اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-12-2017, 07:04 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp أخطاء الشباب: أسبابها وعلاجها



الحمدُ للهِ الذي جعَل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا مُنيرًا، وهو الذي جعل الليل والنهار خِلفةً لمَن أراد أن يذكَّر أو أراد شكورًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي أرسله ربُّه شاهدًا ومُبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنِه وسراجًا مُنيرًا، أما بعد:
فهذه بعضُ الأخطاءِ الشائعة بين الشباب، مع وسائل علاجها، أحببتُ أن أُذكِّر بها نفسي وأحبابي الشباب وأولياءَ أمورهم الكرام.

بسم الله الرحمن الرحيم
الدين النصيحة:
روى مسلم عن تَميم الداريِّ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))، قلنا لمن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامَّتِهم))؛ (مسلم - حديث: 55).

معنى النصيحة:
النصيحة: هي إرادة الخير للمنصوح له؛ (جامع العلوم الحكم؛ لابن رجب الحنبلي - ص219).

انطلاقًا مِن هذه الوصية النبوية المباركة كتبتُ هذه الكلمات الموجزة؛ نصحًا وتذكرةً لأحبابي الشباب وأولياء أمورهم الكرام، راجيًا مِن الله تعالى أن تكونَ هذه النصيحة قد خرَجت مِن قلب صادق، وخالصةً لله تعالى وحدَه، فنحن نحب الخير لجميع الشباب المسلم ولأولياء أمورهم، كما نحب الخير لأنفسنا.

روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يُؤمِن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))؛ (البخاري - حديث: 13/ مسلم - حديث 45).

وسوف نذكر بعض أخطاء الشباب الشائعة في المجتمع مع وسائل علاجها:
(1) التهاون في المحافظة على الصلاة في أوقاتها:
إن الكثير مِن الشباب قد تهاوَنَ في إقامة الصلاة، وهذا أمر خطير؛ لأن الصلاة هي أحدُ أركان الإسلام، وهي الصلة بين العبد والله تعالى، وهي أولُ ما يُحاسِبُ الله عليه العبدَ يوم القيامة، وقد حذَّرنا الله تعالى وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم مِن إضاعة الصلوات المفروضة؛ قال الله تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]، وقال تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].

روى ابن جرير عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله قال: لم يكُنْ إضاعتهم تركها، ولكن أضاعوا الوقت؛ (تفسير الطبري ج16- ص98).

روى الشيخان عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُنِي الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحجِّ، وصوم رمضان))؛ (البخاري - حديث 8 / مسلم - حديث 16).

روى مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تركَ الصلاة))؛ (مسلم - حديث 82).

روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أولَ ما يُحاسَب به العبدُ يوم القيامة مِن عمله صلاتُه، فإن صلَحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسَدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص مِن فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي مِن تطوُّع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي - للألباني - حديث 337).

أخي الشاب الكريم:
الصلاةُ هي سبيل سعادتك في الدنيا والآخرة، وهي مِن أعظم الوسائل للحصول على الرزق وقضاء الحوائج، قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

• قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قولُه: ﴿ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾؛ يعني: إذا أقمتَ الصلاة، أتاك الرزقُ مِن حيث لا تحتسب؛ (تفسير ابن كثير - ج 5 ص 327).

(2) جهل كثير من الشباب بأمور الإسلام:
مِن المؤسف أن نرى كثيرًا مِن الشباب لا يعرف الفرقَ بين أركان الإسلام وأركان الإيمان، ومنهم من لا يعرف إلا القليل عن آداب الطعام والشراب، والنوم، وآداب معاملة الكبير، وأدب الحوار مع الناس، ومِن الشباب مَن لا يعرف آداب تلاوة القرآن الكريم، ولا آداب المساجد واستماع دروس العلم.

ولقد حثَّنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم على التفقه في أمور الدين؛ روى الشيخان عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا، يُفقِّهه في الدين))؛ (البخاري حديث 71 /مسلم 1037).

• قال الإمام النووي رحمه الله: هذا الحديث فيه فضيلةُ العلم والتفقُّه في الدين والحث عليه، وسببه أنه قائدٌ إلى تقوى الله تعالى؛ (مسلم بشرح النووي - ج7 - ص 128).

(3) عقوق الوالدين:
قال الإمام ابنُ الجوزي رحمه الله: عقوقُ الوالدين: مخالفة الوالدين فيما يأمرانِ به من المباح، وسوءُ الأدب معهما في القول والفعل؛ (كتاب البر والصلة - لابن الجوزي - ص 116).

مِن المؤسف أن تنتشر ظاهرة عقوق الشباب لآبائهم في المجتمع المسلم، وبعض الشباب قد يتطاول على والدَيْه بالقول أو بالفعل، والكثير من الآباء يشتكون مِن عدم طاعة أبنائهم لهم، مما يترتَّب عليه كثير من المشاكل داخل الأسرة.

ومما لا شك فيه أن الآباء حريصون على مصلحة أبنائهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة؛ فالآباء يُضحُّون بأغلى ما يملكون من أجل سعادة أبنائهم، فليحرِص الشباب على طاعةِ آبائهم، طالَما يأمرونهم بما فيه طاعةُ الله تعالى ورسولِه صلى الله عليه وسلم، وليحذَرِ الشبابُ مِن سوء عاقبة عقوق آبائهم في الدنيا والآخرة، وليعلَمِ الشبابُ أنهم كما يفعلون مع آبائهم سيُفعَل بهم في المستقبل.

ولقد حثَّنا الله تعالى في القرآنِ الكريم - وكذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم في سنته المباركة - بحسن معاملة الولدين، وحذَّرنا مِن عقوقهما والإساءة إليهما، بالقول أو بالفعل.

• قال سبحانه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 23 - 25].

• روى الشيخان عن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أُنبِّئُكم بأكبر الكبائر؟)) ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين))، وجلس وكان متكئًا، فقال: ((ألا وقولُ الزُّور))، قال: فما زال يُكرِّرها حتى قلنا: ليتَه سكت؛ (البخاري - حديث 2654 / مسلم - حديث 87).

• روى الترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رِضا الرب في رضا الوالد، وسَخَطُ الرب في سخط الوالد))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني حديث 1549).

• روى الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بابانِ مُعجَّلانِ عقوبتُهما في الدنيا: البغيُ والعقوق))؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع - للألباني - حديث 2810).

• قوله: ((معجلان عقوبتهما في الدنيا))؛ أي: قبل موت فاعلهما.
• قوله: ((البغي))؛ أي: مجاوزة الحدِّ في الظلم.

• قوله: ((والعقوق))؛ أي: إيذاء الوالدين، ومخالفتهما فيما لا يخالف الشرع؛ (فيض القدير - عبدالرؤوف المناوي - ج3 - ص 251).

(4) مصاحبة أصدقاء السوء:
بعض الشباب قد يصاحب أصدقاء لا دين لهم ولا أخلاق، فيترتَّب على ذلك كثير مِن المفاسد؛ فالصديق السُّوء له أثرٌ سيِّئ على صاحبه؛ حيث يجعله يكذب ويسرق، ويشرب الدُّخَان والمُخدِّرات والخمور، ويهرُب من المدرسة، ولا يذهب إلى الجامعة، وقد يجعله يقوم بعَلاقات محرَّمة مع النساء، فيضيع مستقبله.

إن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم في السفر هي خيرُ وسيلةٍ للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم، فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على مَن في سنِّهم؛ فالصديق الصالح له أثر طيب على صاحبه؛ من أجل ذلك حثنا نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم على حسن اختيار الصديق:
(1) روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مَثَل الجليس الصالح والجليس السَّوء، كحاملِ المسك، ونافخ الكِير، فحاملُ المسك، إما أن يُحذِيَك (يعطيك مجانًا)، وإما أن تبتاع (تشتري) منه، وإما أن تجدَ منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير، إما أن يُحرِقَ ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة))؛ (البخاري - حديث 5534/ مسلم - حديث 2628).

• قال الإمام النووي رحمه الله: مثَّل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الجليسَ الصالح بحامل المسك، والجليسَ السَّوْء بنافخ الكير، وفي هذا الحديث فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب، والنَّهيُ عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومَن يغتاب الناس أو يكثُرُ فُجْرُه وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة؛ (مسلم بشرح النووي - ج 8 ص 427).

(2) روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المرء على دين خليله، فلينظُرْ أحدكم مَن يُخالِل))؛ (حديث إسناده جيد، مسند أحمد - ج 14- ص 142 - حديث 8417).

• قوله: ((المرء))؛ أي: الإنسان.
• قوله: ((دين))؛ أي: عادة صاحبه وطريقته.
• قوله: ((خليله))؛ أي: صاحبه.

• قوله: ((فلينظُرْ أحدُكم مَن يخالل))؛ أي: فلينظُرْ أحدكم بعينِ بصيرته إلى أمورِ مَن يريد صداقته وأحواله، فمَن رآه ورضِي دينه صادقه، وإن كان غيرَ ذلك فليبتعِدْ عنه؛ (دليل الفالحين - لمحمد بن علان - ج 3 - ص 230).

(3) روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكُلْ طعامك إلا تقيٌّ))؛ (حديث حسن، صحيح الترمذي - للألباني - حديث 1952).

• قال الإمام الخطابي رحمه الله: حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم مِن صحبة مَن ليس بتقيٍّ، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته؛ لأن المُطاعَمة تُوقِع الألفة والمودَّة في القلوب؛ (تحفة الأحوذي - للمباركفوري - ج 7 - ص 64).

• قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "ما مِن شيءٍ أدل على شيء، ولا الدُّخَان على النار - مِن الصاحب على الصاحب"؛ (أدب الدنيا والدين - للماوردي - ص 205).

• قال لقمان الحكيم رحمه الله لابنه: "يا بُني، مَن يصاحب صاحب السَّوء لا يَسلَم، ومَن يصاحب الصالح يغنم"؛ (مكارم الأخلاق - للخرائطي - ص 295 - رقم: 903).

• قال رجل لداود الطائي: أوصني، قال: اصحَبْ أهل التقوى؛ فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مَؤُونةً، وأكثرهم لك معونة؛ (الإخوان - لابن أبي الدنيا ص 95 - رقم: 43).

• قال أحد الحكماء: صحبةُ الأخيار تُورِث الخير، وصحبة الأشرار تورث الشر؛ (بريقة محمودية - لمحمد بن عثمان - ج 3 - ص 163).

• قال عدي بن زيد رحمه الله:
عن المرءِ لا تسأَلْ وسَلْ عن قرينه
فكلُّ قرينٍ بالمقارن يقتدي
إذا كنتَ في قومٍ، فصاحِبْ خيارَهُم
ولا تصحَبِ الأردى فتَرْدَى مع الرَّدِي
(أدب الدنيا والدين - للماوردي - ص 205).

(5) التدخين:
مِن المؤسف أن نجدَ نسبةً كبيرة من الشباب في المدارس والجامعات قد أقبلوا على تدخين السجائر.

يعتقد كثيرٌ مِن الشباب أن تدخين السجائر يُساعِدُهم على التركيز، ويمنحهم الطاقة للعمل أو الدراسة، ويظنون أن التدخين يُعْطيهم الثقة بالنفس، وبخاصة بين أصدقائهم، وأنه يزيل عنهم القلق والتوتر، وهذا اعتقاد خطأٌ؛ فقد اتفق الأطباء على أن الدُّخَان له أضرار كثيرة، وأنه سبب لكثير مِن الأمراض التي تُدمِّر صحة الإنسان، فلا ينبغي للعاقل أن يغترَّ بكثرة الذين يشربون الدخان.

حكم التدخين:
شربُ الدخان حرامٌ بدليل القرآن الكريم والسنة النبوية المباركة.

أولًا: القرآن الكريم:
قال الله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ [المائدة: 4]، وقال سبحانه في وصفِ نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، والدُّخَان مِن الخبائث الضارة، إضافة إلى أنه ذو رائحة كريهة، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، وقال جل شأنه: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، والتدخين يجعل الإنسان يقع في الأمراض المُهلِكة الضارَّة.

ثانيًا: السُّنة:
روى ابن ماجَهْ عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار))؛ (حديث صحيح لغيره، صحيح ابن ماجه - للألباني - حديث: 1896).

وأضرار التدخين ثابتة ومعلومة لجميع الناس:
(1) قال الدكتور نصر فريد واصل (مفتي جمهورية مصر العربية الأسبق): "التدخين حرام بكل المقاييس الشرعية؛ لِما فيه من الإضرار بالمدخِّن ومَن حوله"؛ (مجلة الهدي الصحي - ج 1 - ص43).

(2) قالت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف: "شربُ الدخان ثبت يقينًا مِن أهل المعرفة والاختصاص، ومن المؤتمرات الطبية العالَمية، ضررُه بالصحة؛ لِما يسببه من سرطان الرئة والحنجرة والإضرار بالشرايين، كما أنه ضارٌّ بالمال لإنفاقه فيما لا يعود على الإنسان بالفائدة، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كلِّ ما يضر بالصحة والمال، ففي الحديث الشريف: ((لا ضرر ولا ضرار))؛ لهذا حرُم شرب الدخان واستيراده وتصديره والاتِّجار فيه"؛ (مجلة الهدي الصحي - ج 1 - ص 57).

(6) الإهمال في طلب العلم في المدارس والجامعات:
الكثير مِن الشباب قد أهمل دراسته في المدارس والجامعات، ونسي الشباب أن الإسلام يحثُّنا على الاجتهاد في طلب العلوم الدنيوية النافعة؛ كعلوم الطب، والصيدلة، والهندسة، والاقتصاد، والحاسب الآلي، وعلوم الطبيعة، وغيرها مِن العلوم التي تخدُمُ المسلمين في دينهم ودنياهم، كذلك حثَّنا الإسلام على الاستفادةِ مِن التقدُّم العلمي الذي وصلَت إليه الدُّول المتقدِّمة في جميع المجالات العلمية النافعة؛ حتى لا نكونَ عالةً على غيرنا من الأمم المتقدمة.

قال الله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، وقال جل شأنه: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة))؛ (مسلم - حديث 2699).

روى الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا؛ إنما ورَّثوا العلم؛ فمَن أخذ به، أخذ بحظٍّ وافر))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني - حديث 2159).

روى الترمذي عن أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فَضْلُ العالِم على العابد كفَضْلي على أدناكم))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته وأهلَ السماوات والأرضينَ، حتى النملة في جحرها، وحتى الحُوت (السمك) - لَيُصَلُّونَ على مُعلِّم الناس الخير))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني - حديث 2161).

(7) سوء استخدام وسائل الاتصال الحديثة:
كثير من الشباب يُسِيء استخدام وسائل الاتصال الحديثة، مما يترتَّب عليه كثير من المفاسد في الدين والدنيا، فيجلس أحد الشباب بمفردِه في غرفته ويُغلِق الباب على نفسه، ليشاهد المواقع ال*****ة التي تنشر الرذيلة بين الناس، وينسى هذا الشابُّ أن الله تعالى يراه، قال سبحانه: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].

تذكَّر - أخي الشاب - أن الله تعالى جعل معك ملائكةً تُسجِّل أقوالك وأفعالك، قال سبحانه: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]، وقال سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80].

تذكر - أخي الشاب - أن جوارحَك ستشهد عليك يوم القيامة، قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 19 - 21]، وقال سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].

تذكر - أخي الشاب - أن الموتَ يأتي فجأةً، فقد يأتيك وأنت تشاهِدُ ما حرَّمه الله تعالى، فاحذَرْ سُوء الخاتمة، قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

اعلم - أخي الشاب - أنك سوف تموتُ وتقف أمام الله وحدَك؛ ليُحاسِبَك على هذه المعاصي.

روى الشيخان عن عَدِي بن حاتم رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم أحدٌ إلا سيُكلِّمه ربُّه، ليس بينه وبينه تُرْجُمان، فينظر أَيْمَنَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم مِن عمله، وينظر أَشْأَمَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يدَيْه فلا يرى إلا النار تِلقَاءَ وجهِه، فاتَّقوا النار ولو بشِقِّ تَمْرة))؛ (البخاري - حديث 6539 / مسلم - حديث 1016).

