اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإدارى > أرشيف المنتدي

أرشيف المنتدي هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-04-2015, 02:17 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي منشأ الشرك الغلو في الصالحين

منشأ الشرك
الغلو في الصالحين (1)




عبدالمتعال محمد المزلاوي


قال الله تعالى: ï´؟ قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا * وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا * وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا ï´¾ [نوح: 21 - 24].





قال الإمام ابن جرير: وكان من خبر هؤلاء فيما بلغنا ما حدثنا به ابن حميد حدثنا مهران عن سفيان عن موسى عن محمد بن قيس أن يغوث ويعوق ونسرًا كانوا قومًا صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا، قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صوَّرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوَّروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون، دبَّ إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يُسْقَون المطر، فعبدوهم.





روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب، أما وَدٌّ فكان لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحِمْيَر لآل ذي الكلاع.





هذا ما وقع في قوم نوح عليه السلام من الشرك، وما كان سببه إلا غُلوهم في الصالحين وافتتانهم بقبورهم، وتصويرهم لتماثيلهم وعكوفهم عليها، وكذلك سرت هذه العدوى في بلاد العرب، وعبدت هذه الأصنام في القبائل، كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه.





وهل يوجد فرق بين ما عليه عباد القبور اليوم وبين ما وقع من قوم نوح؟ قوم نوح عبدوا ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا؛ لأنهم كانوا قومًا صالحين، وهذه حجة عُبَّاد القبور اليوم، يلجؤون إلى الموتى وينادونهم من مكان بعيد: يا سيدي، أنا في جاهك، أنا في حسبك، ليس لي إلا الله وأنت، لا تردني خائبًا، وإذا حضر أمام القبر أو من داخل الضريح، فلا تسل عن العبرات التي تسكب في سبيل الشيطان، وإني سمعت بأذني من رجل كان معي أمام ضريح السيدة نفيسة رضي الله عنها يقول: يا سيدة، جودي علي بولد، فلما سمعت منه هذا انتهرته أشد انتهار، وقلت له: اسمع يا هذا، الذي قلته كفر صريح، ولا توبة لك إلا بشهادة أن لا إله إلا الله، وفعلاً قد جدَّد شهادة التوحيد.





وهذا قليل من كثير مما يقع من عُبَّاد القبور وسَدَنة الأضرحة، وأرباب الطرق الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شِيعًا.





أرباب الطرق هم أُس الفساد، وهم واللهِ جنود إبليس، وهم الذين روَّجوا على العامة مثل هذه التُّرَّهات وتلك الأباطيل الشِّركية التي ما أنزل الله بها من سلطان، أرباب الطرق هم الذين جدَّدوا العهد بالوثنية السافرة، وعادوا بالناس إلى جاهلية ممقوتة، بل جدَّدوا العهد بقوم نوح عليه السلام.





روى البخاري عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حُنين ونحن حديثو عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر، هذا كما قالت بنو إسرائيل: ï´؟ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ï´¾ [الأعراف: 138]، لتَركَبُنَّ سُنن مَن كان قبلكم)).





فرسول الله صلى الله عليه وسلم عنَّف أصحابه رضي الله عنهم على قولهم: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط"، مع العلم أنهم رضي الله عنهم لم يريدوا عبادتها، ولم يدُر ذلك في خلدهم، بل أرادوا اتخاذها لتعليق أسلحتهم عليها، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء بالتوحيد الخالص، وأن يعبد الله وحده لا شريك له، أبَى على أصحابه أن يجعل لهم ذات أنواط، وقال لهم: (لتَركَبُنَّ سَنن مَن كان قبلكم).





نعم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى على أصحابه أن يجعل لهم ذات أنواط؛ لأنه يعلم أن اتخاذ مثل هذه السدرة يجعل للشيطان على بعض القلوب من سبيل، ومن أجل ذلك قطع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشجرة التي وقعت تحتها البيعة خوفًا من افتتان الناس بها، وهذا من فقه أمير المؤمنين، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.





فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على حماية التوحيد بكل ما أُوتي من قوة، حتى إنه نهى عن زيارة القبور في أول الأمر سدًّا لذريعة الشرك، فلما تمكَّن الإيمان من القلوب أَذِن في زيارتها.





روى الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزُوروها؛ فإنها تُذكِّركم الآخرة).





