيام ويُعرفوا بصيامهم بين الناس جزاءً لإخفائهم الصيام في الدنيا .

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

د. علي بن عمر بادحدح
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 21-08-2010, 10:35 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

الطريق إلى الفتح


عندما يذكر الفتح تتبادر إلى الذهن أجواء المعارك بما فيها من قصف عنيف، وقتال شديد، وتبدو في المخيلة صورة جيش منتصر ، و آخر مندحر، وأسرى أذلاء ، وفاتحون أشداء ، والكل يرى شلالات الدماء ، ومنظر الجثث والأشلاء ، ويقال حينئذ : تحقق النصر وتمّ الفتح ..

وكثير من الناس لا يعرفون من الفتح إلا هذا المعنى ، مع أنه لا يعدو أن يكون إحدى صور الفتح ، وتبقى هناك صور للفتح أعمق تأثيراً ، فهناك فتح القلوب بالترغيب والاستمالة، وهناك فتح العقول بالحجة والبرهان ، وهناك فتح في مجال المبادئ والأفكار، وآخر في مجال السلوك والأخلاق ، ولقد أثبت التاريخ أن الفتح العسكري وحده لا يحقق تحولاً عقائدياً ، ولا تغيراً سلوكياً، ولا تفوقاً حضارياً ، وفي ضوء هذه الحقيقة ندرك طبيعة المعركة بين الإسلام وأعدائه، كما ندرك المفهوم الشامل للجهاد بمعناه الواسع الذي يعبر عن الصراع العقائدي ، و المواجهة الحضارية، والذي يستلزم أن يكون لجهاد الدعوة وجهاد التربية دوره المعروف ، وأهميته المطلوبة ، والزمن اللازم لتحقيقه.

وعندما نتأمل في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ندرك تماماً أن الصحابة الذين انتصروا في ساحات المعارك وتفوقوا في ميادين القتال، كانوا قبل ذلك قد خاضوا معارك كثيرة وانتصروا فيها ، وربما كانت تكاليف وجهود تلك الانتصارات أكبر، فجيل الصحابة الذي تخرّج من مدرسة النبوة ، على منهج الإسلام انتصر في معركة الإيمان ، فأخلص التوحيد ، ووطد اليقين ، وجعل العقيدة تهيمن على كل شئ في حياة الفرد والأمة ، ثم انتصر على النعرات الجاهلية ، والنزاعات النفسية ، والنظرة الأنانية ، فانصهر الجميع في بوتقة واحدة ، ووحدة جامعة تستعصي على معاول الفرقة ، وتسد أبواب الفتنة ، وانتصروا كذلك على النفس وأهوائها ، والدنيا وملذاتها ، فكان الانتصار العسكري بعد ذلك متوقعاً ، بل بدهياً بعد ما سبقه من الانتصارات التي استغرقت زمناً طويلاً ، وتربية متأنية ، وصياغة جديدة جذرية لمجتمع كامل .

ونحن في أفياء ذكرى فتح مكة أودّ أن أشير إلى الحقائق السابقة من خلال الوقائع الناطقة، وأول ما يلفت النظر أن قريشاً بسمعتها العظيمة ، وقوتها الضاربة ، لم تبدِ مقاومة تذكر في فتح مكة، مع أننا نعلم حميتها واستعلاءها في بدر، ونرى فورتها ونقمتها في عودها للقتال في أحد، ونعرف حلفها وتحزبها يوم الخندق ، فما بالها وهي تُغزى في عقر دارها من أعظم أعدائها لا تبدي مقاومة تذكر؟ إنها بكل وضوح قد هزمت قبل المعركة ، واندحرت قبل المواجهة ، وفتحت قبل الفتح ، ولذا كان لابد لنا أن ننظر إلى الطريق إلى هذا الفتح ، ذلك الطريق الذي امتد ثمانية عشر عاماً كانت خلالها الدعوة والتربية ، ثم التميز والمفاصلة ثم الهجرة والتجمع ، ثم الدولة والمجتمع ، ثم المواجهة والجهاد، وكل ذلك كان له دوره في فتح مكة ، ولكنني سأشير إلى بعض ملامح الطريق من خلال صلح الحديبية الذي نرى فيه ما يأتي:

1-فتح وتأمين طريق الدعوة

وذلك من خلال الهدنة المؤقتة " فإن الناس أمن بعضهم بعضاً واختلط المسلمون بالكفار وبادؤهم بالدعوة وأسمعوهم وناظروهم على الإسلام " [زاد المعاد لابن القيم ] وبهذا تكسرت الحواجز النفسية الناشئة من العداء والمواجهة، ففكرت العقول بتدبر، وأقبلت النفوس برغبة ودخل الناس في الإسلام بقناعة، وكان العدد في الحديبية ( 1400) وصار في الفتح(10.000).

