اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > رمضان كريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-08-2010, 04:46 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
Thumbs up مقالات رمضانية تهم كل مسلم


أقدم لحضراتكم مجموعة مقالات رمضانية تهم كل مسلم فى شهر الخير شهر القرآن .
وهذه المقالات منقولة للفائدة وكل عام وحضراتكم بخير

حتى لا يضيع رصيد رمضان
للصِّيام أثرُه الواضح على قلب المسلم وعقلِه وحواسِّه، يتجسَّد في الاستقامة الشعوريَّة والفكريَّة والسلوكيَّة التي تغذيها العباداتُ والجوُّ الإيماني، ولئن كانتْ مرضاة الله هي المبتغى في الآخرة، فهي المبتغى في الدنيا أيضًا، وهي غايةٌ يمكن استثمارُ رصيد شهر الصيام لبلوغها، ومن أكبر الغَبَن أن يتناقص هذا الرصيدُ ويتلاشى بعد انقضاء رمضان، إنَّما الوضع الطبيعي اعتبار هذا الشهر محطَّةَ وقودٍ تُجدِّد الطاقةَ لمواصلة السير الحثيث في الطريق إلى الله - تعالى - وشتَّان بين المحطة التي تُعطي الدعمَ القوي، وبين الفترةِ الزمنية التي تنتهي من غير أن تترك أثرًا، أو تُعطي دفعًا.

وينظر المؤمن إلى انقضاء رمضان، فيرى كيف تُطوى الأعمار، وهو لا يدري أيدرك صيامَ العام المقبل، أم يكون في عِداد الموتى تحت أطباق الثَّرى؟ ذلك هو درس الحياة الدنيا: مهما طال العمرُ، فهو قصير، ومهما بدتِ النهاية بعيدةً، فهي في منتهى القرب؛ قال - تعالى -:
{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: 112 - 114].
{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35].
{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6، 7].

من شأن هذه الفكرة أن تجعل المؤمنَ أكثرَ ذِكرًا للموت، وتعلُّقًا بالآخرة وهو في نشاطه الوظيفي أو السياسي أو التِّجاري، فيمسك عن الشهوات المحرَّمة التي تعجُّ بها الدنيا؛ ليفطر على الطيبات عند رب العالمين، فالجنَّة فيها "ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"، والإمساكُ عن الشهوات له انعكاساته الإيجابيةُ على الفرد والمجتمع؛ لما يُتيحه من ضوابطَ تقلِّل من المعاصي والجرائم، وتوسع دائرةَ الصلاح، وهذا من التحكُّم في النفس الذي يغرسه الصيامُ في النفوس، فيصبح المؤمن ذا شخصيَّة قويَّة تتحلَّى بالصبر بمعناه القرآني الفعال الحي في مجالات العطاء والقبض، والتحرُّك والسكون، والإقبال على الله، والتواصل مع الناس في معترك الحياة، خاصة في زمان تبرج فيه الفجور بكل أشكاله، لا يكون فيه من الصالحين إلاَّ من زكَّى نفسه بألوان من التربية؛ حتى يلجمَ نزواتِها لتستقيم على منهج الله - تعالى.

والحسرة كل الحسرة لمن يتخلَّى عن النفحات الرمضانية، ويكبِّل نفسه بقيود الدنيا، ويَ*** وقتَه وساعاتِ حياته مع باطلٍ ومنكر ولغو يوحي به التوجيهُ العلماني للمجتمع، باقتحام أعماق البيوت من خلال المسلسلات، حيث العري والفضائح المتنوعة، والاستواء على ساحات النشاط السياسي والتجاري والأدبي والفني، من خلال مبدأٍ شيطاني قاتلٍ، يتمثَّل في فصل هذه الأنشطة عن الأخلاق، وتعريتِها من الفضائل؛ حتى لا يبقى فيها موطنُ قدمٍ لأصحاب القيم والاستقامة، وهذا معترك يزاحِم فيه المؤمنُ ويقاوم، بفضل رصيد رمضان الشعوري والفكري والسلوكي، فيصحِّح المفاهيم، ويقوِّم الاعوجاج، ويجسد النموذج الراقي وهو يقف في وجه طوفان الانحرافات العقدية والسلوكية، كيف لا، وقد تعلَّم - وذكَّرتْه تلاواتُ التراويح إن كان قد نسي- أنه محور الكون؟! لأن الله - تعالى - كلَّفه:
• بالخلافة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].
• والعبادة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
• والعمارة: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].

فما له ولتضييع الوقت والذوبان في المشاغل التافهة؟! إنما يستصحب نفحاتِ رمضان؛ لإصلاح نفسه وغيره طول السنة، ويغتنم شبابَه قبل هرمه، وصحتَه قبل مرضه، وحياتَه قبل موته، وغناه قبل فقره، ويسدي الخيرَ للناس، فإذا حدَّثتْه نفسه بشيء من الشح، تساءل: إلى متى وهو يأخذ ولا يُعطي، ويفكِّر في نفسه لا في غيره، ويتعلَّق بالدنيا ويتغافل عن الآخرة؟!

إنها رحلة شاقة من غير شك، لكن العاقبة كلها خير؛ {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40، 41]، ويُساعده في قطع المفاوز، وتجاوز العراقيلِ طولُ صحبةٍ لكتاب الله تلاوةً وتدبُّرًا وتطبيقًا، ومزيدٌ من نوافل الصلاة والصيام والصدقة، ورصيدٌ من الخشوع والدموع في محراب التعبُّد، ومزيدٌ من البذْل والعطاء في دنيا الناس محبةً وخدمة ودعوة، وتحكمًا في اللسان، وأدبًا في الكلام، وحسن معاشرة للأهل والجيران والزملاء والمتعاملين.

بمثل هذه المعاني يستثمر المسلمُ ثمراتِ رمضان الطيبةَ؛ ليستمرَّ في الطاعة، ويتجنَّب الانقطاع والرجوع إلى نقطة الصفر.


عبدالعزيز كحيل

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-08-2010, 05:03 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

هل اشتقت إلى رمضان ؟
سؤالاً ينبغي لكل مؤمن ومؤمنة أن يسأله نفسه, ونحن قاب قوسين أو أدنى من غرة الأيام, وشامة زماننا, وأفضل أيام دهرنا – شهر رمضان المبارك – الذي جعل الله فيه من الخيرات ما لم يجعله في غيره, وتفضل به على هذه الأمة المرحومة بعطايا لم يجعلها لأمة سابقة, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم - وإنا لنرجو الله أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا –.


والمؤمن يعلم أن أيام الله تتفاضل, وأزمنته تتباين, وأنه اختار من الأيام والأوقات مافضله على غيرها - ومن أجلها موسم رمضان –.

فلذا كانت النفوس الشريفة تشتاق لرمضان, وتسأل ربها بلوغه, ولكننا في هذه الأزمنة الغابرة التي تسلط فيها حب الدنيا على القلوب, والغفلة عن المواسم المباركة, صارت سمة بارزة عند الكثير, أحببت حث النفوس الغافلة لتستعد لهذا الموسم وتشتاق له.

اعلم رعاك الله أنه لابد لك


أن تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تفُتِّح فيه أبواب الجنة فتستقبل أعمال العاملين, وتفرح باجتهاد المجتهدين, وتسعد بلقاء المخلصين المتاجرين مع ربهم جل وعز, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بهذه الجموع المؤمنة وهي تؤم المساجد, وتقصد بيوت الله, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بحال المؤمنين وقد صار القرآن أنيسهم وجليسهم, تفرح بحال المؤمنين وقد تآلفت قلوبهم, واجتمعت نفوسهم بعد الشتات.


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تغُلِّق فيه أبواب النار, فتنال الفرصة للبعد عن الذنوب والمعاصي, والحذر من ناره, فتجد من نفسك النفور من المعصية, والبطئ عنها, وترى من نفسك أن عينك قد كفت عن الحرام, وأذنك قد حُفظت عن الآثام, وكلما دعاك داعي المعصية قلت له: إني أخاف الله.


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تصُفِّد فيه الشياطين, فلا يخلصون إلى ماكانوا يخلصون إليه قبل, فيقل تسلطهم على العباد, ويُحبس شرهم عن الخلق, وهذا تفسير ما نراه من اندفاع الناس إلى الطاعة ونشاطهم فيها, وقلة وقوعهم في المعاصي, ولكن كم هو الألم يعتصر في الفؤاد لأنه لايزال في الناس من لم يتخلص من تسلط الشيطان عليه, وتسييره له – فهو لايزال مصراً على ترك الصلاة في جماعة, ومصراً على كثير من المعاصي والمحرمات فبصره يسرح ويمرح في النساء, وأذنه لم يكفها بعد عما حرم, والقلب بمتعلق بالملاذ, فليت شعري متى يعود مثل هذا؟

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين» متفق عليه.

كيف لا تشتاق لرمضان وهو شهر مغفرة الذنوب وإقالة العثرات, أريدك تتأمل في فضل الله على العباد, ورحمته بهم, وانظر كيف يهيئ لهم مثل هذه المواسم المباركة, والأيام الفاضلة, ليغفر ذنوبهم, ويمحوا سيئاتهم, فما أعظمه من رب رحيم, وما أجله من إله كريم.

جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»

وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان ايماناَ واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه»

أرأيت هذا الفضل؟!!
وهل تدبرت في هذا العطاء؟!!
ذنوب عمر مضى،،
وعثرات سنين رحلت،،
يغفرها الله بفضل هذه الطاعات..
أبعد هذا لا تشتاق لرمضان؟!!
آلا ترجوا نيل هذه المغفرة, وتطمع بالفوز بهذا العطاء؟!
إذاً حرك قلبك بالشوق إلى رمضان..
كيف لا تشتاق إلى رمضان وقد جعل الله - عبادة الصوم - عبادة خالصة له من بين سائر العبادات, وماذاك أخي إلا لِما ينتظر الصائمين المخلصين من الثواب الذي لا يخطر لهم على بال, ولا تسل عن مقدار هذا الفضل, لأن الله قد قال فيه «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. وهنا تقف عبارة كل كاتب حسيرة أمام هذا الفضل.



يا مقبلاَ على شهر رمضان – وأنت تجهد في الجوع والعطش, وأنت تحرم نفسك شهوتها - تذكر أن الله قد أعد للصائمين من العطايا ما يفوق الوصف والخيال, ولئن فرحت في دنياك بإتمام صيام يوم واحد, فإن الفرحة الحقيقة أمام في جنات النعيم..

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك، للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» رواه البخاري


آما اشتقت لرمضان وبين يديك فرصة ثواب حجة مع نبيك - عليه الصلاة والسلام – كاملة موفورةَ إذا أديتها مخلصاً فيها لربك متبعاً فيهاَ لنبيك عليه الصلاة والسلام, فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «عمرة في رمضان كحجة معي» صحيح الجامع

آما تشتاق أيها المؤمن لرمضان لأن لك في كل يوم وأنت صائم دعوة مستجابة يقول عليه الصلاة والسلام «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، و دعوة المظلوم، و دعوة المسافر» صحيح الجامع.

ومن الفضل المزيد في هذا الباب من رب العرش الكريم أن لك عند فطرك دعوة مستجابة, فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة». وكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله، وولده ودعا. [عمدة التفسير أشار الشيخ أحمد شاكر في المقدمة إلى صحته]


فكيف لا تشتاق حينئذٍ لرمضان؟!!

