اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-03-2013, 11:43 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي دلائل النبوة


دلائل النبوة
د. منقذ بن محمود السقار

إخباره صلى الله عليه وسلم بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه
إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار الفتن
إخباره صلى الله عليه وسلم بفتوح أمته للبلدان
إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة
المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم
تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم
شفاء المرضى بنفْثِه وريقه صلى الله عليه وسلم
استجابة الله دعاءه صلى الله عليه وسلم
حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم
دلالة القرآن الكريم على نبوته صلى الله عليه وسلم
شهادات الكتب السابقة وأتباعها بالنبي صلى الله عليه وسلم
دلالة أخلاقه وأحواله صلى الله عليه وسلم على نبوته

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-03-2013, 11:45 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تعظيم السنة وموقف السلف ممن عارضها أو استهزأ بشيء منها
عبدالقيوم بن محمد السحيباني

تقريظ
فضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي
المدرس بالمسجد النبوي وخطيب مسجد قباء والأستاذ بالجامعة الإسلامية

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا .. وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد:
فإنَّ الله أعلى للسنة مكانها، وأوجب على العباد حبَّها واتباعها، وقيَّض لها على مرِّ العصور والدهور رجالها وأنصارها، الذين تعلَّموها وعملوا بها ودعوا إليها، فكانوا أحقَّ بها وأهلها.
بذلوا لِمن والاها صادق محبتهم، ولمن عاداها جليَّ بُغضهم وظاهر عداوتهم، فهم أهل السُّنة شعارًا ودثارًا، وحماة عرينها ليلاً ونهارًا.
وهذه الرسالة المباركة جُملة من نصوص الكتاب والسُّنة، وشذا من عبير السلف الصالح لهذه الأمة.
فجزى الله الشيخ عبد القيوم بن محمد السحيباني خير الجزاء على هذه الحمية الدينية، والغيرة الصادقة السلفية.
وأسأل الله العظيم أن يجعل فيها فوق ما يُرجَى من الانتفاع، وأن يفتح لها القلوب والأسماع .. وصلِّي الله وسلِّم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.

كتبه
محمد بن محمد المختار بن محمد
الشنقيطي
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-03-2013, 11:49 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

المقدمة

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له .. وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ [آل عمران : 102].
وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[ [النساء : 1].
وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[ [الأحزاب : 70، 71].
إنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكلُّ محدثةٍ بدعة، وكلُّ بدعةٍ ضلالة، وكلُّ ضلالةٍ في النار.
وبعد:
فإنَّ الله أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليُبيِّن لهم ما نُزِّل إليهم، ويُخرِجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم، وأوجب عليهم طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره.
قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[ [النساء : 59].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين».
وقد أخذ بهذا الصحابة رضي الله عنهم ، وساروا عليه، فكانوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مُحبِّين طائعين، وكانت سُنته وقوله وهديه مُقدَّمةً عندهم على كلِّ شيء؛ فكلام النبي صلى الله عليه وسلم هو الأول لا يُقدَّم عليه كلام أحدٍ من البشر كائنًا من كان.
كانوا عن السُنة منافحين، ولها حامين، فإذا رأوا أحدًا يعارضها أو يستهزئ بشيءٍ منها – قصدًا أو بغير قصد – وبَّخُوه وقرَّعوه وزجروه، ثم هجروه، لا يكلمونه ولا يساكنونه، وقد يضربونه أو ي***ونه رِدَّةً أو تعزيرًا.
وبذلك حموا السُّنة عن كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
وكانوا بواجب النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائمين.
ثم جاء بعدهم التابعون فساروا على طريقهم وحذوا حذوهم.
حتى إذا بَعُدَ الزمان، وطال بالناس العهد، وضعف الإيمان، وكثر الخبث والنفاق، وقلَّ الورع؛ تجرَّأ كثيرٌ من الناس على القول والكلام، فقال كلٌّ بهواه، وتكلَّم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وفي هذا الزمان، زمان الفتن التي يرقِّق بعضها بعضًا، رأينا العجائب والعظائم، رأينا أمورًا لا يسع أحدًا السكوت عنها بحال.
فمن ذلك السخرية والاستهزاء بالسُّنة النبوية، ومعارضتها بالعقول والآراء والرغبات والعادات، كالسخرية والاستهزاء باللحية، ورفع الرجل ثوبه فوق الكعبين، وحجاب المرأة، والسواك، والصلاة إلى سترة، وغير ذلك.
فتسمع من يصف تلك الأعمال بأوصاف رديئة، أو يتهكَّم بمن التزم بها، فلم يجد هؤلاء ما يملئون به فراغهم إلاَّ الضحك والاستهزاء بمن عمل بالسُّنة وحافظ عليها، فيجعلونه محلاًّ لسخريتهم هازلين لاعبين، فيصدق في مثلهم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم؟

ويغفل كثيرٌ من الناس عن أمرٍ خطير، وهو أنَّ الاستهزاء بالدين كفر، سواء كان على سبيل اللعب والهزل والمزاح، أو على سبيل الجد، فهو كفرٌ مُخرِج من الملَّة.
قال ابن قدامة: من سبَّ الله تعالى كفر، سواء كان مازحًا أو جادًا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برسله، أو كتبه. ؟

لهذا قمت بكتابة هذا البحث مشاركةً في التحذير من هذه الظاهرة السيئة، والتنبيه على خطرها، وبيان موقف المسلم من أصحابها، ذاكرًا بعض الآيات والأحاديث والآثار في أهمية السُّنة وتعظيمها، وتعجيل عقوبة من عارضها أو استهزأ بشيءٍ منها، وموقف سلف الأمَّة منه.
وسأقتصر على سرد النصوص وبعض تعليقات الأئمَّة، وهي كافية إن شاء الله في توضيح الحقِّ وبيان الهدى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، وإن علَّقت بشيءٍ بعد ذلك فهو يسير بالنسبة لِما ذكرته من النصوص .. والله أسأل أن ينفعني به ومن بلغ.
وتوضيحًا للمراد من السُّنة أقول:
ليس المراد بالسُّنة هنا المرادف للمندوب والمستحب، المقابل للمكروه فحسب.
وليس المراد كذلك المقابل للقرآن، كما يقولون: «الدليل من الكتاب كذا ومن السُّنة كذا».
ولكن المراد بالسُّنة هنا: الطريق والهدي، أي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته.
فهو عام يشمل الواجب والمستحب، ويشمل العقائد والعبادات والمعاملات والسلوك.
قال علماء السلف: «السُّنة» هي العمل بالكتاب والسُّنة، والاقتداء بصالح السلف، واتِّباع الأثر؟

وقال أبو القاسم الأصبهاني:
قال أهل اللغة: «السُّنة» السيرة والطريقة، قولهم «فلان على السُّنة»، و«من أهل السُّنة»، أي هو موافق للتنـزيل والأثر في الفعل والقول، ولأنَّ السُّنة لا تكون مع مخالفة الله ومخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟.
قال ابن رجب:
و«السُّنة» هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه صلَّى الله عليه وسلَّم هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السُّنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلقون اسم السُّنة إلا على ما يشمل ذلك كلَّه.
ورُوي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض.