2-تقديم نموذج باهر للمجتمع المسلم

رآها المفاوضون الذين ترددوا على الرسول حتى قال عروة بن مسعود: " لقد رأيت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكاً في قومه قط مثل محمد في أصحابه ، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً ".

وهكذا نظرت قريش إلى المسلمين بإعجاب وانبهار وتعظيم وتقدير ، ودفعهم ذلك للمقارنة بمجتمعهم الذي صاروا يزهدون فيه ويحتقرون مبادئه وقيمه .

3-قوة التربية المنهجية

وظهر ذلك في موافقة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بأن يردّ من جاءه من قريش مسلماً ، وألا تردّ قريش من جاءها مسلماً ، وذلك لقناعة المصطفى بصدق المنهج ، ووضوح الرؤية ، وعمق اليقين في صفوف المسلمين ، فلم يكن يخشى على أصحابه أن يتأثروا فيرتدوا ، وكان يدرك أن من أسلم من قريش سيثبت وإن اضطهد وعذب،وهذا إعلان لقوة المنهج وقوة الأفراد.

4-الالتزام الأخلاقي العملي حتى مع العدو

فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ردّ من جاءه من المسلمين إلى قريش ولم يجف مداد العهد بعد ، فظهرت صورة مشرفة لتعامل الدولة المسلمة { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا } .

5-خصائص المجتمع المسلم

الذي كان فيه الشورى والحوار واختلاف وجهات النظر الذي لا يفسد للودّ قضية ، ولا يغيّر القلوب ، ولا يفرّق الصفوف ، كما أن فيه انضباط الفرد بالجماعة وموقفها ، كما ظهر ذلك من مراجعة عمر - رضي الله عنه – للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وكانت هناك أيضاً القوة والحمية في حماية الدين ونصرته عندما بايع المسلمون بيعة الرضوان ، وكانوا على قلب رجل واحد حتى الموت .

نعم تلك خطوات على طريق الفتح الذي تمّ بلا مواجهة ، فقريش فيما بين الحديبية والفتح هزمت عقائدياً وفكرياً وسلوكياً ، قبل أن تنهزم عسكرياً ، فهل يعي المسلمون وخاصة المتحمسون أن للنصر متطلبات وأن للفتح خطوات ، وأن هناك حاجة للزمن ، وافتقاراً للحكمة، وضرورة للتربية والدعوة ؟.

د.علي بن عمر بادحدح
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 21-08-2010, 10:36 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

لفحة رمضانية


إن الفرائض الإسلامية كلها عظيمة النفع، جليلة الأثر، تعود بالفوائد على الفرد تطهيراً لقلبه، وتهذيباً لنفسه من جهة ، وتقويماً لسلوكه، وتحسيناً لأخلاقه من جهة أخرى، فهي إصلاح للفرد باطناً وظاهراً كما أنها تنعكس على المجتمع تقوية للروابط، وزيادة للتآلف ، وبعثاً على التراحم ، وحثاً على التعاون ،ومن ثم فهي تحقق المصالح للأفراد والمجتمعات، إضافة إلى كونها تحقق الهدف الأعظم وهو عبودية الله، ودوام وحسن صلة العبد بمولاه.

وعندما يؤدي المسلمون الفرائض كاملة كما أمرهم الله، وكما علمهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فإنهم يجنون ثمارها ومنافعها كما كان أسلافنا عليهم رحمة الله، وعندما يتركونها أو يؤدونها أداءً قاصراً لا تستكمل فيه الشروط والأركان، ولا تستحضر فيه القلوب والذهان ؛ فإن كثيراً من الخير يفوتهم، وتضيع عليهم تلك المنافع العظيمة بقدر ما يفرطون .

وأما المسلمون اليوم فإن بعضهم غيروا فغيّر الله عليهم وفق سنته الجارية:{إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} .

