اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-10-2017, 10:15 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp حديث: إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار


من الأحاديث التي يطعن فيها الطاعنون في صحيح البخاري: ما رواه البخاري برقم (2858) عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ»، قالوا: فيه مآخذ عقدية بتقريره اعتقاد ما يضر وما ينفع من دون الله، وذلك لازم هذا التشاؤم!

*

*وفي الجواب عن هذه الشبهة نقول:

*

أولاً: هذا الحديث لم يتفرد بروايته البخاري، فقد رواه أيضاً مسلم (2225) وأحمد (4927) وأبو داود (3922) وغيرهم من حديث عبد الله بن عمر، وجاء أيضا من حديث غيره من الصحابة كسهل بن سعد الساعدي كما في صحيح البخاري (5095) ومسند أحمد (22836).

*

*ثانياً: لا شك أن هذا الحديث من المتشابه الذي يحتمل معنى حق ومعنى باطل، والواجب في المتشابه أن يُرد إلى المحكم ليتبين معناه الحق، كما قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران:7].

*

ومن الأحاديث المحكمة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أثنى على الخيل وأثنى على المرأة الصالحة والبيت الواسع.

*

*وروى البخاري في صحيحه (2852) من حديث عروة البارقي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ».

*

وروى البخاري أيضاً (5971) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ!» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ!» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

*

*وروى البخاري أيضاً (3662) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالًا».

*

وروى مسلم في صحيحه (1467) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة».

*

*وروى أحمد (1445) وصححه الأرناؤوط عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء».

*

*قال الحافظ ابن حجر في شرح حديث: «الشؤم في ثلاث»: "قال القرطبي: ولا يظن به أنه يحمله على ما كانت الجاهلية تعتقده بناء على أن ذلك يضر وينفع بذاته، فإن ذلك خطأ، وإنما عنى أن هذه الأشياء هي أكثر ما يتطير به الناس، فمن وقع في نفسه شيء أبيح له أن يتركه ويستبدل به غيره. قلت: وقد وقع في رواية: ذكروا الشؤم فقال: «إن كان في شيء ففي..»، ولمسلم: «إن يك من الشؤم شيء حق..»، وفي رواية عتبة بن مسلم: «إن كان الشؤم في شيء»، وكذا في حديث جابر عند مسلم، وهو موافق لحديث سهل بن سعد ثاني حديثي الباب، وهو يقتضي عدم الجزم بذلك بخلاف رواية الزهري، قال ابن العربي: معناه: إن كان خلق الله الشؤم في شيء مما جرى من بعض العادة فإنما يخلقه في هذه الأشياء. قال المازري: مجمل هذه الرواية: إن يكن الشؤم حقا، فهذه الثلاث أحق به بمعنى أن النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها، وقد يكون سبب هذه الإباحة التي ذكرها القرطبي هو حتى لا يقع في النفس شيء من علائق التشاؤم، فيكون ذلك بمثابة سد الذريعة، كما في الحديث «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ»". فتح الباري لابن حجر (6/ 61) باختصار يسير.

*

*ولابن القيم رحمه الله كلام طويل في شرح هذا الحديث في كتابه مفتاح دار السعادة أكتفي بنقله هنا باختصار لنفاسته، ولذكره أقوال العلماء في توجيهه:

*

قال ابن القيم: "الواجب بيان معنى الحديث ومباينته للطيرة الشركية، فنقول وبالله التوفيق: هذا الحديث قد روي على وجهين: أحدهما: بالجزم، والثاني: بالشرط، فأما الأول فرواه مالك عن ابن شهاب عن سالم وحمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيهما أن رسول الله قال: «الشؤم في الدار والمرأة والفرس» متفق عليه، وفي لفظ في الصحيحين عنه: «لا عدوى ولا صفر ولا طيرة، وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار». وأما الثاني ففي الصحيحين أيضا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله: «إن كان ففي المرأة والفرس والمسكن» يعني الشؤم، وفي صحيح مسلم عن جابر مرفوعا: «إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس»، وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعا: «إن يكن من الشؤم شيء حقا ففي الفرس والمسكن والمرأة»،.. وقالت طائفة أخرى: لم يجزم النبي بالشؤم في هذه الثلاثة، بل علقه على الشرط فقال: «إن يكن الشؤم في شيء»، ولا يلزم من صدق الشرطية صدق كل واحد من مفرديها، فقد يصدق التلازم بين المستحيلين، قالوا: ولعل الوهم وقع من ذلك، وهو أن الراوي غلط وقال: «الشؤم في ثلاثة»، وإنما الحديث: «إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة»، قالوا: وقد اختُلف على ابن عمر، والروايتان صحيحتان عنه، قالوا: وبهذا يزول الإشكال، ويتبين وجه الصواب.