__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-03-2013, 11:53 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تعظيم السُّنة

قال الله جل وعلا: ]وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ[ [الأحزاب : 36].
]مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ[ [النساء : 80].
]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[ [الأحزاب : 21].
]وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ[ [النور : 54].
]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور : 63].
]أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ[ [التوبة : 63].
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ[ [الحجرات : 2].
قال ابن القيم تعليقًا على هذه الآية: فحذَّر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض.
وليس هذا برِدَّة، بل معصية تحبط العمل، وصاحبها لا يشعر بها فما الظن بمن قدَّم على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وطريقه قول غيره وهديه وطريقه؟!
أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر؟ .
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودِّع، فأوصنا.
قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : «لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به، إلا عملت به، وإني لأخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ».
علَّق ابن بطة على هذا بقوله: هذا يا أخواني الصدِّيق الأكبر يتخوَّف على نفسه من الزيغ إن هو خالف شيئًا من أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فماذا عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزئون بنبيهم وبأوامره، ويتباهون بمخالفته ويسخرون بسنته؟!.. نسأل الله عصمة من الزلل، ونجاة من سوء العمل.
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : «لا رأي لأحد مع سُنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم ».

وعن أبي قلابة قال: إذا حدَّثت الرجل بالسُّنة فقال «دعنا من هذا وهات كتاب الله» فاعلم أنه ضال.
علَّق الذهبي على هذا بقوله:
وإذا رأيت المتكلِّم المبتدع يقول «دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد وهات العقل» فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول «دعنا من النقل ومن العقل وهات الذوق والوجد» فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر أو قد حلَّ فيه، فإن جبنت منه فاهرب، وإلاَّ فاصرعه، وابرك على صدره، واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه.

قال الشافعي:
أخبرني أبو حنيفة بن سمَّاك بن الفضل الشهابي قال: حدَّثني ابن أبي ذئب عن المقري عن أبي شريح الكعبي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: «من قُتل له قتيل فهو بخير النظرين؛ إن أحبَّ أخذ العقل، وإن أحب فله قود».
قال أبو حنيفة:
فقلت لابن أبي ذئب: أتأخذ بهذا يا أبا الحارث؟ فضرب صدري، وصاح علي صياحًا كثيرًا ونال مني وقال: أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: تأخذ به؟!.. نعم، آخذ به، وذلك الفرض عليّ وعلى من سمعه، إنَّ الله اختار محمدًا من الناس فهداهم به وعلى يديه، واختار لهم ما اختار له وعلى لسانه، فعلى الخلق أن يتَّبعوه طائعين أو داخرين، لا مخرج لمسلم من ذلك.
قال: وما سكتَ حتى تمنيتُ أن يسكت .
قال الشافعي:
أجمع المسلمون على أنَّ من استبان له سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحلّ له أن يدعها لقول أحد
قال الحميدي:
رَوى الشافعي يومًا حديثًا فقلت: أتأخذ به؟
فقال: رأيتني خرجت من كنيسة أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله حديثًا لا أقول به؟!
وسُئل الشافعي عن مسألة فقال: رُويَ فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال السائل: يا أبا عبد الله، تقول به؟
فارتعد الشافعي وانتفض وقال: يا هذا، أيُّ أرضٍ تقلُّني، وأيُّ سماءٍ تظلُّني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم أقل به؟ نعم، عليّ السمع والبصر.
قال أحمد بن حنبل: من رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة.
قال البربهاري: وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار أو يريد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع.

وقال أبو القاسم الأصبهاني:
قال أهل السُّنة من السلف: إذا طعن الرجل على الآثار، ينبغي أن يُتهم على الإسلام.
قال محمد بن يحيى الذهلي:
سمعت يحيى بن يحيى – يعني أبا زكريا التميمي النيسابوري – يقول: الذّبُّ عن السُّنة أفضل من الجهاد في سبيل الله.
قال محمد: قلت ليحيى: الرجل يُنفق ماله، ويتعب نفسه ويجاهد، فهذا أفضل منه؟! قال: نعم، بكثير.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: المتَّبِع لِلسُّنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله.
قال الحميدي: والله لأن أغزو هؤلاء الذين يردُّون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ من أغزو عدَّتهم من الأتراك.
قال مالك بن أنس: السُّنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق.

__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-03-2013, 11:55 AM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,998
معدل تقييم المستوى: 38
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي



جزاكم الله خيرا


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-03-2013, 11:57 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تعجيل عقوبة من لم يُعظِّم السُّنة

عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنَّ رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: «كل بيمينك»، قال: لا أستطيع. قال: «لا استطعت؟ ما منعه إلاَّ الكبر» قال: ما رفعها إلى فيه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُشرب من فِيّ السقاء.
قال أيوب: فأُنبِئت أنَّ رجلاً شرب من فِيّ السقاء فخرجت حيَّة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يتبختر في بردين خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة».
فقال له فتى: يا أبا هريرة، أهكذا كان يمشي ذلك الفتى الذي خُسف به؟ ثم ضرب بيده فعثر عثرة كاد يتكسَّر منها.
عن عبد الرحمن بن حرملة قال:
جاء رجل إلى سعيد بن المسيب يودِّعه بحجٍّ أو عمرة، فقال له: لا تبرح حتى تصلِّي؛ فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخرج بعد النداء من المسجد إلا منافق، إلا رجل أخرجته حاجة وهو يُريد الرجعة إلى المسجد».
فقال: إنَّ أصحابي بالحرَّة. فخرج، فلم يزل سعيد يذكره، حتى أُخبِر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه.
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل التيمي في شرحه لصحيح مسلم:
قرأت في بعض الحكايات أنَّ بعض المبتدعة حين سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده».
قال ذلك المبتدع على سبيل التهكم: أنا أدري أين باتت يدي، باتت في الفراش!
فأصبح وقد أدخل يده في دُبره إلى ذراعه..!
قال التيمي:
فليتَّق المرء الاستخفاف بالسُنن ومواضع التوقيف، فانظر كيف وصل إليه شؤم فعله.

وعن أبي يحيى الساجي قال:
كنا نمشي في أزقَّة البصرة إلى باب بعض المحدثين، فأسرعنا المشي ومعنا رجلٌ ماجنٌ مُتَّهمٌ في دينه، فقال مستهزِئًا: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها.
فلم يزل من موضعه حتى جفَّت رجلاه وسقط.
قال النووي:
قال الحافظ عبد الحافظ: إسناد هذه الحكاية كالوجد أو كرأي العين، لأنَّ رواتها أعلام أئمَّة.
وقال القاضي أبو الطيب:
كنا في مجلسٍ بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المصراة، فطالب بالدليل، حتى استدلَّ بحديث أبي هريرة الوارد فيها، فقال (وكان حنفيًا): أبو هريرة غير مقبول الحديث.
فما استتمَّ كلامه حتى سقطت عليه حيَّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب منها، وهي تتبعه، فقيل له: تب، تب.
فقال: تبت، فغابت الحية، فلم يُرَ لها أثر..!
قال الذهبي: إسنادها أئمة .
وقال قطب الدين اليونيني:
بلغنا أنَّ رجلاً يُدعى «أبا سلامة» من ناحية بصري كان فيه مجون واستهتار، فذُكِر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال: والله لا أستاك إلاَّ في المخرج – يعني دبره - فأخذ سواكًا فوضعه في مخرجه ثم أخرجه .. فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو من ألم في البطن والمخرج..!
فوضع ولدًا على صفة الجرذان له أربعة قوائم ورأسه كرأس السمكة، وله دُبر كدُبر الأرنب، ولَمَّا وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات، فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأسه فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين، ومات في الثالث، وكان يقول: هذا الحيوان ***ني، وقطَّع أمعائي.
وقد شاهد ذلك جماعة من أهل تلك الناحية وخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيًّا، ومنهم من رآه بعد موته

__________________
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-03-2013, 12:03 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

