اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-09-2017, 10:57 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp مفهوم السعادة وسبب الشقاء


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالإنسان يجري في هذا الدنيا بحثًا عن السعادة، فهي الغاية لجميع البشر، وعند كل شخص مفهوم عن السعادة، وقد يكون مفهومها سببًا للشقاء، فمن ذلك أن بعض الناس يظن أنه لابد أن يكون سعيدًا طوال الوقت، فإذا مرت به أوقات ألم أو معاناة، ظل يحرق نفسه باللوم، وقد يذهب سبب هذه الأوقات، لكنه لا يزال في شقاء؛ لمرور وقت غير سعيد عليه، مع أن الحياة لا تخلو من منغصات وآلام ولعلها هي التي تعطي السعادة طعمًا حقيقيا، وقد ذكر عبد الوهاب المسيري أن السعادة كالعمل الفني، "لا بد أن يكد المرء ويتعب في صياغته وصنعه"..
*
ومما يجعل المرء يضيف على أوقات العناء والألم شقاء وهما ظنه أن الناس يعيشون في سعادة دائمة، وأنه الوحيد الذي يعاني، خصوصًا لمن يتابع كلام الناس عن أنفسهم في أدوات التواصل وغيرها، فغالب البشر يظهرون جوانب المتعة، ويصورون حالات يُفهم منها أنهم سعداء.. والظن أكذب الحديث، فالجميع يعانون، ولم يسلم بشر من هم أو حزن أو قلق، لكن الناس في الغالب لا يحبون إظهار معاناتهم، ويشعر بعضهم بالنقص إذا بيّن للناس أنه بشر يعاني كما يعانون..
*
ولبعض الخطباء والوعاظ دور في تكوين مفهوم عن السعادة يسبب شقاء، وهو أنهم يربطون السعادة بالإيمان (فقط)، فيظن بعض الناس أنه عندما يشعر بضيق أو معاناة أن عنده نقصًا في الإيمان فيدخل دوامة الشك في إيمانه، والبحث عن الذنوب التي وقع بها، مع أنه ليس بالضرورة أن يكون الضيق بسبب الذنوب والبعد عن الله، فقد يصاب المرء وهو من أقرب الناس لله بمرض ومن أعراض هذا المرض الضيق والقلق، وقد يفقد حبيبا فيكون كيعقوب صلى الله عليه وسلم ﴿ ٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيم ﴾ ومن أفضل من حقق الإيمان والعبودية هو نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله له في القرآن:﴿ وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُون ﴾، ﴿ قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ ﴾، فمر صلى الله عليه وسلم بأوقات حزن وضيق، ولا يعني ذلك أن المؤمن لا يستغفر عما يعلم وعما لا يعلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»، بل المراد ألا يكون الحزن والضيق سببًا في سوء الظن بالله، وكأن الله يقف لعباده المؤمنين بالمرصاد، فأول ما يقعون في الخطأ يعاجلهم بالعقوبة، وهو الغفور الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، ولو أراد الله خلقًا لا يذنبون لاكتفى بخلق الملائكة..
*
وقد يديم المرء القراءة في كتب التنمية الذاتية وتطوير الذات والنجاح والسعادة أو يكثر حضور الدورات فيها فيتكون عنده مفهوم للسعادة غير واقعي، ومع أن لهذه الكتب والدورات نفعًا كبيرًا فإنها تكون أحيانًا سببا للشقاء؛ وذلك أنها تتكلم في الغالب عن المـُثل العليا، وفي بعضها بعدٌ عن الواقع، أو أنها كتبت في واقع مختلف، والذي يريد أن يطبق كل ما فيها بأن يكون ناجحا سعيدا مثاليا طول الوقت لن يستطيع، حتى بعض الذين ألفوها أو ألقوا فيها دورات لم يستطيعوا، بل إن بعضهم يبحث ويكتب نصائح يوجهها لنفسه ثم تكثر ثم ينشرها، فيظن الناس أن يمتثل ما قال، كصاحبة كتاب "قوة الصبر" فقد ذكرت في المقدمة أنها مصابة بمرض قلة الصبر وأنها تغضب بسرعة؛ لذلك جمعت مادة هذا الكتاب، وهي صادقة وبينت معاناتها، وكثير لا يرون أهمية لبيان آلامهم، ومن رحمة الله بخلقه أن جعل بعض الأذكياء والحكماء يعانون ليكتبوا للناس كتبًا تعد علامات ﴿ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ ﴾ لكن القارئ الذي لا يعرفهم يظن أنهم يفعلون ما يقولون، وهم يحاولون وإن لم يبلغوا، فعندما تقع منه هفوة بشرية، ثم يتذكر ما التزم به من محاولة تطبيق ما بهذه الكتب، وأنه لم يكن كالكاتب فلان أو الملقي فلان، يأتيه الشقاء من باب تأنيب الضمير واللوم..
*
ثم إن غالب هذه الكتب التطويرية ربطت النجاح والسعادة بالشهرة والمال والمناصب، ففلان كان فقيرًا ثم صار من أغنياء العالم، وفلان كان غبيًا ثم صار مخترعًا، وفلان وفلان من قصص المشاهير، فيربط القارئ -دون وعي- النجاحَ والسعادة بالشهرة، فيظل جاهدا باحثا عن الشهرة وعن حديث الناس عنه، وقد يحقق إنجازات عدة لكنه يشعر بالبؤس لأنه لم يجد الشهرة وحديث المجالس والصحف عنه، ولو غيّر في مفهوم النجاح والسعادة، واقتنع بالنجاحات الذاتية التي حققها مع نفسه -ولو لم يعلم بها الناس- لاستراح، فبعض الناس حياته عبارة عن نجاحات الآخرين، كثير من الناس يتمنون ما عنده، وحديث أنفسهم يا ليت لنا مثل ما أوتي فلان، وفلان هذا يعاني؛ لأنه لم تكتب عنه صحيفة أو لم يشر له بالبنان، هناك العديد من الناجحين، ومفهوم النجاح ليس مرتبطًا بالشهرة، فالإنسان قد يكون فاشلا في المعايير السائدة، لكنه ناجح في معايير أخرى أكثر أصالة، فابحث في نجاحاتك، وفكر في إنجازاتك، فكر في النعم التي تتقلب بها، و ﴿ لَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجا مِّنۡهُمۡ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [الحِجر:88].