فأنت ترى – وللأسف – قلوباً عن الحق لاهية، وأسنة الباطل لاغية، وآذاناً للمحرمات مصغية، وأعيناً للعورات ناظرة، وصوراً من الشحناء ظاهرة، ولك أن تسأل أين أثر الصوم ؟ وأين ثمار رمضان ؟ وأقول لك : إن الصوم إذا " لم يؤت ثمرته النافعة فليس النقص منه، إنما النقص من سوء تصرف الصائم وعدم صحة قلبه، وطهارة ضميره، وعدم حسن تفكيره".

ولك أن تسأل عن سر إعراض البعض عن الطاعات، وتلبسهم بالمنكرات ومقارفتهم للمحرمات رغم اختصاص رمضان بتصفيد الشياطين، ولعلك تقول :" كيف نرى الشرور والمعاصي في رمضان واقعة في رمضان كثيراً فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك ؟ والجواب :أنها إنما تقل عن الصائمين الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه، والمصفد بعض الشياطين لا كلهم، أو المقصود تقليل الشرور فيه وهذا أمر محسوس ؛ فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره،إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لأن لذلك أسباباً غير الشياطين كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية" .

ولا تنس أن بعض الناس جعلوا العبادات عادات، ومن كان هذا حاله كان" صيامه كتقليد موروث لا ينتفع به ولا يتأثر في أي ناحية من نواحي سلوكه، فيكون قد خرق الحكمة الناشئة من الصوم الصحيح ".

وقد أحدث بعض الناس من محدثات ومخالفات، وما تعارفوا عليها من رسوم وعادات تُضعف الصوم وتقلل فائدته ،وتهب على نفحاته الندية بلفحات تبددها، فينقلب الأمر رأساً على عقب ، وهذا الأمر- وللأسف - واقع من عدد غير قليل من الناس يخبرك حالهم أنهم لم ينتفعوا برمضان، ولم يستفيدوا بما فيه من صيام ولا قيام، جعل الله الصوم للقلب والروح وجعلوه للبطن والمعدة،وجعله الله للحلم والصبر، فجعلوه للغضب والطيش، جعله الله للسكينة والوقار، فجعلوه شهر السباب والشجار، جعله الله ليغيروا فيه من صفات أنفسهم، فما غيروا إلا مواعيد أكلهم، جعله الله تهذيباً للغني الطاعم ومواساة للبائس المحروم،فجعلوه عرضاً لفنون الأطعمة والأشربة، تزداد فيه تخمة الغني قدر ما تزداد فيه حسرة الفقير .

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا ،واجعلنا في كل الأزمان لك عابدين ،وفي كل الأحوال بك موصولين، وفي كل مكان عليك متوكلين ، والحمد لله رب العالمين .

د. علي بن عمر بادحدح
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 21-08-2010, 10:38 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان ودقة الاستجابة


دعا الله عباده المؤمنين إلى الطاعة الدائمة والاستجابة الفورية فقال جل وعلا : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } والمطلوب من المسلم المبادرة إلى الخيرات والمسارعة لأداء الواجبات تحققاً بقوله تعالى : { فاستبقوا الخيرات } ، كما أنه مطالب بالبعد عن المحرمات ومجانبة المنكرات ولابد أن يتطابق سلوكه العملي في الحياة اليومية مع القرآن الكريم كما وصفت عائشةرضي الله عنها خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه " كان خلقه القرآن " .

وهكذا ينبغي أن يكون المسلم وقافاً عند حدود الله مستجيباً لأمر الله {وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا } ، ولكن في هذا العصر أصيب كثير من المسلمين بضعف الاستجابة وعدم المبادرة للطاعة .

ويأتي رمضان فتهب نفحات الطاعة وترفع أعلام الاستجابة ؛ لأن لرمضان مزية واختصاصاً ويتجسد ذلك في :

1- ترك المباح

الصائم يترك الطعام والشراب والمعاشرة الزوجية وهذه تربية في ترك المباح وينتج عنها المزيد من الطاعة والاستجابة في ترك المحرم والمكروه .



2- الحرص على صحة الصوم

فأكثر الناس نجد عنده حرصاً شديداً ، ومراعاة دقيقاً لأوقات الإمساك والإفطار كل ذلك يأتي بالأمر على وجهه ، ويؤدي العبادة بكمالها ، ومن ثم يكتسب الدقة في الاستجابة ، والحساسية المرهفة فيما يتعلق بأوامر الله ، فلا تساهل ولا ترخص ولا غفلة ولا تفريط .



