اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > التعليم الثانوى الفنى > الثانوى التجارى

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 01-10-2010, 06:40 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114


المطلب الثانى
الركن المادى فى جريمة الرشوة

يتحقق الركن المادى فى جريمة الرشوة بسلوك إجرامي يرتكبه المرتشى يتخذ إحدى صور ثلاثة هى الطلب أو القبول أو الأخذ وينصب هذا السلوك على موضوع معين هو الوعد أو العطية ويستهدف غرضاً معيناً يتمثل فى أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة .
وتقتضى دراسة الركن المادى البحث فى العناصر التالية :
1. السلوك الإجرامى فى الرشوة " الطلب أو القبول أو الأخذ "
2. سبب الرشوة .
أولا :- السلوك الاجرامى فى الرشوة " الطلب أو القبول أو الأخذ "
1- الطلب : لقد جعل المشرع المصرى مجرد طلب الموظف العام فائدة للقيام بعمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه جريمة تامة فلا يشترط أن يلقى هذا الطلب قبولا من صاحب المصلحة فتقع الجريمة ولو رفض صاحب المصلحة الاستجابة الى هذا الطلب .. وذلك لان مجرد الطلب ينطوى على الاتجار بالوظيفة واستغلالها ويستوى أن يطلب الموظف الرشوة لنفسه أو لغيره أو أن يطلب الموظف العطية أو مجرد الوعد بها أى أن يصدر منه إيجاب بالرشوة ولو لم يعقبه قبول لها .
2- القبول : يقصد بالقبول فى مجال الرشوة " رضاء الموظف العام أو من فى حكمه تلقى مقابل ما نظير ما يقوم به أو يمتنع عنه من عمل فى المستقبل .
فالقبول هو تعبير عن إرادة متجهة الى تلقى المقابل فى المستقبل نظير القيام بالعمل الوظيفي .. ويعير عنه بالرشوة المؤجلة
ولا يشترط فى القبول شكلاً معيناً فقد يكون صريحا بالقول أو بالكتابة أو بالإيحاء وقد يكون ضمنيا ويجب أن يكون القبول جديا ولذلك لا تقع الجريمة إذا تظاهر الموظف بالقبول ليسهل على رجال الشرطة القبض على الراشى .
3- الأخذ : هو استلام المرتشى العطية إذا كانت شيئا ماديا أو الحصول على الفائدة إذا كانت العطية مجرد منفعة ويعتبر الأخذ اخطر صور النشاط الإجرامي فى الرشوة إذ فيها يكون الموظف قد قبض فعلا ثمن الاتجار بوظيفته أو استغلالها ولذلك يطلق عليها تعبير " الرشوة المعجلة " وقد يكون التسليم حقيقى أو رمزى وتستوى الصورة التى تكون عليها العطية فقد تكون مبلغا من المال أو شيئا له قيمة مادية .
الشروع فى الرشوة :
لا يتصور الشروع فى الرشوة فى حالة الأخذ والقبول على أساس أن فيهما يتحقق مبدأ التنفيذ ونهايته أما فى حالة الطلب فالشروع متصور فيه باعتبار أن الطلب لا يعد متحققا فى مدلوله القانونى إلا بوصوله الى علم صاحب الحاجة .
والفقه الغالب ذهب بحق الى القول بإمكانية الشروع فى الرشوة فى حالة طلبها وذلك إذا أوفد الموظف وسيطا الى الراشى لطلب الرشوة منه فلم يجده أو قام الوسيط بإبلاغ السلطات فالجريمة هنا وقفت عند مرحلة الشروع لان الطلب لم يصل الى علم الراشى .
موضوع الرشوة " مقابل الرشوة "
يجب أن يرد الطلب أو القبول أو الأخذ على وعدا أو عطية وقد تكون لمقابل الرشوة طبيعة مادية أو معنوية ومن ثم يستوى أن تكون العطية مادية كالنقود أو رمزية يحصل عليها الموظف له أو لغيره كحصول الموظف على تعيين لأحد أقاربه أو ترقيته أو نقله الى مكان أفضل وقد تكون العطية مستترة كاستئجار الموظف لمسكن دون القيام بدفع الاجرة .. ويستوى أن تكون العطية مشروعة أو غير مشروعة ولا يشترط التناسب بين مقدار المال أو لمنفعة غير مشروعة ولا يشترط التناسب بين مقدار المال أو المنفعة التى يحصل عليها المرتشى وبين العمل أو الامتناع الذى قام به المرتشى .
ثانياً : سبب الرشوة
لا يكفى لتحقق جريمة الرشوة اتخاذ سلوك الموظف إحدى الصور الثلاث التى تقدم ذكرها وهى الأخذ والقبول والطلب وإنما يجب أن يتوافر غرض الرشوة : أى العمل الذى يراد من الموظف تحقيقه كمقابل للرشوة وهو الأمر الذى يناط بالموظف أداؤه كمقابل للفائدة التى يقدمها الراشى .
ويتحقق بهذا التقابل بين العمل المطلوب من الموظف والفائدة المقدمة من الراشى معنى الاتجار بالوظيفة أو استغلالها .
ويتمثل الغرض أو السبب فى جريمة الرشوة فى اتجاه إرادة الموظف الى أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه سواء كان هذا العمل يدخل فى اختصاصه أو أن يعتقد خطا أو يزعم انه من اختصاصه أو الإخلال بواجبات وظيفته .
فإذا توافر النشاط الإجرامى متمثلا فى الطلب أو القبول أو الأخذ بهدف تحقيق غرض الرشوة على النحو المتقدم وقعت الجريمة تامة إذا توافرت باقى أركانها .
خلاصة القول أن جريمة الرشوة لا تتحقق إلا إذا أراد المرتشى " الموظف أو من فى حكمه " تحقيق احد الأغراض الآتية والتى تمثل سبب الرشوة وهى :
1- أداء عمل من أعمال وظيفته :
تقوم جريمة الرشوة إذا كان الموظف قد حصل على الفائدة للقيام بعمل يوجب عليه القانون القيام به – فلا يشترط أن يكون العمل المطلوب القيام به مخالفا لمقتضيات الوظيفة أو يتعارض مع حقيقة الواقع
وقد سوى المشرع فى هذا الشأن بين الاختصاص الحقيقى بالعمل أو الاعتقاد الخاص بان العمل المطلوب الذى يتلقى الموظف المقابل عنه يدخل فى اختصاصه أو الزعم والادعاء الكاذب بأنه كذلك .
2- الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة
الامتناع عن العمل سلوك سلبى ... ويتحقق هذا السلوك بإحجام وتقاعس الموظف عن أداء عمل يوجب القانون عليه أداءه أو إذا كان امتناعه عن العمل قد تم بالمخالفة للقانون .
ولا يلزم لتحقق هذا السلوك الإحجام التام والقاطع عن أداء العمل . بل يكفى مجرد التأخير فى القيام به خلال الوقت المحدد له .
ويشترط أن يكون الامتناع أو التأخير داخلا فى أعمال الوظيفة ويستوى بعد ذلك أن يكون العمل محل الامتناع أو التأخير عملا قانونيا بالمعنى الدقيق أم عملا تنفيذيا داخلا فى نطاق السلطة التقديرية للموظف أو مخالفا للقانون .. كما يستوى لدى القانون أن يكون العمل محل الامتناع متمثلا فى صورة كتابية أو قول شفوى أو فعل تنفيذى .
وقد قضى تطبيقا لذلك بأنه إذا كان الغرض الذى من اجله قدم المال إلى الموظف " مفتش بوزارة التموين " هو عدم تحرير محضر لمن قدمه . وكان تحرير المحضر يدخل فى اختصاص هذا الموظف ... فأن جريمة الرشوة تكون متحققة ولو لم يكن هناك موجب لتحرير المحضر الذى دفع المال للامتناع عنه .

3- الإخلال بواجبات الوظيفة :
أن تعبير الإخلال بواجبات الوظيفة الذى أورده الشارع فى المادة 104 عقوبات كغرض من أغراض الرشوة قد جاء فى النص مطلقاً من التقييد ويتسع مدلوله كما تقول محكمة النقض لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينتسب الى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى.
وعلى ذلك فان كل انحراف عن واجب من هذه الواجبات أو امتناع عن القيام به يطلق عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة ويدخل فى هذه النطاق أداء الموظف لعمل مخالف للقانون أو امتناعه عن عمل يوجبه القانون وإساءة واستعمال الموظف لسلطته التقديرية أو إخلاله بأمانة الوظيفة .
فمخالفة واجبات الوظيفة ذات مدلول أوسع من أعمال الوظيفة بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها .
الرشوة اللاحقة :
الحق المشرع فى المادة 105 من قانون العقوبات جريمة الرشوة اللاحقة أو المكافأة اللاحقة بجريمة الرشوة وذلك لوحدة الهدف من التجريم فى الحالتين وهو حماية نزاهة الوظيفة العامة .
فنصت المادة 105 على أن " كل موظف عمومى قبل من شخص أدى له عملا من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو اخل بواجباتها هديه أو عطية بعد إتمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد عن خمسمائة جنية .
ويتضح من ذلك أن القانون يتطلب لتحقق هذه الجريمة أن يكون قبول الهدية أو العطية لاحقا على أداء الموظف للعمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة .. وان يكون ذلك قد تم بغير اتفاق سابق بينهما فإذا ما تحق ذلك وقعت الجريمة بمجرد قبول الموظف الهدية أو العطية ولو لم يستلمها بالفعل.
المطلب الثالث
الركن المعنوى
في جريمة الرشوة "القصد الجنائي"
جريمة الرشوة جريمة عمديه يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي لدى المرتشي حتى يمكن القول بقيام هذه الجريمة..
والقصد الجنائي يتطلب توافر عنصرين "العلم والإرادة":
(1) العلم: يجب أن يعلم الجاني بتوافر أركان الجريمة.. فيجب أن يكون عالماً بأنه موظف عام أو من في حكمه. وأن العمل المطلوب منه يدخل في نطاق اختصاصه حقيقة أو زعماً أو اعتقاداً مخالفاً للحقيقة. وأن يكون عالماً بأن الوعد أو العطية التي تقدم إليه هي مقابل العمل المطلوب بما يتضمن ذلك من إتجار واستغلال للوظيفة.
(2) الإرادة: يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إرتكاب الفعل المكون للركن المادي للجريمة... متمثلاً في طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها.
وينبغي كذلك أن يعلم الموظف أن العطية التي انصرفت إرادته إلى الحصول عليها لم تكن إلا ثمنا للعمل أو الامتناع المطلوب منه.
- وبناء على ما تقدم يتضح ما يلي:
أولا: وجوب توافر العلم لدى الموظف المرتشي بأن الرشوة التي طلبها أو قبلها أو أخذها ليست إلا مقابل الإتجار بوظيفته أو استغلالها... فلا يتوافر القصد الجنائي إذا تسلم الموظف مبلغاً من المال سداداً لدين على الراشي. وغير عالم بنية الأخير في إرشائه.. أو إذا أعطي الراشي العطية لزوجة الموظف بنية إرشائه دون أن يعمل الموظف بذلك.
ثانياً: وجوب اتجاه إرادة الموظف إلى اقتراف النشاط الإجرامي المتمثل في الطلب أو القبول أو الأخذ... فإذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة لتمكين السلطات من القبض على الراشي متلبساً بالجريمة. لا يتوافر القصد الجنائي لانتفاء الإرادة.
المطلب الرابع
المساهمة في جريمة الرشوة
تنص المادة 41 من قانون العقوبات على أن "من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها".
- ولما كانت جريمة الرشوة تفترض وجود طرفين:
الأول: هو الموظف المرتشي الذي يتاجر بوظيفته أو يستغلها.
الثاني: هو الراشي صاحب المصلحة الذي يعرض الرشوة في صورة وعد أو عطية.
وقد يساهم في الجريمة شخص آخر يسمى "الوسيط" وهو الذي يتدخل بين صاحب الحاجة – والموظف ممثلاً إحداهما لدى الآخر لإتمام الرشوة.
- وتنص المادة 107 مكرر من قانون العقوبات تأكيداً للقاعدة السابقة على أن "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي".
وفيما يلي نتناول جريمة كل من الراشي والوسيط.
(1) جريمة الراشي
يجب لقيام هذه الجريمة توافر ركنين الأول ركن مادي والثاني ركن معنوي.
أولاً: الركن المادي:
يتحقق الإرشاء بمجرد اتفاق الراشي مع الموظف العام أو من في حكمه على تقديم الرشوة إلى الأخير مقابل إدائه عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن هذا العمل أو الإخلال بواجبات وظيفته.
ومتى تم الاتفاق بين الأثنين تعين مساءلة الراشي جنائياً عن جريمته وذلك بالعقوبة المقررة في المادة 107 مكرر عقوبات ويستوى بعد ذلك أن يكون الراشي هو الذي بادر بعرض الرشوة أو أن يكون الموظف هو الذي بادره بالطلب.
ثانياً: الركن المعنوي:
- يتحقق القصد الجنائي لدى الشريك في جريمة الرشوة – سواء كان راشيا أو وسيطا. إذا توافر لديه العلم بصفة الموظف العام.
والاعتقاد باختصاصه بالعمل المطلوب منه – واتجهت إرادته إلى حمل الموظف العام على القيام بما طلب منه كثمن للعطية أو الوعد.
- لذا يجب أن يتوافر العلم لدى الراشي بصفة المرتشي وأن الرشوة التي عرضها أو قدمها إليه هي مقابل إتجار الموظف بوظيفته أو استغلاله لها.
- وبناء على ذلك ينتفي القصد الجنائي لدى الشريك إذا كان يجهل صفة الموظف. كما ينتفي هذا القصد أيضاً إذا كان قد قدم العطية على سبيل الهدية البريئة أو سداد الدين عليه للموظف دون أن يكون ذلك لحمله على القيام بالعمل المطلوب.. وذلك دون الإخلال بمساءلة الموظف وفقاً للقصد الذي توافر لديه.
(2) جريمة الوسيط:
يراد بالوسيط في جريمة الرشوة – كل شخص يتدخل بين صاحب الحاجة "الراشي" وبين الموظف "المرتشي" ممثلاً إحداهما لدى الآخر لإتمام الرشوة.

- وتتطلب هذه الجريمة لقيامها توافر ركنين:
1 – ركن مادي. 2 – ركن معنوى.
أولاً: الركن المادي:
الوسيط إما يكون نائباً عن المرتشي. أو يكون نائباً عن الراشي. فإذا كان الوسيط نائباً عن المرتشي فإن الركن المادي يتحقق بمجرد تقدمه للراشي طالبا الرشوة أو قابلا لها أو أخذا إياها:
- أما إذا كان نائباً عن الراشي فإن الركن المادي لا يتحقق إلا إذا صادف العرض قبولا من المرتشي... فإذا لم يتوافر هذا القبول فلا تقوم جريمة الرشوة وبالتالي لا تقوم جريمة الوسيط تبعاً لذلك.
- أما إذا اقتصر دور الوسيط على مجرد عرض أو قبول الوساطة في رشوة ولم يتعد عمله العرض أو القبول – اعتبر العرض والقبول في ذاته جريمة مستقلة يعاقب عليها بعقوبة أخف من عقوبة الرشوة وفقا لما نصت عليه المادة 109 / مكرر – ثانيا من قانون العقوبات.
ثانياً: الركن المعنوي:
يتوافر هذا الركن بعلم الوسيط بأركان الجريمة التي يريد المساهمة فيها.. وذلك بأن يعلم بصفة الموظف وأن الجعل الذي سيتقاضاه هذا الأخير هو ثمن أداء العمل المطلوب.
§ ووفقا للقواعد العامة يعتبر كل من الراشي والوسيط شريكا في جريمة الرشوة إذا تمت.
§ وفيما يتعلق بالوسيط. فإنه إذا وقعت الجريمة بناء على وساطتة يعتبر شريكاً في الجريمة حيث يكون نشاطه سابقاً أو معاصراً لارتكاب جريمة الرشوة.
المطلب الخامس
عقوبة الرشــــــــــــــــوة
إذا توافرت أركان جريمة الرشوة وثبت مسئولية الموظف المرتشي عنها حقت عليه عقوبتها 0
وقد قرر المشرع لجريمة الرشوة عقوبة أصلية وعقوبتين تكميليتين فضلا عن العقوبات التبعية التى توقع على المحكوم عليه وفقا للقواعد العامة 0
أولا : العقوبة الأصلية :
قرر المشرع لجريمة الرشوة عقوبة أصلية هى السجن المؤبد " المادة 103 عقوبات " 0
وتستحق هذه العقوبة على الموظف المرتشي سواء أكان الغرض من الرشوة أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباته الوظيفية 0
وإذا تعدد الفاعلون فى جريمة الرشوة بأن كان هناك أكثر من موظف مختص بالعمل المطلوب وقدمت لهم العطية أو الوعد000 ففي هذه الحالة توقع على كل منهم العقوبة المذكورة 0000 فتعدد الفاعلين لا يعتبر ظرفا مشددا لجريمة الرشوة 0
ويجوز للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى السجن المشدد أو السجن إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المحففة طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات 0
ثانيا : العقوبات التكميلية :
أضاف المشرع إلى العقوبة الأصلية عقوبتين تكميليتين هما الغرامة والمصادرة 0
1- الغرامــة :فرض المشرع الغرامة فى جناية الرشوة المرتكبة من الموظف العام كعقوبة تكميلية وجوبية 000 يتعين الحكم بها بالإضافة إلى العقوبة الأصلية السالبة للحرية 0
· ونصت المادة 103 من قانون العقوبات على أن " يعاقب المرتشي بالإشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به " 0
· ويرجع السبب الذي وقع المشرع إلى الأخذ بفكرة الغرامة النسبية ليرد على مرتكبها مقصده في الإثراء غير المشروع الذي يدفع عادة إلى ارتكابها 00000
· والغرامة فى هذه الجنائية عقوبة تكميلية لا توقع بمفردها وإنما مع العقوبة الأصلية 0
· كما أنها وجوبيــة فلا يكون للقاضي ســلطة فى تقدير ملائمة الحكـم بها أو الإعفاء منها .
· ويلاحظ بالنسبـة لعقوبة الغرامة أنها من الغرامـات النسبية فتخضع لكافة الأحكام الخاصة بهذا النوع من الغرامات 0 وأهمها عدم تعدد الغرامة بتعدد المسئولية عن الجريمـة 0 وإنمــا يحكــم عليهم جميعا بغرامة واحدة على سبيل التضامن فيما بينهم 0
· ونسبية الغرامة قاصرة على حدها الأقصى دون الحد الأدنى 0 إذ أن الحد الأدنى مقيد بما لا يقل عن ألف جنية 00 وبهذا يهدف المشرع من وراء تحديد الحد الأدنى إلى تحقيق الردع حتى لا يفلت المتهم من العقوبة إذا كانت الفائدة قليلة القيمة أو كانت مما يصعب تقييمها ماليا 0
2- المصــــادرة :وهى العقوبـــة التكميلية الثانية التى قررها المشرع فى جريمة الرشوة 00 بالإضافة أيضا إلى العقوبة الأصلية 0
· وقد قررها المشرع فى المادة 110 من قانون العقوبات والتى نصت على أن [ يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة 0 طبقا للمواد السابقة ] 0
· وعقوبة المصادرة وجوبية وتخضع للقواعد العامة للمصادرة 0 ومن أهم ما تتقيد به أنها لا ترد إلا على مال مضبوط0 ويستلزم ذلك أن يكون هناك ثمــة مال ســلمه الراشي أو الوسيط للمرتشي 0 ولكن لا يكفى التسليم للمصادرة 0 وانما يتعين أن يعقبه ضبط المال محل التسليم
· أما إذا توقف السلوك الإجرامي عند حالة قبول الوعد أو الطلب فلا محل للمصادرة لعدم تصور التسليم فيهما 0 ولا يجوز للقاضي أن يحدد قيمة الوعد أو الطلب ويقرر مصادرة عقوبة عينية 0 ولا محل للمصادرة كذلك إذا كان المال قد تم استهلاكه أو كان موضوع الرشوة لا قيمة له أو كانت الفائدة غير مالية 0
ثالثا : العقوبات التبعيــــــة:
- طبقــا للمـــادة 25 من قانون العقوبات 0 يترتب على الحكم بعقوبة الرشوة باعتبارها جناية 0 حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا المحددة فى هذه المادة 00 فيعزل من وظيفته وتسقط عنه العضوية النيابية العامة أو المحلية ولا تقبل شهادته أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال 00 إلى أخر ما ورد بهذه المادة 0
رابعـــا : تشديـــد عقوبة الرشـــوة :
§ أتجه المشــــرع المصري نحو تشديد عقوبة الرشـــوة فى حالتين هما :
الأولى : هى ما نصت عليه المادة 104 من قانون العقوبات 0 من مضاعفة مقدار الغرامة لتصبح ألفى جنية كحد أدنى 000 وضعف قيمة ما أعطى أو وعد به كحد أقصى 000 وذلك إذا كان الغرض من الرشوة الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها 000 ويقتصر نطاق التشـــديد فى هذه الحالـــة على عقوبـــة الغرامـة ولا ينصرف إلى غيرها من العقوبات الأصلية أو التكميلية أو التبعية 000
الثانية : إذا كان الغرض من الرشوة إرتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة 0 فيعاقب الراشي والمرتشى والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامات المقررة للرشوة " م 108 عقوبات " 0
§ والمجال المتصور لهذه العقوبة المشددة لجريمة الرشوة – هو أن يكون الغرض من الرشوة
عمل الموظف العام على إرتكاب جريمة من جرائم الاعتداء على امن الدولة من جهة الخارج المعاقب عليها بالأعلام 0
خامسا : موانع العقــــاب :
- تنص المــادة 107 من قانــون العقوبات على حالتين يعفى منهما الراشي أو الوسيط من العقوبة 000 وذلك نظرا لما يؤديه الجاني فى هاتين الحالتين من خدمة تساعد فى كشف الجريمة والتعرف على مرتكبها أو إثباتها ضده 0 ويرجع ذلك إلى خطورة الجريمة من ناحية – وإلى صعوبة كشفها وإثباتها من ناحية أخرى 0
§ والحالتان التى يمتنع فيهما العقاب وفقا لنص المادة 107 مكرر عقوبات هما 0
[1] إخبار السلطات بالجريمة :ـ
ويقصد به الإبلاغ عن الجريمة 0 ويشترط وقوع الجريمة وان يكون خبرها لازال مجهولا لـــدى السلطات المختصة 0 فيكون بهذا الإخباراً والإبلاغ فضـــل فى تمكين السلطات من كشف الجريمــة 0 ومن ثم ينبغي أن يكون الأخبار سـابقا على اكتشاف السلطات للجريمة أو علمها به 0
§ كما يجب أن يكون الأخبار عن الجريمة مفصلا ومتضمنا جميع عناصر الجريمة وظروفها والأدلة عليها 0
[2] الاعتراف بالجريمة :ـ
- ويقصــد به إقرار المتهم على نفسه بارتكاب الوقائع المكونة للاشتراك فى جريمة الرشوة 0
ـ وقد اعتبر المشرع المصري أن الاعتراف بالجريمة مانعا للعقاب لكل من الراشي والوسيط 000 وعلة ذلك هو توفير الدليل على ثبوت الجريمة ونسبتها إلى الموظف المرتشي 000 حتى يتسنى حماية جهة الإدارة من موظفيها الذين يتاجرون بالوظيفة العامة 0
- ويتعين أن يكون الاعتراف صادقاً ومفصلا وشاملاً لكل وقائع الجريمة وظروفها بحيث يكون صادراً بنية مساعدة السلطات حتى يكون صاحبه جديراً بالإعفاء من العقاب 0
المطلب السادس
جريمة عرض الرشوة دون قبولها :
تمهيد :
نصت المادة 109 مكرر من قانون العقوبات على انه [ من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية وذلك إذا كان العرض حاصلا لموظف عام0 فإذا كان العرض حاصلا لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتي جنيه ] 0
- فقد رأى المشرع وجوب تجريم السعى نحو إرشاء الموظف وإفساد ذمته وذلك بعرض الرشوة عليه 0000 ولم تكن القواعد العامة بدون نص المادة 109 مكرر لتؤدى إلى هذه النتيجة 0 طالما أن الجريمة التى أراد الراشي الاشتراك فيها لم تقع قانونا 0000
ـ لذلك اتجه المشرع إلى تجريم عرض الرشوة دون قبولها إذ يعد ذلك بمثابة تحريض للموظف العام على العبث بأعمال وظيفته 000 ولهذا جعلها المشرع جريمة قائمة بذاتها 0
ويتضح من النص السابق أن جريمه عرض الرشوة دون قبولها تتطلب لقيامها توافر ركنيين الأول مادى – والثاني – معنوى 0
أولا : الــركن المـــادى :
يتمثل الركن المادي لهذه الجريمة فى سلوك إجرامي يصدر عن الراشي أو الوسيط – ينطوي على عرض فائدة معينة على الموظف بقصد أدائه عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أدائه أو الإخلال بواجبات وظيفته فلا يقبلها منه الموظف 0000 وبذلك فان تحقق هذا الركن مرهون بتوافر عنصرين هما :1 - عرض الرشوة 2- عدم قبولها 0
1 - عرض الرشوة :
ý يتحقق عرض الرشوة بسلوك إيجابي من جانب صاحب الحاجة أو من يمثله 0 ينطوي على محاولة أفساد ذمة الموظف بتقديم عطية إليه أو وعده بها مقابل إخلاله بواجبات وظيفية كما رأينا 0
ý ويتم العرض بأية وسيلة تفصح عنه 0 فقد يكون شفاهة أو كتابه ، صريحا أو ضمنيا 000
ý ويشترط فى العرض أن يكون جديا تتوافر فيه مقومات إحداث النتيجة المقصودة وهى إفساد ذمة الموظف بإغرائه على أخذ العطية أو قبولها 0


2 - عدم قبول الرشوة :
ý يتطلب القانون لقيام هذه الجريمة توافر عدم القبول من جانب الطرف الأخر وهو ما يميز هذه الجريمة عن جريمة الرشوة .
ý ويتحقق عدم القبول أما بان يرفض الموظف العرض مباشرة أو قد يتظاهر بالقبول غير الجدى من اجل مساعدة السلطات العامة على ضبط الجريمة .
ثانياً : الركن المعنوى :
تعد هذه الجريمة عمدية يتعين لوقوعها توافر القصد الجنائى لدى الجانى . وذلك باتجاة إرادته الى عرض الرشوة على الموظف لحمله على قبولها من اجل تحقيق أحد الأغراض المنصوص عليها فى مواد الرشوة مع علمه بذلك ولا يعتد بالباعث الذى حمل الجانى على عرض الرشوة سواء كان مشروعاً أو غير مشروع .
العقوبة :
فرق القانون بين حالتين فى تحديد العقوبة :
الحالة الأولــــى : إذا كان عرض الرشوة على موظف عام أو من فى حكمه ففى هذه الحالة تكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية .
الحالة الثانية : إذا كان العرض حاصلاً لغير الموظف العام .. تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تجاوز مائة جنية .
ا

  #17  
قديم 01-10-2010, 06:41 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
افتراضي

المبحث الثاني
اختلاس المال العام
تمهيد :
نصت المادة 112من قانون العقوبات على انه " كل موظف عام اختلس اموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالسجن المشدد ... "
وتكون العقوبة السجن المؤبد فى الأحوال الآتية :
‌أ- إذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المنتدبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
‌ب- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة .
‌ج- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
علة التجريم : تنطوى هذه الجريمة على اعتداء على المال العام . وكذلك الاعتداء على الوظيفة إذ أن المال فى حيازة الموظف بسبب هذه الوظيفة كما أن الفعل ينطوي على خيانة الثقة التى أولتها الدولة للموظف العام حين عهدت إليه حيازة هذا المال بسبب وظيفته .
وقد أراد المشرع بذلك حماية واجب الأمانه والثقة والنزاهة فى الموظف العام حتى يتسنى لجهة الإدارة القيام بالوظيفة المنوطة بها .
وقد سوى المشرع فى هذا الشأن بين الأموال العامة والأموال الخاصة التى توجد فى حيازة الموظف بسبب وظيفته بالنسبة لفعل الاختلاس إذ أن هذه الجريمة تمثل نوعا من خيانة الأمانة يقع من موظف عام على مال وجد فى حيازته ومؤتمن عليه بحكم وظيفته وليس من شك فى إن اقتراف الموظف لهذه الجريمة يمثل إخلالا بواجب الثقة والأمانة ويؤثر على حسن سير العمل بالوظيفة العامة .
ويتضح مما سبق أن جريمة الاختلاس طبقا لنص المادة 112 عقوبات تقوم على أركان أربعة هى .
1. صفة الجانى .
2. محل الجريمة .
3. الركن المادى " فعل الاختلاس "
4. الركن المعنوى " القصد الجنائى .
وسوف نتناول فيما يلى دراسة أركان هذه الجريمة .
1. صفة الجانى : يتطلب المشرع أن يكون الجانى فى جريمة الاختلاس موظفا عاما أو من فى حكمة طبقاً لنص المادة 119 مكرر من قانون العقوبات .... وقد توسع المشرع فى هذه المادة فى تحديده للمقصود بالموظف العام وذلك استكمالا لخطته فى توسيع نطاق التجريم فيما يتعلق باختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر ولذلك نص على أن المقصود بالموظف العام فى تطبيق أحكام هذا الباب .