*

*وقالت طائفة أخرى: إضافة رسول الله صلى عليه وسلم الشؤم إلى هذه الثلاثة مجاز واتساع أي: قد يحصل مقارنا لها وعندها، لا أنها هي أنفسها مما يوجب الشؤم، قالوا: وقد يكون الدار قد قضى الله عز وجل عليها أن يميت فيها خلقا من عباده كما يُقدِّر ذلك في البلد الذي ينزل الطاعون به، وفي المكان الذي يكثر الوباء به، فيضاف ذلك إلى المكان مجازا، والله خلقه عنده وقدَّره فيه كما يخلق الموت عند *** القاتل، والشبع والري عند أكل الآكل وشرب الشارب، فالدار التي يهلك بها أكثر ساكنيها توصف بالشؤم؛ لأن من كتب الله عليه الموت في تلك الدار حسن إليه سكناها وحركه إليها حتى يقبض روحه في المكان الذي كتب له كما ساق الرجل من بلد إلى بلد للأثر والبقعة التي قضى أنه يكون مدفنه بها.

*

*قالوا: وكذلك ما يوصف من طول أعمار بعض أهل البلدان ليس ذلك من أجل صحة هواء، ولا طيب تربة، ولا طبع يزداد به الأجل وينقص بفواته، ولكن الله سبحانه قد خلق ذلك المكان وقضى أن يسكنه أطول خلقه أعمارا، فيسوقهم إليه ويجمعهم فيه ويحببه إليهم. قالوا: وإذا كان هذا على ما وصفنا في الدور والبقاع جاز مثله في النساء والخيل، فتكون المرأة قد قدَّر الله عليها أن تتزوج عددا من الرجال ويموتون معها، فلا بد من انفاذ قضائه وقدره حتى أن الرجل ليقدم عليها من بعد علمه بكثرة من مات عنها لوجه من الطمع يقوده إليها حتى يتم قضاؤه وقدره، فتوصف المرأة بالشؤم لذلك، وكذلك الفرس، وإن لم يكن لشيء من ذلك فعل ولا تأثير.

*

*وقالت طائفة أخرى: شؤم الدار مجاورة جار السوء، وشؤم الفرس ألا يُغزى عليها في سبيل الله، وشؤم المرأة ألا تلد وتكون سيئة الخلق.

*

*وقالت طائفة أخرى منهم الخطابي: هذا مستثنى من الطيرة أي: الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم، فليفارق الجميع بالبيع والطلاق ونحوه، ولا يقيم على الكراهة والتأذي به، فإنه شؤم، وقد سلك هذا المسلك أبو محمد بن قتيبة في كتاب مشكل الحديث له، لما ذكر أن بعض الملاحدة اعترض بحديث هذه الثلاثة.

*

*وقالت طائفة أخرى: الشؤم في هذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها وتطير بها، فيكون شؤمها عليه، ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير لم تكن مشؤومة عليه، قالوا: ويدل عليه حديث أنس: «الطيرة على من تطير»، وقد يجعل الله سبحانه تطير العبد وتشاؤمه سببا لحلول المكروه به كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به.

*

قالوا: فالشؤم الذي في الدار والمرأة والفرس قد يكون مخصوصا بمن تشاءم بها وتطير، وأما من توكل على الله وخافه وحده ولم يتطير ولم يتشاءم فان الفرس والمرأة والدار لا يكون شؤما في حقه.

*

*وقالت طائفة أخرى: معنى الحديث: إخباره عن الأسباب المثيرة للطيرة الكامنة في الغرائز، يعني: أن المثير للطيرة في غرائز الناس هي هذه الثلاثة، فأخبرنا بهذا لنأخذ الحذر منها، فقال: «الشؤم في الدار والمرأة والفرس» أي: أن الحوادث التي تكثر مع هذه الأشياء والمصائب التي تتوالى عندها تدعو الناس إلى التشاؤم بها، فقال: الشؤم فيها أي: أن الله قد يقدره فيها على قوم دون قوم، فخاطبهم بذلك لما استقر عندهم منه من إبطال الطيرة وإنكار العدوى؛ ولذلك لم يستفهموا في ذلك عن معنى ما أراده كما تقدم لهم في قوله: «لا يورد الممرض على المصح» فقالوا عنده: وما ذاك يا رسول الله؟! فأخبرهم أنه خاف في ذلك الأذى الذي يدخله الممرض على المصح لا العدوى؛ لأنه أمر بالتوادد وإدخال السرور بين المؤمنين؛ وحسن التجاور، ونهى عن التقاطع والتباغض والأذى، فمن اعتقد أن رسول الله نسب الطيرة والشؤم إلى شيء من الأشياء على سبيل أنه مؤثر بذلك دون الله فقد أعظم الفرية على الله وعلى رسوله، وضل ضلالا بعيدا، والنبي ابتداهم بنفي الطيرة والعدوى ثم قال: «الشؤم في ثلاث» قطعا لتوهم المنفية في الثلاثة التي أخبر أن الشؤم يكون فيها فقال: «لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاثة»، فابتدأهم بالمؤخر من الخير تعجيلا لهم بالأخبار بفساد العدوى والطيرة المتوهمة من قوله: «الشؤم في ثلاثة». وبالجملة فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانا مشئومة على من قاربها وسكنها، وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدا مباركا، يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولدا مشئوما نذلا يريان الشر على وجهه، وكذلك ما يعطاه العبد ولاية أو غيرها، فكذلك الدار والمرأة والفرس، والله سبحانه خالق الخير والشر، والسعود والنحوس، فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة، ويقضي سعادة من قارنها، وحصول اليُمن له والبركة، ويخلق بعض ذلك نحوسا يتنحس بها من قارنها، وكل ذلك بقضائه وقدره كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة، فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من الناس، وخلق ضدها وجعلها سببا لإيذاء من قارنها من الناس، والفرق بين هذين النوعين يُدرك بالحس فكذلك في الديار والنساء والخيل، فهذا لون، والطيرة الشركية لون آخر". مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة لابن القيم (2/ 254 - 257) باختصار وتصرف يسير.