3- الحذر من المخالفة

تشاهد كثرة أسئلة الصائمين عن أمور يخشون أن تكون مما يجرح الصيام ، هذه الأسئلة إن دل على شيء فإنما يدل على الشفافية المرهفة " على أن هذه العبادات أوامر ونواه أمر بها الإله الذي له أن يأمر بما شاء وينهى عما شاء ، ولا يسأل عما يفعل " .

ونحن ندرك أن المخالفة في الأمر اليسير لا تختلف عن المخالفة في الأمر الكبير من حيث حصول التجاوز لأمر الله ، وعدم الاستجابة لما أمر به أو نهى عنه .

4- ضعف نوازع الشر

" الإنسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثير من حواسه فإذا شبع جاع عينه ولسانه ويده وفرجه فكان تشبيع النفس تجويعاً لهذه المذكورات ، وفي تجويع النفس تشبيعها فكان هذا التجويع أولى " .

تسكن النفس ويصفو القلب وتتحقق أهلية الاستجابة ، وكما أن الصيام " يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب ".

" وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها ، ويسكن كل عضو منها ، وكل قوة عن جماحه ، وتلجم بلجامه فهو لجام المتقين، وجنة المتحاربين ، ورياضة الأبرار المقربين " .

ومن خصائص رمضان " تصفيد الشياطين " ومعناه " أن الشياطين لا يخلصون من افتنان المسلمين مثل ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي قمع الشهوات " .

وبالتالي يقل إغوائهم فيصيرون كالمصفدين ".

وأهم من ذلك " صوم القلوب ، وتطهيرها عن كل مالا يناسب الإيمان ، ويلائم الإخلاص " ، فهذه العوامل كلها تجعل صوم رمضان دورة تدريبية على امتثال الأوامر واجتناب النواهي وشدة الحرص على القيام بالواجبات والاستكثار من الطاعات وشدة الحذر من الوقوع في المنكرات والاقتراب من المحرمات .

د. علي بن عمر بادحدح
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 21-08-2010, 10:39 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

تأملات رمضانية


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:

فهذه تأملات إيمانية ، وخواطر تربوية ، وأحوال اجتماعية ، تتعلق بشهر رمضان المبارك وفريضة الصوم العظيمة :{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان } .

وهو نفحة من الزمان طويلة المدى لاستمرارها شهراً كاملاً ، وما عداه من الأزمان الفاضلة إما مفرد كيوم عرفة ، أو لا يتجاوز عشرة أيام كعشر ذي الحجة.

وفي شهر رمضان نفحات عظيمة وأعطيات جزيلة يحسن بالمسلم أن يتعرض لها وينتفع بها ، وقد أخرج ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعاً : ( اطلبوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، ويأمن روعاتكم ).

وفي رواية الطبراني من حديث محمد ابن سلمة مرفوعاً : ( إن لله في أيام الدهر نفحات فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى أبداً ).

ومن ثم ؛ فإن المسلم تقوى في نفسه البواعث لاغتنام الأجر واقتناص الخير ، ما يوضح لنا ما يكون عليه غالب المسلمين من استجابة وإنابة وإقبال على الطاعة ، وحرص على أداء الصلوات في الجماعة ونحو ذلك ، مع ما يحرصون عليه من ترك المكروهات ، واجتناب المحرمات ، والترفع عن التفاهات " والسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه من تلك نفحات ".

إن الله - جل وعلا - شرع الصوم " إيقاظاً للروح ، وتصحيحاً للجسد ، وتقوية للإرادة ، وتربية لمشاعر الرحمة ، وتدريباً على كمال التسليم لله رب العالمين ".

ولقد ساق الله في رمضان خيراً كثيراً فهو للمسلمين " ربيع القلوب ، ونعيم الأنفس ، وصيام الجوارح عن الأذى وفطام المشاعر عن الهوى ، بعد أحد عشر شهراً قضوها في صراع المادة ، وجهاد في العيش تكدر فيها القلب وتبلد الحس ، وتلوث الضمير ، فيجلوا صدورهم بالذكر ، ويطهر نفوسهم بالعبادة ، ويزود قلوبهم من مذخور الخير ما يقويها على احتمال الفتن والمحن في دنيا الآمال والآلام بقية العام كله ".