‌أ- القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون فى الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
‌ب- رؤساء وأعضاء المجالس ووحدات التنظيمات الشعبية وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين .
‌ج- أفراد القوات المسلحة .
‌د- كل من فوضتة إحدى السلطات العامة فى القيام بعمل معين وذلك فى حدود العمل المفوض فيه .
‌ه- رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت أموالها أموالا عامة طبقاً للمادة 119 عقوبات .
‌و- كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو النظم المقررة وذلك بالنسبة للعمل الذى يتم التكليف فيه .

ويستوى أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة باجر أو بغير اجر طواعية أو جبراً .
ويجب أن تتوافر صفة العمومية للوظيفة وقت أرتكان الجريمة فإذا ما توافرت صفة الموظف العام فى الجانى طبقاً للتحديد المتقدم وقت ارتكاب الفعل تحققت الجريمة ولو انتهت خدمته أو زالت صفته بعد ذلك .
وقد نصت المادة 112 عقوبات على تشديد العقاب الى السجن المؤبد إذا كان الجانى ينتمي الى الطوائف المحددة فى النص – أو إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور – أو إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها نتائج معينة .... وفيما يلى نتناول بإيجاز الحالات السابقة .
‌أ- إذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
1. مأمور التحصيل : هو كل موظف مكلف طبقا للقوانين أو اللوائح بتحصيل أموال لحساب الدولة .
2. مندوب التحصيل : كل موظف يقوم بتحصيل الأموال نيابة عن مأمور التحصيل . مثال ذلك مساعد الصراف أو كانت الجلسة بالنسبة لتحصيل الغرامات.
3. الأمين على الودائع : هو كل موظف يختص بحفظ وصيانة الأموال المملوكة للدولة أو للأفراد ... اى الموظف المؤتمن بحكم وظيفته على مال معين .... مثال ذلك وكيل مكتب البريد وأمين المكتبة الحكومية .... وأمناء المخازن بالجهات التابعة للدولة .
4. الصراف : هو كل موظف مكلف باستلام أموال وحفظها وصرفها فى الأوجة التى حددها القانون .. مثال الموظف المختص بصرف المرتبات أو المعاشات فى المصالح الحكومية .
‌ب- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة .
‌ج- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى .
‌د- محل الجريمة : يتعين أن يكون موضوع الجريمة أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازة الموظف بسبب وظيفته .

أولا : طبيعة الأموال التى تكون محلا لجريمة الاختلاس .
§ يجب أن يكون محل الجريمة أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازة الموظف بسبب وظيفته .
§ ويقصد بالأموال أو الأوراق أو غيرها كل "مال " اى كل شئ يصلح محلا لحق من الحقوق .
§ ويتبين من عبارة النص أن المال المقصود هو المال المنقول ويتسع معنى المنقول ليشمل فضلا عن المنقول وفقا لتحديد القانون المدني " العقار بالتخصيص ، والعقار بالاتصال "
§ ونصت المادة 119 عقوبات على أن المقصود بالأموال العامة فى تطبيق أحكام الباب الرابع المتعلق باختلاس المال العام والعدوان علية والغدر – هو ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات التى حدتها المادة أو خاضعا لإشرافها أو لإدارتها وهذه الجهات هى :
‌أ- الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
‌ب- الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام .
‌ج- الاتحاد الاشتراكى والوحدات التابعة له " وهى فقره انتقى مبررها بعد إلغاء الاتحاد الاشتراكى .
‌د- النقابات والاتحادات .
‌ه- المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام .
‌و- الجمعيات التعاونية .
‌ز- الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشات التى تساهم فيها إحدى الجهات المشار إليها في الفقرة السابقة .
‌ح- أية جهة أخرى ينص على اعتبار أموالها من الأموال العامة ,
ثانياً : وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته .
يفترض هذا العنصر توافر شرطين .
الشرط الأول : أن يكون المال في حيازة الموظف الناقصة .
الشرط الثانى : أن يكون ذلك بسبب وظيفته .
2. الركن المادى " فعل الاختلاس "
يقوم الركن المادى لهذه الجريمة بفعل الاختلاس ويتحقق ذلك بكل سلوك يعبر عن تغير نية الموظف واتجاه إرادته الى تملك ما يحوزه من مال بسبب وظيفته .
ويتوافر الاختلاس قانونا بان يضيف الجانى مال الغير إلى ملكه ويتحقق ذلك عملا عندما يباشر المختلس على المال سلطات لا تدخل إلا في نطاق سلطات المالك .
كما أن جوهر الاختلاس هو تغيير نية المتهم من الحيازة الناقصة إلى الحيازة الكاملة .
ويتضح من ذلك أن هناك ارتباطا بين فعل الاختلاس ونية التملك وقد عبرت محكمة النقض عن هذا المعنى في تعريفها للاختلاس بأنه " تصرف الجانى في المال الذى بعهدته على اعتبار انه مملوك له "
فالاختلاس ليس فعلا ماديا محضا وليس نية داخلية بحته وإنما هو عمل مركب من فعل مادى يتمثل في الظهور على الشئ بمظهر المالك . تدعمه نية داخلية هى نية التملك .
ومثال ذلك أن يسحب الموظف المال العام من الخزانة ويودعه باسمة في احد المصارف أو يدعى انه لم يتسلم المال . أو يرهن المال أو يعرضه للبيع .
أما إذا كان سلوك الجانى غير معبر بصورة قاطعة عن تغير نيته من حيازة الشئ حيازة ناقصة أو مؤقتة إلى حيازته بنية تملكه فانه لا قيام لجريمة الاختلاس ومثال ذلك ظهور العجز في حسابات الموظف إذ يجوز أن يكون ذلك ناشئا عن خطا في العمليات الحسابية أو راجعاً لإهماله أو لسبب خارج عن إرادته .
3. الركن المعنوى " القصد الجنائى .
تعتبر جريمة اختلاس المال العام من الجرائم العمدية التى يتعين لقيامها توافر القصد الجنائى .. وهو يتكون من عنصرى العلم والإرادة .
فيجب أن يعلم الجانى بصفة المال وكونه في حيازته بسبب الوظيفة وان هذا المال مملوك للغير ... وان تتجه إرادته إلى تملك هذا المال وحرمان مالكة منه . اى بانصراف نيته إلى التصرف في هذا المال محل الاختلاس تصرف المالك . إما بإضافته إلى ملكه والظهور عليه بمظهر المالك أو عرضه للبيع أو رهنه .... الخ .
فإذا جهل المتهم أن المال في حيازته الناقصة كما لو اعتقد أن هذا المال جزء من مرتبة الذى وضعه مع النقود والمؤتمن عليها في خزانه واحدة . أو اعتقد ان المال في حيازته الناقصة لسبب لا يتعلق بوظيفته كما لو ظن أن صاحب المال قد أعطاه له كوديعة خاصة فلا يتوافر القصد الجنائى في كل هذه الحالات .
ولا يكفى لتوافر الركن المعنوى في جريمة الاختلاس " القصد العام " بل يلزم القانون توافر القصد الخاص أيضا هو نية تملك المال المختلس .. اى نية المتهم إنكار حق الدولة على المال ونيته أن يمارس عليه جميع سلطات المالك .
ومتى وجد القصد الجنائى العام والخاص تحققت الجريمة بصرف النظر عن الباعث في الاختلاس ... وان كان يدخل في تقدير العقوبة .
4. عقوبة جريمة اختلاس المال العام
1. العقوبة الأصلية : وهى عقوبة السجن المشدد طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 112 عقوبات .
وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا انطبقت على الجانى إحدى الحالات الثلاث التى تشدد فيها العقوبة طبقا للفقرة الثانية ... وقد سبق ذكر هذه الحالات .

2. العقوبة التكميلية : وقد نصت عليها المادة 118 عقوبات وهذه العقوبات التكميلية وجوبية اى يجب على القاضى الحكم بها وهى :
‌أ- عزل الجانى من وظيفته أو زوال صفته إن كانت له صفة خاصة .
‌ب- غرامة مساوية لقيمة ما اختلسه الموظف بشرط ألا تقل عن خمسمائة جنية – وهذه الغرامة نسبية اى إذا تعدد المتهمون التزموا بها على سبيل التضامن .
‌ج- رد ما اختلسه الجانى – وهذا الرد ليس عقوبة وإنما جزاء مدنى يحكم به كتعويض للمجنى عليه .
3. التدابير التى يجوز الحكم بها : تنص المادة 118 مكرر / ع/ على انه مع عدم الإخلال بالعقوبات السابقة فانه يجوز للمحكمة فضلا عن العقوبات الأصلية والتكميلية سالفة الذكر أن تحكم بكل أو بعض التدابير الآتية :
‌أ- الحرمان من مزاولة المهنة مدة لا تزيد على ثلاث سنوات .
‌ب- حظر مزاولة النشاط الاقتصادى الذى وقعت الجريمة بمناسبته مدة لا تزيد على ستة أشهر .
‌ج- وقف الموظف عن عمله بغير مرتب أو براتب مخفف لمدة لا تزيد عن ستة أشهر .
‌د- العزل مدة لا تقل عن سنه ولا تزيد على ثلاث سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة أو انقضائها لاى سبب .
‌ه- نشر منطوق الحكم الصادر بالإدانة بالوسيلة المناسبة وعلى نفقة المحكوم عليه .

  #18  
قديم 01-10-2010, 06:43 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
افتراضي

مبحث الثالث
الاستيلاء بغير حق على المال العام
تمهيد :
نصت على هذه الجريمة المادة 113 من قانون العقوبات فى قولها ( كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن .
وتكون العقوبة السجن المؤبد او السجن المشدد إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة ، أو إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
وتكون العقوبة والغرامة التى لا تزيد على خمسمائة جنية أو إحدى هاتين العقوبتين إذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك .
ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص او اوراقاً او غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأيه طريقة كانت )
ويبدو واضحا من خلال نص المادة السابقة اتجاه نية المشرع نحو التوسع فى نطاق التجريم فشمل بالحماية الجنائية أيضا أموال القطاع العام وغيرها من الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات إلى جانب أموال الحكومة وذلك تحقيقا للسياسة العامة فى مجال التنمية الاقتصادية لذلك وضع الشارع نص الاستيلاء بغير حق لتوقيع العقاب على كل معتد على هذه الأموال .
ويتضح من نص المادة 113 عقوبات أن جريمة استيلاء الموظف بغير حق على المال العام تتطلب لقيامها أركان أربعة :
1. صفة الجاني .
2. محل الجريمة .
3. الركن المادي .
4. الركن المعنوي .
وسوف نتناول دراسة هذه الاركان ... ونشير بعد ذلك العقوبة واجبة التطبيق
1) صفة الجانى : تطلب المشرع صفة الموظف العام فى الجانى ... ويكفى توافر تلك الصفة فى الفاعل الأصلى ولو تعدد المساهمون .
وقد تقدم تحديد المقصود بالموظف العام أو من حكمة من الفئات التى أوردها المشرع فى المادة 119 مكرر من قانون العقوبات وذلك عند التحدث عن صفة الجانى فى جريمة الاختلاس . اذ أن الجريمتين تتفقان فيما يتعلق بتحديد مدلول الموظف العام .
2) محل الجريمة ( المال المستولى عليه الذى يكون محلا لجريمة الاستيلاء .
يتطلب القانون أن يكون موضوع هذه الجريمة مالا عاما فى المدلول الذى حددته المادة 119 من قانون العقوبات أو ان يكون مالا خاصا تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 .
وبذلك يأخذ المال محل الجريمة إحدى صورتين .
الأولى : أن يكون المال مملوكا لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات وقد سبق بيان معنى المال الذى حددته هذه المادة عند دراسة محل الجريمة فى جريمة الاختلاس .
الثانية: أن يكون المال خاصا ولكنه موجود تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 عقوبات ايضاً .
ولم يتطلب المشرع فى جريمة الاستيلاء توافر رابطة معينة بين الموظف العام وبين المال موضوع الاستيلاء أو التسهيل فلا يشترط أن يكون المال قد سلم للموظف بحكم وظيفته كما لا يستلزم أن تكون مباشرة الوظيفة هى التى سهلت الاستيلاء على المال العام أو وقوع الجريمة .
ويعد هذا الشرط الفاصل بين هذه الجريمة ومجال جريمة اختلاس المال العام .
3) الركن المادى : يتخذ الركن المادى فى هذه الجريمة إحدى صورتين .
أولا : الاستيلاء بغير حق على المال العام .
ثانياً : تسهيل ذلك للغير .
الصورة الأولى : الاستيلاء بغير حق على المال العام .
ويقصد بالاستيلاء كل اعتداء على ملكية المال العام فى أى عنصر من عناصر هذا الحق وبأى وسيلة من شانها تحقيق هذا الاعتداء .
وتتحقق الجريمة بانتزاع الموظف للمال خلسة أو عنوه أو بطريق الحيلة .. وضمه إلى ملكه أو الحصول عليه لمجرد الانتفاع به ثم ردة عينا على وجه غير مشروع .
ويتحقق الاستيلاء سواء كان المال فى حيازة الموظف بسبب وظيفته أو كان المال فى حيازته بسبب أخر غير الوظيفة أو أن يكون فى حيازة أخرى .
إلا انه فى حالة ما إذا كان المال فى حيازة الموظف بسبب وظيفته فان جريمة الاستيلاء لا تقوم إلا إذا استولى الموظف على المال بنية الانتفاع به فحسب ... ذلك انه إذا استولى على المال بنية التملك فان فعله يدخل فى نطاق جريمة الاختلاس طبقاً لنص المادة 112 عقوبات .
ولم يحدد المشرع وسيله معينه يتم بها الاستيلاء – فقد يتم الاستيلاء عن طريق استخدام ال*** والتهديد إزاء من يحوز المال وذلك لإكراه الأخير على تسليم المال للجانى .
وقد يلجا الجانى إلى اتخاذ الطرق الاحتيالية للحصول على المال المطلوب بدون وجه حق والذى يتواجد فى حيازة الغير مثال أن يقدم الجانى استمارة يزعم فيها قيامه بعمل لحساب الدولة وانه يستحق عليه مكافأة بينما فى حقيقة الحال لم يؤد اية أعمال يستحق عنها تلك المكافأة
الصورة الثانية : تسهيل الاستيلاء للغير .
فى هذه الصورة يستغل الموظف سلطات وظيفته من اجل مساعدة الغير فى الاستيلاء على المال العام .
ويتحقق ذلك بكل سلوك يصدر من الموظف بقصد تمكين الغير من الاستيلاء على المال ... مثال ذلك أن يتعمد حارس مخزن حكومى ، ترك باب المخزن مفتوحا لتمكين أحد الأفراد من سرقة بعض الأدوات أو المهمات المحفوظة به .
والغير الذى سهل له الموظف الاستيلاء إذا كان من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم طبقا لنص المادة 119 مكرر من قانون العقوبات فانه يسال عن جريمة الاستيلاء باعتباره فاعلا أصليا فى الجريمة وإذا لم يكن كذلك فانه يسال كشريك فى الجريمة مع الموظف .
4. الركن المعنوى " القصد الجنائى "
يتخذ الركن المعنوى فى هذه الجريمة صورة القصد الجنائى بعنصرية ( العلم – والإرادة ) وهى جريمة عمديه لا يكفى لتحققها توافر الخطأ ولا يكفى توافر القصد العام لتحققها وإنما يجب أن يتوافر إلى جانبه القصد الخاص .
ويتمثل القصد العام فى جريمة الاستيلاء فى اتجاه إرادة الموظف إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة وانصراف علمه إلى جميع عناصرها فيجب أن يكون عالما بصفته كموظف عام وان يعلم بان المال محل الجريمة مال عام أو مال خاص موجود تحت يد إحدى الجهات الواردة بالمادة 119 عقوبات وان يعلم بأنه لاحق له فى الاستيلاء على هذا المال فإذا انتقى العلم أو الإرادة على النحو المتقدم أو انتفينا معا فلا تقوم الجريمة .
ويتطلب المشرع إلى جانب القصد العام قصداً خاصاً متمثلا فى نية التملك .
5. ويتخذ القصد الخاص فى الجريمة الاستيلاء إحدى صورتين هما :
‌أ- أن تتجه نية الجانى إلى تملك المال بحيث يباشر عليه سلطات المالك وفى هذه الحالة تكون الجريمة جناية .
‌ب- أن تتجه نية الجانى ليس إلى تملك المال وإنما مجرد الانتفاع به ثم رده .
وقد رتب المشرع على اختلاف النية فى الحالتين السابقتين اختلافا جوهرياً فى العقوبة كما يلى .
عقوبة جريمة الاستيلاء
ميز المشرع فى العقاب على الجريمة بين الاستيلاء المصحوب بنية التملك والاستيلاء غير المصحوب بنية التملك .
‌أ- توافر نية التملك :
1. العقوبة الأصلية :وهى عقوبة السجن المشدد أو السجن .
2. العقوبة التبعية والتكميلية والتدابير : نصت المادة 118 من قانون العقوبات على هذه العقوبات والتى يحكم بها عند الحكم بإدانة الموظف فى جناية الاستيلاء أو التسهيل وهذه العقوبات هى :
§ عزل الجانى من وظيفته أو زوال صفته .
§ رد الأموال والأشياء موضوع الاستيلاء أو التسهيل .
§ غرامة مساوية لقيمة ما استولى عليه أو سهل الاستيلاء عليه للغير على إلا تقل عن خمسمائة جنية .
ويجوز للمحكمة فضلا عن ذلك الحكم بكل أو بعض التدابير المنصوص عليها فى المادة 118/ مكرر عقوبات .... وقد سبق دراسة هذه التدابير عند التحدث عن عقوبة الاختلاس .
تشديد العقوبة :
نص المشرع على ظرفين لتشديد عقوبة الاستيلاء المصحوب بنية التملك وذلك فى الفقرة الثانية من المادة 113 من قانون العقوبات لتصبح السجن المشدد او المؤقت وهما .
1. إذا ارتبطت جريمة الاستيلاء بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة .
2. إذا ارتكبت الجريمة فى زمن الحرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
وذلك فضلا عن العقوبات الأخرى التكميلية والتدابير وفقا للقواعد التى اشرنا اليها فيما سبق .
موانع العقاب .
رغبة من المشرع فى الكشف عن جرائم الاختلاس والاستيلاء لاسيما وإنها لا تصل إلى علم السلطات إلا بعد وقت طويل من البحث عن مرتكبيها .
لذلك ذهب إلى تقرير أسباب للإعفاء من العقاب من شانها التشجيع على الإبلاغ عن الجريمة فنص فى المادة 118/ب/ مكرر / من قانون العقوبات على انه :
( يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب كل من بادر من الشركاء فى الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها.
ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائى فيها .
ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقاً للفقرتين السابقتين فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 112 ، 113 ، 113 مكرر إذا لم يؤد الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة ..
ويجوز أن يعفى من العقاب كل من أخفى مالا متحصلا من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب إذا ابلغ عنها وأدى ذلك إلى اكتشافها ورد كل أو بعض المال المتحصل عنها .
وهذا الإعفاء قد يكون وجوبياً إذا كان الشريك غير المحرض قد بادر بإبلاغ السلطات بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها .
وقد يكون جوازيا إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائى فيها .
المبحث الرابع
الغدر
تمهيد :
استهدف المشرع حماية الأفراد والدولة من شر استغلال الموظف العام لوظيفته ...وتجلت حمايته للأفراد من هذا الاستغلال في جريمة الغدر التي نصت عليها المادة 114 من قانون العقوبات والتي تعاقب الموظف العام إذا استغل وظيفته فطلب أو اخذ ما ليس مستحقا من الأعباء المالية العامة الملقاة على عاتق الأفراد
· فنصت المادة 114 من قانون العقوبات على أن "كل موظف عام له شان في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها... طلب ما ليس مستحقا أو ما يزيد عن المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالسجن المشدد أو السجن "
· ويحمى المشرع بهذا النص حقوق الأفراد على أموالهم إزاء استبداد بعض العاملين باسم الدولة.. كما يحمى بهذا النص النظام الديمقراطي في واحد من أهم مبادئه . وهو مبدأ "لا ضريبة إلا بقانون " وهذا المبدأ نصت عليه المادة 119 من الدستور في قولها ( انشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون . ولا يجوز تكليف احد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون ) وقد وضعت المادة 114 من قانون العقوبات الحماية الجنائية لهذا المبدأ..
الفرق بين جريمة الغدر وجريمة الرشوة
على الرغم من وجود التشابه بين هاتين الجريمتين من حيث استغلال الجاني لوظيفته لكي يحصل من أفراد على مال غير مستحق فأنه يمكن التمييز بينهما من عدة وجوه .
· فمن حيث النطاق المادي نجده يقتصر في جريمة الغدر على صورتي الطلب والأخذ .. بينما يتسع في جريمة الرشوة ليشمل فضلا عن هاتين الصورتين صورة القبول
· ومن حيث المقابل نجد الرشوة تستهدف دائما تلقى مقابل للجعل يتمثل في قيام الموظف المرتشي بعمل من أعمال وظيفته أو بالامتناع عن عمل من أعمالها أو بإخلال بواجب من واجباتها ..... بينما الغالب الا يكون لحصول الموظف على ما لا يستحق في جريمة الغدر أى مقابل
· ووجه الخلاف بين الجريمتين يكمن في السند الذي يدعيه الموظف لتبرير الحصول على المال من الأفراد.. فإذا تذرع بالقانون مدعيا أنة يلزم به فالجريمة غدر ... أما أذا طلب المال مقابل قيامة بعمل أو امتناع أو إخلال بواجبات وظيفته.. اعتبرت الجريمة رشوة .
· وللتفرقة بين جريمتي الغدر والرشوة أهمية كبيرة . ففيما يتعلق بالموظف تكون عقوبته اذا كانت الجريمة غدرا اخف من عقوبته إذا أدين في رشوة .
· كما أن مقدم المال في الجريمتين مختلف.. فيعاقب في جريمة الرشوة باعتباره راشيا . في حين يعتبر مقدم المال في جريمة الغدر " مجني عليه " ومن ثم لا عقاب عليه.
· وتقوم جريمة الغدر على أركان ثلاثة " صفة الجاني والركن المادي .. ثم الركن المعنوي..
1. صفة الجاني :. لا تقع هذه الجريمة إلا من موظف عام أو من في حكمة.. ويتعين كذلك أن يكون له شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة. والذي عبر عنها المشرع " بالضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات "
· ولا يشترط أن يكون التحصيل اختصاصه الوحيد ... بل لا يشترط أن يكون اختصاصه الرئيسي .. ولا يلزم أن تكون وظيفة الجاني هي التحصيل بنفسه.. بل يكفى أن يكون له شأن فيه كالإشراف عليه أو المساهمة فيه ويتحدد اختصاص الموظف بالتحصيل أو المساهمة فيه وفقا للقوانين واللوائح أو الأوامر الكتابية أو الشفوية للرؤساء
2. الركن المادى :. يتوافر الركن المادي بطلب أو اخذ ما ليس مستحقا أو ما يزيد على المستحق .. ولم ينص القانون على حاله القبول .
وتعتبر الأعباء المالية غير مستحقة في ثلاث صور هي :.
الصورة الأولـــــى :.إذا كان القانون لا يجيز تحصيلها بناء على السند الذي يستند إلية الموظف في التحصيل
الصورة الثانية :. إذا كانت مما يجيز القانون تحصيلها في وقت أخر خلافا للوقت الذي قام فيه الموظف بالطلب أو الأخذ .
الصورة الثالثـــة :. إذا كانت القانون يجيز تحصيلها بقدر يقل عما طالب به الموظف.. اى أنها تزيد على المستحق قانونا .
و لا يتطلب القانون حصول الموظف على مغنم لوقوع الجريمة . فإذا ورد إلى الخزنة العامة كل ما حصله على وجه غير مشروع فهو يرتكب هذه الجريمة.. ولا يحول كذلك دون وقوع هذه الجريمة رضاء المجني عليه بأداء ما يزيد على المستحق .
ويتعين أن يكون موضوع الطلب أو الأخذ منصبا على العبء المالي العام .. وقد ذكره الشارع على سبيل المثال . ويتمثل في الضريبة والرسم والعوائد والغرامة.
فإذا تجرد المال موضوع الطلب أو الأخذ من طابع العبء المالي العام فأن جبايته غير المشروعة لا تعد عذرا . وتطبيقا لذلك فأن الموظف الذي يحصل من الدولة على مبلغ يزيد على ما يستحقه من مرتب أو مكافأة لا يرتكب عذرا.
3. الركن المعنوي :. يتخذ الركن المعنوي في جريمة الغدر صورة القصد الجنأئى فيتعين أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو اخذ ما ليس مستحقا . مع علمه بأنه غير مستحقه أو انه يزيد على ما يستحقه.. وقد تطلبه الشارع صراحة في قولة ... مع علمه بذلك
فإذا جهل الموظف أن المبلغ الذي طالب به ليس مستحقا أو ما يزيد على عما يستحقه. انتفى القصد الجنائي .. ويكفى لتوافر القصد الجنائي أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو أخذ غير المستحق ولو لم تتجه نيته إلى الاستيلاء على غير المستحق...
ولا عبره بالبواعث .. فالقصد الجنائي يتوافر و لو كان الباعث على الجريمة هو زيادة إيرادات الدولة .. طالما كانت هذه الزيادة غير مشروعة وثمرة استغلال الموظف لوظيفته .
عقوبة جريمة الغدر
عقوبة الغدر هي السجن المشدد أو السجن ويوقع بالإضافة إلى ذلك العزل أو زوال الصفة والغرامة النسبية كما يلزم المتهم كذلك بالرد .
المبحث الخامس
التربح
تمهيد :
نصت على جريمة التربح المادة 115 من قانون العقوبات في قولها " كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره ... بدون وجه حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد .
علة التجريم :. ترجع علة التجريم في جريمة التربح إلى رغبة المشرع في حماية المصلحة العامة من الخطر الذي يتهددها إذا استغل الموظف وظيفته للحصول أو محاولة الحصول لنفسه أو لغيرة بدون وجه حق على ربح أو منفعة... وذلك تقديرا من المشرع على أن تحقيق أو محاوله تحقيق هذا الهدف الخاص عن طريق العمل الوظيفي سيكون على حساب التضحية بالمصلحة العامة أو تهديدها بالخطر .
ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها .. فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي قد يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره ومن المصلحة العامة المكلف بالعمل من اجلها ورعايتها .
كما أن الموظف في هذه الجريمة يستغل وضعه الوظيفي الذي يجعله يدخل مع جمهور المقاولين والموردين في منافسة غير متكافئة إذ يستطيع بفضل ما لديه من معلومات وظيفية أن يتفوق عليهم دون سند مشروع .
أركان الجريمة :. يقتضى تحقق هذه الجريمة توافر أركان ثلاثة هي صفة الجاني والركن المادي ثم الركن المعنوي
أولا : صفه الجاني : يتعين أن يكون الجاني في هذه الجريمة موظفا عاما كما يتعين أن يكون مختصا بالعمل الذي حصل أو حاول أن يحصل منه على ربح أو منفعة .
ولا أهمية لنوع الأعمال المكلف بها بوصفه موظفا عاما كما لا يشترط أن يكون مكلفا بالقيام بجميع أعمال الوظيفة التي تربح منها بل يكفى أن يكون له نصيب منها مهما كان ضئيلا .
فيعتبر مرتكبا للجريمة المهندس الذي يشغل وظيفة عامة ويتربح من عملية أنشاء مبنى للدولة أو رصف طريق . إذا كان له اختصاص ما في هذه العملية وكذلك معاون المدرسة أو الموظف المختص بالمستشفى الذي يتربح من عملية توريد الأغذية اللازمة للمرفق الذي يعمل به أو توريد مستلزمات العمل بهذا المرفق
فإذا إنتفت هذه الصفة عن الجاني فلا يرتكب هذه الجريمة ولو حصل لنفسه أو لغيرة على ربح
ثانيا : الركن المادي : يقوم الركن المادى للجريمة بكل فعل حصل به الجاني أو حاول به الحصول لنفسه على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفية وبكل فعل حصل أو حاول أن يحصل لغيرة " دون حق"على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفية .
ويتضح بذلك أن الركن المادى في جريمة التربح يتمثل في صورتين :
· الصورة الاولى : حصول الجاني لنفسه على ربح أو منفعة أو محاولته ذلك "دون حق "
· الصورة الثانية : حصول الجاني لغيرة على ربح أو منفعة أو محاولته ذلك .
ففى الصورة الأولى : تقع الجريمة ولو كان ما حصل أو حاول أن يحصل عليه الموظف بحق ومن باب أولى تقع الجريمة لو كان ما حصل عليه بغير حق وعلى ذلك انه لا يجوز للموظف أن يحصل لنفسه على أي منفعة شخصية من أعمال وظيفته أو مجرد المحاولة في ذلك وذلك لأنه يتعين عليه أن يباشر وظيفته متجردا عن أي مصلحة خاصة .
وفى الصورة الثانية : لا تقع الجريمة إلا إذا كان ما حصل عليه الموظف أو حاول الحصول عليه لغيرة " بغير حق " ومعنى ذلك انه يشترط لقيام الجريمة في هذه الحالة أن يكون حصول الموظف على ربح أو منفعة لغيرة أو محاولته ذلك بغير حق ومثال ذلك الموظف الذي يرسى العطاء على شخص لم يكن عطاؤه أفضل العروض التي قدمت للإدارة .
ويستوي أن تكون الفائدة التي حصل عليها الجاني لنفسه أو لغيرة و حاول ذلك مادية أو معنوية ويتضح ذلك من استعمال المشرع لفظ منفعة وتطبيقا لذلك فانه يرتكب جريمة التربح الموظف الذي يعين شخصا في وظيفة أو يرقيه دون استحقاق لذلك
وليس من عناصر الركن المادى أن يصيب المصلحة عامة ضرر أو أن تتعرض لخطر بل أن الجريمة تقوم ولو عاد العمل على مصلحة الدولة بفائدة
ولا يشترط لوقوع الجريمة أن يكون المال موضوع الجريمة مال عاما بل تقع الجريمة ولو كان مالا خاصا طالما أن للدولة شأن به
ثالثا : الركن المعنوي : تعتبر جريمة التربح من الجرائم العمدية التي يقتضى لقيامها توافر القصد الجنائي العام والخاص
ويتطلب القصد العام علم الجاني بأنة موظف وانه مختص بالعمل الوظيفي وعلمه انه من شأنه فعلة تحقيق ربح أو منفعة وعلمه في حاله تحقيق ربح أو منفعة لغيرة أن ذلك بدون حق واتجاه ارادته إلى القيام بهذا الفعل
ويتطلب القصد الخاص اتجاه إرادة الموظف إلى الحصول على ربح أو منفعة سواء لنفسه أو لغيرة
عقوبة التربح
حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة فجعلها السجن المشدد ويحكم بالإضافة إلى ذلك بالعزل أو زوال الصفة ويقضى كذلك بالغرامة النسبية والرد وإذا كان فعل المتهم مجرد محاولة الحصول على ربح حددت الغرامة النسبية بقيمة ما كان يحاول الحصول عليه أن أمكن تحديده وإلا قضى بحدها الأدنى ولا محل في هذا الفرص للحكم بالرد
  #19  
قديم 01-10-2010, 06:45 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114 ماده قانون الاحوال الشخصيه منهج جديد شعبه قانون