وفي رواية ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور؛ فإنها تُزهِّد في الدنيا، وتُذكِّر الآخرة))، وفي رواية: (فزوروها فإن فيها عبرة)).





فزيارة القبور شُرِعت للعبرة وللزهد في الدنيا - لأن حب الدنيا رأس كل بلاء - وتذكرة الآخرة، والإحسان إلى الأموات بالدعاء لهم والاستغفار، وإثابة الزائر بإهدائه صالح الدعوات للأموات، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولكن للأسف بدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم، فبدلاً من أن يدعو لهم دعوهم من دون الله، حتى أقرُّوا بذلك عين إبليس اللعين، معرضين عن كتاب ربهم وسُنة نبيِّهم، وهدْي سلف الأمة الصالح، وهذا شأن مَن أضلَّه الله، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.





قال الله تعالى: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ï´¾ [الأعراف: 194]، وقال تعالى: ï´؟ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ï´¾ [يونس: 106]، وقال تعالى: ï´؟ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ï´¾ [الجن: 18]، وقال: ï´؟ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ï´¾ [الرعد: 14]، وكثير من الآيات وردت في القرآن في نعْي الشرك على أهله، ولكن من لم يجعل الله له نورًا فماله من نور.





ومن الغلو المُفضي إلى الشرك: اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجدًا، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المتخذين القبور مساجدًا؛ كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قاتل الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ))، وفي رواية لمسلم: ((لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: ((لعَن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ))، ولولا ذلك لأُبْرِز قبرُه، غير أنه خُشِي أن يُتَّخذ مسجدًا؛ رواه البخاري ومسلم، فعُبَّاد القبور ملعونون بنص الحديث؛ شاؤوا ذلك، أم أَبَوْا.





فيا ليت شعري، كيف جاز لمن يدَّعي الإيمان بالله واليوم الآخر أن يعرِّض نفسه للعنة الله والرسول، ألم يقرأ قوله تعالى: ï´؟ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾ [النور: 63].





وأي فتنة أشنع من فتنة الذين استوجبوا مَقْت الله ورسوله، وعرَّضوا أنفسهم للطرد من رحمة الله، إلا من تاب وأناب، وعمل صالحًا، وجمع قلبه، وغسله بماء التوحيد الخالص، وأخرج منه مواد الشرك القذرة؛ حتى يصبح نقيًّا طاهرًا مُخبتًا لله تعالى، ولم يجعل على قلبه من سلطان لأي كائن من كان، سوى الله تعالى الذي بيده مقاليد الأمور، والعطاء والمنع، والنفع والضر، بيده كل شيء وهو يُجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون.





انظر إلى قول عائشة رضي الله عنها: ((ولولا ذلك لأُبْرِز قبرُه، غير أنه خُشِي أن يتخذ مسجدًا)).





ومعنى هذا أنه لولا الخوف من الافتتان بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، لدفن خارجًا عن الحجرة في مقابر المسلمين؛ ولذلك قالت أم المؤمنين رضي الله عنها: "ولولا ذلك لأُبرِز قبره" بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرًا.





ولو أُبرِز قبر النبي صلى الله عليه وسلم لتجالدوا عليه بالسيوف وكانت فتنة، ولكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أفقه من أن يبرزوا قبره حتى يتَّخذ وثنًا يُعبد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد))، وقال أيضًا: ((اللهم لا تجعل قبري عيدًا))، وقد أجاب الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم وحمى قبره من أن يناله شيء من شِرْك عُبَّاد القبور، ورِجس أهل الباطل، وهذه نعمة من الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.






اللهم إني أسألك أن تملأ قلوبنا بالتوحيد الخالص، وتُجنبنا الشرك ما ظهر منه وما بطن، إنك سميع الدعاء، وإنك على كل شيء قدير.



  #2  
قديم 30-04-2015, 02:22 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

منشأ الشرك
الغلو في الصالحين (2)




عبدالمتعال محمد المزلاوي



قال الله تعالى: ï´؟ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ï´¾ [يونس: 18]، وقال تعالى: ï´؟ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ï´¾ [يونس: 107]، وقال جل ذكره: ï´؟ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ï´¾ [الزمر: 2، 3].

وقال أيضًا: ï´؟ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ï´¾ [الإسراء: 56، 57].

