اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-03-2018, 11:14 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New ترجمة عبد الله بن الزبير


الحمدُ لِلَّهِ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، أما بعد: فإن عبد الله بن الزبير بن العوام، وهو أحد أصحاب نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذين قال مدحهم الله تعالى في كتابه العزيز قائلاً: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ (الأنفال: 74).
من أجل ذلك أحببت أن أُذَكِرَ نفسي وإخواني الكرام بشيء من سيرته المباركة.

الاسم والنسب:
هُوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ بْنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ.

أم عبد الله بن الزبير:
هي: أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، أُخْتُ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، زَوجَة النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كنية ابن الزبير: أَبُو بَكْرٍ، أو أَبُو خُبَيْبٍ. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ2صـ292)

ميلاد عَبْد اللهِ:
وُلِدَ عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، في السَنَةِ الأُولىِ مِن الهجرة، كَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالمَدِيْنَةِ. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ2صـ293)

تسمية النبي صلى الله عليه وسلم لابن الزبير:
روى مسلمٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَا: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ حِينَ هَاجَرَتْ وَهِيَ حُبْلَى بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَدِمَتْ قُبَاءً، فَنُفِسَتْ بِعَبْدِ اللهِ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ خَرَجَتْ حِينَ نُفِسَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكَهُ «فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ» قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَكَثْنَا سَاعَةً نَلْتَمِسُهَا قَبْلَ أَنْ نَجِدَهَا، «فَمَضَغَهَا. ثُمَّ بَصَقَهَا فِي فِيهِ، فَإِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ بَطْنَهُ لَرِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، ثُمَّ قَالَتْ أَسْمَاءُ: «ثُمَّ مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ، ثُمَّ جَاءَ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ، لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، ثُمَّ بَايَعَهُ. » (مسلم حديث2146).

أولاد عبد الله بن الزبير:
رزق اللهُ تعالى عبدَ الله بنَ الزبير، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بأربَعَة عَشَرَ رَجُلاً وخمسِ نِسْوَةٍ: وهم خبُيباً، وحمزة، وعباداً، وثابتاً، وأمهم: تماضر بنت منظور. وهاشماً. وقيساً، وعروة، والزبير. وأمهم: زجلة بنت منظور. وعامراً. وموسى. وأم حكيم. وفاطمة. وفاختة. وأمهم: حنتمة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن المغيرة. وأبا بكر. وأمه: ريطة بنت عبد الرحمن بن الحارث، وبَكراً، ورقية. وأمهما: عائشة بنت عثمان بن عفان.
وعبد الله، وأمه أم ولد (أي جارية). وبَكراً آخر. وأمه: نفيسة، وهي أمُّ الحسَن بنتُ الحسَنِ بْنِ عَلي بْنِ أبي طالب. (متمم طبقات الصحابة لابن سعد جـ2صـ31: 30)

علم عبد الله بن الزبير:
روى عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً. اتَّفَقَ لَهُ الشيخانِ عَلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةِ أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ: بِحَدِيْثَيْنِ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَيْضاً عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ لأُمِّهِ؛ الصِّدِّيْقِ، وَأُمِّهِ أَسْمَاءَ، وَخَالَتِهِ عَائِشَةَ، وَعَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَغَيْرِهِم.

وَرَوَى عَنْ عَبْدِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَخُوْهُ؛ عُرْوَةُ الفَقِيْهُ، وَابْنَاهُ عَامِرٌ وَعَبَّادٌ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَبِيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَطَاوُوْسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَسَعِيْدُ بنُ مِيْنَاءَ، وَحَفِيدَاهُ: مُصْعَبُ بنُ ثَابِتِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَيَحْيَى بنُ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَآخَرُوْنَ. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ364: 363).

روى أبو داودَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: أَصَابَ السُّنَّةَ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 946)

عبادة عبد الله بن الزبير:
(1) قَالَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ النُّعْمَانِ، سَلَّمَتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَوَّامَ اللَّيْلِ، صَوَّامَ النَّهَارِ، وَكَانَ يُسَمَّى: حَمَامَةُ الْمَسْجِدِ " (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ335)

(2) قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " صِفْ لي عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ. قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَهُ مَا رَأَيْتَ مُنَاجِيًا مِثْلَهُ، وَلَا مُصَلِّيًا مِثْلَهُ. (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ335)
(3) قَالَ مُجَاهِدُ بنُ جبر: " كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ، وَكَانَ يَقُولُ: ذَلِكَ مِنَ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ " (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ335)

