فضائح الـ"سكرين شوت"!

[أ/رضا عطيه]

فضائح الـ"سكرين شوت"!

*

هبة عبد العزيز



قامت "جاسمين" ذات صباح تبحث في حدائق الفيس بوك عن زهور يانعة، وكلمات فاتنة لترسلها إلى "روميو" بعد أن فتحت صندوق رسائلها الخاصة فوجدته ممتليئا بكل ما لذ وطاب من فنون الرومانسية الملتهبة – كعادته كل صباح- فتسبقها تنهيدات قلبية حادة.

وتغدو وكأنها محلقة في السماوات العلا، مع بداية يوم جديد في روزنامة العشق الافتراضي، الذي بات يلاحقها بأسهمه إلى أن سقطت في شباكه، ولم تكن تعلم أن الشاشات تخفي العديد من الأشباح وما شابه! فذاك الرومانتيكي المزيف، لا يحمل بين ثنايا فؤاده ولب ذهنه أي مشاعر، ولكنه مستهلك جيد للعواطف الدليفري التي يتناقلها الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بوسترات ومنشورات وصور وفيديوهات.



وحين تستسلم المسكينة لتلك المشاعر المزيفة يبدأ "روميو" بفرض قوانينه الذكورية الجينية صوب الجنس الناعم، وتستجب "جاسمين" عن طيب خاطر، بل وتحصل على كامل نشوتها، وهي تقدم فروض الولاء والطاعة رضوخًا لدستور العشق المزعوم، على الجانب الآخر لا تشبع رغباته الدفينة، فيرتفع سقف المطالب إلى عنان الفضاء الافتراضي، فتشعر الضحية الغلبانة بصراع مترامي الأطراف بين هوى النفس، وميل القلب، وتوجه العقل بما يحمله من مبادئ وقيم وأخلاق، إلا أنه لا يكل ولا يمل، وتستمر محاولاته الشيطانية لالتهام الفريسة، بينما تمارس هي كل صلوات الحب والحلم بغد أجمل تحت سقف بيت واحد، فتضعه في خانة اليك، ويضطر حينها لأن يماشيها في حلمها البائس، معلنا أنه سوف يتقدم لخطبتها، منتقلا من الافتراض إلى الواقع، وتغمرها فرحة عارمة، وتحادث أسرتها عن ذلك الفارس الذي تخجل من الكشف عن كونه مجرد واحد تعرفت عليه على الفيس بوك، فتبدأ في التفكير في طرق أخرى كأن يكون أخًا لصديقتها أو زميل جامعة، أو قريبًا لإحدى رفيقاتها، ثم يطلب عريس الغفلة "عربون" قبل أن يخطو تلك الخطوة ولكن قيمها تحول بينها وبين النشوة المرتقبة!

وهنا تدق نواقيس الخطر لتملأ أرجاء الشبكة العنكبوتية، وتنطلق شرارات الخلاف الحوائجي، والاختلاف السلوكي وينكشف زيف "روميو" الذي لم ولن يتقدم للأسرة، ويثور أفراد العائلة عليها مرددين "فين عريس الغفلة؟".

ولكن لا عريس لمن تنادي!

ثم تهرول "جاسمين" إلى "الإنبوكس" لتنقل حزنها وضعفها وغضبها معًا، إلى صدر المحبوب فلا تجد منه إلا النهر والتوبيخ، فتقرر أن تقطع صلتها به بعد التجاهل المتكرر لتتابعه من وراء حجاب، فيمتعض "روميو" أفندي منزعجًا من تلك المشاعر التى تحيط به بين خسارة الصفقة وخيبة الأمل، فيقرر أن يثأر لفحولته التي أدرجتها الأخلاق، فيأخذ "سكرين شوت" من المحاثات الرومانسية التى كانت بينهما ويشيرها على الفيس بوك!

وهنا سكتت الرجولة عن الكلام المباح!

فكيف لأنثى أن تقاوم جبينه المبلل بالغرائز الملتهبة، وكيف تغضب لكرامتها وتتجاهل التواصل معه؟ بل وكيف تصد شهواته المجانية؟ قد يختلف البعض مع تلك القصة، فهناك فريق يدين الذكر الافتراضي، وفريق آخر سيوجه أبشع الاتهامات إلى تلك الفتاة!

ولكن قبل توجيه الاتهامات إليها -كما يحدث دائما- بأن تتحول الضحية في مجتمعاتنا الشرقية إلى جانية، فهل أصبح الحب خطيئة؟ وهل تحولت المشاعر إلى جريمة؟ وكم فتاة منذ بدء الخليقة أصبحت ضحية مثل "جاسمين" حتى قبل عصور التكنولوجيا مع الفارق، فقديمًا كانت الفضائح بالرسائل الغرامية الورقية، والآن فقط إلكترونية، وفي كلا الحالتين تلاشت أخلاق الفروسية والنخوة من ذكر لا يعرف للرجولة عنوانًا.

ولا يفوتنا بعض المرضى الآخرين الذين يستخدمون المحادثات للإطاحة بمسئولين على سبيل الفضايح، وربما يكون للفوتوشوب يد عليا في تزييفها، وأخيرًا فلا يمكننا إلا أن ندعي على الحاج "مارك" الذي منح من لا يستحق أكثر مما يستحق، وبفضل الفهلوة المصرية الأسطورية استخدمنا الوسائل الاتصالية في أحط عمليات النصب الإنساني والاغتيال الآدمي.

[لوجين20]

انها تجارب حمقاء عانى منها الجميع
سواء كان هو طرف رئيسى فى المشهد
او
اوجعه الاستماع
تحياتى عالطرح