جاءني أحد الإخوة بعد صلاة التراويح وقال لي: أبشرك أن زوجتي حامل بعد سنوات من الانتظار, ثم أردف قائلاً وذاك فيما أظن من دعائي مع المسلمين في قنوت هذه الليالي المباركة فقلت له: ذلك من فضل الله وهو أكرم الأكرمين.

آما تشتاق لرمضان وفيه الليالي العشر المباركات -خير ليالي العام – التي كان رسولك عليه الصلاة والسلام يعظمها, وكان عليه الصلاة والسلام يتعامل معها على غير ما يتعامل مع سائر ليالي العام, تقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يجتهد في العشر الأواخر, ما لايجتهد في غيرها» صحيح الترمذي
آما تشتاق لرمضان وفيه تلك الليلة العظيمة – ليلة القدر – التي كان نبيك عليه الصلاة والسلام يحتفي بها أعظم الاحتفاء, آما تشتاق وأنت تقرأ هذه السطور في هذه اللحظات أن تعيش تلك الليلة, وتتنفس تلك الأجواء؟!! (اللهم بلغنا إياها يارب)..
آما بلغك أخي أن «من يقم ليلة القدر، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري
والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة قال تعالى «ليلة القدر خير من ألف شهر»
آما تتحرى هذه الليلة وتتمنى إدراكها؟؟! إن أهل الإيمان من أمثالك هم من أحرص الناس عليها.

وبعد هذا وذاك, ألم تشتاق لرمضان بعد؟؟
وماذا يعني أن تبلغ رمضان؟
يعني أنك قد فزت بعطاء حُرم منه الكثير ممن خطفتهم يد المنون, فأصبحوا تحت أطباق الثرى, محبوسون عن العمل.

وفزت بعطاء حُرم منه الكثير
ممن حبسهم المرض عن الصيام والقيام, دخلت مرة على شاب صالح فأخذ يبكي حسرة على الصيام, وقال لي: «منذ عشر سنوات وأنا لا أصوم لأنني لا أستطيع الصبر عن الماء لحظات» فهل تذكرت نعمة الصحة والعافية؟

لقد فزت بعطاء حُرم منه الكثير

ممن لا يعرفون شرع من أهل الكفر, أو ممن يتكاسلون عن فرض الصيام, فهل عرفت فضل الله عليك؟

وبعد فلا أخالك وقد انتهيت من قراءة هذه السطور إلا وقد اشتقت لرمضان, وتسأل ربك أن يبلغك إياه وأنت في صحة وعافية, وقوة على فعل الطاعات, ولكن اعلم أن كثيراً ممن يبلغونه يُحرمون خيراته بسبب إصرارهم على الذنوب والمعاصي والمحرمات فيدخل عليهم رمضان ويخرج وهم في بعد عن ربهم, ولا ينالون من فضائل هذا الشهر إلا الخسارة والبوار, فطائفة من الناس دعا عليهم النبي عليه الصلاة والسلام بالبعد والطرد؛ لأنهم لم يغتنموا هذه الفرصة يقول عليه الصلاة والسلام: «ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له» أخرجه الترمذي

لا تكن منهم وكن في شوق عظيم لبلوغه, حتى إذا ما أدركته كنت من أكثر الناس اجتهاداً فيه.


اللهم بلغنا رمضان, وأنت راض عنا يا رحمن, اللهم وفقنا لصيامه وقيامه واجعلنا فيه من عتقائك من النار آمين..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-08-2010, 05:07 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

هل اشتقت إلى رمضان ؟
سؤالاً ينبغي لكل مؤمن ومؤمنة أن يسأله نفسه, ونحن قاب قوسين أو أدنى من غرة الأيام, وشامة زماننا, وأفضل أيام دهرنا – شهر رمضان المبارك – الذي جعل الله فيه من الخيرات ما لم يجعله في غيره, وتفضل به على هذه الأمة المرحومة بعطايا لم يجعلها لأمة سابقة, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم - وإنا لنرجو الله أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا –.


والمؤمن يعلم أن أيام الله تتفاضل, وأزمنته تتباين, وأنه اختار من الأيام والأوقات مافضله على غيرها - ومن أجلها موسم رمضان –.

فلذا كانت النفوس الشريفة تشتاق لرمضان, وتسأل ربها بلوغه, ولكننا في هذه الأزمنة الغابرة التي تسلط فيها حب الدنيا على القلوب, والغفلة عن المواسم المباركة, صارت سمة بارزة عند الكثير, أحببت حث النفوس الغافلة لتستعد لهذا الموسم وتشتاق له.

اعلم رعاك الله أنه لابد لك


أن تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تفُتِّح فيه أبواب الجنة فتستقبل أعمال العاملين, وتفرح باجتهاد المجتهدين, وتسعد بلقاء المخلصين المتاجرين مع ربهم جل وعز, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بهذه الجموع المؤمنة وهي تؤم المساجد, وتقصد بيوت الله, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بحال المؤمنين وقد صار القرآن أنيسهم وجليسهم, تفرح بحال المؤمنين وقد تآلفت قلوبهم, واجتمعت نفوسهم بعد الشتات.


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تغُلِّق فيه أبواب النار, فتنال الفرصة للبعد عن الذنوب والمعاصي, والحذر من ناره, فتجد من نفسك النفور من المعصية, والبطئ عنها, وترى من نفسك أن عينك قد كفت عن الحرام, وأذنك قد حُفظت عن الآثام, وكلما دعاك داعي المعصية قلت له: إني أخاف الله.
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات مملكة المعلم http://www.mo3alem.com/vb/showthread.php?t=35732


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تصُفِّد فيه الشياطين, فلا يخلصون إلى ماكانوا يخلصون إليه قبل, فيقل تسلطهم على العباد, ويُحبس شرهم عن الخلق, وهذا تفسير ما نراه من اندفاع الناس إلى الطاعة ونشاطهم فيها, وقلة وقوعهم في المعاصي, ولكن كم هو الألم يعتصر في الفؤاد لأنه لايزال في الناس من لم يتخلص من تسلط الشيطان عليه, وتسييره له – فهو لايزال مصراً على ترك الصلاة في جماعة, ومصراً على كثير من المعاصي والمحرمات فبصره يسرح ويمرح في النساء, وأذنه لم يكفها بعد عما حرم, والقلب بمتعلق بالملاذ, فليت شعري متى يعود مثل هذا؟

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين» متفق عليه.

كيف لا تشتاق لرمضان وهو شهر مغفرة الذنوب وإقالة العثرات, أريدك تتأمل في فضل الله على العباد, ورحمته بهم, وانظر كيف يهيئ لهم مثل هذه المواسم المباركة, والأيام الفاضلة, ليغفر ذنوبهم, ويمحوا سيئاتهم, فما أعظمه من رب رحيم, وما أجله من إله كريم.

جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»

وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان ايماناَ واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه»

أرأيت هذا الفضل؟!!
وهل تدبرت في هذا العطاء؟!!
ذنوب عمر مضى،،
وعثرات سنين رحلت،،
يغفرها الله بفضل هذه الطاعات..
أبعد هذا لا تشتاق لرمضان؟!!
آلا ترجوا نيل هذه المغفرة, وتطمع بالفوز بهذا العطاء؟!
إذاً حرك قلبك بالشوق إلى رمضان..
كيف لا تشتاق إلى رمضان وقد جعل الله - عبادة الصوم - عبادة خالصة له من بين سائر العبادات, وماذاك أخي إلا لِما ينتظر الصائمين المخلصين من الثواب الذي لا يخطر لهم على بال, ولا تسل عن مقدار هذا الفضل, لأن الله قد قال فيه «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. وهنا تقف عبارة كل كاتب حسيرة أمام هذا الفضل.



يا مقبلاَ على شهر رمضان – وأنت تجهد في الجوع والعطش, وأنت تحرم نفسك شهوتها - تذكر أن الله قد أعد للصائمين من العطايا ما يفوق الوصف والخيال, ولئن فرحت في دنياك بإتمام صيام يوم واحد, فإن الفرحة الحقيقة أمام في جنات النعيم..

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك، للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» رواه البخاري


آما اشتقت لرمضان وبين يديك فرصة ثواب حجة مع نبيك - عليه الصلاة والسلام – كاملة موفورةَ إذا أديتها مخلصاً فيها لربك متبعاً فيهاَ لنبيك عليه الصلاة والسلام, فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «عمرة في رمضان كحجة معي» صحيح الجامع

آما تشتاق أيها المؤمن لرمضان لأن لك في كل يوم وأنت صائم دعوة مستجابة يقول عليه الصلاة والسلام «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، و دعوة المظلوم، و دعوة المسافر» صحيح الجامع.

ومن الفضل المزيد في هذا الباب من رب العرش الكريم أن لك عند فطرك دعوة مستجابة, فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة». وكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله، وولده ودعا. [عمدة التفسير أشار الشيخ أحمد شاكر في المقدمة إلى صحته]


فكيف لا تشتاق حينئذٍ لرمضان؟!!

جاءني أحد الإخوة بعد صلاة التراويح وقال لي: أبشرك أن زوجتي حامل بعد سنوات من الانتظار, ثم أردف قائلاً وذاك فيما أظن من دعائي مع المسلمين في قنوت هذه الليالي المباركة فقلت له: ذلك من فضل الله وهو أكرم الأكرمين.

آما تشتاق لرمضان وفيه الليالي العشر المباركات -خير ليالي العام – التي كان رسولك عليه الصلاة والسلام يعظمها, وكان عليه الصلاة والسلام يتعامل معها على غير ما يتعامل مع سائر ليالي العام, تقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يجتهد في العشر الأواخر, ما لايجتهد في غيرها» صحيح الترمذي
آما تشتاق لرمضان وفيه تلك الليلة العظيمة – ليلة القدر – التي كان نبيك عليه الصلاة والسلام يحتفي بها أعظم الاحتفاء, آما تشتاق وأنت تقرأ هذه السطور في هذه اللحظات أن تعيش تلك الليلة, وتتنفس تلك الأجواء؟!! (اللهم بلغنا إياها يارب)..
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات مملكة المعلم http://www.mo3alem.com/vb/showthread.php?t=35732
آما بلغك أخي أن «من يقم ليلة القدر، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري
والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة قال تعالى «ليلة القدر خير من ألف شهر»
آما تتحرى هذه الليلة وتتمنى إدراكها؟؟! إن أهل الإيمان من أمثالك هم من أحرص الناس عليها.

وبعد هذا وذاك, ألم تشتاق لرمضان بعد؟؟
وماذا يعني أن تبلغ رمضان؟
يعني أنك قد فزت بعطاء حُرم منه الكثير ممن خطفتهم يد المنون, فأصبحوا تحت أطباق الثرى, محبوسون عن العمل.

