اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم

علوم القرآن الكريم هنا أن شاء الله كل حاجة عن القرآن الكريم من مسموع ومرئي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 03-06-2014, 09:03 PM
الصورة الرمزية دّقْـــةُ قْـــلِـــبّـ
دّقْـــةُ قْـــلِـــبّـ دّقْـــةُ قْـــلِـــبّـ غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 4,099
معدل تقييم المستوى: 18
دّقْـــةُ قْـــلِـــبّـ is on a distinguished road
افتراضي


جزاك الله خيرا ربنا يبارك ف حضرتك

__________________
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 04-06-2014, 12:03 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

  1. اقتباس:
    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دّقْـــةُ قْـــلِـــبّـ مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا ربنا يبارك ف حضرتك
ربنا يبارك فيك ويرضى عنك وعن والديك
__________________
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 06-06-2014, 11:19 AM
أبو صفصف أبو صفصف غير متواجد حالياً
عضو قدير
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 430
معدل تقييم المستوى: 14
أبو صفصف is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله فيك وجعله فى ميزان حسناتك
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 07-06-2014, 12:09 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو صفصف مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك وجعله فى ميزان حسناتك
جزاك الله خيرا ورضى عنك
__________________
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 12-06-2014, 12:43 AM
الصورة الرمزية Mr. Hatem Ahmed
Mr. Hatem Ahmed Mr. Hatem Ahmed غير متواجد حالياً
نائب رئيس مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 49,816
معدل تقييم المستوى: 10
Mr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond repute
افتراضي


جزاكَ اللهُ خيراً أستاذنا الفاضل

وبارك فيك

وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك

__________________
رد مع اقتباس
  #21  
قديم 12-06-2014, 01:28 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mr. Hatem مشاهدة المشاركة
جزاكَ اللهُ خيراً أستاذنا الفاضل

وبارك فيك

وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك
ربنا يرضى عنك ويبارك فيك
__________________
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 13-06-2014, 07:29 AM
شريف55 شريف55 غير متواجد حالياً
عضو قدير
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 448
معدل تقييم المستوى: 15
شريف55 is on a distinguished road
افتراضي

رااااائع شكراااااااااااا
__________________
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 13-06-2014, 08:53 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شريف55 مشاهدة المشاركة
رااااائع شكراااااااااااا
ربنا يبارك فيك
__________________
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 25-06-2014, 04:49 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

كيف نزول الوحي وأول ما نزل

قال ابن عباس المهيمن : الأمين القرآن أمين على كل كتاب قبله حدثنا
عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال أخبرتني عائشة وابن عباس قالا لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا .

ذكر
البخاري رحمه الله كتاب فضائل القرآن بعد كتاب التفسير لأن التفسير أهم ولهذا بدأ به ونحن قدمنا الفضائل قبل التفسير وذكرنا فضل كل سورة قبل تفسيرها ليكون ذلك باعثا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه والله المستعان ]

وقول ابن عباس في تفسير المهيمن إنما يريد به
البخاري قوله تعالى في المائدة بعد ذكر التوراة والإنجيل وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) [ المائدة 48 ] . قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله

حدثنا المثنى ، حدثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية عن علي يعني ابن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله
ومهيمنا عليه ) قال : المهيمن الأمين قال القرآن أمين على كل كتاب قبله وفي رواية شهيدا عليه وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن أبي إسحاق السبيعي عن التميمي عن ابن عباس ( ومهيمنا عليه ) قال مؤتمنا . وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من أئمة السلف وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب ، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده قد هيمن فلان عليه فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن وفي أسماء الله تعالى : المهيمن وهو الشهيد على كل شيء والرقيب الحفيظ بكل شيء

وأما الحديث الذي أسنده
البخاري أنه عليه السلام أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا فهو مما انفرد به البخاري دون مسلم وإنما رواه النسائي من حديث شيبان وهو ابن عبد الرحمن عن يحيى وهو ابن أبي كثير عن أبي سلمة عنها .

وقال
أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا يزيد عن داود بن أبي هند عن عكرمة ، عن ابن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ، ثم [ ص: 18 ] قرأ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ) الإسراء : 106 . هذا إسناد صحيح . أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا ما لا خلاف فيه وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة لأنه عليه الصلاة والسلام أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح ويحتمل أنه حذف ما زاد على العشرة اختصارا في الكلام لأن العرب كثيرا ما يحذفون الكسور في كلامهم أو أنهما إنما اعتبرا قرن جبريل عليه السلام به عليه السلام فإنه قد روى الإمام أحمد أنه قرن به عليه السلام ، ميكائيل في ابتداء الأمر يلقي إليه الكلمة والشيء ثم قرن به جبريل

ووجه مناسبة هذا الحديث بفضائل القرآن أنه ابتدئ بنزوله في مكان شريف وهو البلد الحرام كما أنه كان في زمن شريف وهو شهر رمضان فاجتمع له شرف الزمان والمكان ولهذا يستحب إكثار تلاوة القرآن في شهر رمضان لأنه ابتدئ نزوله فيه ولهذا كان جبريل يعارض به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل سنة في شهر رمضان فلما كان في السنة التي توفي فيها عارضه به مرتين تأكيدا وتثبيتا

وأيضا في هذا الحديث بيان أنه من القرآن مكي ومنه مدني فالمكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعد الهجرة سواء كان بالمدينة أو بغيرها من أي البلاد كان حتى ولو كان بمكة أو عرفة وقد أجمعوا على سور أنها من المكي وأخر أنها من المدني واختلفوا في أخر وأراد بعضهم ضبط ذلك بضوابط في تقييدها عسر ونظر ولكن قال بعضهم كل سورة في أولها شيء من الحروف المقطعة فهي مكية إلا البقرة وآل عمران كما أن كل سورة فيها
ياأيها الذين آمنوا ) فهي مدنية وما فيها ياأيها الناس ) فيحتمل أن يكون من هذا ومن هذا والغالب أنه مكي وقد يكون مدنيا كما في البقرة ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة : 20 ، ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) البقرة : 168 .

قال أبو عبيد حدثنا أبو معاوية حدثنا من سمع الأعمش يحدث عن إبراهيم بن علقمة كل شيء في القرآن
ياأيها الذين آمنوا ) فإنه أنزل بالمدينة وما كان ياأيها الناس ) فإنه أنزل بمكة . ثم قال حدثنا علي بن معبد عن أبي المليح ، عن ميمون بن مهران ، قال ما كان في القرآن ياأيها الناس ) و ( يابني آدم ) فإنه مكي وما كان ياأيها الذين آمنوا ) فإنه مدني .

ومنهم من يقول إن بعض السور نزل مرتين مرة بالمدينة ومرة بمكة والله أعلم ومنهم من يستثني من المكي آيات يدعي أنها من المدني كما في سورة الحج وغيرها

والحق في ذلك ما دل عليه الدليل الصحيح فالله أعلم وقال أبو عبيد حدثنا عبد الله بن [ ص: 19 ] صالح عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة قال نزلت بالمدينة سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والحج والنور ، والأحزاب والذين كفروا والفتح والحديد والمجادلة والحشر والممتحنة والحواريون ، والتغابن و
ياأيها النبي إذا طلقتم النساء ) و ياأيها النبي لم تحرم ) والفجر والليل إذا يغشى ) و إنا أنزلناه في ليلة القدر ) و لم يكن الذين كفروا ) و إذا زلزلت ) و إذا جاء نصر الله ) وسائر ذلك بمكة .