فائدة مهمة:
يستطيع الشبابُ أن يستخدم وسائل الاتصال الحديثة فيما ينفعه في أمور دينه ودنياه، فيستخدمها في أبحاثه العلمية، ومعرفة أحدث الاختراعات، وأخبار العالَم المختلفة.

(8) الغِيبة والنَّميمة:
كثيرٌ مِن الشباب يُسرِف على نفسه في الغِيبة والنَّمِيمة، ونادرًا ما تخلو مجالسُ الشباب من هذه المُوبِقات، وهذا واقعٌ داخل مجتمع الشباب، إلا مَن حفِظه الله تعالى، وهذه الآفات تنشرُ العداوة والحقد بين الشباب، وقد حذَّرنا الله تعالى في كتابه العزيز، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم في سنته المباركة من هذه الأمراض الخطيرة، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].

معنى الغِيبة:
الغِيبة: ذِكرُك أخاك بما يكره في غيبته.
(1) روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما الغِيبة؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذِكرُك أخاك بما يَكرَهُ))، قيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتَبْتَه، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه))؛ (مسلم - حديث 5289).

(2) روى أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لَمَّا عُرِج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ مِن نُحاسٍ يخمِشُون وجوهَهم وصدورَهم، فقلت: مَن هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لُحومَ الناس ويقعون في أعراضهم))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 4778).

(3) روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلتُ للنبي صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِن صفية كذا وكذا (تعني قصيرة)، فقال: ((لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَت بماء البحر لمزجَتْه))؛ (خالطته مخالطة يتغير بها طعمه أو ريحه؛ لشدة قُبْحها)؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 4080).

• قال سبحانه: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 10، 11].

معنى النَّمِيمة:
النَّميمةُ: هي نقلُ كلامِ الناس بعضهم إلى بعضٍ، بقصد الإفساد بينهم.

روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تجد مِن شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهينِ، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه))؛ (البخاري - حديث 6058 / مسلم - حديث 2526).

روى الشيخان عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يدخُلُ الجنةَ نَمَّامٌ))؛ (البخاري حديث 6056 / مسلم حديث 105).

فيجب على الشباب الاستفادة من مجالسهم فيما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم.

(9) انتشار الحسد بين الشباب:
معنى الحسد:
الحسد: هو أن يرى الإنسانُ لأخيه نعمةً فيتمنَّى أن تزول عنه وتكون له دونه؛ (النهاية؛ لابن الأثير - ج 1 - ص 383).

كثير من الشباب يحسُد بعضهم بعضًا على ما أنعم الله تعالى عليهم مِن فضله العظيم، وهذا أمر خطير؛ لأنك - أيها الشاب - بحسدِك قد سخِطْتَ قضاءَ الله تعالى، وكرِهتَ نعمته التي قسمها بين عباده.

• يقول الشاعر:
أيا حاسدًا لي على نعمتي
أتدري على مَن أسأتَ الأدَبْ؟!
أسأتَ على اللهِ في حُكمِه
لأنَّك لم ترضَ لي ما وَهَبْ
فأخزاك ربِّي بأنْ زادنِي
وسدَّ عليك وُجوهَ الطَّلبْ
(المستطرف - للأبشيهي - ص 222).

حذَّرنا نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم من الحسد؛ لِما يترتب عليه مِن مفاسد في الدين والدنيا:
(1) روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تَباغضوا، ولا تَحاسدوا، ولا تَدابروا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ))؛ (البخاري - حديث 6076 / مسلم - حديث 2559).

قولُه صلى الله عليه وسلم: ((ولا تدابروا))؛ أي: لا يهجُرْ أحدُكم أخاه؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - ج 10 - ص482).

(2) روى الطبراني عن ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا))؛ (حديث صحيح، السلسلة الصحيحة - للألباني - حديث: 3386).

أخي الشاب الكريم، احرِصْ أن تكون مِن أصحاب القلوب السليمة، الذين لا يحسُدون أحدًا على نعمةٍ أنعَمَ الله تعالى بها عليه، فإذا رأيت شيئًا، فقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله تعالى.

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ﴾ [الحشر: 9].

قال ابن كثير رحمه الله: لا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فضَّلهم الله به مِن المنزلة والشرف، والتقديم في الذِّكر والرتبة؛ (تفسير ابن كثير - ج 13 - ص 489).

(10) إضاعة وقت الفراغ:
كثير من الشباب يقضي وقتَ فراغه فيما لا ينفعهم في دينِهم ولا في دنياهم، فتراهم يجلسون ساعاتٍ طويلةً يلعبون الطاولة، أو الشِّطْرَنج، أو الوَرَق، أو يجلِسون أمام وسائل الاتصال الحديثة، أو يتحدثون فيما لا يُفيدهم، فيجب أن يعلم الشباب المسلم أن الوقت سريع الانقضاء، وما مضى منه لا يرجع، فهو في الحقيقة رأس مال المسلم في هذه الحياة الدنيا.

وقد حثَّنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم على الاستفادة من وقت الفراغ، وجاءت أحاديث كثيرة تتحدث عن أهمية الوقت في حياة المسلم:
(1) روى البخاري عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((نعمتانِ مَغْبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ))؛ (البخاري - حديث 6412).

• قوله: ((مغبون فيهما))؛ أي: ذو خسران فيهما، والمغبون هو: الخاسر في التجارة.

• قال علي بن محمد الهَرَوي رحمه الله: "لا يَعرِفُ قدرَ هاتين النعمتين كثيرٌ مِن الناس؛ حيث لا يَكسِبون فيهما مِن الأعمال كفاية ما يحتاجون إليه في معادِهم، فيندمون على تضييع أعمارهم عند زوالها، ولا ينفعهم الندم"؛ (مرقاة المصابيح - علي الهروي - ج 8 - ص 3225).

(2) روى الحاكم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هَرَمِك، وصحتَك قبل سقمِك، وغناءك قبل فقرِك، وفراغك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك))؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع - للألباني - حديث 1063).
وليعلم الشبابُ أن الله تعالى سوف يسألُه عن وقت فراغه.

(3) روى الترمذي عن أبي بَرْزَة الأسلميِّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قَدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل: عن عمره فيمَ أفناه؟ وعن علمه فيمَ فعل؟ وعن ماله مِن أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن جسمِه فيمَ أبلاه؟))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني - حديث 1970).

أقوال السلف الصالح في أهمية الوقت:
(1) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنِّي لأكرَهُ أن أرى أحدكم سَبَهْلَلًا (أي: فارغًا) لا في عمل دنيا، ولا في عمل آخرة؛ (مجمع الأمثال - أحمد بن محمد النيسابوري ج 1- ص 172).

(2) قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ما ندِمتُ على شيء ندمي على يومٍ غرَبَت شمسُه ونقص فيه أجلي ولم يَزِدْ فيه عملي؛ (قيمة الزمن عند العلماء - عبدالفتاح أبو غدة - ص27).

(3) قال الحسن البصري رحمه الله: أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشدَّ منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم؛ (قيمة الزمن عند العلماء - عبدالفتاح أبو غدة - ص27).

(4) قال إبراهيم بن شيبان رحمه الله: مَن حفِظ على نفسه أوقاتَه، فلا يُضيِّعُها بما لا يرضي الله فيه، حفِظ الله عليه دينه ودنياه؛ (الزهد الكبير - للبيهقي - ج 1 - ص 197).

(5) قالت حفصة بنت سيرين رحمها الله: يا معشر الشباب، خذوا من أنفسكم وأنتم شباب؛ فإني ما رأيتُ العمل إلا في الشباب؛ (صفة الصفوة - لابن الجوزي - ج 4 ص24).

وسائل الاستفادة من وقت الفراغ:
سوف نذكر بعض الوسائل التي يستطيع بها الشباب أن يستفيد من وقت فراغه:
(1) حفظ القرآن الكريم، وحضور مجالس العلم النافع.
(2) قراءة الكتب المفيدة الهادفة التي تنفع المسلم في أمور دينه ودنياه.
(3) قضاء حوائج الناس المشروعة.
(4) ممارسة الرياضة المفيدة بما يعود على المسلم بالنفع، ويساعده على بناء جسمٍ قوي.
(5) تعلُّم حِرفة مباحة يكتسب بها قوتَ يومه، أو تساعده على تحسين دخله المادي.