الباب الأول :الــــزواج
الفصل الأول :الخطبـــــة
إذا وقع اختيار الرجل على امرأة أو فتاه معينة للزواج منها، فإنه يتقدم إلى وليّها لخطبتها تمهيداً للزواج منها، إن لقي القبول والموافقة.
المبحث الأول
"تعريف الخطبة، وطبيعتها، وحكمة تشريعها"
أولاً : تعريف الخطبة :
- الخِطْبة في اللغة : بكسر الخاء وسكون الطاء؛ طلب التزوج بالمرأة . يقال : خطب المرأة إلى القوم: إذا طلب أن يتزوج منهم. واختطبه القوم: دعوه إلى تزويج صاحبتهم.
- وأما الخِطْبة في اصطلاح الفقهاء فهي: وعد متبادل بين الرجل والمرأة أو بين الأولياء على الزواج في المستقبل .
- فإذا أجابت المرأة أو من يمثلها، رغبة خاطبها، في أن تكون زوجة تعتبر الخِطْبةقد تمت بينهما شرعاً، فهي درجة متوسطة بين التفكير في الزواج وإبرام العقد بين الزوجين، فليست هي العقد وإنما هي وعد بإتمام العقد في المستقبل .
- والأصل أن الخِطْبة تكون من الرجل وهذا ما دعا كثير من الفقهاء إلى القول: بأن الخِطْبة: طلب الرجل التزوج من امرأة معينة. والمرأة بطبيعتها وحيائها، لا تبدي رغبتها في الزواج، وخاصة لو كانت هذه الرغبة في رجل بعينه .
- ولكن الشرع الإسلامي لا يمنع الخطبة من المرأة أو وليها . وكذلك كانت الخِطْبة قبل الإسلام . فقد عرض شُعيب "عليه السلام" إحدى ابنتيه على سيدنا موسى بعد أن سقى لهما، يقول الله تعالى : [ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ] ونجد أن السيدة خَديجة رضي الله عنها هي التي قد بدأت الرسول قبل الرسالة، بإظهار رغبتها في التزوج منه. وكذلك المرأة التي جاءت تهب نفسها للنبي r. وكذلك عمر بن الخطاب، عرض ابنته حفصة على كبار الصحابة، وعرض الرسول r ابنته على سيدنا عثمان ابن عفان t .
- فلا حرج إذن في خِطْبة المرأة للرجل، بشرط ألا يترتب على ذلك شيء من الأذى والمضار، وأن تلتزم فيه المرأة طريق العرض أو التعريض المقترن بالحياء، وحفظ ما يتطلبه الشرع لها من كرامة وإعزاز .
· الخلاصة : يمكن تعريف الخطبة :
الخِطْبة هي إظهار الرغبة في الزواج بامرأة معينة والإفضاء بهذه الرغبة إلى المرأة أو من يمثلها، فإذا أجابت المرأة أو من يمثلها رغبة خاطبها في أن تكون زوجة، تعتبر الخطبة قد تمت بينهما شرعا، فهي درجة متوسطة بين التفكير في الزواج وإبرام العقد بين الزوجين، فليست هي العقد وإنما وعد بإتمام العقد مستقبلاً.
ثانيا : طبيعة الخِطْبة :ذكرنا عند تعريف الخِطْبة في اصطلاح الفقهاء: أن الخِطْبة هي "وعد متبادل بين رجل وولي امرأة على الزواج بها في وقت لاحق "
وواضح من هذا التعريف للخِطْبة في اصطلاح الفقهاء :
- أن الخطبة في الشريعة الإسلامية هي مجرد وعد متبادل على إنشاء عقد الزواج في المستقبل فهي إذَن ليست عقداً، حتى ولو اقترنت بقراءة الفاتحة – كما اعتاد الناس ذلك في هذه الأيام ؛ لأن قراءة الفاتحة هي من باب التَبرُّك.
- كذلك فإن تقديم بعض الهدايا من الخاطب لمخطوبته، أو حتى دفع المهر كله أو بعضه، لا يحول الخِطْبة من مجرد وعد إلى عقد، لأنها في واقع الأمر وحقيقته تعتبر مرحلة تمهيديه لعقد الزواج، تعطى كلا من طرفيه فرصة لإعداد نفسه لإتمام عقد الزواج، ومعرفة ما يلزم معرفته عن الطرف الآخر وأسرته، حتى إذا ما اطمأنت نفسه إليه أقدم على إتمام الزواج بنفس راضية وقلب مطمئن .
- وإن ظهر له في فترة الخِطْبة ما يجعله غير راض عن الطرف الآخر، بسبب ما عرفه عنه من أخلاق وصفات لم يكن على دراية بها عند الخِطْبة، فيمكنه إعادة النظر في إتمام الزواج، وذلك بالعدول عن الخِطْبة، إذا تبين له أن إتمام الزواج ليس في مصلحته، ولن يحقق له الأهداف والمعاني التي من أجلها شرع الزواج في الإسلام، والتي تضمنت أهمها الآية الكريمة: [ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَودَّةً ورَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ ](الروم : 21).
صيغة الخِطْبة : ليس للخِطْبة في الشريعة الإسلامية صيغة معينة، يلتزم بها الخاطب أو من ينيبه عنه في القيام بخطبة امرأة معينة، حيث تصح الخِطْبة بكل عبارة تفيد الرغبة في الزواج ممن تقدم لخطبتها، وموافقة الطرف الأخر على ذلك، وتواعدهما على إتمام عقد الزواج في وقت لاحق .
وإذا كان الناس قد اعتادوا قراءة الفاتحة عند إتمام الخِطْبة، فليس هذا شرطاً في صحة الخِطْبة أو من لوازم تمامها، وإنما هو من باب التَبرّك والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يبارك هذا الاتفاق، وأن يكون عونًا للخاطبين في إتمام الزواج، وأن يوفقهما في مستقبل حياتهما الزوجية.
ثالثا : حكمة تشريعها :
أ- حكمة مشروعية الخِطْبة : نظراً لأهمية عقد الزواج وخطورته، إذ يترتب عليه تكوين أسرة معينة، هي لبنة من لبنات المجتمع، فقد اهتم الإسلام به، وأتاح لكل من طرفي العقد، الفرصة لمعرفة الآخر قبل إبرام العقد، والخطبة هي الوسيلة لهذه المعرفة .
- ومن ثم فقد شُرِعَتْ الخِطْبة، لتحقيق أغراض كثيرة ، أهمها :
1. تيسير سبل التعارف بين الخاطب والمخطوبة وأهليهما لأنه قد لا تتوافر سبل البحث وأسبابه كاملة عن أحوال الخاطب أو المخطوبة ، فتكون الخِطْبة باباً مفتوحاً للإطلاع على هذه الأحوال . وبذلك يتم الزواج بعد بحث وروية واطمئنان .
2. تنمية المودّة : فالخِطْبة تساعد كلاً من الخاطب والمخطوبة على التكيُّف التدريجي على العشرة. فخلال فترة الخِطْبة يتحرى كل من الخاطب والمخطوبة بحذر، ويعرف كل منهما حق الآخر ويحرص على احترامه، ويتعامل معه وكله أمل في رضاه، وكله رغبة في تحقيق مطالبه. فإذا اعتاد كل من الخاطب والمخطوبة ذلك، ثم انتهت الخِطْبة بالزواج. فقد يستمران على هذا الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التضحية والإيثار .
3. فترة الخِطْبة مملوءة بالكثير من المشاعر والذكريات ، مما يزيد المودة بين الخاطب والمخطوبة، ويكون له أثره الطيب بعد الزواج .
4. الخِطْبة تؤدي إلى الاستقرار النفسي؛ لأنها تربط بين الخاطب والمخطوبة برباط تمهيدي. يُمكن كلا منهما من الاطمئنان على زواجه مستقبلا من الطرف الآخر دون أن يسبقه غيره إليه. خصوصا إذا تمت الخِطْبة في وقت قد لا تساعد الظروف كلا منهما أو أحدهما على إتمام الزواج بالآخر. ولا شك أن مثل هذه الظروف تسبب قلقاً كبيراً لشباب اليوم، والخِطْبة علاج لهذا القلق على الحبيب الآخر .
5. وبعد انتهاء فترة الخِطْبة، يستطيع كل من الخاطب والمخطوبة، أن يقرر رأيه النهائي في الشخص الآخر. هل سيرتبط به؟ ومن ثم يتم إبرام عقد الزواج، أم يتبين له أن هذا الشخص غير مناسب له فيعدل عن الخِطْبة، ومن ثم لا يبرم عقد الزواج، ويمضي كل منهما لحال سبيله .
ب – الدليل على مشروعية الخِطْبة :دل على مشروعية الخِطْبة : الكتاب، والسنة، والإجماع، والعرف
1- الكتـاب :دل على مشروعية الخِطْبة من الكتاب قوله تعالى: [ ولا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أو أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَولاً مَعْرُوفاً ولا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ] ( البقرة: 235 ) .
وجه الدلالة: أن الله "عز وجل" أباح خطبة المعتدة من وفاة تعريضاً، فتكون إباحة خطبة غيرها من غير المحرمات جائزة من باب أولى .
2- السنة :وردت في السُنَة النبوية أحاديث كثيرة تدل على مشروعية الخِطْبة، نذكر منها ما يلي :
‌أ- فمن السنة القولية: قولهr: " لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب"، وهذا يدل على أن الخِطْبة مشروعة للخاطب الأول، وأنه يجب احترام حقه في الخِطْبة .
‌ب- ومن السُنَة الفعلية : وردت الآثار بأن النبي rخطب بعض زوجاته، كأم سلمة، وجويرية رضي الله عنهما .
‌ج- ومن السُنَة التقريرية: فقد ثبت أن الصحابة مارسوا الخِطْبة على عهد رسول الله r وأمَرّها ولم ينكرها. بل وقال لبعض من خطبوا، كالمغيرة بن شُعبة : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " فدل هذا على مشروعية الخِطْبة .
3- الإجمـاع : أجمع علماء المسلمين من عهد رسول اللهr وإلى يومنا هذا على جواز الخِطْبة ومشروعيتها.
4- العرف : جرى عرف المسلمين منذ زمن بعيد ، على الخِطْبة قبل الزواج ، وهو عُرّف صحيح لا يعارض نصاً في كتاب أو سُنّة .
المبحث الثاني
" شروط صحة الخِطْبة "
الخِطْبة مقدمة للزواج ووسيلة إليه، وليست مقصودة لذاتها، بل المقصود منها الزواج، حتى أن عقد الزواج لو تم بغير خطبة كان عقداً صحيحاً شرعاً لا تشوبه شائبة، وعلى ذلك لا يحل للشخص أن يخطب امرأة إلا إذا كان يجوز له العقد عليها في الحال، لأن ما يمنع انعقاد الزواج يمنع انعقاد الخِطْبة، والزواج لن ينعقد مع وجود مانع من موانعه، وكذلك الخِطْبة التي هي وسيلة إليه.
.. ولما كانت الخِطْبة مقدمة للزواج، ومرحلة تمهيدية لإتمامه كان من أهم شروطها :
- أن تكون المخطوبة صالحة للزواج بها من الخاطب لحظة التقدم لخطبتها، بمعنى ألا تكون ممن يحرم عليه الزواج بهن، سواء كانت الحُرمـة مؤبدة أو مؤقتة، وعلى ذلك فلا تجوز خطبة من يحرم الزواج بها، سواء كانت الحرمة مؤبدة أو مؤقتة، وسواء كانت بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع .
- كذلك لا تجوز خطبة زوجة الغير، سواء كان ذلك بطريق التصريح أو التعريض؛ لأن في ذلك اعتداء على حق الزوج وعلى كيان أسرته، ولما قد يترتب على ذلك من فساد وفِتَن، وربما يؤدي إلى أن تفسد الزوجة حياتها مع زوجها، وتسئ معاشرته، حتى تدفعه إلى طلاقها، بعد أن كانت حياتها مع زوجها هادئة آمنة مستقرة .
- كذلك لا يجوز للمرأة أن تُعمد إلى رجل متزوج فتدعوه إلى الزواج بها، وقد تلمح له بما عندها من مميزات لا توجد عند زوجته، فيدفعه ذلك إلى طلاقها ليتزوج بهذه المرأة . وقد نهى الرسول عن ذلك بقولهr " لا تساُل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها " .
وعلى ذلك نعرض لموانع الخِطْبة : موانع الخِطْبة ثلاثة :
المانع الأول:ألا تكون المخطوبة محرمة على الخاطب بسبب من أسباب التحريم المؤبد كأمه أو أخته أو عمته أو خالته أو المؤقت كالمرتدة والمشركة، وزوجة الغير ومعتدته.
أ‌- لأن المحرمة مؤبدًا : لا يجوز له أن يتزوجها بحال من الأحوال، لأن سبب التحريم وصف لازم غير قابل للزوال، فالأمومة والأخوة والعمومة، صفات لازمة دائمة لا تقبل الإسقاط أو التنازل أو التغيير
ب‌- والمحرمة مؤقتاً : لا يجوز له الزواج بها مادام سبب التحريم قائما، لكن إذا زال التحريم بأن رجعت المرتدة، واعتنقت المشركة دينا سماويًا أو طلّق الغير زوجته وانقضت عدتها منه، فإنه يجوز لمن يريد التزوج بها أن يخطبها، لأنه يجوز له أن يتزوجها .
المانع الثاني : ألا تكون معتدّة : ومعتدة الغير إما أن يكون اعتدادها بسبب وفاة زوجها، فتسمى معتدة وفاة، وإما أن يكون اعتدادها بسبب الطلاق وتسمى معتدة طلاق سواء كان طلاقها رجعيًا أو بائنًا بينونة صغرى أو كبرى أو معتدة من نكاح فاسد أو شبهة .
المانع الثالث : ألا تكون مخطوبة لغيره وألا يكون مخطوباً لغيرها من موانع الخِطْبة ألا تكون المرأة مخطوبة لغير الخاطب، وألا يكون الرجل مخطوبًا لغيرها، وإذاً فالخطبة على الخِطْبة لها حالتان، خطبة الرجل على الرجل، وخطبة المرأة على المرأة .
الحالة الأولى: خطبة الرجل على الرجل : يختلف الحكم الشرعي في خطبة الرجل على الرجل باختلاف حال المخطوبة من : موافقة أو تردد أو رفض . ولكل صورة حكم خاص بها .
الصورة الأولى : إجابة الخاطب والرضا به .
إذا أجيب الخاطب الأول بالموافقة، ورضيت به المخطوبة فلا يجوز لخاطب آخر أن يتقدم لخطبتها، لأن ذلك يكون اعتداء وإيذاء على الخاطب الأول، وقد نهى الله تعالى عن إيذاء المؤمنين بشتى وسائل الإيذاء فقال تعالى : [ والَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وإِثْماً مُبِيناً] (الأحزاب : 58 ) .
وقد ذكر الفقهاء شروطا لتحريم الخِطْبة على الخِطْبة، يلزم توافرها، بحيث إذا فقد شرط منها كانت الخِطْبة منهياً عنها .
وهذه الشروط هي :
الشرط الأول : أن يكون الخاطب الثاني عالما بخطبة الأول ، فإذا لم يكن عالما بخطبته كان معذوراً بجهله
الشرط الثاني : أن يكون عالما بأن الخاطب الأول قد أجيب لخطبته، ويعذر بجهله لأن الأصل عدم الإجابة، ويستوي أن يكون الأول صالحًا أو فاسقًا، حتى لو كان فاسقا لا يجوز لأخر أن يخطبها ولو كان صالحا لعموم الأدلة .
الشرط الثالث : أن يكون عالما بتحريم الخِطْبة على الخِطْبة في تلك الحالة .
الشرط الرابع: أن تكون الخِطْبة الأولى جائزة، فإذا كانت محرمة فلا مانع من خطبته، كأن يكون الخاطب الأول في العدة، فتجوز خطبة الثاني خارج العدة، ولا عبرة لخطبة الأول.
الصورة الثانية من صور الخِطْبة على الخِطْبة :التردد بين الإجابة والرفض
جمهور الفقهاء: على أنه يجوز لآخر أن يتقدم لخطبتها في أثناء مدة التردد هذه من غير أن يكون قد ارتكب معصية الخِطْبة على الخِطْبة، واستدلوا على ذلك بما يأتي :
أولاً : بقصة فاطمة بنت قيس عندما جاءت إلى رسول الله r، بعد أن طلَّقها زوجها وانقضت عدتها منه، فأخبرته، أن معاوية بن أبى سفيان، وأبا جهم، خطباها، فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام (انكحي أسامة بن زيد) فقد دلت هذه القصة على جواز الخِطْبة أثناء فترة التردد والمشاورة، لأن فاطمة كانت مترددة، لم تقطع برأي في واحد منهما، ومن ثم خطبها الرسول r لأسامة وأشار عليها به .
ثانيا: إن حالة التردد والمشاورة حالة شك بين الإجابة والرفض، لا يتيقن واحدة منهما. ويعتبر التردد والسكوت عن الأول بمثابة الرفض الضمني وليس في ذلك اعتداء عليه لأن حقه لم يثبت بعد .
الصورة الثالثة :رد الخاطب ورفضه :
لا خلاف بين الفقهاء على أن من خطب امرأة وردَّته ؛ جاز لغيره أن يخطبها، فإن مجرد خطبتها لا يكسبه حقا يمنع الناس من التعدي عليه، ويجب على الخاطب قطع الخِطْبة لأن تماديه يؤدي إلى الإضرار بها والظلم لها في منعه بذلك غيره من خطبتها، ولا يكون حراما على المرأة ردّها خاطبها ما لم يكن الرد لأجل خطبة الثاني .
الحالة الثانية من حالات الخِطْبة على الخِطْبة : خطبة المرأة على المرأة .
سبق القول أنه لا بأس أن تخطب المرأة لنفسها رجلا فاضلاً، أو أن يخطبه لها وليها برضاها، فإذا حصل ذلك وأجاب المخطوب، أمتنع أن تخطبه امرأة أخرى بعد ذلك لأنه كما يحرم على الرجل أن يضار آخر ويؤذيه، يحرم على المرأة أن تضار أخرى وتؤذيها. غير أن تحريم خطبة المرأة مقيد بما لو كان الرجل لا يريد أن يتزوج إلا بواحدة، أو كانت المجابة يكمل بها العدد المباح له شرعا، وإلا جاز لأن من حقه أن يجمع بين أربعة متى توافرت الشروط .
وهذا التحريم محمول على ما إذا لم يكن هناك سبب يجيز ذلك : لريبة في المرأة لا ينبغي معها أن تستمر في عصمة الزوج، ويكون ذلك على سبيل النصيحة المحضة، أو الضرر يحصل لها من الزوج أو للزوج منها إلى غير ذلك من المقاصد المختلفة. وعلى هذا يجوز للمرأة أن تخطب رجلا متزوجا ويجوز لوليها أن يخطب رجلا متزوجا، أن لم يعلن هذا الرجل عن رغبته في عدم التزوج إلا بزوجه واحدة .
ويستدل لهذا بفعل عمرt حين عرض ابنته حفصة على عثمان وأبى بكرt وهما متزوجان، ولم ينكر الرسول r .
... وعلى ذلك فموانع الخِطْبة ثلاثة :
المانع الأول: ألا تكون المخطوبة محرمة على الخاطب بسبب من أسباب التحريم المؤبد أو المؤقت .
المانع الثاني : ألا تكون معتدة .
المانع الثالث : ألا تكون مخطوبة لغيره .
شروط صحة الخِطْبة :
نظرا لأهمية الخِطْبة، كتمهيد لعقد الزواج ومقدمة من مقدماته، وضع لها الشارع الحكيم شروطا لابد من توافرها، حتى تكون صحيحة، وتصلح بعدها للمضي في أبرام عقد الزواج.
... والشروط التي يجب توافرها في الخِطْبة هي :
الشرط الأول: أن تكون المرأة المراد خطبتها صالحة لعقد الزواج عليها في الحال، فإذا كانت غير صالحة لعقد الزواج عليها في الحال فلا تجوز خطبتها . وقد سبق إيضاح ذلك في موانع الخِطْبة
الشرط الثاني : ألا تكون المرأة مخطوبة للغير : يشترط لجواز الخِطْبة ألا تكون المرأة مخطوبة لشخص آخر قبل الخاطب، فإذا كانت المرأة قد سبق أن خطبها شخص آخر، ولا تزال مخطوبة، فلا يجوز لأحد أن يتقدم لخطبتها والحكمة من النهي عن خطبة المرأة المخطوبة: هي منع العداوة والبغضاء بين الناس . ومنع الاعتداء على حق الخاطب الأول
الشرط الثالث : أن يعرف كل منهما هيئة وشخصية الآخر :
ولا سبيل إلى ذلك إلا برؤية الخاطبين لبعضهما. ولهذا كان من محاسن التشريع الإسلامي إباحة النظر إلى المخطوبة والتحدث إليها، بل جعل ذلك مندوباً مرغوباً فيه .
الشرط الرابع : أن يجتهد كل واحد من الطرفين في معرفة حال الآخر:
وما نشأت عليه نفسه من اختلاف وعادات تصلح في نظره أساس لدوام هذه العشرة وتحقيق ثمرتها. وطريق هذه المعرفة هو البحث والتحري، وسؤال من يخالط الأسرتين ويعرف عاداتهما وتقاليدهما لأن الإنسان يتأثر بمن يحيط به ويعاشره .
الشرط الخامس : موافقة المرأة على الخِطْبة :
- تشترط الشريعة الإسلامية أن يؤخذ رأي المرأة عندما يتقدم أحد لخطبتها، لأن الخِطْبة تؤدي إلى الزواج، وقد اشترطت الشريعة موافقة المرأة على الزواج سواء أكانت بكراً أم ثيباً ولأن رابطة الزواج تقوم على شركة بين اثنين، فيجب لقيام هذه الشركة، موافقة الشريكين موافقة صادرة عن رضا واقتناع .
- وكما يشترط رضاء المرأة وموافقتها، فيشترط أيضا رضاء الولي، لقولهr :" لا نكاح إلا بولي" إلا أنه لا يجوز للولي، أن يتعنت، فيمنعها من الزواج بدون سبب معقول، إذا كان المتقدم للزواج كفئاً لقولهr : " ثلاث لا يؤخرون : الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها زوجاً "
... وعلى ذلك فهناك خمسة شروط لصحة الخِطْبة :
الشرط الأول : أن تكون المرأة المراد خطبتها صالحة لعقد الزواج عليها في الحال .
الشرط الثاني : ألا تكون المرأة مخطوبة للغير .
الشرط الثالث : أن يعرف كل طرف هيئة وشخصية الآخر .
الشرط الرابع : أن يسعى كل واحد من الطرفين التعرف على حال الآخر .
الشرط الخامس : موافقة المرأة على الخِطْبة .
وكما يشترط رضاء المرأة وموافقتها، فيشترط أيضاً رضاء الولي لقوله r : "لا نكاح إلا بولي ".