وهذا إسناد صحيح عن ابن أبي طلحة مشهور وهو أحد أصحاب ابن عباس الذين رووا عنه التفسير وقد ذكر في المدني سورا في كونها مدنية نظر وفاته الحجرات والمعوذات

الحديث الثاني وقال
البخاري حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا معتمر قال سمعت أبي عن أبي عثمان قال أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة فجعل يتحدث فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذا أو كما قال قالت هذا دحية الكلبي فلما قام قلت والله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل أو كما قال قال أبي فقلت لأبي عثمان ممن سمعت هذا فقال : من أسامة بن زيد وهكذا رواه أيضا في علامات النبوة عن عباس بن الوليد النرسي ومسلم في فضائل أم سلمة عن عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن عبد الأعلى كلهم عن معتمر بن سليمان به .

والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال
نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ) الشعراء 193 ، 194 ، وقال تعالى إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ) الآيات التكوير : 19 22 . فمدح الرب تبارك وتعالى عبديه ورسوليه جبريل ومحمدا صلى الله عليه وسلم وسنستقصي الكلام على تفسير هذا المكان في موضعه إذا وصلنا إليه إن شاء الله تعالى وبه الثقة

وفي الحديث فضيلة عظيمة لأم سلمة رضي الله عنها كما بينه مسلم رحمه الله لرؤيتها لهذا الملك العظيم وفضيلة أيضا
لدحية بن خليفة الكلبي وذلك أن جبريل عليه السلام كان كثيرا ما يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على صورة دحية وكان جميل الصورة رضي الله عنه وكان من قبيلة أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي كلهم ينسبون إلى كلب بن وبرة وهم قبيلة من قضاعة وقضاعة قيل إنهم من عدنان وقيل من قحطان ، وقيل بطن مستقل بنفسه والله أعلم [ ص: 20 ]

الحديث الثالث حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن
أبي هريرة رضي الله عنه ، قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة .

ورواه أيضا في كتاب الاعتصام عن عبد العزيز بن عبد الله ومسلم
والنسائي عن قتيبة جميعا ، عن الليث بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه واسمه كيسان المقبري به

وفي هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء وعلى كل كتاب أنزله وذلك أن معنى الحديث ما من نبي إلا أعطي من المعجزات ما آمن عليه البشر أي : ما كان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به واتبعه من اتبعه من البشر ثم لما مات الأنبياء لم يبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهده في زمانه فأما الرسول الخاتم للرسالة محمد صلى الله عليه وسلم فإنما كان معظم ما آتاه الله وحيا منه إليه منقولا إلى الناس بالتواتر ففي كل حين هو كما أنزل فلهذا قال فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا وكذلك وقع فإن أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها إلى قيام الساعة واستمرار معجزته ولهذا قال الله
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) الفرقان : 1 ، وقال تعالى قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) الإسراء : 88 ، ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) هود : 13 ثم تحداهم إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا فقال أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) يونس : 38 وقصر التحدي على هذا المقام في السور المكية كما ذكرنا وفي المدنية أيضا كما في سورة البقرة حيث يقول تعالى وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقينفإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ) البقرة 23 ، 24 فأخبرهم بأنهم عاجزون عن معارضته بمثله وأنهم لا يفعلون ذلك في المستقبل أيضا وهذا وهم أفصح الخلق وأعلمهم بالبلاغة والشعر وقريض الكلام وضروبه لكن جاءهم من الله ما لا قبل لأحد من البشرية من الكلام الفصيح البليغ الوجيز المحتوي على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة والأخبار الصادقة عن الغيوب الماضية والآتية والأحكام العادلة والمحكمة كما قال تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) الأنعام : 115 .

وقال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن إسحاق قال : ذكر
محمد بن كعب القرظي عن الحارث بن عبد الله الأعور قال : قلت لآتين أمير المؤمنين فلأسألنه عما سمعت العشية قال فجئته بعد العشاء فدخلت عليه فذكر الحديث . قال ثم [ ص: 21 ] قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أتاني جبريل فقال يا محمد أمتك مختلفة بعدك قال فقلت له فأين المخرج يا جبريل قال : فقال كتاب الله به يقصم الله كل جبار من اعتصم به نجا ومن تركه هلك - مرتين قول فصل وليس بالهزل لا تخلقه الألسن ولا تفنى عجائبه فيه نبأ من كان قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما هو كائن بعدكم هكذا رواه الإمام أحمد . وقال أبو عيسى الترمذي حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا حسين بن علي الجعفي حدثنا حمزة الزيات ، عن أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور ، عن الحارث الأعور قال مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث قال : أوقد فعلوها قلت نعم . قال أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنها ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله هو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ) الجن : 1 2 ] من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور ثم قال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات وإسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال .

قلت لم ينفرد بروايته
حمزة بن حبيب الزيات بل قد رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث الأعور فبرئ حمزة من عهدته على أنه وإن كان ضعيف الحديث إلا أنه إمام في القراءة ، والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده أما إنه تعمد الكذب في الحديث فلا والله أعلم

وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقد وهم بعضهم في رفعه وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن
عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال
الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه فضائل القرآن حدثنا أبو اليقظان حدثنا عمار بن محمد الثوري أو غيره عن أبي إسحاق الهجري عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله عز وجل وهو النور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يعوج فيقوم لا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول لكم الم " حرف ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر . وهذا غريب من هذا الوجه وقد رواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق [ ص: 22 ] الهجري واسمه إبراهيم بن مسلم وهو أحد التابعين ولكن تكلموا فيه كثيرا

وقال
أبو حاتم الرازي لين ليس بالقوي . وقال أبو الفتح الأزدي رفاع كثير الوهم قلت : فيحتمل والله أعلم أن يكون وهم في رفع هذا الحديث وإنما هو من كلام ابن مسعود ولكن له شاهد من وجه آخر والله أعلم

وقال أبو عبيد أيضا حدثنا حجاج عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن
عبد الله بن مسعود قال لا يسأل عبد عن نفسه إلا القرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله .

الحديث الرابع قال
البخاري حدثنا عمرو بن محمد حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال : أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وهكذا رواه مسلم عن عمرو بن محمد هذا وهو الناقد والحسن الحلواني وعبد بن حميد والنسائي عن إسحاق بن منصور الكوسج أربعتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري به .

ومعناه أن الله تعالى تابع نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه ولم تقع فترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله
اقرأ باسم ربك ) العلق : 1 فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال قريبا من سنتين أو أكثر ثم حمي الوحي وتتابع وكان أول شيء نزل بعد تلك الفترة ياأيها المدثر قم فأنذر ) المدثر 1 ، 2 .

الحديث الخامس حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال سمعت جندبا يقول اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا تركك فأنزل الله تعالى والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) [ الضحى : 1 3 ] .

وقد رواه
البخاري في غير موضع أيضا ومسلم والترمذي والنسائي من طرق أخر عن سفيان وهو الثوري وشعبة بن الحجاج كلاهما عن الأسود بن قيس العبدي ، عن جندب بن عبد الله البجلي ، به وسيأتي الكلام على هذا الحديث في تفسير سورة الضحى إن شاء الله تعالى

والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائل القرآن أن الله تعالى له برسوله عناية [ ص: 23 ] عظيمة ومحبة شديدة حيث جعل الوحي متتابعا عليه ولم يقطعه عنه ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك في أبلغ العناية والإكرام

قال
البخاري رحمه الله نزل القرآن بلسان قريش والعرب قرآنا عربيا بلسان عربي مبين حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني أنس بن مالك قال : فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف وقال لهم إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش فإن القرآن نزل بلسانهم ، ففعلوا .