روى بعض المفسرين عن ابن عباس ومجاهد، وابن مسعود وغيرهم - أن أناسًا كانوا يعتقدون في عيسى عليه السلام وعزير، والملائكة والجن، وغير هؤلاء، فردَّ الله عليهم اعتقادهم وشِركهم: إن هؤلاء الذين تدعونهم عبيدي كما أنتم عبيدي، يرجون رحمتي كما ترجون، ويخافون عذابي كما تخافون"، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ï´¾ [الأعراف: 194]، وفي القرآن الكريم كثير من الآيات البيِّنات في تقرير التوحيد والرد على المشركين الذين غَلَوْا في الصالحين من عباده، حتى رفعوهم في أنفسهم إلى مقام الإلهية، تعالى الله عن غلُوِّهم وشِركهم عُلوًّا كبيرًا.

أيها المسلمون، انظروا إلى القرآن، وتدبَّروا ما فيه، وافهموا خطاب الله إليكم، وما يُراد منكم، ولا تكونوا كالذين استهوتهم الشياطين في الأرض حيارَى، فأعرَضوا عن كتاب ربهم وسُنة نبيِّهم، فخسروا أنفسهم وذلك هو الخسران المبين، ï´؟ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ï´¾ [الزمر: 2، 3].

فيا لله، ويا للمسلمين، جهِل الناس كلمة التوحيد وهي التي من أجلها خُلِق العالم؛ ï´؟ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ï´¾ [الذاريات: 56]، ومن أجلها أُرسِلت الرسل، ومن أجلها قامت السموات والأرض، ومن أجلها نُصِبت الموازين، ومن أجلها ضُرِب الصراط، ومن أجلها قامت سوق الجنة والنار، ومن أجلها افترق الناس؛ ففريق في الجنة، وفريق في السعير، ï´؟ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ï´¾ [الزمر: 2، 3].

أين هذا مما عليه عُبَّاد القبور الذين اجتالتهم الشياطين عن التوحيد الخالص، وعن عبادة الله وحده لا شريك له؟!
أين هذا مما يفعله هؤلاء الأغمار حول الأضرحة وقبور الموتى؛ من العجيج والنشيج، والتمسُّح بالمقاصير والأحجار، وتقبيل الأعتاب، وغير ذلك من الشرك الفاضح؟! ï´؟ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ï´¾ [الحج: 46].

يأمر الله تعالى العباد بإخلاص العبادة له، والالتجاء إليه دون سواه، وفي ذلك من العزة وعُلو النفس وقوة القلب، ما يشهد له كل ذي عقلٍ راجح، ورأي صائبٍ، وفطرة سليمة.

المؤمن عزيز بربه، عزيز بدينه، عزيز باتِّباع رسوله صلى الله عليه وسلم، انظروا إلى قول الله تعالى، وما نعَت به المؤمنين، وزِنوا أنفسكم قبل أن تندموا حيث لا ينفع الندم؛ قال تعالى: ï´؟ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [المنافقون: 8]، وقال أيضًا: ï´؟ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ï´¾ [آل عمران: 139].

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثْتُ بالسيف بين يدي الساعة؛ حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعِل رزقي تحت ظلِّ رُمحي، وجُعِل الذِّلة والصَّغار على مَن خالف أمري، ومَن تشبَّه بقوم فهو منهم))؛ رواه الإمام أحمد.

المؤمن عزيز أبدًا، لا يذل لغير ربه فاطره وبارئه، ولا يلتفت في شأنٍ من شؤونه إلا إلى الله، فقلبه أبدًا متوجه إلى ربه، ولسانه أبدًا ذاكر لربه، وأعماله دائمًا في مرضاة ربه، فهو دائمًا عبد لله لا لغيره.

أما عُباد القبور، أما أرباب الطرق، أما المنافقون، أما المشركون - الذين ضُرِبت عليهم الذلة والصَّغار - فقد أبوا إلا التسفل والانحطاط، والتجؤوا إلى من صار ترابًا تحت أطباق الثرى، يناشدونه قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وهو عنهم معرض مشغول بما له أو عليه: ï´؟ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ï´¾ [الأحقاف: 6].

شتان بين الموقفين: موقف أهل الإيمان، وخزي أهل الباطل والكفران؛ جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لتتبِعُنَّ سَنن من كان قبلكم حَذو القُذَّة بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لدخلتموه))، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟))، وأخبر أيضًا صلى الله عليه وسلم أن أُمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: مَن هي يا رسول الله؟ قال: ((مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)).

