اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-09-2017, 03:31 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي إهدار حجية الأحكام القضائية في مصر: أي مستقبل لدولة القانون؟

إهدار حجية الأحكام القضائية في مصر: أي مستقبل لدولة القانون؟



أحمد صالح

في حلقة جديدة من مسلسل إهدار حجية الأحكام القضائية في مصر، قامت قوة شرطية مُشكلة من مباحث شمال الجيزة برئاسة السيد المحافظ في 24/8/2017 بإزالة سوق البوهي النموذجي للخضر والفاكهة بالقوة الجبرية، وذلك تمهيداً لإنشاء محطة مترو جديدة ضمن مشروع الخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة. وقد حصل ذلك على الرغم من صدور حكم قضائي من محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار محافظ الجيزة بإزالة السوق، إلى أن يتم توفير أماكن بديلة للبائعين.[1] وبذلك، ينضم هذا الحكم إلى غيره من آلاف الأحكام القضائية الأخرى التي تحجم أجهزة الدولة المختلفة عن تنفيذها، في إخلال واضح بمبدأ استقلال القضاء واحترام أحكامه والذي بات ركناً جوهرياً في الدولة الديمقراطية. ويعتبر الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء أبلغ إهانة للسلطة القضائية، حيث نص الدستور المصري في المادة (94) على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة"، وأكد في المادة (100) على أن "تصدر الأحكام وتنفذ بإسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها .." مؤكداً بذلك أنه لا سبيل لتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات ومبادئ الحكم الرشيد سوى بتفعيل منظومة العدالة على الوجه الأمثل عن طريق تنفيذ الاحكام القضائية. ومن هذا المنطلق، نستعرض في هذا المقال إشكالية امتناع ومراوغة كلا من السلطتين التنفيذية والتشريعية عن تنفيذ أحكام القضاء. كما نُلقي بالضوء على كيفية تعامل المشرع المصري مع تلك الإشكالية، طارحين تساؤلا حول مدى قابلية النصوص القانونية الحالية في التصدي لهذا الامتناع.

تنفيذ الأحكام القضائية مرهون بهوى السلطة

واقعة امتناع السلطة التنفيذية عن تنفيذ حكم قضية البوهي السالف الإشارة اليه لم تكن هي الأولى من نوعها، ولكنها تُلقي الضوء مرة أخرى على إحدى أهم مشكلات منظومة العدالة في مصر، والتي تُعد كذلك من العقبات التي تعرقل إقامة دولة القانون. فامتناع السلطة التنفيذية عن تنفيذ الأحكام القضائية تُعد سياسة عامة تتبعها تلك السلطة بشكل ممنهج، وخاصة الأحكام التي تتعارض مع الخط السياسي أو الاقتصادي للنظام الحاكم، أو التي قد تمس مصالحه أو رموزه من السياسين والإعلاميين بشكل مباشر، في حين تهرع إلى تنفيذ القرارات والأحكام القضائية الصادرة في حق معارضيها.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر الحكم النهائي الصادر في 26/5/2015 من محكمة مدينة نصر للجنح المستأنفة بالحبس لمدة عام وغرامة 20 ألف جنيه في حق الإعلامي أحمد موسي أحد المقربين من دوائر الحكم في مصر، لإدانته بالسب والقذف ونشر أخبار كاذبة[2]. إلا أن هذا الحكم لم ينفذ حيث لم يتم القبض على الاعلامي المذكور، بل واصل عمله التلفزيوني بشكل طبيعي، ووصل الأمر حدّ سفره على متن الطائرة الرئاسية ضمن الوفد الإعلامي مع رئيس الجمهورية في إحدى زيارته الرسمية إلى ألمانيا.[3]

وفي واقعة أخرى مثيرة للجدل، أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما قضائيا في 15/4/2017 بحبس وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق 7 سنوات بتهمة الاستيلاء على المال العام.[4] ولكن هذا الحكم لم ينفذ، فلم يتم القبض على الوزير الأسبق، حتى كتابة هذه السطور، بدعوى أنه هارب وبالتالي لم يستطع جهاز الشرطة القبض عليه، وذلك على الرغم من صدور قرار سابق من المحكمة بوضعه تحت الإقامة الجبرية[5].