*
ومما يكوّن مفهوما عن السعادة يسبب شقاء ربط السعادة بتقليد بعض النوادر من البشر، وجعل هؤلاء الاستثناءات من البشر حياة كاملة، فهناك من البشر من أعطوا قدرات وطاقات عالية، من قوة حافظة، وسرعة بديهة، وغيرها من المواهب، فيريد بعض الناس أن يكون كحفظ فلان أو كذكاء فلان، فعندما لا يحقق ذلك يشعر بالحزن، ويدوم شقاؤه عندما يريد أن تكون حياته مجمعًا لنوادر البشر، فيريد أن يكون في نفس الوقت كحفظ فلان وذكاء فلان ومقدما في شتى العلوم، يريد أن يكون في النحو كسيبويه وفي الفقه كأبي حنيفة، وفي الحفظ كالبخاري، وقد رأى الشافعي أحد طلابه وهو يريد أن يكون إماما في الفقه وإماما في الحديث، فقال له: "يَا يُوسُفُ تُرِيدُ أَنْ تَحْفَظَ الْحَدِيثَ وَتَحْفَظَ الْفِقْهَ؟ هَيْهَاتَ"، وقال ابن حزم: "من طلب الاحتواء على كل علم أوشك أن ينقطع وينحسر، ولا يحصل على شيءٍ".
*
ومما يسبب الشقاء عدم مراعاة الظروف والواقع الذي يعيش فيه، فهو يريد أن يحقق الهدف الذي في ذهنه دون مراعاة لظروفه، ولو حقق النجاح على مستوى ظروفه واقتنع بذلك لعاش عيشة هنية، فالله أرسل أنبياء إلى قومهم فقط، ولم يأمرهم بغير البلاغ، وبعضهم لم تثمر جهوده، يأتي يوم القيامة وليس معه أحد، وهو يعد عند الله من الناجحين السعداء..
*
وقد يكون الإنسان في خلقته لا يستطيع إدراك شيء ثم يظل جاهدًا لتحقيقه وهو لن يستطيع له، فيدوم همه وشقاؤه، فبعض الناس ليس بعيدا في تفكيره، محدود الذكاء ثم يريد إتقان علم يحتاج لعمق وذكاء فعندما يفشل يشعر بالحزن، وقد يأخذ هذا العلم لكن ليس كما ينبغي فيحفظ ما يحتاج لذكاء ثم يأخذ شهادة عليا فيه وعندما يجد من فاقه في هذا التخصص من أقرانه يجد حسرة، لظنه أنه بلغ القمة فيه، ولن يفوقه أحد، ولو عرف قدراته وسار وفقا لها لاستراح وأبدع، جاء في كتاب الخصائص لابن جني قصة عن الأصمعي، وهي أنه أراد من الخليل أن يعلمه العروض فتعذر ذلك على الأصمعي وبعد عنه؛ فيئس الخليل منه فقال له يومًا: يا أبا سعيد كيف تقطع قول الشاعر:
إذا لم تستطع شيئا فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيعُ
*
ففهم الأصمعي أن الخليل قد تأذى ببعده عن علم العروض فلم يعاوده فيه، ولم يقف عند هذا، ويترك كل العلم لأنه لم يستطع لفن من فنونه، بل جاوزه لما يستطيع، وصار إماما من أئمة اللغة، ولم ينقص ذلك من قدر الأصمعي لأنه لم يفهم العروض، يقول الشيخ بكر أبو زيد: "لا تفزع إذا لم يفتح لك في علم من العلوم، فقد تعاصت بعض العلوم على بعض الأعلام المشاهير، ومنهم من صرح بذلك كما يعلم من تراجمهم ومنهم الأصمعي في علم العروض والرهاوي المحدث في الخط، وابن الصلاح في المنطق وأبو مسلم النحوي في علم التصريف، والسيوطي في الحساب، وأبو عبيدة، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبو الحسن القطيعي وأبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، وأبو حامد الغزالي، خمستهم لم يفتح لهم بالنحو"
*
هذه بعض الأشياء التي تجعل مفهوم السعادة ذهنيًا لا يمكن تحقيقه في الواقع، وتجعل صاحب هذا المفهوم يعاني من النقص، والتفكير في المفقود، وينسى الموجود، وينسى نعم الله عليه، وهناك مقولة حفظناها في الصغر، وهي كنز، لكننا لم نعطها اهتماما كبيرا لكونها صارت من الموجودات ونحن نبحث في المفقودات، تقول هذه المقولة العظيمة: "القناعة كنز لا يفنى"، لو فهمنها فهما إيجابيا، وأعدنا صياغة حياتنا لشعرنا بهذا الكنز الذي نملكه في نفوسنا، رزقني الله وإياكم القناعة، والرضا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

د. مرضي بن مشوح العنزي

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-09-2017, 02:48 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
مشرف ادارى الركن الدينى
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,321
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

جزاكم الله خيرا
قال (صلى الله عليه وسلم): «من بات آمنًا فى سربه معافى فى بدنه، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها».
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .


آخر تعديل بواسطة أبو إسراء A ، 23-09-2017 الساعة 02:50 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:19 AM.