موقف سلف الأمة مِمَّن عارض السُّـنة

عن أبي قتادة قال:
كنا عند عمران بن حصين في رهطٍ منا، وفينا بشير بن كعب، فحدثنا عمران يومئذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الحياء خيرٌ كلُّه» أو قال: «الحياء كلُّه خير»، فقال بشير بن كعب: إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة: أنَّ منه سكينة ووقارًا لله، وفيه ضعف.
فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال: ألا أراني أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتُعارض فيه؟
وعن أبي المخارق قال:
ذكر عبادة بن الصامت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن درهمين بدرهم، فقال فلان: ما أرى بهذا بأسًا، يدًا بيد.
فقال عبادة: أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقول: لا أرى به بأسًا؟.. والله لا يظلُّني وإياك سقف أبدًا.
وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخذف وقال: «إنها لا تصطاد صيدًا، ولا تنكأ عدوًا، ولكنها تفقًأ العين، وتكسر السن» .. فقال رجل لعبد الله بن مغفل: وما بأس هذا؟ فقال: إني أحدِّثك عن رسول الله، وتقول هذا؟ والله لا أكلمك أبدًا.
قال النووي:
فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السُّنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائمًا، أمَّا النهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام فإنما هو فيمن هُجِر لِحَظِّ نفسه ومعايش الدنيا، وأمَّا أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائمًا .. وهذا الحديث مِمَّا يُؤيِّده مع نظائره له، كحديث كعب بن مالك وغيره.
وقال ابن حجر:
وفي الحديث جواز هجران من خالف السُّنة وترك كلامه، ولا يدخل ذلك في النهي عن الهجر فوق ثلاث؛ فإنه يتعلَّق بِمَن هُجِر لِحَظِّ نفسه.

وعن قتادة قال:
حدَّث ابن سيرين رجلاً بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: قال فلان كذا وكذا، فقال ابن سيرين: أحدِّثك عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: قال فلان كذا وكذا؟!.. لا أكلمك أبدًا.
وعن سالم بن عبد الله أنَّ عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها»، فقال بلال بن عبد الله: والله لنمنعهنّ.
فأقبل عليه عبد الله فسبَّه سبًّا سيئًا ما سمعته سبَّه مثله قط، وقال: أُخبِرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن؟.
قال النووي: فيه تعزير المعترض على السُّنة والمعارض لها برأيه.
قال ابن حجر: أُخِذ من إنكار عبد الله على ولده تأديب المعترِض على السُّنن برأيه، وجواز التأديب بالهجران، فقد وقع في رواية أبي نجيح عن مجاهد عند أحمد «فما كلَّمه عبد الله حتى مات، وهذا – إن كان محفوظًا – يُحتمل أن يكون أحدهما مات عقب هذه القصة بيسير.
وعن عطاء بن يسار أنَّ رجلاً باع كسرة من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يُنهى عن مثل هذا إلاَّ مثلاً بمثل، فقال الرجل: ما أرى بمثل هذا بأسًا.
فقال أبو الدرداء: من يعذرني من فلان؟ أحدِّثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه!.. لا أساكنك بأرض أنت بها .
وعن الأعرج قال:
سمعت أبا سعيد الخدري يقول لرجل: أتسمعني أحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تبيعوا الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا منها عاجلاً بآجل» ثم أنت تفتي بما تفتي، والله لا يؤويني وإياك ما عشت إلا المسجد.
وقال أبو السائب:
كنا عند وكيع، فقال لرجل عنده مِمَّن ينظر في الرأي: أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول أبو حنيفة «هو مُثلة».
قال الرجل: فإنه قد رُوي عن إبراهيم النخعي أنه قال: «الإشعار مُثلة»، قال: فرأيت وكيعًا غضب غضبًا شديدًا وقال: أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: قال إبراهيم؟!.. ما أحقّك بأن تُحبس ثم لا تخرج حتى تنـزع عن قولك هذا.
وعن خُرَّزَاذ العابد قال:
حديث أبو معاوية الضرير عند هارون الرشيد، بحديث «احتجَّ آدم وموسى».
فقال: رجل شريف من وجوه قريش فأين لقيه؟.. فغضب هارون الرشيد وقال: النطع والسيف، زنديق يطعن في الحديث .. فما زال أبو معاوية يُسكنه ويقول: بادرة يا أمير المؤمنين ولم يفهم، حتى سكن .
وقال عاصم: مرَّ رجل على زرِّ بن حبيش وهو يؤذِّن فقال: يا أبا مريم، قد كنت أكرمك عن ذا، فقال: إذن لا أُكلِّمك كلمة حتى تلحق بالله.
قال الحاكم: سمعته – يعني أبا بكر الصبغي – وهو يخاطب فقيهًا، فقال: حدِّثونا عن سليمان بن حرب، فقال له: دعنا مَن حدَّثنا إلى متى حدَّثنا وأخبرنا؟
فقال: يا هذا، لست أشمُّ من كلامك رائحة الإيمان، ولا يحلُّ لك أن تدخل داري .. ثم هجره حتى مات.

قال الواقدي:
حدَّثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: قال مروان بن الحكم، وهو على المدينة وعنده ابن يامين النضري: كيف كان *** ابن الأشرف؟ قال ابن يامين: كان غدرًا.
وكان محمد ابن مسلمة جالس، شيخ كبير، فقال: يا مروان، أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندك؟.. والله ما ***ناه إلاَّ بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. والله لا يؤويني وإيَّاك سقف بيت إلا المسجد، وأما أنت يا بن يامين فلله عليّ إن أفلتّ وقدرتُ عليك وفي يدي سيف إلا ضربت به رأسك.
وقال أبو عبد الله المؤذن:
كنت مع ابن أبي شريح في طريق غور، فأتاه إنسان في بعض تلك الجبال فقال له: إنَّ امرأتي ولدت لستة أشهر..
فقال: هو ولدك، قال رسول الله «الولد للفراش»، فعاوده، فردَّ عليه كذلك.
فقال الرجل: أنا لا أقول بهذا. فقال: إنَّ هذا الغزو، وسلَّ عليه السيف، فأكببنا عليه، وقلنا: جاهل، لا يدري ما يقول.
وقال أبو الحسين الطبسي:
سمعت أبا سعيد الأصطخري يقول: ...وجاءه رجل وقال له: أيجوز الاستنجاء بالعظم؟ قال: لا. قال: لِمَ؟ قال: لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هو زاد إخوانكم من الجن».. فقال له: الإنس أفضل أم الجن؟
قال: بل الإنس. قال: فلِمَ يجوز الاستنجاء بالماء وهو زاد الإنس؟
قال: فنـزا عليه وأخذ بحلقه وهو يقول: يا زنديق، تُعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.. وجعل يخنقه، فلولا أني أدركته ل***ه، أو كما قال.
قال ابن القيم:
هل كان في الصحابة من إذا سمع نصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضه بقياسه أو ذوقه أو وجده أو عقله أو سياسته؟.. وهل كان قط أحدٌ منهم يقدم على نصِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلاً أو قياسًا أو ذوقًا أو سياسة أو تقليد مقلِّد؟. فلقد أكرم الله أعينهم وصانها أن تنظر إلى وجه من هذا حاله أو يكون في زمانهم.
ولقد حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على من قدَّم حُكمه على نصِّ الرسول بالسيف، وقال: هذا حُكمي فيه..
فيا الله!
كيف لو رأى ما رأينا؟ وشاهد ما بُلينا به من تقديم رأي كلِّ فلان وفلان على قول المعصوم صلى الله عليه وسلم ، ومعاداة من اطَّرح آراءهم وقدَّم عليها قول المعصوم؟
فالله المستعان .. وهو الموعد .. وإليه المرجع.