(4) وَقَالَ مُجَاهِدُ بنُ جبر ٍأيضاً: مَا كَانَ بَابٌ مِنَ العِبَادَةِ يَعْجِزُ عَنْهُ النَّاسُ إِلاَّ تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ البَيْتَ، فَطَافَ سِبَاحَةً. (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ28صـ178)

(5) روى ابْنُ أبي شَيْبَةَ عَنْ أبي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ سَجْدَةً أَعْظَمَ مِنْ سَجْدَتِهِ»، يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ. (مصنف ابن أبي شيبة جـ7صـ142 رقم34826)

(6) روى ابْنُ أبي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مُوَاصِلٌ (أي الصيام) لِخَمْسَ عَشْرَةَ. » (مصنف ابن أبي شيبة جـ7صـ143 رقم34828)
(7) قَالَ عَمْرَو بْنُ دِينَارٍ: «مَا رَأَيْتُ مُصَلِّيًا قَطُّ أَحْسَنَ صَلَاةً مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ» (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ335)

جهاد عبد الله بن الزبير:
شَهِدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، اليرموكَ مَعَ أبيه الزُّبَيْرِ، وشَهِدَ فَتحَ إفريقية، وكان البشير بالفتح إلى عثمان بن عفان. (الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ2صـ303)

روى البخاريُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ اليَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَالَ: " إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ(أَيِ اخْتَلَفْتُمْ ولم تشدوا معي)، فَقَالُوا: لاَ نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ، فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلًا، فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ عُرْوَةُ: «كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ» قَالَ عُرْوَةُ: «وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلًا. (البخاري حديث: 3975).

قَالَ الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله): قَوْلُهُ (وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلًا) وكَأَنَّ الزُّبَيْرَ آنَسَ مِنْ وَلَدِهِ عَبْدَ اللَّهِ شَجَاعَةً وَفُرُوسِيَّةً فَأَرْكَبَهُ الْفَرَسَ وَخَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَهْجِمَ بِتِلْكَ الْفَرَسِ عَلَى مَا لَا يُطِيقُهُ فَجَعَلَ مَعَهُ رَجُلًا لِيَأْمَنَ عَلَيْهِ مِنْ كَيْدِ الْعَدُوِّ إِذَا اشْتَغَلَ هُوَ عَنْهُ بِالْقِتَالِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ7صـ350).
قَالَ الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله) أيضاً: وروى عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فِي الْجِهَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِيهِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ حَمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَجَعَلَ يُجْهِزُ عَلَى جَرْحَاهُمْ. وَقَوْلُهُ (يُجْهِزُ) أَيْ يُكْمِلُ قَتْلَ مَنْ وَجَدَهُ مَجْرُوحًا وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ قَلْبِهِ وَشَجَاعَتِهِ مِنْ صِغَرِهِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ7صـ350)

شجاعة عبد الله بن الزبير:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ (وذلك عند غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ): هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيْرُ (قائد البربر) فِي مُعَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ ألف، فأحاطوا بنا، وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطًا لَهُ فَخَلا فِيهِ، وَرَأَيْتُ أَنَا غرَّةً (أي غَفْلَةً) مِنْ جُرْجِيْرَ بَصُرْتُ بِهِ خَلْفَ عَسَاكِرِهِ عَلَى بِرْذَوْنٍ (دابة مثل الخيل) أَشْهَبَ، مَعَهُ جَارِيَتَانِ تُظَلِّلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ جُنْدِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءَ لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ، فَخَرَجْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ مِنْهُمْ ثَلاثِينَ فَارِسًا. وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبثوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحملت فِي الْوَجْهِ الّذي رأيت فيه جُرْجِيْرَ وقلت لأصحابي: احموا لي ظهري، فو الله مَا نشبتُ أنْ خَرَقْتُ الصَّفَ إِلَيْهِ فَخَرَجْتُ صَامِدًا لَهُ، وَمَا يَحْسِبُ هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَوَثَبَ عَلَى بِرْذَوْنِهِ وَوَلَّى مُدْبِرًا، فَأَدْرَكْتُهُ ثُمَّ طَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ دَفَفْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، وَنَصَبْتُ رَأْسَهُ عَلَى رُمْحٍ وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَهَرَبَ أَصْحَابُ جُرْجِيْرَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَمَنَحَنا اللهُ أَكْتَافَهُم(أي نصرنا عليهم). (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ28صـ181) (تاريخ الإسلام للذهبي جـ3صـ319: 318)