هذا الحديث قطعة من حديث سيأتي قريبا والكلام عليه ومقصود
البخاري منه ظاهر وهو أن القرآن نزل بلغة قريش ، وقريش خلاصة العرب ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد حدثنا يزيد حدثنا شيبان ، عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لا يملي في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف وهذا إسناد صحيح . وقال أيضا حدثنا إسماعيل بن أسد حدثنا هوذة حدثنا عوف ، عن عبد الله بن فضالة قال لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى قرءانا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ) الزمر : 28 ، وقال تعالى وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) الشعراء 192 - 195 ، وقال تعالى وهذا لسان عربي مبين ) النحل : 103 ، وقال تعالى ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) الآية فصلت : 44 ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك

ثم ذكر
البخاري رحمه الله ، حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي فذكر الحديث الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متمطخ بطيب وعليه جبة وقال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم فجأه الوحي فأشارعمر إلى يعلى أي تعال فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه ، فقال أين الذي سألني عن العمرة آنفا ؟ فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب

وهذا الحديث رواه جماعة من طرق عديدة والكلام عليه في كتاب الحج ولا تظهر مناسبة ما بينه وبين هذه الترجمة ولا يكاد ولو ذكر في الترجمة التي قبلها لكان أظهر وأبين والله أعلم . [ ص: 24 ]
__________________
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 25-06-2014, 04:51 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أنزل القرآن على سبعة أحرف

حدثنا سعيد بن عفير ، حدثنا الليث ، حدثني عقيل عن ابن شهاب قال : حدثني عبيد الله بن عبد الله ؛ أن
عبد الله بن عباس حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أقرأني جبريل على حرف فراجعته ، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف .

وقد رواه - أيضا - في بدء الخلق ، ومسلم من حديث يونس ، ومسلم - أيضا - من حديث معمر ، كلاهما عن الزهري بنحوه ورواه ابن جرير من حديث الزهري به ثم قال الزهري : بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا تختلف في حلال ولا في حرام . [ ص: 36 ]

وهذا مبسوط في الحديث الذي رواه
الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام حيث قال :

حدثنا يزيد ويحيى بن سعيد كلاهما عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، عن أبي بن كعب قال : ما حاك في صدري شيء منذ أسلمت ، إلا أنني قرأت آية وقرأها آخر غير قراءتي فقلت : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أقرأتني آية كذا وكذا ؟ قال : نعم ، وقال الآخر : أليس تقرأني آية كذا وكذا ؟ قال : نعم . فقال : إن جبريل وميكائيل أتياني فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري ، فقال جبريل : اقرأ القرآن على حرف ، فقال ميكائيل : استزده ، حتى بلغ سبعة أحرف وكل حرف شاف كاف .

وقد رواه
النسائي من حديث يزيد - وهو ابن هارون - ويحيى بن سعيد القطان كلاهما عن حميد الطويل ، عن أنس ، عن أبي بن كعب بنحوه . وكذا رواه ابن أبي عدي ومحمود بن ميمون الزعفراني ويحيى بن أيوب كلهم عن حميد به . وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن مرزوق ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن أنس ، عن عبادة بن الصامت ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزل القرآن على سبعة أحرف فأدخل بينهما عبادة بن الصامت .

وقال الإمام
أحمد بن حنبل ، رحمه الله : حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد ، حدثني عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب ، قال : كنت في المسجد فدخل رجل فقرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه ، فقمنا جميعا ، فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه ، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : اقرآ ، فقرآ ، فقال : أصبتما . فلما قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال ، كبر علي ولا إذا كنت في الجاهلية ، فلما رأى الذي غشيني ضرب في صدري ففضضت عرقا ، وكأنما أنظر إلى [ رسول ] الله فرقا فقال : يا أبي ، إن ربي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف ، فرددت إليه أن هون على أمتي ، فأرسل إلي أن اقرأه على حرفين ، فرددت إليه أن هون على أمتي ، فأرسل إلي أن اقرأه على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة مسألة تسألنيها . قال : قلت : اللهم اغفر لأمتي ، اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام . وهكذا رواه مسلم من حديث إسماعيل بن أبي خالد به .

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا
محمد بن فضيل ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي بن كعب ، قال : قال [ ص: 37 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : خفف عن أمتي ، فقال : اقرأه على حرفين ، فقلت : اللهم رب خفف عن أمتي ، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف .

وقال ابن جرير : حدثنا يونس عن ابن وهب : أخبرني
هشام بن سعد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب ، أنه قال : سمعت رجلا يقرأ في سورة النحل قراءة تخالف قراءتي ، ثم سمعت آخر يقرؤها بخلاف ذلك ، فانطلقت بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إني سمعت هذين يقرآن في سورة النحل فسألتهما : من أقرأكما ؟ فقالا : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : لأذهبن بكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خالفتما ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحدهما : اقرأ . فقرأ ، فقال : أحسنت ثم قال للآخر : اقرأ . فقرأ ، فقال : أحسنت . قال أبي : فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان حتى احمر وجهي ، فعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي ، فضرب يده في صدري ثم قال : اللهم أخسئ الشيطان عنه ، يا أبي ، أتاني آت من ربي فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : رب ، خفف عني ، ثم أتاني الثانية فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين فقلت : رب ، خفف عن أمتي ، ثم أتاني الثالثة ، فقال مثل ذلك ، وقلت له مثل ذلك ، ثم أتاني الرابعة فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة مسألة ، فقلت : يا رب ، اللهم اغفر لأمتي ، يا رب ، اغفر لأمتي ، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة . إسناده صحيح .

قلت : وهذا الشك الذي حصل لأبي في تلك الساعة هو - والله أعلم - السبب الذي لأجله قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - قراءة إبلاغ وإعلام ودواء ؛ لما كان حصل له - سورة
لم يكن الذين كفروا ) إلى آخرها لاشتمالها على قوله تعالى : ( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة ) [ البينة : 2 ، 3 ] ، وهذا نظير تلاوته سورة الفتح حين أنزلت مرجعه - عليه السلام - من الحديبية على عمر بن الخطاب ، وذلك لما كان تقدم له من الأسئلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر الصديق ، رضي الله عنهما ، في قوله تعالى : ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) [ الفتح : 27 ] .

وقال ابن جرير : حدثنا
محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند أخباة بني غفار ، فأتاه جبريل فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف ، قال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، فإن أمتي لا تطيق ذلك . ثم أتاه الثانية فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين . قال : [ ص: 38 ] أسأل الله معافاته ومغفرته ، فإن أمتي لا تطيق ذلك . ثم جاءه الثالثة قال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف قال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك . ثم جاءه الرابعة فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا .

وأخرجه مسلم وأبو داود
والنسائي من رواية شعبة به ، وفي لفظ لأبي داود عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبي ، إني أقرئت القرآن فقيل لي : على حرف أو حرفين ؟ فقال الملك الذي معي : قل على حرفين . قلت : على حرفين . فقيل لي : على حرفين أو ثلاثة ؟ فقال الملك الذي معي : قل على ثلاثة . قلت : على ثلاثة . حتى بلغ سبعة أحرف ثم قال : ليس منها إلا شاف كاف إن قلت : سميعا عليما ، عزيزا حكيما ، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب .

وقد روى ثابت بن قاسم نحوا من هذا عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن كلام ابن مسعود ، رضي الله عنه ، نحو ذلك .

وقال
الإمام أحمد : حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن عاصم ، عن زر ، عن أبي قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ العاصي ، والعجوز الكبيرة ، والغلام ، فقال : مرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف .

وأخرجه الترمذي من حديث عاصم بن أبي النجود ، عن زر ، عن أبي بن كعب ، به وقال : حسن صحيح .