__________________
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-03-2013, 12:06 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الخَاتَمَـة

هذه نصوص الكتاب والسُّنة جليَّة في تعظيم السُّنة.
وهذا موقف السلف (الصحابة والتابعين) مِمَّن عارضها، ترى فيه القوَّة والحزم والشدَّة على من بدر منه شيءٌ فيه معارضة السُّنة.
قال ابن القيم:
وقد كان السلف الطيب يشتدُّ نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيٍ أو قياسٍ أو استحسانٍ أو قول أحدٍ من الناس كائنًا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يُضرب له الأمثال، ولا يسوغون غير الانقياد له والتسليم والتلقِّي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله.
فقارن أيها المسلم بين موقف السلف مِمَّن عارض السُّنة وموقف أهل هذا العصر مِمَّن استهزأ بالسُّنة.
وقبل ذلك انظر قول أولئك، ثم انظر قول أهل هذا العصر.
أمَّا أولئك فقد رأيت، وأما هؤلاء فخُذ أمثلة على استهزائهم:
1- ردَّ بعضهم حديثًا فقيل له: إنه في صحيح مسلم، فقال: ضعه تحت قدمك!
2- ويقول أحدهم بكلِّ وقاحة تعليقًا على حديث «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم...»: أنا آخذ بقول الطبيب الكافر ولا آخذ بقول الرسول!
3- وقال آخر: إذا عارض الحديث العقل فردّه. فقيل له: وإن كان في صحيح البخاري؟.. قال: وإن كان في صحيح البخاري، ولا كرامة!
هكذا يستهزئ هؤلاء بالسُّنة ويسخرون!
فما موقف أهل زماننا منهم وكيف يعاملونهم؟
بالهجر والزجر والمقاطعة؟.. لا.
بل أكثر يُمجِّدونهم ويُعظِّمونهم، اتباعًا للهوى وتحكيمًا للرأي ]وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ[ [القصص : 50].
قد اغترُّوا بكثرة أعمالهم وشهرتهم عند الناس، ونسوا أنَّ من شرط قبول الأعمال الإيمان ]وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ[ [طه : 112].
والاستهزاء بالسُّنة ناقض للإيمان، وهذا ناتج عن عدم اتباع الكتاب والسُّنة، ]إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى[ [النجم : 23].
]أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ[ [الجاثية : 23].
وفي الحديث: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيُحرِّمون الحلال ويُحلِّلون الحرام».
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي فضلُّوا وأضلُّوا».
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «لو كان الدِّين بالرأي لكان أسفل الخفِّ أولى بالمسح من أعلاه».
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : «إنكم ستجدون أقوامًا يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدُّع، وإياكم والتنطُّع، وإياكم والتعمُّق، وعليكم بالعتيق».
قال ابن بطة: فاعتبروا يا أولي الأبصار، فشتَّان بين هؤلاء العقلاء السادة الأبرار الأخيار الذين مُلئت قلوبهم بالغيرة على إيمانهم والشحُّ على أديانهم، وبين زمانٍ أصبحنا فيه وناس نحن منهم وبين ظهرانيهم..
هذا عبد الله بن مغفل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد من سادتهم يقطع رحمه ويهجر حميمه حين عارضه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحلف أيضًا على قطيعته وهجرانه، وهو يعلم ما في صلة الأقربين وقطيعة الأهلين.
وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء – سَمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم «حكيم هذه الأمة» – وأبو سعيد الخدري؛ يظعنون عن أوطانهم، وينتقلون عن بلدانهم، ويظهرون الهجرة لإخوانهم، لأجل مَن عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوقَّف عن استماع سُنته..!
فيا ليت شعري كيف حالنا عند الله عزَّ وجل ونحن نلقَى أهل الزيغ في صباح مساء يستهزئون بآيات الله ويعاندون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حائدين عنها وملحدين فيها؟!
سلمنا الله وإياكم من الزيغ والزلل.
وإذا كان بعض المنتسبين إلى أهل السُّنة والجماعة لا يتورَّع عن تمجيد الساخرين بالسُّنة وتعظيمهم، فإنَّ من المنتسبين كذلك مَن وقع في شيء من السخرية والاستهزاء بالسُّنة، وذلك فيما يُسمى بـ«السُنن الجبلية» كإطالة الشعر، فإذا رأى شابًا يحرص على ذلك ويُطبِّقه لمزه وغمزه وتهكَّم به، ولا يدري المسكين أنه يسخر من شيءٍ فعله النبي صلى الله عليه وسلم !
وإذا كان هذا البائس لا يرى مشروعية الاقتداء بالسُنن الجبلية – كما هو رأي بعض أئمَّة العلم– فليعلم أنَّ هذا لا يبيح له الاستهزاء بمن يرى ذلك ويفعله، وإن كان قصده التوجيه والإرشاد فباب النقاش العلمي مفتوح.
وأخطر من هؤلاء من يسخر بالأفعال التعبُّدية التي جاء الأمر فيها صريحًا كتقصير الثياب إلى نصف الساق، وكالصلاة إلى السترة، وغير ذلك.
وإني لأعجب من هؤلاء الذين تضيق صدورهم عندما يرَون من يجتهد في تطبيق السُّنة، حتى وإن كانت جبلية، فإنّ من يعمل بها لَم يرتكب مُحرَّمًا ولا مكروهًا، فهو على أقلِّ الأحوال لم يخرج عن المباح.
فلماذا تضيق صدورهم عند رؤية هؤلاء ما لا تضيق عند رؤية أهل البدع والمعاصي؟ !
أيريدون أن يكونوا كالذين ي***ون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان؟!
فالله المستعان.

__________________
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-03-2013, 12:08 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أيها الأخوة:
إنَّ الاستهزاء بالسُّنة والسخرية بها نذير شرّ، وأيّ شر.
قال عبد الله بن الديلمي: بلغني أنَّ أول ذهاب الدين ترك السُّنة.
يذهب الدين سُنةً سنة، كما يذهب الحبل قوَّةً قوة .
فعودة أيها الناس إلى الكتاب والسُّنة على فهم سلف الأمة.
فَكُلُّ خيْرٍ فِي اتِّبَاعِ مَنْ سَلَف --- وَكُلُّ شَرٍّ فِي ابْتِدَاعِ مَن مُخْلِفِ

قال أبو حفص عمرو بن سلمة النيسابوري الحداد: من لم يزن أفعاله وأحواله في كلِّ وقتٍ بالكتاب والسُّنة، ولم يتهم خواطره، فلا تعدّه في ديوان الرجال.
وقال محمد بن عبد الوهاب في رسالته «نواقض الإسلام»:
ومن أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر، ومن استهزأ بشيءٍ من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثواب الله أو عقابه كفر.
والدليل قوله تعالى: ]قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[ [التوبة : 65، 66].
ويقول سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب:
أجمع العلماء على كفر من فعل شيئًا من ذلك، فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر ولو هازلاً لم يقصد حقيقة الاستهزاء – إجماعًا.