  #20  
قديم 01-10-2010, 06:47 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
افتراضي

المبحـث الثالـث
حُكـم العـدول عن الخِطْبـة
المطلب الأول : حكم العدول عن الخِطْبة أو فسخها :
الخِطْبة مقدمة لعقد الزواج. فهي ليست عقداً ملزماً، وإنما هي وعد والتزام بها التزام خلقي، إذ أن الإسلام يحض على الوفاء بالوعد، ويجعل ذلك من ألزم صفات المؤمن، وصدق الله العظيم؛ إذ يقول: [الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ولا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ](الرعد:20)، [ وأوفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ولا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوكِيدِهَا وقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ](النحل:91).
فالخطبة وعد بإتمام الزواج، ونقضه، وخلفه –من غير ضرورة– خلف للوعد، وخلف الوعد ثلث النفاق، وصدق رسولr الذي علمنا أن آية المنافق ثلاث: إذا حَدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان.
- وما عليه جمهور الفقهاء هو أن العدول عن الخِطْبة في ذاته لا يعتبر إساءة استعمال حق وعليه فلا يلزم من عدل عن الخِطْبة بشيء نتيجة عدوله هذا، ما لم يكن قد صاحب عدوله ضرر .
- فإذا نتج ضرر لأحد الطرفين نتيجة عدول الآخر عن الخِطْبة فإن للقاضي أن يحكم بتعويض مناسب لما وقع من ضرر نتيجة استعمال أحد الطرفين حقه استعمالاً أساء به إلى الطرف الثاني . وألحق به من الأضرار ما يستحق عليها التعويض.
- هذا ولا يخفى أن الضرر الناشئ نتيجة وقوع المضرور في أحلام اليقظة، ضرر لا يستحق المضرور التعويض عنه، لأنه هو الذي أو هم نفسه وغرر بها، والضمان قرين التغرير أما الاغترار فلا ضمان به.
- كما لا يخفى أنه يلزم كل من الطرفين أن يعلم علم اليقين أن للطرف الثاني حق العدول عن الخِطْبة، ولذا فإنه يلزمه تأمين نفسه والاحتراز بعرضه، والصيانة لماله، فمن فرّط في شيء من ذلك، ثم عدل الطرف الثاني عن الخِطْبة، فلا يلومن المفرط إلا نفسه، ولا حق له يعوض عنه، إذ هو الذي أو قع نفسه في المحظور .
- وعلى هذا فالضرر الذي ينشأ وليس للخاطب دخل فيه فإنه لا يلزمه تعويض – أما إذا كان له دخل فيه كأن طلب إلى مخطوبته أن تترك تعليمها. أو أن تجهز نفسها بجهاز معين ترتب عليه إرهاق أسرتها ماليًا، ثم عدل عن خطبته لها دون مبرر مقبول، فأنه والحالة هذه يلزمه بتعويض لا عن العدول عن الخِطْبة ولكن عن الضرر الناجم عن ذلك .
ومثاله ما إذا طلبت المخطوبة من خطيبها أن ينقل نفسه إلى مكان معين، الأمر الذي يترتب عليه ترك سكن وتدبير آخر وما إلى ذلك، ثم تعدل المخطوبة عن الخِطْبة، فإن للخاطب في مثل هذا الطلب التعويض مادام لا يوجد سبب يدعوها إلى ذلك من جانبه، إذ هي قد أساءت استعمال حقها، فيلزمها التعويض .
المطلب الثاني : حكم استرداد ما قُدَّم :
- اعتاد كثير من الناس أن يقوم بعد الخِطْبة بتقديم المهر المتفق عليه إلى أهل مخطوبته ليقوموا هم بدورهم –كما اعتاد الناس– بتجهيز ابنتهم ثم يتبع الخاطب ذلك، أو يسبقه بتقديم هدايا في صورة شبكة أو غير ذلك مما اعتاده الناس.
- إذا تم الزواج وسارت الأمور سيرها العادي، فلا يُنظر إلى ما قدم أو أخرّ.
أولاً : بالنسبة للمهر :
- أما إذا حدث شيء يُعكَّر الصفو، ويصل بالأمر إلى فسخ الخِطْبة فإن هذا الفسخ يترتب عليه بعض أمور تتصل بكل من المخطوبين، وما تم دفعه من مهر أو هدايا وما إلى ذلك.
- ومما هو معروف أن المهر يلزم بالدخول الحقيقي أو الدخول الحكمي أما إذا لم يحدث دخول حقيقي أو حكمي وتم الطلاق قبل الدخول فإنه يلزم بذلك نصف المهر .
- جاء ذلك في قوله تعالى: [ وإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أو يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ولا تَنْسَوا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ] (البقرة : 237 ) .
- كل ذلك إذا كان هناك عقد، أما إذا لم يتعدَّ الأمر الخِطْبة فقط وحدث فسخ للخطبة فإنه لا يلزم بذلك شيء من المهر .
- إذ المهر أثر من أثار العقد وما دام العقد لم ينعقد أصلاً نظراً لحدوث فسخ الخِطْبة فلا يترتب شيء، " مادام هذا الشيء أثراً لمؤثر لم يوجد أبداً " هذا ما عليه إجماع القول الفقهي سواء أكان العدول من جهته وبسببها أو من غير أن يكون لها دخل في ذلك .
- وعليه فتُلزم هي أو وليها برد ما دفعه الخاطب على أنه مهر أو جزء من المهر. يُرَدّ بعينه إن كان عينيًا أو بقيمته إذا استهلكت عينه وكان قيميًا، هذا بالنسبة للمهر.
ثانيا : بالنسبة لما قدمه من الهدايا :اعتاد الناس تقديم بعض الهدايا قبل الخِطْبة وبعدها، مثل بعض الملابس أو المأكولات من حلوى وغيرها، وكذا أنواعاً من الحُلي والخواتم وما شابه ذلك.
وما يقدم على أنه هدية ذهب الفقهاء في القول بردَّه أو عدم ردَّه إذا حدث فسخ للخطبة إذ أن هذه الهدايا قد جعلها البعض من الهبات وأضفى عليها ما للهبة من أحكام من حيث الرجوع فيها وعلى ذلك ينظر العدول عن الخِطْبة، أهو من جانب الخاطب، أم من جانب المخطوبة وبسببها .
- فإن كان من جانبه هو فليس له حق في المطالبة برد ما قدم من هدايا، حتى ولو كانت قائمة وموجودة عندها بأعيانها وحالها التي أهديت عليه.
- وأما إن كان العدول من جانبها وبسببها فإن عليها أن تقوم برد كل ما قُدَّم لها من الهدايا التي لا تزال قائمة بأعيانها، أما إذا كانت بعض الهدايا قد هلكت، أو استهلكت، فإنها تلزم برد مثلها إن كانت مثلية، أو برد قيمتها إن كانت تلك الهدايا قيمية إذا كانت ذات قيمة يعتد بها ، وتقدير ذلك متروك للقاضي .
ولا يخفي أن هذا الرأي أكمل عدلا وأليق تطبيقا وأحرى إتباعا. لأن فيه مراعاة الجانبين وحال الفسخ وما يتبعه، ويكفي من كان العدول من جانبه ما حدثه من إيلام للطرف الآخر. بعدوله هذا، والعدل لا يقضي أن يجمع إيلامين على الشخص في وقت واحد .
وقد روعي في قضاء الأحوال الشخصية وتشريعها ذلك .
وقد استقر القضاء أخيراً – كما يقول الدكتور عبد الرازق السنهوري في الوسيط – على ما يلي :
1. الخِطْبة ليست بعقد ملزم .
2. مجرد العدول عن الخِطْبة لا يكون سببا موجبًا للتعويض.
3. إذا اقترن العدول عن الخِطْبة بأفعال أخرى ألحقت ضرراً بأحد الخطيبين جاز الحكم بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية. وقد قررت محكمة النقض هذه المبادئ في حكمها الصادر ت 14 ديسمبر سُنّة 1939، وأن ما انتهى إليه القضاء من هذا الموضوع يتفق مع ما تقتضيه قواعد الشريعة الإسلامية ومما سبق بيانه من الأقوال يتضح أن أعدل الآراء بلا ريب رأي من يوجب رد الهدية بعينها إذا كانت قائمة، وقيمتها إن هلكت أو استهلكت إذا صدر العدول من جانب المُهْدَى إليه "الخطيبة" إذا ليس من العدالة أن يجمع على المُهْدَى (الخطيب) ألم العدول مع الغرم المالي .
- فإن كان العدول من المُهْدَى فلا ترد إليه هداياه حتى لا يجتمع على المهدي إليه ألم العدول وألم الاسترداد .
الفصـــل الثانـــي
ماهيـــة الـــزواج وشروطـــه
المبحث الأول
تعريف الزواج
المطلــب الأول
فــي التعريــف بالـزواج
أ- الزواج في اللغة : الاقتران والارتباط .
- يقال: زوج الشيء بالشيء، وزوجه إليه: قرنه به، أو ربطه به. وقد جاء لفظ الزواج في القرآن الكريم بهذا المعنى ومنه قوله تعالى: [ كَذَلِكَ وزَوجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ] (الدخان: 54)، أي قرناّهم وربطناهم ببعض، وقوله تعالى : [ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأَزْواجَهُمْ ومَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ] (الصافات:22)، أي وقرناءهم الذين يزينون لهم الظلم ويعزونهم به .
- وقد شاع استعمال كلمة " الزواج " في اقتران الرجل بالمرأة وارتباطه بها على سبيل الدوام والاستمرار لتكوين الأسرة، بحيث إذا أطلق الزواج لا يقصد منه إلا هذا المعنى.
- كما شاع استعمال كلمة "النكاح" في معنى الزواج، وهو الكثير في لغة القرآن الكريم، ومنه قوله تعالى : [ ولا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ] (البقرة: من الآية 235) أي عقدة الزواج، وقوله تعالى: [ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ] (النساء: من الآية3) أي تزوجوا. وقوله تعالى: [ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ] (البقرة: من الآية221) أي لا تتزوجوا المشركات .
‌ب. وأما تعريف الزواج في اصطلاح الفقهاء فهو يترادف مع النكاح وهو عبارة عن: "عقد يفيد ملك المتعة قصداً" . أو هو "العقد الذي يعطى لكل واحد من الرجل والمرأة حق الاستمتاع بالآخر مدى الحياة على الوجه المشروع ".
أو هو"عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة، وتعاونهما، ويحدد ما لكليهما من حقوق، وما عليه من واجبات " .
ومتى تم عقد الزواج، بتحقيق أركانه، وشروطه، حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر بعد ما كان حراماً عليهما قبل الزواج، ولكن استمتاع الزوجة مقصور على زوجها وحده دون سواه، لأنه لا يحل لها تعدد الأزواج حتى لا تختلط الأنساب، وأما استمتاع الزوج فليس مقصوراً عليها وحدها، لأنه يحل له أن يعدد زوجاته، لأن تعدد الزوجات مباح في الإسلام – بشروطه – فيجوز لزوجها أن يتمتع بها، ويتمتع بزوجة أخرى له غيرها، تشاركها في التمتع بهذا الزواج .
وعلى ذلك: يعرف الزواج بأنه عقد يفيد حل المعاشرة بين الرجل والمرأة وتعاونهما ويحدد ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات .
ويراعى أن الحقوق والواجبات التي قررها هذا التعريف للزواج هي من النظام العام لا تخضع لما يشترطه العاقدان من شروط أيًا كان قدرها، لذلك كان عقد الزواج عند أكثر الأمم تحت ظل الأديان لتكتسب آثاره قدسيتها فيخضع لها الزوجان عن طيب نفس وارتياح .
المطلب الثاني
أدلة مشروعية الزواج، وحكمة هذه المشروعية
الفرع الأول : أدلة مشروعية الزواج :
‌أ. الدليل على مشروعية الزواج ورد في الكتاب، والسُنَة، والإجماع .
1. الكتاب: دل على مشروعية الزواج من الكتاب آيات قرآنية كثيرة نذكر منها قوله تعالـى : [ ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَودَّةً ورَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ ] (الروم:21) .
2. السُنَة : وردت في السُنَة أحاديث كثيرة تحث على الزواج وترغب فيه نذكر منها: قولهr: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " .
3. الإجماع : فقد اجمع المجتهدون من فقهاء المسلمين من جميع العصور والأزمنة على مشروعية الزواج، ولم يخالف في ذلك واحد منهم، وفي ذلك يقول الإمام البلقيني "والنكاح شُرع من عهد آدم عليه السلام" واستمرت مشروعيته، بل هو مستمر في الجنة ولا نظير له فيما يتعبد به من العقود بعد الإيمان حكمة مشروعية الزواج :
فالزواج قد شرع لأحكام سامية وأغراض نبيلة منها ما يرجع للفرد نفسه، ومنها ما يرجع إلى النوع الإنساني كله. ومنها ما يعود نفعه وخيره على المجتمع ومن أهمها ما يأتي :
1. بقاء النوع الإنساني على أكمل وجوه البقاء، وبيان ذلك أن السُنَة الإلهية قد قضت بضرورة اجتماع الذكور بالإناث وتوالدها إلى المدة التي شاء الله أن يعيشها ذلك النوع . لذلك كان الشارع الحكيم تكريما للنوع الإنساني قد شرع الزواج وأحكامه نظاما لإجماع أفراده ليكون بقاؤهم على الوجه الأكمل .
2. مشروعية العلاقة بين الزوجين وبيان حقوق كل منهما قبل الآخر وما يجب عليه من واجبات طرف كل منهما قبل الآخر.
3. الاهتمام بالأسرة والعناية بها. فالزواج هو المقوم الأول للأسرة، والأسرة هي الوحدة الأولى لبناء المجتمع الإنساني.
4. تحقيق الرغبة الاجتماعية، حيث شرع الزواج ليسكن كل من الزوجين إلى الآخر ويستأنس به ، ففيه الراحة الحقيقية للرجل والمرأة على سواء.
ومن أجل هذه المعاني السامية في الزواج حث التشريع الإسلامي عليه ورغبت فيه ودعا الشباب إليه. ولو أن الحياة الزوجية قامت على أساس ما شرعه الله تعالى من حُسْن اختيار الزوجة المناسبة، وحُسْن المعاشرة، وقيام كل من الزوجين بواجبه لما كانت مصدر نزاع أو شقاء بل مصدر خير وسعادة وهناء
المطلـــب الثالـــث
أركان الزواج ( النكـــاح )
‌أ- يرى الحنفية أن للنكاح ركنين هما: الإيجاب، والقبول، وهولا يتم بدونهما. فالإيجاب: هو ما صدر أولاً من الولي أو من يقوم مقامه. والقبول: هو ما صدر ثانيًا من الطرف الآخر أو من يقوم مقامه .
وركن معنوي هو: ارتباط الإيجاب بالقبول. فالركن عندهم هو ما يتوقف عليه الشيء وكان جزءاً من حقيقته، فالعاقدان ليسا من حقيقة العقد، ولا يتوقف وجوده عليهما لإمكان أن يتولى العقد غيرهما بولاية أو وكالة وكذلك المعقود عليه الذي هو حل الزوجية بين الزوجين لا لقياسه بالزوجية فهو ليس شيئا خارجاً عنهما فالنكاح بخلاف البيع فالمعقود عليه في البيع "السلعة" وهي خارجة عن المتعاقدين .
‌ب- ويرى المالكية: إن للنكاح أركانًا خمسة: ولي المرأة فلا ينعقد النكاح عندهم بدون ولي، والثاني: الصداق، والثالث: الزوج، والرابع: زوجة خالية من الموانع الشرعية، والخامس: الصيغة. فالركن عندهم هو: مالا توجد الماهية الشرعية إلا به. فالعقد لا يتصور إلا من عاقدين، زوج وولي ومعقود عليه: الزوجة والصداق وصيغة وهي اللفظ الذي يتحقق به العقد شرعًا .
‌ج- ويرى الشافعية: أن للنكاح أركانًا خمسة هي الزوج، والزوجة، والولي، والشاهدان، والصيغة فالخلاف في أركان العقد قلة أو كثرة مبني على الخلاف في معنى الركن اصطلاحا ولا مشاحة في الاصطلاح ولا يترتب عليه أي أثر من الناحية العملية. لأن من قال بأن الأركان هي العاقدان والمعقود عليه والصيغة اكتفى بذلك ولم يورد شروطا للانعقاد ومن هؤلاء المالكية والشافعية، والحنابلة .
- ومن قال بأن الركن هو الصيغة –وهم الحنفية – جعل العاقدين والمعقود عليه من الأمور الأساسية في العقد، فهما من لوازم الإيجاب والقبول، واشترط لهما شروطا عدّها من شروط الانعقاد وأعطى لها حكم الركن فإذا تخلف أحدهما كان العقد باطلا، وهذا القول يؤدي إلى النتيجة التي تترتب على قول الجمهور الذين جعلوا العاقدين والمعقود عليه من أركان العقد.
- وسنتبع في دراستنا للأركان والشروط مذهب الحنفية لأن القانون قد أخذ به في هذه المسألة . وتتلخص شروط الانعقاد بالصيغة، وبالعاقدين، وبالشهود .
أولا : الشروط المتعلقة بالصيغة :
1. أن تكون بألفاظ مخصوصة تدل على الزواج، وهذه الألفاظ إما أن تكون صريحة وإما أن تكون كناية.
2. أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد بالاتفاق .
3. أن يكون القبول موافقا للإيجاب .
4. أن تكون الصيغة مسموعة لكلا المتعاقدين أي أن يسمع كل منهما لفظ الآخر إما حقيقة في حالة حضورها أو حكما كالخطاب من الغائب لأن قراءته قامت مقام الخطاب .
5. ألا تكون مؤقتة بوقت .
ثانيا : الشروط المتعلقة بالعاقدين أي الزوج والزوجة :
1. العقل من شروط الانعقاد ، فنكاح المجنون والصبي غير العاقل باطل.
2. البلوغ وهو شرط للنفاذ، فنكاح الصبي العاقل لا ينفذ إلا بإجازة الولي .
3. أن تكون الزوجة محلاً قابلاً للعقد، فلا يجوز عقد النكاح على رجل أو صبي مشكل أو معتدة أو متزوجة من الغير .
4. أن يكون كل من المتعاقدين – الزوج والزوجة – معلومًا . فإذا قال شخص لآخر زوجتك ابنتي وله بنتان فإن العقد لا يكون صحيحا إلا إذا كانت إحداهما متزوجة ، فالعقد ينصرف إلى الخالية .
5. أن يضاف النكاح إلى المرأة أو إلى جزء يعبر به عن الكل كالرأس والرقبة لا اليد والرجل فإذا قال زوجني يد ابنتك أو رجلها فإن العقد لا ينعقد على الصحيح .
المبحث الثاني
شروط الزواج
عقد الزواج له شروط كثيرة ومتنوعة اشترطها الشارع وتسمى بالشروط الشرعية وله شروط وصيغة اشترطها المشرع الوضعي أي القانوني وذلك لسماع دعوى الزواج عند إنكاره أمام دوائر الأحوال الشخصية بمحاكم جمهورية مصر العربية سابقًا وحاليًا أمام محاكم الأسرة، ولتوثيقه عند إجراء العقد لدى الموظف المختص بإجرائه وتوثيقه وتسمى بالشروط القانونية وسنعرض كلا منهما على حدة.
أولاً الشروط الشرعية
المطلب الأول
شروط الانعقاد
المقصود بشروط الانعقاد هي الشروط التي يلزم مراعاتها في أركان العقد أو في الأسس التي تقوم عليها هذه الأركان بحيث لو تخلف شرط منها صار وجود الأركان بمنزلة العدم ولم يكن للعقد وجود شرعا ولا يترتب عليه أي حكم من الأحكام التي وضع العقد لإفادتها ويسمى العقد في هذه الحالة بالعقد الباطل وهو العقد الذي حصل خلل في ركن من أركانه أو تخلف فيه شرط من شروط انعقاده. وشروط الانعقاد كثيرة ومتنوعة ويمكن حصرها فيما يلي :
‌أ- شروط خاصة بالعاقدين
‌ب- شروط خاصة بالمعقود عليه وهى المرأة
‌ج- شروط خاصة بصيغة العقد وهى الإيجاب والقبول
أولا : شروط خاصة بالعاقدين : يشترط في العاقدين الشروط الآتية :
1. أن يكون كل من العاقدين أهلاً لمباشرة العقد سواء كان يعقد الزواج لنفسه أم يعقده لغيره بطريق الولاية أو الوكالة، وتتحقق هذه الأهلية بالتمييز فإن كان أحدهما غير مميز بأن كان صبيا لم يبلغ سن التمييز وهى السابعة أو كان مجنونا فلا ينعقد الزواج بعبارته لان العقد يعتمد على الإرادة، وفاقد التمييز لا إرادة له فلا يتصور منه رضاء يعقد به أصلاً .
2. أن يسمع كل من العاقدين كلام الأخر ويفهم أن المقصود من هذا الكلام إنشاء الزواج ووجوده وذلك بأن يعلم القابل أن قصد الموجب بعبارته أنشاء الزواج وإيجابه ويعلم الموجب أن قصد القابل بعبارته الرضا بالزواج والموافقة عليه وان لم يفهم كل واحد منهما معاني المفردات التي تتكون منها عبارة الأخر، فلو أن الإيجاب صدر من احد العاقدين بلغة، والقبول صدر من الثاني بلغة أخرى وكل من العاقدين لا يعرف لغة الآخر، ولا يفهم المعنى اللغوي لعبارته لكنه يعرف أن المقصود منها إيجاب الزواج أو قبوله ؛ كان ذلك كافيا في إنشاء العقد وانعقاده .
ثانيا : شروط المعقود عليه (المرأة) :
المعقود عليه في الزواج هو المرأة، ويشترط فيها لكي ينعقد الزواج بها ألا تكون محرمة على الرجل تحريما قطعيا لا شبهة فيه، ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء وليس مما يشتبه الأمر فيه على عامة الناس وذلك كالبنت والأم والأخت وغيرهم ممن كانت حرمتهم مؤبدة فان كانت المرأة محرمة على الرجل تحرما مؤبدًا وعقد عليها هذا العقد باطلا لا يترتب عليه أي أثر من أثار الزواج لا قبل الدخول ، ولا بعده، ويجب التفريق بينهما في الحال .
ثالثا : شروط الصيغة " الإيجاب والقبول " :
1. أن يتحد مجلس الإيجاب والقبول : بمعنى أن يحصل القبول في نفس المجلس الذي حصل فيه الإيجاب ولم يوجد من العاقدين أو من أحدهما بعد صدور الإيجاب ما يدل على الإعراض عنه والاشتغال بغيره حتى يصدر القبول من العاقد الأخر .
2. أن يكون القبول موافقا للإيجاب ومطابقا له وتتحقق هذه الموافقة باتحاد القبول مع الإيجاب في موضوع العقد وفى مقدار المهر، أما إذا خالف القبول الإيجاب في شيء من ذلك لم ينعقد الزواج .
3. أن تكون صيغة العقد منجزة: ومعنى تنجيز الصيغة ألا يعلق الإيجاب فيها على حصول أمر يحدث في المستقبل، وألا يضاف إلى زمن مستقبل كذلك، أي تصدر الصيغة من العاقد غير معلقة ولا مضافة قاصدا بها وجود العقد وترتيب آثاره في الحال وذلك بأن يقول الرجل للمرأة تزوجتك فتقول له قبلت، أو تقول هي زوجتك نفسي فيقول لها قبلت، فالصيغة في هذين المثالين منجزة لأنه ليس فيها تعليق الزواج على حصول أمر في المستقبل ولا إضافة له إلى زمن مستقبل. فلذلك انعقد الزواج بها في الحال وترتبت عليه أحكامه وأثاره .
حكم اقتران صيغة العقد بالشرط :
تنقسم الشروط التي تقترن بعقد الزواج عند الحنفية إلى شروط صحيحة وشروط فاسدة أو باطلة فالشروط الصحيحة هي التي يقتضيها العقد ومن أمثلتها اشتراط الزوجة على زوجها أن ينفق عليها أو يحسن معاشرتها، واشتراط الزوج على الزوجة ألا تخرج من بيته بغير إذنه. فمثل هذه الشروط لا تثبت شيئاً جديداً غير الذي يقتضيه العقد ويوجبه لأن مضمونها ثابت يجب الوفاء به بمقتضى العقد سواء شرطه احد العاقدين أو لم يشرطه ولهذا كان الأحسن ألا يعد هذا النوع من الشروط؛ لأن المقصود من الشروط هنا الشروط التي تثبت شيئا زائداً على ما يوجبه العقد أو التي تؤكد ما يقتضيه العقد أو التي ورد الشرع بجوازها أو التي جرى بها العرف . فهي أربعة أنواع :
النوع الأول: شروط يقتضيها العقد وهى التي يكون موجبها حكما من أحكام العقد أو تنفى شيئا مما يجب به واشتراط هذا النوع لا يفيد شيئا من ذلك لأن مضمونه ثابت بمقتضى العقد .
النوع الثاني: الشروط المؤكدة لمقتضى العقد ومن أمثلتها اشتراط الزوجة على زوجها أن يكون والده ضامنا للمهر والنفقة فإن الضمان يؤكد الحصول على المهر والنفقة وكلاهما مما يقتضيه عقد الزواج ويوجبه ومن هذا أيضا اشتراط الزوج في الزوجة الجمال أو السلامة من المرض أو تكون متعلمة وما أشبه ذلك لأنه يؤكد دوام العشرة بين الزوجين وهو ما يقتضيه عقد الزواج ويوجبه .
النوع الثالث: الشروط التي ورد الشرع بجوازها وأوجب مراعاتها وإن لم تكن من مقتضى العقد ولا مؤكدة لمقتضاه ومن أمثلتها اشتراط الزوج أن يكون له الحق في طلاق الزوجة واشتراط الزوجة على زوجها أن تكون العصمة بيدها حتى تستطيع أن تطلق نفسها متى شاءت .
النوع الرابع : الشروط التي جرى العرف بها ومن أمثلتها اشتراط المرأة تعجيل مهرها كله أو نصفه إذا جرى العرف بذلك في البلد الذي تم فيه عقد الزواج .
والشروط الفاسدة أو الباطلة: هي التي لا يقتضيها عقد الزواج ولا تؤكد ما يقتضيه ولم يرد الشرع بجوازها ولم يجر العرف بها ومن أمثلتها اشتراط المرأة على من يتزوجها أن يسكنها في بيت أهلها أو ألا ينقلها من بلدها أو ألا يتزوج عليها أو يشترط الرجل على من يتزوجها ألا يدفع مهراً ، وأن تقوم هي بنفقات البيت وما أشبه ذلك .
المطلـــب الثانــي
شروط صحة عقد الزواج
المراد بشروط صحة عقد الزواج : الشروط التي يلزم توافرها في هذا العقد حتى يكون صحيحا بعد توافر شروط انعقاده، وليكون صالحا لترتب الآثار التي قررتها الشريعة على عقد الزواج . فإذا تخلفت هذه الشروط أو أحدها كان العقد غير صحيح، ولم يكن له وجود يحترمه الشارع، وتبعاً لذلك لم يكن صالحاً لترتب آثاره الشرعية عليه، وإن كان له بعض آثار العقد الصحيح في حال الدخول بالمرأة.
- والشروط التي يلزم توافرها لصحة عقد الزواج والمتفق عليها بين جمهور الفقهاء خمسة وهي:
1. ألا تكون المرأة محرمة على الرجل تحريما فيه شبهة أو خلاف بين الفقهاء.
2. وجود التراضي بين الزوجين .
3. أن يتولى عقد الزواج عن المرأة وليها .
4. الإشهاد على عقد الزواج .
5. أن تكون صيغة العقد مؤبدة – وسنوضح ذلك فيما يلي :
الشرط الأول : ألا تكون المرأة محرمة على الرجل تحريما فيه شبهة أو خلاف بين الفقهاء :
ومعنى هذا الشرط: ألا تكون المرأة محرمة على الرجل تحريما ثابتا بدليل ظني. مما يعني وجود الشبهة في التحريم أو وجود خلاف بين الفقهاء في الحل، وذلك كالجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وتزوج الرجل بأخت مطلقته قبل انقضاء عدتها منه، والتزوج بمعتدة الغير من طلاق بائن، ونحو ذلك مما كان دليل التحريم فيه ظنيًا ، أو وجد خلاف بين الفقهاء في حل الزواج، فإذا حدث بين رجل وامرأة محرمة عليه تحريما ظنيا، أو كانت الحرمة مختلفا فيها بين الفقهاء كان عقد الزواج فاسداً ويجب فسخه والتفريق بين الزوجين . فإذا حدث دخول قبل الفسخ كان إثما ومعصية لله تعالى، ومع ذلك فإنه تترتب على هذا الدخول بعض الآثار كوجوب المهر وثبوت نسب الولد إن حدث حمل نتيجة هذا الدخول، ووجوب العدة على المرأة بعد التفريق بينهما .
الشرط الثاني : وجود التراضي بين الزوجين :
التراضي هو الأساس الذي يقوم عليه التعاقد في الفقه الإسلامي، وهو سبب القوة الملزمة للعقود، لذا فقد اشترط جمهور الفقهاء لصحة عقد الزواج، وجود التراضي بين الزوجين، كما اتفقوا على بطلان نكاح المكره والمكرهة لأن رضاهما –أي الزوج والزوجة– شرط لصحة العقد .
الشرط الثالث : أن يتولى عقد الزواج عن المرأة وليها :
اشترط جمهور الفقهاء لصحة عقد الزواج أن يتولى العقد عن المرأة وليها، سواء كان هو الأب أو الأخ أو العم أو غيرهم من بقية الأولياء ولقوله r: "لا نكاح إلا بولي" ولأنه لا يجوز للمرأة أن تتولى عقد الزواج لنفسها أو لغيرها لقولهr: "لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها " .
الشرط الرابع : الإشهاد على عقد الزواج :
لقد أحاط الشارع عقد الزواج بكثير من العناية والرعاية ومن ذلك اشتراط الإشهاد عليه حتى ينعقد صحيحاً مرتباً لأثاره الشرعية .
** أهمية الإشهاد على عقد الزواج ووقته :
اهتم الشارع بعقد الزواج نظراً لما يترتب عليه من آثار وتبعات، ولذا خصه بأمور منها الإشهاد والإعلان كما قال r : "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل "، وعلى ذلك أن الإشهاد شرط في صحة عقد الزواج لأن عدمه –أي الإشهاد- قد استلزم عدم الصحة، وما كان كذلك فهو شرط، ولأنه (أي الزواج) يتعلق به حق غير المتعاقدين، وهو الولد، فاشترطت الشهادة فيه لئلا يحجره أبوه، فيضيع نسبه.
حكم زواج السر :
لا تكتفي الشريعة الإسلامية بإيجاب الإشهاد على الزواج، وإنما تطلب فوق ذلك الإشهاد على الزواج وإعلانه بين الناس كما قال r : "أعلنوا النكاح واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف وليولم أحدكم ولو بشاه".
ولكن ماذا يكون الحكم إذا لم يحضر عقد الزواج أحد سوى الزوج وولي الزوجة والشاهدين ثم تواصوا فيما بينهم على الكتمان وعدم الإعلان عن هذا الزواج " وذهب الأمام مالك رضي الله عنه إلى بطلان هذا الزواج وهو الرأي الراجح نظرا لما يترتب على هذا العقد من آثار قد تكون مثار جدل ونزاع في المستقبل في حالة عدم إعلان الزواج والتواصي بكتمانه. ومن ذلك: ثبوت نسب الأولاد الذين يكونون ثمرة لهذا الزواج ونتيجة له، وثبوت التوارث بين الزوجين ونحو ذلك .
شروط الشهود : يشترط فيمن تقبل شهادته على عقد الزواج عدة شروط. وهذه الشروط هي :
1. البلوغ والعقل
2. الإسلام
3. العدالة
4. تعدد الشهود
5. سماع الشاهدين لصيغة العقد في وقت واحد مع فهم المراد منها .
  #21  
قديم 01-10-2010, 06:48 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
افتراضي

