اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-11-2017, 09:05 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp الشائعات.. ضررها، وكيف نتعامل معها


آفة عظيمة، وبلية خطيرة، ومرض فتاك، وداء عضال، وسلاح مدمر.
انزعج منه الأبرياء، واتهم بسبه البرءاء، وهدمت بسببه أسر، وخربت بيوت، ووقعت جرائم، وتقطعت علاقات وصداقات.
إنه مرض اختلاق الإشاعات، ونشر الشائعات.

الإشاعة : يصنعها عدو حاقد، ويتلقفها منافق فاسق، وينشرها غر جاهل.

الإشاعة : كذبة يطلقها خبيث، ويصدقها أخرق، وينقلها أحمق، وتسير بها الركبان.. مع أنها قد تدمر حياة إنسان أو تهدد مصائر أوطان.

خطر الإشاعات
إن للشائعات أخطارا عظيمة على الأفراد والجماعات، والأسر والمجتمعات:
فكم من كريم صار بكلمة واحدة عرضة للملام.
وكم من شائعة أشعلت فتنة بين الأنام.
وكم من كذبة فرقت بين أحبة وقطعت كريم صحبة
وكم من ظلم وقع على أبرياء بسبب إشاعة نقلها بعض السفهاء.

ولا يكمن خطر الشائعات والإشاعات في هذا فحسب، بل فيها زيادة على ذلك تشويه الحقائق، والتخذيل والإرجاف وقت الشدائد، وبث الخوف في قلوب الضعفاء، والقلق في عقول الأقوياء، مع ما فيه من تفريق صف المسلمين وإثارة النزاعات فيما بينهم، وما قد تسببه من خسائر لشركات ومؤسسات بل ودول ومجتمعات.
زد على ذلك ذهاب الثقة بين الراعي والرعية، واختلال الموازين في تصديق وتكذيب الأخبار حتى لا يثق الناس في خبر.

الكلمة مسؤولية
وبعد كل هذا نقول: إن على مروجي الإشاعات وناقلي الأخبار دون تثبت أن يدركوا خطر ما يرتكبون، وأن يعلموا أنهم مسؤولون بين يدي الله تعالى على ما يفعلون، فإن الكلمة مسئولية.. خصوصا في زمان الانفتاح الإعلامي، وثورة التواصل الاجتماعي، وسرعة انتقال الأخبار، وانتشار الأقوال.. مع خراب الذمم، وخداع الصور، ووقوع الفتن، واضطراب الأحوال، والتباس الأمور، وغلبة الكذب، والفجر في الخصومات، مع عدم وجود دين يردع، أو خلق يمنع. كل هذا مما يزيد المسؤولية في نقل الأخبار ويوجب التنبه عند نشر الأقوال.

لزوم التثبت
ولهذا وغيره كان التثبت في الخبار قبل تصديقها فضلا عن إذاعته ونشرها منهجا قرآنيا وهديا نبويا يستراح به من القيل والقال، ويوفر على الأمة طاقاتها فيما ينفع ويفيد.
فالقرآن الكريم يأمر بالتثبت والتبين قبل التصديق واتخاذ القرار. يقول تعالى: {يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، ويقول: {يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا}، ويقول أيضا: {كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا}.

والنبي صلى الله عليه وسلم ينهى المسلم عن نقل كل ما يسمع ولا يخليه من مسئولية، ففي الحديث: [كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع].
وقال مالك الإمام: "اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما سمع دون تثبت" ؛ لأنه يسمع الصدق والكذب.
وفي الحديث : [بئس مطية الرجل زعموا].

إن هناك من بين الناس أصحاب نفوس ضعيفة، وقلوب مريضة، وذمم خربة لا تخاف الله ولا تستحي من عباده، مهنتهم وهوايتهم نشر الأكاذيب والتغذي على لحوم البشر، فلابد من التنبه والتثبت حتى لا يفقد المرء بصيرته، ولا تفقد الأخبار مصداقيتها، فيضطرب حال الناس.