*

*فمن فهم وجه هذا الحديث فالحمد لله، ومن لم يفهمه فلا ضير عليه، {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]، وليس بالضرورة أن نفهم كل حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فكم من عالم يتوقف في بيان معنى حديث، لكن يجب علينا أن نؤمن بأن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حق وإن لم نفهم معناه، ذكر البخاري في صحيحه (9/ 154) عن الإمام الزهري قال: «من الله الرسالة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ، وعلينا التسليم»..

*

حتى في القرآن توجد آيات يُشكل فهمها على كثير من العلماء، وكثير من المفسرين المتخصصين في التفسير يتوقفون في تفسيرها، ولا يجوز لمن لم يفهم آية أو حديثا أن يكذب به، فقد قال الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85].

*

*ومن الآيات التي لا يعلمها كثير من العلماء: الحروف المقطعة في أوائل بعض السور مثل: ﴿ الم ﴾ [البقرة: 1]، ﴿ الر ﴾ [يونس: 1]، ﴿ المر ﴾ [الرعد: 1]، ﴿ كهيعص ﴾ [مريم: 1]، ﴿ طسم ﴾ [الشعراء: 1]، ﴿ حم عسق ﴾ [الشورى: 1، 2].

*

ومن ذلك قوله تعالى:* {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34].

*

وقوله سبحانه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210].

*

وقوله عز وجل:* {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [الهمزة: 9].

*

*وقال القرطبي في تفسيره (10/ 356، 357): واختلف الناس في الرقيم، فقال ابن عباس: كل شي في القرآن أعلمه إلا أربعة: غسلين، وحنان، والأواه، والرقيم... وقال ابن زيد: الرقيم كتاب غم الله علينا أمره، ولم يشرح لنا قصته.

*

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "أيها الناس من علم منكم شيئا فليقل، ومن لم يعلم فليقل لما لا يعلم: الله أعلم؛ فإن من عِلم المرء أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم:* {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]. رواه ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله في باب ما يلزم العالم إذا سئل عما لا يدريه من وجوه العلم (1556).

*

*وعن ابن عمر أنه سئل عن شيء، فقال: لا أدري، فلما ولى الرجل قال: نعما قال عبد الله بن عمر، سُئل عما لا يعلم فقال: لا علم لي به. رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (1563).

*

وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: كنا عند مالك بن أنس، فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله جئتك من مسيرة ستة أشهر حملني أهل بلدي مسألة أسألك عنها، قال: فسل، فسأله الرجل عن مسألة، فقال مالك: لا أحسنها، قال: فبُهت الرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء، فقال: فأي شيء أقول لأهل بلدتي إذا رجعت لهم؟! قال: تقول لهم: قال مالك: لا أُحسن. رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1573).

*

*وذكر ابن وهب في كتاب المجالس قال: سمعت مالكا يقول: ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري فإنه عسى أن يهيأ له خير. قال ابن وهب: وكنت أسمعه كثيرا ما يقول: لا أدري. رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (1574).

*

وقال الشيخ بكر أبو زيد: جُنة العالم (لا أدري)، ويهتك حجابه الاستنكاف منها، وقوله: يُقال. وعليه، فإن كان نصف العلم (لا أدري)، فنصف الجهل (يقال) و (أظن). حلية طالب العلم لبكر أبو زيد (ص: 184).

*

الكاتب: محمد بن علي بن جميل المطري

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-10-2017, 10:18 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp

ما المقصود في الحديث الذي يقول إن هناك فأل شر في المرأة والحصان ؟ هل المقصود أنه يوجد الشر في المرأة والحصان على العموم ؟.
تم النشر بتاريخ: 2003-05-24

الحمد لله

الثابت في السنة هو النهي عن التشاؤم - التطير - والتحذير منه ، والإخبار بأنه شرك ، ومن ذلك ما رواه البخاري (5776) ومسلم (2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ" .

وروى أحمد (4194) وأبو داود (3910) والترمذي (1614) وابن ماجه (3538) عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطيرة شرك " وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

وروى أحمد (7045) والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك" قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك ؟ قال : " أن يقول أحدهم : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" [ حسنه الأرناؤوط وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6264 ].

وروى الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ليس منا من تطيَّر ولا من تُطيّر له أو تَكهن أو تُكهن له أو سَحر أو سُحر له " وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5435

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :

( والتطير : التشاؤم ، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي وكانوا يتطيرون بالطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا بها ومضوا في سفرهم وحوائجهم ، وان أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم ، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لاطيرة " وفى حديث آخر "الطيرة شرك" أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد ) أ.هـ بتصرف .

هذا هو الأصل في مسألة التشاؤم (التطير) ، ثم جاءت أحاديث تفيد أن الشؤم قد يكون في المرأة والدار والفرس ، روى البخاري (5093) ومسلم (2252) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ".

وروى البخاري (5094) ومسلم (2252) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ".

