اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-03-2018, 07:39 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New منهج النبي في تهذيب الغريزة


لا شك أن الشباب هم الثروة الحقيقة لكل مجتمع، وعليهم تُعقد آمال التقدم والازدهار، وبقدر قوتهم وذكاءهم وأخلاقهم تقوى المجتمعات وتتطور وتتماسك، وبقدر تفسخهم وهوانهم تتفسخ المجتمعات وتهون، الشيء الذي يقتضي منا على الدوام صيانة هذه الثروة وحمايتها وتعهدها بالرعاية من كافة جوانبها وإبعادها قدر الإمكان عن كل ما من شأنه أن يتسبب في ضياعها وخرابها مما سيكون مؤذناً لا محالة بخراب المجتمعات واضمحلالها، وها نحن في عصرنا الراهن وفي مجتمعاتنا الإسلامية بالذات نرى كيف أصبحت هذه الثروة تنفلت من بين أيدينا وكيف أصبح هذا الكنز الثمين رخيصاً في أيدي العابثين والمقامرين أعداء الملة والدين الذين يعرفون يقيناً أنه لولا الشباب لما وصل إلينا هذا النور المبين بما توهج في قلوب السابقين من صدق ويقين، ولذلك نجدهم (أعداء الدين) يعملون بكل ما أتوا من قوة خاصة عبر وسائل الاعلام والتواصل الرخيصة على إشاعة التفسخ في الشباب وحملهم على التمرد على الدين والقيم والأعراف بطرق مغرية تسر الناظرين غير المتبصرين بالعواقب، حتى أصبح شباننا غارقين في بحر الجهل والخمول والتكاسل سابحين في براثين الفواحش والمنكرات لاهثين وراء شيء واحد ألا وهو إشباع شهوة الفرج ولا شيء غير ذلك، فكان من إفرازات ذلك أن أصبح اتخاذ الأخدان موضة والحياء والعفة عقدة، وأمست الاستقامة تطرفاً والانحراف تحرراً والمجاهرة بالمعاصي والتبجح بها عملة رائجة والتستر والتوبة عملة نادرة، فضاعت الثروة وانصهر الكنز تحت نيران الرذائل وحرارة الفواحش التي زاد في اذكاء حدتها الاعلام السافل ووسائل التواصل المتنوعة (فيسبوك واتساب...) التي قربت المسافات ويسرت المعاصي والمنكرات..
*
الشيء الذي يجعلنا نتساءل ونقول:
أهكذا كان يتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الجيل الأول من شباب الصحابة؟ وهل كان يفتح لهم أبواب المعاصي والمحرمات لإشباع النزوات كما تفتحها وسائل الاعلام والقنوات؟ وكيف كان منهجه في التعامل مع أصحابه فيما يتعلق بالجانب ال***ي الغريزي؟ وهل كان منهجه يرمي إلى الضبط والتهذيب أم إلى الكبت وال*****؟
*
إنه بالرجوع إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياته نجد الجواب الشافي الكافي لما طرحناه من أسئلة خاصة وأن أهم ما ميز سيرته صلى الله عليه وسلم الوضوح في جميع مراحلها منذ ولادته إلى وفاته بما في ذلك مرحلة شبابه وكيف قضاها صلى الله عليه وسلم بعيدا عن الفواحش التي لم يثبت قط أنه اقترفها رغم وجوده في بؤرتها ومركز توترها وتوهجها، والتي كان يواجهها بالصبر تارة وبالعفة تارة أخرى وبالابتعاد عن مركزها تارات أُخر فارًّا إلى غار حراء حيث تصفو نفسه وتهدأ روحه وتسكن جوارحه ليبدأ بالسباحة في بحر التأمل في ملكوت الله تعالى، قال الشيخ الخضري رحمه الله: كان عليه الصلاة والسلام أحسن قومه خلقا وأبعدهم عن الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال حتى كان أفضل قومه مروءة [1]، ولا يزال كذلك صامدا متعففا حتى أكرمه الله تعالى برفيق دربه ومهوى فؤاده خديجة رضوان الله عليها وهو في ريعان شبابه لم يجاوز الخامسة والعشرون من عمره، فازداد عفة على عفة وحياء على حياء ليكرمه ربنا جل وعلا برسالته ليصبح مربيا للأجيال وراعيها الأول العارف باحتياجاتها ومتطلباتها، ولذلك وجدناه ينقل لأصحابه بصدق وأمانة كل ما ترسخ لديه من أخلاق نبيلة حتى قبل بعثته ويزرع فيهم قيم العفة والبعد عن الفواحش زرعا ليحصد المجتمع والإنسانية جمعاء ثماراً طاهرة تمكنها من العيش في بيئة نقية زكية بعيدة عن أدران الجاهلية، ولذلك لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم قط إهماله للشباب وعدم مراعاته لحاجياتهم وما يخالجهم من أحاسيس ومشاعر وغرائز، بل إن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هو غيرته على الشباب وتقربه منهم والإجابة عن أسئلتهم حتى فيما يتعلق بأمورهم ال***ية، وهي الأسئلة التي قد نتحرج نحن (الآباء والامهات و الإخوة والأخوات والمربون والمربيات) من الإجابة عنها لنترك (من حيث لا نحس) الفرصة سانحة أمام المتربصين ليسحروا أعين الشباب التائهين وليمرروا مغالطاتهم وأفكارهم المدنسة وليوقعوا بهم في الأخير في بحور من الشهوات والشبهات تحت مسميات رنانة وشعارات طنانة (الحريات الفردية، الحقوق الطبيعية...)، ولا أدل على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بما قلنا ما أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود قال: كنا مع رسول الله صلى الله عله وسلم شبابا لا نجد شيئا، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء[2]، فها هو ابن مسعود رضي الله عنه يتكلم بلسان شباب لهم الرغبة في الزواج ويراودهم هذا الحلم كما يراود الجميع، لكن الفاقة حالت دونه وهو ما عبر عنه الصحابي الجليل صراحة بقوله (لا نجد شيئًا) أي ليس لنا عمل ولا نملك مورد دخل فما الحل يا رسول الله؟ وكيف نشبع هذه الغريزة ونلبي هذه الرغبة؟
*
لقد كان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم دقيقاً وفيه من البيان الشيء الكثير بخصوص هذه المعادلة الصعبة (فقر+ غريزة مشحونة =؟)، حيث بين أن أفضل حل لضبط جماح الغريزة ال***ية وتهذيبها هو الزواج ولذلك شجع السائل ومن يتكلم بلسانهم على العمل ووجههم إليه وحثهم عليه حتى يتسنى لهم توفير الباءة التي ستمكنهم من ولوج هذا العالم (عالم الزواج) من أوسع أبوابه تحصينًا لفروجهم وغضاً لأبصارهم، وهو صلى الله عليه وسلم بذلك يلفت انتباههم أيضا إلى أمر في غاية الأهمية يغفل عنه الكثير من الشباب وهو أن الزواج ليس فقط وسيلة لإشباع الغريزة وإنما هو مسؤولية كبرى لا ينبغي أن ينبري لها إلا الأكفاء، هذا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم واقعيا في جوابه عارفا أن الباءة قد تكون من نصيب البعض وقد لا تكون من نصيب البعض الآخر، فما الحل لمن لا باءة له؟؟
*
طبعا الزنا باب شر محرم أصلا ويستحيل أن يفتحه النبي صلى الله عليه وسلم في وجه شباب أمته ممن هم في لحظة غليان غريزي ولكنهم يفتقدون للباءة، لأنه لو فعل ذلك لضاعوا وأهلكوا، ولذلك وجدناه صلى الله عليه وسلم يقدم لهم حلا ثانيا مُهذّبا ومسكّنا لآلامهم الداخلية ألا وهو الصيام ذلك الواقي الحقيقي، قال صلى الله عليه وسلم (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
*
وهنا قد يقال إن الرسول صلى الله عليه لم يقدم الحل الناجع للجميع وإنما لصنفين من الشباب فقط*وهما: مستطيعو الباءة ومستطيعو الصيام، علما أن هناك صنف آخر لا ينبغي إهماله وهو صنف من لا يستطيع لا باءة ولا صياماً، فما الحل المناسب لهؤلاء وما الوسيلة الأنجع لهم؟؟
*