وقد رواه أبو عبيد عن أبي النضر ، عن شيبان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر ، عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي جبريل عند أحجار المراء ، فذكر الحديث والله أعلم .

وهكذا رواه
الإمام أحمد عن عفان ، عن حماد ، عن عاصم ، عن زر ، عن حذيفة ؟ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقيت جبريل عند أحجار المراء ، فقلت : يا جبريل ، إني أرسلت إلى أمة أمية ؛ الرجل ، والمرأة ، والغلام ، والجارية ، والشيخ الفاني ، الذي لم يقرأ كتابا قط فقال : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف .

وقال أحمد أيضا : حدثنا
وكيع وعبد الرحمن ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن ربعي بن حراش : حدثني من لم يكذبني - يعني حذيفة - قال : لقي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء [ ص: 39 ] فقال : إن أمتك يقرءون القرآن على سبعة أحرف ، فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم ، ولا يرجع عنه . وقال عبد الرحمن : إن في أمتك الضعيف ، فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه . وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه .

حديث آخر في معناه عن
سليمان بن صرد : قال ابن جرير : حدثنا إسماعيل بن موسى السدي ، حدثنا شريك عن أبي إسحاق ، عن سليمان بن صرد - يرفعه - قال : أتاني ملكان ، فقال أحدهما : اقرأ . قال : على كم ؟ قال : على حرف . قال : زده ، حتى انتهى إلى سبعة أحرف . ورواه النسائي في اليوم والليلة عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام عن إسحاق الأزرق عن العوام بن حوشب ، عن أبي إسحاق ، عن سليمان بن صرد قال : أتى أبي بن كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم برجلين اختلفا في القراءة ، فذكر الحديث .

وهكذا رواه أحمد بن منيع عن
يزيد بن هارون ، عن العوام بن حوشب به ، ورواه أبو عبيد عن يزيد بن هارون ، عن العوام ، عن أبي إسحاق ، عن سليمان بن صرد ، عن أبي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجلين ، فذكره .

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا
يحيى بن آدم ، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن فلان العبدي - قال ابن جرير : ذهب عني اسمه - عن سليمان بن صرد ، عن أبي بن كعب قال : رحت إلى المسجد ، فسمعت رجلا يقرأ فقلت : من أقرأك ؟ قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : استقرئ هذا . قال : فقرأ ، فقال : أحسنت . قال : قلت : إنك أقرأتني كذا وكذا ! فقال : وأنت قد أحسنت . فقلت : قد أحسنت قد أحسنت . قال : فضرب بيده على صدري ثم قال : اللهم أذهب عن أبي الشك . قال : ففضت عرقا ، وامتلأ جوفي فرقا . قال : ثم قال : إن الملكين أتياني ، فقال أحدهما : اقرأ القرآن على حرف ، وقال الآخر : زده . قال : قلت : زدني . فقال : اقرأه على حرفين ، حتى بلغ سبعة أحرف فقال : اقرأه على سبعة أحرف .

وقد رواه أبو عبيد عن حجاج ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن شتير العبدي ، عن
سليمان بن صرد عن أبي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك ورواه أبو داود عن أبي داود الطيالسي ، عن همام ، عن قتادة ، عن يحيى بن يعمر ، عن سليمان بن صرد ، عن أبي بن كعب بنحوه . [ ص: 40 ]

فهذا الحديث محفوظ من حيث الجملة عن أبي بن كعب ، والظاهر أن
سليمان بن صرد الخزاعي شاهد على ذلك ، والله أعلم .

حديث آخر عن أبي بكرة : قال
الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني جبريل وميكائيل ، عليهما السلام ، فقال جبريل : اقرأ القرآن على حرف واحد ، فقال ميكائيل : استزده ، فقال : اقرأ على سبعة أحرف ، كلها شاف كاف ، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب برحمة .

وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب ، عن
زيد بن الحباب ، عن حماد بن سلمة به ، وزاد في آخره : كقولك : هلم وتعال .

حديث آخر عن سمرة : قال
الإمام أحمد : حدثنا بهز وعفان كلاهما عن حماد بن سلمة ، حدثنا قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف . إسناد صحيح ، ولم يخرجوه .

حديث آخر عن
أبي هريرة : قال الإمام أحمد : حدثنا أنس بن عياض ، حدثني أبو حازم ، عن أبي سلمة - لا أعلمه إلا عن أبي هريرة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نزل القرآن على سبعة أحرف ، مراء في القرآن كفر - ثلاث مرات - فما علمتم منه فاعملوا وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه . ورواه النسائي عن قتيبة عن أبي ضمرة أنس بن عياض به .

حديث آخر عن أم أيوب : قال
الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن عبيد الله وهو ابن أبي يزيد - عن أبيه ، عن أم أيوب - يعني امرأة أبي أيوب الأنصارية - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، أيها قرأت جزاك . وهذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة .

حديث آخر عن أبي جهيم : قال أبو عبيد : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن يزيد بن خصيفة ، عن مسلم بن سعيد مولى الحضرمي وقال غيره : عن
بسر بن سعيد ، عن أبي جهيم الأنصاري ؛ أن رجلين اختلفا في آية من القرآن ، كلاهما يزعم أنه تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمشيا جميعا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر أبو جهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف ، فلا [ ص: 41 ] تماروا ، فإن مراء فيه كفر . هكذا رواه أبو عبيد على الشك وقد رواه الإمام أحمد على الصواب ، فقال : حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا سليمان بن بلال ، حدثني يزيد بن خصيفة ، أخبرني بسر بن سعيد ، حدثني أبو جهيم ؛ أن رجلين اختلفا في آية من القرآن فقال هذا : تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هذا : تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : القرآن يقرأ على سبعة أحرف ، فلا تماروا في القرآن ، فإن مراء في القرآن كفر . وهذا إسناد صحيح - أيضا - ولم يخرجوه .

ثم قال أبو عبيد : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن
بسر بن سعيد ، عن أبي قيس - مولى عمرو بن العاص - أن رجلا قرأ آية من القرآن ، فقال له عمرو - يعني ابن العاص - : إنما هي كذا وكذا ، بغير ما قرأ الرجل ، فقال الرجل : هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم [ فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ] حتى أتياه ، فذكرا ذلك له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف ، فأي ذلك قرأتم أصبتم ، فلا تماروا في القرآن ، فإن مراء فيه كفر . ورواه الإمام أحمد عن أبي سلمة الخزاعي ، عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن بسر بن سعيد ، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص به نحوه ، وفيه : فإن المراء فيه كفر أو إنه الكفر به . وهذا - أيضا - حديث جيد .

حديث آخر عن ابن مسعود : قال ابن جرير : حدثنا
يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني حيوة بن شريح ، عن عقيل بن خالد ، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف : زاجر ، وآمر ، وحلال ، وحرام ، ومحكم ، ومتشابه ، وأمثال ، فأحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، وافعلوا ما أمرتم به ، وانتهوا عما نهيتم عنه ، واعتبروا بأمثاله ، واعملوا بمحكمه ، وآمنوا بمتشابهه ، وقولوا : ( آمنا به كل من عند ربنا . ثم رواه عن كريب عن المحاربي ، عن ضمرة بن حبيب ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن ابن مسعود من كلامه وهو أشبه . والله أعلم . [ ص: 42 ] فصل

قال أبو عبيد : قد تواترت هذه الأحاديث كلها عن الأحرف السبعة إلا ما حدثني عفان ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : نزل القرآن على ثلاثة أحرف .

قال أبو عبيد : ولا نرى المحفوظ إلا السبعة لأنها المشهورة ، وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه ، وهذا شيء غير موجود ، ولكنه عندنا أنه نزل سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب ، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثاني بلغة أخرى سوى الأولى ، والثالث بلغة أخرى سواهما ، كذلك إلى السبعة ، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض ، وذلك بين في أحاديث تترى ، قال : وقد روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزل القرآن على سبع لغات ، منها خمس بلغة العجز من هوازن .