نعم قد اتَّبع الذين غلوا في الصالحين سَنن من كان قبلهم، انظر إلى قوم نوح عليه السلام وما وقعوا فيه من الشرك الوخيم، وما سبب ذلك إلا غُلوُّهم في "ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر".

وها هم مشركو العرب عبدوا اللات والعُزَّى وهُبَل، وغير ذلك من معبوداتهم، وما عبدوهم في زعمهم إلا ليُقربوهم إلى الله زُلفى، روى ابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى: ï´؟ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ï´¾ [النجم: 19]، قال: "كان يلتُّ لهم السويق فمات، فعكفوا على قبره))، وقال ابن عباس رضي الله عنه: ((كان يلتُّ السويق للحجاج)).

من أجل ذلك عكفوا على قبره وعبدوه من دون الله، وهذا هو الغلو، وهذه هي عاقبته المشؤومة، بل انظر إلى غُلوِّ النصارى في عيسى عليه السلام، وما جره عليهم من الخزي والوبال!

قل لي بربِّك: ما الفرق بين هذه الأفعال الشركية التي وقعت في الأمم الماضية، وما عليه الحال في هذه الأمة؛ حتى يتبيَّن لك مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لتتبِعُنَّ سَنن من كان قبلكم.. إلخ))؟

ألم تُشيَّد القبور وتُبنى عليها القباب التي تناطح السحاب؟ ألم تنصب فيها النُّصُب الخشبية، تُكسى بالحرير والديباج التي هي أصنام الجاهلية الأولى؟ أين هذا يا قوم من سَنن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور التي يجب على كل مسلم اتباعها، وإلا كان على خطر عظيم؟!


روى مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال علي بن أبي طالب "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تَدَعَ تمثالاً إلا طمَسته، ولا قبرًا مُشرفًا إلا سوَّيته".

فرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بتسوية القبور، وكسْر التماثيل، وهؤلاء الغُلاة يرفعون عليها القباب، ويبنون عليها الأبنية الضخمة، وفي ذلك من المحادة لله والرسول ما الله به عليم؛ ï´؟ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ï´¾ [النساء: 115].

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبادة الله عند القبور، فكيف إذا عُبِدت القبور، وطُلِب منها ما لا يقدِر عليه إلا ربُّ الأرباب، وملك الملوك، وعلاَّم الغيوب؟!

في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن أمَّ سلَمةَ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح، بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)).

ولم كانوا شرار الخلق عند الله؟ لأنهم جمعوا بين فتنتين عظيمتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل، والذين تعلَّقوا بالقبور من هذه الأمة زادوا عليهم وأرْبوا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها، فيدعو فنهاه، وقال: ألا أُحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتَّخذوا قبري عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا؛ فإن تسليمكم عليّ يَبلغني أين كنتم)))؛ رواه الضياء المقدسي في المختارة، وفي رواية: ((فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم))، ثم قال له: "أنت ومَن بالأندلس سواء".

فهذا عالم من علماء آل البيت، بل من خيارهم، فإنه ابن الحسين رضي الله عنه - ينهى عن الدعاء عند القبر الشريف، ويقول للرجل: "أنت ومَن بالأندلس سواء"، وأنت اليوم قد لا تستطيع أن تنهى عن تقبيل عمود البدوي أو مقصورة الحسين رضي الله عنه، وهذا والله من غربة الإسلام.

جهِلُ الناس أصول الدين وفروعه، وتعلَّقوا بالبِدَع والخرافات، وما ورِثُوه عن الآباء والأجداد، والناس أعداء ما يجهلون!

عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله))؛ رواه البخاري ومسلم، وفي حديث آخر: ((إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغُلو)).

هذا الحديث لا يحتاج إلى شرح؛ لأنه واضح المعنى؛ يقول الرسول: لا ترفعوني فوق منزلتي، ولا تصفوني بغير صفة العبودية، كما فعلت النصارى في عيسى عليه السلام، بل أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله.

اللهم وفِّقنا إلى الخير وارزقنا الإخلاص في القول والعمل، إنك على كل شيء قدير، وإنك عليم بذات الصدور.