(11) تكليف الآباء فوق طاقتهم:
كثيرٌ مِن الشباب في الأُسَر الفقيرة ومحدودة الدَّخل لا يراعون أحوال آبائهم الماديةَ، فيحاولون تقليدَ غيرهم من الشباب في الأُسَر الغنيَّة؛ في الطعام والشراب والكساء، فيُكلِّفون آباءهم فوق طاقتهم، وبعض الآباء يقترض من الناس لتحقيق رغبات أبنائهم، وهذه ظاهرة منتشرة في المجتمع، وقد حثَّنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم على القناعة والرضا بما قسَمه الله تعالى لنا مِن الرزق.

روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((قد أفلح مَن أسلَمَ ورُزِق كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه))؛ (مسلم حديث: 1054).

• قوله: ((قد أفلح))؛ أي: فاز وظفِر بالمقصود.
• قوله: ((مَن أسلم))؛ أي: انقاد لربه المعبود.
• قوله: ((ورُزق))؛ أي: مِن الحلال.
• قوله: ((كفافًا))؛ أي: ما كفاه في أمر دنياه وكفَّه عما سواه.
• قوله: ((وقنَّعه الله))؛ أي: جعله راضيًا.

• قوله: ((بما آتاه))؛ أي: بما أعطاه إياه، بل جعله شاكرًا لِما أعطاه، راضيًا بكل ما قدَّره وقضاه؛ (مرقاة المصابيح - علي الهروي - ج 8 - ص 3234).

• روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا نظر أحدُكم إلى مَن فُضِّل عليه في المال والخَلْق، فلينظُرْ إلى مَن هو أسفل منه ممَّن فُضِّل عليه))؛ (مسلم حديث: 2963).

• قوله: ((فُضِّل عليه))؛ أي: أعطاه الله تعالى أكثرَ منه.
• قوله: ((والخَلْق))؛ أي: في الجمال أو الأولاد، أو في الخدم والأتباع، وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا.
ومعناه: إذا رأى أحدُكم مَن هو أكثر منه مالًا وأولادًا ولِباسًا وجمالًا وأتباعًا.

• قوله: ((فلينظر إلى مَن هو أسفل منه))؛ أي: مَن هو دونه في الدنيا، وأقل رتبةً منه في المال والأولاد والأتباع، وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا؛ (مرقاة المصابيح - علي الهروي - ج 8 - ص 3281).

(12) ارتداء النساء للبنطلون في الشوارع:
أختي الشابة المسلمة الكريمة، يا مَن تحبين الله تعالى وتريدين شربةً هنيئةً مِن يد نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا تظمئين بعدها أبدًا:
أسألك سؤالًا واحدا: ألا تشعرين بالخجل وأنظارُ الشباب تتخطَّفُك وأنت ترتدين البنطلون الضيِّق، الذي يصفُ أعضاء جسمِك التي أمرك الله تعالى بسترِها.

أختي الفاضلة الكريمة، مِن المعلوم أن البنطلون مِن ثياب الرجال المعتادة منذ قديم الزمان، وارتداءُ المرأة له وخروجها به إلى أماكن العمل والأسواق، فيه تشبُّهٌ بالرجال، وقد نهاك رسولُنا صلى الله عليه وسلم عن التشبُّه بالرجال، هذا إذا كان البنطلون واسعًا، فماذا نقول ومعظم البناطيل التي تخرج بها النساء ضيقةٌ وتُحدِّد أعضاء الجسم؟

• روى أبو داود عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: "لعَن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَةَ من النساء"؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 3455).

• (الرجُلة من النساء)؛ أي: المتشبِّهة بالرجال في الكلام واللباس؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - ج 7 ص 2836).

• روى النسائي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والمرأةُ المترجِّلة، والديُّوث))؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع - للألباني - حديث 3071).

• ((والمرأة المترجِّلة))؛ أي: المرأة المتشبِّهة بالرجال.
• الديُّوث: الرجل الذي لا يغار على أهل بيته.

أختي الكريمة الفاضلة، يا مَن ترتدين البنطلون الضيق الذي يُحدِّد أعضاء جسدك، إني أخشى أن ينطبق عليك ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صِنفانِ مِن أهل النار لم أرَهما: قومٌ معهم سِياطٌ كأَذْنابِ البَقَر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عاريات، مميلات مائلات، رؤوسُهن كأسنِمَة البُخْت المائلة، لا يدخُلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))؛ (مسلم - حديث2128).

• قال الدكتور/ نصر فريد واصل (مفتي جمهورية مصر العربية الأسبق): "لُبْس المرأة البنطلون المفصِّل لجسدها حرامٌ شرعًا، وبالنسبة لعقوبة التبرُّج والسفور في الآخرة، فهي عقوبة شديدة، والتبرج والسفور من الكبائر شرعًا؛ لأنه يؤدي إلى انتشار الفساد وإشاعة الفاحشة في المجتمع"؛ (فتوى دار الإفتاء المصرية، المسجلة برقم 421/ 158 - تحت السؤال 1175/ 2001 بتاريخ 11/ 10/ 2001).

(13) ظاهرة ال*** بين الشباب:
انتشر ال***ُ بين الشباب، الذكور والإناث، في المدارس والجامعات، ويظهر هذا ال*** في القول أو الفعل، حتى يصل الأمر إلى أن يعتدي بعضهم على بعض بالضرب الشديد، الذي قد يؤدي إلى إصابة بعضهم بجروحٍ خطيرة، والذَّهاب بهم إلى المستشفى للعلاج، وقد يفقد أحدُ الشباب حياته في بعض المشاجرات.

إن استخدام الرفق في معاملة الناس مِن أخلاق الإسلام السامية، وقد حثنا الله تعالى في القرآن، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه على ذلك:
قال جل شأنه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]، وقال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].

• روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عائشة، إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويُعطِي على الرفق ما لا يعطي على ال***، وما لا يعطي على ما سواه))؛ (مسلم - حديث: 2593).

• روى مسلم عن عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزَع مِن شيء إلا شانه))؛ (مسلم - حديث: 2594).

• روى الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَن أُعطِي حظَّه مِن الرفق، فقد أُعطي حظَّه مِن الخير، ومَن حُرِم حظَّه مِن الرفق، فقد حُرِم حظه من الخير))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي - للألباني - حديث: 1637).

ولقد حثنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم على أن نتحلَّى بالأخلاق الكريمة، التي تنشر المحبة بين الناس:
• روى أبو داود عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((إن المؤمن لَيُدْرِكُ بحُسْن خُلُقه درجةَ الصائم القائم))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث: 4013).

• روى أبو داود عن أبي الدرداءِ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزان مِن حُسْن الخُلُق))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث: 4014).

• روى الترمذي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 1642).

(14) عدم احترام الكبير:
كثيرٌ مِن الشباب لا يحترم الكبير، وهذا أمرٌ واضح، فترى هؤلاء الشباب يرفعون أصواتَهم في حضورهم، ويتطاوَلون عليهم في الكلام، وهذه ظاهرةٌ خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى الكراهية وانقطاع الصلة بين الكبار أصحاب الخبرة في الحياة، وبين الشباب الذين لا خبرة لديهم.

وليعلمِ الشبابُ أن احترام الكبير من أخلاق الإسلام الكريمة، وقد حثَّنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، على احترام الكبير في أحاديثه المباركة:
روى أبو داود عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن لم يَرْحَم صغيرنا ويَعرِفْ حقَّ كبيرنا، فليس منا))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 4134).

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يُسلِّم الصغيرُ على الكبيرِ، والمارُّ على القاعدِ، والقليلُ على الكثيرِ))؛ (البخاري - حديث 6231).

• قال الإمام السيوطي رحمه الله: الصغيرُ مأمورٌ بتوقير الكبير والتواضع له؛ (مرقاة المصابيح - علي الهروي - ج 7 - ص 2938).