اشتراك عبد الله بن الزبير في جمع القرآن:
روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّان، دَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: «إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ. » (البخاري حديث: 3506)

منزلة عبد الله بن الزبير عند أم المؤمنين عائشة:
(1) قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أُخِذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسَطَ الْقَتْلَى يَوْمَ مَوْقِعَةِ الْجَمَلِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً. (تاريخ الإسلام للذهبي جـ5صـ441)
(2) وقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَعْطَتْ عَائِشَةُ لِلَّذِي بَشَّرَهَا أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ، يَوْمَ مَوْقِعَةِ الْجَمَلِ، عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. (تاريخ الإسلام للذهبي جـ5صـ441)
(3) وقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْدَهُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ28صـ179)

أقوال السلف في عبد الله بن الزبير:
سوف نذكر بعضاً من أقوال سلفنا الصالح في عبد الله بن الزبير، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
(1) قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ، عَفِيْفٌ فِي الإِسْلاَمِ، أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيْجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ. (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ28صـ166)
(2) قَالَ عُثْمَانُ بنُ طَلْحَةَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يُنَازَعُ فِي ثَلاَثَةٍ: شَجَاعَةٍ، وَلاَ عِبَادَةٍ، وَلاَ بَلاغَةٍ. (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ28صـ179)
(3) قال الإمامُ مَالكُ بْنُ أَنَس: عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ أَفْضَلُ مِنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَكَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْ مَرْوَانَ وَمِنَ ابْنِهِ، عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَان. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ2صـ298)
(4) قال الإمامُ الذهبي (رحمه الله): كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَبِيْراً فِي العِلْمِ، وَالشَّرَفِ، وَالجِهَادِ، وَالعِبَادَةِ. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ364)

خلافة عبد الله بن الزبير:
لَمَّا مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ مِنْ بَعْدِهِ قَرِيبًا، بايعَ أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، على الخلافةِ..
وحَجَّ بالناسِ ثماني حِجَج، وَكَانَتْ وِلَايَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَلَكِنْ عَارَضَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فِي ذَلِكَ وأخذ الشام ومصر مِنْ نُوَّابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ جَهَّزَ السَّرَايَا إلى العراق، ومات وتولى بعده عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ف*** مصعبَ بن الزبير بالعراق وأخذها. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ2صـ: 294: 293) (البداية والنهاية لابن كثير جـ8 صـ344)

محاصرة مكة:
أرسلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ جَيْشَاً كبيراً بقيادةِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ إلى مكة لمحاربة عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فحَاصَرَ الْحَجَّاجُ مَكَّةَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَنَصَبَ الْحَجَّاجُ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ ; حَتَّى يَخْرُجُوا إِلَى الْأَمَانِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ مَعَ الْحَجَّاجِ خَلْقٌ قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ بِالْمَنْجَنِيقِ، فَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ مَعَهُ خَمْسُ مَجَانِيقَ، فَأَلَحَّ عَلَيْهَا بِالرَّمْيِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَحَبَسَ عَنْهُمُ الْمِيرَةَ فَجَاعُوا، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ تَقَعُ فِي الْكَعْبَةِ. وَمَا زَالَ أَهْلُ مَكَّةَ يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجَّاجِ بِالْأَمَانِ، وَيَتْرُكُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِ قَرِيبٌ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ، فَأَمَّنَهُمْ، وَقَلَّ أَصْحَابُ ابْنِ الزُّبَيْرِ جِدًّا، حَتَّى خَرَجَ إِلَى الْحَجَّاجِ حَمْزَةُ وَخُبَيْبٌ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَخَذَا لِأَنْفُسِهِمَا أَمَانًا مِنَ الْحَجَّاجِ فَأَمَّنَهُمَا. (البداية والنهاية لابن كثير جـ8صـ335: 334)

