اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > الموضوعات العامة

الموضوعات العامة قسم يختص بعرض الموضوعات و المعلومات العامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-04-2017, 12:33 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي ضبط السردية الإسلامية للتاريخ البشرى!


ضبط السردية الإسلامية للتاريخ البشرى!




أحمد عبدربه

قبل أن يتم تجديد الخطاب الدينى أو تطويره لا بد أولا من إعادة صياغة الوعى ومن ثم إعادة تشكيل القناعات، لأن تجديد أى خطاب فى ظل سردية تاريخية مبتورة ومنحازة لا يمكن أن ينتج أى جديد!
يتشكل الوعى الشعبى لمعظم المسلمين المتدينين عادة على خمسة قناعات تاريخية،

الأولى هى جاهلية مرحلة ما قبل الإسلام والتعامل معها باعتبارها مرحلة ظلامية كافرة معادية للبشرية شديدة البؤس والجهل.

ثم تأتى القناعة الثانية لتتشكل حول كون الإسلام وميلاده ورسالته ثورة اجتماعية وسياسية غير مسبوقة أزاحت الظلمات البشرية ومهدت للحضارة والتطور،

والثالثة أن حضارة الإسلام ظلت عظيمة طالما تمسك المسلمون بدين الله ثم انهارت لأنهم ابتعدوا عن الله فتشرذموا وتقطعت بهم الضروب والوصال،

والرابعة أن الحضارات الصليبية الغربية تآمرت على الإسلام حتى انهارت آخر دول الخلافة على يد شخص مشكوك فى إسلامه وموالاته لليهود،

والخامسة والأخيرة أن حكام المسلمين فى معظمهم متآمرين خونة موالين للغرب الصليبى الكافر!

القناعات الخمس سالفة الذكر عادة ما تداعب الخيال الشعبى لعامة المسلمين على الأقل فى مصر والمنطقة العربية ويلزم لهم إعادة ضبط ومعالجة بحثية علمية للبعد عن ذلك القصور الذى ينتج عادة انتظار طويل لحلم جميل لن يتحقق بسهولة أو ببساطة على الأقل فى الأجل المنظور، ألا وهو حلم الخلافة الإسلامية التى تسود العالم وتعيد تشكيل منظومة قيمه وأخلاقه!
***
القناعة الأولى قناعة غير صحيحة بالمرة، فحضارات ما قبل ظهور رسالة الإسلام كانت حضارات عظيمة بتقييمات عصورها، حضارات عمرت الأرض وأنتجت معرفة إنسانية وطورت العلوم والآداب والفنون، فالحضارات الفرعونية والصينية والهندية والآشورية والفينيقية والفارسية واليونانية والرومانية هى مجرد أمثلة لحضارات سبقت الحضارة الإسلامية ولا تقل عظمة عنها من الناحية البشرية بعيدا عن أى تقييمات دينية هى بطبيعتها متحيزة.

أما القناعة الثانية فهى قناعة صحيحة نسبيا ولكنها ابنة بيئتها الجغرافية، بعبارة أخرى، فإن الحضارة الإسلامية نورت منطقة شبه الجزيرة العربية فى فترة كانت الأخيرة أقل تقدما وتحضرا وإنتاجا ومعرفة من جارتيها الفارسية والرومانية الشرقية (البيزنطية)، لكن لا يعنى هذا أبدا أنه بمجرد ظهور الحضارة الإسلامية فقد انتفى إنتاج أو أثر الحضارات العظيمة التى سبقت ظهور الإسلام، إعادة ضبط هذه القناعة تحديدا هو أمر فى غاية الأهمية لضبط فهم المسلمين عموما والإسلاميين خصوصا تجاه عملية التطور البشرى. غير الإسلام علاقات القوة ومن ثم النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لمنطقة شبه الجزيرة ثم تدريجيا إلى الشمال الأفريقى والشرق الآسيوى والعمق الأفريقى ومنطقة البحر المتوسط.

ثم عادت الحضارة الإسلامية نفسها لتنحصر وتخسر تدريجيا بفعل عوامل التاريخ الطبيعية التى مرت بكل الحضارات البشرية ولا علاقة لهذا الانحصار بالبعد عن الله أو البعد عن الإسلام وهنا لا بد من إعادة مناقشة القناعة الثالثة!