  #3  
قديم 30-04-2015, 03:50 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

منشأ الشرك
الغلو في الصالحين (3)




عبدالمتعال محمد المزلاوي








قال تعالى: ï´؟ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ï´¾ [النساء: 60، 61].



قال المحقِّقون من أهل التفسير: الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من مَعبود أو متبوع أو مطاع؛ فطاغوت كل قوم مَن يَتحاكمون إليه غير الله ورسوله.



وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في إعلام الموقِّعين: "فهذه طواغيت العالم إذا تأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدَل عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن طاعته وطاعة رسوله ومتابعته إلى طاعة الطاغوت ومتابعته، وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة، وهم الصحابة ومَن تبعهم، ولا قصدوا قصدهم، بل خالفوهم في الطريق والقصد"؛ اهـ باختصار.



فطواغيت عباد القبور: هي قبور الصالحين وسدنتها، وما وضعوا من كتب روَّجوا فيها بالكذب الذي زعموه كرامات عبادة هذه القبور، واللجء إلى المَقبورين فيها، وما اتَّخذوه لها من أعياد وموالد، فكل هذه طواغيت؛ لأنها صرَفت الناس وعدلتْ بهم عن عبادة الله وطاعته وطاعة رسوله.



وطواغيت أسراء التقليد وعباد آراء الرجال وأقوالهم التي لم يشهَد لها كتاب ولا سنَّة، والتي حكموها في الدين، وترَكوا لها كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم: هي هذه الآراء والأقوال وكتبها وما ألِّف لها.



وطواغيت أرباب الطرُق على اختلاف مشاربهم وتباين طرقهم هم شيوخُهم، وما اتخذوا من أوراد وأحزاب واجتماعات خالفوا فيها هدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم.



وطاغوت عباد المال الذين يَكنزون الذهب والفضة ولا يُنفقونها في سبيل الله: هو المال.



وطاغوت الذين ضرب على قلوبهم بسياط الغَفلة حتى خرَجوا عن طاعة الله ورسوله، وترَدَّوْا في هاوية الشهوات والمعاصي والفجور: هو الهوى أو الشهوة الحيوانية الشيطانية.



ولا تنسَ الطاغوت الأكبر، وهو الشيطان؛ فإنه طاغوت كل كافر ومُلحِد، وعاصٍ وفاسِق، ومُشرك وعابد وثَن.



واحسرتاه على ما جرَّه هذا الطاغوت على هذه الأمة، لقد مزَّقها كل مُمزَّق، حتى أصبحت شيعًا وأحزابًا: ï´؟ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ï´¾ [المؤمنون: 53]، ولم يَلتفتوا إلى قوله تعالى: ï´؟ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ï´¾ [الأنعام: 159]!



لقد نجح - والله - هذا الشيطان نجاحًا عظيمًا، لا سيما مع عبَّاد القبور، حتى أَخرجهم من التوحيد إلى الشرك، كما تخرج الشعرة من العجين، لا أقول هذا من عندي، ولا أدعي العلم النفسي، بل الله - سبحانه وتعالى - يقول لرسوله وخيرته من خلقه: ï´؟ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ï´¾ [آل عمران: 128]، ويقول له أيضًا: ï´؟ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [القصص: 56]، والذين غلَوْا في الصالِحين يجعلون الأمر لأصحاب المشاهد والقباب، وإني لا أبتدع القول من عندي، وإنَّما أنا متَّبع فيه علماء الأمة وسلفها الصالح، الذين يقولون ذلك بعبارات صريحة واضحة لكل ذي عينين ناظرتين.



قال الإمام أبو بكر الطرطوشي، بعد أن ذكر حديث أبي واقد الليثي في ذات أنواط: "فانظروا - رحمكم الله - أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويُعظِّمونها ويرجون البرْءَ والشفاء من قِبَلها، يضربون بها المسامير والخِرَق، فهي ذات أنواط فاقطعوها.... إلخ".



فبوابة المتولي في مصر هي ذات أنواط يَجب إزالتها وتكسيرها، وتَطهير هذا الطريق منها، وكم في قرى مصر من أشجار وأحجار هي ذات أنواط، وشر مِن ذات أنواط.