قال أبو عبيد : العجز هم بنو أسعد بن بكر ، وجشم بن بكر ، ونصر بن معاوية ، وثقيف هم عليا هوازن الذين قال أبو عمرو بن العلاء : أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم يعني دارم . ولهذا قال عمر : لا يملي في مصاحفنا إلا غلمان قريش أو ثقيف .

قال ابن جرير : واللغتان الأخريان : قريش وخزاعة رواه قتادة عن ابن عباس ، ولكن لم يلقه .

قال أبو عبيد : وحدثنا هشيم عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ؛ أنه كان يسأل عن القرآن فينشد فيه الشعر . قال أبو عبيد : يعني أنه كان يستشهد به على التفسير . حدثنا هشيم عن أبي بشر ، عن سعيد أو مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : (
والليل وما وسق ) [ الانشقاق : 17 ] ، قال : ما جمع ، وأنشد :

قد اتسقن لو يجدن سائقا


حدثنا هشيم ، أنبأنا حصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( فإذا هم بالساهرة ) [ النازعات : 14 ] ، قال : الأرض ، قال : وقال ابن عباس : قال أمية بن أبي الصلت :

عندهم لحم بحر ولحم ساهرة
[ ص: 43 ] حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض ) [ فاطر : 1 ] ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها . يقول : أنا ابتدأتها . إسناد جيد أيضا .

وقال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري - رحمه الله - بعد ما أورد طرفا مما تقدم : وصح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجمع إذا كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبع بما يعجز عن إحصائه ثم قال : وما برهانك على ما قلته دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك من أنه نزل بأمر وزجر ، وترغيب وترهيب ، وقصص ومثل ، ونحو ذلك من الأقوال فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة ؟ قيل له : إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أن تأويل الأخبار التي تقدم ذكرها ، هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة ، التي نزل بها القرآن دون غيره فيكون ذلك لقولنا مخالفا ، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف ، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه ، والذي قالوا من ذلك كما قالوا ، وقد روينا بمثل الذي قالوا من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة ، من أنه نزل من سبعة أبواب الجنة ، كما تقدم . يعني كما تقدم في رواية عن أبي بن كعب
وعبد الله بن مسعود : أن القرآن نزل من سبعة أبواب الجنة .

قال ابن جرير : والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها من الأمر والنهي ، والترغيب والترهيب ، والقصص والمثل ، التي إذا عمل بها العامل وانتهى إلى حدودها المنتهي ، استوجب بها الجنة .

ثم بسط القول في هذا بما حاصله : أن الشارع رخص للأمة التلاوة على سبعة أحرف ، ثم لما رأى الإمام أمير المؤمنين
عثمان بن عفان - رضي الله عنه - اختلاف الناس في القراءة ، وخاف من تفرق كلمتهم جمعهم على حرف واحد ، وهو هذا المصحف الإمام ، قال : واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة ، ورأت أن فيما فعله من ذلك الرشد والهداية ، وتركت القراءة الأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له ، ونظرا منها لأنفسها وعن بعدها من سائر أهل ملتها ، حتى درست من الأمة معرفتها ، وتعفت آثارها ، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها ؛ لدثورها وعفو آثارها . إلى أن قال : فإن قال من ضعفت معرفته : وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم بقراءتها ؟ قيل : إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض ، وإنما كان أمر إباحة ورخصة ؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة عند من يقوم بنقله الحجة ، ويقطع خبره العذر ، ويزيل الشك من قراءة الأمة ، وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين . إلى أن قال : فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه ، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق [ ص: 44 ] الصورة في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف بعزل ؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر ، في قول أحد من علماء الأمة ، وقد أوجب صلى الله عليه وسلم بالمراء في الأحرف السبعة الكفر ، كما تقدم .

الحديث الثاني : قال
البخاري رحمه الله : حدثنا سعيد بن عفير ، حدثنا الليث ، حدثنا عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير : أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القارئ حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكدت أساوره في الصلاة ، فتبصرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : كذبت ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت ، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسله ، اقرأ يا هشام ، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت ، ثم قال : اقرأ يا عمر ، فقرأت القراءة التي أقرأني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت . إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرءوا ما تيسر منه .

وقد رواه
الإمام أحمد والبخاري - أيضا - ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي من طرق عن الزهري ورواه الإمام أحمد - أيضا - عن ابن مهدي ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عبد الرحمن بن عبد ، عن عمر ، فذكر الحديث بنحوه .

وقال
الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حرب بن ثابت ، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه ، عن جده قال : قرأ رجل عند عمر فغير عليه فقال : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يغير علي قال : فاجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقرأ الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : قد أحسنت . قال : فكأن عمر وجد من ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عمر ، إن القرآن كله صواب ، ما لم يجعل عذاب مغفرة أو مغفرة عذابا .

وهذا إسناد حسن . وحرب بن ثابت هذا يكنى بأبي ثابت ، لا نعرف أحدا جرحه .

وقد اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال : قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي المالكي في مقدمات تفسيره : وقد اختلف العلماء في المراء بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا ذكرها
أبو حاتم محمد بن حبان البستي ، ونحن نذكر منها خمسة أقوال . [ ص: 45 ]

قلت : ثم سردها القرطبي ، وحاصلها ما أنا مورده ملخصا :

فالأول - وهو قول أكثر أهل العلم ، منهم سفيان بن عيينة ،
وعبد الله بن وهب ، وأبو جعفر بن جرير ، والطحاوي - : أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو : أقبل وتعال وهلم . وقال الطحاوي : وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال : جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اقرأ على حرف ، فقال ميكائيل : استزده فقال : اقرأ على حرفين ، فقال ميكائيل : استزده ، حتى بلغ سبعة أحرف ، فقال : اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب ، أو آية عذاب بآية رحمة ، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل .

وروي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب : أنه كان يقرأ : (
يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ) [ الحديد : 13 ] : للذين آمنوا أمهلونا للذين آمنوا أخرونا للذين آمنوا ارقبونا ، وكان يقرأ : ( كلما أضاء لهم مشوا فيه ) [ البقرة : 20 ] : مروا فيه سعوا فيه . قال الطحاوي . وغيره : وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات ، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش ، وقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ وقد ادعى الطحاوي والقاضي الباقلاني والشيخ أبو عمرو بن عبد البر أن ذلك كان رخصة في أول الأمر ، ثم نسخ بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة .

قلت : وقال بعضهم : إنما كان الذي جمعهم على قراءة واحدة أمير المؤمنين
عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، أحد الخلفاء الراشدين المهديين المأمور باتباعهم ، وإنما جمعهم عليها لما رأى من اختلافهم في القراءة المفضية إلى تفرق الأمة وتكفير بعضهم بعضا ، فرتب لهم المصاحف الأئمة على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره ، عليه الصلاة والسلام ، وعزم عليهم ألا يقرءوا بغيرها ، وألا يتعاطوا الرخصة التي كانت لهم فيها سعة ، ولكنها أفضت إلى الفرقة والاختلاف ، كما ألزم عمر بن الخطاب الناس بالطلاق الثلاثة المجموعة حين تتابعوا فيها وأكثروا منها ، قال : فلو أنا أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم . وكان كذلك ينهى عن المتعة في أشهر الحج لئلا ينقطع زيارة البيت في غير أشهر الحج . وقد كان أبو موسى يفتي بالتمتع فترك فتياه اتباعا لأمير المؤمنين وسمعا وطاعة لأئمة المهديين .