فيما يتعلق بالقناعة الثالثة، فكما أوضحت فى مقالات سابقة مرتبطة بهذه السلسلة أن الدول الإسلامية نفسها قد انقسمت وتحولت إلى دويلات متصارعة بعد فترة ليست بالطويلة من وفاة الرسول وانتهاء الخلافات الإسلامية الراشدة. هنا يجدر القول أن جزءا رئيسيا من تطور الحضارة الإسلامية فى عز ***وانها كان قائما بالأساس على الانفتاح على العلوم وأدوات البحث العلمى غير الخاضعة للكهنوت، ومن ثم الإبداع الفلسفى القائم على الأدوات الجدلية للتوصل إلى إجابات خاصة بفهم الظواهر الطبيعية وما وراء الطبيعة بل والانفتاح على الفنون والآداب وغيرها من الإبداعات البشرية التى يعتبرها البعض الآن حراما وبعدا عن الله!

اتصالا بما سبق يمكن أيضا إعادة رسم القناعة الرابعة، فهزيمة الخلافة العثمانية (آخر خلافات المسلمين اسما) قد جاءت بفعل عوامل سياسية وأخرى متعلقة بالسباق البشرى على أدوات الإنتاج والتنمية والتحديث! فالسبق الغربى للثورة الصناعية فى بريطانيا والثورة السياسية فى فرنسا أنتج أدوات مادية ومعرفية عجزت الإمبراطورية العثمانية على مجاراتها، وتاريخ الصراعات بين الإمبراطورية العثمانية ونظيراتها الغربية هو تاريخ صراع بشرى لا دينى حتى لو حاول بعض السلاطين العثمانيين أو الملوك الأوربيين التخفى وراء بعض الشعارات الدينية (إسلامية أو مسيحية) لتعبئة الجماهير خلف مشاريعهم السياسية ومطامعهم التوسعية! بل أن الملفت للنظر أن الكثير من سلاطين الإمبراطورية العثمانية قد تخلوا عن لقب الخليفة والخلافة إلى أن استعادها عبدالحميد الثانى فى محاولة بائسة لإعادة ترميم الخلافة الآخذة فى الانهيار ولكن كانت محاولته متأخرة للغاية!

يلاحظ أيضا أنه وبغض النظر عن أى تقييمات دينية لتجربة مصطفى كمال أتاتورك فإن الكثير من المناطق ذات الأغلبيات المسلمة كانت قد تخلت تماما عن الإمبراطورية العثمانية وسيطرتها السياسية (مصر على سبيل المثال وليس الحصر) قبل انقلاب أتاتورك بعشرات السنين وبالتوازى جاءت القوى الاستعمارية المنتصرة فى صراعات القوة العالمية لتستحوذ على معظم مناطق العالم الإسلامى. وكما نرى لم يكن كل ذلك إلا صراعات بشرية سياسية لا علاقة لها بالتآمر على الإسلام كدين من قريب أو بعيد!

ثم تأتى القناعة الخامسة والأخيرة غير دقيقة أيضا، فالحقيقة أن معظم الحكام المسلمين فى المجتمعات العربية تابعون للقوى العظمى كما يمكن اتهام بعضهم بالفساد بكل تأكيد لكن فكرة الموالاة للغرب الكافر تأخذ بالعقل المسلم إلى ما لا يحمد عقباه؛ لأن هذا الإيمان يمثل امتدادا لفكرة المؤامرة الصليبية على الإسلام مما يغذى بقوة تيارات ال*** والإرهاب المكفرة لمعظم الأطر الحداثية المنظمة للدولة القومية الحديثة.

والحقيقة أن الفارق بين الحكام العرب وغير العرب فى المجتمعات الإسلامية كبير، ولكنه يعود إلى قدرة المجتمعات الإسلامية غير العربية على التحديث والتنمية فى أطر تعددية تقبل بالدولة القومية وترتيباتها ولا علاقة للأمر بالفكرة المبسطة للخيانة والمولاة.

***

مناقشة القناعات التاريخية الخمس السابقة تشكل فى رأى بداية لتغير وعى المسلمين بتاريخ البشرية، لأنها ستلفت نظرهم ببساطة لمدى ثراء التاريخ غير الإسلامى ومدى إسهامه فى التقدم والتحضر البشرى، ومن هنا يمكن إعادة فهم تاريخ الحضارة الإسلامية باعتباره تاريخا مكملا للحضارات البشرية لا ماحيا أو مكفرا لها كما يداعب البعض خيال العامة!

لا بد للمسلمين اليوم أن يعلموا أن الكثير من الحضارات غير الإسلامية ساهمت فى إعمار الأرض بشكل لا يقل أبدا عن تاريخ إسهام الحضارة الإسلامية، وأن الشعوب المنتمية لتلك الحضارات شعوب لها ماضٍ عريق يجب احترامه وتقديره والبحث عن التكامل معه لا محاربته ومحوه بدعوى التفوق الإسلامى.