وفزت بعطاء حُرم منه الكثير
ممن حبسهم المرض عن الصيام والقيام, دخلت مرة على شاب صالح فأخذ يبكي حسرة على الصيام, وقال لي: «منذ عشر سنوات وأنا لا أصوم لأنني لا أستطيع الصبر عن الماء لحظات» فهل تذكرت نعمة الصحة والعافية؟

لقد فزت بعطاء حُرم منه الكثير

ممن لا يعرفون شرع من أهل الكفر, أو ممن يتكاسلون عن فرض الصيام, فهل عرفت فضل الله عليك؟

وبعد فلا أخالك وقد انتهيت من قراءة هذه السطور إلا وقد اشتقت لرمضان, وتسأل ربك أن يبلغك إياه وأنت في صحة وعافية, وقوة على فعل الطاعات, ولكن اعلم أن كثيراً ممن يبلغونه يُحرمون خيراته بسبب إصرارهم على الذنوب والمعاصي والمحرمات فيدخل عليهم رمضان ويخرج وهم في بعد عن ربهم, ولا ينالون من فضائل هذا الشهر إلا الخسارة والبوار, فطائفة من الناس دعا عليهم النبي عليه الصلاة والسلام بالبعد والطرد؛ لأنهم لم يغتنموا هذه الفرصة يقول عليه الصلاة والسلام: «ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له» أخرجه الترمذي

لا تكن منهم وكن في شوق عظيم لبلوغه, حتى إذا ما أدركته كنت من أكثر الناس اجتهاداً فيه.


اللهم بلغنا رمضان, وأنت راض عنا يا رحمن, اللهم وفقنا لصيامه وقيامه واجعلنا فيه من عتقائك من النار آمين..




رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19-08-2010, 05:12 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان هالسنة غير
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. وبعد:

يأتي رمضان كل عام، وينتظره المسلمون بكل لَهْفة، وشوق عارم، وبهجة.. ولكن؟!

هل فكرت - أخي الكريم .. أختي الكريمة - أن نجعل رمضان هذه السنة شيئا مختلفًا؟!

رمضان هو شهر انتصار الإنسان، بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى.. رمضان فرصة لتغيير شخصياتنا إلى الأفضل.. لذلك حرصنـا ان نضع لكـم برنامج يومي للصائم.. فاليوم الواحـد من رمضــان يعـد فرصـة سانحـة ومجالاً واسعًا للتقرب إلى الله بأنواع من الطاعات وتنوع العبادات فيكون الأجر أعظم والثواب أكبر.

• المقصود من البرنامج:

الكيفية المثالية لاغتنام المسلم يومًا من رمضان حقًا كما ينبغي مستغلاً كل ساعة فيه بأداء طاعة وعبادة أو نفع متعدٍ للآخرين، يتقرب به إلى الله تعالى راجيًا بذلك الأجر والثواب، والبرنامج التالي يمكن فيه ختم القرآن الكريم مرة أو مرتين أو ثلاث بإذن الله خلال شهر رمضان، وإن كنتم تستطيعون الزيادة في عدد الختمات خلال الشهر فقد أصبتم خيرا أكثر بإذن الله، ويجب التأكيد على أن هذا البرنامج لا يقيد المسلم بأوقات معينة لقراءة القرآن أو الذكر؛ فالذكر وقراءة القرآن عبادات مباحة في جميع الأوقات والأماكن.

بعد طلوع الفجر:

• إجابة المؤذن لصلاة الفجر:
«اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته» [رواه البخاري].

• أداء سنة صلاة الفجر في المنزل ركعتين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» [رواه مسلم]، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» [رواه مسلم.

• أداء صلاة الفجر في المسجد جماعة للرجال مع الحرص على التبكير إلى الصلاة:
قال صلى الله عليه وسلم: «ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا» [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» [رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني].

• الانشغال بالدعاء أو الذكر حتى إقامة الصلاة:
قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة» [رواه أحمد والترمذي وأبو داود وصححه الألباني].

• الجلوس في المسجد للرجال / المصلى للنساء:

1- للذكر و قراءة أذكار الصباح: كان النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنا» [رواه مسلم].

2- تلاوة القرآن: قال تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًاِ}، الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات خلال شهر رمضان، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

3- بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريبًا الصلاة ركعتين مستشعرًا ثواب وأجر عمرة وحجة تامة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» [رواه الترمذي وصححه الألباني].

بعد الخروج من المسجد:

• النوم مع الاحتساب فيه:
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "إني لأحتسب في نومتي كما أحتسب في قومتي".

• أداء صلاة الضحى ولو ركعتين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميده صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» [رواه مسلم].

• الذهاب إلى العمل أو الدراسة مع الاحتساب فيه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاما قط، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده» [رواه البخاري].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة» [رواه مسلم].

• الانشغال بذكر الله تعالى طوال اليوم:
قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُِ} [الرعد: 28].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله» [رواه ابن حبان وحسنه الألباني].

وقت الظهيرة:

• إجابة المؤذن لصلاة الظهر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعت النداء فأجب داعي الله» [رواه الطبراني وصححه الألباني]، ومن ثم أداء الصلاة في المسجد جماعة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» [رواه البخاري].

• أداء السنة الراتبة لصلاة الظهر:
وهي أربع ركعات قبل فرض الظهر و ركعتين بعدها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى اثـنتـي عشـرة ركـعـة فـي يـوم ولـيـلـة بُـنـي لــه بهـن بيت في الجنة» [رواه مسلم].

وقت العصر:

• إجابة المؤذن لصلاة العصر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعت النداء فأجب داعي الله» [رواه الطبراني وصححه الألباني]، ومن ثم أداء الصلاة في المسجد جماعة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر» [رواه أبوداود وصححه الألباني].

• قراءة أذكار المساء.

• تلاوة القرآن:
الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

• سماع موعظة المسجد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته» [رواه الطبراني وصححه الحاكم ووافقه الذهبي].

• أخذ قسط من الراحة مع احتساب النية الصالحة فيه:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن لبدنك عليك حقا» [متفق عليه].

قبيل المغرب:

• القيام بإحدى الأنشطة التالية:
الاهتمام بشئون المنزل والعائلة، سماع الخطب أوالمواعظ والرقائق أو الدعوة عبر النت، حفظ القرآن المذاكرة، تقديم المساعدات والعون في تفطير الصائمين في المساجد.

• الاشتغال بالدعاء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» [رواه أحمد والأربعة وصححه الألباني].

بعد غروب الشمس:

• إجابة المؤذن لصلاة المغرب :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» [متفق عليه].

• تناول الإفطار على رطبات أو تمر وترا أو ماء مع احتساب أجر اتباع السنة مع ذكر دعاء الإفطار:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» [رواه أبو داود وصححه الألباني].

• أداء صلاة المغرب جماعة في المسجد للرجال.

• أداء السنة الراتبة لصلاة المغرب ركعتين.

• الاجتماع مع الأهل حول مائدة الإفطار مع شكر الله على نعمة إتمام صيام هذا اليوم.

• الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح
الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح بالوضوء والتطيب (ويكون التطيب للرجال فقط) واستشعار خطوات المشي إلى المسجد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة استعطرت ‏ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية» [رواه أبو داود والترمذي والنسائي ‏وصححه الألباني].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد‏معنا العشاء الآخرة» [رواه مسلم]، أي صلاة العشاء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات أي غير متطيبات» [رواه وأبو داود و صححه الألباني]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة» [رواه مسلم].

وقت العشاء:

• الانشغال بالدعاء أو الذكر حتى إقامة الصلاة:
قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة» [رواه أحمد والترمذي وأبو داود و صححه الألباني].

• إجابة المؤذن لصلاة العشاء وأداء صلاة العشاء جماعة في المسجد.

• أداء السنة الراتبة لصلاة العشاء ركعتين.

• أداء صلاة التراويح جماعة كاملة في المسجد:
قال رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: «إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه الترمذي وصححه الألباني].

• تلاوة القرآن:
الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

• القيام بإحدى الأنشطة التالية:
- جلسة عائلية / صلة الرحم.

- برنامج ثقافي رمضاني هادف.

- سماع الخطب أو المواعظ والرقائق في المساجد.

- الدعوة عبر النت أو غيره.

- المذاكرة وحفظ القرآن.

في الثلث الأخير من الليل:

• أداء صلاة التهجد:
مع إطالة السجود والركوع فيها وتصلى جماعة في المسجد في العشر الأواخر من رمضان .

• أداء صلاة الوتر إن لم تصلى مع الإمام:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زادكم صلاة فحافظوا عليها و هي الوتر» [رواه أحمد وصححه الألباني].

• تلاوة القرآن:
الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

• السحور مع استشعار نية التعبد لله تعالى وتأدية السنة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» [متفق عليه].

• الجلوس للدعاء والاستغفار حتى أذان الفجر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له» [رواه البخاري ومسلم].

وفي الختام..

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يصومون ويقومون رمضان إيمانًا واحتسابًا.. وجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم..

وفق الله الجميع لاغتنام رمضان بالطاعات والقربات إنه سميع مجيب،
وصلى الله وسلم بارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. اللهم آمين.. آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.


سلسلة العلامتين
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19-08-2010, 05:18 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان.. بنكهة فلسطينية!
وهلَّ هلال رمضان.. وانتشَت القلوب المتعطِّشة لرحمات زائرٍ يأتي في كل عام مرة.. فيوقِظ الغافلين ويحيي اليائسين ويُبهِج المؤمنين وينشر عطره فيعبق الكون.. ويا سعدى من عانق فأحسن العِناق.. وطوبى لمن استغل نفحاته والتزم طريق الحق وأناب..

وفي رمضان.. موائد عامرة بما لذّ وطاب.. طعامٌ طيِّبٌ وشراب.. وإن هجم الحرّ فمكيِّفاتٌ ومصايف.. وبيوتٌ تقي وتستر وتُريح.. ولعلّ أروع ما في رمضان اجتماع العائلة على طاولة الإفطار قلباً واحداً يلهجون بالدعاء أن يا ربنا تقبل.. وأكرِم وتفضَّل!


أما في فلسطين فلكل شيءٍ طعمٌ مختلف.. ونكهةٌ خاصة.. هنا يُفطِر الصائمون على المدافع الصهيونية والدبابات المنتشرة وأصوات القيود الصَدئة.. ويعيشون شتّى أنواع التهديد والوعيد من تشريدٍ واغتيال وتدميرٍ واعتقال ونفيٍ وحصار.. وأكثر!

هنا تتزيّن الجدران والساحات بصور الشهداء لا بفوانيس رمضان وزينة الأعياد..

هنا تتداخل الأصوات بعضها ببعض فلا يُعرف صوت مدفع الإفطار من صوت مدفعٍ صهيوني يدكّ بيوت الآمنين.. ولا يُميَّز صوت التكبير كشعيرة من شعائر الله تعالى يوم العيد من صوت التكبير إثر اعتقالٍ أو تشريدٍ أو شهادة..

وهنا.. دمارٌ وأنينٌ وحصار.. وشهداءٌ ومرضى وأَسرى.. ومَن لا يزَل ينعم ببيتٍ يأويه فأنينه يدوِّي عند كل غروب من ذكرى غائب طواه الموت أو جدران السجون!

وهنا.. ينتظر الناس إعاشات ومعونات توزّعها الجمعيات الخيرية من الداخل والخارج بعد أن كانوا يتمتعون بكفاف عيش.. ولكن الصهاينة اغتالوا الأرض والنَفس.. وهيهات أن يغتالوا العزيمة والحُلُم!