آثار مدمرة
إن للشائعات آثارا مدمرة على الأفراد والأسر والمجتمعات بل وعلى الأمم أحيانا. ووقائع التاريخ تدل على ذلك أكبر الدلالة؛ فقد حمل التاريخ لنا أمثلة لشائعات كان لها آثار خطيرة على الفرد والمجتمع: فمن ذلك:
. الشائعة التي انتشرت في مكة بأن المشركين قد أسملوا بعد أن قرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم.. وكان من عواقب انتشار تلك الشائعة أن رجع كثير من مهاجري الحبشة ظنا منهم أن الخبر صحيح، فنالهم من أذى المشركين ما لا يخطر لهم على بال، فاضطروا أن يقاسوا معاناة الهجرة للحبشة مرة ثانية ويعرضوا أنفسهم لمخاطر لا حصر لها.

. في معركة أحد إشاعة *** رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان لها من أثر في تثبيط همم بعض المسلمين، والإحباط الشديد للبعض حتى ترك ساحة المعركة وتوقف عن القتال؛ مما أدى في النهاية إلى وقوع الهزيمة بالمسلمين في هذه الملحمة الكبرى وذلك اليوم المهيب.

. الشائعات التي أطلقها المغرضون ابن سبأ وفريقه، واتهامهم لسيدنا عثمان الخليفة الراشد بالتهم الكاذبة والتأليب عليه، فكانت بداية لفتنة كبرى، وتجمع أخلاط من المنافقين ودهماء الناس و*** الخليفة الراشد، بل كان من آثار ذلك حرب الجمل وصفين و*** آلاف المسلمين.. وكان من عواقبها ظهور فتن وفرق وفرقة إلى يومنا هذا.

. ومن أشنع الإشاعات التي أطلقت في زمن النبوة حادثة الإفك: تلك الحادثة التي اختلقها المنافقون ابن سلول وأتباعه، وراجت على بعض المسلمين فنقلوها دون تثبت، حتى سرت في المجتمع كله، فهزت مجتمع المدينة شهرا كاملا.. وكانت من أشق التجارب في حياة المسلمين. لم يمكر بالمسلمين مكر أشد من تلك الإشاعة المختلقة الكاذبة، ولولا عناية الله لكادت أن تعصف بالأخضر واليابس بعد أن مكث المجتمع المسلم يصطلي بنارها شهرا كاملا، حتى نزل الوحي ليضع حدا لتلك المأساة وليكون درسا تربويا هائلا لذلك المجتمع ولكل مجتمع يأتي بعد إلى يوم القيامة.

واجب المسلم عند سماع الشائعات:
لقد بينت سورة النور في علاج قصة الإفك هذه الآفة ووضعت للمسلمين أصول التعامل مع الشائعات.. فمن ذلك:
أولا: أن يقدم المسلم حسن الظن بأخيه المسلم، وأن ينزل أخاه بمنزلته قبل إصدار الأحكام.. دخل أبو أيوب على زوجته بعد انتشار هذه الشائعة عن عائشة فسأل زوجته: "أرأيت لو كنت مكان عائشة أكنت تفعلين ذلك؟ فقالت: لا والله. فقال: فوالله إن عائشة خير منك. وسألته: أرأيت لو كنت مكان صفوان أكنت تفعله؟ فقال: لا والله. فقالت: فوالله إن صفوان خير منك. وأنزل الله تعالى مادحا لهما ومنوها بحسن ظنهما: {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين}.

ثانيا: لا يقبل اتهام إلا بعد ثبوته قطعا لا ظنا، وكل قول لا يأتي أصحابه عليه ببرهان قاطع ودليل ساطع فتصنيفه في دائرة الكذب حتى تقوم على صدقه بينة، قال تعالى في قصة الإفك: {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون}.

