اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-12-2016, 09:40 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي إعلانات «الإصلاح الاقتصادي» لن تحقق كفاية ولا ديمقراطية

إعلانات «الإصلاح الاقتصادي» لن تحقق كفاية ولا ديمقراطية

د. عمار علي حسن

تطاردك الإعلانات أينما ذهبت لتقول لك ليل نهار: «بالإصلاح الجرىء هنكمل الطريق»، وعليك أنت أن تصدق، بل تشعر وكأنها تطالبك بالوقوف تحت اللافتات التى تغرق الشوارع والكبارى وتضع يدك فى جيبك لتخرج كل ما فيه كى تتبرع به من أجل مزيد من الإعلانات.

أعنقد أن هذه الإعلانات الكثيفة لن تعمى أعين الناس عن الحقيقة التى تقول إن السلطة السياسية فى بلادنا مدفوعة نحو تحقيق مصالح القلة المحتكرة تحت لافتة الاصلاح الاقتصادى، وهو ما جربناه مع نظام مبارك، ولا تزال آثاره باقية، وهو نظام إن كان أيامها قد أوجد نموا وصل إلى 7 فى المئة فإنه لم يحقق تنمية ولا عدالة اجتماعية ولا ديمقراطية.

والحديث عن توظيف قلة محتكرة من أصحاب المال للسلطة السياسية كى تخدم مصالح هذه القلة عبر القوانين التى يتم سنها، والإجراءات التى يتم اتخاذها، ليس جديدا، فقد عرفته تجارب أخرى لدول لم تتقدم وتحقق الإصلاح الحقيقى إلا بعد التخلص من هذه الأحاديث الفارغة، والمظهريات الكاذبة، والخدع المكشوفة.
وتشير التجربة الأوروبية فى القرن التاسع عشر، وفى بدايات تطبيق النظام الرأسمالى، إلى أن السلطة السياسية لم تكن تتمتع مطلقا باستقلال أصيل، وإنما كانت موجهة من قِبل من بيده المقدرات الاقتصادية، فالرأسماليون كانوا يقبضون على الخيوط الأساسية التى تشد الحكام، ويوجهون الدولة إلى إصدار قرارات تهدف فى النهاية إلى تحقيق مصالحهم. لكن هذه العلاقة لم تمت بانقضاء القرن التاسع عشر إنما يعاد إنتاجها بأشكال مختلفة فى دول كثيرة بعالمنا المعاصر.

وفى المجتمعات التى تكون فيها مصادر القوة، وفى مقدمتها القوة الاقتصادية، مركزة فى يد حفنة قليلة من البشر تكون السلطة السياسية هى الأخرى مملوكة لزمرة من الناس. وعلى العكس من هذا فإنه فى المجتمعات التى تنتشر فيها مصادر القوة وتوزع على نطاق واسع تكون القوة السياسية مائلة إلى أن تكون منتشرة بين أيدى عدد كبير من بين أعضاء النخبة. وهذه العلاقة الطردية بين توزيع الموارد الاقتصادية وانتشار القوة السياسية جعلنا بصدد معادلة، تقربها التجارب العملية من أن تكون قانونا اجتماعيا، تقوم على أن تركز القوة أو الموارد الاقتصادية يقود إلى الأوتوقراطية، وانتشار هذه الموارد يفضى إلى الديمقراطية السليمة.
فالمؤسسات السياسية فى النهاية تمثل وسيلة لكفاح البعض من أجل الوجود والاستمرار. وفى هذا الكفاح، الذى يصل إلى حد الصراع أو على الأقل التنافس الحاد، يجنح كل طرف إلى استخدام كل ما يتوافر لديه من موارد متاحة، ولأن الموارد الاقتصادية تأتى فى المقدمة، إذ هى الأكثر فاعلية فإن السلطة السياسية لا تبدو مستقلة عن القوة الاقتصادية، بل أكثر من ذلك فإن هذه المعادلة يتم عكسها تماما فى كثير من المجتمعات بحيث تصبح السلطة السياسية وسيلة للحصول على القوة الاقتصادية. ففى البلاد المتخلفة لا تطلب المناصب لذاتها إنما للاستئثار بمزايا اقتصادية.

فى ظل هذه المعادلة يصبح ترديد التصور المثالى للديمقراطية، الذى طرحه المبشرون الأوائل بها، والذى يعرفها بأنها «حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب»، هو إصرار على الإغراق فى الطوباوية، التى قد تمثل غاية الديمقراطية، لكنها لا تشرح لنا ما يحدث فعلا فى الواقع.

فالتمعن فى المفهوم الإمبريقى للديمقراطية، يشير إلى أنها عملية لا يمكن فصلها عن التوازنات الاقتصادية داخل المجتمع، بأى حال من الأحوال. فالديمقراطية فى صيغتها الممارسة هى عملية يتم بواسطتها المفاضلة بين خيارات عدة، بحيث تكون هناك حرية للاقتراح وتقويم البدائل، وتتوافر آليات لاتخاذ قرار المفاضلة هذا، ثم تتاح القدرة على ترجمة هذا القرار فى الواقع، ومراقبة تنفيذه. فهذه الخيارات وتلك الآليات واختيار طرق العمل وامتلاك القدرة على تنفيذ القرارات تتطلب وجود إمكانات مادية للجماعات (الأحزاب وغيرها) المنوط بها القيام بهذه العملية، وتفوق إحداها فى تلك الإمكانات يجعل فرصها أكبر فى توسيع الخيارات وزيادة عدد البدائل.

وحال احتكار أى من القوى السياسية للإمكانات المادية فإننا لن نكون بصدد نظام حكم ديمقراطى حتى لو ادعى من يستأثرون بالمناصب السياسية ذلك، بل أقصى ما يمكن الحصول عليه فى هذه الحالة هو نظام تسلطى مغلف بمسوح ديمقراطية، تشبه مساحيق التجميل، التى ليس باستطاعتها مهما كانت درجة جودتها أن تصلح ما أفسده الدهر.

فقد تعطى المعارضة، التى لا تتعدى فى هذه الحالة كونها مجرد قلائد تعلقها السلطة فى أعناقها للزينة أمام العالم الخارجى، «حق الصياح» من خلال انتقاد الحكومة، دون تجاوز خطوط حمراء معينة، وسيسمح لها بالطبع بخوض الانتخابات البلدية والتشريعية لكنها لن تحصل على النصيب الذى تستحقه، أو الذى يمكنها من التأثير الفعال فى إدارة العملية السياسية بالبلاد. وفى العادة تعزو المعارضة سبب فشلها فى تحقيق نتائج مشرفة فى الانتخابات إلى عمليات التزوير، لكن فى الحقيقة هناك ما هو أبعد وأعمق من التزوير، ألا وهو غياب توزيع الموارد الاقتصادية، أى احتكار الحكومة أو حزب معين لتلك الموارد. ففى ظل هذا النمط من احتكار القوة، فإن إجراء انتخابات نزيهة لن يكفى لإيجاد ديمقراطية حقيقة. وهذا ما نخشاه فى الانتخابات المقبلة، محلية أو رئاسية أو برلمانية. ووقتها لن تنفع الإعلانات فى إقناعنا أبدا بأن هناك إصلاحا يتم، فى النهاية الناس لن تؤمن إلا بما تشعر به حقا، وتمسكه بيدها، وتجد له مردودا على أحوالها المعيشية.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:07 AM.