هل تخيّلت يوماً أن تستيقظ لتجد صاروخاً قد التهم بيتك ونصف عائلتك؟ هل تصوَّرتَ كيف يكون حالك وقد بتّ بلا مأوى واستحال منزلك الذي بنيته بعرق السنين كومة أحجار متراكمة ملطّخة بدماء الأحباب؟! أو ربما أتوك يوماً بصكوك ملكيّة مزوّرة لبيتك تنسف عقود التمليك التي توارثتموها عن أجدادكم جيلاً بعد جيل وألقَوا بك في الشارع دون أن يرفّ لهم جفن؟! هل خِلتَ يوماً أن ينتشل الجنود ابنك من سريره فتظلّ تتحسَّس مكانه عقداً من زمنٍ دون أثرٍ إلا في القلب والخيال؟! هل أتى عليك حينٌ من الدّهر –طويل- لم تجد في محفظتك ما تسدّ به رمق أطفالك؟ أو ماء.. أو كهرباء.. أو وقود.. أو دواء!.. أو!!!

كثيرةٌ هي المشاهد المؤلمة في فلسطين.. كثيرةٌ والعالم قد كفَّن ضميره بالصمت.. وغاب في غياهب الأموات!!


ويأتي رمضان في فلسطين لترتبط القلوب الموحِّدة بربها أكثر.. وتحمده جلّ وعلا على ما ابتلاها من فتنٍ تترى وتجدِّد العهد له سبحانه أن مهما ضيَّقت الأزماتُ الخِناقَ فإنّا صابرون.. وفي أرضنا مزروعون كشجر الزيتون المبارك.. ولن ي***عنا منها خوفٌ أو تهديدٌ أو حصار.. قابعون هنا على صدورهم مهما جعنا أو عُرِّينا أو اعتُقِلنا.. سنبقى صامدون برغم الجراح..

كم من آهٍ تصدر من قلبِ محرومٍ أو معنَّى!

يمرّ يتيمٌ أمام بائع الحلوى.. يشتهي منها قطعة يأكلها بعد إفطاره.. يغصّ لرؤية القطايف والخرّوب ولكن ممّن يطلبها وقد غاب المعيل؟!


يجرّ بائعٌ عربته تحت وطأة الحرّ وتبقى بضاعته كاسدة فالبيع قليل حتى يكاد ينعدم من الفقر الذي اجتاح فلم يذر من الفلسطينيين أحدا..

تفتّش أمّ العيال عن ما تُطعِمهم فلا تجد إلا بضع تمراتٍ.. وكسرات خبز وشربة ماء!


يختنق الصائم منتظراً عند المعابر والحواجز التي ضربها الصهاينة عند أعتاب مدينته فيمرّ الوقت ويؤذّن المغرب معلناً دخول الوقت فيُفطِر من دون أهله، مقصد الأعداء في محاولة حثيثة لإذلال شعبنا..

يضيق الوالد ذرعاً بالبطالة التي أقعدته في البيت دون مالٍ أو إنتاج.. فيختنق ولا يجد ملجأً إلا الله ليشكو إليه بثّه وحزنه..

تُلملِم بقايا روحها المتناثرة على أعتاب مقبرةٍ ضمّت زوجها الشهيد وحول جدران سجنٍ غيَّب ابنها الأسير.. تنظر بحسرةٍ على أطفالها وقد غاب الأكّال والرفيق.. وتتدافعها مشاعر شتّى ما بين ألمٍ وأسىً وتوكّلٍ ورضا! وتعلم أن الفرج لا بد آت.. وأنّها ستزاحم الحبيب عليه الصلاة والسلام على باب الجنان! فترتسم ابتسامة حنين على وجهها الحزين..


وتشكو أزقّة القدس ونابلس وحيفا وغزّة والضفّة من فقدان الازدحام وقلّة الإقدام للتبضّع استقبالاً لرمضان.. ارتفاعٌ في الأسعار وانعدامٌ في الموارد وشحٌ في الرواتب.. معاناةٌ حقيقيةٌ تتفجّر عند أبواب شهرٍ فضيل تستصرخ فيه نخوة المسلمين في كل مكان..


يقولون أنّ رمضان شهر التكافل والتآخي والتعاضد.. ففي هذا الشهر يصوم المسلمون جميعهم ويشعر الغني بجوع الفقير.. وإن كان الغني يفطر على ألوانٍ من الطعام شتّى فإن الفقير قد لا يجد في رمضان ما يُفطِر عليه! فهو صابرٌ في رمضان وراضٍ قبله وبعده!

إسرافٌ وتبذيرٌ هناك.. وتقشّف وضيق ذات اليد هنا.. وصبرٌ ومصابرةٌ واصطبار.. بغية رضا الرحمن.. وشتّان بين هذا وذاك!


ولكن تبقى ومضات الأمل في عمق القلوب.. ففلسطين عصيّة على الأعداء.. وقدرها أن تحطّم مخطاطاتهم على صخرة صمودها و***وانها.. وكما تعوّدناها في المحن، فستعضّ على جراحها وتتعدّى الصِعاب.. ولن تسمح لأحدٍ أن يسرق بهجة رمضان وفرحة العيد منها.. فرحة طاعة أبنائها وصبرهم وثباتهم.. فرحة استغلال رمضان لتسري بهمّتهم وروحانياتهم إلى العلياء.. بالرغم من كل المآسي والخطوب.. فهي مؤمنة بالقضاء راضية بالقدر!

ولا بد أن تلتئم الجراح في شهر الطاعة والمغفرة والرحمات.. وقد استقى المرابطون هناك من شهر بدرٍ وفتح مكة نفحات العزّة والانتصار.. ومع الصبر والتحدي والصمود لا بد من نصرٍ وتحرير! ويقولون متى هو.. قل عسى أن يكون قريبا!

وهمسة لي ولك.. هل سيكون لفلسطين نصيب من دعائك وعونك ونصرتك؟!

كيف النصرة؟! فكِّر قليلاً.. ولن تعدم الوسيلة.. وكلٌّ يجاهد في موقعه.. فانظر فيما أقامك.. وأعِن إخوة لك في الدِّين والإيمان..

وتقبل الله سلفاً!


سحر المصري
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-08-2010, 05:25 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان الأخير
كثيرًا ما تضيع منا الأيام الأولى في رمضان لأننا لم نحسن الاستعداد لها، فلا نشعر بقيمة الصيام، ولا بحلاوة القرآن، ولا بخشوع القيام..

وهذه لحظات غالية والدعاة والعلماء والمتحدثون أن يضعوا برامج في شعبان لشحذ الهمم وتنشيط الكسالى، مثل الإكثار من الصيام وقراءة القرآن والقيام لدخول رمضان وقد تعودنا على هذه الأمور فلا تضيع منا دون انتباه.. وهذا ولا شك شيء طيب.. بل رائع.. فاللاعب الذي لا يقوم بعملية الإحماء والتدريب قبل المباراة لا يمكن أن يستمر فيها بلياقة جيدة.. وهكذا أيضًا المسلم والمسلمة الذي "يفاجئ" برمضان فإنه لا يحسن استخدام كل أوقاته، واستغلال كل لحظاته..

لكني أرى أن الأهم من ذلك، والذي قد نغفله كثيرًا، هو الاستعداد "ذهنيًا" لهذا الشهر الكريم.. بمعنى أن تكون مترقبًا له، منتظرًا إياه، مشتاقًا لأيامه ولياليه.. تعد الساعات التي تفصل بينك وبينه.. وتخشى كثيرًا ألا تبلغه...

هذه الحالة الشعورية صعبة.. ولكن الذي يصل إليها قبل رمضان يستمتع حقيقةً بهذا الشهر الكريم.. بل ويستفيد مع المتعة.. بكل لحظة من لحظاته..

وقد وجدت أنه من أسهل الطرق للوصول إلى هذه الحالة الشعورية الفريدة أن تتخيل بقوة أن رمضان القادم هو رمضانك الأخير في هذه الدنيا!!

إن رسولنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم- أوصانا أن نكثر من ذكر الموت، فقال: «أكثروا من ذكر هادم اللذات» [صححه الألباني].. ولم يحدد لنا وردًا معينًا لتذكره، فلم يقل مثلاً تذكروه في كل يوم مرة، أو في كل أسبوع مرة، أو أكثر من ذلك أو أقل، ولكنه ترك الأمر لنا نتفاوت فيه حسب درجة إيماننا، فبينما لا يتذكر بعضنا الموت إلا عند رؤية الموتى، أو عيادة المرضى، أو عند المواعظ والدروس، تجد أن عبد الله بن عمر كان يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح"..

وقد قال هذه الكلمات الواعية تعليقًا على حديث الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» [رواه البخاري]..

وفي إشارة من الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى تذكر الموتى كل يومين قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» [رواه البخاري ومسلم]..

إذًا افتراض أن رمضان القادم هو رمضان الأخير افتراض واقعي جدًا، ومحاولة الوصول إلى هذا الإحساس هو مطلب نبوي، والمشاهدات العملية تؤكد هذا وترسخه، فكم من أصحاب ومعارف كانوا معنا في رمضان السابق وهم الآن من أصحاب القبور، والموت يأتي بغتة، ولا يعود أحدٌ من الموت إلى الدنيا أبدًا.. قال تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [سورة المؤمنون: 99-100]..

فالعودة من الموت مستحيلة، وكل الذين يموتون يتمنون العودة، إن كان مسيئًا ليتوب، وإن كان محسنًا ليستزيد.. فماذا لو مِتنا في آخر رمضان المقبل؟!، إننا على كل الأحوال سنتمنى العودة لصيام رمضان بشكل جديد يكون أكثر نفعًا في قبورنا وآخرتنا.. فلنتخيل إننا عدنا إلى الحياة، وأخذنا فرصة أخيرة لتجميل حياتنا في هذا الشهر الأخير، ولتعويض ما فاتنا خلال العمر الطويل، ولتثقيل ميزان الحسنات، ولحسن الاستعداد للقاء الملك الجبار..

هذا هو الشعور الذي معه ينجح إعدادنا وعملنا بإذن الله في هذا الشهر الكريم.. وليس هذا تشاؤمًا كما يظن البعض، بل إن هذه نظرة دافعة للعمل، ودافعة في نفس الوقت للبذل والتضحية والعطاء والإبداع.. ولقد حقق المسلمون فتوحات عسكرية كثيرة، ودانت لهم الأرض بكاملها بسبب هذه النظرة المرتقبة للموت، الجاهزة دومًا للقاء الله عز وجل..

وما أروع الكلمات التي قالها سيف الله المسلول خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لزعيم الفرس هرمز عندما وصف الجيش الإسلامي المتجه إلى بلاد فارس فقال: "جئتك برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة"!

ولقد حقق هؤلاء الرجال الذين يحبون الموت كل مجد، وحازوا كل شرف.. ومات بعضهم شهيدًا، وعاش أكثرهم ممكنًا في الأرض مالكًا للدنيا، ولكن لم تكن الدنيا أبدًا في قلوبهم.. كيف وهم يوقنون أن الموت سيكون غدًا أو بعد غد؟!

والآن ماذا أفعل لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير؟!

لو أني أعلم ذلك ما أضعت فريضة فرضها الله عليّ أبدًا، بل ولاجتهدت في تجميلها وتحسينها، فلا أصلي صلواتي إلا في المسجد، ولا ينطلق ذهني هنا وهناك أثناء الصلاة، بل أخشع فيها تمام الخشوع، ولا أنقرها نقر الغراب، بل أطول فيها، بل استمتع بها.. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» [رواه النسائي وصححه الألباني]..

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير لحرصت على الحفاظ على صيامي من أن يُنقصه شيء.. فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.. بل أحتسب كل لحظة من لحظاته في سبيل الله، فأنا أجاهد نفسي والشيطان والدنيا بهذا الصيام.. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]..