__________________
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-03-2013, 12:09 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أيها المسلمون:
إنَّ الأمر خطير جدّ خطير.
فإنكم لو قارنتم بين ما قاله ذلك الرجل في غزوة تبوك والذي بسببه نزلت هذه الآية وبين ما يقول بعض المنتسبين للدعوة اليوم – لوجدتم أنَّ قول هؤلاء أعظم وأشد من قول أولئك، فالله المستعان.
قال ابن بطة: فالله الله إخواني، احذروا مجالسة من قدر أصابته الفتنة فزاغ قلبه، وعشيت بصيرته، واستحكمت للباطل نصرته؛ فهو يخبط في عشواء، ويعشو في ظلمة. أن يصيبكم ما أصابهم.
فافزعوا إلى مولاكم الكريم فيما أمركم به من دعوته، وحضَّكم عليه من مسألته فقولوا:
]رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ[ [آل عمران : 8].
كتبه الفقير إلى الله تعالى
عبد القيوم بن محمد بن ناصر السحيباني
وكان الفراغ منه ليلة الثلاثاء
الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة 1413هـ
بالمدينة النبوية
ثم روجع – في طبعته الثانية – فزيد فيه، وحذف منه وكان الفراغ من ذلك بعد ظهر الخميس الثامن من شهر جمادى الأولى سنة 1420هـ
بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم

__________________
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 02-03-2013, 12:16 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها



الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله


الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد المرسل رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، وعلى آله وأصحابه الذين حملوا كتاب ربهم سبحانه، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى من بعدهم، بغاية الأمانة والإتقان، والحفظ التام للمعاني والألفاظ رضي الله عنهم وأرضاهم وجعلنا من أتباعهم بإحسان.
أما بعد: فقد أجمع العلماء قديماً وحديثاً على أن الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ثم إجماع علماء الأمة.

واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها القياس، وجمهور أهل العلم على أنه حجة إذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر:
أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز، وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به، والوقوف عند حدوده، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[1]، قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[2]، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[3]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[4] وقال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[5] . وقال تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِه}[6] والآيات في هذا المعنى كثيرة. وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به، دالة على أن من تمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلال، ومن ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته في حجة الوداع: ((إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله)) رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به)) فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: ((وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي)) وفي لفظ قال: في القرآن: ((هو حبل الله من تسمك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال)).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه، مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.
أما الأصل الثاني من الأصول الثلاثة المجمع عليها: فهو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، يؤمنون بهذا الأصل الأصيل، ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة، وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة، فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته، وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته، حتى تقوم الساعة، ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله، والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره، ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة، والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات، وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.
ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[7]، وقوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[8]، وقال تعالى في سورة النساء أيضا: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[9]، وكيف تمكن طاعته ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله، إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت كلها غير محفوظة، وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له، وهذا من أبطل الباطل، ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به، وقال عز وجل في سورة النحل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[10]، وقال فيها أيضا: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لهم الذي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[11]، فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم تبيين المنزل إليهم، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[12]، وقال تعالى في السورة نفسها: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[13].
وقال في سورة الأعراف: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[14] وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته، أو القول بأنه لا صحة لها، أو لا يعتمد عليها، وقال عز وجل في سورة النور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْم}[15]، وقال في سورة الحشر: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[16] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام، واتباع ما جاء به، كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتاب الله، والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه، وهما أصلان متلازمان، من جحد واحداً منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال، وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب طاعته، واتباع ما جاء به، وتحريم معصيته، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله))، وفي صحيح البخاري عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل يا رسول الله ومن يأبى؟ قال ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))، وخرج أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه))
وخرج أبو داود وابن ماجة بسند صحيح: عن ابن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)). وعن الحسن بن جابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه يقول: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أشياء ثم قال ((يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله)) أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح. وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته، أن يبلغ شاهدهم غائبهم، ويقول لهم: ((رب مبلغ أوعى من سامع))، ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه)) فلولا أن سنته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إلى يوم القيامة، لم يأمرهم بتبليغها، فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه عليه الصلاة والسلام وعلى من نقلت إليه بالأسانيد الصحيحة.
وقد حفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية، وبلغوها من بعدهم من التابعين، ثم بلغها التابعون من بعدهم، وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن، وجمعوها في كتبهم، وأوضحوا صحيحها من سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قوانين وضوابط معلومة بينهم، يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها، وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصحيحين وغيرهما، وحفظوها حفظاً تاماً، كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين، وإلحاد الملحدين، وتحريف المبطلين، تحقيقاً لما دل عليه قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[17]، ولا شك أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي منزل، فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيض الله لها علماء نقادا، ينفون عنها تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأن الله سبحانه جعلها تفسيرا لكتابه الكريم، وبيانا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى، لم ينص عليها الكتاب العزيز، كتفصيل أحكام الرضاع، وبعض أحكام المواريث، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.
__________________
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 02-03-2013, 12:21 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ذكر بعض ما ورد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها..
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد من العرب، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها))؟ فقال أبو بكر الصديق: (أليست الزكاة من حقها؟ والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها) فقال عمر رضي الله عنه: فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق وقد تابعه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فقاتلوا أهل الردة حتى ردوهم إلى الإسلام، و***وا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنة، ووجوب العمل بها.
وجاءت الجدة إلى الصديق رضي الله عنه تسأله عن ميراثها، فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء، ولا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لك بشيء، وسأسأل الناس. ثم سأل رضي الله عنه الصحابة: فشهد عنده بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس، فقضى لها بذلك، وكان عمر رضي الله عنه يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله، فإن لم يجدوا القضية في كتاب الله، فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أشكل عليه حكم إملاص المرأة، وهو إسقاطها جنيناً ميتاً، بسبب تعدي أحد عليها، سأل الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك، فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة. فقضى بذلك رضي الله عنه.
ولما أشكل على عثمان رضي الله عنه حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها، وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بعد وفاة زوجها: أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله. قضى بذلك رضي الله عنه، وهكذا قضى بالسنة في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.
ولما بلغ علياً رضي الله عنه أن عثمان رضي الله عنه ينهى عن متعة الحج أهلَّ علي رضي الله عنه بالحج والعمرة جميعاً، وقال: (لا أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس).
ولما احتج بعض الناس على ابن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج، بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تحبيذ إفراد الحج، قال ابن عباس : (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟)، فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفهما لقول من دونهما، أو لمجرد رأيه واجتهاده!.
ولما نازع بعض الناس عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في بعض السنة، قال له عبد الله : (هل نحن مأمورون باتباع عمر أو باتباع السنة؟) ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله. وهو يحدثهم عن السنة، غضب رضي الله عنه وقال: (إن السنة هي تفسير كتاب الله)، ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك، مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام، والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً. ومن ذلك أيضا أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما حدث بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) قال بعض أبنائه: والله لنمنعهن. فغضب عليه عبد الله وسبه سباً شديداً، وقال: (أقول قال رسول الله وتقول: والله لنمنعهن؟).
ولما رأى عبد الله بن المغفل المزني رضي الله عنه، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أقاربه يخذف، نهاه عن ذلك وقال له: (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف)، وقال: ((إنه لا يصيد صيداً ولا ينكأ عدواً، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين)). ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال: (والله لا كلمتك أبدا، أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخذف ثم تعود).
وأخرج البيهقي عن أيوب السختياني التابعي الجليل، أنه قال: (إذا حدثت الرجل بسنة فقال: دعنا من هذا وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال). وقال الأوزاعي رحمه الله: (السنة قاضية على الكتاب)، أي تقيد ما أطلقه، أو بأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[18].
وسبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)) وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي رحمه الله أنه قال لبعض الناس: (إنما هلكتم في حين تركتم الآثار) يعني بذلك الأحاديث الصحيحة.
وأخرج البيهقي أيضًا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: (إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغاً عن الله تعالى)، وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله، العلم بالآثار)، وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين).
وقال الشافعي رحمه الله: (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب). وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولاً وجاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه، فاضربوا بقولي الحائط).
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي، وخذ من حيث أخذنا) وقال أيضا رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي سفيان، والله سبحانه يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[19] ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك).
وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[20] قال: (الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة).
وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة) وقال موفق الدين ابن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام، ما نصه: (والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة، لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله بطاعته، وتحذيره من مخالفة أمره) انتهى المقصود. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[21] أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته، وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي: فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا، {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدنيا ب*** أو حد أو حبس أو نحو ذلك.