لشرط الخامس : أن تكون صيغة العقد مؤبدة :
أي أن تكون صيغة العقد مؤبدة غير مؤقتة، أي لم تشتمل على ما يدل على تأقيت الزواج، لأن التأقيت يتنافى مع عقد الزواج والحكمة التي شُرع من أجلها هذا العقد . لأن مقتضى عقد الزواج هو حل العشرة بين الزوجين، وإنجاب الأولاد وتربيتهم ورعايتهم والقيام على شئونهم. ولأهمية تأييد عقد الزواج باعتبار التأييد شرطاً في صحة هذا العقد، يقرر الفقهاء أنه إذا اقترن بصيغة العقد ما يدل على تأقيتها بزمن معين كان العقد باطلاً .
ومن العقود الباطلة بناء على ذلك زواج المتعة – وزواج المُحلَلَّ
أ‌- زواج المُتعة: صورته: أن يقول الرجل للمرأة: أعطيك كذا من المال على أن أتمتع بك يوماً أو شهراً أو سُنّة ونحو ذلك، فتقول المرأة: قبلت، سواء وقع ذلك مع وجود شهود أو بدونهم. وقد اتفق الجمهور الأعظم من الفقهاء – ما عدا الشيعة الإمامية على بطلان زواج المتعة، وأنه محرم إلى يوم القيامة .
ب‌- زواج المُحًللّ : إن عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته هو ثلاث طلقات متفرقات، وأنه بعد الطلقة الثالثة تصبح الزوجة محرمة على هذا الزوج تحريمًا مؤقتًا، لا تحل له حتى تتزوج شخصاً آخر زواجًا صحيحًا بنية الدوام والاستمرار ثم يطلقها هذا الزوج لأي سبب من الأسباب أو يتوفى عنها . فحينئذ يجوز للزوج الأول الذي طلقها ثلاث أن يتزوجها مرة أخرى بعقد ومهر جديدين وبرضاها. وبعدا انقضاء عدتها من الطلاق أو الوفاة كما قال تعالى : [ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ] (البقرة: من الآية 230).
والمقصود من الزواج الثاني أن يكون الزوج راغباً في المرأة قاصداً لدوام عشرتها، كما هو المشروع في التزويج . فإن تزوجها الثاني واقترن زواجه بشرط إحلالها لمطلقها الأول . فهذا هو ما يسمى بالمحلل الذي وردت الأحاديث عن رسول الله r بِذمه أو لَعنه ومتى صرح بمقصوده هذا في عقد الزواج، كان العقد باطلاً باتفاق جمهور الفقهاء لا يترتب عليه حل المرأة لمطلقها الأول . كما قال رسول الله r "لعن الله المحلل والمحلل له " وكما قال r "ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ " قالوا بلى يا رسول الله قال: هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له".
المطلب الثالث
في شروط نفاذ عقد الزواج
شروط نفاذ عقد الزواج :
هي الشروط التي يلزم توافرها، حتى يكون العقد نافذًا بعد إنشائه وتوفر شروط صحته، وهذا يعني أن الذي يتولى العقد يكون له أصلاً حق إنشائه، فلو تولاه من لا يملك الحق في إنشائه كان عقداً موقوفاً، وحينئذ توقف نفاذه على إجازة من له حق الإنشاء فالعقد النافذ إذن هو العقد الصحيح الصادر من شخص كامل الأهلية، وكانت له ولاية إنشائه .
وحتى يكون عقد الزواج نافذاً مرتبا لأثاره بعد إنشائه فقد اشترط الفقهاء لذلك شرطين :
1. أن يكون العاقد كامل الأهلية .
2. أن تكون للعاقد ولاية شرعية في مباشرة العقد .
الشرط الأول: أن يكون العاقد كامل الأهلية :
والمراد بكمال الأهلية هنا : كمال أهلية الأداء، بأن يكون العاقد بالغا عاقلاً.
وعلى ذلك فلو عقد شخص زواجه لنفسه وكان بالغا عاقلا واستوفى العقد شروط صحته، كان هذا العقد نافذا وترتبت عليه آثاره الشرعية، دون توقف على إجازة من أحد.
- أما إذا كان العاقد ناقص الأهلية بأن كان صغيراً مميزاً أو معتوها واستوفى العقد شروط صحته فإنه لا يكون نافذا مرتبا لأثاره، بل يكون موقوفا على إجازة الولي على كل من الصغير المميز والمعتوه فإن أجازه أصبح نافذا وترتبت عليه أثاره، وإن لم يجْزِهِ بطُل .
- أما السفيه وذا الغفلة يعتبر كل منهما كامل الأهلية بالنسبة لعقد الزواج عند جمهور الفقهاء لأن الحجر عليه أنما هو بالنسبة لتصرفاتهما المالية، والزواج عقد غير مالي.
الشرط الثاني : أن تكون للعاقد ولاية شرعية في مباشرة العقد :.
وهذا يعني أنه حتى يكون عقد الزواج نافذا مرتباً لأثاره الشرعية، فيشترط أن يكون العاقد له صفة شرعية في إنشاء العقد، بأن يكون أصيلا، أي يتولى إنشاء الزواج لنفسه، أو يكون وليا على الزوجين أو أحدهما، أو يكون وكيلا عن الزوجين وعن أحدهما، أو يكون وليا على أحدهما، ووكيلا عن الآخر .
- فلو كان أحد العاقدين شخصا فضوليا باشر العقد دون أن تكون له صفة شرعية في إنشائه، بأن تولاه دون أن يكون وكيلا عمن يباشر العقد نيابة عنه أو وليا عليه، كان العقد موقوفا على إجازة من له حق إنشاء العقد بحسب الأصل، فإن أجازه نفذ وإن لم يجْزِهِ بطُل.
- كما يعتبر متولي العقد فضوليا إذا كان وليا أبعد مع وجود الولي الأقرب وحينئذ يكون العقد موقوفا على إجازة الولي الأقرب. فلو تولى الجد عقد زواج حفيدته أو الأخ زواج أخته مع وجود أبيها الذي توفرت فيه شروط الولاية عليها كان عقد الجد أو الأخ هنا موقوفا على إجازة الأب لأنه صاحب الحق في إنشاء العقد عن ابنته حسب ترتيب الأولياء، وحينئذ فإن أجازة الأب عقد الجد أو الأخ نفذ وأن لم يجْزِهِ بطُل.
- وقد بين مشروع قانون الأحوال الشخصية – حكم زواج الفضولي، وذلك في المادة 22 منه حيث تنص على أنه : زواج الفضولي متى وقع صحيحا يتوقف على إجازة صاحب الشأن إذا جاوز الوكيل في الزواج حدود وكالته كان فضوليا .
المطلب الرابع
في شروط لزوم عقد الزواج
** شروط اللزوم :
هي الشروط التي يترتب على وجودها أن يكون العقد لازما بمعنى أنه لا يجوز فسخه من أحد العاقدين أو من غيرهما ولا يجوز الاعتراض عليه وهذه الشروط هي :
1. أن يكون المزوج لفاقد الأهلية أو لناقصها هو الأصل أو الفرع ( أي الأب والجد وهما المعروفان بحسن الاختيار) ومثال ذلك أن يزوج المجنون أو المجنونة أو المعتوه أو المعتوهة أصلها أو فرعها فالزواج في هذه الحالة يكون لازما لأن كلا من الأصل والفرع عنده من دواعي الشفقة والحرص على المصلحة ما يجعله يختار الأحسن والأفضل لمن يزوجه فاقد الأهلية أو ناقصها .
- فإذا كان المزوج لهما غير الأصل وغير الفرع فلا يكون الزواج لازما وإنما يكون جائزا وعلى هذا إذا أفاق المجنون أو المعتوه كان له الخيار من بقاء الزواج أو فسخه وذلك كأن يزوج من كفء وبمهر المثل لأنهم من حيث الشفقة لا يساوون الأصول والفروع .
- الأصل أو الفرع الذي يكون زواجه لفاقد الأهلية أو ناقصها لازما هو المعروف بين الناس بالفطنة وسداد الرأي. أما المعروف بفساد الرأي وسوء الاختيار إذا زوج فاقد الأهلية أو ناقصها بأقل من مهر المثل أو بزوج غير كفء فلا يكون زواجه لازما وحكمه غير الأصل وغير الفرع لانتفاء المعنى الذي من أجله فرّق الفقهاء بينه وبين غيره من الحواشي (القَرابة غير الأصل والفرع) .
2. أن يكون الزوج كفئا للزوجة إذا كانت بالغة عاقلة رشيدة وزوجت نفسها. فإذا كان الزوج غير كفء ولها ولى عاصب لم يرضَ بهذا الزواج كان له الحق في الاعتراض على هذا الزواج ورفع الأمر إلى القضاء ليفسخ هذا الزواج بناء على الرواية الظاهرة في مذهب أبي حنيفة t .
- وحق الاعتراض مشروط بعدم السكوت على الزواج حتى تلد المرأة أو تظهر عليها علامات الحمل فإذا سكت الولي العاصب عن المطالبة بفسخ هذا الزواج غير المتكافئ حتى ظهرت علامات الحمل على المرأة التي زوجت نفسها بغير كفء وهي تحت ولايته فلا حق له في الاعتراض والمطالبة بالفسخ وكذلك إذا ولدت من باب أولى حرصا على مصلحة الولد .
3. أن يكون المهر الذي زوجت البالغة العاقلة الرشيدة نفسها به هو مهر المثل . فإذا زوجت نفسها بأقل من مهر المثل كان لوليها الحق في الاعتراض والمطالبة بالفسخ، مع مراعاة الشرط السابق في جواز الاعتراض وعدمه .
- وحق الاعتراض يثبت للولي سواء زوجت نفسها بكفء أم لا مادام المهر أقل من مهر مثلها فإن زوجت نفسها برجل كفء وبمهر المثل فلا حق له في الاعتراض عليه لأنه يكون لازما مادامت بالغة عاقلة رشيدة ويجوز في الحالة الأولى أن يزيد في المهر حتى يصل إلى مهر المثل، وعند ذلك لا يحق للولي الاعتراض . وهذا على رأي أبي حنيفة وهو المعمول به في محاكم جمهورية مصر العربية .
4. أن يكون العقد خاليا من التغرير بالنسبة لكفاءة الزوج فإذا أدعى الرجل أنه من أسرة عريقة تناسب أسرة المرأة وعقد العقد عليها ثم تبين أنه كاذب في دعواه وأنه غير كفء لها فيجوز للزوجة أن تطالب بفسخ هذا العقد نظراً لما حصل فيه من تغرير .
5. أن يكون الزوج خاليا من العيوب المبيحة لطلب الفرقة. وهي العيوب التي تجعل الزوجة تتضرر بالبقاء معه. فإذا تزوجت المرأة ووجدت زوجها كذلك كان لها الحق في رفع أمرها إلى القضاء، وإذا رفع الأمر للقضاء كان واجبًا على القاضي أن يتحرى الحقيقة، فإذا ثبت العيب فرق القاضي بينهما .
وهذه هي أنواع الشروط الشرعية التي تشترط لعقد الزواج فإذا توفرت جميعها كان العقد منعقدا صحيحا نافذا لازمًا شرعًا وقانونًا تترتب عليه آثاره، وليس لأحد أن يعترض عليه سواء كان أحد الزوجين صغيرا أو لم يكتب العقد في وثيقة رسمية لدى الموظف المختص.
المبحــث الثالـــث
إثبـــات الــزواج
الشروط القانونية لتوثيق عقد الزواج والادعاء به أمام القضاء عند الإنكار :
- اشترط المشرع الوضعي عدة شروط قانونية، لإجراء عقد الزواج رسميا، ولسماع دعوى الزوجية أمام المحاكم المصرية ( محكمة الأسرة ) وذلك حفظا لحق الزوجين وصيانة لمصالحهما، في زمن كثر فيه ادعاء الزوجية زوراً وبهتاناً. وهذه الشروط ليست شروطاً لصحة الزواج ولا لنفاذه أو لزومه وإنما هي مجرد قيود قانونية وضعها المشرع الوضعي لأسباب اقتضتها، ولا يترتب على فقدانها أي حكم شرعي، وإنما يترتب على فقدانها أثر قانوني فقط لا دخل له في الحكم الشرعي، ذلك لأن المشرع الوضعي لا يجوز له أن ينشئ حُكمًا دينياً يحل حراماً أو يحرم حلالاً .
المطلب الأول
في الشروط القانونية لإجراء عقد الزواج
اشترط القانون في مصر لإجراء عقد الزواج وتسجيله في الوثائق الرسمية أو تسجيل المصادقة عليه . بعد استيفائه الشروط الشرعية الشروط الثلاثة التالية :
الشرط الأول: أن يقدم الزوج إلى الموظف المختص بالتوثيق إقراراً كتابياً بحالته الاجتماعية.
‌أ- قد أو جب القانون على الزوج، أن يقدم إلى الموظف المختص بالتوثيق إقراراً كتابيا بحالته الاجتماعية. حيث تصف الفقرة الأولى من المادة 11 مكرر (1) في المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 والمضافة بالقانون رقم100 لسنة 1985 على أنه "على الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا فعليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول" وهذا لاشيء فيه ولا تمنعه مبادئ الشريعة، حيث يقضى على مشكلة إخفاء الأزواج أمر أزواجهم عن زوجاتهم، وما يترتب عليه من مضار .
‌ب- والحكمة من تقديم هذا الإقرار للموثق هي: "إعلام الزوجة بحالة زوجها الاجتماعية، عما إذا كان متزوجا بأخريات غيرها أم غير متزوج، لأن المادة المذكورة جعلت من حق الزوجة التي يتزوج عليها زوجها، أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر بسبب هذا الزوج " .
- حيث نصت هذه المادة في فقرتيها الثانية والثالثة على أنه:"ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه، إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها، ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها " .
‌ج- فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة، ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى، إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنا . ويتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوج بأخرى .
‌د- كذلك فإن هذه المادة جعلت من حق الزوجة الجديدة أن تطلب التطليق من زوجها، إذا لم تعلم عند العقد أنه متزوج بسواها، ثم ظهر لها أنه متزوج . حيث نصت في فقرتها الرابعة على أنه: " وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم أنه تزوج بسواها، ثم ظهر أنه متزوج، فلها أن تطلب التطليق كذلك " .
‌هـ- ولقد وضعت المادة 23 مكرر من الرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 عقوبة جنائية على الزواج إذا أدلى ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية. حيث نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه كما يعاقب الزوج بالعقوبة ذاتها، إذا أدلى للموثق ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية أو محال إقامة زوجته أو زوجاته أو مطلقته على خلاف ما هو مقرر في المادة 11 مكرراً.
‌و. كما وضعت الفقرة الثالثة من هذه المادة عقوبة جنائية على الموثق إذا أخلَّ بأي من الالتزامات التي نص عليها القانون بقولها : " ويعاقب الموثق بالحبس مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تجاوز خمسين جنيها إذا أخل بأي من الالتزامات التي فرضها عليه القانون ويجوز أيضا الحكم بعزله أو وقفه عن عمله لمدة لا تجاوز سنة " .
الشرط الثاني : ألا تقل سن الزوجة عن ثمان عشرة سنة، وألا يقل سن الزوج عن ثماني عشرة سنة وقت التعاقد :
‌أ- جاء النص على هذا الشرط –18 سنة للزوجة- في قانون الطفل، أما الفقرة الثانية من المادة 367 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931، والتي نصت على أنه: " لا يجوز مباشرة عقد الزواج ولا المصادقة على زواج مسند إلى ما قبل العمل بهذا القانون، ما لم يكن سن الزوجة ست عشرة سنة، وسن الزوج ثمانِ عشرة سنة وقت العقد " .
- وقد بينت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون السبب الداعي إلى تقيد توثيق الزواج بهذا السن المذكور، كما بينت السر في التفرقة بين الفتى والفتاة في ذلك فقالت : " إن عقد الزواج له من الأهلية في الحالة الاجتماعية، منزلة عظمى من جهة سعادة المعيشة المنزلية أو شقائها، والعناية بالنسل أو إهماله وما يلزم لتأهيل البنت للمعيشة الزوجية، بتدارك في زمن أقل مما يلزم الصبي، كان من المناسب أن يكون سن الزواج للفتى ثماني عشرة سنة وللفتاة ثمانِ عشرة سنة " .
- يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على مائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة بقصده إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونًا لضبط عقد الزواج، أقوالا يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم أوراقا كذلك في ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق . ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه كل شخص خوَّله القانون سلطة ضبط عقد الزواج إذا عقده وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون، وحملاً للناس على الالتزام بشرط السن في عقد الزواج؛ قضى القانون رقم 1 لسنة 2001 الخاص بتنظيم بعض أو ضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، بعدم قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج ما لم يتوفر شرط السن، حيث نص في المادة 17/1 على أنه : " لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج، إذا كانت سن الزوجة تقل عن ثمانِ عشرة سنة ميلادية أو كانت سن الزوج يقل عن ثمانِ عشرة سنة ميلادية وقت رفع الدعوى "
الشرط الثالث : أن يكتب الموظف المختص بإجراء هذا الزواج، هذا العقد في وثيقة رسمية خصصتها الدولة لهذا الإجراء .
- أو جب القانون المصري أن يتم تحرير عقد الزواج في وثيقة رسمية خصصتها الدولة لهذا الإجراء يجريها الموظف المختص بذلك قانونا لإظهار شرف هذا العقد وتقديسه عن الجحود والإنكار .
- والموظف المختص بتوثيق عقد الزواج هو المأذون بالنسبة لعقود الزواج التي يبرمها المصريون داخل البلاد إذا كان الزوجان مسلمين .
- أما إذا كان الزواج مسلما والزوجة كتابية ( يهودية أو نصرانية ) كان المختص بتوثيق عقد زواجهما، مكتب التوثيق بالشهر العقاري. وكذا إذا كان أحدهما ينتمي إلى دولة أخرى، ولو كانا مسلمين .
- وأما بالنسبة لمن كان خارج البلاد من المصريين ، فإن الموظف المختص بتوثيق عقد الزواج في هذه الحالة، هو الممثل الدبلوماسي أو القنصلي لجمهورية مصر العربية في تلك الدولة . وكذلك لو كان أحد الزوجين ينتمي إلى دولة أخرى، بشرط الحصول على ترخيص من وزارة الخارجية أولاً .
- ومما يذكر هنا أن النصوص الشرعية لم تتكلم عن توثيق عقد الزواج، كما أن فقهاء الشريعة السابقين لم يشترطوا توثيق عقد الزواج لا في ورقة رسمية ولا في ورقة عرفية ، فكانت العقود تتم بالإيجاب والقبول في مجلس العقد حيث لم تدع الحاجة إلى التوثيق . نظرًا لالتزام الناس بعقودهم ووفائهم بعهودهم لقوة الوازع الديني لديهم فالكل يؤدي واجبه ويعترف بما له وبما عليه.
- ولكن عندما ابتعد الناس عن تعاليم الإسلام، وضعف الوازع الديني، وانتشر الكذب والغش والخداع، ظهرت الحاجة إلى تدوين عقود الزواج وتوثيقها في ورقة رسمية على يد الموظف المختص بذلك، ضمانا لحقوق الزوجة والأولاد حتى لا تكون هناك ثغرة يتلاعب من خلالها أولئك الذين لا خلاق لهم ولا دين ولا إيمان .
- ومع ذلك فإن القانون المصري لم يقل ببطلان الزواج غير الموثق، وإنما حرم أطرافه من الحماية القانونية التي أضفاها على عقود الزواج الرسمية، حيث اكتفى بعدم الاعتراف بأي أثر ممن آثار هذا الزواج .
- وهكذا يمكن القول بأن القانون المصري في هذا الموضوع جاء موافقا لأحكام الشريعة التي جاءت لاحترام حقوق العباد وحماية مصالحهم .
المطلـب الثانــي
في الشروط القانونية لسماع دعوى الزوجية
اشترط القانون المصري لقبول دعوى الزوجية أمام المحاكم عند الإنكار الشروط الآتية :-
الشرط الأول: ألا تقل سن الزوجة عن ثمانِ عشرة سنة، وسن الزوج عن ثماني عشرة سنة وقت رفع الدعوى سواء أكان النزاع في الزوجية نفسها، أم فيما يترتب عليها من الأحكام والآثار كالمهر والنفقة والطاعة والميراث .
- وقد نصت على هذا الشرط: الفقرة الأولى من المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بقولها "لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كانت سن الزوج تقل عن ثماني عشرة سنة ميلادية وقت رفع الدعوى"، ورفع قانون الطفل سن الزوجة إلى ثمانِ عشرة سنة ميلادية.
- وعملا بهذا النص، تحكم المحكمة من تلقاء نفسها، بعدم قبول دعوى الزوجية إذا كانت سن الزوجين أو سن أحدهما وقت رفع الدعوى أقل من السن المحددة قانونا للزواج . وهذا كله فيما عدا دعوى النسب .
- أما النسب فدعواه تقبل أمام المحاكم (محكمة الأسرة) ، وإن لم يبلغ أحد الزوجين سن الزواج المحددة قانونا وقت رفع دعوى النسب .
الشرط الثاني : توثيق عقد الزواج على يد الموظف المختص :
هذا الشرط أيضًا اشترطه القانون لسماع دعوى الزوجية في حالة إنكارها وذلك في حوادث الزواج الواقعة من أو ل شهر أغسطس سنة 1931 سواءً أكانت دعوى الزوجية مرفوعة من أحد الزوجين أو من غيرهما، في حياة الزوجين أم بعد وفاتهما أو وفاة أحدهما.
- كما جاء النص - أيضا – على شرط توثيق عقد الزواج على يد الموظف المختص، لسماع دعوى الزوجية أمام المحاكم عند الإنكار، في المادة (17) من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أو ضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، وهو المعمول به الآن، حيث نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه: "ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج – في الوقائع اللاحقة على أو ل أغسطس سنة 1931– ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية، ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ وحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتا بأية كتابة"
** الأغراض التي يهدف إليها المشرع الوضعي من وضع هذين الشرطين وتقييد الاعتراف بالزواج رسميا بهما، يتلخص في الأمور الآتية " :
1. حفظ الحقوق الزوجية الناشئة عن عقد الزواج بصيانة هذا العقد من العبث والضياع بجحوده وإنكاره، إذا ما عقد بدون وثيقة رسمية، ثم أنكره أحد الزوجين، وعجز مدعيه عن إثباته بالطرق الأخرى، ولو كان بيده وثيقة رسمية ما استطاع أحد إنكاره .
2. منع دعاوى الزواج الباطل لأغراض سيئة، كالطمع في المال أو الكيد للآخر، فقد يدعى بعض ذوى الأغراض الزوجية، زوراً وبهتانا أو نكاية وتشهيرا أو ابتغاء غرض آخر اعتماداً على سهولة إثباتها بالشهود، خصوصاً وأن الفقه يجيز الشهادة بالتسامح في الزواج . وما كان لشيء من ذلك أن يقع لو أثبت هذا العقد بوثيقة رسمية كما في عقود الرهن وحجج الأوقاف، وهي أقل منه شأنا وهو أعظم منها خطراً .
3. تلافى الضرر الصحي والاجتماعي الذي ينشأ عن زواج صغار السن. لأن مسؤوليات الزواج عظيمة وخطيرة قلما يتحملها صغار السن. فحدد القانون تلك السن، فيها يكون الزوجان قد وصلا في الغالب إلى حالة جسمية وفكرية يستطيعان معها تحمل أعباء الزوجية، من تكوين الأسرة، وتربية الأولاد، إلى غير ذلك مما شرع الزواج لتحقيقه .
4. تقييد سماع دعوى الزوجية بهذين الشرطين لا مانع منه شرعا ؛ لأنه من القواعد الشرعية، أن القضاء يتخصص بالزمان والمكان والحوادث والأشخاص، وأن لولي الأمر أن يمنع قضاته من سماع بعض الدعاوى، وأن يقيد السماع بما يراه من القيود تبعا لأحوال الزمان وحاجة الناس، وصيانة للحقوق من العبث والضياع .
- وإظهاراً لشرف هذا العقد وتقديساً له عن الجحود والإنكار، ومنعاً لهذه المفاسد العديدة، وصيانة للحقوق، واحتراما لروابط الأسرة، نص على الحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة (17) من القانون رقم 1 لسنة 2000.
- هذا وليس معنى اشتراط القانون لقبول دعوى الزوجية، بلوغ الزوجين سِناً معيناً، وتوثيق عقد الزواج على يد الموظف المختص، أن عقد الزواج الخالي منهما يكون باطلاً، بل هو صحيح شرعا وقانوناً؛ لأن صحته شرعًا لا تتوقف على شيء من ذلك، ولأن القانون لو لم يعتبره صحيحاً لاعتبرت مقاربة الزوج للزوجة الصغيرة هتك عرض يعاقب عليه القانون، ولا يمكن لأحد أن يقول ذلك.
- وكل ما فعله القانون، هو أنه منع الموظف المختص من إثبات عقد زواج لم يبلغ الزوجان فيه السن القانونية. كما منع القضاة من قبول دعوى الزواج ممن لم يبلغوا السن القانونية وقت رفع الدعوى. كما منعهم من سماعها عند إنكارها إذا لم يكن عقد الزواج موثقاً على يد موظف مختص ومعنى ذلك أن القانون المصري حَرَمَ أطراف هذا العقد من الحماية القانونية التي أضفاها على عقود الزواج الرسمية، حيث اكتفى بعدم الاعتراف بالزواج غير الموثق أمام القضاء مما يستتبع عدم الاعتراف بأي أثر من آثار هذا الزواج .
وعلى ذلك يمكن تلخيص الشروط القانونية لإجراء عقد الزواج ولسماع دعوى الزوجية .
أولاً : الشروط القانونية لإجراء عقد الزواج :
1. ألا تقل سن الزوجة عن ثماني عشرة سنة وألا يقل سن الزوج عن ثماني عشرة سنة وقت العقد .
2. أن يسجل الموظف المختص بإجراء هذا الزواج، هذا العقد في وثيقة رسمية خصصتها الدولة لهذا الإجراء .
3. أن يقدم الزوج إلى الموظف المختص بالتوثيق إقراراً كتابياً بحالته الاجتماعية .
ثانيا : الشروط القانونية لسماع دعوى الزوجية :
1. ألا تقل سن الزوجة عن ثماني عشرة سنة وسن الزوج عن ثماني عشرة سنة وقت رفع الدعوى . سواء أكان النزاع في الزوجية نفسها أم فيما يترتب عليها من الأحكام والآثار كالمهر والنفقة والطاعة والميراث .
2. توثيق عقد الزواج على يد الموظف المختص. هذا الشرط أيضا اشترطه القانون لسماع دعوى الزوجية في حالة إنكارها وذلك في حوادث الزواج الواقعة من أول شهر أغسطس 1931 سواء أكانت دعوى الزوجية مرفوعة من أحد الزوجين أو من غيرهما في حياة الزوجين أم بعد وفاتهما أو وفاة أحدهما. وذلك لتحقيق الأغراض التالية :
1. تلافي الضرر الصحي والاجتماعي الذي ينشأ عن زواج صغار السن .
2. حفظ الحقوق الزوجية الناشئة عن عقد الزواج .
3. منع دعاوى الزواج الباطل لأغراض سيئة .
4. تقييد سماع دعوى الزوجية بهذين الشرطين لا مانع منه شرعا لأنه من القواعد الشرعية أن القضاء يتخصص بالزمان والمكان والحوادث والأشخاص، وأن لولي الأمر أن يمنع قضاته من سماع بعض الدعاوى وأن يقيد السماع بما يراه من العقود تبعاً لأحوال الزمان وحاجة الناس وصيانة للحقوق من العبث والضياع.
الفصــل الثالــث
آثــــار الــــزواج
آثـــار الـــــزواج :
مقدمـة وتمهيــد :
أنواع عقد الزواج خمسة :
1. العقد اللازم : ويسمى العقد التام : وهو الذي استوفى أركانه وشروطه جميعًا.
2. العقد غير اللازم : ويسمى الجائز : وهو الذي استوفى أركانه وشروط انعقاده وشروط صحته وشروط نفاذه ولكنه فقد شرطا من شروط اللزوم .
3. العقد الموقوف: وهو الذي استوفى أركانه وشروط انعقاده وشروط صحته ولكنه فقد شرطا من شروط النفاذ، ويسمى كذلك بالعقد غير النافذ
4. العقد الفاسد : هو الذي أستوفى أركانه وشروط انعقاده ولكنه فقد شرطاً من شروط صحته .
5. العقد الباطل : هو الذي فقد ركنا من أركانه أو شرطا من شروط انعقاده . وكل نوع من هذه الأنواع له أحكام تخصه ويمكن توضيحها كالتالي :
أولاً حكم العقد اللازم :
عقد الزواج التام الذي استوفى أركانه وشروط انعقاده وشروط صحته وشروط نفاذه وشروط لزومه تترتب عليه الأحكام الشرعية الآتية :
1. حل الاستمتاع لكل من الزوجين بالأخر على الوجه المشروع ما لم يكن هناك مانع شرعي يمنع منه .
2. وجوب المهر للزوجة بعقد الزواج ولو لم يدخل بها، والمهر قد يكون مسمى في العقد فيجب لها المهر المسمى، وقد لا تحصل تسميته في العقد أصلا، أو تكون هناك تسمية ولكنها باطلة، وفي كلتا الحالتين يجب للزوجة مهر المثل كله إذا دخل أو اختلى بها خلوة صحيحة وكذلك إذا مات عنها قبل الدخول . ويجب لها نصفه إذا طلقها قبل الدخول والخلوة .
3. وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وهي تشمل نفقة الطعام ونفقة الكسوة ونفقة السُكنى، ويجب أن تكون متناسبة مع حالة الزوج ولا تكون الزوجة ناشزًا لأن النشوز يسقط النفقة .
4. ثبوت حرمة المصاهرة : وهي حرمة الزوجة على أصول الزوج وفروعه لقوله تعالى :
) ولا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ومَقْتاً وسَاءَ سَبِيلاً( (النساء : 22). ولقوله تعالى: ) وحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً ((النساء: 23) وحرمة فروعها عليه إذا دخل بها، لقوله تعالى: ) ورَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ( (النساء: من الآية 23) أو لم يدخل لقوله تعالى: ) وأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ( وحرمة فروعها عليها إذا دخل بها لقوله تعالى: ) ورَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ( (النساء: من الآية23) .