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير.. لحرصت على صلاة القيام في مسجد يمتعني فيه القارئ بآيات الله عز وجل، فيتجول بين صفحات المصحف من أوله إلى آخره.. وأنا أتدبر معه وأتفهم.. بل إنني أعود بعد صلاة القيام الطويلة إلى بيتي مشتاقًا إلى كلام ربي، فأفتح المصحف وأستزيد، وأصلي التهجد وأستزيد، وبين الفجر والشروق أستزيد.. إنه كلام ربي!.. وكان عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- يفتح المصحف ويضعه فوق عينيه ويبكي، ويقول: "كلام ربي.. كلام ربي..".

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما تجرأت على معصية، ولا فتحت الجرائد والمجلات أبحث ملهوفًا عن مواعيد التمثيليات والأفلام والبرامج الساقطة.. إن لحظات العمر صارت معدودة.. وليس معقولاً أن أدمر ما أبني، وأن أحطم ما أشيد.. هذه صرحي الضخم الذي بنيته في رمضان من صيام وقيام وقرآن وصدقة.. كيف أهدمه بنظرة حرام، أو بكلمة فاسدة، أو بضحكة ماجنة..

إنني في رمضان الأخير لا أقبل بوقت ضائع، ولا بنوم طويل، فكيف أقبل بلحظات معاصي وذنوب، وخطايا وآثام.. إن هذا ليس من العقل في شيء..

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما كنزت المال لنفسي أو لورثتي.. بل نظرت إلى ما ينفعني عند ربي.. ولبحثت بكل طاقتي عن فقير محتاج، أو طالب علم مسكين، أو شاب يطلب العفاف ولا يستطيعه، أو مسلم في ضائقة.. أو غير ذلك من أصناف المحتاجين والملهوفين..

ولوقفت إلى جوار هؤلاء بمالي ولو كان قليلاً.. فهذا هو الذي يبقى لي، أما الذي أحتفظ به فهو الذي يفنى!

ولو أني أعلم أن هذا رمضاني الأخير ما نسيت أمتي.. فجراحها كثيرة، وأزماتها عديدة، وكيف أقابل ربي ولست مهمومًا بأمتي.. فلسطين محاصرة.. والعراق محتلة.. وأفغانستان كذلك.. واضطهاد في الشيشان، وبطش في كشمير، وتفتيت في السودان، وتدمير في الصومال.. ووحوش في الأرض تنهش.. والمسلمون في غفلة..

ماذا سأقول لربي وأنا أقابله غدًا؟!

هل ينفع عندها أنني كنت مشغولاً بمتابعة مباراة رياضية، أو مهمومًا بأخبار فنية، أو حتى مشغولاًَ بنفسي وأسرتي..

أين شعور الأمة الواحدة؟!

هل أتداعى بالحمى والسهر لما يحدث من جراح للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!

وحتى والله لو كنت مشغولاً بصلاتي وقيامي.. هل يقبل ربي عذري أنني نسيت رجالاً تُقتَّل، ونساءً تُغتَصب، وأطفالاً تُشرَّد، وديارًا تُدمَّر، وأراضٍ تُجرَّف.. وحرمات تُنتَهك؟!

لقد أفطر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر المسلمين بالفطر وهم يتجهون إلى مكة ليفتحوها بعد خيانة قريش وبني بكر..

إن الصيام يُؤخَّر.. والجهاد لا يُؤخَّر..

ليس هذا فقهي أو فقهك.. إنما هو فقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..

هكذا كان يجب أن يكون رمضاني الأخير..

بل هكذا يجب أن يكون عمري كله..

وماذا لو عشت بعد رمضان؟!، هل أقبل أن يراني الله عز وجل في شوال أو رجب لاهيًا ضائعًا تافهًا؟!

وما أروع الوصية التي أوصى بها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أبا عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- وهو يودعه في رحلته الجهادية إلى الشام..

قال أبو بكر: "يا أبا عبيدة.. اعمل صالحًا.. وعش مجاهدًا.. وتوفَّ شهيدًا"..

يا الله.. ما أعظمها من وصية، وما أعمقه من فهم!!

فلا يكفي العمل الصالح بل احرص على ذروة سنام الإسلام.. الجهاد في سبيل الله.. في كل ميادين الحياة.. جهاد في المعركة مع أعداء المسلمين.. وجهاد باللسان مع سلطان جائر.. وجهاد بالقرآن مع أصحاب الشبهات.. وجهاد بالدعوة مع الغافلين عن دين الله.. وجهاد للنفس والهوى والشيطان.. وجهاد على الطاعة والعبادة.. وجهاد عن المعصية والشهوة..

إنها حياة المجاهد..

وشتان بين من جاهد لحظة ولحظتين.. وبين من عاش حياته مجاهدًا..

ثم إنه لا يكفي الجهاد!!

بل علينا بالموت شهداء...

وكيف نموت شهداء ونحن لا نختار موعد موتتنا، ولا مكانها، ولا طريقتها؟!

إننا لا نحتاج إلى كثير كلام لشرح هذا المعنى الدقيق.. بل يكفي أن نشير إلى حديث رسول الله -رضي الله عنه- ليتضح المقصود.. قال -صلى الله عليه وسلم-: «من سأل الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» [رواه مسلم]..

ولتلحظ أخي المسلم.. وأختي المسلمة كلمة "بصدق" التي ذكرها الرسول العظيم -صلى الله عليهوسلم- .. فالله عز وجل مطَّلعٌ على قلوبنا.. مدرك لنياتنا.. عليم بأحوالنا..

أمتي الحبيبة..

ليست النائحة كالثكلى...

إننا في رمضاننا الأخير لا نتكلف الطاعة.. بل نعلم أن طاعة الرحمن هي سبيلنا إلى الجنة.. وأن الله عز وجل لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وأننا نحن المستفيدون من عملنا وجهادنا وشهادتنا..

فيا أمتي.. العمل العمل.. والجهاد الجهاد.. والصدق الصدق..

فما بقى من عمر الدنيا أقل مما ذهب منها..

والكيِّس ما دان نفسه وعمل لما بعد الموت..

وأسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين..


بقلم د. راغب السرجاني
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19-08-2010, 05:31 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

دعوة للاعتكاف
• تعريف الاعتكاف هو لزوم المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى وطاعته .

• ومعناه باللغة الإقامة والملازمة والاحتباس...

• وهو مشروع مستحب باتفاق أهل العلم


• كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كلِّ رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً .رواه البخاري

• قال الزهري رحمه الله تعالى ( عجباً للمسلمين ! كيف تركوا الاعتكاف ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل )


• ومن فوائده الانقطاع والتخلص من شواغل الدنيا وخطراتها على القلب وتفرغ القلب بالكليَّة لله تعالى وحده والبعد عن فضول الكلام والمنام والطعام والشراب والمخالطة..

• لم يرد حديث يبين أقل مدة للاعتكاف والأظهر أن ما يطلق عليه لبث في المسجد واحتباس وإقامة يمكن أن يعتكف فيه. وكان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف عشرة أيام . وسأل عمر ابن الخطاب عن ليلة واحدة في الرواية المتفق عليها : سأل عمرُ النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال ( أوف بنذرك ) متفق عليه.


• وعلى المعتكف أن يتنبه إلى:
1. الإكثار من الطاعات من صلاة وتلاوة وذكر ودعاء وعبادة وتعلم وغير ذلك.
2. الإعراض عن اللغو والبعد عن الفحش والغيبة وما يقدح في اعتكافه .
3. أن لا يخرج من المسجد إلا ما كان لضرورة من أكل أو شرب أو قضاء حاجة.
4. البعد عن الجلوس للآخرين والسمر معهم فيما لا يخدم انقطاعه وتبتله.

فندعوك أخي إلى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان أو بعض لياليها أو ما تستطيع من الوقت وإن قلَّ .. سائلين المولى عز وجل أن يعيننا وإياكم على الطاعات..


أبو أحمد
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19-08-2010, 05:38 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

أنت تتدرب مجانا في رمضان
لقد بات واضحا لدى أغلبية المتخصصين في علم النفس و خبراء السلوك أن الذكاء العاطفي أهم بكثير من الذكاء الأكاديمي، أي أن الأشخاص المتمكنين من إدارة انفعالاتهم و كبت اندفاعاتهم بشكل جيد يتميزون في كل ميادين الحياة و تكون لديهم فرصا أكبر للنجاح، أما الذين لا يتحكمون في حياتهم الانفعالية فيواجهون معارك داخلية تدمر قدرتهم على التفكير السليم و التركيز في العمل ،و لهذا تتكاثر الدورات التدريبية في أنحاء العالم التي تسعى لتقديم استراتيجيات متنوعة في كيفية تطوير الذكاء العاطفي، و قد نكون محظوظين كمسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلامي بأننا نمارس تدريبا إلزاميا سنويا بالمجان يؤهلنا لشحذ ذكائنا العاطفي بأقوى الأساليب، إذ أن التدريب على ممارسة تأجيل الإشباع الحيوي لأقوى دافع بيولوجي في التركيبة البشرية ( الجوع و العطش) يعد أثرى مساهمة في تنمية الذكاء العاطفي، و تكمن أهمية هذا التدريب في استعداد الشخصية لتأجيل أقوى شهواتها و هذا وحده كاف بأن ينسحب على سائر ممارساتها التي تطلب تأجيلا متواصلا مادام الإحباط هو السمة التي تطبع معظم أحداث الحياة، حيث تجري الرياح كثيرا بما لا تشتهي السفن بحيث لا يمكننا أن نتصور إمكانية أن تحقق الشخصية أيا كانت كل ما تتطلع إليه، و هو أمر يضطرها إلى أن تتقبل الإحباط الذي قد يتم أحيانا على حساب الصحة النفسية، و لهذا فإن التدريب على مواجهة الإحباط هو الذي يدع الشخصية متوازنة و محتفظة بتماسكها، بحيث يجيء الصوم على نحو الإلزام و الندب أحيانا كعنصر مساهم في تكييف الشخصية على التعامل برحابة و مرونة مع ضغوط و إحباطات الحياة، أما التدريب الآخر للصوم فهو في اكتساب سمة التعاطف مع الآخر و تنمية المشاركة الوجدانية و التي تعد واحدا من أهم المعايير التي تفرز الشخصية السوية عن الشخصية الشاذة، فالإحساس بالجوع و العطش يدع الشخصية متحسسة بشدائد الآخرين و من ثم يدفعها إلى مد يد المساعدة إليهم، و هذا الإحساس كاف لأن يدرب الشخصية على تحجيم الأنا و التوجه بالتفكير نحو الغير مما يقوي بلا شك صحتها النفسية و ينمي لديها أدوات الذكاء العاطفي، و لا يفوتنا ملاحظة أمور أخرى من التأجيل تتم ممارستها من خلال الصوم كتنظيم الدافع الجنسي و ترشيد الانفعالات الغاضبة بأن يستجيب الصائم لذلك بقول: اللهم إني صائم، و لعله لا توجد مهارة نفسية أهم من مقاومة الاندفاع فهو أصل التحكم الانفعالي و إن تكليف الذات بتأجيل الإشباع و رفض الإندفاع من أجل تحقيق هدف ما هو جوهر التنظيم الذاتي للانفعال، و من أجل كل ماسبق فهل يوجد من يمكنه منافسة المدرسة الرمضانية في التدريب على الذكاء العاطفي؟.