روى أبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مِن إجلال الله إكرامَ ذي الشَّيبة المسلم، وحامل القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المُقسِط [العادل]))؛ (حديث حسن، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 4053).

(15) السفر للعمل في بلاد غير المسلمين:
يحرِصُ كثير مِن الشباب على السفر للعمل في بلاد غير المسلمين، وهذا يترتب عليه كثير من المخاطر.

كثيرٌ مِن الشباب سوف يَفْقِدون دينهم وأخلاقهم، إلا مَن حفِظه الله تعالى، وكثيرٌ مِن الذين يعملون في بلاد غير المسلمين لا يحافظون على الصلاة ولا يصومون، ولا يستطيعون إظهار شعائر الإسلام؛ لأنهم سوف يتعرَّضون للأذى، وهذا أمرٌ معلوم للجميع، وبعض الشباب يشرَبُ الخمر والمُخدِّرات، ويرتكب جريمة الزنا، وقد يعمل الشباب في أعمالٍ تُغضِب الله تعالى، كبَيْع الخمور أو لحم الخِنزير.

ومِن المعلوم أن الإنسان إذا عاش مدةً طويلة في مكان ما، فإنه يتأثر بعادات وتقاليد المجتمع الجديد؛ كثير من الشباب الذين هاجروا إلى البلاد الأوروبية، عادوا إلى بلادهم بعد أن فقدوا دينهم، وتمرَّدوا على أخلاقهم الإسلامية، وعلى مجتمعهم الذي عاشوا فيه طفولتهم.

لقد حذَّرنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم من السفر والإقامة في بلاد غير المسلمين:
روى أبو داود عن جَرِير بن عبدالله البَجَلِي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا بريءٌ مِن كل مسلم يُقِيم بين أظهر المشركين))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 2304).

قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "مَن بنى (أقام) في بلاد الأعاجم (غير المسلمين) فصنع نَيْرُوزَهم ومهرجانَهم (شاركهم في أعيادهم)، وتشبَّه بهم حتى يموت وهو كذلك، حُشِر معهم يوم القيامة"؛ (الكنى والأسماء للدولابي - ج 3 - ص1048 - رقم: 1843).

أخي الشاب الكريم، اعلَمْ أنه لا يجوز للمسلم السفرُ إلى دُوَل غير إسلامية والإقامة فيها إلا لضرورة شرعية؛ وهي:
(1) أن يكون السفر مِن أجل العلاج الذي لا يتوفر في دولة مسلمة.
(2) طلب علم دنيوي فيه خدمة للإسلام والمسلمين.
(3) أن يكون المسافر مِن الذين يعملون في سفارة بلدهم.
(4) أن يكون المسافر من الدعاة إلى الله تعالى، بشرط أن يأمن الفتنة في دينه.
(5) أن يكون محصنًا مِن الشهوات باصطحاب زوجته معه؛ ليتجنَّب فتنة ما هم فيه من *****ة.

ويحرُم أيضًا على الشباب المسلمِ الحصولُ على جنسية دولة غير مسلمة؛ لأن ذلك وسيلة إلى موالاتهم والموافقة على ما هم عليه من الباطل.

اقتراح مهم:
أخي الشاب الكريم، يُمكِنُك أن تستخدم المال الذي جمعتَه للسفر في عملِ أحدِ المشروعات الصغيرة المباحة شرعًا، واجتهَدْ واتَّقِ الله تعالى، وسوف يُبارِكُ الله تعالى لك في هذا المشروع، ويفتح عليك أبواب الرزق الحلال.

معنى التقوى:
تقوى الله: تعني الخوفَ مِن الله تعالى في السر والعلانية.
قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: قوله: ﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: يُسبِّبْ له أسباب الرزق مِن حيث لا يشعر ولا يعلم؛ (تفسير الطبري - ج 23 - ص 42).
وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

(16) الجلوس في الشوارع وعلى المقاهي:
أخي الشاب الكريم، يا مَن تجلِسُ في الشوارع أو على المقاهي، وتنظر إلى النساء، وتتكلَّم بكلام يخدِشُ الحياء، أمَا علمتَ أن للطريق حقوقًا يجب عليك أن تحافظ عليها؟

روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والجلوسَ بالطرقات))، فقالوا: يا رسول الله: ما لنا مِن مجالسنا بدٌّ نتحدث فيها، فقال: ((إذ أبيتُم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقَّه))، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: ((غضُّ البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))؛ (البخاري - حديث 2465 / مسلم - حديث 2121).

• قولهم: (ما لنا من مجالسنا بد)؛ أي: إن الضرورة قد تُلجئنا إلى ذلك.
• قولهم: (نتحدث فيها)؛ أي: يحدث بعضنا بعضًا فيما يتعلق بأمر دنيوي أو أخروي؛ كالمشاورة، والمذاكرة، والمعالجة، والمعاملة، والمصالحة.

• قوله: ((فإذا أبيتم إلا المجلس))؛ أي: إذا امتنعتُم عن ترك المجالسة بالكلية للضرورة، فأعطوا الطريق حقه، واقعُدوا فيه بقدر الحاجة؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - ج 7 - ص2942).

(17) التعصب الأعمى للرياضة:
كثيرٌ مِن الشباب يفقد السيطرة على نفسه وهو يشاهد مباريات كرة القدم أو غيرها مِن الألعاب الرياضية المختلفة، فتراه يشتم ويلعَن أحدَ اللاعبين إذا فشِل في تسجيل الهدف، وإذا احتسب أحدُ الحُكَّام ضربة جزاءٍ على الفريق الذي يشجعه، تراه يخرج عن شعوره ويتطاول على هذا الحكم أيضًا بالسب واللعن، وإذا جلس بعض الأصدقاء لمشاهدة إحدى المباريات الرياضية، وأخذ كل منهم يُعبِّر عن رأيه في نتيجة المباراة، تراهم يتشاجرون ويتطاولون بعضهم على بعضٍ بشتمِ الآباء والأمهات، ويهجُرُ بعضهم بعضًا مدةً طويلة من الزمن، وكذلك يفعل بعضُ اللاعبين مع بعضهم أثناء المباراة، أو بعد انتهائها.

أيها الشباب، اعلَموا أن الرياضة بدون الأخلاق الحميدة، لا قيمة لها؛ لأنها سوف تؤدي إلى آثار خطيرة على الأفراد والمجتمع، وهذه التصرُّفات السيئة بين الشباب تخالف أخلاق الإسلام المباركة؛ فإن الاختلاف في الرأي بين الشباب أمر طبيعي، ولكن عليهم أن يلتزِموا بروح التسامح وأدب الاختلاف عند الحوار.

وقد حثَّنا الله تعالى في القرآن الكريم، وكذلك رسولُه صلى الله عليه وسلم في سنتِه المباركة، على أن نتحلَّى بروح التسامح والمحافظة على العَلاقة الطيبة مع الناس، وحذَّرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من أن نكون سببًا في لعن الآباء والأمهات، وحذَّرنا صلى الله عليه وسلم كذلك أن يهجُرَ بعضُنا بعضًا فوق ثلاثة أيام:
• قال الله تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].

• قال الإمام ابنُ جرير الطبري رحمه الله: يقول الله تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: خذ العفوَ مِن أخلاق الناس، واترُكِ الغلظة عليهم، وقال: أمر بذلك نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم في المشركين؛ (تفسير الطبري - ج 9 - ص155).

• روى البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أكبر الكبائر أن يلعَنَ الرجلُ والدَيْه))؛ قيل: يا رسول الله، وكيف يلعَنُ الرجل والدَيْه؟ قال: ((يسبُّ الرجلُ أبا الرجل، فيسبُّ أباه، ويسبُّ أمه))؛ (البخاري - حديث: 5973).

• روى الشيخان عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيُعرِض هذا ويُعرِض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام))؛ (البخاري – حديث 6077 / مسلم - حديث2560).

• قوله: ((فيُعرِض هذا))؛ أي: يصرف وجهه عن صاحبه.
• قوله: ((وخيرهما))؛ أي: أفضلُهما وأكثرهما ثوابًا.

