اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-01-2018, 06:51 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp معلم الخير


الحمد لله العليم الخبير السميع البصير، عمّ علمه كل شيء، وهو على كل شيء قدير. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعالى عن النظير والمشير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم التسليم الكثير.
*
أما بعد، فاتقوا الله – عباد الله -، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ.... ﴾.
*
أيها المؤمنون!
التعليم المربّي رسالة سامية ذات أثر بالغ في صلاح الأمة وسيادتها؛ ولأجلها أرسلت الرسل، كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]. والمعلِّم يقفو أثر الرسل في مسلك التربية وإعداد الأمة، وله من بركة هذا السبيل قدر ما حقق من رسم الاقتداء وحقوق الأداء. وقد فسر مجاهد وسفيان الثوري قوله تعالى عن نبيه عيسى – عليه السلام -: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ﴾ [مريم: 31] بأنه معلِّم للخير حيث كان؛ إذ التعليم من أخصب ميادين التأثير، وزرع القيم والمبادئ، وبناء الوعي الذي يمتد أثره وينمو ثمره ويتسع مداه مع مر الأيام وكر الأعوام؛ لما لنظرة تقدير التلميذ لأستاذه إن أحسن الأستاذة صنعها واستغلالها، وطول مخالطته له، وخصوصية اللقاء في محل الدرس.
*
أيها المسلمون!
ولكي يكون حسن الأثر والتأثير؛ فلا بد للمعلم أن يتشرّب قدر معلّم الناس الخير في الكون حتى عند البهائم المعجمة والكائنات الخفية؛ ليعرف حقيقة منزلة التعليم إن بخس قدْرَها بعضُ البشر، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله، وملائكته، وأهل السماوات، والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير " رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. ومن سمت همته لنيل تلك المنزلة الرفيعة، والظفر بلسان الصدق المالئ آفاقَ الكون؛ فليأخذ بأسباب التأثير بالخير في نفوس المتعلمين والذي يقوم أساسها على إخلاص القصد لله ونية التقرب إليه بهذا العمل والنصح لعباده وإن تقاضى عليه أجراً دنيوياً؛ فتلك النية مركب لا يكبو صاحبها حتى يظفر بكنز التوفيق والتأثير. قال الفقيه المالكي أبو إسحاق الجبنياني: " بلغنا عن معلم عفيف، رئي وهو يدعو حول الكعبة ويقول: اللهم أيما غلام علمته، فاجعله في عبادك الصالحين، فبلغني أنه خرج على يديه نحو من تسعين عالم وصالح ". والمهارة المعرفية القائمة على التمكّن من المعلومة الصحيحة، وإيصالها بما يناسب المتلقي، وقول: " لا أدري " فيما لا علم للمرء به، والبحث عنه والسؤال، وشجاعة الاعتذار والرجوع عن الخطأ، وقبول الصواب ممن جاء به كائناً من كان؛ تجعل للمعلم قدراً في نفوس طلابه. وقلوب الطلاب موطن التأثير؛ ولذا على المعلِّم أن يسعى في كسبها؛ لتفتح مغاليقها لتوجيهه، وتتقبله. ومن أقوى ما يأخذ مجامع القلب ويطامن كبرياءه ويعالج نفاره الرفقُ بالمتعلم الذي يراعي تفاوتِ القدرات، وتفهّمَ الدوافع، والتغافلَ المحمود؛ فالرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه. وافتتاح الدرس بالسلام والتحية مع الابتسامة تزرع الود في القلب سيما إن كان ذلك سجية للدرس. والعدل بين الطلاب عماد في كسب احترامهم لأستاذهم وهيبتهم له. واستشارة المعلم تلاميذه والدعاء لهم من خير ما يجلب به الاحترام والمحبة؛ وهذا ما أرشد الله إليه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [ال عمران: 159]. واحترام الأستاذ لطلابه ينعكس باحترامهم له، وذلك من خلال لغة التخاطب والحوار، وأسلوب التعامل في الدرس وخارجه. وارتسام المعلم معالمَ القدوة التي يتطابق فيها القول العمل من أقوى ما يحمل على تقبل توجيهه ونصحه، وكم كان عمل الأستاذ أشد أثراً من قوله. قال ابن الجوزي: " لقيت مشايخ، أحوالهم مختلفة، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم، وكان أنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعلمه، وإن كان غيره أعلم منه... ولقيت عبد الوهاب الأنماطيَّ، فكان على قانون السلف، لم تُسمع في مجلسه غيبةٌ، ولا كان يطلب أجرًا على سماع الحديث، وكنتُ إذا قرأت عليه أحاديث الرقائق، بكى، واتصل بكاؤه، فكان -وأنا صغير السن حينئذ- يعمل بكاؤه في قلبي، ويبني قواعد.. ولقيت الشيخ أبا منصور الجَوَالِيْقِيَّ، فكان كثير الصمت، شديد التحري فيما يقول، متقنًا، محققًا، وربما سُئل المسألة الظاهرة، التي يبادر بجوابها بعض غلمانه، فيتوقف فيها حتى يتيقن، وكان كثير الصوم والصمت، فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما؛ ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول ". وحفاظ المعلم على وقاره، وتوازنه بين المرح والجد، والثواب والعقاب مما يبني هيبته في نفوس طلابه. والهيبة لا تنافي المحبة. ومهارة التوجيه ذات بُعد في التأثير؛ فتضمين التوجيه في تضاعيف القصة، واستغلالِ المواقف، وضربِ المثل المسموع والمرسوم من أبلغ وسائل التوجيه. هكذا تكون بركة التعليم وتأثيره الذي يرجى امتداد نفعه.
*
الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...
معلِّم الخير!
هنيئاً لك شرفُ رسالتك، ودعاء الكون لك، والأجر الذي لا ينقطع بموتك. وستنعم بإذن الله بطيب غرسك الذي تجده موفوراً لك عند الله؛ وذلك إن صدقت في مهنتك وأديت واجبها طيبة بها نفسك؛ فليس للإحسان عند الله جزاء إلا الإحسان. وستبقى أمّتك مدينة لك بالفضل؛ إذ كنت مصنع إعداد رواد نهضتها وحماة عرينها، وستبقى بصمتك الخيرة في مآثر أولئك الأجيال وإن دُرِس اسمك؛ فالمعروف عند الله لا يضيع. ولا يضيرك تحبيط المثبطين وهزء الساخرين عن المضي في أداء رسالتك؛ فلن يجهل قدرك إلا جاهل أو جاحد. وانظر كل من له مآثر خير سابغة على الأمة تجد أن وراءه معلماً مربياً. فطب نفساً بأداء رسالتك، واجهد في الرقي بأساليبها، وتعاهد التواصي بالحق والصبر مع زملائك؛ عسى الله أن يكثر أمثالكم، ويبارك غرسكم، ويتقبل منكم.
*
فلا تحتقر عالماً أنت فيه
ولا تجحد الآخر المنتظر
وخذ لك زادين: من سيرة
ومن عمل صالح يدخر
وكن في الطريق عفيف الخطا
شريف السماع، كريم النظر
ولا تخل من عمل فوقه
تعش غير عبد، ولا محتقر
وكن رجلاً إن أتوا بعده
يقولون: مرَّ وهذا الأثر

د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:25 PM.