وبعض الناس يخبرك حالهم أنهم لم ينتفعوا برمضان ، ولم يستفيدوا بما فيه من صيام ولا قيام " جعله لله للقلب والروح فجعلوه للبطن والمعدة ، جعله الله للحلم والصبر ، فجعلوه للغضب والطيش ، جعله الله للسكينة والوقار ، وجعلوه شهر السباب والشجار ، جعله الله ليغيروا فيه صفات أنفسهم ، فما غيروا إلا مواعيد أكلهم ، جعله الله تهذيباً للغني الطاعم ومواساة للبائس المحروم ، فجعلوه عرضاً لفنون الأطعمة والأشربة ، تزداد فيه تخمة الغني قدر ما تزداد فيه حسرة الفقير ".

ولعلنا في هذه التأملات نوجه الخيرات ونحث على اغتنامها ، ونكشف الأخطاء ونحذر من ارتكابها.

د. علي بن عمر بادحدح
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 21-08-2010, 10:42 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان والتغيير


عدد غير قليل من الناس مقيدون بسلاسل المعصية ، وكثيرون – أيضاً – أسرى لعادات سيئة يعلمون ضررها ويدركون خطرها ولكنهم يظلون في أسْرِها وقد استولت عليهم العوائد ، وأحاطت بهم العوائق ، ووهت عزائمهم ، وضعفت إرادتهم لأنه كما هو معلوم أن " للعادات سلطاناً على النفوس ، وهيمنة على القلوب ، وهي تتركز في الإنسان فتصبح كأنها طبيعة من طبائعه ، لا يستطيع التخلص منها ولا يقدر على مفارقتها " وصدق الرصافي حين قال :

إن العوائد كالأغلال تجمعنا **** على قلوب لنا منهن أشتات

مقيدين بها نمشي على حذر **** من العيون فنأتي بالمداجـاة

والتخلص من العادات السيئة أساسه قوة الإرادة و"شهر رمضان مدرسة تربية رحمانية يتدرب بها السلم المؤمن على تقوية الإرادة في الوقوف عند حدود ربه في كل شيء، والتسليم لحكمه في شيء، وتنفيذ أوامره وشريعته في كل شيء "، " والصوم هو مجال تقرير الإرادة العازمة الجازمة، ومجال اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد، كما أنه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها، واحتمال ضغطها وثقلها، إيثاراً لما عند الله من الرضى والمتاع ".

فالصوم إذن فرصة ذهبية للتخلص من العادات الرديئة وإليك إيضاح العوامل التي تعين على ذلك :

1- قوة الإرادة والعزيمة

كما أسلفت لك، "وبقدر ما تقوى الإرادة يضعف سلطان العادة " .

2- طول مدة التغيير

فالصائم يلزم بحكم الشرع وبحرصه على الطاعة بترك عوائده وذلك لمدة ثلاثين يوماً، وهي مدة كافية، إذا صدقت نية التغيير.

3-شمول نواحي التغيير

فإن الصائم يغير في رمضان مواعيد نومه واستيقاظه وأوقات طعامه وشرابه، وطرائق شغل أوقاته، وترتيب أولوياته واهتماماته، بل حتى مشاعره وانفعالاته وبالتالي فإن القدرة على التغيير تكون أكبر وأقوى.

4- عموم أفراد التغيير

إن الصوم في شهر رمضان يوجد نمطاً تغييراً عاماً يشمل جميع أفراد المجتمع المسلم، فكل مسلم ينطبع بهذا التغيير الباطني والظاهري، وهذا عامل من أعظم العوامل المساعدة على التغيير، فالذي يعزم على التغيير لا يكون وحده، بل يجد التغيير في كل الناس من حوله.

وإذا لم تنجح في التغيير مع وجود الجم الغفير، والزمن الطويل أظنك لن تقدر على التغيير، بل أظنك لا تريد التغيير، وإذا لم تغير قبائح العوائد في رمضان فأنت من المحرومين، ومن ضمن الذين خالفوا حكمة رب العالمين، لأنه جعل الصوم للعباد " ليغيروا فيه من صفات أنفسهم فما غيروا إلا مواعيد أكلهم" ، فلا ترض أن تكون من هؤلاء، وكن من العقلاء الأتقياء الذين يدورون مع مراد الله، ويحققون مقاصد شرع الله، إذ "المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات" واعلم بأن " الوصول إلى المطلوب موقوف على هجر العوائد وقطع العلائق".والعادات عبودية:

والحر من خرق العادات منتهجاً**** نهج الصواب ولو ضد الجماعات

د. علي بن عمر بادحدح
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:56 AM.