(18) التكبر على الناس:
بعضُ الشباب يُعجَب بنفسه، فيتكبَّر على الناس بعائلته، أو بعلمه، أو بماله، أو بجماله، أو بقوَّته، أو بوظيفته، أو بغير ذلك، هذا أمر خطير؛ لأنه ينشر الحقد والحسد والكراهية بين الناس، وليَعلَمِ الشابُّ أن المال والجمال والعلم وغير ذلك - هبةٌ مِن عند الله تعالى، فيجب عليه أن يشكر الله تعالى على فضله، ولا يستخدم نعمة الله في التكبُّر على غيره من الناس، ولقد حذَّرنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم من التكبر على الناس:
روى مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْرٍ))، قال رجلٌ: إن الرجل يحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعله حسنةً؟ قال: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس))؛ (مسلم - حديث 91).

قوله: ((بطر الحق))؛ أي: ردُّ الحق.
قوله: ((وغَمْط الناس))؛ أي: احتقار الناس.

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجلٌ يمشي في حُلَّةٍ تُعجِبه نفسه، مُرجِّلٌ جُمَّتَه (شعره)، إذ خسَف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة))؛ (البخاري - حديث 5789).

حثنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم على التواضع مع الناس؛ لكي تنتشر المحبة بين أفراد المجتمع:
روى مسلم عن عِياض المجاشعي رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخَرَ أحدٌ على أحد، ولا يبغيَ أحدٌ على أحد))؛ (مسلم - حديث 2198).

• روى مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضَعَ أحدٌ للهِ إلا رفعه الله))؛ (مسلم - حديث 2588).

(19) عدم استشارة أهل الخبرة الصالحين:
كثير مِن الشباب قد يقوم بعمل أحد المشروعات بدون أن يستشير أحدًا من أهل الخبرة الصالحين، فيترتَّب على ذلك فشلُ المشروع وخسارة المال، ولقد حثَّنا الإسلام على استخارة الله تعالى، واستشارة الصالحين من أهل الخبرة في أي عمل يريد المسلم أن يقوم به:
قال سبحانه عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المستشار مؤتمن))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 4277).

قوله: ((المستشار))؛ أي: الذي طُلب منه المشورة والرأي.
قوله: ((مؤتمن))؛ أي: أمين فيما يُسأل من الأمور، فلا ينبغي أن يخون المستشير بكتمان مصلحته؛ (عون المعبود - للمباركفوري ج 14ص25).

• قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: شاوِر في أمرك مَن يخاف الله عز وجل؛ (الآداب الشرعية؛ لابن مفلح الحنبلي، ج 1ص327).

• قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: ما نزلت بي قطُّ عظيمةٌ فأبرمتُها حتى أشاور عشرةً مِن قريش، فإن أصبت كان الحظ لي دونهم، وإن أخطأت لم أرجع على نفسي بلائمة؛ (الآداب الشرعية - لابن مفلح الحنبلي - ج 1 - ص 327).

• قال لقمان الحكيم رحمه الله لابنه: شاوِر مَن جرَّب الأمور؛ فإنه يعطيك مِن رأيه ما قام عليه بالغلاء وأنت تأخذه مجانًا؛ (أدب الدنيا والدين - للماوردي - ص302).

• قال الحسن البصري رحمه الله: ما شاور قومٌ قط، إلا هُدُوا لأرشد أمورهم؛ (تفسير الطبري - ج 7 - ص344).

• قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: إن المشورة والمناظرة بابَا رحمةٍ ومِفتاحَا بركةٍ، لا يضل معهما رأي، ولا يفقد معهما حزم؛ (أدب الدنيا والدين - للماوردي - ص300).

(20) الزواج من أجل المال أو الجمال:
اعتاد كثير مِن الشباب - من الذكور أو الإناث - الزواجَ مِن أجل المال، أو الجمال، أو اسم العائلة فقط، بدون النظر إلى الدين؛ ولذلك فإن نسبةً كبيرة من هذا النوع مِن الزواج تنتهي بالطلاق، وهذا أمرٌ موجود أمام أعيننا.

لقد حثنا الإسلام على اختيار أصحاب الدين، الذين يخافون الله تعالى في السر والعلانية؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32].

وروى الشيخانِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تُنكَح المرأة لأربعٍ: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفَرْ بذات الدين ترِبَت يداك))؛ (البخاري - حديث 5090/ مسلم - حديث 1466).

وليَعلَم الشباب أن مَن تزوج امرأة لمالِها، لم يَزِدْه الله إلا فقرًا، ومَن تزوجها لحسبها، لم يزِدْه الله إلا دناءةً، ومَن تزوجها لجمالها، فإن الجمال يزولُ وتبقى الأخلاق، وأما مَن تزوَّج امرأةً مِن أجل الدين، أعزَّه الله تعالى، ورضي عنه في الدنيا والآخرة.

روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدنيا المرأة الصالحة))؛ (مسلم - حديث 1467).

روى ابنُ ماجَهْ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم مَن ترضون خُلُقه ودينَه، فزوِّجوه؛ إلا تفعلوا تكُنْ فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض))؛ (حديث حسن، صحيح ابن ماجه - للألباني - حديث 1601).

(21) التهاون في صلة الأرحام:
كثير مِن الشباب لا يحرِصُ على صلة أقاربه، ولا يعرف شيئًا عنهم، وهذه ظاهرة خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى انتشار الجفاء بين الأقارب في العائلة الواحدة، ولعل أحدَهم يقابل بعض أقاربه في مكان ما فلا يعرِفهم، إلا بعد أن يذكروا أسماءهم.

ولقد حثنا الإسلام على صلة الأرحام، والتعرف على أحوالهم، وزيارة مرْضاهم، وقضاء حوائجهم.

معنى صلة الرحم:
قال الإمام النووي رحمه الله: صلة الرحم: هي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارةً بالخدمة، وتارة بالزيارة والسلام، وغير ذلك؛ (مسلم بشرح النووي - ج 2 - ص201).

• قال سبحانه: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215].

• وقال جل شأنه: ﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 75].

روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((الرَّحِم مُعلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله))؛ (مسلم - حديث: 2555).

روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، أو يُنسَأ له في أثره؛ فليَصِلْ رَحِمَه))؛ (البخاري - حديث 2067 / مسلم - حديث 2557).

• قال الإمام النووي رحمه الله: بسط الرزق توسيعُه وكثرته؛ (مسلم بشرح النووي - ج 8 - ص357: 356).

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليَصِلْ رَحِمَه))؛ (البخاري - حديث 6138).

(22) المزاح باستخدام أقبح الألفاظ والكذب:
بعض الشباب إذا أراد أن يمزَحَ مع صاحبه، فإنه يستخدم أقبحَ الألفاظ، التي تمَسُّ شرف الأم، أو الأب، وتخدش حياءَ الذي يسمَعُها من الرجال والنساء والأطفال.

روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان، ولا الفاحش ولا البذيء))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي - للألباني - حديث 1610).

وبعضُ الشباب اعتاد على الكذبِ في مُزاحه لكي يُرضِي الناس، وهذه صفةٌ سيئة، حذرنا منها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم:
روى الترمذي عن عائشةَ رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن التمس (طلب) رضا الله بسَخَط الناس، كفاه الله مُؤْنَة (أي: شر) الناس، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله، وكَلَه (أي: تركه) الله إلى الناس))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي - للألباني - حديث 1967).

معنى الحديث:
إذا فعل المسلم أمرًا فيه مرضاةٌ لله تعالى، ثم غضب الناس منه، رضي اللهُ عليه وأرضى عنه الناسَ، وإن فعل المسلم شيئًا يُغضِب الله سبحانه؛ لكي يرضَى عنه الناس، غضِب الله تعالى عليه، وسلَّط عليه الناسَ حتى يُؤذوه، ولم يدفع الله عنه شرَّهم؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - ج 8 - ص3204).

روى الشيخان عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والكذب؛ فإن الكذبَ يَهدِي إلى الفجور، وإن الفجورَ يهدي إلى النار، وما يزال الرجلُ يكذِب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتَبَ عند الله كذابًا))؛ (البخاري - حديث 6094 / مسلم - حديث 2607).

كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يمزَحُ مع أصحابه، ولكنه لا يقول إلا حقًّا، فيجب على الشباب المسلم أن يقتدي بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم عند المزاح مع الآخرين، وسوف نذكر بعض الأمثلة من مزاح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:
(1) روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا (تمازحنا)؟ قال: ((إني لا أقول إلا حقًّا))؛ (حديث صحيح، مختصر الشمائل المحمدية - للألباني - حديث 202).

(2) روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم لَيُخالِطنا (أي: يجالسنا ويمازحنا) حتى يقولَ لأخ لي صغيرٍ: ((يا أبا عمير، ما فعل النُّغير؟))؛ (طائر يشبه العصفور)؛ (البخاري - حديث 6125).

(3) روى أبو داود عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه، أن رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، احملني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنا حاملوك على ولدِ ناقةٍ))، قال: وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وهل تَلِدُ الإبلَ إلا النُّوقُ))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث4180).

(4) روى أبو داود عن عَوْف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في قبة (خيمة) مِن أَدَم، فسلَّمت فردَّ، وقال: ((ادخُلْ))، فقلت: أكُلي يا رسول الله؟ قال: كُلٌك، فدخلت؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث4181).

(5) روى أبو داود عن أنس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا ذا الأذنين))؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 4182).

(23) تربية الكلاب من غير ضرورة:
يقوم بعض الشباب بتربيةِ الكلاب وبيعها، وبعضُهم يقوم باقتناء الكلاب في بيته مِن غير ضرورة، وهذا مخالفٌ لسُنة نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، يجب أن يعلم الشباب أنه لا يجوز بيعُ الكلاب، ولا الاحتفاظ بها في البيوت من غير ضرورة.

روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن اتَّخذ كلبًا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع، انتقص من أجره كل يوم قيراطٌ))؛ (مسلم - حديث: 1575).

• قال الإمام الصنعاني رحمه الله: الحديث دليلٌ على المنع مِن اتخاذ الكلاب واقتنائها وإمساكها إلا ما استثناه من الثلاثة؛ (سبل السلام - للصنعاني - 3 - ص 516).

روى الشيخان عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب؛ (البخاري - حديث 2237 / مسلم - حديث 1567).

• نجاسة لُعاب الكلاب:
يجب أن يكون من المعلوم للشباب أن لعاب الكلب نجس.

روى مسلمٌ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسِلَه سبع مرات، أُولاهن بالتراب))؛ (مسلم - حديث 279).

• قوله: ((ولغ فيه الكلب))؛ أي: شرب الكلب بطرف لسانه؛ (مسلم بشرح النووي - ج 3 - ص 184).

فائدة مهمة:
إن فيروس الكلب دقيق جدًّا، وكلما صغُر حجمُ الميكروب، كلما ازدادت فعاليته للتعلق بجدار الإناء والتصاقه به، ولُعاب الكلب المُحتَوِي على الفيروس يكون على هيئة شريط لُعابي سائل، ودور التراب هو إزالة الميكروب.

• قام أحد الأطباء في باكستان بإجراء عدةِ أبحاث علمية على لُعاب الكلب، فوجد أن جراثيم الكلب مهما غُسلت بالماء، فإن الماء لا يذهب بها، فإذا مُسحت بالتراب، فإن التراب يذهب بها، ولا يُبْقي في الإناء أثرًا لها؛ (الإعجاز العلمي؛ للدكتور / صالح أحمد رضا - ج 2 - ص841).

(24) مضايقة النساء:
اعتاد كثيرٌ مِن الشباب مضايقةَ النساء في الشوارع، أو عن طريق الهاتف المحمول، أو عن طريق وسائل الاتصال الحديثة المختلفة، مما يترتَّب عليه ضررٌ كبير للنساء، والذي قد يُؤدِّي في بعض الأوقات إلى أن يشكَّ الزوج في أخلاق زوجته.

أخي الشاب المسلم الكريم، سوف أسألك سؤالًا واحدًا، وأجِبْ عنه بصدق:
هل ترضى أن يقومَ أحدٌ مِن الشباب بمضايقة زوجتك، أو ابنتك، أو أمك، أو أختك، أو خالتك، أو عمَّتك، أو غير ذلك من محارمك النساء؟

والإجابة الطبيعية أنك سوف تقول: لا أرضى أن يقوم أحدٌ بمضايقة أحدٍ مِن محارمي النساء، فأقول لك: كذلك الناس لا يرضى أحدٌ منهم أن تقوم أنت بمضايقة أحد مِن محارمه النساء.

وتذكَّر - أخي الشاب - أنك سوف تقف أمام الله تعالى يوم القيامة، وسوف يسألُك عن جميع أقولك وأفعالك، فهل أعددت الإجابة؟

قال جل شأنه: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، واعلم أن لله تعالى ملائكةً تكتب أقوالك وأفعالك:
• قال سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80].
• وقال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

وتذكَّر - أخي الشاب - أن خطر اللسان عظيم، وقد أمرنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم بحفظ اللسان في أحاديثه الشريفة، وسوف نذكر بعضًا منها:
(1) روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ))؛ (البخاري - حديث 6018 / مسلم - حديث 47).

(2) روى البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلمُ مَن سلِم المسلمون مِن لسانه ويده، والمهاجرُ مَن هجر ما نهى الله عنه))؛ (البخاري - حديث 10).

(3) روى الترمذي عن عقبةَ بن عامر رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: ((أمسِكْ عليك لسانَك، وليَسَعْك بيتُك، وابكِ على خطيئتك))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني - حديث 1961).

(4) روى الترمذي عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، قال: قلتُ: يا نبي الله، وإنَّا لَمؤاخَذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكِلتك أمك، يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم - أو على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني - حديث 2110).

(25) حلق بعض الرأس وترك البعض الآخر:
يقوم كثيرٌ مِن الشباب بحلق بعض شَعر رأسه وترك البعض الآخر، وهو ما يسمى بالقَزَع.

يجب أن يعلم الشباب وأولياء أمورِهم أن نبيَّنا صلى الله عليه وسلم قد نهى عن حلقِ الشَّعر بهذه الطريقة؛ لأن فيها تشويهًا لخلقة المسلم.

روى مسلم عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القَزَع، قال: قلت لنافع: وما القَزَع؟ قال: يُحلَقُ بعض رأس الصبي ويُترك بعض؛ (مسلم - حديث: 2121).

• (القَزَع): جمع قزعة، وهي القطعة من السَّحاب.
وسُمِّي شعر الرأس إذا حلق المسلم بعضَه وترك بعضه: قَزَعًا؛ تشبيهًا بقطع السَّحاب المتفرِّقة؛ (فتح الباري - لابن حجر العسقلاني - ج 1 - ص173).

حثنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم على الاهتمام بنظافة الشَّعر:
روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان له شَعَرٌ فليُكرِمْه))؛ (حديث حسن صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 3509).

• قوله: ((فليُكرِمه))؛ أي: فليُزيِّنه وليُنظِّفه بالغسل والتدهين، ولا يتركه متفرقًا؛ فإن النظافة وحسن المنظر محبوب؛ (مرقاة المصابيح - علي الهروي - ج 7 - ص 2827).

(26) لبس الذهب والحرير للرجال:
اعتاد بعضُ الشباب لُبْس خاتم الذَّهب وقميص الحرير، وهذا مُخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالذهب والحرير حلال للنساء، وحرام على الرجال.

روى ابن ماجَهْ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حريرًا بشِماله، وذهبًا بيمينه، ثم رفع بهما يدَيْه، فقال: ((إن هذينِ حرامٌ على ذكور أمتي، حِلٌّ لإناثهم))؛ (حديث صحيح، صحيح ابن ماجه للألباني - حديث 2896).

روى مسلم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتمًا مِن ذهَب في يد رجل، فنزعه فطرحه، وقال: ((يعمِد أحدُكم إلى جمرة من نارٍ فيجعلها في يده!))، فقيل للرجل بعدما ذهب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: خُذْ خاتمك انتفِعْ به، قال: لا والله، لا آخُذُه أبدًا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ (مسلم حديث: 2090).

• قوله: (خُذ خاتمك انتفع به)؛ أي: ببيعه، أو بإعطائه أحدًا مِن النساء؛ (مرقاة المصابيح - علي الهروي - ج 7 - ص 2797).