لمى الغلاييني

صيد الفوائد
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-08-2010, 05:44 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

كيف نستقبل رمضان ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فرمضان ضيف عزيز، يحل بنا كل عام أيامًا معدودات، وهو بين الشهور كيوسف بين إخوته، فلنقدر له قدره، ولنستعد له بما هو أهله، قال الله -تعالى-: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة:46]، وهذه ومضات على طريق الاستعداد له.


1ـ واشوقاه إلى رمضان:

استحضر في قلبك أحبَّ الناس إليك، وقد غاب عنك أحدَ عشرَ شهرًا، وإنك بُشِّرت بقدومه بعد أيام قلائل، كيف يكون شوقك إلى لقائه؟!


2ـ الفرح بقدومه:

قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].

فالفرح بالطاعات ومواسم الخيرات فرع عن محبة الله -تعالى-، فهم يفرحون بفضل الله عليهم أن مد أعمارهم، وبلغهم صيام رمضان وقيام ليله.


3ـ الدعاء:

فقد كان السلف يستقبلونه بالدعاء: "اللهم بلغنا رمضان"، "اللهم سلمنا لرمضان، وسلم رمضان لنا، وتسلمه منا متقبلاً".


4ـ القلوب بين خوف الانقطاع ورجاء البلاغ:

فالقوم على سفر، فمنهم من تنقطع به الطريق، ومنهم من يصل، فهل نبلغ رمضان، أم تقصر بنا الأعمار كما قصرت بإخواننا الذين صاموا معنا العام الماضي، وانقطع حبل عمرهم فلن يصوموا معنا هذا العام؟


5ـ صدق العزم:

فرمضان فرصة، والفرص إذا فاتت قد لا تتاح مرة أخرى، فاعقد العزم على أن تصوم صيامًا لم تصمه من قبل، وحدث نفسك: "لئن أشهدني الله رمضان لأصومنّ صيام مودع".

وقل لها: "لقد أشهدني الله رمضان أعوامًا عديدة ففاتني من الخير الكثير، فلئن أشهدني الله الشهر ليرين ما أصنع".

قل لنفسك: "لسوف أعرضك هذا العام على ربي أخذك أم تركك".

فالصدق الصدق في العزم؛ قال الله -تعالى-: {مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23].


6ـ التوبة:

كيف تزرع في أرض كلها آفات، فطهر تربة قلبك قبل موسم الزراعة، واغسله بماء التوبة وثلج الإنابة، وبرد الاستغفار: "اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد"، فالقلوب موضع نظر الرب من العبد، فهل تحب أن ينظر الله إلى قلبك فيجد فيه رجس الشرك، ودنس المعاصي، وقذر الحقد، والحسد، والغل، وغيرها من المهلكات؟!

قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:8].


7ـ العلم قبل العمل:

كم حسنات فاتت! وكم من أعمال أحبطت بسبب الجهل! فلنجلس لنتعلم شيئًا من فضائل الصيام، و أحكامه وآدابه قبل أن نصوم، قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).


8ـ رفع درجة الاستعداد:

من سيدخل معركة يرجو النصر فيها، ومن سيدخل امتحانـًا يأمل النجاح فيه استعدّ استعدادًا يليق بما يؤمله من النصر والنجاح، ونحن نستقبل شهرًا تـُرفع فيه الدرجات، وتضاعف فيه الحسنات، وتحط فيه السيئات، وتعتق فيه الرقاب من النيران.

فعلينا أن نرفع درجه الاستعداد بالمحافظة على الصلوات في جماعة، وإتباع الفرائض بالنوافل، وقيام الليل، وذكر الله -تعالى- وغيرها من الطاعات.


9- الإكثار من الصيام في شعبان:

صوم شعبان كالسُّنة القبلية قبل رمضان، وفي صيامه تدريب للنفس، وهو دليل على محبة الصيام والشوق له، حتى إذا جاء رمضان؛ صامت النفس صيام المتلذذ، لا صيام المتألم، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الصيام في شعبان، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم أكثر شعبان كما جاء في حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- حين سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (رواه النسائي، وحسنه الألباني).


10- ترويض الحواس:

- لسانك سبع إذا أرسلته أكلك، فروِّضه على الذكر، والاستغفار، وقراءة القرآن، وكفه عن اللغو، والغيبة، والنميمة، والسخرية، والمزاح غير المباح.

- وعينك إن لم تحرسها خانت، فغض بصرك واحذر النظر المحرم على الشاشات والشبكات، وفي الطرقات، والمجلات.

ـ وبطنك صوِّمها عن الحرام، وتحرَّ الحلال في أكلك ومشربك.

ـ ورجلاك روضهما على مشية المتواضعين، ولا تمش في الأرض مرحًا، واحذر أن تمشي إلى أماكن المعاصي، وأكثر الخطى إلى المساجد، ودروس العلم، واحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، واذكر الموت والبلى.


11- قطع الشواغل:

للمرء في رمضان حاجات لا يستغني عنها؛ كشراء حاجات البيت من طعام وشراب، وكسوة، وهي تشغل حيزًا كبيرًا من اهتماماتنا في رمضان، وتضيع وقتا ثمينـًا لا يُعوَّض، فلو وفـَّر كل منا حاجات بيته -إن استطاع قبل رمضان-؛ لفرَّغنا قلوبنا من الشواغل التي تقطع الطريق علينا، فهذا يصلي وهو مشغول بالأرز والزيت!

وذاك يترك صلاه التراويح من أجل شراء ملابس الأولاد!

وذاك يقف في الطوابير ساعات! وهكذا تهدر جواهر الأوقات فيا لها من بيعة غبن!


12- حدد أهدافك واكتب خطتك:

- ما أهدافك في شهر رمضان؟

"مغفرة ذنوبي ـ عتق رقبتي من النار ـ دخول الجنة من باب الريان... ".

- ما وسائلك للوصول إليها؟

كل هدف نبيل لابد له من وسائل تعين على تحقيقه، فما وسائلك لتحقيق أهدافك؟

- هل كتبت هذه الأهداف، وهذه الوسائل؟

- هل وضعت خطة لشهر رمضان؟


إن الذين يحددون أهدافهم، ويكتبونها ويضعونها أمام أعينهم يحققون منها الكثير، والذين لا يحددون أهدافهم ولا يكتبونها لا يحققون منها إلا القليل، فلا تكن عشوائيًا، وضع قلمك على ورقتك واكتب وخطط.


13- تعجل القضاء فقد ضاق الوقت:

هل عليك قضاء أيام من العام الماضي؟ إن كان، تعجل فقد ضاق الوقت؛ لأن من أخر القضاء حتى يأتي رمضان، ألزم بالقضاء والفدية إن لم يكن له عذر.


14- ادّخر لرمضان:

من الناس من يدخر لرمضان من أجل شراء الطعام الثمين الوفير، حتى صيَّروا شهر رمضان شهر أكل وشهوات! وجعلوه شهر تبذير وإسراف!!

فلا تكن كهؤلاء، ولكن ادخر لتتصدق في رمضان: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» (متفق عليه).

- ادخر لتفطـّر صائمًا فتكون قد صمت رمضان مرتين، أو تفطر صائمين فتكون قد صمت رمضان ثلاث مرات وهكذا.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- ادخر لتؤدى عمرة في رمضان؛ فقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي» (متفق عليه).


15- أنت على سفر فأين حقيبتك؟

جهز من الآن حقيبة صائم، ضع فيها:

1- مصحفـًا: فإن شهر رمضان شهر القرآن، فلك ورد حفظ، وورد قراءة، وورد تدبر، وهو معك في مسجدك، وبيتك، وعملك، ومواصلاتك.

2- سواكًا: فهو مطهرة للفم، مرضاة للرب، فستحتاجه قبل وضوئك، وعند صلاتك، وعند قراءة القرآن، وعند الانتباه من النوم، وعند الاجتماع بالإخوان، ولا حرج من السواك في نهاية رمضان قبل الزوال وبعده.

3- عطرًا: فإنه ينشط النفس، ويطيب اللقيا، ويسعد الإخوان، وقد حُبب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من دنيانا الطيب والنساء.

4- تمرًا: فإن الفطر على رطب أو تمرات وترًا، فإن لم يجد فعلى ماء؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَليَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتَمَرَاتٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

اللهم بلّغنا رمضان.


المعطي عبد الغني

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-08-2010, 05:51 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

فضائياتنا فى رمضان .
أقبل شهر رمضان، شهر الخيرات، شهر يتزيّن الكون لاستقباله وتنبض القلوب فرحاً وشوقاً للقائه، فُتِّحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار، وصفدت الشياطين ومردة الجان، ينادي المنادي: يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة.

ومع هذه البركات ابتُلِيَ العبد المسلم بما يعكر عليه نهار رمضان وليله، فلم يعد شهر رمضان شهر العبادة وإنما أصبح رمضان يرتبط في الأذهان بأشياء أخرى في مقدمتها الفوازير والمسلسلات وخيام اللهو واللعب.

في زمن كثرت فيه وسائل الإعلام، أغفل القائمون عليها الدور الحقيقي لها وهو تثقيف وتوعية المجتمع، وقاموا بدور آخر يتنافى تمامًا مع القيم والمبادئ الإسلامية، وأصبح همها وشغلها الشاغل عرض الأفلام والمسلسلات والفوازير والأغاني الهابطة وذلك لجذب المشاهدين أطول فترة ممكنة ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد استغلوا شهر رمضان المبارك لعرض هذه المواد التي تسيء إلى كل مسلم، وتؤدي إلى فساد المجتمع وتضيع الأجور، قاموا بتحويل هذا الشهر الكريم من شهر للتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله عز وجل إلى شهر تعرض فيه الفوازير الخليعة والمسلسلات وغيرها من البرامج الفاشلة التي تساهم في إفساد الشباب وإشغالهم عن عبادة الله عز وجل وصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة وقراءة القرآن وغير ذلك من العبادات.

وأقول للمسئولين والقائمين عن برامج الفضائيات: اتقوا الله فيما يُقدم من برامج لجمهور المشاهدين، حتى لا تحملوا إثم أنفسكم، وإثم المشاهدين معكم وتذكروا قول الله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [سورة النحل: 25].

والحقيقة، أن التلفاز سلاح ذو حدين له جانبين: جانب مضيء وآخر مظلم، فقد من الله تبارك وتعالى علينا بالقنوات الدينية النافعة التي تقدم أنواعًا من الإعلام الراقي حيث وصلت إلى أكثر البيوت، وخاطبت أكبر الشرائح، فهي تحمل رسالة تفقيه الناس بأمور دينهم، والرقي بهم نحو الأفضل في عباداتهم وعلاقاتهم وثقافتهم وجميع شؤون حياتهم.

فعلى المسلم أن يحتاط لدينه، حتى لا يبطل صومه، ولا يذهب أجره، ويُحرم من الثواب العظيم في هذا الشهر الكريم.



عبد الرحمن جمال المراكبي

صيد الفوائد
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 19-08-2010, 05:59 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان بوابة التحسين والتغيير
مِنْ فضلِ اللهِ على عبادهِ أنْ جعلَ لهم مواسمَ يحيونَ فيها بطريقةٍ مختلفةٍ عمَّا اعتادوه؛ ففي تغييرِ النِّظامِ الحياتي فوائدُ كثيرةٌ على الفردِ والمجتمع، وما شهرُ رمضانَ الأجلِّ إلاَّ مثالٌ صريحٌ على هذهِ الهباتِ الرَّبانية؛ حيثُ تعتدلُ طبائعُ النَّاسِ وعاداتُهم ويرتقي السلوكُ البشريُ وتزولُ الضغائنُ ويتقاربُ البعداءُ وتزيدُ حركةُ الإحسانِ وينشطُ أهلُ الخيرِ في أعمالِ البرِ على كلِّ صعيد.