كما روى الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني وتقتحمون فيها)) أخرجاه من حديث عبد الرزاق.
وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة: (مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة) ما نصه: (اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة) انتهى المقصود. والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً، وأرجو أن يكون في ما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه، والسلامة من أسباب غضبه، وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم إنه سميع قريب.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
---------------------------------------------
[1] الأعراف الآية 3.
[2] الأنعام الآية 155.
[3] المائدة الآيتان 15-16.
[4] فصلت الآيتان 41-42.
[5] الأنعام الآية 19.
[6] إبراهيم الآية 52.
[7] آل عمران الآية 132.
[8] النساء الآية 59.
[9] النساء الآية 80.
[10] النحل الآية 44.
[11] النحل الآية 64.
[12] النور الآية 54.
[13] النور الآية 56.
[14] الأعراف الآية 158.
[15] النور الآية 63.
[16] الحشر الآية 7.
[17] الحجر الآية 9.
[18] النحل الآية 44.
[19] النور الآية 63.
[20] النساء الآية 59.
[21] النور الآية 63.


__________________
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02-03-2013, 12:27 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الثورةُ عَلى السنةِ النبوية



د. علي بن عبد الله الصيّاح


إنَّ مِنْ أسبغ نعم الله على هذه الأمة حفظ دينها بحفظ كتابه العزيز، وسنة نبيه الكريم، قال تعالى : { إِنّا نَحْنُ نَزّلنا الذِّكرَ وإِنّا لهُ لحافظون } وهذا الوعد والضمان بحفظ الذكر يشمل حفظ القرآن ، وحفظ السنة النبوية - التي هي المفسرة للقرآن وهي الحكمة المنزلة كما قال تعالى { وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } -وقد ظهر مصداقُ ذلك مع طول المُدّة، وامتدادِ الأيام، وتوالي الشهور، وتعاقبِ السنين، وانتشارِ أهل الإسلامِ، واتساعِ رُقعتهِ، فقيض الله للقرآن من يحفظه ويحافظ عليه.
وأما السُّنَّةُ فإنَّ الله تعالى وَفَّق لها حُفَّاظاً عارفين، وجهابذةً عالمين، وصيارفةً ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المُبْطلين، وتأويل الجاهلين ، فتفرغوا لها، وأفنوا أعمارهم في تحصيلها، وبيانها والاستنباط منها، وتمييزِ ضعيفها من صحيحها، فجزاهم اللهُ عن الإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجزاءِ وأوفرَهَ.
هذا وفهم السنة النبوية وبيانُ حِكَمها وأحكامها له أصول وقواعد يُنطلق منها وفق منهج علميّ رصين ، فمن لم يراع هذه القواعد العلمية والأسس المنهجية كان فهمه للسنة النبوية –في الواقع-ثورة عليها وتغييراً لدلالتها، وبالتالي يصبح الأمر فوضى ، وتضيع كل قواعد العلم ، وتصبح السنة النبوية حمى مستباحاً لكل من هبّ ودب !، يقرأ أحدهم كتاباً في "السنة النبوية" يوم السبت، ويصنف فيه يوم الأحد، ويدعو كلَّ أحد للاستنباط يوم الاثنين، أما يوم الثلاثاء فيطاول الأئمة ويقول: نحن رجال وهم رجال!!..
قال ابنُ حزم في السير ((لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويظنون أنهم مصلحون )).
وقال الجرجاني في دلائل الإعجاز:((إذا تعاطى الشيء غير أهله، وتولى الأمر غير البصير به، أعضل الداء واشتد البلاء)).
إنَّ مسألة فَهْم السنةِ النبوية وبيان حِكَمها وأحكامها والاستنباط منها، وتمييزِ ضعيفها من صحيحها، ليست من قبيل الثقافة العامة التي يتناولها الكتاب والمفكرون والمثقفون والشعراء بالنقد والتعليق كما يتناولون نقد القصيدة أو المقالة ، وإنما هي مسألة علمية ، تتعلق بدين الله وشرعه، والقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم كالقول على الله بلا علم لأنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى إن هو إلا هو وحي يوحي .
قال ابنُ القيم في إعلام الموقعين: ((وقد حرَّم الله القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرَّمات؛ بل جعله في المرتبة العليا منها؛ قال تعالى: "قلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ..." الآية، فرتَّب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها، وهو الفواحش، وثنّى بما هو أشد تحريمًا منه، وهو الإثم والظلم، ثم ثلَّث بما هو أعظم تحريمًا منهما، وهو الشرك به سبحانه، ثم ربَّع بما هو أعظم تحريمًا من ذلك كله، وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعمُّ القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه)) وقال تعالى {[ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }.
وهنا أصول ينبغي لمن أراد الاستنباط من السنة النبوية أن يراعيها لكي يكون كلامه من *** كلام أهل العلم والأيمان المؤصل تأصيلاً علمياً :
1- استشعار عظمة وخطورة الكلام عن الله ورسوله بدون علم مؤصل.
2- التأكد من درجة الحديث من حيثُ الصحة والضعف، فلا تبنى الأحكام والاستنباطات على أحاديث موضوعة أو ضعيفة، وهذا الأصل له فنٌّ خاص عند دارسي السنة النبوية اسمه "علوم الحديث" أو "مصطلح الحديث" وهو قائم على "النقد العلمي للإسناد والمتن"، و"ضوابط توثيق الأخبار" وتنقية السنة مما قد يشوبها، وقد سئل عبد الله بن المبارك-الإمام المشهور-: عن الأحاديث الموضوعية؟ فقال: "تعيش لها الجهابذة، قال تعالى { إنا نحن نزلنا الذِّكر وإنا له لحافظون}"، وأخذ هارونُ الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين ؟ قال: أريح العباد منك، قال: فأين أنتَ من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها ما فيها حرف نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأين أنت ياعدو الله من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا !.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : » المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب ، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث ، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب ، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة ، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك ، فلكل علم رجالٌ يعرفون به ، والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء قدراً ، وأعظمهم صدقاً ، وأعلاهم منزلة ، وأكثرهم ديناً ، وهم من أعظم الناس صدقاً و أمانة وعلماً وخبرة فيما يذكرونه من الجرح والتعديل ، مثل : مالك وشعبة وسفيان ... «
وعلم الإسناد وما ترتب عليه لم يظهر في الأمم السابقة، وهو من أعظم إنجازات المسلمين في مجال البحث العلمي، ومثار الثناء والإعجاب من الأعداء قبل الأصدقاء.
3- جمعُ روايات وألفاظ الحديث الواحد فالحديث بمجموعه يفسر بعضه بعضاً، قال أحمد بن حنبل :(( الحديث إذا لم تُجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يُفسر بعضه بعضاً ))، قال ابن حجر في الفتح:((المتعين على من يتكلم على الأحاديث أن يجمع طرقها ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحت الطرق ويشرحها على أنه حديث واحد فإن الحديث أولى ما فسر بالحديث ))، لذا تجد الشارح البارعين –أمثال: ابن عبد البر في كتبيه "التمهيد" و"الاستذكار" ، وابن رجب في كتابه "فتح الباري" وبقية كتبه، و ابن حجر شارح صحيح البخاري في كتابه "فتح الباري" - يُعنون في بيانهم لسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بجمع روايات وألفاظ الحديث الواحد، وقد ذكر العلائيّ في كتابه " نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد" -قاعدة شريفة عظيمة الجدوى في هذا الباب يحسن بالمتخصص أن يتقنها.