القول الثاني : أن القرآن نزل على سبعة أحرف ، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف ، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر . قال
الخطابي : وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما في قوله : ( وعبد الطاغوت ) [ المائدة : 60 ] و يرتع ويلعب ) [ يوسف : 12 ] . قال القرطبي : ذهب إلى هذا القول أبو عبيد ، واختاره ابن عطية . قال أبو عبيد : وبعض اللغات أسعد به من بعض ، وقال القاضي الباقلاني : ومعنى قول عثمان : إنه نزل بلسان قريش ، أي : معظمه ، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله ، قال الله تعالى : ( قرآنا عربيا ) [ يوسف : 2 ] ، ولم يقل : قرشيا . قال : واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولا واحدا ، يعني حجازها ويمنها ، وكذلك قال الشيخ أبو عمر بن [ ص: 46 ] عبد البر ، قال : لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات بتحقيق الهمزات ، فإن قريشا لا تهمز . وقال ابن عطية : قال ابن عباس : ما كنت أدري ما معنى : ( فاطر السماوات والأرض ) [ فاطر : 1 ] ، حتى سمعت أعرابيا يقول لبئر ابتدأ حفرها : أنا فطرتها .

القول الثالث : أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة ؛ لقول عثمان : إن القرآن نزل بلغة قريش ، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب ، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره .

القول الرابع - وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء - : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء ، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل : (
ويضيق صدري ) [ الشعراء : 13 ] و " يضيق " ، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل : ( فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ) [ سبأ : 19 ] و " باعد " بين أسفارنا ، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل : ( ننشزها ) [ البقرة : 259 ] ، و " ننشرها " أو بالكلمة مع بقاء المعنى [ مثل ] كالعهن المنفوش ) [ القارعة : 5 ] ، أو كالصوف المنفوش أو باختلاف الكلمة بالتقدم والتأخر مثل : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ) [ ق : 19 ] ، أو سكرة الحق بالموت ، أو بالزيادة مثل تسع وتسعون نعجة أنثى ، وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين . فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور .

القول الخامس : أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي : أمر ، ونهي ، ووعد ، ووعيد ، وقصص ، ومجادلة ، وأمثال . قال ابن عطية : وهذا ضعيف ؛ لأن هذه لا تسمى حروفا ، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني ، وقد أورد
القاضي الباقلاني في هذا حديثا ، ثم قال : وليست هذه هي التي أجاز لهم القراء بها .

فصل

قال القرطبي : قال كثير من علمائنا كالداودي
وابن أبي صفرة وغيرهما : هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها ، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف . ذكره ابن النحاس وغيره .

قال القرطبي : وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها ، وإنما اختار القراءة المنسوبة إليه لأنه رآها أحسن والأولى عنده . قال : وقد أجمع المسلمون في هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات ، وكتبوا في ذلك مصنفات واستمر الإجماع على الصواب وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب .
__________________
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 25-06-2014, 04:53 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

نقط المصحف وشكله
يقال : إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان ، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط ، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك ، ويقال : إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي ، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم .

وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا ، وقيل : بل أول من فعله المأمون ، وحكى أبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنه كره التعشير في المصحف ، وكان يحكه وكره مجاهد ذلك أيضا .

وقال مالك : لا بأس به بالحبر ، فأما بالألوان المصبغة فلا . وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات ، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا .

وقال قتادة : بدأوا فنقطوا ، ثم خمسوا ، ثم عشروا . وقال يحيى بن أبي كثير : أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء ، وقالوا : لا بأس به ، هو نور له ، أحدثوا نقطا عند آخر الآي ، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم .

ورأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا ، فأمر بمحوها وقال : قال ابن مسعود : لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه . قال أبو عمرو الداني : ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها .

ثم قال البخاري ، رحمه الله : كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم .

قال مسروق عن عائشة ، عن فاطمة ، رضي الله عنها ، أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي . هكذا ذكره معلقا وقد أسنده في موضع آخر .

ثم قال : حدثنا يحيى بن قزعة ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبيد الله ، [ ص: 51 ] عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير ، وأجود ما يكون في شهر رمضان ؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة ، وهذا الحديث متفق عليه وقد تقدم الكلام عليه في أول الصحيح وما فيه من الحكم والفوائد ، والله أعلم .

ثم قال : حدثنا خالد بن يزيد ، حدثنا أبو بكر ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة ، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه ، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض .

ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من غير وجه عن أبي بكر - وهو ابن عياش - عن أبي حصين ، واسمه عثمان بن عاصم ، به . والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة : مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى ، ليبقي ما بقي ، ويذهب ما نسخ توكيدا أو استثباتا وحفظا ؛ ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره - عليه السلام - على جبريل مرتين ، وعارضه به جبريل كذلك ؛ ولهذا فهم - عليه السلام - اقتراب أجله ، وعثمان ، رضي الله عنه ، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة ، وخص بذلك رمضان من بين الشهور ؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه ؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه ، ومن ثم اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن ، كما تقدم ذكرنا لذلك .
__________________
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 25-06-2014, 04:55 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

نزول السكينة والملائكة عند القراءة

وقال الليث : حدثني يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أسيد بن الحضير قال : بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ، وفرسه مربوطة عنده ، إذ جالت الفرس ، فسكت فسكنت ، ثم قرأ فجالت فسكت فسكنت ، ثم قرأ فجالت الفرس ، فانصرف ، وكان ابنه يحيى قريبا منها ، فأشفق أن تصيبه ، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها ، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اقرأ يا ابن حضير ، اقرأ يا ابن حضير . قال : فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا ، فرفعت رأسي وانصرفت إليه ، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة ، فيها أمثال المصابيح ، فخرجت حتى لا أراها قال : أوتدري ما ذاك ؟ . قال : لا ، قال : الملائكة دنت لصوتك ، ولو قرأت لأصبحت [ ص: 55 ] ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم . قال ابن الهاد : وحدثني هذا الحديث عبد الله بن خباب عن
أبي سعيد الخدري عن أسيد بن حضير .

هكذا أورد
البخاري هذا الحديث معلقا ، وفيه انقطاع في الرواية الأولى ، فإن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي المدني تابعي صغير لم يدرك أسيدا لأنه مات سنة عشرين ، وصلى عليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما . ثم فيه غرابة من حيث إنه قال : وقال الليث : حدثني يزيد بن الهاد ولم أره بسند متصل عن الليث بذلك ، إلا ما ذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر في الأطراف أن يحيى بن عبد الله بن بكير رواه عن الليث كذلك .

وقد رواه الإمام أبو عبيد في فضائل القرآن فقال : حدثنا عبد الله بن صالح ويحيى بن بكير ، عن الليث ، عن
يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أسيد بن حضير ، فذكر الحديث إلى آخره ، ثم قال : [ قال ] ابن الهاد : وحدثني عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد ، عن أسيد بن حضير بهذا .

وقد رواه
النسائي في فضائل القرآن ، عن محمد بن عبد الله بن [ عبد ] الحكم عن شعيب بن الليث ، وعن علي بن محمد بن علي ، عن داود بن منصور ، كلاهما عن الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن يزيد بن عبد الله ، وهو ابن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد ، عن أسيد ، به . ورواه يحيى بن بكير ، عن الليث كذلك أيضا ، فجمع بين الإسنادين . ورواه في المناقب عن أحمد بن سعيد الرباطي ، عن يعقوب بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يزيد بن الهاد ، عن عبد الله بن خباب ، عن أبي سعيد ، أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده ، الحديث . ولم يقل : عن أسيد ، ولكن ظاهره أنه عنه ، والله أعلم .