5. ثبوت النسب لأولاد الزوجة من زوجها إذا توافرت الشروط المطلوبة لإثبات النسب ولا شك أن عقد الزواج المستوفى لشروطه يتحقق به الفراش الشرعي الصحيح، والرسول r يقول : " الولد للفراش وللعاهر الحجر ".
6. ثبوت الإرث بين الزوجين إذا مات أحدهما حال قيام الزوجية أو ما في حكمها، فإذا ماتت الزوجة ورثها زوجها، لقوله تعالى: ) ولَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّولَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ ولَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أو دَيْنٍ ( ، وإذا مات الزوج ورثته زوجته ؛ لقوله تعالى :: ) ولَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ ولَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ ولَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أو دَيْنٍ وإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أو امْرَأَةٌ ولَهُ أَخٌ أو أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أو دَيْنٍ( (النساء: من الآية12)
7. وجوب طاعة الزوجة لزوجها وحدود هذه الطاعة أن تكون في الأمور المشروعة أما الأمور المحرمة فلا طاعة فيها لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
8. لزوم الزوجة بيت الزوجية وعدم الخروج منه إلا بإذن الزوج، والخروج من بيت الزوجية بغير إذن يعتبر نشوزاً وتسقط نفقتها به .
9. تمكين الزوجة زوجها من الاستمتاع بها إلا إذا كان هناك مانع يمنع من الاستمتاع بها فيجب عليها ألا تمكنه من نفسها، وذلك في حالة الحيض، أو النفاس لقوله تعالى: ) فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ولا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوابِينَ ويُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ( (البقرة: من الآية222) .
10. ثبوت ولاية التأديب للزوج على زوجته بالشروط الشرعية، وذلك لأجل أن تستقيم الحياة الزوجية، وفي ذلك يقول الله مخاطبًا الأزواج: ) واللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً((النساء : من الآية 34 ) والمراد بالنشوز: هو العصيان للأزواج والترفع عن مطاوعتهم؛ يقال نشزت المرأة بضم الشين وكسرها . عصت زوجها وامتنعت عليه وأصل النشوز: الارتفاع .
ثانيا : حكم العقد غير اللازم :
عقد الزواج غير اللازم هو–كما سبق- الذي أستوفى أركانه، وشروط انعقاده، وشروط نفاذه ولكنه فقد شرطا من شروط اللزوم التي بينَّاها سابقا- وحُكم هذا العقد هو حكم العقد اللازم – ومعنى هذا أنه يترتب عليه من الآثار الشرعية ما ترتب على العقد اللازم، وهي الأحكام العشرة السابقة، وليس هناك فرق بينهما إلا في جواز الفسخ. فاللازم لا يجوز فسخه من أحد ولا يجوز الاعتراض عليه كذلك، وغير اللازم يجوز فسخه ويجوز الاعتراض عليه والمطالبة بفسخه. وهو ما يسمى بالعقد الجائز، لأنه يجوز فسخه، ويسمى أيضا بالعقد النافذ؛ لتوافر شروط النفاذ فيه.
ثالثا : حكم العقد الموقوف :
عقد الزواج الموقوف (غير النافذ) هو الذي توافرت فيه الأركان، وشروط الانعقاد، وشروط الصحة، ولكنه فقد شرطاً من شروط النفاذ التي سبق ذكرها .
- وهذا العقد بتوافر شروط الانعقاد يكون منعقداً وله حقيقة شرعية قائمة وموجودة، وبتوافر شروط الصحة يكون صحيحا أي غير فاسد، ولكنه مع كونه صحيحا لا يترتب عليه أي أثر من أثار عقد الزواج التام إلا إذا أجازه من له الحق في الإجازة . ومعنى هذا أنه لا يحل للزوج أن يدخل بزوجته ما دام العقد غير نافذ أي موقوفا . ولا تجب بهذا العقد نفقة على الزوج لزوجته، ولا تجب على الزوجة طاعة زوجها، ولا توارث بين الزوجين إذا مات أحدهما فإن أجازه من له الحق في الإجازة صار نافذاً وترتبت عليه الأحكام الشرعية التي تترتب على عقد الزواج التام .
- وإذا دخل الزوج بزوجته دخولا حقيقيا قبل الإجازة ممن له الحق فيها؛ كان الرجل عاصيا بذلك الدخول، لأنه لا يحل له أن يستمتع بزوجته قبل إجازة هذا العقد الذي فقد شرطًا من شروط نفاذه، ولكن هذا الدخول بالزوجة رغم تحريمه تترتب عليه الآثار الشرعية الآتية :
1. وجوب مهر المثل للزوجة إذا لم يكن سمى المهر في العقد، فإن كان المهر مسمى في عقد الزواج فلها الأقل من المهر المسمى ومهر المثل. وهذا عند الإمام أبى حنيفة وصاحبيه .
2. وجوب العدة على الزوجة بعد مفارقة الزوج لها، أو بعد التفريق بينهما .
3. ثبوت نسب الولد ويكون ثمرة هذا الدخول من الزوج .
4. ثبوت حرمة المصاهرة، فتحرم هذه المرأة على أصول الزوج وفروعه، ويُحرم عليه أصولها وفروعها .
- وما عدا ذلك من الآثار الشرعية لا تترتب على الدخول الحقيقي بالمرأة، فلا طاعة للزوج عليها ولا نفقة للزوجة، ولا توارث بينهما إذا مات أحدهما .
- والخلوة الشرعية الصحيحة لا يترتب عليها أي أثر من الآثار الأربعة التي ترتبت على الدخول الحقيقي بالمرأة .
رابعا : حكم العقد الفاسد :
عقد الزواج الفاسد: هو الذي توافرت فيه الأركان وشروط الانعقاد ولكنه فقد شرطا من شروط الصحة. وذلك مثل أن يكون العقد من غير شهود .
وهذا الزواج الفاسد لا يترتب عليه أي أثر من الآثار الشرعية التي تترتب على عقد الزواج التام، ويجب على الزوج أن يفارق زوجته، فإذا لم يفارقها، فعلى القاضي أن يفرق بينهما إذا رفع الأمر إليه، ويجوز لكل شخص عرف أمر هذا الزواج الفاسد أن يرفع الدعوى بذلك إلى القاضي ولو لم تكن له مصلحة شخصية في ذلك؛ لأنه من باب إزالة المنكر، ورفع الدعوى في هذه الحالة يسميه الفقهاء "حسبة" أي يحتسب الإنسان فيها الأجر والثواب عند الله عليها.
- فلا يحل للرجل أن يستمتع بالمرأة، ولا طاعة له عليها، ولا نفقة لها عليه، لا مهر لها، ولا توارث بينهما وبالجملة: فالعقد الفاسد بذاته لا يترتب عليه أي أثر من الآثار الشرعية التي تترتب على عقد الزواج التام .
- فإذا دخل الرجل بالمرأة بناءً على هذا العقد الفاسد كان عاصياً لله تعالى بهذا الدخول، لأنه حرام .
- ويجب التفريق بينهما، ومع كون الدخول بالزوجة حراما إلا أنه لا يترتب عليه إقامة حد الزنا عليهما لوجود الشبهة، والرسول r يقول "أدرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الأمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" . ويجب على القاضي أن يقوم بتعزيرهما (أي بتأديبهما) بما يراه زجراً لهما ولأمثالهما حتى لا يتفشى هذا الأمر الفاسد بين الناس .
- ومع أن الدخول بالمرأة في العقد الفاسد مُحرم إلا أنه يترتب عليه بعض الآثار الشرعية التي تترتب على الدخول الحقيقي بالمرأة دون البعض الآخر .
- والآثار الشرعية التي تترتب على الدخول الحقيقي بالمرأة هي نفس الآثار الشرعية التي ترتبت على الدخول الحقيقي بالمرأة بناء على عقد الزواج الموقوف . وهي وجوب مهر المثل بالغا ما بلغ عند عدم التسمية للمهر في العقد، وعند التسمية يجب لها الأقل من مهر المثل، والمهر المسمى عند أبي حنيفة وصاحبيه: يجب لها مهر المثل ما بلغ في جميع الأحوال، لأن التسمية التي حصلت تسمية فاسدة تبعا لفساد العقد وعند التسمية الفاسدة يرجع إلى مهر المثل.
- وتثبت حرمة المصاهرة بهذا الدخول، وعلى الزوجة أن تعتد بعد مفارقة الزوج لها أو بعد التفريق بينهما، وهي عدة طلاق وأن مات الزوج قبل المفارقة، ويثبت النسب للأولاد الذين يأتون عن طريق الدخول الحقيقي بالعقد الفاسد، وذلك من باب الاحتياط حرصا على مصلحة الأولاد .
خامساً : حكم العقد الباطل :
عقد الزواج الباطل هو: الذي فقد ركنًا من أركانه أو شرطاً من شروط انعقاده، وذلك مثل أن يعقد الرجل على أمه أو أخته، أو يكون العاقد صبيا غير مميز أو مجنون، أو يكون العقد على امرأة متزوجة من رجل، أو يكون العقد على امرأة مسلمة والزوج غير مسلم، أو يكون القبول مخالفا للإيجاب مثل أن يقول والد الفتاه، زوجتك ابنتي فاطمة فيقول الآخر قبلت زواج ابنتك ليلى، أو يقول له زوجتك ابنتي فاطمة بثلاثمائة جنيه، فيقول الآخر قبلت زواجها بمائتين .
- فالعقد في كل الصور السابقة يكون عقدا باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر من الآثار الشرعية التي تترتب على عقد الزواج التام، وإذا حصل الدخول بناء على العقد الباطل كان ذلك معصية ويجب التفريق بينهما، ولا يقام الحد عليهما لوجود الشبهة عند أبي حنيفة، وإذا لم يجب الحد بهذا الدخول المُحرَّم فيجب المهر للمرأة وهو مهر المثل بالغا ما بلغ، ولا يترتب على هذا الدخول ثبوت نسب للأولاد الذين يأتون عن طريق هذا العقد الباطل .
- والحنفية: يرتبون حرمة المصاهرة على الدخول بالعقد الباطل، لأنها تثبت عندهم بالزنا، فتثبت بالدخول بالعقد الباطل من باب أولى .
- والشافعية: لا يرتبون حرمة المصاهرة على الزنا ولا يرتبونها على العقد الباطل كذلك.
- وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن يقولان بوجوب الحد على الرجل والمرأة إذا كانا مكلفين عالِمين بالتحريم .
المحرمات من النساء :
- حينما تكلمنا في شروط الانعقاد وذكرنا أنه يشترط ألا تكون المرأة مُحَرَّمة على الرجل تحريما قطعيا لا شُبهة ولا خلاف فيه لأحد من الفقهاء .
- فإذا كانت المرأة مُحَرَّمة على الرجل الذي يريد الزواج بها تحريما قطعيا كأمه، أو أخته أو غيرهما وعُقِدَ عليها يكون العقد باطلا وقد عرفنا حكم العقد الباطل.
- وحينما تكلمنا في شروط الصحة وذكرنا أيضا أنه يشترط ألا تكون المرأة مُحَرَّمة تحريما ظنيا أو تحريما فيه خلاف بين الفقهاء، وذلك كمن يعقد على عمة زوجته التي معه أو على خالتها أو أخت مطلقته التي ما زالت في العدة، فإن كانت من هذا الصنف من النساء وعقد عليها فلا يكون العقد صحيحا وإنما يكون فاسدًا .
- وإتمامًا للكلام في هذا الموضوع لابد لنا من ذكر سائر المحرمات من النساء .
والتحريم للنساء ينقسم إلى قسمين :
الأول : تحريم مؤبد لا يزول أبد الدهر لأن سببه الذي يوجبه سبب لازم، بمعنى أنه دائم لا يَنفك ولا يزول وذلك مثل الأمومة، والبنوة والأخوة .
وينحصر هذا التحريم في ثلاثة أنواع :
1. التحريم بسبب النسب : كالبنت والأخت والأم وغير ذلك .
2. التحريم بسبب المصاهرة : كأم الزوجة، وبنتها، وزوجة الأب وغيرهن .
3. التحريم بسبب الرضاع: وذلك كتحريم الأم من الرضاع والأخت من الرضاع وغيرهما.
الثاني: تحريم مؤقت : يبقى ما بقى السبب قائما فإن زال السبب في التحريم زال التحريم وينحصر هذا التحريم في خمسة أنواع :
1. تعلق حق الغير بالمرأة: وذلك كالمرأة المتزوجة أو المرأة التي طُلِقَتْ ولا زالت في عدة من طلقها سواء أكانت زوجة لمسلم أم لغير مسلم وكذلك المرأة المعتدة بعد وفاة زوجها، لا يحل الزواج بواحدة منهن حتى تنقضي العدة .
2. التطليق ثلاثا : فالمرأة التي طلقها زوجها ثلاث مرات لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وذلك بعد انقضاء عدتها من الأول ودخول الثاني بها دخولا حقيقيا ثم طلاقها منه وانقضاء عدتها، أو موت الثاني عنها وانقضاء عدتها كذلك .
3. اعتناق دين غير سماوي: فيحرم على الرجل المسلم أن يتزوج بالمرأة المشركة (التي لا تدين بدين سماوي) وكذلك المرأة التي ارتدَّت عن دين الإسلام واعتنقت دينًا آخر أو لم تعتنق أي دين أخر ورفضت الأديان كلها .
4. الجمع بين المحارم: وذلك مثل أن يتزوج الرجل امرأة ومعه أختها أو عمتها أو خالتها .
5. الجمع بين الأجنبيات: زيادة على الحد الأعلى للجمع بين الأجنبيات في الشريعة الإسلامية وهو أربع زوجات فيحرم عليه أن يتزوج بالخامسة مادام العدد كاملاً .
هذه هي المحرمات من النساء أجمالا . المحرمات من النساء على سبيل التأبيد ثلاثة أنواع:
1. التحريم بسبب النسب.
2. التحريم بسبب المصاهرة .
3. التحريم بسبب الرضا .
** وفي أثار عقد الزواج :
يقصد بآثار عقد الزواج، تلك الحقوق التي تنشأ عن هذا العقد . وهذه الحقوق منها:
- ما هو مشترك بين الزوجين . -ومنها ما هو خاص بالزوج .
- ومنها ما هو خاص بالزوجة .
المبحـــث الأول
حقـــوق الزوجــــة
** حقوق الزوجة على زوجها :
للزوجة على زوجها حقوق يلزمه القيام بها، وهذه الحقوق بعضها حقوق مالية، وتتمثل في المهر والنفقة، وبعضها حقوق غير مالية، وتتمثل في العدل بين الزوجات إذا كان متزوجا بأكثر من واحدة، وعدم الإضرار بالزوجة :
المطلب الأول : في الحقوق غير المالية للزوجة .
المطلب الثاني : في الحقوق المالية للزوج
  #22  
قديم 01-10-2010, 06:50 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114