ومَعْ ما لهذا الشهرِ الكريمِ مِنْ آثارٍ حميدةٍ إلاَّ أنَّ النُّفوسَ البشريةَ بدأتْ تضعفُ في الاستجابةِ لنداءِ الإصلاحِ والتعرضِ لنفحاتِ البركةِ الرمضانية؛ وهذا أمرٌ غيرُ مستغربٍ لجريانِه ضمنَ الضعفِ العامِّ للواحدِ والجماعةِ إضافةً إلى سطوةِ الإعلامِ المرئي وأثرهِ على خلخلةِ القيمِ وإعادةِ ترتيبِ الأولوياتِ حسبما يراها الفسّاقُ مِنْ مُلاكِها والقائمينَ عليها.

لقدْ كانَ الإعلامُ الرمضانيُ قبلَ عشرينَ عاماً محافظاً- معْ ما فيهِ من مخازي- إذا قسناهُ إلى أيامنا هذه؛ ولا ندري كيفَ سيكونُ وجهُ الإعلامِ الرمضاني في السنواتِ القادمةِ إنْ لمْ يتداركنا اللهُ برحمتِه مِنْ خلالِ إستراتيجياتٍ محكمةٍ نرسمُها لمواجهةِ هذا البلاءِ والظفرِ بالنَّصيبِ الأكبرِ مِنْ سوقِ الإعلامِ الرمضاني. وإنَّ توجهَ بعضِ قنواتِ الإعلامِ النَّقي للترفيهِ في رمضانَ ومجاراةِ القنواتِ الأخرى قدْ يزيدُ مِنْ المشكلةِ ولا يساعدُ في حلِّها، حيثُ يرسخُ لدى النَّاشئةِ أنَّ رمضانَ شهرٌ للموادِ الإعلاميةِ الترفيهيةِ هابطةً كانتْ أمْ غيرَ هادفة، كما أنَّ الاعتمادَ على الحكوماتِ كالخطِّ على الماءِ لا ينفعُ إلاَّ لإبراءِ الذِّمة؛ ولذا فلا بدَّ مِنْ منافسةٍ إعلاميةٍ مهنيةٍ هادفةٍ في شهرِ رمضانَ على وجهِ الخصوصِ لإقبالِ القلوبِ واستعدادها؛ إذ أنَّ الارتقاءَ بالوعي ونشرِ أدواتهِ في المجتمعِ أولُّ طرقِ التغييرِ المنهجي.

إنَّ رمضانَ شهرُ عطاءٍ وإقبالٍ وبذلٍ وأوبةٍ؛ إنَّه شهرُ القرآنِ والصدقاتِ والصفاءِ والصدق، وقمينٌ بنا تعزيزُ هذهِ المظاهرِ الرمضانيةِ الإيجابيةِ في المجتمعِ مِنْ خلالِ المسجدِ والحلْقةِ والمنزلِ واجتماعاتِ العائلةِ والجيرانِ وزملاءِ العمل، وحريٌ بحَمَلةِ الهمِّ توسيعُ نطاقِ الدَّعوةِ والتوجيهِ لتشملَ كافةَ مؤسساتِ المجتمعِ بواسطةِ وسائلِ الإعلامِ ومواقعِ الانترنت حتى يعمَّ نفعُها فئامٌ كثيرٌ مِنْ الأمَّةِ المحمَّديةِ التي يتوقُ شُبَّانُها وشابَّاتُها لنُصرَةِ دينِهم وكتابِ ربِّهم وسنَّةِ نبيهم- عليه الصلاةُ والسلام- عِلمَاً وعملاً ودعوة؛ فما أجملَ أنْ يكونَ شهرُ رمضانَ موسمُ استقطابٍ وتحسينٍ وتغييرٍ للأفضلِ وبثٍّ للروحِ الإيجابيةِ في ناشئةِ العربِ والمسلمينَ ورجالِهم ونسائِهم؛ حتى يعلمَ كلُّ واحدٍ منهم أنَّهُ على ثغرٍ في عمله القلبي والظاهرِ وفي سلوكهِ ولباسِه وحديثِه وفي واجبهِ تجاهَ مجتمعهِ الصغيرِ والكبير، وحينها سترتفعُ عن أمتنا الذلةُ وتؤولُ المسكنةُ إلى أهلِها ونكونُ خيرَ أمَّةٍ أُخرجتْ للنَّاس.

وفي هذا السياقِ المباركِ يسعى مركزُ حلول للاستشاراتِ والتدريبِ لإنتاجِ برنامجٍ مرئيٍ بعنوان "رمضان غيرني"؛ ويشرفُ على هذا العملِ الإبداعي فضيلةُ الشيخِ الدكتور عبدُ العزيزِ بنُ عبدِ الله الأحمد، وسوفَ يُبثُ عبرَ بعضِ القنواتِ الفضائيةِ النَّقيةِ إضافةً إلى موقعِ المركزِ على الشبكةِ العنكبوتية، وهوَ برنامجٌ جديدٌ في فكرتهِ جادٌ في طرحهِ؛ ونسألُ اللهَ لهُ النجاحَ والتأثيرَ الميمونَ وللقائمينَ عليهِ والمشاركينَ فيهِ التوفيقَ والأجر.


أحمد بن عبد المحسن العساف

موقع صيد الفوائد
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 19-08-2010, 06:00 AM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
مشرف ادارى الركن الدينى
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,321
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

جزاك الله خيرا ، وبارك فيك .
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 19-08-2010, 06:09 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

مرحبا بك شهر رمضان.
ها هو السحاب ينقشع، والغيم ينجاب ويتكشف، والسماء تبسم عن غرة الهلال، كأنما هو قوس النصر، أو رمز النور المبين، إنه هلال رمضان "الله أكبر، الله أكبر، ربي وربك الله، هلال خير ورشد إن شاء الله".

إنه هلال رمضان، شهر الأمة، وشهر الصوم، وشهر القرآن، وشهر المعاني السامية التي تفيض على قلوب من عرفوا حقيقة رمضان، واتصلوا بالملأ الأعلى فيه، وسمت أرواحهم إلى مرتبة الفهم عن الله. وما لنا لا نتحدث إلى إخواننا الكرام من أبناء الإسلام عن شهر رمضان، ونطالعهم بخطرات النفس، وخلجات الفكر، وهو شهر الفكرة الصافية العميقة.

ربي وربك الله:
إي والله؛ لأنه واحد، ورب واحد يتصرف في ملكوت السموات والأرض، ويسيطر على عوالم الغيب والشهادة، ويتحكم في الكون من أقصاه إلى أقصاه، والجميع بعد ذلك في حق الوجود سواء: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا}.

إن الله هو الحاكم وحده، يحكم الأفلاك، ويحكم الناس، ويهب لكلٍّ وجوده وهداه، فإن كان لأحد أن يتحكم في الأولى فيغير مداراتها، ويقيد حركاتها فإن له أن يتحكم في الثانية، فيغل أيدي الناس، ويتحكم في آجالهم وأرزاقهم، وليس ذلك إلا لله، فارْق بروحك أيها الأخ المسلم، واسمُ بنفسك عن أن تكون عبدًا لغير ربك، واعلم أن هذا المعنى مما يلفتك إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين يجعل من سنته في تحية الهلال أن يقول: «ربي وربك الله».

إنه هلال رمضان، فأما كثير من الناس فلا يفهمون من معناه إلا تجهيز المآكل والمشارب، وتحضير المطاعم والمناعم، وإعداد لوازم السحور والإفطار، وما يقوي شهية الطعام، ويوفر راحة المنام؛ لأن رمضان كريم وهذا شأن الكرام.

أما قوم آخرون؛ فشهر رمضان عندهم الراحة من عناء الأعمال، واللهو والتسلية في لياليه الطوال، وتقسيم الأوقات على الزيارات والسهرات فهم في ليلهم بين لهو وسمر، و*** للوقت على مقاعد المقاهي والبارات، وتنقل بين دُور الملاهي والصالات، وفي نهارهم يَغُطُّون في نومهم، ويتكاسلون عن عملهم.

هذان صنفان خسروا شهر رمضان وخسرهم، وهجروه وهجرهم، وهو حجة عليهم بين يدي ربهم، وشهيد على تقصيرهم وسوء تقديرهم.

وقوم آخرون صلَّوا وصاموا وتعبوا وقاموا، وهم لا يعلمون من ذلك إلا أنهم أُمروا فامتثلوا، وتعودوا فعملوا، يرجون رحمة الله، ويخافون عذابه، وأولئك لهم ثواب صيامهم، وأجر قيامهم، وجزاء أعمالهم إن شاء الله تعالى، والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء.

وبقي بعد كل أولئك جماعة آخرون أدوا ما أمرهم الله به من صلاة وصيام، وتلاوة وقيام، ومسارعة إلى الخيرات، وإحسان وصدقات، ولكنهم لم يقفوا عند ظواهر الأعمال، بل فهموا عن الله فيها، وعرفوا ما يراد بهم منها، وتغذت بصائرهم إلى لباب أسرارها، فعرفوا لرمضان معنى لم يعرفه غيرهم، وفازوا بربح لم يفز به سواهم، واكتسبوا منه تزكية النفوس، وتصفية الأرواح، وأولئك ذؤابة المؤمنين، وصفوة العارفين.

فهموا من فريضة الصوم وآداب القيام:
أنهم سيتركون الطعام والشراب، ويقللون المنام، ويحرمون الجسوم هذه الثلاثة؛ وهي مادة حياتها، وقوام نشاطها، وإذن فليختف شبح المادة، ولينهزم جيش الشهوات، ولتتغلب الإنسانية بمعانيها السامية على هذا الجسم الذي احتلها من قديم، فعطل حواسها، وكتم أنفاسها، وأطفأ نورها، وكبلها بما زين لها من زخرف الشهوات، وزائف اللذات.

استغنِ عن الطعام، فإذا استغنيت عنه:
فقد خلعت عن نفسك نِير العبودية، وصرت حرًّا من مطالبه، خالصًا من قيوده.

واستغن عن الشراب، فإذا استغنيت عنه:
فقد خلعت عن نفسك نير عبوديته، وصرت حرًّا من مطالبه، خالصًا من قيوده.

واستغن عن المنام وعن الشهوة، فإذا استغنيت:
فقد تحررت، وقديمًا قيل: "استغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره".

إنك إذا استغنيت عن كل ذلك صرت حرًّا طليقًا، وإذن فرمضان شهر الحرية، وإذا استغنيت عن ذلك تقلص ظل المادة، وأشرق نور الروح. وإذن فرمضان شهر الروحانية، وإذا استغنيت عن ذلك صفا فكرك، وتجلى سلطان نفسك، فكنت إنسانًا بكل معنى الكلمة. وإذن فرمضان شهر الإنسانية، وإذا استغنيت عن ذلك لم يجد الشيطان سبيلاً إليك، ولم تلق نوازع الشر مطمعًا فيك. وإذا فرمضان شهر الخير الواضح المستنير.