وقال الإمام أبو شامة في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث": "ومِن هذا القسم أيضًا: ما قد عمَّ به الابتلاء من تزيين الشيطان للعامة تخليق[1] الحيطان والعمد، وسرج مواضِع مخصوصة من كل بلد يَحكي لهم حاكٍ أنه رأى في منامه بها أحدًا ممن شهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك ويحافظون عليه، مع تضييعهم فرائض الله وسنَّة رسوله، ويَظنون أنهم متقرِّبون بذلك، ثم يَتجاوَزون هذا إلى أن يَعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيُعظِّمونها ويَرجون منها الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنَّذر لها، وهي ما بين عيون وشجر وحائط وحجر"، ثم ضرب - رحمه الله - أمثلة كثيرة مما وقع في مدينة دمشق في عصره ومن قبل عصره.



ويشهد لكلام هذا الإمام حديث: ((لعن الله زائرات القبور، والمتَّخذين عليها المساجد، والموقدين عليها السرج)).



وقال الشيخ قاسم من علماء الحنفية في شرح درر البحار: "النذر الذي يقع من أكثر العوام يأتي إلى قبر بعض الصالحين قائلاً: يا سيدي فلان، إن ردَّ غائبي، أو عوفي مريضي، أو قضيت حاجتي فلك من الذهب أو الطعام أو الشمع كذا: باطل إجماعًا؛ لوجوه، منها: أن النذر للمخلوق لا يجوز، ومنها أن ذلك كفر... إلى أن قال: وقد ابتُلي الناس بذلك، ولا سيما في مولد أحمد البدوي"؛ اهـ.



انظر إلى هذا الإمام وكيف حكى الإجماع على بطلان النذر للأموات وغيرهم من دون الله تعالى، وهذا حق لا ريب فيه، ولم يَكتفِ بذلك، بل جعل النذر للمشايخ والصالِحين كفْرًا.



وقال الإمام البكري الشافعي في تفسيره عند قوله تعالى: "ï´؟ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ï´¾ [الزمر: 3]، قال: وكان الكفار إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض قالوا: الله، فإذا سئلوا عن عبادة الأصنام قالوا: ï´؟ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ ï´¾ لأجل طلب شفاعتهم عند الله، وهذا كفر"؛ اهـ.



وهذا كما عليه عباد القبور إذا سُئلوا عن طوافهم بالقبور قالوا: ما ندعوهم، ونَنذر لهم، ونطوف حول قبورهم، ونتمسَّح بأركانها إلا ليَشفعوا لنا عند الله في قبول الدعاء وقضاء الحاجات، وغير ذلك، فما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه النعل بالنَّعل!



وقال الإمام أبو الوفاء علي بن عقيل الحنبلي: "لما صعبَت التكاليف على الطغام والجهال، عدَلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاعٍ وضَعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم؛ إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، وهم عندي كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور وإكرامها، والتزامها بما نَهى عنه الشرع من إيقاد النيران، وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع عليها: يا مولاي، افعل لي كذا وكذا، وأخذ تربتها تبركًا، وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخِرَق على الشجر اقتداءً بمَن عبَد اللات والعزَّى"؛ اهـ.



وكلام العلماء في هذا الباب كثير وكثير جدًّا، بل بحر لا ساحل له، كله يدور حول إخلاص العبادة لله، وتجريد التوحيد، ونعي الشرك على أهله، ï´؟ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ï´¾ [النور: 40]، قال الله تعالى: ï´؟ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ï´¾ [الأحقاف: 5، 6].



والدعاء عبادة، بل مخ العبادة، ورأس العبادة، وروح العبادة، ولبُّ العبادة؛ عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدعاء مخ العبادة))؛ رواه الترمذي.



وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ï´؟ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ï´¾ [غافر: 60]؛ رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي.



فيعلم بهذا أن ما عليه القبوريون وشيعتهم خروجٌ على كتاب الله وسنة رسوله، وعلى علماء الأمة وأئمة المسلمين، وإنما هي من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما أوحاها الشيطان ليضل بها عن سبيل الله، ويزين بها عبادة الأنداد من دونه، أيها المؤمن الخائف على دينه، فرَّ من هؤلاء فرارك من المجذوم إن لم تكن لك قوةٌ على جهادهم، وإلا فجاهدْهم، وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة؛ قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمْرِ النَّعم))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنَّته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل))؛ رواه مسلم عن ابن مسعود، وقال: ((من رأى منكم منكرًا فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان))؛ رواه مسلم عن أبي سعيد، وأي منكر - يا من تدعى الإيمان - أعظم من الشرك بالله وعبادة غير الله؟!