لا بد للمسلمين اليوم أيضا أن يتفهموا أن الحضارة الغربية تقف اليوم سابقة متقدمة عن غيرها من الحضارات بسبب الأخذ بأسباب التقدم والتحضر لا بسبب التآمر على الإسلام، وأن تلك الحضارة قامت بلا أدنى شك باستيعاب الكثير من الشعوب غير الغربية فى كنفها واتبعت معادلات دمج قد نختلف فى تقدير مدى نجاحها، لكننا لن نختلف أنها أكبر بكثير من قدرة المجتمعات العربية والإسلامية على دمج غير المسلمين (من مواطنيها وليسوا المهاجرين إليها)، وأن الإنتاج الحضارى الغربى أصبح يفوق نظيره الإسلامى بآلاف المرات!

ثنائية الجهل والتأخر المخلوطة بكمية الصلف والغرور التى يعانى منها بعض المسلمين أو الإسلاميين بشأن الماضى والحاضر وطريقة النظر للآخر لا بد أن تتغير، ولن يحدث ذلك قبل أن تتطور المعرفة الشرعية لتستخدم مناهج التاريخ وطرق البحث العلمى لفهم الظواهر الطبيعية والإنسانية التاريخية منها والمعاصرة بعيدا عن خزعبلات الإعجاز العلمى التى ليست أكثر من محاولات دفاعية بائسة وفاشلة لتعويض تلك الفروق الحضارية لأنها تخلط أدوات العلم القائم على التجربة والاختبار المادى بأدوات الدين القائم على الوحى والرسل لتخرج منتجا معرفيا مشوها أصبح بمثابة مخدر للمسلمين على إدراك أسباب التأخر!



آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 24-04-2017 الساعة 12:39 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-04-2017, 12:54 PM
ريهام م م ريهام م م غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 28
معدل تقييم المستوى: 0
ريهام م م is on a distinguished road
افتراضي

موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص حبي وأشواقي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك

لكـ خالص احترامي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-04-2017, 02:47 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريهام م م مشاهدة المشاركة
موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص حبي وأشواقي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك

لكـ خالص احترامي
تشرفت بمروك الكريم

تقبل خالص احترامى و تقديرى

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-04-2017, 02:49 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

الإسلام المعاصر.. الشريعة والسياسة

أحمد عبدربه

هل فرضت الشريعة الإسلامية نظاما سياسيا بعينه يمكن اعتباره «النظام السياسى الإسلامى»؟

الحقيقة أن إجابة هذا السؤال مهمة لأنه إذا كان من المسلم به بين الكثير من المسلمين أن الإسلام «دين ودولة» وأن الإسلام ينظم كل مناحى الحياة، فلابد أنه ينظم الحياة السياسية أيضا لأن الأخيرة لا يمكن فصلها أبدا عن شئون الحياة العامة. إذا تركنا الخلاف بين العلماء جانبا وقمنا بمراجعة تاريخ «الممارسة الإسلامية» منذ أحداث الفتنة الكبرى وحتى انهيار الخلافة العثمانية، سنجد أن الممارسة الإسلامية السياسية قد اختلفت عبر العصور بل وحتى فى نفس العصر بين خلفاء المسلمين، وأن تطبيق الشريعة الإسلامية فى الشأن السياسى والعام قد تأثر بشدة بطبيعة الصراعات المحلية والإقليمية التى كانت قائمة فى كل عصر، فضلا عن أن العنصر البشرى بكل ما فيه من مواطن ضعف إنسانية أمام شهوات السيطرة والقبلية والقوة والثروة والنفوذ والتوسعات كان لها تأثير قوى ومباشر على طريقة تطبيق الشريعة الإسلامية فى هذه الدول وهذه العصور.
ما أعطى لهذه الممارسات طابعا إسلاميا لم يكن سوى أن من طبقها كانوا «مسلمين»، لكن عبر أكثر من ثلاثة عشر قرنا من الممارسة الإسلامية لا يمكن أن نجد أى ملمح ثابت لأى تطبيقات سياسية للشريعة الإسلامية!