وروى أبوداود (3924) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَرُوهَا ذَمِيمَةً " والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.

وقد اختلف العلماء في فهم هذه الأحاديث والتوفيق بينها وبين أحاديث النهي عن التطير، فمنهم من حملها على ظاهرها ، ورأى أن هذا مستثنى من الطيرة ، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة .

وقال آخرون شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم ، وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها وقيل حرانها وغلاء ثمنها ، وشؤم الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فوض إليه. (شرح النووي على مسلم) .

والصحيح أن الطيرة مذمومة كلها ، وأنه ليس شيء من النساء أو الدور أو الدواب تضر أو تنفع إلا بإذن الله ، فهو سبحانه خالق الخير والشر ، وقد يبتلي العبد بامرأة سيئة الخلق ، أو دار يكثر فيها العطب ، فيشرع للعبد التخلص من ذلك ، فرارا من قدر الله إلى قدر الله، وحذرا من الوقوع في التشاؤم المذموم .

قال ابن القيم رحمه الله :

( وقالت طائفة أخرى : الشؤم في هذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها وتطير بها فيكون شؤمها عليه ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير لم تكن مشؤومة عليه. قالوا ويدل عليه حديث أنس" الطيرة على من تطير" وقد يجعل الله سبحانه تطير العبد وتشاؤمه سببا لحلول المكروه به كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به .

وسر هذا أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله تعالى والخوف من غيره وعدم التوكل عليه والثقة به ، فكان صاحبها غرضا لسهام الشر والبلاء فيتسرع نفوذها فيه لأنه لم يتدرع من التوحيد والتوكل بجنة واقية وكل من خاف شيئا غير الله سلط عليه كما أن من أحب مع الله غيره عذب به ومن رجا مع الله غيره خذل من جهته وهذه أمور تجربتها تكفي عن أدلتها ، والنفس لا بد أن تتطير ولكن المؤمن القوي الإيمان يدفع موجب تطيره بالتوكل على الله فإن من توكل على الله وحده كفاه من غيره قال تعالى : " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون" ولهذا قال ابن مسعود : "وما منا إلا يعني من يقارب التطير ولكن الله يذهبه بالتوكل" ... قالوا فالشؤم الذي في الدار والمرأة والفرس قد يكون مخصوصا بمن تشاءم بها وتطير وأما من توكل على الله وخافه وحده ولم يتطير ولم يتشاءم فان الفرس والمرأة والدار لا يكون شؤما في حقه ).

ثم قال : ( فمن اعتقد أن رسول الله نسب الطيرة والشؤم إلى شيء من الأشياء على سبيل أنه مؤثر بذاته دون الله فقد أعظم الفرية على الله وعلى رسوله وضل ضلالا بعيدا... وبالجملة فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها ، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانا مشؤومة على من قاربها وسكنها وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدا مباركا يريان الخير على وجهه ويعطى غيرهما ولدا مشؤوما نذلا يريان الشر على وجهه ، وكذلك ما يعطاه العبد ولاية أو غيرها فكذلك الدار والمرأة والفرس ، والله سبحانه خالق الخير والشر والسعود والنحوس فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة ويقضى سعادة من قارنها وحصول اليمن له والبركة ويخلق بعض ذلك نحوسا يتنحس بها من قارنها وكل ذلك بقضائه وقدره كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من الناس وخلق ضدها وجعلها سببا لإيذاء من قارنها من الناس والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس فكذلك في الديار والنساء والخيل فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر )

وقال في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهل الدار بالتحول عنها في الحديث الذي تقدم ذكره :

( فليس هذا من الطيرة المنهي عنها وإنما أمرهم بالتحول عنها عند ما وقع في قلوبهم منها لمصلحتين ومنفعتين :

إحداهما : مفارقتهم لمكان هم له مستثقلون ومنه مستوحشون لما لحقهم فيه ونالهم ليتعجلوا الراحة مما داخلهم من الجزع في ذلك المكان والحزن والهلع لأن الله عز وجل قد جعل في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم الشر فيه وإن كان لا سبب له في ذلك وحب ما جرى لهم على يديه الخير وإن لم يردهم به، فأمرهم بالتحول مما كرهوه لأن الله عز وجل بعثه رحمة ولم يبعثه عذابا وأرسله ميسرا ولم يرسله معسرا فكيف يأمرهم بالمقام في مكان قد أحزنهم المقام به واستوحشوا عنده لكثرة من فقدوه فيه لغير منفعته ولا طاعة ولا مزيد تقوى وهدى لاسيما وطول مقامهم فيها بعد ما وصل إلى قلوبهم منها ما وصل قد يبعثهم ويدعوهم إلى التشاؤم والتطير ، فيوقعهم ذلك في أمرين عظيمين :

أحدهما مقارنة الشرك .

والثاني : حلول مكروه أحزنهم بسبب الطيرة التي إنما تلحق المتطير فحماهم بكمال رأفته ورحمته من هذين المكروهين بمفارقة تلك الدار والاستبدال بها من غير ضرر يلحقهم بذلك في دنيا ولا نقص في دين ) مفتاح دار السعادة 2/258

والله أعلم .