الثبات على الحق:
دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ فَشَكَا إِلَيْهَا خِذْلَانَ النَّاسِ لَهُ، وَخُرُوجَهُمْ إِلَى الْحَجَّاجِ حَتَّى أَوْلَادِهِ وَأَهْلِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا الْيَسِيرُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ صَبْرُ سَاعَةٍ، وَالْقَوْمُ يُعْطُونَنِي مَا شِئْتُ مِنَ الدُّنْيَا، فَمَا رَأْيُكِ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، أَنْتَ أَعْلَمُ بِنَفْسِكَ ; إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ وَتَدْعُو إِلَى حَقٍّ فَاصْبِرْ عَلَيْهِ، فَقَدْ قُتِلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُكَ، وَلَا تُمَكِّنْ مِنْ رَقَبَتِكَ، يَلْعَبْ بِهَا غِلْمَانُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا فَلَبِئْسَ الْعَبْدَ أَنْتَ ; أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ وَأَهْلَكْتَ مَنْ قُتِلَ مَعَكَ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى حَقٍّ فَمَا وَهَنَ الدِّينُ، وَإِلَى كَمْ خُلُودُكُمْ فِي الدُّنْيَا؟ الْقَتْلُ أَحْسَنُ. فَدَنَا مِنْهَا، فَقَبَّلَ رَأْسَهَا، وَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ رَأْيِي. ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَكَنْتُ إِلَى الدُّنْيَا وَلَا أَحْبَبْتُ الْحَيَاةَ فِيهَا، وَمَا دَعَانِي إِلَى الْخُرُوجِ إِلَّا الْغَضَبُ لِلَّهِ أَنْ تُسْتَحَلَّ حُرْمَتُهُ، وَلَكِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ رَأْيَكِ، فَزِدْتِينِي بَصِيرَةً مَعَ بَصِيرَتِي، فَانْظُرِي يَا أُمَّاهُ، فَإِنِّي مَقْتُولٌ مِنْ يَوْمِي هَذَا، فَلَا يَشْتَدُّ حُزْنُكِ، وَسَلِّمِي لِأَمْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ ابْنَكِ لَمْ يَتَعَمَّدْ إِتْيَانَ مُنْكَرٍ، وَلَا عَمِلَ بِفَاحِشَةٍ قَطُّ، وَلَمْ يَجُرْ فِي حُكْمِ اللَّهِ، وَلَمْ يَغْدُرْ فِي أَمَانٍ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ ظُلْمَ مُسْلِمٍ وَلَا مُعَاهَدٍ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ظُلْمٌ عَنْ عَامِلٍ فَرَضِيتُهُ؛ بَلْ أَنْكَرْتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي آثَرُ مِنْ رِضَا رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَقُولُ هَذَا تَزْكِيَةً لِنَفْسِي، اللَّهُمَّ أَنْتِ أَعْلَمُ بِي مِنِّي وَمِنْ غَيْرِي، وَلَكِنِّي أَقُولُ ذَلِكَ تَعْزِيَةً لِأُمِّي لِتَسْلُوَ عَنِّي. فَقَالَتْ أُمُّهُ: إِنِّي لَأَرْجُو مِنَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ عَزَائِي فِيكَ حَسَنًا إِنْ تَقَدَّمْتَنِي، أَوْ تَقَدَّمْتُكَ فَفِي نَفْسِي، اخْرُجْ يَا بُنَيَّ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ أَمْرُكَ. فَقَالَ: جَزَاكِ اللَّهُ يَا أُمَّهْ خَيْرًا، فَلَا تَدَعِي الدُّعَاءَ قَبْلُ وَبَعْدُ لِي. فَقَالَتْ: لَا أَدَعَهُ أَبَدًا، فَمَنْ قُتِلَ عَلَى بَاطِلٍ فَلَقَدْ قُتِلْتَ عَلَى حَقٍّ.

ثُمَّ قَالَتْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ طُولَ ذَلِكَ الْقِيَامِ فِي اللَّيْلِ الطَّوِيلِ، وَذَلِكَ النَّحِيبِ، وَالظَّمَأِ فِي هَوَاجِرِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، وَبِرَّهُ بِأَبِيهِ وَبِي، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ سَلَّمْتُهُ لِأَمْرِكَ فِيهِ، وَرَضِيتُ بِمَا قَضَيْتَ، فَقَابِلْنِي فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِثَوَابِ الصَّابِرِينَ الشَّاكِرِينَ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: ادْنُ مِنِّي أُوَدِّعْكَ. فَدَنَا مِنْهَا فَقَبَّلَتْهُ، ثُمَّ أَخَذَتْهُ إِلَيْهَا فَاحْتَضَنَتْهُ لِتُوَدِّعَهُ، وَاعْتَنَقَهَا لِيُوَدِّعَهَا. وَكَانَتْ قَدْ أَضَرَّتْ فِي آخِرِ عُمْرِهَا. (البداية والنهاية لابن كثير جـ8صـ335)

