اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-12-2017, 06:44 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp لا تيئسوا ...فوائد أصولية مقاصدية من الآيات القرآنية



هذه النصيحة التي وجَّهَها سيدنا يعقوب لأبنائه للبحث عن أخيهم، ونهاهم عن اليأس، جاءت هذه النصيحة في جزء من قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

تعريف اليأس: مصدر قولهم: يئس ييئس، وهي مأخوذة من مادة (ي أ س) التي تدلُّ على قطع الأمل، يقال منه: اليَأْس: القُنوط، وقيل: اليأس نقيض الرجاء، اليأس واليآسة: القنوط، ضد الرجاء، أو قطع الأمل"[1].

قال العزُّ: اليأس من رحمة الله: هو استصغارٌ لسَعة رحمته عز وجل ومغفرته، وذلك ذنبٌ عظيم، وتضييق لفضاء جوده[2].
وقال الرَّاغب: هو انتفاء الطَّمع[3].

ومن الفوائد الأصولية والمقاصدية:
1- عدم اليأس نصيحة موجَّهة لكلِّ مسلم، خاصة وقد أصاب اليأسُ كثيرًا من المسلمين؛ مما دعاهم للقنوط والكبت والإحباط؛ فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

2- دلالة النهي عن اليأس في الآية تدلُّ على أنَّ اليأس من الكبائر؛ فقد قال القرطبي: "الآية دليل على أنَّ القنوط من الكبائر"[4]،خاصة وأنَّ التعقيب في الآية بأنَّ اليأس ليس من صفات المؤمنين.

3- في نهاية الآية تعليلُ النهي عن اليأس، قال ابن عاشور عن جملة ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]: "تعليل للنهي عن اليأس، فموقع "إنَّ" التعليل، والمعنى: لا تيئسوا من الظفر بيوسف عليه السلام معتلِّين بطول مدة البُعد التي يبعد معها اللقاء عادةً؛ فإن الله إذا شاء تفريجَ كُربة هيَّأ لها أسبابَها، ومَن كان يؤمن بأنَّ الله واسعُ القدرة، لا يحيل مثل ذلك؛ فحقُّه أنْ يأخذ في سببه، ويعتمد على الله في تيسيره، وأمَّا القوم الكافرون بالله، فهم يقتصرون على الأمور الغالبة في العادة وينكرون غيرها"[5]، وهذا يدل على تعليل النهي عن اليأس، ويستفاد منها توضيح المقصد من النواهي.

4- نهى الإسلام عن اليأس؛ لأنه يتنافى مع تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية.

5- نهى الإسلام عن اليأس؛ لأن اليأس يؤدِّي إلى القنوط من رحمة الله، وضعف الهمة في العمل لدين الله، واليأس من رحمة الله يؤدِّي إلى الاستمرار في ارتكاب المعاصي والمنكرات، واليأس من إصلاح الآخرين يؤدِّي إلى عدم تقديم النصيحة لهم لليأس من استجابتهم، وهذا يتنافى مع مقصد حفظ الدين.

6- نهى الإسلام عن اليأس؛ لأنَّ اليأس من الشفاء يؤدِّي إلى زيادة سوء الحالة الصحيَّة، وعدم الاهتمام بالنواحي الغذائية والرياضية، واليأس من الحياة قد يؤدِّي بالبعض إلى الانتحار، وهذا يتنافى مع مقصد حفظ النفس.

7- نهى الإسلام عن اليأس؛ لأنَّ اليأس من التفوق والنجاح يؤدِّي إلى عدم الاجتهاد في الدراسة والمذاكرة والبحث العلميِّ؛ مما يؤدي إلى انتشار الجهل والتخلُّف والشائعات، وهذا يتنافى مع مقصد حفظ العقل.

8- نهى الإسلام عن اليأس؛ لأنَّ اليأس من سداد الديون وتدبير الأمور المنزلية والمادية، وحل المشكلات المادية - يؤدِّي إلى عدم تنظيم صرف المال وتدبيره، وهذا يتنافى مع مقصد حفظ المال.