ومما يمثل به على هذا الأصل حديث أم حرام بنت ملحان –المتفق على صحته- فله طرق كثيرة وألفاظ عديدة ففي بعض طرقه أنَّ أم حرام "قالت:يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت" قد يفهم بعضهم من هذه الرواية أنها خرجت بدون محرم، ولكن هذا الفهم مردود بالرواية الأخرى –المتفق على صحتها- "فقال: أنت من الأولين، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية..." وهكذا الروايات والألفاظ يفسر بعضها بعضاً لمن طلب الحق بصدق وعدل.
4- جمع الأحاديث الواردة في المسالة المستنبطة، ومراعاة قواعد وأصول الاستدلال التي وضعها الأئمة، والفقهاءُ المحققون إذا أرادوا بحث قضية ما، جمعوا كل ما جاء في شأنها من الكتاب والسنة، ، وأحسنوا التنسيق بين شتى الأدلة،
قال الشاطبي : » من يأخذ الأدلة من أطراف العبارة الشرعية ولا ينظم بعضها ببعض، فيوشك أن يزل، وليس هذا من شأن الراسخين وإنما هو من شأن من استعجل طلبا للمخرج في دعواه« .
وقال أيضاً : » ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد : وهو الجهل بمقاصد الشرع ، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض ، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها ، وعامّها المرتب على خاصّها ، ومطلقها المحمول على مقيدها ، ومجملها المفسر بِبَيّنها ، إلى ما سوى ذلك من مناحيها ، -إلى أن قال - فشأن الراسخين : تصور الشريعة صورة واحدة ، يخدم بعضها بعضاً كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة مثمرة،وشأنُ متبعى المتشابهات أخذ دليلٍ مَا أيّ دليل كان عفواً وأخذاً أولياً وإنْ كان ثم ما يعارضه من كلى أو جزئى، فكأن العضو الواحد لا يعطى في مفهوم أحكام الشريعة حكما حقيقيا، فمتبعه متبع متشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ ما شهد الله به ومن أصدق من الله قيلا « .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : » إذا ميّز العالم بين ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما لم يقله ، فإنه يحتاج أن يفهم مراده ويفقه ما قاله ، ويجمع بين الأحاديث ويضم كل شكل إلى شكله ، فيجمع بين ما جمع الله بينه ورسوله ، ويُفرق بين ما فرق الله بينه ورسوله ؛ فهذا هو العلم الذي ينتفع به المسلمون ، ويجب تلقيه وقبوله ، وبه ساد أئمة المسلمين كالأربعة وغيرهم « .
أما اختطاف الحكم من حديث عابر، وقراءة عجلى من غير مراعاة لما ورد في الموضوع من آثار أخرى فليس من عمل العلماء.
ومما يمثل به على هذا الأصل حديث أم حرام بنت ملحان المتقدم ذكره فقد اختطف بعضهم من الحديث جواز العسكرية للنساء هكذا بدون قيد ولا شرط ولا حال ولا زمان ، و من غير مراعاة لما ورد في الموضوع من أحاديث تأمر بالستر ومجانبة الرجال، ولهذا كان جهاد النساء الحج كما ثبت في الصحيح.
قال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار:" قال ابنُ وهب: أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فلذلك كان يقيل عندها وينام في حجرها وتفلي رأسه، قال أبو عمر : لولا أنها كانت منه ذات محرم ما زارها ولا قام عندها والله أعلم، وقد روي عنه عليه السلام من حديث عمر وبن عباس: لا يخلون رجل بامرأة إلا أن تكون منه ذات محرم، على أنه صلى الله عليه وسلم معصوم ليس كغيره ولا يقاس به سواه، وهذا الخبر ..فيه إباحة النساء للجهاد وقد قالت أم عطية: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة"
وليس هذا موضع الحديث عن هذه المسألة إذ المقصود هنا الإشارة والتنبيه فقط.
5- الإحاطة بقدر كاف من العلوم الأساسية و علوم الآلة المعينة على الفهم والاستنباط.
__________________
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 02-03-2013, 12:29 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وأذكر هنا وقفات سريعة :
1- جميلٌ أنْ تقرأ في "السنة النبوية" وتعيش مع أخباره صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه وتطبقها عملياً، ولكن قبيحٌ أن تتصدر للفتيا والاستنباط والتصنيف من غير مقدمات علمية متخصصة، إذْ لا بدَّ من احترام التخصص، و إتيان البيوت من أبوابها، وكل من تكلم بغير فنه أتى بالعجائب.
2- قال ابنُ الوزير (( ومن المعلوم لدى الفرق الإسلامية على اختلاف طبقاتها ولدى جميع العقلاء في الأرض الاحتجاج في كل فن بكلام أهله، ولو لم يرجعوا إلى ذلك لبطلت العلوم لأنّ غير أهل الفن إما أن لا يتكلموا فيه بشيء ألبته أو يتكلموا فيه بما لا يكفي ولا يشفي، ألا ترى أنك لو رجعت في تفسير غريب القرآن والسنة إلى القراء وفي القراءات إلى أهل اللغة وفي المعاني والبيان والنحو إلى أهل الحديث، وفي علم الإسناد وعلل الحديث إلى المتكلمين وأمثال ذلك لبطلت العلوم وانطمست منها المعالم والرسوم وعكسنا المعقول وخالفنا ما عليه أهل الإسلام )).
3- ما أحسن وأصدق قول الشاطبي : » وكذلك كل من اتبع المتشابهات، أو حرف المناطات، أو حمل الآيات مالا تحمله عند السلف الصالح، أو تمسك بالأحاديث الواهية، أو أخذ الأدلة ببادى الرأى، له أن يستدل على كل فعل أو قول أو أعتقاد وافق غرضه بآية أو حديث لا يفوز بذلك أصلا، والدليل عليه استدلال كل فرقة شهرت بالبدعة على بدعتها بآية أو حديث من غير توقف...فمن طلبَ خلاصَ نفسهِ تثبّت حتى يتضحَ له الطريق، ومن تساهل رمته أيدي الهوى في معاطب لا مخلص له منها إلا ما شاء الله«. من كتاب "الاعتصام" وهو كتابٌ جديرٌ بالقراءة والتأمل فإنْ ضعفتَ فقرأ البابَ الرابع منه.
4- التجرد المسبق أكبر معين على الاستنباط فلا يعتقد ثم يبحث ؛ ولكن يبحث أولاً ثم يعتقد-بالضوابط العلمية-، ويتحلى بالنصفة والعدل والاستقلال، قال الإمام الشافعي: » ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ « ، وقال أيضا : » ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بَيّنَ الله الحق على لساني أولسانه «.
5- سُئل الإمام أحمد عن حرف من الغريب فقال: (سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن).
ولو كان لي من الأمر شيء لوضعت في كل دور الطباعة والنشر عبارة " إذا تكلم المرءُ في غير فنه أتى بالعجائب والغرائب فكن على حذر"، والله الموفق.
وما تقدم من الحقائق العلمية الشرعية التأصيلية سطرتها لمّا قرأتُ كتاب "ثورة في السنة النبوية" تأليف.غازي بن عبدالرحمن القصيبي، سائلاً المولى للجميع التوفيق والهداية.

و صلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.

__________________
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 02-03-2013, 12:31 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تنبيه على شناعة وخطورة وصف السنة النبوية بالأوصاف البذيئة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على معلم البشرية وهادي الإنسانية نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:

فقد استمعت إلى ما تحدث به الأخ الكاتب الصحفي يحيى الأمير لإحدى القنوات الفضائية في سياق وصفه لأحد الأحاديث النبوية الشريفة بوصف مقذع ، وهو وصف في حقيقة الأمر لمن تحدَّث بالحديث الشريف وهو نبينا محمد حاشاه عليه الصلاة والسلام من كل سوء أو إساءة.