مرحبًا بك يا شهر الخير. مرحبًا بك يا شهر الإنسانية الكاملة. مرحبًا بك يا شهر الروحانية الفاضلة. مرحبًا بك يا شهر الحرية الصحيحة. مرحبًا بك يا شهر رمضان.

أقبل أقبل، وأقم طويلاً في هذه الأمة الطيبة المسكينة، وألق عليها درسًا من هذه الدروس البليغة، ولا تفارقها حتى تزكي أرواحها، وتصفي نفوسها، وتصلح أخلاقها، وتجدد حياتها، وتقيم موازين التقدير فيها، فتعلم أن المطامع أساس الاستعباد، وأن الشهوات قيود الأسْر، وأن أساس الحرية الاستغناء، وأن الاستغناء يستتبع المشقة، ولكنها مشقة عذبة لذيذة؛ لأنها ستنتج الحرية، والحرية أحلى من الحياة.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 19-08-2010, 06:16 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

بعد رمضان .. لا تنس الست من شوال

يقول المولى عز وجل: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]

فمن نِعم الله على العبد أن يوفقه لعمل طاعة يشكره عليها بعد توفيقه لفعل الطاعات..فصيام الستة أيام من شوال بعد صيام الفريضة توفيق من الله للعبد وزيادة له في الخير ورغبة من الله له في الوصول إلى الصلاح.. فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً".

ولقد وكان "وهيب بن الورد" يُسأل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف ونحوه، فيقول:" لا تسألوا عن ثوابه، ولكن سلوا ( ما الذي أقوم بعمله للتوفيق والإعانة عليه. )" (أو كما قيل)


وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية: بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضاً، و إلا فإنّ مضاعفة الأجر عموماً ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها.

فصيام ست من شوال سنة ثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أطلق صيامها ولم يذكر تتابعاً ولا تفريقاً، حيث قال – صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر» [أخرجه الإمام مسلم في صحيحه]. وهذه الأيام ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإذا شاء صامها في أوله، أو في أثنائه، أو في آخره، وإن شاء فرقها، وإن شاء تابعها، فالأمر واسع بحمد الله.



ولهذه الست فضائل كثيرة منها:

- أن صيام الستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلباً في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم : «إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئاً قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم» [رواه أبو داود].

- إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان هذا دليلاً على قبول العمل..

- إن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً...


- إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، التي لا ينال فعلها إلا من أراده الله تعالى أن يقوم بها..

- ولا شك أن أفضل المسلمون جميعاً مطالبون بفعل الطاعات والمداومة عليها... وخير ما يترقب به العبد إلى ربه هو الصوم فالحق تبارك وتعالى هو الذي يُجزى به فهل هناك خير من ذلك الجزاء...


هداية
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 19-08-2010, 12:03 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

وماذا بعد رمضان ؟
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

أخي الحبيب.. أختي المسلمة

نقف وقفات مع وداع رمضان، نسأل الله أن ينفعنا بها.

الوقفة الأولى: ماذا استفدنا من رمضان؟

ها نحن نودع رمضان المبارك، بنهاره الجميل ولياليله العطرة. ها نحن نودع شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار... وهنا يجدر أن ننبه أن هذه الأمور ليست خاصة برمضان.. فكل الأيام وكل الأوقات تحصل فيها على رحمة الله ومغفرته.. وكلها أوقات يجب أن تحقق فيها التقوى، وتتخلق بأخلاق القرآن فيها. ولكن هذا الشهر تتضاعف فيه الأجور، وتزداد الحسنات، وتكثر الطاعات، قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} [القصص:67].

هل حققنا التقوى، وتخرجنا في مدرسة رمضان بشهادة المتقين؟!

هل ربينا فيه أنفسنا على الجهاد بأنواعه؟! وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها أم غلبتنا العادات والتقاليد السيئة؟ هل سعينا إلى العمل بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار؟

هل.. هل.. وهل؟!

أسئلة كثيرة وخواطر عديدة، تتداعى على قلب كل مسلم صادق، يسأل نفسه ويجيبها بصدق وصراحة:

ماذا استفدت من رمضان؟!

إنه مدرسة إيمانية، إنه محطة روحية للتزود منه لبقية العام، ولشحذ الهمم بقية العمر.

فمتى يتعظ ويعتبر ويستفيد ويتغير ويغير من حياته، من لم يفعل ذلك في رمضان؟!

إنه بحق مدرسة للتغيير، نغير فيه من أعمالنا وسلوكنا وعاداتنا وأخلاقنا المخالفة لشرع الله جل وعلا: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].

الوقفة الثانية: ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها

أخي الحبيب.. أختي المسلمة

إن كنت ممن استفاد من رمضان.. وحققت فيه صفات المتقين، فصمته حقاً، وقمته صدقاً، واجتهدت في مجاهدة نفسك فيه، فاحمد الله واشكره واسأله الثبات على ذلك حتى الممات.

وإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله، أرأيت لو أن إمرأةً غزلت غزلاً، فصنعت بذلك الغزل قميصاً أو ثوباً، فلما نظرت إليه وأعجبها، جعلت تقطع الخيوط وتنقضها خيطاً خيطاً بدون سبب.

فماذا يقول الناس عنها؟!!

ذلك هو حال من يرجع إلى المعاصي والفسق والمجون، ويترك الطاعات والأعمال الصالحة بعد رمضان.. فبعد أن تنعم بنعيم الطاعة ولذة المناجاة ترجع إلى جحيم المعاصي والفجور!! فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.

أحبتي: ولنقض العهد مظاهر كثيرة عند الناس، فمنها على سبيل المثال لا الحصر:

1 - ما نراه من تضييع الناس للصلوات مع الجماعة في أول يوم للعيد، فبعد امتلاء المساجد بالمصلين في صلاة التراويح التي هي سنة، نراها قد قلّ روادها في الصلوات الخمس التي هي فرض، ويكفر تاركها مطلقاً!!

2 - بالأغاني والأفلام.. والتبرج والسفور.. والإختلاط في الحدائق والذهاب إلى الملاهي رجالاً ونساءً، والمعاكسات... والتفحيط.. إلخ.

3 - ومن ذلك السفر للخارج للمعصية.. فنرى الناس على أبواب وكالات السفر زرافات ووحداناً، يتسابقون لشراء تذاكر السفر إلى بلاد الكفر والإنحلال والفساد وغير ذلك، وما هكذا تشكر النعم.. وما هكذا نختم الشهر ونشكر الله على بلوغ الصيام والقيام.. وما هذه علامة القبول؛ بل هذا جحود للنعمة وعدم شكر لها.

وهذا من علامات عدم قبول العمل والعياذ بالله، لأن الصائم حقيقة يفرح يوم العيد بفطره، ويحمد ويشكر ربه على إتمام الصيام، ومع ذلك يبكي خوفاً ألا يتقبل الله منه صيامه كما كان السلف يبكون ستة أشهر بعد رمضان، يسألون الله القبول.

فمن علامات قبول العمل أن ترى العبد في حال أحسن من حاله السابق، وأن ترى فيه إقبالاً على الطاعة {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:7] أي: زيادة في الخير الحسي والمعنوي، فيشمل الزيادة في الإيمان والعمل الصالح.. فلو شكر العبد ربه حق الشكر لرأيته يزيد من الخير والطاعة، ويبعد عن المعصية. والشكر ترك المعاصي كما قال السلف.


الوقفة الثالثة: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}

هكذا يجب أن يكون العبد، مستمر على طاعة الله، ثابت على شرعه، مستقيم على دينه، لا يروغ روغان الثعالب، يعبد الله في شهر دون شهر، أو في مكان دون آخر، أو مع قوم دون آخرين.. لا.. وألف لا!! بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور والأيام، وأنه رب الأزمنة والأماكن كلها.. فيستقيم على شرع الله حتى يلقى ربه وهو عنه راض، قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ} [هود:112]، وقال: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت:6]. وقال صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله ثم استقم» [رواه مسلم].

فلئن انتهى صيام رمضان فهناك صيام النوافل: كالست من شوال، والاثنين والخميس، والأيام البيض، وعاشوراء، وعرفة وغيرها.

ولئن انتهى قيام رمضان فقيام الليل مشروع في كل ليلة {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17].

ولئن انتهت صدقة وزكاة الفطر فهناك الزكاة المفروضة، وهناك أبواب للصدقة والتطوع والجهاد كثيرة.

وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصة برمضان، بل هي في كل وقت.

وهكذا... فالأعمال الصالحة في كل وقت وكل زمان، فاجتهد أخي في الطاعات.. وإياك والكسل والفتور، فإن أبيت العمل بالنوافل فلا يجوز لك أبداً أن تترك الواجبات وتضيعها، كالصلوات الخمس في أوقاتها ومع الجماعة وغيرها.

ولا أن تقع في المحرمات من قول الحرام أو أكله أو شربه أو النظر إليه واستماعه.

فالله الله بالاستقامة والثبات على الدين في كل حين، فلا تدري متى يلقاك ملك الموت. فاحذر أن يأتيك وأنت على معصية (( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك )) .

الوقفة الرابعة: مع العيد

فيشرع لك في يوم العيد عدة أمور منها:

1 - زكاة الفطر قبل الصلاة، وهي صاع من شعير أو تمر أو قط أو زبيب أو أرز أو نحوه من الطعام، عن الصغير والكبير، والذكر والأنثى. والحر والعبد من المسلمين.

2 - أكل تمرات وتراً قبل الذهاب إلى مصلى العيد.

3 - الصلاة مع المسلمين وحضور الخطبة. والنساء يشهدن العيد مع المسلمين.

4 - أن تذهب إلى المصلى ماشياً إن تيسر، فتكبر الله إلى أن تصلي، فيجهر الرجال (( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد )).

5 - الاغتسال والتطيب للرجال، ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا إسبال، ولا تزين بحلق اللحية فهذا حرام. أما المرأة فلا تتبرج ولا تتطيب في ذهابها إلى المصلى، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أمام الرجال.

6 - صلة الرحم وزيارة الأقارب وتصفية القلوب وتطهيرها من التباغض والتحاسد والكراهية.. وغيره.

7 - العطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم في جميع بلاد المسلمين.

8 - ولا بأس بالتهنئة بالعيد كقولك: " تقبل الله منا ومنك " كما ورد عن السلف، والله أعلم.

9 - وإذا انتهى يوم العيد فبادر إلى القضاء إن كان عليك أيّام، وإلاّ فبادر إلى صيام الست من شوال، فصيامها مع رمضان كصيام الدهر كما في صحيح مسلم.


وختاماً

ينبغي أن تحرص على أعمال البر والخير، وأن تكون يوم العيد بين الخوف والرجاء.. تخاف عدم القبول، وترجو من الله القبول. ونتذكر يوم عيدنا يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل فمنا السعيد ومنا غير ذلك.

مر وهيب بن الرود على أقوام يلهون ويلعبون في يوم العيد فقال لهم: " عجبا لكم.. إن كان الله قد تقبل صيامكم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان الله لم يتقبل فما هذا فعل الخائفين ".

فكيف لو رأى ما يفعله أهل زماننا من اللّهو والإعراض، بل مبارزة الله بالمعاصي يوم العيد؟!

أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال.. وأن يجعل عيدنا سعيدًا.. وأن يعيد علينا رمضان أعوامًا عديدة.. ونحن في حال أحسن من حالنا وقد صلحت أحوالنا، وعزّت أمتنا، وعادت إلى ربها عودة صادقة.. اللهم آمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:44 AM.