***

فى العمل الضخم الذى صدر عن دار نشر أوكسفورد فيما يقرب من ٧٠٠ صفحة وتناول العلاقة بين الإسلام والسياسة ــ وحرره أستاذا العلوم السياسية المرموقان المصرى الدكتور عماد الدين شاهين والأمريكى الدكتور جون إسبوسيتو ــ الذى جاء متناولا المفاهيم السياسية التى ارتبطت بالإسلام فكرا وتطبيقا، عارجا على فكر أهم المنظِّرين الإسلاميين فى العصر الحديث، فضلا عن التجارب السياسية الإسلامية سواء ارتبطت بالدول التى طبقت الشريعة أو بالأحزاب والحركات الإسلامية السلمى منها والعنيف، والذى جعلته مقررا على طلابى الأمريكان العام الماضى، سألتهم فى نهاية الفصل الدراسى أن يتفقوا على أهم ثلاثة ملاحظات علمية على التجربة السياسية الإسلامية، بعد دراسة ٤١ فصلا هى عدد فصول العمل البحثى الضخم، اتفق الطلاب على الملاحظات الثلاث التالية:

الملاحظة الأولى: أن التجربة السياسية الإسلامية ينطبق عليها ما ينطبق على باقى التجارب السياسية العالمية التى ظهرت متوازية مع التجربة الإسلامية كل فى عصورها! فالتجربة السياسية لدول الخلافة حركتها ما حرك باقى إمبراطوريات هذه العصور الشرقية منها والغربية، حيث الصراع على السلطة وإخضاع البشر للسيطرة والرغبة فى التوسع. بعبارة أخرى فالتجربة السياسية الإسلامية كانت بهذا المعنى تجربة بشرية تخضع لمعادلات السياسة والقوة لا لحسابات الفقه والشريعة حتى لو ادعت غير ذلك اسما للحصول على شرعية الحكم والقدرة على استقطاب وتعبئة البشر.

الملاحظة الثانية: أن تجربة الحكم الإسلامى كانت «متعولمة» وهذا متفق مع طبيعة الدعوة الإسلامية نفسها، بمعنى أنها حاولت إحداث الكثير من المواءمات بحسب بيئات الحكم وطبيعة الثقافات والعادات والتقاليد، فالدولة الإسلامية المغولية فى الهند حكمت بشكل مختلف عن الدولة الصفوية فى إيران والتى اختلفت بدورها عن الدولة الفاطمية أو الأيوبية أو العثمانية وهكذا. إن هذا الاختلاف كان محوريا ومقصودا لا عفويا من أجل السيطرة على البشر والاستجابة لطبيعة بيئاتهم المحلية على الرغم من التقارب أو التوازى الزمنى، أما إذا ما أدخلنا عامل الزمن فى الاعتبار فإن هذه الاختلافات فى استراتيجيات وسياسات الحكم كانت أكبر استجابة لطبيعة كل مرحلة زمنية.

أما الملاحظة الثالثة والأخيرة: أن الشريعة الإسلامية يمكن اعتبارها «مرجعا قيميا أخلاقيا» لما يجب أن تكون عليه الممارسات الحياتية سواء على مستوى العلاقات الفردية أو الجماعية أو حتى على مستوى العلاقات بين الدول، لكن لا يمكن أبدا استنباط أى نظام سياسى محدد الملامح سواء على مستوى المؤسسات أو الهياكل أو القوانين أو اللوائح لتنظيم هذه العلاقات السياسية سواء داخل الدولة (الإمبراطورية) أو بينها وبين غيرها من الدول.

لفت نظرى المقالة الإلكترونية المهمة التى كتبها الأستاذ الباحث «أحمد تايلور» ونشرها موقع «إضاءات» أخيرا بعنوان «بين العوا وغليون: هل فضل الإسلام النظام الرئاسى فى الحكم؟» والذى تناول بيان الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الذى أدعى أن تعديلات أردوغان الدستورية المقترحة هى النظام السياسى الذى يتفق مع «تعاليم الإسلام»، حيث أوضح المقال رأى اثنين من كبار المفكرين الإسلاميين، السورى برهان غليون والمصرى محمد سليم العوا، بحيث أن رأى المفكرين المهمين يكاد يقترب من رأى طلابى بعد دراسة تلك التجربة السياسية الإسلامية الثرية، بحيث اتفق العوا مع غليون على أن (وهنا أقتبس من المقال المذكور):
«الإسلام لم يأت بنظام حكم معين المعالم محدد التفاصيل، لكن الفقه الإسلامى بوصفه، تعبيرا بشريا عن فهم النص القرآنى، حفل بمسائل نظم الحكم».
***
هذه النتيجة المهمة التى يتوصل لها بسهولة كل من قرأ تاريخ الممارسات السياسية الإسلامية خلال القرون الماضية من شأنها أن تحدث تحولا على ثلاثة مستويات فكرية وسياسية:

المستوى الأول هو فى إزاحة ذلك الحمل الثقيل الذى يقع على عاتق المفكرين الإسلاميين فى محاولة لى عنق الحقائق والقراءة المجتزئة السطحية أحيانا للتاريخ الإسلامى للدفاع عن «الشبهات» التى تحوم حول الإسلام! فلا حاجة للدفاع واللعثمة والارتباك والذهاب يمينا ويسارا والتبريرات المضحكة البليدة لتبرير ال*** والسبى والاحتلال والإخضاع والتفرقة وغيرها من الوسائل والأدوات التى استخدمتها الكثير من الدول الإسلامية فى ممارستها السياسية لأن ذلك لم يكن قاصرا عليها، فقد كان هذا ببساطة من معطيات العصر وكل هذه الموبقات كما ارتكبت تحت راية الإسلام والهلال فقد ارتكبت مثلها تماما تحت راية المسيحية والصليب، والمشكلة هنا لا فى الإسلام أو المسيحية، لكنها الطبيعة البشرية المدنسة للممارسات السياسية وطبيعة الصراعات على السلطة التى انطبقت على كل التجارب الإسلامية والمسيحية واليهودية، الهندوسية والبوذية والسيخية وغيرها!

المستوى الثانى هو فى إعادة قراءة التاريخ باعتباره صراعا بين بشر وثقافات وتقاليد وسمات فيزيقية وتطورات علمية لا بين آلهة أو أديان أو شرائع! من انتصر، انتصر لأنه كان سباقا للثورات الاقتصادية والسياسية ومن ثم الاجتماعية التى ساعدته على الدخول أولا فى التحديثات العسكرية ثم الولوج إلى التحديثات السياسية ومن ثم الاجتماعية وهو ما يعرف باسم «الحداثة» والتى فرض منطقها ــ ولايزال ــ المنتصر فى هذا الصراع التاريخي! ومن انهزم انهزم لأنه لم يتمكن من اللحاق بالسباق العلمى والمعرفى ومن ثم لم يتمكن من فرض منطق التحديث على غيره لا لأنه عصى الله أو بعد عن طريقه أو لأنه ضحية للمؤامرات!

أما التحول الثالث والأخير فيتمثل فى البدء الفورى فى التفكير فى أطروحات أكثر عملية وواقعية بخصوص الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها السياسية والاجتماعية فى الحياة المعاصرة بعد التخفف من حمل التاريخ ومن ثم إعادة النظر فى كل المفاهيم السياسية التى طرحت وكأنها فروض إسلامية وجب على المسلمين اتباعها كالمفهوم البشرى الرائج للخلافة الإسلامية والحكم الإسلامى والنظام السياسى الإسلامى وما يرتبط بها من مفاهيم فرعية شغلت بالنا أكثر من اللازم وحجمتنا فى التفكير واستنزفت جهودنا ووقتنا بلا طائل بحثا عن إرضاء الاتباع وعدم إغضاب الشلل والشبكات الداعمة لمثل هذه المفاهيم أسيرة الماضى السحيق التى لا علاقة لها بنصوص مقدسة أو بأوامر إلهية.
هذه التحولات من شأنها أن تحدث مصالحة حقيقية بين التراث الإسلامى الغاضب من الحداثة المتحفز للتطور والتقدم العلمى، المرتبك أمام ضرورات الحياة المعاصرة نحو خطوة أرحب تعيد قراءة مفهوم الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها بشكل يتجاوز حصر الشريعة فى خانة الحدود وكأنها مجرد قانون للعقوبات لا حكمة إلهية أشمل وأعمق تطرح قواعد أخلاقية وقيمية عامة باحثة عن وسائل إرساء العدل والحرية والإخاء والمساواة نحو الهدف الأسمى على الإطلاق ألا وهو «تعمير الأرض».
***
مصالحة التراث على الحداثة نحو مفهوم مختلف لمعنى الشريعة وتطبيقاتها فى المجتمعات المعاصرة تعيد النظر فى معنى الحدود وتعظم من قيمة الحق فى الحياة حتى للملحدين أو المرتدين أو التاركين أو الغاضبين من الدين الرافضين لتطبيق الشريعة وتُعلى من قيمة التعددية والمواطنة والمساواة فى الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية هو موضوع نقاشات قادمة أنوى طرحها فى هذه المساحة.

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:04 PM.