لمطلب الأول
في الحقوق غير المالية للزوجة
تتلخص الحقوق غير المالية التي أثبتها الله تعالى للزوجة على زوجها، في حَقْين أساسيين هما:
الفرع الأول: عدم الإضرار بالزوجة :
إذا اختار الزوج شريكته، وتزوج بها، وجب عليه أن يعاشرها بالمعروف، فلا يظلمها، أو يضربها، أو يؤذيها بقول أو فعل أو خلق، فلا يسمعها من الكلام ما يجرح كرامتها، أو يحط من منزلتها، ولا يخاطبها بالغلظة والفظاظة، ولا يضربها بلا سبب مشروع، ولا يكرهها على استقبال أصدقائه الذين يزورونه، ولا يضيق عليها في المعيشة، وينفق هو على ملذاته أكثر كسبه، ولا يمسكها كرها عنها لتفتدي نفسها منه بمال ليطلقها، وما أشبه ذلك من كل ما يؤلم الزوجة ويجرح شعورها .
وقد نهى الله تعالى عن ذلك في نصوص كثيرة منها قوله تعالى: [ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أو سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ] (البقرة: من الآية 231 ) وقوله تعالى : [ وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ] (النساء: من الآية19) .
- وقد تتحقق هذه الفضيلة من الزوج: بأن يكون حسن الخلق مع زوجته، ويحلم عليها عند غضبها، لقوله r: "اتقوا الله في النساء، فإنهن عَوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف". وأن يضيف إلى اللين والحلم واحتمال الأذى؛ المداعبة والمزاح المحبوب، لأنها قد انسلخت من قومها، وانضمت إليه رغبة فيه، فينبغي له أن يقابل ذلك بإسداء الخير والتلطف بها في جميع الأحوال .
- ولقد كان الرسول r أرحم الناس بنسائه وألطفهم معهن، ودل على ذلك قوله r : " أكمل المؤمنين إيماناً، أحسنهم خُلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم"، ويقولr : "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" .
- فإذا خرج الزوج عن أدب الإسلام، وأذى زوجته بالقول أو الفعل، كان لها أن ترفع أمرها إلى القاضي، ليزجره ويعزره بما يراه رادعاً له. ويرى المالكية أن للزوجة الحق في طلب التفريق للضرر، وللقاضي تطليقها جبراً على الزوج طلقة واحدة بائنة متى ثبت الضرر، دفعاً للظلم وإنصافا للزوجة، وهو ما نؤيده، وما يجري عليه العمل في المحاكم الآن .
الفرع الثاني :
العدل عند تعدد الزوجات: إذا كان الرجل متزوجا بأكثر من واحدة، فإنه يجب عليه أن يعامل كل واحدة منهن بالمعروف كما سبق .
- كما يجب عليه أن يعدل في المعاملة بين زوجاته، ولا يفضل واحدة منهن على غيرها، بل عليه المساواة في المعاملة بينهن . ذلك لأن إباحة تعدد الزوجات مشروط بالعدل بينهن، لقوله تعالى : [ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ] ( النساء: من الآية 3 ) .
- والعدل المطلوب هنا هو التسوية بين الزوجات في الأمور الظاهرية التي هي في قدرته، كالنفقة بكل أنواعها من مأكل وملبس ومسكن وغير ذلك . وكذلك المبيت فلا يؤثر واحدة منهن على الأخرى، بل يجب عليه أن يبيت عند الواحدة بمقدار المدة التي يبيتها عند الأخرى، لا فرق في ذلك بين البكر والثيب، والجديدة والقديمة، والعجوز والشابة، والمريضة والسليمة، والمسلمة والكتابية، وصاحبة العذر وغيرها، لأن سبب وجوب القسم في المبيت هو الزوجية، وهو قدر مشترك بين الزوجات جميعاً فتجب التسوية بينهن جميعا فيما يترتب عليها وهو المبيت، وهذا هو العدل المطلوب .
- أما المساواة بينهن في المحبة والميل، فلا يطالب به، لأنه خارج عن حيِّز الاستطاعة، ولأن ذلك في غير مقدور البشر، ولقد كان الرسول r يقسم بين زوجاته فيعدل ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك" يعني بذلك زيادة المحبة لإحداهن دون الأخرى .
المطلــب الثانــي
فـي الحقـوق الماليـة للزوجــة
الحقوق المالية التي للزوجة على زوجها، تتمثل في حقين أساسيين هما : الحق في المهر والحق في النفقة .
الفرع الأول : في المهر :
تعريف المهر :
هو المال الذي يجب على الزوج لزوجته بالعقد عليها أو بالدخول الحقيقي أو الحكمي بها .
وللمهر أسماء كثيرة منها : الصداق، والصدقة، والنحلة، والفريضة، والعطية، الأجر، والحباء، والعُقر، والعلائق .
والمهر حق من حقوق الزوجة على زوجها وهو من أحكام عقد الزواج الصحيح، أي أثر من أثاره، وليس ركناً فيه أو شرطاً من شروط صحته، ولذا ينعقد الزواج من غير تسمية المهر، بل وحتى لو اتفقا على عدم المهر، لكن اتفاقهما على عدم المهر، لا يعفي الزوج منه، ولا يسقطه عنه، ويكون الواجب حينئذ مهر المثل .
حكم المهر: من التعريف السابق يمكن معرفة حكم المهر وهو الوجوب وأن هذا الوجوب على الرجل دون المرأة، وأن وجوبه على الرجل يثبت بواحدة من أمرين:
الأول: مجرد العقد: وهذا في الزواج الصحيح كما هو مذهب أبو حنيفة، غير أن وجوبه بالعقد غير مستقر، فهو عُرضة لأن يسقط كله أو نصفه ما لم يتأكد بواحد من مؤكدات المهر التي سيأتي بيانها .
الثاني : الدخول الحقيقي : وهذا في الزواج الفاسد أو في حالة الشبهة، والدخول الحقيقي يجب به المهر وجوباً مؤكدا لا يحتمل السقوط إلا بالأداء أو الإبراء .
الحكمة من وجوب المهر :
من محاسن الإسلام التي تذكر له أنه جعل المهر تكريما لمشاعر المرأة وتوثيقا إلى المحبة بين الزوجين فهو أمر مفروض على الزوج، ومع ذلك يقدمه على سبيل الهدية التي تهدى للغير دون مقابل مادي والتي تعين على أن الزواج ثمراته ويبلغ غاياته والمهر هو تكريم للمرأة ورفعة لشأنهامن الوجوه الآتية :
‌أ- أن المهر حق للزوجة على الزوج يعبر به عن مشاعره تقديراً لها ورغبة منه في الارتباط بها وبذل ما يستطيع في سبيلها حتى تدوم رابطة الزوجية وتستمر الشركة بينهما لأن ما يصعب طريق الوصول إليه يعز في الأعين ويحرض الناس على إبقائه بعد الحصول عليه ويصعب التفريط فيه، وما يتيسر الوصول إليه يهون في الأعين ويسهل التفريط فيه .
‌ب- أن المهر حق للمرأة ليس لوليها أن يأخذ منه شيئا ولا أن يزوجها بدونه كما كان يحدث كثيرا في الجاهلية الأولى.
‌ج- أن في المهر تقوية معنوية لجانب المرأة حيث يعوضها أدبيا عما تستشعر الغُرْبة حين تنتقل من أسرتها وبيتها إلى قرين غريب عنها نسبيا وإلى بيت لم تألفه من قبل ولها وحدها حق التصرف فيه، وليس لزوجها عليه من سبيل إلا أن يكون عن طيب نفس منها .
لماذا وجب المهر على الرجل دون المرأة ؟ :
- يجاب على هذا التساؤل بأن المرأة بمجرد عقد الزواج تدخل في طاعة الزوج وتخضع لرئاسته، وتنتقل من البيت الذي ألفته وتربت في رحابه إلى بيت زوجها، وبذلك يملك من أمرها ما لم يكن له من قبل فكان عليه أن يقدم لها ما يرضيها بطاعته ويشعرها بالرغبة فيها وأنها موضع بره وعطفه ورعايته .
- كذلك فإن طبيعة الرجل تمكنه من السعي للرزق وكسب المال الذي تتطلبه حاجات المعيشة ونفقات الأسرة أما المرأة فوظيفتها الطبيعية القيام على شئون البيت وتدبير أموره وتهيئة أسباب الراحة، والهناء والسعادة لزوجها ولأولادها فكان من الناسب أن تكون التكاليف المالية التي تقتضيها الحياة الزوجية كلها على الرجل دون المرأة ومن هذه التكاليف المهر وإلى هذا يشير تعالى في قوله: [ الرِّجَالُ قَوامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ ] (النساء: من الآية34)
مقدار المهر :
اتفق الفقهاء على أن المهر ليس له حد أعلى ولا نهاية كبرى يقف عندها لأنه لم يرد عن الشارع ما يدل على تحديده بحد أعلى بحيث لا يزيد عنه . ولا تحديد إلا إذا قام الدليل إلى أن التشريع الإسلامي نهى عن المغالاة في المهر حتى يكون الزواج طريقا سهلاً وميسوراً لمن أراد العصمة لنفسه، وحتى لا يحجم الشباب عن الزواج لكثرة المهر، كما هو حاصل في بعض الأقطار العربية.
وما دام المهر هبة وهدية وشيئا رمزيا يهدف إلى الغايات الإنسانية السامية فلا يوجد ما يدعو للتعالي فيه أو تعقيد أمر الزواج بسببه .
الحد الأدنى للمهر :
يراعي علماء المذهب الحنفي أن أقل المهر هو عشرة دراهم أو ما يساويها طبقًا لقيمة الجنيه المصري في الوقت الراهن ، ولا يجوز نقصان المهر عن هذا القدر.
تعجيل المهر وتأجيله :
لا يشترط في المهر أن يكون معجلا، بل يصبح أن يتفق الزوجان على تعجيله كله أو تأجيله كله إلى الأجل سواء كان الأجل قريبا كعشرين يوما أو بعيدا كسنة أو أكثر أو إلى أقرب الأجلين الطلاق أو الوفاة
- كما أنه يصح تعجيل الكل وتأجيل الكل: فيجوز تعجيل بعضه وتأجيل البعض الآخر على حسب اتفاق الزوجين، فإن لم يكن ثمة اتفاق يتبع عرف البلد الذي عقد فيه العقد لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً .
- فإذا جرى العرف بتقديم المهر كله قبل الدخول وجب تقديمه، وإن جرى العرف بتقديم النصف وجب أن يقدم وأن كان العرف تقديم الثلثين كان الواجب تقديمه .
- والمعروف في بعض بلاد مصر تقديم الثلثين وفي بعضها الآخر تقديم النصف، وتأجيل الباقي إلى أقرب الآجلين الطلاق أو الوفاة فيعمل بهذا ما لم يوجد اتفاق على خلافه، وإذا لم يكن هناك اتفاق أو عرف بالتعجيل أو التأجيل .
- فإن المهر يكون كله معجلاً لأنه حكم من أحكام العقد .
- وأحكام العقد لا تتراخى عنه فكان الواجب تعجيله بمجرد تمام العقد، وهو الأصل لكنه يؤخر بالشروط أو ما يقوم مقامه وهو العرف، بقصد التيسير ، وحيث لا يوجد شرط متفق عليه أو عرف فيعمل بالأصل .
أنواع المهر والأحوال التي يجب فيها كل نوع: يتنوع المهر الواجب في الزواج الصحيح إلى نوعين:
الأول : المهر المسمى: وهو ما اتفق عليه العاقدان وقت العقد، أو فرض للزوجة بالتراضي بعد العقد وهذا المهر المسمى بنوعيه، يكون هو الواجب للزوجة إذا كان العقد قد تم صحيحا والمسمى مما يصلح أن يكون مهراً وكانت فيه عشرة دراهم فأكثر.
- ووجوب المهر المسمى: يثبت للزوجة على زوجها بمجرد العقد الصحيح، سواء دخل بها أو لم يدخل وسواء اختلى بها خلوة صحيحة أو لم يختل .
- لكن وجوب المهر بنفس العقد وجوب غير مستقر فإنه يجوز أن ما يوجب سقوط كله أو بعضه إلا إذا تأكد الوجوب بواحدة من المؤكدات .
- ووجوب المهر المسمى من غير توقف على الدخول وهي كما قلنا في العقد الصحيح، أما العقد الفاسد فلا يجب بمجرده شيء ولو كانت التسمية صحيحة .
- غير أنه إذا دخل الزوج بزوجته دخولا حقيقيا فإنه يجب لها الأقل من المسمى ومهر المثل، فإذا كان المسمى مائة ومهر مثلها مائتان فالواجب لها مائة، وإن كان المسمى مائة ومهر مثلها ثمانون فالواجب لها ثمانون، لأن ما زاد عن مهر المثل إنما يجب بالعقد الصحيح ولا يصلح العقد الفاسد سببا لوجوبه .
النوع الثاني: مهر المثل: مهر المثل هو مهر امرأة من أقارب أبيها، كالأخوات والعمات وبنات الأعمام ولا يعتبر بأمها وخالتها، إلا إذا كانتا من جانب أبيها، بأن يكون أبوها تزوج بنت عمه فإن أمها وخالتها تكون من جانب أبيها . وذلك لأن قيمة الشيء أنما تعرف بالرجوع إلى قيمة جنسه، والإنسان من جنس قوم أبيه لا من جنس قوم أمه .
- ويعتبر في مهر المثل، أن تتساوى المرأتان في السن والجمال والمال والعقل والدين والبلد والعصر والبكارة والأدب والعلم وما إلى ذلك من كل الصفات التي يرغب فيها ويختلف المهر باختلافها على أن يراعى حال الزوج بأن يكون زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها في المال والحسب وعدمهما.
- وإذا لم توجد من تماثلها في صفاتهما من أقارب أبيها، أعتبر مهر المثل بمهر امرأة من أسرة أبيها في المكانة والمنزلة الاجتماعية .
- وعندما يراد إثبات مهر مثل امرأة يشترط اختيار رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول بأنه يقولا نشهد أن مهر مثلها ألف جنيه مثلا، لأن فلانة التي هي من أقارب أبيها تساويها في الأوصاف المعتبرة من كذا وكذا وقد تزوجت بهذا المبلغ .
الأحوال التي يجب فيها مهر المثل : يجب مهر المثل في الأحوال الآتية :
1. إذا خلا العقد من تسميته، ومن التراضي عليه بعد العقد ورفعت الزوجة أمرها إلى القاضي ليفرضه لها وظل الأمر كذلك حتى دخل بها أو مات أحدهما، وإذا طلقها قبل الدخول والخلوة، وجبت لها المتعة .
2. إذا تزوجها على ألا مهر لها، لأن المهر حكم من أحكام العقد يترتب عليه حتما ولا يملك أحد إسقاطه. فإذا قال الخاطب: زوجيني نفسك على ألا مهر لكِ، فقالت: قبلت، صح الزواج، ووجب لها مهر المثل؛ لأنه شرط فاسد، والشرط الفاسد إذا اقترن بعقد الزواج لا يترتب عليه فساد العقد بل وحده ويبقى العقد صحيحا .
3. أن تكون التسمية فاسدة بأن سمي في العقد ما لا يصح مهراً شرعا كتسمية شيء مجهول جهالة فاحشة أو شيء ليس له قيمة في ذاته أو في حق المسلم أو شيء لا يمكن تقويمه بالمال كأن يجعل مهرها عدم التزوج عليها أو تطليق زوجته الأخرى .
4. إذا زوجت المرأة البالغة العاقلة نفسها من كفء بمهر مسمى في العقد أقل من مهر أمثالها يعتبر رضا وليها العاصب ففي هذه الحالة يكون لوليها العاصب أن يعترض على هذا العقد أمام المحكمة ويطلب من الزوج إتمام المهر المسمى إلى مهر المثل فإن قبل فيها وكان الزواج لازما وإن امتنع حكم القاضي بفسخ الزواج لأن المهر في ابتداء العقد ليس حقا للمرأة خالصا بل يتعلق به أيضا حق الأولياء دفعا للضرر عن أنفسهم لأنهم يعتبرون إذا كان المهر أقل من مهر المثل.
- وبعد أن يتقرر وجوب المهر في ذمة الزوج، فلها أن تتصرف فيه كيف شاءت لأنه لا حق للأولياء حينئذ حيث أن حقهم في الابتداء لا في البقاء فلو أبرأت زوجها منه كله أو بعضه بعد ما وجب في ذمته صح إبراؤها ولو قبضته، ثم وهبته له أو لغيره صحت الهبة، ولا حق لأحد في الاعتراض عليها لأنها تصرفت في خالص حقها وهي أهل للتصرف .
ما يتأكد به المهر :

  #23  
قديم 01-10-2010, 06:52 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
افتراضي