ثالثا: الا يتحدث بما سمعه ولا ينشره، فإن الناس لو سكتوا عن الشائعات لماتت في مهدها، ولم تجد من يحييها، قال تعالى: {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتانا عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين}.

رابعا: أن يرد الأمور إلى أولي الأمر وأصحاب الرأي (الأجهزة المختصة) ولا يشيعه بين الناس، خاصة الأخبار المهمة التي لها أثر في واقع المجتمع وحياة الناس.. قال سبحانه في سورة النساء: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا}.

خامسا: التفكر في العواقب ونتائج نشر الشائعات، من انتشار الفواحش وظهور الفتن، {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، فلا تكن عونا على شيوع الفواحش، والأكاذيب ، والفتن ، لأن الفتن إذا ذاعت و شاعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.

إن منهج الإسلام ـ قرآنا وسنة ـ هو النهي عن القيل والقال كما في الحديث: [إن الله ينهاكم عن قيل وقال وكثرة السؤال]، والنهي عن التخمين وسوء الظن كما قال سبحانه {*** الخراصون} و النهي عن عدم التثبت والمسارعة إلى نقل الأخبار دون تمحيص قال سبحانه {إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}، وقال {وما يتبع أكثرهم إلا ظنا}.

عقوبة مهيبة
ومن كان نشر الشائعات ديدنه، واختلاق الإشاعات مسلكه فليحذر عقوبة الله لأمثاله كما جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤيا الشهير في صحيح البخاري: [فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى. قال: قلت سبحان الله ما هذا؟ .. فقال له الملائكة: "إنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق].

نعوذ بالله من سخط الله وعذابه، وشديد عقابه. ونسأله أن يحفظ بلاد المسلمين من كل شر وسوء.

منقول

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-11-2017, 09:07 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp التعامل مع الإشاعات من خلال السنة النبوية

الإشاعة من الظواهر الخطيرة، والكوارث الاجتماعية التي تنخر في المجتمعات البشرية، وتزلزل سكينة النفوس، سيما في هذا الزمن الذي تطورت فيه وسائل النشر ووسائط التواصل، فبعد أن كان صناع الإشاعة أفرادا ومجاميع محدودة، أصبحت الإشاعات تصدر عبر مؤسسات أخبارية، ومنابر إعلامية، وربما مراكز دراسات بحثية، فتمكنت الإشاعة أن تبلغ الآفاق في لمح البصر أو أقرب من ذلك، عابرة كل الحدود والحواجز، ومع جهل الناس بمضامين الإشاعات وأغراضها وأساليبها يقع المجتمع أحيانا في شباك المفترين، وخداع الأفاكين،*فتولدت مفاهيم وقناعات منشؤها الإشاعات، سيما وهي تصدر على شكل مسلمات علمية، وأخبار سياسية، وفي باطنها إرادة لزرع قناعات ورأي عام حول قضية معينة.**

ولم تكن السنة النبوية بمنأى عن معالجة قضية خطيرة كهذه، بل في السنة القولية والعملية عناية بمعالجتها، وطرق التعامل معها، ولذلك يمكننا دراستها من خلال جمع ما يتيسر من الأحاديث والآثار التي تناولتها، والتطبيقات العملية من خلال العهد النبوي مع الإشاعات، ودراسة بواعثها وأغراضها، وسبل الوقاية من الوقوع تحت تأثيرها.

تعريف الإشاعة لغة واصطلاحا:

الإشاعة في اللغة تدور معانيها حول المتابعة وعدم المفارقة، والانتشار والذيوع ، والتفرقة والاستطارة ، والانتشار.*
وفي الاصطلاح هي: النبأ الهادف الذي يكون مصدره مَجْهُولاً ، وهي سريعة الانتشار ، ذات طابع استفزازي أو هادئ حسب طبيعة ذلك النبأ.
ولفظ الإشاعة والأشياع غالبا ما يستخدم في الذم، يقول ابن القيم يرحمه الله: وذلك والله أعلم، لما في لفظ الشيعة من الشياع والإشاعة، التي هي ضد الائتلاف والاجتماع. أهـ.