قل للقبوريِّين في صراحة: لا تتمسَّحوا بالقبور، ولا تتسكعوا حول الأضرحة والقباب، فإن ذلك لن يغني عنكم من الله شيئًا إلا ما أغنت اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى عابديها من قبل، واحذروا أن تكونوا من الذين نعتهم الله في كتابه. [1] أي: تطييبها، والخلوق هو: الطيب والعطور.

  #4  
قديم 04-06-2015, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

منشأ الشرك
الغلو في الصالحين (4)




عبدالمتعال محمد المزلاوي



قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 87]، وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾ [الزخرف: 9]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31]، وقال جل ذكره: ﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 84 - 89].

كان المشركون يقرُّون بتوحيد الربوبية لله، وكانوا يقرُّون ويعلمون أن الله تعالى خالقُ كلِّ شيء، وأنه الرازق لهم ولكلِّ شيء، وربُّ كل شيء ومليكُه، وهو المحيي والمميت، وبيده ملكوت السموات والأرض، مدبِّر للعالم، وهو علام الغيوب، ﴿ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾، وبيده مقاليد الأمور، ﴿ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ﴾، كما هو واضح جلي من الآيات السابقة، وكانوا مع هذا يقولون عن آلهتهم الذين اتخذوهم أولياء من دون الله: ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3]؛ أي: إنهم لا يملكون ضرًّا ولا نفعًا مستقلاًّ، وإنما هم شفعاء ووسائط لدى الله، كما جاء ذلك في القرآن في غير موضع في بيان حال المشركين وشِركهم.

وكل هذه الاعترافات لله بوحدانية الربوبية والخَلْق والملك والتدبير، وهذا الإقرار وهذا العلم - لم يُدخلهم في الإسلام، ولم يعصِم دماءَهم ولا أموالهم، بل حكَم اللهُ بكفرهم، وأمر رسولَه بجهادهم؛ حتى يُعبد الله وحده لا شريك له.

وكانوا مع هذا يزعمون أنهم على دين إبراهيم عليه السلام، وأنهم حُنفاء، ويقولون على النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه من المؤمنين: الصُّبَاة، ويدَّعون أنهم أهدى من الرسول، ولم تنفعهم هذه المزاعم، ولم تُفِدهم هذه الدعاوى شيئًا، ولم تغيِّر حقيقةَ الشرك التي كانت في دعائهم لأولئك الموتى الذين كانوا يسمونهم أولياء، ويزعمون أنهم شفعاء عند الله بما لهم من الوجاهة والكرامة.

وعبَّادُ القبور يصنعون كما يصنع سلفهم الأولون، الذين بيَّن القرآنُ أقوالَهم وأعمالهم وأحوالهم، فتغيير أسماء الموتى المؤلَّهين المدعوين المنذور لهم: لا يغير الحقيقة الشركيَّة مهما حاول مروِّجوها على الدَّهْماء والعامَّة من الدجالين، فها أنت ترى العامة اليوم يلجؤون إلى الموتى ينادونهم: يا سيدي، أغثني أدركني، العارف لا يعرف، الشكوى لأهل البصيرة عيب، المحسوب منسوب ولو كان معيوب، وغير ذلك من الفضائح التي أخجلوا بها الإسلام والمسلمين، وسوَّدوا بها وجوههم أمام خصومهم من الأجانب.

تالله ما طُعن الإسلامُ من خصومه وشوِّه في نظر هؤلاء الخصوم عن جماله بمثل ما شُوه به من تلك الجاهلية الجهلاء، التي دسَّها وروَّجها أعداءُ الإسلام، وما حادثة هانوتو وزير خارجية فرنسا وطعنه في الإسلام ببعيدةٍ عن الأذهان، وقد ردَّ عليه الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده - رحمه الله - يومئذ بما نزَّه الإسلامَ عن كل دخيل:
الإسلام دين الفطرة، دين المدنيَّة الصحيحة، دين العقل السليم، دين القرآن الذي ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ﴾ [فصلت: 42]، فكيف يَسمح هذا الدِّين بإذلال العقل وإهانته وتحقيره بتلك العقائد الخرافيَّة السخيفة، ويتدلى إلى عبادة الموتى بدعائهم، والنذر لهم، والحلِف بهم، والطواف حول قبورهم، واللجأ إليهم من دون الله بعد أن أصبحوا ترابًا تحت أطباق الثَّرى؟!