منقول
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14-10-2017, 10:21 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp

الحمد للـه العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على النبي الذي وصفه ربه في القرآن
فقال عنه [بالمؤمنين رؤوف رحيم]..
وبعد،
فإنّ أعداء الإسلام ما فتئوا يثيرون الشبهات المغرضة حول الإسلام ونبي الإسلام وأحكام الإسلام، ولهم في ذلك أساليب وحِـيَـلٌ عجيبة، فـإنهم تارة يبترون النصوص الشرعية [ فمثلا يبترون الحديث الشريف الذي ورد في ثناياه أنّ النساء ناقصات عقل ودين- على تفصيل ذكره النبي الكريم-، ويتغافلون عن سرد النص الكامل للحديث ]، وتارة يلوون المعاني ويلبسون على العوام دينهم [ فمثلا يزعمون أن القرآن فيه آية (وترى الملائكة ((حافيين)) حول العرش) والصواب أن نص الآية هو { وترى الملائكة حافّين حول العرش} فشتان ما بين (حافّين بالعرش) أي محيطين به وما بين (حافيين) أي غير منتعلين!]..
وما درى هؤلاء المغرضون الحاقدون –نسأل الـله لهم الهداية- أنّ ديننا دين سماوي كامل، وأن القرآن {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}، وأنّ محمدا صلى الـله عليه وسلم قد حاز إعجاب الكافر قبل المسلم..
بل إنّ المرء ليرى أنّ مِن المستشرقين مَن يقبل على دراسة الإسلام وتعاليمه وشمائل نبيه ليثير الشبهات وينشر الأباطيل، فـنجِـد مِن هؤلاء من يعود إليه رشده وصوابه فيتخذ جانب الإنصاف والحياد، هذا إن لم يشهر إسلامه –وقد حصل-، وما ذاك إلا لما رأوا من عظمة هذا الدين العظيم –نسأل الـله أن يحيينا مسلمين وأن يميتنا مسلمين-..

وسأتناول في هذا المقام شبهة تثار عن المرأة في الإسلام [وهم إنما يركزون على المرأة لأن معظم من يدخلون في الإسلام في ديار النصارى هم من النساء لما يرون في الإسلام من عدل وإنصاف لهن] وهذه الشبهة تنطلي على الكثير من عوام المسلمين مع الأسف، وتتعلق هذه الشبهة بالحديث الشريف الذي أورده الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الـله بن عمر رضي الـله عنهما قال سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول (‏إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس والمرأة والدار) [صحيح البخاري-كتاب الجهاد والسير- باب ما يذكر من شؤم الفرس]ٍ..
وروى هذا الحديث أيضا الإمام مسلم في صحيحه ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمر أنّ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال (الشؤم في الدار والمرأة والفرس) [صحيح مسلم-كتاب السلام-باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم]، كما رواه الإمام الترمذي في سننه ‏عن ‏ ‏سالم ‏ ‏وحمزة ابني عبد الله بن عمر ‏‏عن ‏أبيهما ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال (‏الشؤم في ثلاثة في المرأة والمسكن والدابة) [سنن الترمذي-كتاب الأدب عن رسول الله- باب ما جاء في الشؤم]..
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن كان الشؤم في شيء ففي المرأة والدابة والسكن " ‏رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما..
وأخرج أحمد وصححه ابن حبان والحاكم من حديث سعد مرفوعا: " من سعادة ابن آدم ثلاثة المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح , ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء"..
وفي رواية للحاكم : " ثلاثة من الشقاء المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك .
والدابة تكون قطوفا، فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحق أصحابك , والدار تكون ضيقة قليلة المرافق"..
فهذه بعض طرق الحديث كما وردت عن رسول الهدى سيدنا محمد صلى الـله عليه وسلم، والمشككون المغرضون يقولون في دعاواهم أن النبي يجعل المرأة مصدرا للشؤم وسببا له وقرينة له متجاهلين الطرق المتعددة التي ورد بها الحديث، ومجمل الطرق تزيل اللبس عن القارئ المنصف اللبيب..
فإنّ الحديث وردت فيه كلمة (الشؤم) وهي مصدر في اللغة العربية، ونفهم من الحديث أنّه إن كان يمكننا التشاؤم من شيء فمن المرأة أو الدابة أو الدار، ولا مجال لفهم الحديث على أنّه اعتبار لحصول التشاؤم مطلقا من المرأة والدابة والدار، فإنّ الرسول الكريم صلى الـله عليه وسلم تزوج النساء وروي أنه قال: (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وصحّ عن النبي أنه اتخذ دارا للسكنى وركب في سفره الدواب، وعليه فإنّ الادعاء بأن المراد من الحديث توكيد حصول التشاؤم مطلقا من المرأة والدار والدابة ادعاء مردود لغة وشرعا وعقلا تبطله طرق الحديث المتعددة، كرواية أحمد وابن حبان والحاكم عن سعد عن النبي صلى الـله عليه وسلم " من سعادة ابن آدم ثلاثة المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح ، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء"..
وعلماء الإسلام –رحمهم الـله- لم يفهموا الحديث الشريف (الشؤم في ثلاث.... )
إلا على أنّه تخصيص لحصول التشاؤم من المرأة التي تحصل منها العداوة والفتنة، وإلا فالمرأة مكرمة مصونة في الإسلام أما وبنتا وأختا وزوجة؛ ورد في الحديث عن الرسول صلى الـله عليه وسلم أنه قال: "‏حبب إلي من الدنيا النساء والطيب وجعلت ‏‏ قرة ‏‏ عيني في الصلاة" [رواه أحمد] فالمرأة كالصلاة إيمان وطهر وهي كالطيب إنعاش وسكون نفس!، بل إن الإسلام يبشر من يعول جاريتين حتى تبلغا بالأجر العظيم والثواب الجزيل، لذا أدعو القارئ الكريم إلى التمعن فيما أورده الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) في معرض شرحه لحديث"ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، حيث كتب الإمام العسقلاني ما نصه: ((‏قال الشيخ تقي الدين السبكي : في إيراد البخاري هذا الحديث عقب حديثي ابن عمر وسهل بعد ذكر الآية في الترجمة إشارة إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منها العداوة والفتنة ، لا كما يفهمه بعض الناس من التشاؤم بكعبها أو أن لها تأثيرا في ذلك ، وهو شيء لا يقول به أحد من العلماء ، ومن قال إنها سبب في ذلك فهو جاهل ، وقد أطلق الشارع على من ينسب المطر إلى النوء الكفر فكيف بمن ينسب ما يقع من الشر إلى المرأة مما ليس لها فيه مدخل،وإنما يتفق موافقة قضاء وقدر فتنفر النفس من ذلك ، فمن وقع له ذلك فلا يضره أن يتركها من غير أن يعتقد نسبة الفعل إليها))ا.هـ.