فقد نص الكاتب المشار إليه على وصف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " بأنه: "خطاب متوحش"!! وأنه تضمن "وحشية مفرغة من سياقاتها" !!. ثم اخترع قاعدة من عنده في الحكم على السنة النبوية مبنية على الإحساس بتوحش نصوصها كما يزعم!! ليتم ردها ورفضها.

وبداية فهذا الحديث الشريف الصادر ممن لا ينطق عن الهوى حديث متفق على صحته، وقد تلقته الأمة بالقبول، حيث إنه مسند بأسانيد كالشمس في أصح الكتب بعد كتاب الله، فقد رواه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما مرفوعاً، وأيضاً رواه غيرهما في كتب السنة الشهيرة.

والذي نجزم به أن الأخ يحيى وأي مسلم لا يمكن أن يقصد ولا أن يتعمد تنقص الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبحمد عليه الصلاة والسلام نبياً، لأن هذه الإساءة خطر على إيمان من تعمدها.

ولكن مهما قيل من حسن الظن في المسلم فالعبرة بما ظهر من كلام وكتابة أما السرائر فنكلها إلى عالمها، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن أناساً كانوا يُؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمِنَّاه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة. رواه البخاري.

ودفعاً لما توهمه الكاتب المشار إليه وما أيدته فيه المذيعة التي استضافته في حديثه المسيء لجناب النبوة فإن النص النبوي الكريم لم يحمل "توحشاً" ولا إساءة لجانب النساء كما توهمه، بل هو رحمة وهداية للناس أجمعين، وتنظيم لعلاقاتهم من أجل حياة طاهرة كريمة، وهو مؤيد بكلام الرب جل وعلا في القرآن العظيم: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ) الآية من سورة آل عمران.

وللأسف فإن الكاتب المذكور ومن يشابهه في تحكيم عقولهم في نصوص الوحي المقدس من القرآن والسنة كثيراً ما تخونهم أفهامهم وعقولهم، ولو أنهم رجعوا إلى أهل العلم فيما أشكل عليهم لما وقعوا فيما وقعوا فيه من تنقص القرآن والسنة ووصفهما بالأوصاف المشينة.

وليعلم أن منهج الأئمة في فهم كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام التسليم المطلق، وأن ينزَّل على أحسن محامله، وأن يجمعوا النصوص الواردة في مسألة محددة ليتضح المراد فيها فكلام الله وكلام رسوله يصدق بعضه بعضاً.

وهذا ما أوضحه الحافظ ابن كثير حين أورد الآية من سورة آل عمران حيث قال: فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه. ا.هـ.

فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " لم يكن مفرغاً من سياقه كما زعم الكاتب المذكور، بل هو مراد ومقصود وله دلالاته المشاهدة في القديم والحديث ، وليس هذا قدحاً في النساء ولا إقلالاً من شأنهن ، بل هو تقرير للواقع الإنساني، فالميل إلى النساء مركوز في الطبع ، وضعه الله تعالى لحكمة بقاء النوع بداعي طلب التناسل؛ إذ المرأة هي موضع التناسل ، فجعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلف ربما تعقبه سآمة.

وفي الحين نفسه قررت الشريعة أن من الرجال من يتجاوز حدود الله فينتهك حرمة النساء فيظلمهن ويظلم نفسه ، كما لا يخلو منه زمان ومكان ، ولذلك جاء هذا الحديث وما في معناه ليوجد ضوابط تنظم العلاقة بين الرجال والنساء، من أجل أن تقف النفوس عند الحد السليم من تعاطي هذه «الشهوات» المحببة إلى النفوس بين ال***ين، وهو الحد الباني للنفس وللحياة ، وليس حد الكبت والحرمان.

وفي هذه التنبيهات القرآنية والنبوية _ كما لا يخفى _ حماية للمرأة من ظلم الرجل واندفاعه غير المحسوب نحوها. وحماية لكيان المجتمع بأسره.

ونلحظ في التعبير القرآني الوصف بأنها "شهوات" وفي التعبير النبوي "فتنة" فهي شهوات مستحبة مستلذة إنسانياً؛ وليست مستقذرة ولا كريهة. ولكنها تكون مهلكة إن تم فيها تجاوز المباح، والتعبير لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها؛ إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها ، ووضعها في مكانها لا تتعداه.

ويا سبحان الله! كيف يصف الأخ يحيى الوحي الرباني لنبينا عليه الصلاة والسلام الذي فيه تنظيم العلاقة بين الرجال والنساء، وفيه أيضاً حماية المرأة بأنه "متوحش"!! وهو عليه الصلاة والسلام الذي أخبرنا عن قول الحق سبحانه: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [سورة البقرة:187] وقوله تعالى في آية ثانية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].

ويا سبحان الله! كيف يجترئ الأخ يحيى على تلك الأوصاف لأرحم الخلق بالخلق... ألم يسمع اللطف والحنو النبوي على النساء في مناسبات متعددة، وقد حثَّ على حمايتهن واللطف بهن في أعظم مشاهد البشرية وتاريخها، هناك في حجة الوداع حيث قال عليه الصلاة والسلام: " اسْتَوْصُوا بالنساء خيراً " رواه الشيخان.

وبهذا فإني أدعو الأخ الكاتب لمراجعة منهجيته في التعامل مع نصوص السنة المشرفة، وأن يرجع عن هذا الخطأ الفاحش، وإذا أشكل عليه شيء فليراجع المتخصصين ولا يتكل على فهمه وعقله ، فالسنة قسيمة القرآن، ومن أساء إليها فقد أساء إلى من أوحيت إليه، واعترض على من أوحاها. وحسبك بهذا زيغاً وضلالاً.

والواجب علينا جميعاً تعظيم السنة ونصوصها، والحذر من تقديم آرائنا في الاعتراض عليها أو تحييدها، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات:1].
وقال سبحانه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7] .
وقال جلَّ وعلا: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور:51].
وقال سبحانه: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].

قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة؟! الفتنة: الشرك. لعله إذا رَدَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.

ويبقى في الخاتمة عتب كبير على هيئة الصحفيين بالمملكة أنها لم تنكر هذه المقولة على قائلها، وبخاصة أن الهيئة يقوم عليها اثنان من كبار الصحفيين وعندهما من الغيرة على القرآن والسنة ومن الرشد وطول الخبرة ما يكفل ذلك ، إذ المنتظر أن يكون لهيئة الصحفيين دورها في رد الأطروحات المسيئة للشريعة الإسلامية أو للقرآن والسنة أو المسيئة للوطن أو لعموم ثوابتنا وقضايانا الكبرى، بحكم الاختصاص، لأن المتحدث بتلك الأغلوطات منتسب للصحفيين، ونحن ندرك أن الصحافة والصحفيين في المملكة براء من أن ينشز من بينهم شيء من تلك الإساءات لنبي الهدى عليه الصلاة والسلام أو لسنته. بل إننا لننتظر من زملائنا الصحفيين كافة أن يكونوا عوناً لنا في التعريف بنبي الهدى ونصرته والدفاع عنه وعن سُنته عليه الصلاة والسلام.

وبعد فقد حررت ما تقدم براءةً للذمة وغيرةً على الجناب النبوي الكريم وعلى السنة المطهرة أن تحكَّم فيها الأهواء أو أن توصف بسوء، والله حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.


__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
النبوة, دلائل, سيرة النبى, هدى المصطفى


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:58 PM.