وفاة عبد الله بن الزبير:
قَتَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وصَلَبَهُ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، السابع عشر من جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِنْ الهجرة. وَكَانَ عُمْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، اثنينِ وَسَبْعِينَ سنة. (البداية والنهاية لابن كثيرجـ8صـ344).
روى الطبرانيُّ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ بَعْدَمَا صُلِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَكَلَّمَتُ أُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الْحَجَّاجَ بن يوسف الثقفي، فَقَالَتْ: أَمَا آنْ لِهَذَا الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ؟ قَالَ: الْمُنَافِقُ، قَالَتْ: لَا وَاللهِ مَا كَانَ مُنَافِقًا، وَلَقَدْ كَانَ صَوَّامًا قِوَامًا، قَالَ: اسْكُتِي فَإِنَّكِ عَجُوزٌ قَدْ خَرِفْتِ، قَالَتْ: مَا خَرِفْتُ، مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ((المهْلِكُ)» فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ تَعْنِي الْمُخْتَارَ (أي المختار بن أبي عبيد الثقفي)، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: مُبِيرُ الْمُنَافِقِينَ. (معجم الطبراني الكبير جـ24صـ101 حديث: 272)
ذَهَبَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر إِلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَان، وطَلَبَ مِنْه إنزال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ من الخشبة التي صُلِبَ عَليها، فوافق، فأُنزلَ. *** مع ابْن الزُّبَيْر مائتان وأربعون رجلاً، إن منهم لمن سال دمه فِي جوف الكعبة.

قَالَ ابنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كُنْتُ أَوَّلُ مَنْ بَشَّرَ أَسْمَاءَ بِنُزُولِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْخَشَبَةِ، فَدَعَتْني وَأَمَرَتْنِي بِغَسْلِهِ، فَكُنَّا لا نَتَنَاوَلُ عُضْوًا إِلا جَاءَ مَعَنَا، فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، وتتناول الْعُضْوَ الآخَرَ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ: اللَّهمّ لا تمتني حتى تقرّ عيني بحثته، فَمَا أَتَتْ عَلَيْهَا جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَتْ. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ2صـ297)

الوفاء في أسمى معانيه:
(1) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ، رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ(أي بعد وفاته) عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عَلَيْهِ، وَالنَّاسُ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، أَبَا خُبَيْبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنْ كُنْتَ، مَا عَلِمْتُ، صَوَّامًا، قَوَّامًا، وَصُولًا لِلرَّحِمِ. (مسلم حديث: 2545)
(2) قَالَ نَافِعٌ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ فِيمَا بَيْنَ المَسْجَدِ إِلَى الحَجُوْنِ(مكان بمكة) حِيْنَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَمَنْ كَبَّرَ حِيْنَ وُلِدَ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ لِقَتْلِهِ. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ378)
(3) قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَكَثَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الله بْنُ الزُّبَيْرِ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ حَوْلاً لا يَسْأَلُ أَحَدًا لِنَفْسِهِ شَيْئًا إِلا الدُّعَاءَ لأَبِيهِ. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ2صـ298)

قبس من كلام عبد الله بن الزبير:
(1) قَالَ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِمَوْعِظَةٍ قَالَ فِيها: « إِنَّ لِأَهْلِ التَّقْوَى عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا، وَيَعْرِفُونَهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، مِنْ صَبْرٍ عَلَى الْبَلَاءِ، وَرِضًى بِالْقَضَاءِ، وَشُكْرِ النَّعْمَاءِ، وَذُلٍّ لِحُكْمِ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا الْإِمَامُ كَالسُّوقِ مَا نَفَقَ فِيهَا حُمِلَ إِلَيْهَا، إِنْ نَفَقَ الْحَقُّ عِنْدَهُ حُمِلَ إِلَيْهِ وَجَاءَهُ أَهْلُ الْحَقِّ، وَإِنْ نَفَقَ الْبَاطِلُ عِنْدَهُ جَاءَهُ أَهْلُ الْبَاطِلِ وَنَفَقَ عِنْدَهُ» (حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني جـ1صـ336)

(2) روى ابْنُ أبي شَيْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: (خُذِ الْعَفْوَ) (الأعراف: 199)، قَالَ: «مَا مَرَّ بِهِ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ، وَاللَّهِ لَآخُذَنَّ بِهِ فِيهِمْ مَا صَحِبْتُهُمْ (يعني رعيته)» (مصنف ابن أبي شيبة جـ7صـ143 رقم34827)

رَحِمَ اللهُ تعالى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، رحمة واسعة، وجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة، مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رَبِّ العالمين.
وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.


الشيخ صلاح نجيب الدق

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:30 PM.