وإذا كانت هذه هي الحال مع الأحكام الجنائية والتي قد تتذرع الأجهزة الأمنية في كثير من الأحيان بصعوبة ضبط بعض المتهمين، نظراً لهروبهم أو اتخاذهم من الإجراءات القانونية[6] التي قد تعيق تنفيذ تلك الأحكام، فما هو وضع أحكام القضاء الإداري التي تصدر في مواجهة السلطة التنفيذية نفسها والتي تقع مسؤولية تنفيذها على عاتق أجهزة الدولة المختلفة؟ فمن خلال البحث في تلك الأحكام، نلاحظ إحجام الدولة المصرية عن تنفيذ عدد كبير من الأحكام التي صدرت في مواجهتها وبدون أي مبررات قانونية سليمة. نذكر، على سبيل المثال، الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الخاص بالسماح للعمال بإنشاء كياناتهم النقابية المستقلة بدون قيد أو شرط[7]. فحتى اللحظة، تتعنت أجهزة الدولة في تسجيل هذه الكيانات، بل وتحاربها وتنعتها بغير الشرعية بالإضافة إلى ملاحقة أعضائها، في تحدّ واضح للحكم الصادر. نشير أيضاً إلى الحكم الصادر بتمكين المحامين من الدخول إلى مقارات نيابة أمن الدولة العليا لمباشرة عملهم دون عوائق، وهو الحكم الذي تمتنع نيابة أمن الدولة العليا حتى الآن عن تنفيذه[8]. هذا بالإضافة إلى العديد من الأحكام الأخرى التي يتم تجاهلها بشكل فجّ، مثل حكم إلزام وزارة الداخلية بالكشف عن أماكن المختفين قسرياً[9]، وحكم إلزام وزارة التضامن الإجتماعي بصرف مساعدات اجتماعية للعاطلين عن العمل[10].

بينما في الوقت ذاته، وعلى النقيض تماماً تهرع الأجهزة الأمنية في تنفيذ أي قرارات قضائية متعلقة بضبط وإحضار المعارضين لسياسات النطام الحاكم أو تفتيش مساكنهم أو منعهم من السفر. وظهر هذا الأمر بوضوح حينما سارعت الشرطة في تنفيذ قرارات صادرة من النيابة العامة، وقامت بالقبض على أكثر من 430 مواطن[11] في فترة لا تتجاوز عشرة أيام[12] بتهم تتنوع ما بين التظاهر والتحريض عليه وتكدير السلم العام.

وبذلك يتضح بلا مواربة، موقف السلطة التنفيذية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية؛ فهو أمر مرهون فقط بهواها ومصالحها، بعيداً عن أي ضوابط قانونية، مما يعكس استعلاءها على السلطة القضائية، وتعديها على "الحق في تنفيذ الأحكام" الذي يُعد إحدى الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.[13]

السلطة التشريعية أيضاً ليست بريئة

لم يقتصر الأمر على امتناع السلطة التنفيذية وحدها عن تنفيذ الأحكام القضائية، بل امتدت تلك السياسة الممنهجة لتصبح سمة عامة داخل المؤسسات الحاكمة في مصر. فنلاحظ أن مجلس النواب المصري ضرب بعدد من الأحكام القضائية عرض الحائط. ولعل أبرزها الحكم الصادر من محكمة النقض في 27/6/2016 ببطلان عضوية النائب أحمد مرتضى منصور وأحقية الدكتور عمرو الشوبكي بمقعد دائرة "الدقي والعجوزة" في البرلمان الحالي[14]، وهو الحكم الذي لم يُنفذ حتى الآن على الرغم من صدوره من إحدى أعلى المحاكم المصرية. كما لا يمكن الإلتفات عن تعامل البرلمان الحالي مع حكم محكمة القضاء الإداري ببُطلان إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية والتي تضمنت التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح المملكة[15]، ذلك الحكم الذي تم تأييده من قبل المحكمة الإدارية العليا. فالبرلمان ناقش الاتفاقية ووافق عليها في تحدّ غير مسبوق لأحكام السلطة القضائية، بل وصل الأمر إلى تصريح رئيس البرلمان علي عبد العال بأن "أي حكم قضائي صدر هو والعدم سواء".[16] ويعكس هذا التصريح بصورة واضحة عُمق مشكلة السلطة القضائية في مصر، فالسلطات الأخرى لا تحترمها إلا اذا طاوعتهم وأصدرت ما على هواهم من أحكام. أما في ما عدا ذلك، فإن أحكامها غير مُعترف بها، وسيتم الالتفاف حولها بكل الطرق القانونية وغير القانونية إذا اقتضى الأمر. كل ذلك في اعتداء واضح على استقلال السلطة القضائية[17].

