ماذا فعل الرئيس فى عام؟

[حمدى حسام]

ولمن تنحاز يا سيسى؟!




عاصم حنفي منذ 23 ساعة

http://www.almasryalyoum.com/news/details/741966


الأصول أن رئيس الجمهورية لا يقف على الحياد بين الشعب والتجار.. خصوصاً أن الأسعار نار يا حبيبى نار.. ورمضان يدق الأبواب.. والكابتن محلب يلاعبنا ويتسلى بنا.. ووزير التموين يعلن بصريح العبارة أن التسعيرة الجبرية مخالفة للدستور!


وزمان زمان.. أقال جمال عبدالناصر، زكريا محيى الدين، لأنه رفع سعر الأرز من ثلاثة لأربعة قروش للكيلو.. بما يضر بأحوال الغلابة.. عبدالناصر كان منحازاً بامتياز ولم يقف على الحياد أبداً.. فأقام المجمعات الاستهلاكية لتوفر السلع وتضبط الأسعار.. وصحيح أن المجمعات عانت من الطوابير والزحام.. لكن أسعار السلع كانت فى متناول الجميع.. ومات عبدالناصر وكيلو اللحم لم يرتفع عن 68 قرشاً.. والسادات مات بعده بعشر سنوات وقد قفز اللحم إلى ستة جنيهات.. ومبارك غادر القصر الرئاسى وقد صارت اللحمة من السلع الاستفزازية وارتفع ثمنها إلى ستين جنيهاً.. والآن اللحم يباع لدى الجزار فى الأحياء الشعبية بمائة جنيه للبتلو..!
الغريب يا أخى هو ذلك الطناش الحكومى عن سعر اللحمة.. وقد تصورت أن الشعب سيركع على ركبتيه يطلب العفو والمغفرة.. فوقفت تتفرج على الأسعار ترتفع كل ساعة دون أن تتحرك أو تهتز.. على اعتبار أنها حكومة عاقلة تطبق سياسة الحياد.. وتشتغل كمراقب متطوع.. تبدى انزعاجها أحياناً.. وتمصمص شفتيها.. تصفق للعبة الحلوة.. وتسجل ملاحظاتها وخلاص.. تناشد التجار الرأفة والتعامل بالحسنى.. وانتهى دور الحكومة.. دون التدخل الحقيقى الذى يخل بسياسة الحياد التى تعشقها ويطبقها بنجاح الحاج إبراهيم محلب أدامه الله..!
من ناحيته، ولأنه ناصح بامتياز.. فقد قاطع الشعب الذى خرم التعريفة.. قاطع اللحمة تماماً.. ليس لارتفاع أسعارها فقط.. وإنما زهداً وتعففاً.. وقد اعتنق فجأة مذهب النباتيين وأنصار جماعة السيخ الهندى.. الذين لا يقربون اللحم سوى فى المناسبات الدينية وعند الولائم والعزومات.. صار الشعب يكتفى من اللحم بنظرة.. بالحب من بعيد لبعيد.. يغازلها ويحاورها ويتغزل فى محاسنها ويتحدث معها وإليها فى الأحلام.. ويكتب قصائد الغزل العفيف.. ويكتفى من الأكل بالخضار القرديحى.. والفول والفلافل هما الأكثر قرباً لقلوب المصريين..!
لكن الحاج محلب الذى يلاعبنا لعبة القط والفأر.. ويتقمص شخصية القط توم صاحب المقالب الشهير.. وجد أن انضمام المصريين إلى صنف النباتيين خطر داهم على صحتهم.. ثم إن التعود على مقاطعة اللحم خطر أيضاً على صحة الحكومة التى قررت إجبار المصريين على العودة للفصيلة المفترسة من أكلة اللحوم.. فقامت برفع سعر الخضار والطناش عن اختلال السوق.. فبدأت بالبامية والطماطم.. ثم الخيار والكوسة والبطاطس والفاصوليا.. ناهيك عن أسعار الجبن الدمياطى وارد بلدنا.. ولا تنسى البسطرمة واللانشون والزيت والسكر والسمن والحلاوة.. أما الفاكهة فحدث ولا حرج.. والخيبة أن الحكومة لا تهتز ولا تتحرك.. على اعتبار أنها تلاعبنا.. وتؤكد أننا شعب دائم الشكوى ويحترف النوم!
زمان.. تعلمنا أن دور الحكومة الأساسى هو ضبط الأسعار فى الأسواق.. وفى الماضى السحيق كان الحكام يتخففون وينزلون للأسواق سراً لمراقبة أحوال الرعية.. وهو ما لا يجوز الآن لسبب بسيط أكده لنا السيد وزير التموين.. وهو أن ضبط الأسعار مخالف جداً لسلامة الدستور..!!
العارفون ببواطن الحكومات يؤكدون أن حكومتنا الشقية تعرف وتدرك وتشعر وتحس وتتألم لما أصاب المصريين الكادحين.. ولكن العين بصيرة ويد الحكومة مغلولة وقصيرة.. وماذا تفعل بالضبط وسياسة الحياد تفرض عليها عدم التدخل.. على اعتبار أنها حاكم عادل بيننا وبين التجار فى الأسواق.. ثم إنها حكومة ديمقراطية ترفض العودة للعهد الشمولى والإجراءات القمعية لضبط الأسواق.. وفى عالم توم وجيرى عندما تضيق الأحوال بالفأر الصغير.. فإنه يغادر البيت مهاجراً لبلاد الله لخلق الله.. على اعتبار أنك بالهجرة تفسح مكاناً لغيرك.. ثم إنك بالهجرة لا يمكن أن تنسى عائلتك وبقية أهلك.. ومن المؤكد أنك سترسل لهم تحويلات «وفلوس صعبة» من بلاد بره تنعش بها اقتصاد بلادك.. لكن المشكلة أن أبواب الهجرة شبه موصدة والأحوال فى النازل.. وأهلنا لا يهاجرون بل ينكدون على الحكومة بطفل جديد كل أربعين ثانية واشرب يا محلب..!
كل عام وأنتم بخير.. ورمضان يدق الأبواب.. شهر الزكاة والإحسان وموائد الرحمن.. بما يعنى أن أحوالنا سوف تنصلح بإذن واحد أحد.. اللهم حنن علينا قلوب المحسنين.. مادامت الحكومة تفضل الطناش والفرجة علينا.. ومادام الرئيس السيسى صاحب الشعبية الطاغية قد اختار الوقوف على الحياد.. ومادام الدستور لا يمكن أن يسمح بإجراءات صارمة لضبط الأسعار وفرض التسعيرة الجبرية كما فعل جمال عبدالناصر زمان..!