التحذير من الإشاعة في السنة النبوية:

جاء الوعيد الشديد في السنة النبوية في حق الكذب عموما، وفي حق الإشاعات على وجه الخصوص؛ لما تتضمنه من آثار سلبية على الفرد والمجتمع، ففي صحيح البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت الليلة رجلين أتياني، قالا: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة».
فهذا اللون من العقوبة التي تلازم هذا الصنف من الناس مدة حياة البرزخ التي لا يعلم أمدها إلا الله يدل على عظم الجرم الذي اقترفه، من تقليب الحقائق، وزعزعة الأمن، وإثارة الشكوك، وتأجيج الفتن والصراعات، وغيرها من الجنايات الجسيمة التي يهدف إليها أصحاب الإشاعات، ورواد الزور في العالم.

وجعل النبي صلى الله عليه وسلم المتلقف للأخبار الناقل لها أحد الكذبة المفترين؛ لأن من تعود على التحديث بكل خبر يسمعه لن يسلم من نقل أخبار كاذبة، وإشاعات مغرضة، ففي صحيح مسلم عن حفص بن عاصم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».

إلا إنه استثني من ذلك جواز نشر الإشاعة في صفوف العدو في الحرب، كما في الترمذي، -والحديث حسن بشواهده- عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم «لا يحل الكذب إلا في ثلاث يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب والكذب ليصلح بين الناس»، قال القاضي عياض: لا خلاف في جواز الكذب في هذا.

أغراض الإشاعة من خلال السنة النبوية:

بما أن المجتمع المسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يتربص به فئاتٌ من أهل الباطل كالمنافقين واليهود، فقد تعرضت الجماعة المسلمة لوابل من الإشاعات والافتراءات، ولا شك أن ما كان يلقيه هؤلاء المفترون من إشاعات يقصدون بها بث الفرقة، والفت في عزيمة الجماعة المؤمنة، وصرف الناس عن الحق البين الواضح، ويظل المنافقون واليهود هم صناع الإشاعات ومخرجي أفلام الإفك، ومسرحيات الكذب والزور في كل زمان ومكان.

من أغراض الإشاعة: صدُّ الناس عن الحق، وصرفُهم عن مجرد سماعه، لأنهم يعرفون أن للحق سلطةً على النفوس، فيلجأون إلى تلفيق الأخبار، وفبركة الشائعات، ليلفتوا الناس عن الحق والهدى، ومع ذلك فالحق نافذ إلى النفوس مهما حاولوا إثارة الشائعات حوله، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر الغفاري، وفيه: فقلت لأنيس: «ما يقول الناس؟ قال: يقولون شاعر كاهن ساحر. وكان أنيس أحد الشعراء. قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فما يلتئم على لسان أحد بعدى أنه شعر، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون».

ومن أغراض الإشاعة: النيل من نفسية المؤمن وإلقاء الحيرة في قلبه، من ذلك افتراؤهم على الله بأنه قد ترك محمداً فلم يعد ينزل عليه الوحي، وذلك حين فتر الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن الأسود بن قيس «أنه سمع جندبا يقول: أبطأ جبريل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال المشركون قد ودع محمد فأنزل الله عز وجل (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى)».
وفي البخاري «قالت امرأة من قريش أبطأ عليه شيطانه».

فهم يحاولون تلفيق الأخبار، وتقليب الحقائق، واستغلال الأحداث لإثبات باطلهم، ومن الملاحظ أنهم قد يستغلون الحقائق الواقعة بتفسيرها حسب أهوائهم، وتوظيفها في إطار أهدافهم ومقاصدهم.
فالوحي منقطع عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن ليس لأن الله قلاه وودعه كما يزعمون، ولذلك جاء القرآن ليكشف زيفهم ويبطل ما زعموه.