كيف يتعامل المشرع المصري مع إشكالية الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية ؟

بعد أن أوضحنا كيفية اعتداء كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية على أحكام القضاء، يجب علينا أن نطرح تساؤلا حول وجود نصوص دستورية أو قانونية يمكن بها محاربة هذا الاعتداء.

فنلاحظ أن الدستور المصري اعتبر في مادته رقم (100)[18] أن الامتناع أو تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية من جانب الموظفين العمومين جريمة يعاقب عليها القانون، وفي المادة (123) من قانون العقوبات المصري نجد أن عقوبة تلك الجريمة هي عزل الموظف العمومي وحبسه[19]. ولكن على الرغم من ذلك لم يتم محاسبة أي من المسؤولين الحاليين عن عدم تنفيذ مئات الأحكام القضائية، بينما يتم استخدام تلك المادة في مواجهة المسؤولين السابقين والمعارضين لسياسات النظام الحاكم الحالي. ونشير دلالة على ذلك إلى ما حدث مع هشام قنديل رئيس وزراء حكومة الإخوان المسلمين، حينما تم حبسه لمدة عام لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائي صادر من محكمة القضاء الإدارى يقضى بعودة شركة طنطا للكتان إلى الدولة مرة أخرى.[20]

ماذا لو كان الممتنع موظفا غير عمومي؟

اقتصر المشرع المصري في تناوله لإشكالية الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية على امتناع الموظفين العموميين فقط، ولم يتناول بأي شكل من الأشكال الإجراءات الواجب إتباعها في حالة إمتناع أحد الأشخاص – من غير الموظفين العموميين- عن تنفيذ أحكام القضاء، وما هي العقوبة المستحقة جراء إتيان مثل ذلك الفعل؟ وهو الأمر الذي يبدو للوهلة الأولى منطقيا، حيث أن القائم على التنفيذ هو موظف عمومي بالمبدأ، ولا يمكن تصور أن يكون القائم على تنفيذ حكم قضائي هو موظف غير عمومي. إلا اننا عند البحث، نجد أن بعض الأشخاص المخولين بتنفيذ عدد من الأحكام القضائية هم موظفون غير عموميين، ونذكر هنا رؤساء النقابات المهنية ورؤساء الأندية على سبيل المثال.

وكنتيجة لذلك، نجد أنفسنا أمام عدد من الاحكام القضائية التي صدرت في مواجهة مجالس النقابات المهنية المختلفة، ولم تنفذ دون أي سبيل لملاحقة النقيب أو مجلس النقابة الممتنع عن التنفيذ. فعلى سبيل المثال، نذكر الحكم بإلزام نقيب المحامين بقيد خريجي كليات الحقوق بنظام التعليم المفتوح بجداول المشتغلين بنقابة المحامين، أو الأحكام الصادرة بإلزام نقيب الصحفيين بقيد مئات الصحفيين المستقلين بالنقابة[21]. تلك الأحكام لم تُنقذ حتى الآن ولا سبيل لتنفيذها أو محاسبة المسؤولين عن عدم تنفيذها فقط لأنهم ليسوا موظفين عمومين. ويعكس هذا الأمر غياب الرؤية لدى المشرع المصري حينما تناول اشكالية الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية بشكل عام، مما يدفعنا إلى القول بضرورة التدخل لجبر هذا الفراغ التشريعي الخاص بمحاسبة - الموظفين غير العموميين - على الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية.

خلاصة

تجلت في الفترة الأخيرة انتقائية تنفيذ الأحكام القضائية من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية، بشكل يجعلنا ننظر إلى الأمر على أنه سياسة ممنهجة تتبعها أجهزة الدولة المصرية. ونذهب إلى القول أن هذه السياسة تهدف إلى الضغط على السلطة القضائية ومحاولة لتطويعها بكل الطرق، في سبيل القضاء على ما تبقى لها من استقلال وتاليا إلى تحويل القانون إلى مجرد أداة لخدمة مصالح السلطان فلا ينفذ منه إلا ما ينسجم مع هذه المصالح.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:26 PM.