شبلي الأسد

[المفكرة]

شبلي الأسد

صغيران عمرهما خمسة أسابيع . تركتهما أمهما اللبؤة بحثًا عن صيد و قد طال غيابها ليوم كامل. يستيقظان من غفوتهما بين الحشائش الطويلة تحت شمس أفريقيا الحارة و يطلان برأسيهما بحذر ، لا يوجد ما يخيف.. يلعبان بين الحشائش.

لكن الضباع المرقطة ترقب الشبلين بحثًا عن فريسة و تلحظ غياب الأم . تبدو الفرصة سانحة .. تهاجم الضباع الشبلين ، تعدو اللبؤة مسرعة و تكشر عن أنيابها و يتعالى زئيرها في لحظة حاسمة ، تهرب الضباع فليست ندًا للبؤة محنكة.

*********

تلك إحدى حكايات فيروز المفضلة ، أعيدها كلما طالبتني بحكاية. نراجع الأحداث ثم نمثلها. ضبع أنا يهاجم فيروز الصغيرة . تركض الصغيرة بخوف غير مصطنع و ترتمي في أحضان جدتها .. في عينيها إثارة بفعل المطاردة.

اليوم أنا ضبع يمني نفسه بوليمة شهية في غياب اللبؤة الصيادة ، و حين أهاجم أشبالًا وهمية ، تزأر صغيرتي فيروز مدعية أنها لبؤة تدافع عن صغارها. في صوتها بريق قوة يتركني أضحك في دهشة. كبرتِ يا صغيرتي.

*********

[أبو العلاء]

نسيج محكم ، وتكثيف وتركيز أخاذ ، وسرد سلسال ، استمري فقد أصبحتُ من قُرّائك


تحاياي

[المفكرة]

جزاك الله خيرا أبا العلاء و وفقك الله لما يحب و يرضى.

[المفكرة]

عندما تشرق الشمس
تشع دفئًا و زخمًا ، تدب الحياة في النفس ...
كذلك كانت رنات الجرس المتقطعة و اللحوحة ... التي بالباب هي ابنة أختى الصغرى ، طالت قامتها و قويت ذراعها ، واقفة على أصابع رجليها ، تمد قامتها حتى وصلت زر الجرس و هناك ألحت أن أفتح لها الباب.
ترتدي الثياب الملائمة للخروج استعدادًا لمشوار.
أدعوها للدخول ، فترفض بخجل ، أسألها إلى أين ؟
يجيبني صوت صغير لشخصها الذي لم يبلغ الثالثة بعد: دار القرآن
_ سلمي على جدتكِ قبل أن تذهبي.
تدخل مسرعة و تحلق بذراعيها في الهواء ، تلف حول كرسي الجدة بمرح ، تسلم عليها فتشعر الجدة بالسعادة .. تسرع الصغيرة عبر الباب إلى العالم الخارجي!
*********

[المفكرة]

طرقات لحوحة على الباب ، أجل أعرف من الطارق ، تلك فيروز ، ابنة أختي ذات الثلاثة أعوام تقف بالباب ، بلا حذاء.
أسألها عن حالها فتقول على عجل و بأنفاس متلاحقة أنها حضرت لترى جدتها و أن أمها قالت لها لن يفتح لكِ أحد ، هأنذا قد فتحت لها! فاليوم يستنشق أول أنفاسه مع شروق الشمس و أمي (جدتها) لازالت نائمة .
تلج راكضة إلى داخل البيت .
_ هل أفطرتِ ؟
_ لم تأكل بعد.
أصب كوب الحليب و معه قطعة خبز يعلوها جبن القريش. أقدم لها ذلك فتطلب مني أن تشاهد الكارتون. أقول لها سأريك ما هو أجمل.
على الحاسب نشاهد الحيوانات في بيئتها الطبيعية حيث ضفدعٌ يقفز بعيدًا عن ثعبان مفترس و ينجو بحياته. ما أثار اهتمامها حرباء ألوانها زاهية بأنماط متميزة و عينان تدوران في محجريهما بحثًا عن فريسة. لسانها قذيفة تجاه رأس حشرة خفيت عني على خلفية ورقة شجرة. تسحب الحرباء لسانها و الحشرة ملتصقة به ، يرتد داخل فمها ، تمضغ على مهل...
تتلاحق أسئلة الصغيرة : لم تفعل ذلك؟
كائن حي هي مثلك بحاجة لطعام و الحشرات لها كما الخبز لكِ ، طعام مفيد وشهي!
*********

[المفكرة]

عيدكم نور هدى بإذن الله
- اسرعي يا خالتي البنت.
تلك كلمات روزي التي جاوزت ثلاثة أعوام و نصف ، تشجعني على الركض في سباق بيننا ، بعد أن حققت هي السبق!
لكنني امرأة كبيرة يا روزي .
- البنت شابة صغيرة بينما المرأة كبيرة عجوز. هكذا ردت الصغيرة النبيهة!
إذًا وفق هذا التعريف ، أنا بنت ما دمت أركض!!
**********

[أبو العلاء]

كيف لي أن أغفل عن هذا التألق الجديد ؟!!

بعدما كادت تفرغ قرائحنا إذا بي أجد ما يملؤها بلاغةً وسعةَ أفق

فشكرا جزيلا لهذا الميزاب


تحاياي

[المفكرة]

جزاكم الله خيرا و وفقكم لما يحب و يرضى.

[المفكرة]

الطيبات للطيبين
كنت أهم بالصلاة عندما دخلت حجرتي ابنة أختي الصغيرة فيروز
- سأصلي معك
لا أعترض ، قد صارت تأخذ الصلاة بقدر من الجدية فلا تهزل و لا تتجاوز الحركات المحددة للصلاة و تقتفي أثري رغم أنها لا تفقه معظم ما أقول.
حين تنتهي صلاتنا يشرق وجهها بنور لطيف و تحدثني :
- الناس الطيبين يخبرون الأشرار بالأعمال الصالحة كي يفعلونها لكن الأشرار لا يعملون الأعمال الطيبة!!
قرن عقلها الصغير العمل الصالح بالصلاة و الناس الطيبين و أخبرتها فطرتها النقية أن الصلاح و الطيبة حول الصلاة على نحو ما.
في الواقع لم أرَ الفلاح يقترن بأمر كما يقترن بالصلاة!