ومن أغراض الإشاعة: الْفَتُّ في عضد المسلمين، والنيل من عزائم الجيش المسلم، من ذلك: إشاعة م*** النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد،*ولاشك أن تلك الإشاعة كان لها بالغ الأثر في صفوف المسلمين حينها، فقد توقف بعضهم عن القتال وألقوا السيوف من أيديهم، فمر عليهم أنس -كما في سيرة ابن إسحاق- فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: *** رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما تضنون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقبل القوم فقاتل حتى ***)).
وفي موقف أنس درس مستفاد بأن لا يسمح المسلم للإشاعة بأن تلقي بآثارها السلبية على نفوس المسلمين مهما كانت مؤلمة، وأن لا ينشغل بتفاصيل ما يذاع من أخبار الخوف بل يتجاوزها إلى القيام بواجب المرحلة من الجهاد والدعوة ومواصلة الطريق.
وبعد أن تراجعت معنويات الجيش برؤية النبي صلى الله عليه وسلم سالما معافى، لم يدفع إشاعة م***ه في وجه المشركين، بل جعلها عليهم مفاجأة كالصاعقة بعد أن عاشوا لحظات الانتصار الموهوم، إمعانا منه في إيلامهم وكسر نفوسهم، ليفيقوا على الحقيقة التي غصت بها حلوقهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم حي لم يمت، ففي سنن النسائي عن البراء وهو يحكي ما حصل يوم أحد قال: ((فلما كان الليل جاء أبو سفيان بن حرب فقال: أفيكم محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجيبوه» ثم قال: أفيكم محمد؟ فلم يجيبوه ثم قال: أفيكم محمد؟ الثالثة فلم يجيبوه فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه حتى قالها ثلاثا، ثم قال: أفيكم ابن الخطاب حتى قالها؟ ثلاثا فلم يجيبوه فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو الله، ها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وأنا أحياء، ولك منا يوم سوء)).

أساليب التعامل مع الإشاعات من خلال السنة النبوية:
من خلال استعراض بعض النواقف والأحداث النبوية تتجلى مجموعة من الأساليب والتدابير التي تعامل بها النبي صلى الله عليه وسلم مع الأخبار والإشاعات التي كانت تصله، من تلك الأساليب والتدابير:

من الأساليب النبوية للتعامل مع الإشاعة: التبين والاستيضاح، وقد كان هذا ظاهراً في تعاملات النبي صلى الله عليه وسلم مع الإشاعات والأخبار التي تصله عن أصحابه، شعاره في ذلك: «ما حديثٌ بلغنى عنكم» رواه البخاري.
ففي موقف من مواقف الأنصار حين اعترض بعضهم على قسمة الغنائم يوم حنين، كما في حديث أنس في البخاري وفيه: «فحُدِّث بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار ، فجمعهم فى قبة من أدم ، ولم يدع معهم أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا، جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما كان حديث بلغنى عنكم؟ فقال له فقهاؤهم: أما ذوو آرائنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يعطى قريشا ، ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم». فاسترضاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رضوا.

ومن التدابير النبوية في التعامل مع الإشاعات: النهي عن تناقل الأخبار والشائعات التي يتناقلها الناس بعضهم عن بعض حتى ولو كانت صدقا، فما كل مايكون صدقا يصح نقله، ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر».
ومن التدابير: الدفاع عمن أثيرت عليه إشاعة، والاعتذار له بما يعلم عنه؛ للحد من مدى الإشاعة، كما في البخاري عن أبي هريرة ، رضي الله عنه، قال « أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدْراعَه وأَعْتُدَه في سبيل الله، وأما العباس بن عبد المطلب فعمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها».