أرسل اللهُ تعالى رسولَه إلى الناس كافةً بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وأنزل عليه الكتابَ والحكمة؛ ليُخرج الناس من تلك الظلمات الجاهلية إلى نور العلم والهداية الإيمانية التوحيدية.

ما جاء الإسلامُ إلا لمحاربة هذه المخازي الشركية، والقضاءِ عليها، ما جاء الإسلامُ إلا لتطهير القلوب وتزكيتها من رجس الشرك، وفَكاكها وتخليصها من رقِّ الوثنية الممقوتة، ما جاء الإسلام إلا لكرامة الإنسان وعزَّته بالذلِّ لله وحده، وأن يُعبد الله لا شريك له من الإنسان أو الحيوان أو الجماد.

ولكن من المحزن أن للشيطان على بعض النفوس سلطانًا وأي سلطان! قادهم إلى الخرافات، جرَّهم إلى الشرك بتعظيم القبور، وأبى عليهم التوحيد والانقياد إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حتى أخرجهم من العزة إلى الذلَّة، ومن الكرامة إلى المهانةِ والحقارة، ومن نور التوحيد إلى ظلمات الشرك، وأخرجهم من نور الإيمان بالله وحده إلى الإيمان بالطاغوت الذي أُمروا أن يكفروا به، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [لقمان: 32]، وقال أيضًا: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 67].

أليس هذا هو القرآن؟! أليس هذا هو الدستور السماوي الذي جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الثَّقلين الجن والإنس؟! هذه الآيات واضحة المعنى في المشركين عبَّاد اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى؛ أنهم كانوا يفزعون إلى الله وحده، ويُخلصون له الدعاء عند الشدائد والخطوب، ويتركون آلهتَهم وما كانوا يعبدون من دون الله وراءَ ظهورهم، ويُخلصون الدعاءَ لله لكشف ما نزل بهم من الشدة والضائقة، فإذا فرَّج اللهُ عنهم الشدة والكرب عادوا إلى ما كانوا عليه من الشرك وعبادة الموتى.

وعبَّاد القبور وأرباب الطرق لا يَعرفون في شدة ولا في رخاء إلا الدسوقيَّ والبدوي وأم هاشم وغيرهم من الذين اتخذوهم آلهةً من دون الله؛ يستغيثون بهم، ويستنصرون بهم على الأعداء، ولهم يَنذِرون وبهم يحلفون.

وما جرَّ هؤلاء إلى الشرك - بل إلى الدَّرَك الأسفل من الخزي والهوان - إلا إعراضُهم عن تدبُّر كتاب ربهم وسنَّة نبيهم وهدي سلف الأمة الصالح وأئمتها المهتدين.

قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]، وقال تعالى:﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124، 126] جزاء وفاقًا.

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، فقال له: ((أجعلتني لله ندًّا؟! بل ما شاء اللهُ وحده))؛ رواه النسائي.

انظروا يا قوم إلى غَيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جَناب التوحيد، مع أن القائل له: "ما شاء الله وشئتَ"، لم يُرد أن يجعلَ الرسول ندًّا لله، ولكنَّ حِرصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على توحيد الله، وخوفَه على أمته من أن يجرَّها الشيطان بمثل هذه الحبال إلى الشرك - جعله يسُدُّ كلَّ طريق للشيطان؛ نصيحة للأمة، فجزاه الله خير الجزاء.

يا قوم، اتقوا الله في أنفسكم، اتقوا الله في أولادكم، اتقوا الله في أمَّتكم، اتقوا الله في الشبيبة الطاهرة التي لم يدنِّس قلبَها شيء من الشرك والبدع والخرافات، اتقوا الله وقولوا للناس في صراحة، واجهروا لهم بالقول، وبيِّنوا لهم ما عليه السواد الأعظم من هذه الخرافات المخزية والبدع المضلَّة، ولا سيما عبَّاد القبور وأرباب الطرق، ارفعوا أصواتكم في وجوههم، ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 42]؛ فإنَّ كاتم الحق شيطانٌ أخرس.


اللهم نوِّر قلوبنا بتوحيدك، ولا تجعل للشِّرك على قلوبنا من سبيل، أنت نعم المولَى ونعم النصير.




 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:54 PM.