منقول
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14-10-2017, 10:23 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp

سلسلة الرد المفصل على الطاعنين في أحاديث صحيح البخاري (18)
حديث: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ)
*
من الأحاديث التي يطعن فيها الطاعنون في صحيح البخاري: ما رواه البخاري برقم (2858) عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ))، قالوا: فيه مآخذ عقدية بتقريره اعتقاد ما يضر وما ينفع من دون الله، وذلك لازم هذا التشاؤم!
*
وفي الجواب عن هذه الشبهة نقول:
أولاً: هذا الحديث لم يتفرد بروايته البخاري، فقد رواه أيضاً مسلم (2225) وأحمد (4927) وأبو داود (3922) وغيرهم من حديث عبد الله بن عمر، وجاء أيضا من حديث غيره من الصحابة كسهل بن سعد الساعدي كما في صحيح البخاري (5095) ومسند أحمد (22836).
*
ثانياً: لا شك أن هذا الحديث من المتشابه الذي يحتمل معنى حق ومعنى باطل، والواجب في المتشابه أن يُرد إلى المحكم ليتبين معناه الحق، كما قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران:7].
ومن الأحاديث المحكمة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أثنى على الخيل وأثنى على المرأة الصالحة والبيت الواسع.
*
وروى البخاري في صحيحه (2852) من حديث عروة البارقي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ)).
وروى البخاري أيضاً (5971) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ! قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ! قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ)).
*
وروى البخاري أيضاً (3662) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أَبُوهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالًا)).
وروى مسلم في صحيحه (1467) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)).
*
وروى أحمد (1445) وصححه الأرناؤوط عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء)).
*
قال الحافظ ابن حجر في شرح حديث: ((الشؤم في ثلاث)): "قال القرطبي: ولا يظن به أنه يحمله على ما كانت الجاهلية تعتقده بناء على أن ذلك يضر وينفع بذاته، فإن ذلك خطأ، وإنما عنى أن هذه الأشياء هي أكثر ما يتطير به الناس، فمن وقع في نفسه شيء أبيح له أن يتركه ويستبدل به غيره. قلت: وقد وقع في رواية: ذكروا الشؤم فقال: ((إن كان في شيء ففي..))، ولمسلم: ((إن يك من الشؤم شيء حق..))، وفي رواية عتبة بن مسلم: ((إن كان الشؤم في شيء))، وكذا في حديث جابر عند مسلم، وهو موافق لحديث سهل بن سعد ثاني حديثي الباب، وهو يقتضي عدم الجزم بذلك بخلاف رواية الزهري، قال ابن العربي: معناه: إن كان خلق الله الشؤم في شيء مما جرى من بعض العادة فإنما يخلقه في هذه الأشياء. قال المازري: مجمل هذه الرواية: إن يكن الشؤم حقا، فهذه الثلاث أحق به بمعنى أن النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها، وقد يكون سبب هذه الإباحة التي ذكرها القرطبي هو حتى لا يقع في النفس شيء من علائق التشاؤم، فيكون ذلك بمثابة سد الذريعة، كما في الحديث ((فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ))". فتح الباري لابن حجر (6/ 61) باختصار يسير.
*
ولابن القيم رحمه الله كلام طويل في شرح هذا الحديث في كتابه مفتاح دار السعادة أكتفي بنقله هنا باختصار لنفاسته، ولذكره أقوال العلماء في توجيهه:
قال ابن القيم: "الواجب بيان معنى الحديث ومباينته للطيرة الشركية، فنقول وبالله التوفيق: هذا الحديث قد روي على وجهين: أحدهما: بالجزم، والثاني: بالشرط، فأما الأول فرواه مالك عن ابن شهاب عن سالم وحمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيهما أن رسول الله قال: ((الشؤم في الدار والمرأة والفرس)) متفق عليه، وفي لفظ في الصحيحين عنه: ((لا عدوى ولا صفر ولا طيرة، وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار)). وأما الثاني ففي الصحيحين أيضا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله: ((إن كان ففي المرأة والفرس والمسكن)) يعني الشؤم، وفي صحيح مسلم عن جابر مرفوعا: ((إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس))، وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعا: ((إن يكن من الشؤم شيء حقا ففي الفرس والمسكن والمرأة))،.. وقالت طائفة أخرى: لم يجزم النبي بالشؤم في هذه الثلاثة، بل علقه على الشرط فقال: ((إن يكن الشؤم في شيء))، ولا يلزم من صدق الشرطية صدق كل واحد من مفرديها، فقد يصدق التلازم بين المستحيلين، قالوا: ولعل الوهم وقع من ذلك، وهو أن الراوي غلط وقال: ((الشؤم في ثلاثة))، وإنما الحديث: ((إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة))، قالوا: وقد اختُلف على ابن عمر، والروايتان صحيحتان عنه، قالوا: وبهذا يزول الإشكال، ويتبين وجه الصواب.