لا يمكن بتاتاً أن نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أهمل أحدا أو تركه عرضة للضياع، ذلك أن من لا يستطيع الباءة ولا الصيام يُوجه إلى خلق جامع مانع يجعل صاحبه بعيدا عن كل السفاسف ألا وهو خلق العفة قال صلى الله عليه وسلم: (ومن يستعفف يعفَّه الله، ومن يستغنِ يغنه الله، ومن يصبر يصبره الله، وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر)[3]، نعم إنها العفة تلك الشيمة التي تتحقق بوسائل جمة في قدرة من لا يستطيع الباءة ولا الصيام أن يلتزم بها كغض البصر وتجنب الخلوة وعدم اتخاذ الاخدان مع التحلي بالصبر الجميل والايمان أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وطبعا هذا الحل الأخير جعله النبي صلى الله عليه وسلم متوقفا على مقدار إيمان الشخص ومروءته وخوفه من ربه وإحساسه برقابته، هذه الرقابة التي جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم بمثابة جهاز استشعار وجب على كل شاب مسلم أن يغرسه في شخصية ليحمله على التعفف والبعد عن الفواحش وتهذيب غريزته وترويضها بنفسه وعن قناعة دون فرض أو إلزام من أحد، ويشهد لذلك ما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شابًّا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال: (ادنه)، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: (أتحبه لأمك؟)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قالولا الناس يحبونه لأمهاتهم)، قال: (أفتحبه لابنتك؟)، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم)، قالأفتحبه لأختك)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأخواتهم)، قال: (أفتحبه لعمتك؟)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم)، قال: (أفتحبه لخالتك)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لخالاتهم)، قال: فوضع يده عليه، وقال: (اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فَرْجَه)، فلم يكن بعد - ذلك الفتى - يلتفت إلى شيء[4]).
*
إن المتأمل في هذا الحديث ليدرك بوضوح مدى رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الشاب ومدى تفهمه له واقناعه إياه بضرورة العدول عن الزنا باعتبارها طريقًا غير طبيعي وغير صالح لتصريف الغريزة، غير أنه صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة لم ينصح الشاب لا بالزواج ولا بالصيام كما سبق مع ابن مسعود وأصحابه لأنه ربما أدرك عجز الشاب عن ذلك فلم يكلفه ما لا طاقة له به ليزيد في *****ه، ولم يفتح له بالمقابل باب المحرم (حاشاه) وإنما اكتفى معه بتحريك جهاز الاستشعار الداخلي لديه لجعله يحس بالغيرة على أهله وليدرك بأن المؤمن الحقيقي لا يحب لأخيه ما لا يحب لنفسه الشيء الذي جعل الشاب يخجل من نفسه ويتراجع عن طلبه الجريء ذاك ما دام أنه لم يرض الفاحشة لأمه ولابنته ولأخته ولعمته وخالته فانصرف الشاب وهو مقتنع أيما اقتناع بخطورة الزنا ولم يعد يلتفت الى شيء من ذلك كما أخبر الصادق المصدوق.
*
من كل هذا يتبين لنا*مدى دقة منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الشباب من خلال تعهدهم اليومي بالرعاية والنصح والتوجيه والإجابة عن كل تساؤلاتهم (حتى وإن تعلقت بغريزة ال***) بلطف وأدب مقنعاً إياهم*بكل ما هو حلال يرضاه الله تعالى وفيه خير للناس أجمعين، ومبعداً إياهم عن كل ما هو حرام يغضب الله تعالى وقد يتسبب فيما لا يحمد عقباه كما هو حال مجتمعاتنا في الوقت الراهن للأسف.

[1] نور اليقين، الخضري، ص25
[2] صحيح الامام البخاري، كتاب النكاح، باب من لم يستطع الباءة.
[3] صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب فضل التعفف والصبر.
[4] مسند أحمد.

عبدالحق التويول

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:22 AM.