قال النووي: ومعنى الحديث أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنا منهم أنها للتجارة وأن الزكاة فيها واجبة، فقال لهم لا زكاة لكم علي، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن خالدا منع الزكاة، فقال لهم انكم تظلمونه؛ لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول عليها فلا زكاة فيها، ويحتمل أن يكون المراد لو وجبت عليه زكاة لأعطاها ولم يشح بها؛ لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعا فكيف يشح بواجب عليه واستنبط بعضهم من هذا وجوب زكاة التجارة وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف خلافا لداود. أ.هـ

ومن التدابير النبوية في التعامل مع الإشاعات: التحلى بالصبر والثبات، وعدم الالتفات إلى الشائعات، والاستمرار في نشر الحق وإيضاح الدعوة للخلق، فالنبي صلى الله عليه وسلم كانت تبث حوله الإشاعات وهو ماض في سبيل دعوته لا ينثني عزمه، ولا يفتر نشاطه، ففي مسند الإمام أحمد عن ربيعة بن عباد الديلي ، أنه قال: «رأيت أبا لهب بعكاظ، وهو يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا أيها الناس، إن هذا قد غوى، فلا يغوينكم عن آلهة آبائكم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يفر منه، وهو على أثره».

ومن التدابير النبوية في التعامل مع الإشاعات: التريث وعدم اتخاذ أي إجراء فور وصول الإشاعة، واستجماع الرأي واستشارة العقلاء وذوي الرأي: ففي إشاعة الإفك، وهي من أخطر الإشاعات التي دبرها المنافقون، فقد كانت تستهدف العرض والسمعة، وطال أمد الابتلاء بآثار هذه الفرية، حتى أنها التبست على بعض الصحابة فخاضوا فيها اغترارا ببعض المنافقين الذين كانوا يتواجدون بينهم ولم يظهر أمر نفاقهم كانت أول خطوة ظهرت في تعامله صلى الله عليه و سلَّم مع هذه الأزمة استشارته لأصحابه ، أو ما يمكن أن يُعبَّر عنه بـ: ” الاستعانة بذوي الخبرة"، وقد كان لمشورات الصحابة حوله من التثبيت والطمأنينة ماجعل القرار أنضج مما لو انفرد بمواجهة الأزمة لوحده.

ومن التدابير النبوية في التعامل مع الإشاعات: التوازن والتماسك تجاه الإشاعات: من خلال موقفه صلى الله عليه وسلم تجاه حادثة الإفك أيضا، ومع أنَّ الأزمة كان وقْعُها شديداً ، إلا أنَّه صلى الله عليه و سلَّم لم يخرج عن طبيعته المتوازنة، وهدوئه المعتاد، فقد سعى لمحاولة إدارة الأزمة، وتجاوزها، والقضاء على آثارها، كل ذلك بالهدوء والحكمة، فمن أخطر ما يواجه صاحب القرار عند حصول الأزمة عدم قدرته على ضبط مشاعره و تصرفاته.

ومن التدابير النبوية في التعامل مع الإشاعات: رد الإشاعة ومحاربتها، وتصحيح الخلفية العقدية التي نشأت عنها الإشاعة، ومن ذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم الخبر الذي أشيع بأن الشمس كسفت لموت ولده إبراهيم، كما في البخاري عن المغيرة بن شعبة قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله».

ومن التدابير النبوية في التعامل مع الإشاعات: دفع الذرائع المفضية إلى الإشاعة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يترك بعض الأعمال قطعا لألسنة الشائعات، وسدا لحديث المغرضين والخائضين بالباطل، وهذا من كمال حكمته صلى الله عليه وسلم، فقد ترك *** بعض المنافقين، مع اقترافهم ما يستوجب الخلاص منهم، من النكاية بالمسلمين، والخيانة لله وسوله، ومع ذلك لما كان ظاهرهم أمام عامة الناس أنهم مسلمون فسيظن الناس أنه *** معصوم الدم، وربما صارت هذه الشائعة صادة لهم عن الدخول في الإسلام، ففي صحيح مسلم لما استأذن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لي*** رجلا من المنافقين والحديث عن جرير بن عبد الله البجلي: قال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: «دعه لا يتحدث الناس أن محمدا ي*** أصحابه».

منقول
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:18 AM.