*
وقالت طائفة أخرى: إضافة رسول الله صلى عليه وسلم الشؤم إلى هذه الثلاثة مجاز واتساع أي: قد يحصل مقارنا لها وعندها، لا أنها هي أنفسها مما يوجب الشؤم، قالوا: وقد يكون الدار قد قضى الله عز وجل عليها أن يميت فيها خلقا من عباده كما يُقدِّر ذلك في البلد الذي ينزل الطاعون به، وفي المكان الذي يكثر الوباء به، فيضاف ذلك إلى المكان مجازا، والله خلقه عنده وقدَّره فيه كما يخلق الموت عند *** القاتل، والشبع والري عند أكل الآكل وشرب الشارب، فالدار التي يهلك بها أكثر ساكنيها توصف بالشؤم؛ لأن من كتب الله عليه الموت في تلك الدار حسن إليه سكناها وحركه إليها حتى يقبض روحه في المكان الذي كتب له كما ساق الرجل من بلد إلى بلد للأثر والبقعة التي قضى أنه يكون مدفنه بها.
*
قالوا: وكذلك ما يوصف من طول أعمار بعض أهل البلدان ليس ذلك من أجل صحة هواء، ولا طيب تربة، ولا طبع يزداد به الأجل وينقص بفواته، ولكن الله سبحانه قد خلق ذلك المكان وقضى أن يسكنه أطول خلقه أعمارا، فيسوقهم إليه ويجمعهم فيه ويحببه إليهم. قالوا: وإذا كان هذا على ما وصفنا في الدور والبقاع جاز مثله في النساء والخيل، فتكون المرأة قد قدَّر الله عليها أن تتزوج عددا من الرجال ويموتون معها، فلا بد من انفاذ قضائه وقدره حتى أن الرجل ليقدم عليها من بعد علمه بكثرة من مات عنها لوجه من الطمع يقوده إليها حتى يتم قضاؤه وقدره، فتوصف المرأة بالشؤم لذلك، وكذلك الفرس، وإن لم يكن لشيء من ذلك فعل ولا تأثير.
*
وقالت طائفة أخرى: شؤم الدار مجاورة جار السوء، وشؤم الفرس ألا يُغزى عليها في سبيل الله، وشؤم المرأة ألا تلد وتكون سيئة الخلق.
*
وقالت طائفة أخرى منهم الخطابي: هذا مستثنى من الطيرة أي: الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم، فليفارق الجميع بالبيع والطلاق ونحوه، ولا يقيم على الكراهة والتأذي به، فإنه شؤم، وقد سلك هذا المسلك أبو محمد بن قتيبة في كتاب مشكل الحديث له، لما ذكر أن بعض الملاحدة اعترض بحديث هذه الثلاثة.
*
وقالت طائفة أخرى: الشؤم في هذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها وتطير بها، فيكون شؤمها عليه، ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير لم تكن مشؤومة عليه، قالوا: ويدل عليه حديث أنس: ((الطيرة على من تطير))، وقد يجعل الله سبحانه تطير العبد وتشاؤمه سببا لحلول المكروه به كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به.
قالوا: فالشؤم الذي في الدار والمرأة والفرس قد يكون مخصوصا بمن تشاءم بها وتطير، وأما من توكل على الله وخافه وحده ولم يتطير ولم يتشاءم فان الفرس والمرأة والدار لا يكون شؤما في حقه.
*
وقالت طائفة أخرى: معنى الحديث: إخباره عن الأسباب المثيرة للطيرة الكامنة في الغرائز، يعني: أن المثير للطيرة في غرائز الناس هي هذه الثلاثة، فأخبرنا بهذا لنأخذ الحذر منها، فقال: ((الشؤم في الدار والمرأة والفرس)) أي: أن الحوادث التي تكثر مع هذه الأشياء والمصائب التي تتوالى عندها تدعو الناس إلى التشاؤم بها، فقال: الشؤم فيها أي: أن الله قد يقدره فيها على قوم دون قوم، فخاطبهم بذلك لما استقر عندهم منه من إبطال الطيرة وإنكار العدوى؛ ولذلك لم يستفهموا في ذلك عن معنى ما أراده كما تقدم لهم في قوله: ((لا يورد الممرض على المصح)) فقالوا عنده: وما ذاك يا رسول الله؟! فأخبرهم أنه خاف في ذلك الأذى الذي يدخله الممرض على المصح لا العدوى؛ لأنه أمر بالتوادد وإدخال السرور بين المؤمنين؛ وحسن التجاور، ونهى عن التقاطع والتباغض والأذى، فمن اعتقد أن رسول الله نسب الطيرة والشؤم إلى شيء من الأشياء على سبيل أنه مؤثر بذلك دون الله فقد أعظم الفرية على الله وعلى رسوله، وضل ضلالا بعيدا، والنبي ابتداهم بنفي الطيرة والعدوى ثم قال: ((الشؤم في ثلاث)) قطعا لتوهم المنفية في الثلاثة التي أخبر أن الشؤم يكون فيها فقال: ((لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاثة))، فابتدأهم بالمؤخر من الخير تعجيلا لهم بالأخبار بفساد العدوى والطيرة المتوهمة من قوله: ((الشؤم في ثلاثة)). وبالجملة فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانا مشئومة على من قاربها وسكنها، وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدا مباركا، يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولدا مشئوما نذلا يريان الشر على وجهه، وكذلك ما يعطاه العبد ولاية أو غيرها، فكذلك الدار والمرأة والفرس، والله سبحانه خالق الخير والشر، والسعود والنحوس، فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة، ويقضي سعادة من قارنها، وحصول اليُمن له والبركة، ويخلق بعض ذلك نحوسا يتنحس بها من قارنها، وكل ذلك بقضائه وقدره كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة، فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من الناس، وخلق ضدها وجعلها سببا لإيذاء من قارنها من الناس، والفرق بين هذين النوعين يُدرك بالحس فكذلك في الديار والنساء والخيل، فهذا لون، والطيرة الشركية لون آخر". مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة لابن القيم (2/ 254 - 257) باختصار وتصرف يسير.
*
فمن فهم وجه هذا الحديث فالحمد لله، ومن لم يفهمه فلا ضير عليه، ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، وليس بالضرورة أن نفهم كل حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فكم من عالم يتوقف في بيان معنى حديث، لكن يجب علينا أن نؤمن بأن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حق وإن لم نفهم معناه، ذكر البخاري في صحيحه (9/ 154) عن الإمام الزهري قال: «من الله الرسالة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ، وعلينا التسليم»..
حتى في القرآن توجد آيات يُشكل فهمها على كثير من العلماء، وكثير من المفسرين المتخصصين في التفسير يتوقفون في تفسيرها، ولا يجوز لمن لم يفهم آية أو حديثا أن يكذب به، فقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].
*
ومن الآيات التي لا يعلمها كثير من العلماء: الحروف المقطعة في أوائل بعض السور مثل: ﴿ الم ﴾ [البقرة: 1]، ﴿ الر ﴾ [يونس: 1]، ﴿ المر ﴾ [الرعد: 1]، ﴿ كهيعص ﴾ [مريم: 1]، ﴿ طسم ﴾ [الشعراء: 1]، ﴿ حم عسق ﴾ [الشورى: 1، 2].
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴾ [ص: 34].
وقوله سبحانه: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾ [البقرة: 210].
وقوله عز وجل: ﴿ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾ [الهمزة: 9].
*
وقال القرطبي في تفسيره (10/ 356، 357): واختلف الناس في الرقيم، فقال ابن عباس: كل شي في القرآن أعلمه إلا أربعة: غسلين، وحنان، والأواه، والرقيم... وقال ابن زيد: الرقيم كتاب غم الله علينا أمره، ولم يشرح لنا قصته.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "أيها الناس من علم منكم شيئا فليقل، ومن لم يعلم فليقل لما لا يعلم: الله أعلم؛ فإن من عِلم المرء أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ص: 86]. رواه ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله في باب ما يلزم العالم إذا سئل عما لا يدريه من وجوه العلم (1556).
*
وعن ابن عمر أنه سئل عن شيء، فقال: لا أدري، فلما ولى الرجل قال: نعما قال عبد الله بن عمر، سُئل عما لا يعلم فقال: لا علم لي به. رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (1563).
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: كنا عند مالك بن أنس، فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله جئتك من مسيرة ستة أشهر حملني أهل بلدي مسألة أسألك عنها، قال: فسل، فسأله الرجل عن مسألة، فقال مالك: لا أحسنها، قال: فبُهت الرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء، فقال: فأي شيء أقول لأهل بلدتي إذا رجعت لهم؟! قال: تقول لهم: قال مالك: لا أُحسن. رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1573).
*
وذكر ابن وهب في كتاب المجالس قال: سمعت مالكا يقول: ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري فإنه عسى أن يهيأ له خير. قال ابن وهب: وكنت أسمعه كثيرا ما يقول: لا أدري. رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (1574).
وقال الشيخ بكر أبو زيد: جُنة العالم (لا أدري)، ويهتك حجابه الاستنكاف منها، وقوله: يُقال. وعليه، فإن كان نصف العلم (لا أدري)، فنصف الجهل (يقال) و (أظن). حلية طالب العلم لبكر أبو زيد (ص: 184).
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:57 AM.