• قول صاحب الخاتم: (لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فيه المبالغة في امتثال أمرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتناب نهيه، وعدم الترخص فيه بالتأويلات الضعيفة، ثم إن هذا الرجل إنما ترك الخاتم على سبيل الإباحة لمن أراد أخذه مِن الفقراء وغيرهم، وحينئذٍ يجوز أخذه لمن شاء، فإذا أخذه جاز تصرُّفه؛ (مسلم بشرح النووي - ج 14 - ص 65).

(27) لُبْس السلسلة في العنق:
اعتاد كثيرٌ مِن الشباب لُبْس السلاسل في أعناقهم بغير تفكيرٍ في خطورة هذا الأمر، فأقول:
أخي الشاب المسلم الكريم، هل وقفتَ مع نفسك بصدقٍ، وسألت نفسك: لماذا تضع السلسلة في رقبتك؟!
أمَا علمتَ أن وضع السلسلة في الرقبة خاصٌّ بالنساء فقط، وأنت عندما تفعل ذلك، فأنت تتشبَّه بالنساء؟ وقد نهانا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالنساء:
روى أبو داود عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لعَن المتشبِّهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني - حديث 3453).

وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: لعَن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الرجلَ يلبَسُ لُبسةَ المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود - للألباني حديث: 3454).

• قال الإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله: الحديثُ يدلُّ على تحريم تشبُّه النساء بالرجال، والرجال بالنساء؛ لأن اللعن لا يكون إلا على فعل محرَّم؛ (نيل الأوطار - للشوكاني - ج 2 - ص 137).

(28) لبس حظَّاظة اليد:
كثير مِن الشباب يضع في يدِه حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد!

ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله تعالى هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته سبحانه:
• قال سبحانه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].
• قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

• قال الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله: أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابقٍ لخَلْقِنا له، وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض، فهو يقع كما كتب، كميةً وصورةً، وزمانًا ومكانًا، لا يتخلَّف في شيء من ذلك؛ (أيسر التفاسير - لأبي بكر الجزائري - ج 4 - ص 178).

روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كتب الله مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلق السماواتِ والأرض بخمسينَ ألفَ سنةٍ))؛ (مسلم - حديث 2653).

روى الترمذي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كنتُ خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: ((يا غلام، إني أُعلِّمك كلماتٍ: احفَظِ الله يحفَظْك، احفَظِ الله تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله، واعلَمْ أن الأُمَّة لو اجتمعَتْ على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَت الأقلامُ، وجفَّت الصحفُ))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي - للألباني - حديث: 2043).

(29) ارتداء السروال القصير أمام الناس:
اعتاد بعض الشباب على ارتداء السروال القصير جدًّا (الشورت)، كاشفين عن أفخاذهم في الشوارع.
أخي الشاب المسلم الكريم، ألا تشعُر بالخجل عندما تتخطَّفك أنظار الرجال والنساء والأطفال، وأنت تسير في الشوارع كاشفًا عن فَخِذيك؟!

أمَا علمتَ أن الحياء من الإيمان؟
روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الحياء من الإيمان))؛ (البخاري - حديث: 6118 / مسلم - حديث: 36).

معنى الحياء:
الحياء: حالة نفسية تعترِي الإنسان عند فعلِ ما يُخجَل منه، وهي صفةٌ حميدة؛ (شرح رياض الصالحين - لابن عثيمين - ج 2 - ص170).
قال سفيان بن عُيَيْنة رحمه الله: إن الحياء يمنع صاحبه مِن ارتكاب المعاصي؛ (شرح الزرقاني على موطأ مالك - ج 4 - ص406).

حكم كشف الفَخِذ:
روى الحاكم عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما بين السُّرَّة والرُّكْبة عَورةٌ))؛ (حديث حسن، صحيح الجامع للألباني - حديث: 5583).

روى الترمذي عن جرهد الأسلمي رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ به، وهو كاشفٌ عن فَخِذه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((غطِّ فَخِذَك؛ فإنها من العورة))؛ (حديث صحيح، صحيح الترمذي - للألباني - حديث: 2960).
• (العورة): هي الشيء القبيح الذي لا يحب الإنسان أن يراه الناس.

(30) التقليد الأعمى للدول الغربية:
مِن المعلوم أن التقليد وسيلةٌ من وسائل التعليم ونقل الخبرات، خاصةً لمن هم في مرحلة الشباب.

إن وسائل الاتصال الحديثة جعَلَتِ العالم قريةً واحدة، وأصبح الناس متقاربين، وليس في هذا ضررٌ، بل فيه منفعةٌ، ولكن الضرر يكمُنُ في أن يتحوَّل التقارب إلى ذوبان، يفقد الناس معه دينهم وأخلاقَهم وتراثهم.

إن الكثير مِن شبابنا اليوم قد تخلَّى عن عاداتنا الإسلامية المباركة، وانصرف إلى تقليد الدول الغربية في شتى مجالات الحياة، ولم يقِفوا عند حد التقليد، بل ذهبوا إلى الدعوة إلى أن كل ما يأتي مِن الدول الغربية حقٌّ كله، والأخذ به حضارة وتقدُّم، والانصراف عنه تأخُّر ورجعية.

يجبُ أن نعترف بأنه ليس كلُّ ما يأتي من الدول الغربية شرًّا، بل هناك جوانب مفيدة، فيجب أن نختار ما يناسب مجتمعَنا الإسلاميَّ، فما وافق دينَنا أخذناه، وما خالف ديننا نبذناه.

الكثير مِن شبابنا قلَّدوا أهل الغرب في جوانب الشر، وتركوا جوانبَ الخير المفيدة، وقد ترتب على ذلك آثارٌ سيئة على الشباب وعلى المجتمع الذي يعيشون فيه.

إن التربية الإسلامية كفيلةٌ بتبصير شبابِنا بمساوئ الحضارة الغربية؛ حتى لا يغترُّوا بزخارفِها الخادعة، وفي الوقت نفسِه تحثُّهم على التمسُّك بأخلاق الإسلام التي تعصمهم من الانحراف الفكريِّ والانحطاط الأخلاقي.

ويجب أن يعلم الشباب أن الحضارةَ الإسلامية لها أثرٌ كبير في نهضة الدول الغربية، ومُؤلَّفات علماء المسلمين كانت تُدرَس في جامعات أوروبا حتى القرن الثامن عشر الميلادي، وقد اعترف علماء أوروبا بهذا الفضل للمسلمين؛ (مجلة الجامعة الإسلامية - عبدالرحمن علي - ص196).

تحذير الشباب من تقليد أهل الباطل:
أخي الشاب المسلم الكريم، احذر أن تُقلِّد أهل الباطل الذين يخالفون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم لن ينفعوك يوم القيامة، وسوف يتبرَّؤون من أعمالك.

قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].

نصيحة إلى الآباء الكرام:
يجب أن يعلم جميع الآباء والأمهات أن الشباب هم أساسُ المجتمع، فإن صلَح الشباب صلح المجتمع في جميع المجالات، وإن فسد الشباب، فسد المجتمع.

أيها الآباء الكرام، إني أخاطِبُ فيكم إيمانكم بالله تعالى، وحبَّكم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، اعلَموا أنكم مسؤولون عن هؤلاء الشباب الذين تحت رعايتكم، فاحرِصوا على تأديبِهم بآداب الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وتذكروا دائمًا قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون ﴾ [التحريم: 6].

وصية نبينا صلى الله عليه وسلم للآباء:
روى البخاري عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته؛ الإمامُ راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجلُ راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيَّتِها))؛ (البخاري - حديث 2558).

ختامًا:
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


الشيخ صلاح نجيب الدق

__________________

آخر تعديل بواسطة abomokhtar ، 31-12-2017 الساعة 07:09 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-01-2018, 11:17 PM
مستر عمر اليماني مستر عمر اليماني غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2018
المشاركات: 143
معدل تقييم المستوى: 0
مستر عمر اليماني is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-01-2018, 11:26 PM
سلمى على 2018 سلمى على 2018 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2018
المشاركات: 48
معدل تقييم المستوى: 0
سلمى على 2018 is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:41 PM.