اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم

علوم القرآن الكريم هنا أن شاء الله كل حاجة عن القرآن الكريم من مسموع ومرئي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-10-2018, 10:29 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New ذو القرنين والخدمة لله


في الوقت الذي تعتبر فيه النزعة المادية هي المحرِّك الأساس لأغلب أعمال الناس والخدمات التي يقومون بها، فإن ذا القرنين قدَّم لنا نموذجًا راقيًا لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان الخدوم للدين وللإنسانية، وهو النموذج الذي أرَّخَ له القرآن الكريم، وخَطَّ معالمه الوحي الإلهي المقدَّس؛ ليكون نبراسًا لكل جُنْد من جنود الله، ولكل غيور على دين الله، ولكل متلهِّف لخدمة المسلمين.
*
إن ذا القرنين - كما جاء في التعريف القرآني له - رجلٌ متمكِّن في الأرض ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الكهف: 84]، وهو بالإضافة إلى ذاك رجل طوَّاف، عاشق للتجوال والمغامرة، مولع بالفتوحات القلبية، مُحِبٌّ لنشر التوحيد والعدل وتأديب الظالمين الخارجين عن طريق الحق، لا يخشى في الله لومة لائم، ولا يُحرِّكه شيءٌ غير الدوافع الإيمانية، كما أنه يتمتَّع بمنصب سامٍ ورفيع، قد توفَّرَت له أسباب الحياة الكريمة بحذافيرها، خاصة أن الله تعالى قد مَنَّ عليه بكل ما يحتاج إليه من مال وخدمٍ وجيش وعلم، وما إلى ذلك من النعم ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 84]، ومع ذلك لم يكفر النعم ويجحدها كما يفعل الكثير ممَّن إذا أُنعِم عليهم، أفسدوا العباد، وأهلكوا الحرث والنسل، أو على الأقل يخلدون للكسل، ويتركون العمل، ويكتفون بالتمرُّغ في النِّعَم طوال حياتهم دون أدنى هدف أو مقصد إنساني يُذكَر.
*
إن سورة الكهف بحديثها عن ذي القرنين تكون قد جَلَّتْ لنا صورة رجل متواضع خدوم للناس، محب لهم، يبذل قصارى جهده لنفعهم ولدفع البلاء عنهم، ولا أدَل على ذلك من رحلاته التي قام بها شرقًا وغربًا متكبِّدًا عناء السفر، بعيدًا عن موطنه الأصلي، باحثًا لا عن توسيع دائرة نفوذه وجغرافية مملكته؛ ولكن عن توسيع دائرة الموحِّدين المحبِّين لله سبحانه، السائرين في طريق العدل بعيدًا عن متاهات الظلم ﴿ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴾ [الكهف: 87، 88].
*
كما أن السورة - أي: الكهف - عكست لنا أيضًا صورة رجل عظيمٍ لا يجد حرجًا في تقاسم خبراته وعلومه ومعارفه مع غيره، ما دام المحرِّك الرئيسي لكل أفعاله، هو مُحرِّك ودافع إيماني محض؛ ولذلك وجدناه بعد بلوغه بين السدَّيْن واستغاثة أهل المنطقة به لتخليصهم من فتنة يأجوج ومأجوج، لم يدَّخِر جهدًا للاستجابة لطلبهم، وتحقيق رجائهم ببناء ذلك السد العظيم الذي حال بينهم وبين أجيج وأمواج الفاسدين المفسدين قائلًا: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾ [الكهف: 96]، وهو السدُّ الذي لا شك وظَّفَ فيه ذو القرنين بعضًا من خبراته، فشيَّده على غير المعهود في بناء السدود مازجًا الحديد بالفضة المذابة، مُشَكِّلًا في النهاية أعظم سد على وجه الأرض ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾ [الكهف: 97].
*
وهنا وجَب الانتباه إلى إشارة قوية في هذا الفعل، وهي أن ذا القرنين وهو يقوم بهذه الخدمة النبيلة لرفع الظلم عن أولئك المستضعفين، لم يطلب مقابلًا ماديًّا لخدمتهم مستغِلًّا حاجتهم إليه؛ بل أدَّاها بإخلاص، وفي سبيل الله ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: 94]، وهو العرض الذي رفضه ذو القرنين متذكِّرًا فضل الله عليه وما حَبَاهُ به من نِعَم كابحًا شهوته ولهفته المادية، مُطلِقًا العِنان لقِيَمه الإنسانية السامية، قائلًا: ﴿ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾ [الكهف: 95]، مشترطًا شيئًا واحدًا، وهو أن يُعينُوه بالقوَّة البدنية لا المادية ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ [الكهف: 95]، متعمِّدًا وهادفًا من وراء ذلك إلى شيء واحد؛ وهو إشراكهم في العمل؛ لتعويدهم الاعتماد على أنفسهم دفعًا لأي ضرر مستقبلي قد يتربَّص بهم، فكان الأمر أشبه ما يكون بدورة تدريبية تكوينية مجانية، أدخلهم فيها ذلك الخبير المحنَّك الذي لم يملَّ قيدَ أُنملة عن فعل الخير بسبب المال، راميًا إلى توطينهم على حُبِّ التوكُّل والعمل، ومَقْت التواكل والكسل، وهو العمل الذي قلَّ ما نجد إنسانًا في زماننا يقوم به دون مقابل، وخاصة إذا كان هذا الإنسان ذا منصب أو مكانة مرموقة، أو صاحب خبرة في مجال ما، فتجده لا يشتغل إلا بمقابل؛ بل لا يكاد يخطو خطوة إلا إذا كانت بمقابل في غفلة تامَّة عن المقابل الأخروي المتمثِّل في الأجر والثواب المدخَّر ليوم الحساب، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلبٍ سليم.

عبدالحق التويول

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:56 AM.