وقال أبو عبيد : حدثني عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن ابن شهاب ، عن ابن كعب بن مالك ، عن
أسيد بن حضير : أنه كان على ظهر بيته يقرأ القرآن وهو حسن الصوت ، ثم ذكر مثل هذا الحديث أو نحوه .

حدثنا قبيصة ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أسيد بن حضير قال : قلت : يا رسول الله ، بينما أنا أقرأ البارحة بسورة ، فلما انتهيت إلى آخرها سمعت [ ص: 56 ] وجبة من خلفي ، حتى ظننت أن فرسي تطلق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ أبا عتيك [ مرتين ] قال : فالتفت إلى أمثال المصابيح ملء بين السماء والأرض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ أبا عتيك . فقال : والله ما استطعت أن أمضي فقال : تلك الملائكة نزلت لقراءة القرآن ، أما إنك لو مضيت لرأيت الأعاجيب .

وقال
أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق سمع البراء يقول : بينما رجل يقرأ سورة الكهف ليلة إذ رأى دابته تركض ، أو قال : فرسه يركض ، فنظر فإذا مثل الضبابة أو مثل الغمامة ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : تلك السكينة نزلت للقرآن ، أو تنزلت على القرآن . وقد أخرجه صاحبا الصحيح من حديث شعبة . والظاهر أن هذا هو أسيد بن حضير - رضي الله عنه - فهذا ما يتعلق بصناعة الإسناد ، وهذا من أغرب تعليقات البخاري ، رحمه الله ، ثم سياق ظاهر فيما ترجم عليه من نزول السكينة والملائكة عند القراءة .

وقد اتفق نحو هذا الذي وقع
لأسيد بن الحضير لثابت بن قيس بن شماس كما قال أبو عبيد :

حدثنا عباد بن عباد عن جرير بن حازم ، عن عمه جرير بن زيد أن أشياخ أهل المدينة حدثوه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : ألم تر ثابت بن قيس بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح ؟ قال : فلعله قرأ سورة البقرة . قال : فسئل ثابت فقال : قرأت سورة البقرة .

وفي الحديث المشهور الصحيح : ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه فيما بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده رواه مسلم عن
أبي هريرة .

ولهذا قال الله تبارك وتعالى : (
وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) [ الإسراء : 78 ] ، وجاء في بعض التفاسير : أن الملائكة تشهده . وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون .
__________________
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 25-06-2014, 04:56 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فضل القرآن على سائر الكلام

حدثنا
هدبة بن خالد أبو خالد ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، حدثنا أنس بن مالك ، عن أبي موسى ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ، طعمها طيب وريحها طيب . والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة ، طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها . وهكذا رواه في مواضع أخر مع بقية الجماعة من طرق عن قتادة به .

ووجه مناسبة الباب لهذا الحديث : أن طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما ، فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر . ثم قال : حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن سفيان ، حدثني
عبد الله بن دينار ، قال : سمعت ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما أجلكم في أجل من خلا [ ص: 58 ] من الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ، ومثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالا فقال : من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود فقال : من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر ؟ فعملت النصارى ، ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين ، قالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ! قال : هل ظلمتكم من حقكم ؟ قالوا : لا . قال : فذلك فضلي أوتيه من شئت .

تفرد به من هذا الوجه ، ومناسبته للترجمة : أن هذه الأمة مع قصر مدتها فضلت الأمم الماضية مع طول مدتها ، كما قال تعالى : (
كنتم خير أمة أخرجت للناس ) [ آل عمران : 110 ] .

وفي المسند والسنن عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله . وإنما فازوا بهذا ببركة الكتاب العظيم الذي شرفه الله تعالى على كل كتاب أنزله ، جعله مهيمنا عليه ، وناسخا له ، وخاتما له ؛ لأن كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة ، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزله عليه ، فكل مرة كنزول كتاب من الكتب المتقدمة ، وأعظم الأمم المتقدمة هم اليهود والنصارى ، فاليهود استعملهم الله من لدن موسى إلى زمان عيسى ، والنصارى من ثم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم استعمل أمته إلى قيام الساعة ، وهو المشبه بآخر النهار ، وأعطى الله المتقدمين قيراطا قيراطا ، وأعطى هؤلاء قيراطين قيراطين ، ضعفي ما أعطى أولئك ، فقالوا : أي ربنا ، ما لنا أكثر عملا وأقل أجرا ؟ فقال : هل ظلمتكم شيئا ؟ قالوا : لا ، قال : فذلك فضلي أي : الزائد على ما أعطيتكم أؤتيه من أشاء كما قال تعالى : (
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) [ الحديد : 28 ، 29 ] .
__________________
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 25-06-2014, 05:05 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان

قال [ الحافظ ]
أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا محمد بن إبراهيم القرشي ، حدثني أبو صالح وعكرمة ، عن ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب : يا رسول الله ، القرآن يتفلت من صدري ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته ؟ قال : قال : نعم بأبي وأمي ، قال : صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و " يس " ، وفي الثانية بفاتحة الكتاب و " حم الدخان " ، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب و " الم تنزيل السجدة " ، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل ، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه ، وصل على النبيين ، واستغفر للمؤمنين ، ثم قل : اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني ، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، اللهم بديع السماوات والأرض ، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام ، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني ، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني ، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري ، وتطلق به لساني ، وتفرج به عن قلبي ، وتشرح به صدري ، وتستعمل به بدني ، وتقويني على ذلك ، وتعينني على ذلك ، فإنه لا يعينني على الخير غيرك ، ولا يوفق له إلا أنت ، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع فأخبره بحفظ القرآن والحديث ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مؤمن ورب الكعبة ، علم أبو الحسن علم أبو الحسن هذا سياق الطبراني .

وقال أبو عيسى الترمذي في كتاب الدعوات : حدثنا أحمد بن الحسن ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، حدثنا
الوليد بن مسلم ، حدثنا ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس أنه قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال : بأبي أنت وأمي ، تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا الحسن ، أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ، وينفع بهن من علمته ، ويثبت ما تعلمت في صدرك ؟ قال : أجل يا رسول الله ، فعلمني ، قال : إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة ، والدعاء فيها مستجاب ، وقد قال أخي يعقوب لبنيه : ( سوف أستغفر لكم ربي ) [ يوسف : 98 ] ، يقول : حتى تأتي ليلة الجمعة ، فإن لم تستطع فقم في وسطها ، فإن لم تستطع فقم في أولها فصل أربع ركعات ، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس ، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و " حم الدخان " ، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب و " الم " تنزيل السجدة ، وفي الركعة [ ص: 94 ] الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل ، فإذا فرغت من التشهد ، فاحمد الله وأحسن الثناء على الله ، وصل علي وأحسن وعلى سائر النبيين ، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ، ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان ، ثم قل في آخر ذلك : اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني ، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، اللهم بديع السماوات والأرض ، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام ، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني ، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني ، اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام ، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك ، أن تنور بكتابك بصري ، وأن تطلق به لساني ، وأن تفرج به عن قلبي ، وأن تشرح به صدري ، وأن تغسل به بدني ، فإنه لا يعينني على الحق غيرك ولا يؤتيه إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا أبا الحسن ، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تجاب بإذن الله تعالى ، والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط . قال ابن عباس : فوالله ما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء [ علي ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس ، فقال : يا رسول الله ، والله إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات أو نحوهن ، فإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية أو نحوها ، فإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني ، ولقد كنت أسمع الحديث ، فإذا رددته تفلت ، وأنا اليوم أسمع الأحاديث ، فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن .

ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث
الوليد بن مسلم . كذا قال ، وقد تقدم من غير طريقه . ورواه الحاكم في مستدركه من طريق الوليد ، ثم قال : على شرط الشيخين حيث صرح الوليد بالسماع من ابن جريج ، فالله أعلم - فإنه في المتن غرابة بل نكارة ، والله أعلم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا
وكيع ، حدثنا العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل القرآن مثل الإبل المعقلة إن تعاهدها صاحبها أمسكها ، وإن تركها ذهبت .

ورواه - أيضا - عن محمد بن عبيد ويحيى بن سعيد ، عن عبيد الله العمري به .

ورواه - أيضا - عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا نحوه .

وقال البزار : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا حميد بن حماد بن أبي الخوار ، حدثنا مسعر ، عن
عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحسن قراءة ؟ قال : من إذا سمعته يقرأ رؤيت أنه يخشى الله ، عز وجل .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها .

وقال أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أقرأ القرآن فلا أجد قلبي يعقل عليه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن قلبك حثي الإيمان ، وإن العبد يعطى الإيمان قبل القرآن .

وبهذا الإسناد : أن رجلا جاء بابن له فقال : يا رسول الله ، إن ابني هذا يقرأ المصحف بالنهار ويبيت بالليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تنقم أن ابنك يظل ذاكرا ويبيت سالما .

وقال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن حيي ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب ، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، قال : فيشفعان .

وقال أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أكثر منافقي أمتي قراؤها .

وقال أحمد : حدثنا
وكيع ، حدثني همام ، عن قتادة ، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه .

ورواه - أيضا - عن غندر ، عن شعبة ، عن قتادة به . وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال
أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه ، حدثنا أبي ، حدثنا عيسى بن يونس ، ويحيى بن أبي الحجاج التميمي ، عن إسماعيل بن رافع ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه ، غير أنه لا يوحى إليه ، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله ، وصغر ما عظم الله ، وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه ، أو يغضب فيمن يغضب ، أو يحتد فيمن يحتد ، ولكن يعفو ويصفح ، لفضل القرآن .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا عباد بن ميسرة ، عن الحسن ، عن
أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة ، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة .

وقال البزار : حدثنا محمد بن حرب ، حدثنا يحيى بن المتوكل ، حدثنا عنبسة بن مهران عن الزهري ، عن سعيد وأبي سلمة ، عن
أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مراء في القرآن كفر . ثم قال : عنبسة : هذا ليس بالقوي . وعنده فيه إسناد آخر .

وقال
الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو بكر ، حدثنا ابن إدريس ، حدثنا المقبري ، عن جده ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه .

وقال
الطبراني : حدثنا موسى بن حازم الأصبهاني ، حدثنا محمد بن بكير الحضرمي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن الحارث الذماري ، عن القاسم أبي عبد الرحمن ، عن فضالة بن عبيد ، وتميم الداري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ عشر آيات في ليلة كتب له قنطار ، والقنطار خير من الدنيا وما فيها ، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك ، عز وجل : اقرأ وارق بكل آية درجة حتى ينتهي إلى آخر آية معه ، يقول ربك : اقبض ، فيقول العبد بيده : يا رب أنت أعلم . فيقول : بهذه الخلد وبهذه النعيم .

وروى الحافظ
ابن عساكر في ترجمة معقس بن عمران بن حطان قال : قال : دخلت مع أبي على أم الدرداء ، رضي الله عنها ، فسألها أبي : ما فضل من قرأ القرآن على من لم يقرأ ؟ قالت : حدثتني عائشة قالت : جعلت درج الجنة على عدد آي القرآن ، فمن قرأ ثلث القرآن ثم دخل الجنة كان على الثلث من درجها ، ومن قرأ نصف القرآن كان على النصف من درجها ، ومن قرأ كله كان في عليين ، لم يكن فوقه إلا نبي أو صديق أو شهيد .

وقال
الطبراني : حدثنا مسعدة بن سعد العطار المكي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم مولى جميع بن حارثة الأنصاري ، حدثنا عبد الله بن ماهان الأزدي ، حدثني فائد مولى عبيد الله بن أبي رافع ، حدثتني سكينة بنت الحسين بن علي ، عن أبيها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة .

وروى
الطبراني من حديث بقية ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن المهاصر بن حبيب ، عن عبيدة المليكي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : يا أهل القرآن ، لا توسدوا القرآن ، واتلوه حق تلاوته من آناء الليل والنهار ، وتغنوه وتقنوه ، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون ، ولا تستعجلوا ثوابه ، فإن له ثوابين .

وفي حديث عقبة بن عامر نحوه ، كما تقدم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن القرآن جعل في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق .

تفرد به . قيل : معناه : أن الجسد الذي يقرأ القرآن [ لا تمسه النار ] .

وفي سنن ابن ماجه من طريق المغيرة بن نهيك ، عن عقبة بن عامر مرفوعا : من تعلم القرآن ثم تركه فقد عصاني .

وفي حديث رواه أبو يعلى من طريق ليث ، عن مجاهد ، عن أبي سعيد مرفوعا :
عليك بتقوى الله ، فإنها رأس كل خير ، وعليك بالجهاد ، فإنه رهبانية الإسلام ، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن ، فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء ، واخزن لسانك إلا من خير ، فإنك بذلك تغلب الشيطان .

وهكذا أذكر آثارا مروية عن ابن أم عبد أحد قراء القرآن من الصحابة المأمور بالتلاوة على نحوهم

روى
الطبراني ، عن الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، قال ابن مسعود : كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض .

ومن طريق شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن مرة قال ابن مسعود : من أراد العلم فليتبوأ من القرآن ، فإن فيه علم الأولين والآخرين . ومن طريق سفيان وشعبة ، عن ساعد بن كهيل ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : إن هذا القرآن ليس فيه حرف إلا له حد ، ولكل حد مطلع .

ومن حديث الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد عن سيار أبي الحكم ، عن ابن مسعود أنه قال : أعربوا هذا القرآن فإنه عربي ، وسيجيء قوم يثقفونه وليسوا بخياركم .

والثوري ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال : أديموا النظر في المصحف ، وإذا اختلفتم في ياء أو تاء فاجعلوها ياء ، ذكروا القرآن فإنه مذكر .

وقال عبد الرزاق ، عن إسرائيل ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن شداد بن معقل ، سمعت ابن مسعود يقول : أول ما تفقدون من دينكم الأمانة ، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة ، وليصلين قوم لا خلاق لهم ، ولينزعن قوم من بين أظهركم . قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا ؟ قال : يسرى على القرآن ليلا فيذهب به من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء - وفي رواية : لا يبقى في مصحف منه شيء - ويصبح الناس فقراء كالبهائم . ثم قرأ عبد الله : (
ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ) [ الإسراء : 86 ] .

وقال
الطبراني : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو نعيم ، حدثني شعبة ، عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة بن عبد الله ، عن أبيه قال : من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز .

قال هشام عن الحسن : إنه بلغه عن ابن مسعود مثل ذلك .

ومن طريق الأعمش ، عن أبي وائل قال : كان
عبد الله بن مسعود يقل الصوم ، فيقال له في ذلك ، فيقول : إني إذا صمت ضعفت عن القراءة والصلاة ، والقراءة والصلاة أحب إلي .
__________________
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 11-08-2014, 01:19 PM
الصورة الرمزية نجم فاقوس
نجم فاقوس نجم فاقوس غير متواجد حالياً
مشرف عام اللغة الانجليزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,720
معدل تقييم المستوى: 15
نجم فاقوس is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
__________________
مع تحيات نجــــم فاقوس
* سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم *
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:53 PM.