9- نهى الإسلام عن اليأس؛ لأنَّ اليأس من إصلاح الزوجة والأبناء يؤدِّي إلى إهمال توجيههم وتربيتهم، ومن ييئس من الزواج فسيقع في الزنا أو فعل المحرَّمات، وهذا يتنافى مع مقصد حفظ النسل والنسب والعِرض.

قال الشاعر:
إذا اشتملت على اليأس القلوبُ
وضاق لما به الصدرُ الرحيبُ
وأوطأت المكارهُ واطمأنَّتْ
وأرست في أماكنها الخطوبُ
ولم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهًا
ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ
يمُنُّ به اللطيف المستجيبُ
وكلُّ الحادثات إذا تَناهَتْ
فموصولٌ بها الفَرَج القريبُ

وقال آخر:
ولرُبَّ نازلةٍ يضيق بها الفتى
ذرعًا وعند الله منها المَخرجُ
كملَتْ فلما استحكمت حلْقاتُها
فُرِجَت وكان يظنُّها لا تُفرَجُ[6]

ولذا جاءت الشريعة الإسلامية لبَثِّ الأمل والتفاؤل في نفوس الناس، والنهي عن اليأس وانقطاع الأمل.

10- من وسائل تحقيق نشر التفاؤل والأمل من جانب الوجود:
• الشعور بالراحة النفسية الداخلية.

• الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن الكريم: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
• القراءة في سِيَر وقَصص الناجحين والمتفائلين، وترديد الكلمات الإيجابية مع النفس أو مع الآخرين: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83].

• الرضا بالقضاء والقَدَر، وحمد الله في السرَّاء والضراء: ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [النمل: 59]،
• الشعور بالثقة في النفس مع الاستعانة بالله تعالى دائمًا.
• المسارعة إلى الله بالتوبة والاستغفار دائمًا.

11- من وسائل تحقيق نشر التفاؤل والأمل من جانب العَدَم:
• اجتناب البيئة اليائسة والمثبطة عن العمل.

• تجنُّب مظاهر اليأس، ومنها: شدَّة الضيق والقعود عن العمل بسبب الحالة النفسية، وكثرة المشكلات المالية والمادية، وكثرة الخلافات مع الآخرين لشعوره بصعوبةِ الإصلاح والتحسين للوضع الحالي، ونشر كلمات اليأس والإحباط بين الناس؛ فهو مِن يأْسه ينشر اليأسَ الذي في قلبه للمجتمع.

• التوقُّف عن ترديد الأخبار السيئة، أو المشاعر الحزينة.

• تقليل الشكوى من الوضع الماديِّ أو الحياتيِّ، بل العمل على تحسينه بالاستعانة بالله وبمساعدة الآخرين.

• عدم اليأس في حالة الفشل من أي تجرِبة، بل الاستفادة منها في التجارب التالية.

• مَن قصَّر في طاعة الله فلا ييئس، بل عليه بالاستغفار من الآن، وليتذكَّر رحمة الله الواسعة.

• إذا واجهتك مشاكلُ أُسريَّة، ففكِّر في أسبابها وآثارها، ولا تيئس مِن علاجها.

• إذا ضاعت منك أموال، فلا تيئس في البحث عنا واستردادها.

• إذا واجهتك صعوبات، فتغلَّب عليها.

هذه بعض الفوائد الأصوليَّة والمقاصدية، والآية فيها فوائدُ كثيرة، فنسأل اللهَ أن يجعلنا وإيَّاكم من المتفائلين؛ فالأمل يدعو إلى العمل.

[1] لسان العرب (6/ 259)، القاموس المحيط (ص: 582).
[2] شجرة المعارف والأحوال (120).
[3] المفردات (552).
[4] الجامع لأحكام القرآن (9/ 252).
[5] التحرير والتنوير (13/ 46).
[6] تفسير ابن كثير، ط العلمية (8/ 418).

د. ياسر محمد عبدالرحمن طرشاني

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:29 AM.