المقصود من تأكيد المهر بعد وجوبه، أن يكون دينا صحيحا قويا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء؛ لأنه وإن كان المهر يجب بمجرد العقد الصحيح إلا أن وجوبه هذا عرضة للسقوط كلاً أو بعضاَ إذ يحتمل أن يسقط نصفه المسمى في العقد بالطلاق قبل الدخول، وأن يسقط كله بالفرقة من قبل الزوجة قبل الدخول بها .
ومؤكدات المهر ثلاثة :
الأول: الدخول الحقيقي بالزوجة: إذا دخل الزوج بزوجته دخولا حقيقيا تأكد وجوب المهر عليه لأنه يكون قد استوفى حقه به فيتقرر حق الزوجة في المهر .
الثاني : الخلوة الصحيحة : وهي أن يجتمع الزوجان وحدهما في مكان يأمنان فيه من الإطلاع عليهما، وليس له هناك مانع يمنع من التمتع بها لأن الزوجة بتمكينها الزوج من الاختلاء بها مع عدم وجود المانع تكون قد مكنت زوجها من نفسها وفعلت ما من الاختلاء بها مع عدم المانع تكون قد مكنت زوجها من نفسها وفعلت ما في وسعها ومن ثم أقيمت الخلوة مقام الدخول الحقيقي في تأكيد وجوب المهر .
الثالث : موت أحد الزوجين : إذا مات أحد الزوجين ولو قبل الدخول والخلوة الصحيحة تأكد وجوب المهر على الزوج وذلك لأن المهر وجب بنفس العقد، والعقد لا ينفسخ بالموت وإنما ينتهي به والشيء بانتهائه تتقرر أحكامه التي يمكن تقريرها ومنها المهر فإن كان قد سمى في العقد أو سمى بعده بتراض منهما، أو بقضاء القاضي كان هو الواجب المقرر.
- وأن لم يكن قد سمي بأحد هذه الوجوه أو كانت التسمية غير صحيحة كان الواجب مهر المثل تأخذه الزوجة من تركة زوجها إن كان هو المتوفى ويطالبه به ورثتها إن كانت هي المتوفاة بعد إسقاط نصيبه منه لأنه وارث .
- وتأكيد المهر بموجب الزوجين لا يختلف باختلاف سبب الموت فسواء أكان موت أحدهما طبيعيا أم كان ب*** نفسه أم ب*** أجنبي أم ب*** أحدهما الآخر عمداً أو خطأ فإنه يكون مؤكداً المهر في جميع حالاته.
- هذا والأمور التي ذكرناها مؤكدات للمهر شرطها كما قلنا أن يكون عقد الزواج صحيحا، أما إذا كان الزواج فاسدا فإنه لا يترتب على العقد ذاته شيء من المهر لكن إذا دخل الزوج بزوجته بناء على العقد الفاسد فإنه يجب للزوجة مهر المثل أو الأقل من المسمى ومن مهر المثل ويكون هذا الوجوب مؤكداً مستقراً غير قابل للسقوط لأن سبب الوجوب هنا هو الدخول وسواء افترقا من تلقاء أنفسهما أو فرق القاضي بينهما بعد الدخول الحقيقي .
- أما إذا وقعت المفارقة بين الزوجين في الزواج الفاسد أو التفريق بينهما قبل الدخول الحقيقي، فلا مهر للزوجة أصلا ولو اختلى بها الزوج خلوة صحيحة .
- ومثل الزواج الفاسد في ذلك: الدخول بالمرأة بناءً على الشبهة كأن يتزوج امرأة ولم يرها، وزفت إليه امرأة أخرى، وقيل له أنها زوجته، فدخل عليها بناء على هذا القول ثم تبين له أنها ليست زوجته فإنه يجب لها مهر المثل بعد الدخول وجوباً مؤكدًا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء .
أحكام الخلوة الصحيحة :
الخلوة الصحيحة التي تقوم مقام الدخول الحقيقي وتؤكد لزوم المهر بتمامه هي :
أن يكون الزوجان في مكان أمين من إطلاع الغير عليها بلا إذنهما وليس بأحدهما مانع حسي أو شرعي يمنع من المعاشرة الزوجية .
فإذا لم تكن الخلوة صحيحة بأن لم يتحقق فيها معنى الاختلاف أو قام هناك مانع بحيث لا تكون الخلوة معه مظنة لحصول شيء فيها فإنها لا تقوم مقام الدخول الحقيقي ولا يتأكد فيها كمال المهر .
المقارنة بين الخلوة والدخول الحقيقي :
الخلوة الصحيحة تشترك مع الدخول الحقيقي في بعض الأحكام وتختلف معه في بعض الأحكام ولا بد لنا مع المقارنة بينهما حتى نقف على الأحكام التي تتفق فيها الخلوة مع الدخول الحقيقي وعلى الأحكام التي تختلف فيها عن الدخول الحقيقي أيضا .
ما يتفقان فيه من الأحكام:
يرى فقهاء المذهب الحنفي أن الخلوة الصحيحة تتفق مع الدخول الحقيقي في الأحكام التالية :
1. يتأكد المهر كله للزوجة بالدخول الحقيقي ويتأكد كذلك بالخلوة الصحيحة كما ذكرنا .
2. يثبت النسب لأولاد الزوجة من زوجها إذا دخل بها دخولا حقيقيا ويثبت كذلك إذا اختلى بها خلوة صحيحة .
3. تجب العدة على المرأة إذا طلقها زوجها بعد الدخول الحقيقي بها وكذلك إذا طلقها بعد الخلوة الصحيحة بها وهذا رأي معظم فقهاء الحنفية .
ويرى بعضهم فرقاً بين وجوب العدة بالطلاق بعد الدخول وبين وجوبها بالطلاق بعد الخلوة الصحيحة ففي الطلاق بعد الدخول تجب العدة ديانة وقضاء، وفي الطلاق بعد الخلوة الصحيحة ثم طلقها من غير أن يدخل بها حقيقة جاز لها أن تتزوج بدون عدة من الناحية الدينية ولكنها إذا رفع أمرها إلى القضاء وجب على القاضي أن يحكم عليها بوجوب الاعتداد بعد الطلاق .
4. تجب النفقة للزوجة في أثناء العدة بالنسبة لمن طُلقت بعد الدخول الحقيقي بها وكذلك المرأة المطلقة بعد الخلوة الصحيحة بها تجب لها النفقة بأنواعها الثلاثة من طعام ومسكن وكسوة في أثناء العدة بعد الطلاق.
5. يحرم على الزوج أن يتزوج بمحرم زوجته التي طلقها بعد الدخول به ولا زالت في العدة وذلك لحرمة الجمع بين المحارم وكذلك يحرم عليه الزواج بمحرم المرأة التي طلقها بعد الخلوة الصحيحة بها في أثناء عدتها.
6. يحرم على الزوج أن يتزوج بامرأة رابعة إذا طلق واحدة من الزوجات الأربع بعد الدخول بها وذلك في أثناء العدة لأن الجمع بين أكثر من أربع حرام في حالة الزواج وفي حالة العدة وكذلك إذا طلقها بعد الخلوة الصحيحة بها في أثناء عدتها .
7. يقع الطلاق البائن في أثناء عدة المرأة المطلقة بعد الدخول بها ويلحق هذا الطلاق الجديد بالطلاق السابق وكذلك يقع الطلاق البائن في أثناء عدة المرأة التي طلقت بعد الخلوة الصحيحة بها وقبل الدخول ويكون طلاقا بائنا مرة ثانية بعد طلاقها البائن في المرة الأولى؛ لأنه طلاق قبل الدخول يكون بائنا .
ما يختلفان فيه من الأحكام :
الخلوة الصحيحة تختلف عن الدخول الحقيقي بالزوجة في الأمور الآتية :
1. الدخول الحقيقي بالزوجة يحصن الزوجين، والخلوة الصحيحة لا يحصل بها التحصين وعلى هذا يختلف الحكم في زناهم بعد الدخول وبعد الخلوة الصحيحة ففي الأول الرجم لحصول التحصين بالدخول، وفي الثاني الجلد لعدم التحصين.
2. الدخول بالزوجة يحرم ابنتها على زوجها، والخلوة الصحيحة بالزوجة لا تحرم ابنتها على زوجها لانتفاء شرط الدخول .
3. الدخول بالزوجة المطلقة ثلاثا يحل لزوجها الأول وليست كذلك الخلوة الصحيحة لأنها ليست نكاحاً قد شرط الله لحل وقوعه النكاح، والمراد به هنا هو الوطء أي الدخول الحقيقي .
4. الطلاق بعد الدخول بالزوجة يكون رجعيا، إذا كان الأول أو الثاني وليس في مقابله مال، أما الطلاق بعد الخلوة فإنه يكون بائنا لأنه طلاق قبل الدخول .
5. الدخول بالزوجة في أثناء العدة من الطلاق الرجعي تحصل به الرجعة عند الحنفية أما الخلوة الصحيحة فإنها لا تحصل بها الرجعة .
6. ترث الزوجة زوجها إذا طلقها بعد الدخول بها في أثناء عدتها بعد طلاقها الذي حصل الدخول الحقيقي قبله ولا فرق في ذلك بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن الذي قصد الزوج به الفرار من الميراث ولا ترث الزوجة زوجها إذا طلقها بعد الخلوة الصحيحة في أثناء مرضه الذي مات فيه وهي العدة لأن وجوب العدة عليها في الطلاق الذي حصل بعد الخلوة بها من باب الاحتياط والميراث لا يثبت للاحتياط، وأنما يثبت بسبب متيقن .
اختلاف الزوجين على الخلوة :
- قد يتفق الزوجان على حصول الخلوة بينهما قبل الطلاق وقد يختلفان في حصولها، فإذا اتفقا على حصول الخلوة الصحيحة بينهما تثبت الخلوة وترتبت الأحكام الشرعية التي ذكرناها .
- وإذا اختلفا في حصول الخلوة قبل الطلاق، فقال الزوج طلقت قبل الخلوة وأنكرت الزوجة وأنكرت الزوجة ذلك وقالت بل طلقني بعد الخلوة الصحيحة، فالحكم في هذه الحالة أن الزوجة مطالبة بإقامة البينة على دعواها، فإذا أتت بالبينة حكم لها بثبوت الخلوة ويترتب على ثبوت وجوب المهر كلـه للزوجة، وإذا لم تستطع الإتيان بالبينة على دعواها. فالقول قول الزوج مع يمينه لأن الزوجة تدعى حصول الخلوة التي توجب المهر كله لها، والزوج ينكر ذلك والبينة على من ادعى واليمين على من نكر فيكون القول قول الزوج مع يمينه.
متى يجب نصف المهر .
إذا حصل الطلاق قبل الدخول وقبل الخلوة الصحيحة فإنه يجب للزوجة نصف المهر وذلك إذا كان المهر قد سمى في عقد الزواج تسمية صحيحة فإذا لم تكن هناك تسمية أصلا أو كانت هناك تسمية ولكنها فاسدة أو كان هناك اتفاق بين الطرفين على نفي المهر فإنه يجب للزوجة المتعة .
الفرع الأول : المُتْعَة :
المتعة هي ما يقدمه الزوج إلى زوجته بعد حصول الفُرقة بينهما قبل الدخول والخلوة من الثياب أو ما يقوم مقامها تعويضا للزوجة عن وحشة الفراق .
- وتجب المتعة إذا حصلت الفرقة بسبب من جهة الزوج قبل الدخول والخلوة، ولم يكن فيه مهر مسمى تسمية صحيحة .
- والمتعة الواجبة عند الأحناف لها حد أعلى وحد أدنى، فحدُها الأعلى ألا تزيد على نصف مهر المثل، وحدها الأدنى ألا تقل عن خمسة دراهم، وإنما لا يزيد حدها الأعلى على نصف مهر المثل لأن مهر من لم يسمَّ لها مهر هو مهر المثل ألا تزيد المتعة عن نصفه .
- فإذا زاد المطلق على ذلك كان متبرعاً، وكذلك لا يقل حدها الأدنى عن خمسة دراهم لأنها قائمة مقام نصف المهر وأقل المهر عشرة دراهم ونصفه خمسة دراهم هذا إذا كانت نقودا أما إذا كانت غير ذلك فتكون عبارة عن كسوة كاملة من الأشياء التي تحتاجها وذلك على حسب العرف السائد .
- وكما تجب المتعة عند الحنفية كما ذكرنا في الحالات السابقة فإنها تُسَنْ عندهم للمطلقة بعد الدخول، وقد سمى لها الزوج مهراً وتكون في هذه الحالة من قبيل التسريح بإحسان عند الطلاق .
- وكذلك تستحب للمطلقة بعد الدخول التي لم يسمَ لها مهر وإنما استحبت في هذه الحالة الاجتماعية مع مهر المثل الذي هو قريب منها في المعنى وبناء على ذلك تكون أحوال المتعة عند الأحناف ثلاث وهي (واجبة ، وسُنة ، أو مستحبة ) .
كيف يقدر القاضي المتعة :
المتعة تقدر على حسب حال الزوج، لأن الزوج إن كان موسراً فتقدر المتعة بما يناسب الموسرين ولو كانت الزوجة فقيرة، وليس في هذا إثقال على الزوج الموسر الذي طلق زوجته . لأنه في استطاعته أن يعطي لها ما هو أكثر من نصف مهر مثلها، لكنه لا يلزم عند وجوب المتعة إلا بما يساوي نصف المهر فقط، وإن كان غير موسر فلا يكلف إلا بما يناسبه ولم يعهد في التشريع الإسلامي تكليف الإنسان فوق طاقته .
حكم المتعة في القانون رقم 100 لسنة 1985 :
نصت المادة رقم(18) مكرر من القانون رقم 100 لسنة 1985 على أن حق الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها بدون رضاها ولا بسبب من قبلها في الحصول فوق نفقة عدتها على (متعة) تقدر بنفقة سنتين على الأقل، وبمراعاة حال المطلق يسراَ أو عسراَ وظروف الطلاق ومدة الزوجية .
الأحكام التي جاءت بها المادة 18 مكرر من القانون رقم 100 لسنة 1985 :
أولاً : وجوب المتعة لمن طلقها زوجها بعد الدخول بها في عقد صحيح، بدون رضاها، ولا بسبب من قَبَلَها أخذا مما ذهب إليه الشافعية والظاهرية وفي حكم الطلاق على هذا النحو، كل فُرقة جاءت من قبل الزوج مثل الفرقة بالردة واللعان والإيلاء وغير ذلك من الأسباب .
ثانيا : عدم وجوب المتعة لمن طلقها زوجها بعد الدخول بها في عقد صحيح إذا كان الطلاق برضاها في الطلاق على الإبراء والأصل في ذلك، أن كل ما يسقط المهر يسقط المتعة، لأن وجوب المهر يؤكد وجوب المتعة .
ثالثا : اعتبار المتعة بحال الزوج يسراً أو عسراً كما قال تعالى : )ومَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ( (البقرة: من الآية 236) وقياسا على النفقة.
رابعا : تقدير قيمة المتعة بنفقة سنتين على الأقل، فضلا عن نفقة العدة، تبعا لظروف الطلاق وإساءة الزوج لاستعماله، وعدم وضعه في موضعه الصحيح، ومدة الزوجية، وعلى ألا تقل في جميع الأحوال عن نفقة سنتين والتقدير الذي ذهب إليه القانون قصد به جبر خاطر المطلقة، وفي الوقت نفسه يمنع الكثيرين من التسرع في الطلاق .
خامسا : أجاز نص المادة (18 مكرر) الترخيص للمطلق في سداد المبالغ المحكوم بها للمتعة على أقساط حسبما تقتضيه ظروفه الاقتصادية وأحواله الاجتماعية والعائلية.
متى يسقط كل المهر ؟ : يسقط المهر كله عن الزوج في الأحوال الآتية :
1. إذا كان الخيار للزوج وقد اختار الفسخ للزواج بعد بلوغه أو بعد إفاقته من الجنون أو العته وذلك قبل الدخول الحقيقي والخلوة الصحيحة فالمهر يسقط كله عنه لأن الفسخ يكون نقضا للعقد من أساسه وإذا انتقض العقد لا تترتب عنه الأحكام.
2. إذا كانت الفرقة من جهة الزوجة قبل الدخول والخلوة وذلك كَرِدتها عن دين الإسلام أو إبائها الدخول فيه بعد إسلام زوجها أن كانت مشركة أو اختيارها لفسخ الزواج عند بلوغها أو أفاقتها من الجنون أو العته ولأنها بإقدامها على فسخ الزواج قبل أن يتأكد المهر كله لها تكون كالمتنازلة عنه.
3. إذا كان الزوج غير كفء لزوجته وفُسخ وليها الزواج قبل الدخول والخلوة لعدم الكفاءة أو فسخه الولي لنقص المهر عن مهر مثلها فإن ذلك يسقط المهر كله عن زوجها لأن هذه الفرقة تعتبر من قبلها فوليها يقوم مقامها في ذلك الفسخ فلا يجب لها شيء من المهر .
4. إذا كانت الزوجة من أهل التبرع ووهبت المهر كله لزوجها وقبلَ الهبة في مجلس العقد فإن المهر يسقط كله وسقوطه يتحقق قبل قبض المهر وبعد قبضه سواء كان المهر دينا في ذمة الزوج أو عينا تتعين بالتعيين أولاً .
5. إذا كانت الزوجة من أهل التبرع وأبرأت زوجها من المهر كله وكان دينا في ذمته فإن ذلك يسقط كل المهر ولا فرق في ذلك بين الإبراء قبل الدخول والخلوة أو بعدها .
من له الحق في قبض المهر والتصرف فيه ؟:
المهر حق الزوجة وحدها وإذا كان معجلاً كله أو بعضه فالزوجة أن تقبضه بنفسها ولها أن توكل غيرها في قبضة إذا كانت بالغة عاقلة رشيدة، فإذا لم تكن كذلك فلا يصح قبضها وإنما يقبضه وليها على مالها وهو أبوها ثم وصيّه، فإذا لم يوجد أحدهما فالجد ثم وصيّه، فإذا لم يوجد أحدهما فللقاضي ثم وصيّه .
الفرع الثاني : النفقة :
النفقة : من حقوق الزوجية .
معنى النفقة :
النفقة هي كل ما يحتاج إليه الإنسان لإقامة حياته من طعام وكسوة وسكن وخدمة وكل ما يلزم بحسب العرف على من تجب نفقته شرعا، لا خلاف بين الفقهاء في أن نفقة الزوجة واجبة شرعا على زوجها .
- لأن الزوجة ما دامت قد فرغت نفسها للحياة الزوجية وكانت محتبسة لأجله ( حق الاحتباس) فعلى زوجها أن يقوم بنفقتها، لأن من خصص نفسه لمنفعة غيره كانت نفقته واجبة على ذلك الغير.
- ولهذا تستحق الزوجة المسلمة والكتابية والغنية والفقيرة على السواء .
وجوب النفقة في القانون، والأحوال التي يسقط منها هذا الوجوب
عالج القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بعض أحكام النفقة، ومن حيث وجوبها ومن حيث الأحوال التي يسقط فيها هذا الوجوب وذلك بما نص عليه في الفقرات الخمسة الأولى من المادة الأولى منه، وذلك على النحو التالي:
أولاً : أن نفقة الزوجة تجب على زوجها بحكم العقد الصحيح .
ثانيا : أن الزوجة المريضة كالزوجة السليمة في وجوب نفقتها، وفضلا عن ذلك ألزم القانون الزوج بثمن الأدوية ومصاريف العلاج .
ثالثا : أن النفقة تشمل الغذاء والكسوة والمسكن والعلاج .
رابعا : النفقة لا تجب على الزوج بل تسقط عنه في الأحوال التالية :
‌أ. إذا ارتدت الزوجة عن الإسلام بأن خرجت من دين الإسلام إلى غيره .
‌ب. إذا امتنعت مختارة عن تسليم نفسها لزوجها والدخول معه في منزل الزوجية بدون حق ولا عذر شرعي، يستوي أن يكون امتناعها قبل الدخول أو بعد الدخول بها وفي كلا الحالتين تكون ناشزاً أي خارجة عن طاعة زوجها .
‌ج. إذا اضطرت الزوجة لعدم تسليم نفسها لزوجها بسبب ليس من قبل الزوج كما لو حُبست ولو بغير حكم، أو اعُتقلت أو منعها أولياؤها من القرار في البيت .
خامساً : النفقة تجب على الزوج ولا تسقط عنه في الأحوال الآتية :
‌أ. إذا خرجت الزوجة بدون إذنه في الأحوال التي يباح فيها الخروج بحكم الشرع، خروجها لتمريض أحد أبويها أو تعهده زيارته، وإلى القاضي لطلب حقها .
- ومثلت لما يقضي به العرف : خروجها لقضاء حوائجها التي يقضي بها العرف، كما إذا خرجت لزيارة محرم مريض .
- ومثلت المادة لما تقتضيه الضرورة : بتعرض المنزل الذي تقيم فيه للانهدام أو الحريق أو إذا أعسر بنفقتها .
- والضرر هي الحالة التي يترتب عليها ضرر يلحق بالنفس أو المال أو الدين أو العقل أو العرض، بحيث يضطر معها إلى إرتكاب أمر محظور شرعا للمحافظة على أي من هذه الأمور .
‌ب. إذا خرجت بدون إذنه لأداء عملها المشروع، ما لم يظهر أن استعمالاً لهذا الحق المشروع مشوب بإساءة استعمال أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه .
ومن نصوص هذه الفقرة فإنه يكون للزوجة أن تخرج لأداء عملها دون أن يكون لذلك الخروج أي تأثير على استحقاقها للنفقة في الأحوال الآتية :
1. إذا اشترطت عليه في عقد زواجها بقاءها في العمل أو حقها في أن تعمل ورضي بذلك.
2. إذا تزوجها عالما بعملها قبل الزواج .
3. إذا علمت بعد الزواج وقبل الدخول بها ورضي الزوج صراحة أو ضمناً .
4. إذا علمت بعد الدخول بها ورضي الزوج صراحة أو ضمنا .
- في هذه الأحوال جميعا يثبت رضا الزوج الصريح أو الضمني بخروج زوجته للعمل ولا يجوز له منعها من الخروج لأداء عملها، وإذا خرجت بدون إذنه لا تعتبر ناشزا ولا تسقط نفقتها .
هذا وعدم اعتبار خروج الزوجة للعمل سبباً لإسقاط نفقتها مشروط بشرطين :
الشرط الأول : ألا تسئ استعمال حق الخروج للعمل فإن أساءت استعماله، بأن تمادت في كثرة الخروج وتهاونت في شئون الزوجية ... كان للزوج أن يطالبها بالامتناع عن العمل .
الشرط الثاني : ألا يطرأ على الأسرة ما يجعل استمرارها في العمل منافيا لمصلحتها والأسرة كما هو معلوم تتكون من الزوج والزوجة والأولاد، فإذا طرأ على الأسرة بهذا المعنى ما يستدعى بقاء الزوجة في المنزل وعدم خروجها للعمل كان لزوجها أن يطالبها بالامتناع عن العمل سواء كان ذلك لصالح الزوج أو الأولاد أو الزوجة نفسها، كأن كان العمل يستدعى سهرها أو يضعفها ونحو ذلك .... وعند التنازع يفصل القاضي بينهما بما يراه كفيلا بتحقيق مصلحة الأسرة .
تقدير النفقة :
سبق القول أن نفقة الزوجة تتناول كل ما تحتاج إليه الزوجة في حياتها من طعام وكسوة وسكن وخدمة وكل ما يلزمها بحسب العرف والعادة .
طريق وصول هذه النفقة إليها نوعان : تمكين ، وتمليك ؛
‌أ. فالتمكين: يكون بقيام الزوج بالإنفاق على زوجته فعلا بما يكفيها من الطعام والكساء وإعداد المسكن المناسب، فإذا وفر الزوج لزوجته حاجتها من ذلك فإنها تكون قد استوفت حقها في النفقة بطريق التمكين الذي يتفق مع الحياة الزوجية السعيدة المستقرة.
- فإذا طلبت مع توافر ذلك أن تقدر لها نفقتها لتستقل بها في المعيشة، فإنها لا تجاب إلى طلبها ولأن الزوج لم يقصر في ذلك .
‌ب. طريق تمليك النفقة : أما إذا قصَّر الزوج في أداء ما يجب عليه، بأن ضيًّق عليها أو امتنع عن إطعامها أو كسوتها بغير حق أو لم يهيئ لها المسكن المناسب، فإن امتنع كان لها أن ترفع أمرها إلى القاضي وتطلب منه أن يقدر لها نفقتها على زوجها، وعلى القاضي أن يجيبها لطلبها متى ثبت لديه تقصير الزوج في الإنفاق عليها، ويأمره بالأداء إليها وهذا هو طريق تمليك النفقة .
- ويجب على الزوج أن يعجل لها نفقتها، بأن يعطيها لها مقدما حتى تتمكن من تدبير معيشتها وتستطيع الصرف على نفسها .
- وقد جرى العمل في المحاكم في مصر على أن القاضي يفرض مبلغا من النقود كل شهر لطعام الزوجة ومسكنها من غير فرق بين من يعمل باليوم أو بالشهر أو بغير ذلك ومبلغ آخر كل شهر لبدل كسوتها مساوٍ لبدل طعامها أو أكثر منه أو أقل على أن يدفع كل ستة أشهر، ومن القضاة من يفرض مبلغا شهريا لكل أنواع النفقة من طعام وكسوة ومسكن .
** ما يراعى من تقدير النفقة : يراعى في تقدير النفقة أمران :
الأمر الأول :
حال الزواج يسراً وعسراً، فإذا كان الزوج موسراً وجبت عليه نفقه الموسرين ولو كانت زوجته فقيرة، وأن كان فقيرا وجبت عليه نفقة المعسرين ولو كانت زوجته غنية، وإن كان متوسط الحال فالنفقة الواجبة عليه هي نفقة الوسط لقوله تعالى: )لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وسْعَهَا( (البقرة: من الآية 286) وقولهلِيُنْفِقْ ذُوسَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ومَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً( (الطلاق:7) .
وقد نصت المادة (16) من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 على ذلك حيث جاء بها "تقدر نفقة الزوجة بحسب حال الزوج وقت استحقاقها يسراً أو عسراً على ألا تقل النفقة في حالة العسر عن القدر الذي يفي بحاجتها الضرورية"
الأمر الثاني في تقدير النفقة :
يجب أن تكون بقدر كفايتها بلا إسراف ولا تقصير وأن تكون متمشية مع اختلاف الأسعار بالرخص والغلاء، ومتمشية مع أعباء الزوج الاجتماعية.
المسكن الشرعي وشروطه :
سبق القول أنه إذا كان الزوج قد هيأ لزوجته سكنا شرعيا فليس لها الحق في أن تطالبه ببدل أجرة سكن. وسوف نوضح فيما يلي المسكن الشرعي وشروطه والذي يعتبر عدم دخول الزوجة فيه نشوزا وخروجاً عن الطاعة .
أولاً : يجب أن يكون المسكن ملائمًا ومناسبًا لمنزلة الزوج الاجتماعية .
ثانيا : أن يكون هذا المسكن خاليًا من سكنى الغير، ولو كان هذا الغير من أهله وأولاده، إلا أن يكون له ولد صغير غير مميز لأن المسكن حق من حقوقها ولأنها تتضرر من سكن الغير لأنها لا تأمن على متاعها. ويمنعها ذلك من المعاشرة مع زوجها ومن الاستمتاع به ما لم ترضَ بذلك لأنها رضيت بانتقاص حقها.
ثالثا : أن يكون مستوفيا لكل ما يلزم السكن من فراش وآنية وسائر الأدوات المنزلية التي تلزم للحياة الزوجية، وأن يكون مشتملا على المرافق الضرورية اللازمة من مكان للطبخ والغسل بحسب حال الزوج .
رابعا : أن يكون مأمونا على نفسها ومتاعها .
- هذا ولا يجوز للزوجة أن تسكن معها أحداً من أقاربها حتى ولدها الصغير من زوج آخر إلا إذا كان زوجها راضيا بذلك، لأن منافع البيت مملوكة له فلا يشاركه أحد إلا برضاه .
امتناع الزوجة عن الدخول في منزل الزوجية وكيفية إثباته
وما يترتب عليه من آثار
نظم القانون رقم 100 لسنة 1985 بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية، كيفية تنفيذ حق الطاعة، وطريقة إثبات امتناع الزوجة عن طاعة زوجها وما يترتب على هذا الامتناع من آثار.
فنص في المادة (11) مكرر فقرة 2 على أنه :
- إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع .
- وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها وعليه أن يبين في هذا الإعلان المسكن .
- وللزوجة الاعتراض على هذا أمام المحاكم الابتدائية في خلال ثلاثين يوما من تاريخ هذا الإعلان وعليها أن تبين في صحيفة الاعتراض الأوجه الشرعية التي تستند إليها في امتناعها عن طاعته وإلا حكم بعدم قبول اعتراضها .
- ويعتد بوقف نفقتها في تاريخ انتهاء ميعاد الاعتراض إذا لم تتقدم في الميعاد .
- وعلى المحكمة عند نظر الاعتراض أو بناء على طلب أحد الزوجين التدخل لإنهاء النزاع بينهما صلحا باستمرار الزوجية وحسن المعاشرة .
فإذا باَن له أن الخلاف مستحكم وطلبت الزوجة التطليق، اتخذت المحكمة إجراءات التحكيم الموضحة في المواد (من 7 إلى 11) من هذا القانون
الأحكام التي تستفاد من هذه المادة :
أولاً: أن طاعة الزوجة لزوجها واجبة عليها شرعاً بمجرد استلامها وتوفيه عاجل صداقها، وتهيئة سكن شرعي لها على الوجه الموضح سابقًا وطلبها إليه وعدم وجود مانع شرعي، وذلك بدون توقف على حكم من القاضي عليها بدخولها في طاعته .
ثانيا : إذا امتنعت الزوجة عن الدخول مع ذلك في منزل الزوجية فعلى الزوج أن يدعوها إلى مسكن الزوجية على يد محضر أي بورقة من أوراق المحضرين وأن تشتمل على بيان السكن الذي يدعوها إليه .
ثالثا : إذا لم تعد بعد دعوتها على هذا الوجه، واعتبرت ممتنعة دون حق عن طاعة زوجها، يستوي أن يكون قد تم إعلانها شخصيا أو بواسطة من يقيم معها، أو من ينوب عنها، ويثبت امتناع الزوجة عن طاعة زوجها بإجابتها للمحضر على الإعلان أو بعدم عودتها لمنزل الزوجية بعد الإعلان قانونا .
رابعا : أجاز القانون للزوجة أن تتقدم باعتراض إلى قاض المحكمة الابتدائية على حق زوجها في طاعتها خلال ثلاثين يوما من إعلانها على يد محضر وهذا الاعتراض يكون بصحيفة دعوى توضح فيها الزوجة البيانات القانونية والأوجه الشرعية لاعتراضها على منزل الزوجية المطلوب دعوتها إليه والتي تستند إليها في الامتناع على طاعة زوجها فيه. وكذلك الأوجه الشرعية لاعتراضها على طاعة زوجها.. وإذا لم تتقدم بالاعتراض خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلانها أو لم تشتمل صحيفتها على الأوجه الشرعية التي تبرر لها الامتناع عن الطاعة في المسكن المدعوة إليه. اعتبرت ممتنعة عن طاعة زوجها بحكم النص، وتوقف نفقتها على زوجها من تاريخ انتهاء ميعاد المعارضة نهائيا .
خامساً : إذا استوفى الاعتراض شكله القانوني، وجب على المحكمة عند نظر موضوعه أن تتدخل من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الزوجين وذلك بقصد إنهاء النزاع بينهما صلحاً واستمرار الزوجية وحسن المعاشرة فإذا اتضح من المرافعة أن الخلاف مستحكم بين الزوجين وطلبت الزوجة الطلاق اتخذت المحكمة إجراءات التحكيم الموضحة في المواد (من 7 إلى 11) من هذا القانون .
نفقة العلاج : يجب على الزوج دفع تكاليف علاج زوجته إذا مرضت.
نفقة الخادم: لا خلاف في أن الزوج إذا كان موسراً وزوجته ممن يُخدمون، أنه تحسب لها عليه أجرة خادم، لأن كفايتها واجبة عليه، وهذا من تمامها إذ لا بد لها منه . وعلى ذلك يمكن تلخيص حقوق الزوجة في الأتي :
أولاً : غير حقوق مالية
1. العدل وحسن المعاملة .
2. الولاية التامة على مالها .
ثانيا : حقوق مالية
1. المهر .
2. النفقة .
المبحــث الثانـــي
حقـــوق الـــزوج
للزوج على زوجته حقوق يجب عليه مراعاتها والقيام بها . والرجل في الأسرة هو ربها وراعيها، والمسئول عنها وقد جعل الله له من الحقوق ما يجعله رئيسا لأسرته وإعطاء الزوج هذه السلطة في هذه الحقوق الغرض منه أمران :
أولهما: المحافظة على ما منحته الشريعة الإسلامية من حقوق قبل الزوج نتيجة للزواج.
ثانيهما : دفع الضرر عن نفسه وعن زوجته وحماية حياتهما الزوجية مما قد يضر بها من المؤثرات .
وهذان الغرضان هما اللذان يجب أن يتجه إليهما استعماله لسلطته، وهذا الاتجاه هو أول ما يقيد تلك السلطة، وفوق ذلك وجوب أن يكون استعمالها غير ملحق ضرراً بالزوجة، وبذلك تكون سلطة الزوج مقيدة بما تتقيد به سائر الحقوق في التشريع الإسلامي.
ومن حقوق الزوج قبل زوجته :
أولاً : حق الطاعة . ثانيا : القرار في بيت الزوجية . ثالثا : ولاية التأديب
تمر ولاية التأديب بعدة مراحل :
1. مرحلة الموعظة الحسنة .
2. مرحلة الهجر في المضاجع .
3. مرحلة الضرب .
4. مرحلة التحكيم .
القيود التي يتقيد بها حق التأديب وجزاء الخروج عليها :
أولاً : قيود حق التأديب : يتقيد حق التأديب بما يتقيد به سائر الحقوق في الشريعة الإسلامية وهذه القيود هي:
1. أن يكون استعمال حق التأديب متفقاً مع الحكمة المقصودة من تشريعه .
2. ألا يضرب الزوج زوجته إلا بعد استنفاد المرحلتين السابقتين على الضرب، فهو الوسيلة الأخيرة .
3. ألا يكون الضرب مبرحًا يترك آثرًا على جسم المرأة .
4. ألا يضرب مواضع العورات، كما يجب ألا يضرب الوجه .
ثانيا : جزاء الخروج عن قيود حق التأديب :
إذا خرج الزوج عن القيود المتقدمة وأضر بزوجته بدون سبب شرعي أو بما يزيد عن القدر اللازم على ما سبق متعديا وحق عليه الجزاء الآتي:
1. زجر القاضي له وتعذيره بحسب ما يراه ملائما لذلك .
2. إذا أحدث الزوج بزوجته ما يسبب وفاتها كان مضمونا عليه، لأن جواز تأديبه لها مشروط بشرط السلامة كما تقدم والزوج ليس مأموراً بضرب زوجته حتى يقال: لا يضمن، وإنما هو مأذون في ذلك فقط بالقيود المتقدمة والقياس على هذا يقتضي ضمان الزوج لما يحدثه بها دون الموت.
3. للزوجة أن تطلب التطليق للضرر من الزوج ولها أن تطلب من القاضي "تعذيره"
من أثار عقد الزواج :
أولاً : حقوق الزوجة . ثانيا : حقوق الزوج . ثالثا : الحقوق المشتركة بين الزوجين.
عقد الزواج كما تترتب عليه حقوق يختص بها أحد الزوجين تترتب عليه أيضا حقوقا مشتركة بين الزوجين ومن هذه الحقوق ما يأتي :
1) حق الاستمتاع : فيجوز لكل من الزوجين الاستمتاع بالآخر على الوجه المشروع وليس لأحدهما أن يمتنع عن الآخر إلا إذا كان هناك عذر يحول دون ذلك .
2) حسن المعاشرة: أو جب الله تعالى على الزوج أن يعاشر زوجته المعاشرة الحسنة فقال للأزواج[IMG]http://www.******.com/vb/images/smilies/smile.gif[/IMG] وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ( (النساء: من الآية19) وقال الرسول r:" استوصوا بالنساء خيرا" فيجب على الزوجين أن يحسن كل واحد منهما معاشرة الأخر، وعلى الزوج أن يصبر على زوجته فإنها خلقت من ضلع أعوج، وعلى الزوجة أن تصبر على زوجها ولنتذكر قولهr : " لو كنت أمر أحداً بالسجود لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" .
- وعلى كل واحد من الزوجين أن يتفانى في إسعاد الآخر وتهيئة الراحة والطمأنينة له حتى يعيشا كأحسن ما تكون الحياة محبة وإخاء وعطفا وحنانا وتعاون وصفاء يجعل الحياة بينهما أمراً محبوبا ومثلا محققا.
3) ثبوت النسب فهو حق لكل من الزوجين، كما أنه حق للأولاد .
4) حرمة المصاهرة فإذا عقد الرجل على امرأة حرمت عليه أصولها بمجرد العقد عليها ولا تحرم فروعها عليه إلا بالدخول بها وتحرم هذه الزوجة على أصول الزوج وفروعه بمجرد العقد عليها سواء دخل أو لم يدخل .
5) التوارث بين الزوجين فهو حق لكل من الزوجين لأن حل العشرة الزوجية يوجد بين الزوجين صلة كصلة القرابة، وإذا كانت القرابة بين الزوجين فإذا توفى أحدهما في حال قيام الزوجية حقيقة أو حكما ورث الحي منهما الميت ما لم يوجد مانع من موانع الإرث كال*** واختلاف الدين ونحوه .
وعلى ذلك يمكن تلخيص حقوق الزوج :
1. حق الطاعة . 2. القرار في بيت الزوجية . 3. ولاية التأديب .
حقوق مشتركة بين الزوجين :
1. حق الاستمتاع .
2. حسن المعاشرة .
3. ثبوت النسب.
4. حرمة المصاهرة.
5. التوارث بين الزوجين فهو حق لكل من الزوجين لأن حل العشرة الزوجية يوجد بين الزوجين صلة كصلة القرابة، وإذا كانت القرابة بين الزوجين فإذا توفى أحدهما في حالة قيام الزوجية حقيقة أم حُكما وَرِثَ الحي منهما الميت ما لم يوجد مانع من موانع الإرث كال*** و اختلاف الدين ونحوه.
المبحــث الثالــث
الإرث بسبــب الــزواج
في التوارث بين الزوجين :
- أن حل المعاشرة بين الزوجين المترتبة على الزواج، يقيم رابطة بينهما كرابطة قرابة النسب، ولما كانت هذه القرابة مثبته للتوارث بين الأقارب، فكذلك الزوجية يثبت به التوارث بين الزوجين، سواء كان الزواج قائما حقيقة أو حكما كالرجعية، وهذا موضع اتفاق بين الفقهاء . وعلى هذا فإن الحي منهما يرث من مات ما لم يوجد مانع من موانع الإرث :-
‌أ. فإن كان الميت هو الزوجة فللزوج نصف ما تركته إن لم يكن فرع وارث ذكراً أو أنثى منه أو من غيره مباشراً أو غير مباشر كالابن والبنت وابن الابن وبنت الابن، وإلا فإن وجد ذلك الفرع فله الربع، وهذا ما نص عليه المولى سبحانه قال تعالى: ) ولَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ ولَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ ولَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ((النساء:من الآية 12).
‌ب. أما إذا كان المتوفي هو الزوج : فللزوجة أو الزوجات عند التعدد ربع ما تركه بشرط ألا يكون له فرع وارث، وإن نزلت درجته فإن وجد الفرع فليس لها أو لهن إلا الثُمن . قال تعالى : ) ولَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ ولَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ ولَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ( (النساء: من الآية 12) .
‌ج. وكما اتفق الفقهاء على التوارث بين الزوجين عند قيام الحياة الزوجية فقد اتفقوا أيضا على عدم التوارث بينهما عند انقطاعها بطلاق بائن في غير مرض الموت، ثم اختلفوا في جملة من المسائل المتعلقة بالتوارث بين الزوجين نذكر منها أربعا:
المسألة الأولى : ميراث من فورقت بطلاق بائن في مرض الموت :
إذا طلق المريض زوجته ثلاثا أو آخر ثلاث، فالراجح في هذا: أنه إذا مات الزوج أثناء عدتها ورثته وإن مات بعد انقضائها، أو كانت ممن لا عدة عليها كغير المدخول بها فلا ترث، وبهذا قال الحنفية والشافعي في مذهبه القديم وأحمد في رواية مستدلين بما يأتي :
أولاً : أن الزوجية سبب إرثها والزوج قصد إبطاله فيرد عليه قصده بتأخير عمله إلى زمان انقضاء العدة دفعا للضرر عنها، وقد أمكن، لأن النكاح يبقى في العدة في حق بعض الآثار فجاز أن يبقى في حق إرثها منه .
ثانيا : لو وهب كل ماله في مرض موته أو تبرع به لبعض الورثة لبطل التصرف فكذلك هنا بجامع إبطاله حتى بعد تعلقه بماله .
المسألة الثانية : ميراث الزوجة المسيحية أو اليهودية من زوجها المسلم :
لا خلاف بين العلماء في أنه لا حق للزوجة الكتابية في ميراث زوجها المسلم إذا استمرت معتنقة لملتها، أو أسلمت بعد تقسيم التركة، فإن أسلمت بعد وفاة زوجها وقبل تقسيم التركة فللفقهاء في ذلك قولان :
الأول : لها حق الميراث من زوجها المسلم، وبهذا قال الإمام أحمد في أحدى روايتين عنه.
الثاني : لا ميراث لها . وبهذا قال جمهور الفقهاء .
المسألة الثالثة : ميراث المسلم من زوجته المسيحية أو اليهودية :
للفقهاء في توريث المسلم من زوجته الكتابية قولان :
الأول : للزوج أن يرث زوجته الكتابية : وهذا مروي عن معاذ ومعاوية ومحمد بن الحنفية وعلى بن الحسين وسعيد بن المسبب .
الثاني: لا ميراث للزوج منها: وبهذا قال الأئمة الأربعة وغيرهم من فقهاء المسلمين وهو مروي عن جمهور الصحابة والتابعين. واستدل أصحاب القول الثاني على منع التوارث بما يأتي :
أولاً : ما رواه أسامة بن زيد عن النبي r قال: " لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر ".
ثانيا: ما رواه أبو داود قال رسول الله r: " لا يتوارث أهل ملتين . وكذلك لقول الأمام أحمد "ليس بين الناس اختلاف في أن المسلم لا يرث الكافر" .
المسألة الرابعة : حكم الميراث مع ارتداد أحد الزوجين :
اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد أحد الزوجين ثم مات الآخر، فلا ميراث للمرتد في تركة الميت أما إذا مات المرتد فللفقهاءفي توريث المسلم منه قولان :
الأول : للمسلم الحق في ميراث من ارتد، وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف أن أبي حنيفة قصر الميراث على ما اكتسبه قبل الردة دون ما اكتسبه بعدها وقد خالفه في هذا غيره.
الثاني: لا ميراث للمسلم ممن ارتد : وبهذا قال الأئمة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل في رواية ثالثة عنه ما رواه أسامة بن زيد قال : " لا يرث المسلم الكافر والكافر المسلم".
ولكن ما هو الحال لو تعددت الزوجات :
في هذه الحالة فنصيبهن نصيب الزوجة الواحدة بقسمته بينهن على السواء، ففرض الزوجة الوارد في الآية الكريمة يراد به من يصدق عليها اسم زوجه سواء كانت واحدة أو تعددت .
وهناك شرطان ليرث أحد الزوجين الآخر الفرض المقدر له شرعاً هما :
1) أن تكون الزوجية قائمة وقت الوفاة سواء حقيقية أو حكمًا بمعنى أن تكون الزوجية قائمة أو أن تكون الزوجة مطلقة طلاقا رجعيا، المطلقة طلاقا رجعيا ترث من زوجها إذا مات قبل انتهاء عدتها. وتعتبر المطلقة بائنًا في مرض الموت في حكم الزوجة إذا لم ترض بالطلاق، ومات المطلق في ذلك المرض، وهي في عدته .
2) أن تكون الزوجية صحيحة وذلك لأنه لا توارث بعقد غير صحيح، والنكاح الصحيح هو المراد عند الطلاق ولأن غيره لا يعتد به شرعاً .
- ولا فرق في استحقاق الميراث بين أن يكون موت أحد الزوجين بعد الدخول وبين أن يكون بعد العقد وقبل الدخول، وذلك لتحقق معنى الزوجية الصحيحة بينهما في الحالتين، فلو طلق الرجل زوجته طلاقاً رجعيًا فهذا الطلاق لا يقطع حق كل منهما من الميراث إذا مات أحدهما وهي في العدة .
- والزوجان لا يحجبان من الميراث حجب حرمان إلا إذا قام بأحدهما مانع من موانع الإرث فإن من قام به ذلك المانع منها لا يرث صاحبه .
- كما إذا *** الرجل زوجته فإنه لا يرثها .
- وكما إذا تزوج مسلم كتابية ثم مات فلا ترثه
  #24  
قديم 01-10-2010, 11:08 AM
amona2222 amona2222 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 14
معدل تقييم المستوى: 0
amona2222 is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرااااااااا
  #25  
قديم 03-10-2010, 03:06 PM
mohamedmh59 mohamedmh59 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 31
معدل تقييم المستوى: 0
mohamedmh59 is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خير وجعل أعمال فى ميزان حسناتك
  #26  
قديم 23-10-2010, 10:33 PM
ممدوح محمود ممدوح محمود غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 6
معدل تقييم المستوى: 0
ممدوح محمود is on a distinguished road
افتراضي رجاء كتب المواد القانونية

ارجوكم كتب المواد القانونية لشعبة القانون

آخر تعديل بواسطة الأستاذة هدى ، 23-10-2010 الساعة 11:41 PM
  #27  
قديم 25-10-2010, 02:12 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114 مناهج المواد القانونيه للاخ المحترم ممدوح

تحيه وتقدير واحترام
الملفات المرفقة
نوع الملف: doc أعمل أقلام الكتاب بالمحاكم.doc‏ (406.0 كيلوبايت, المشاهدات 212)
نوع الملف: doc مبادئ الاجراءات الجنائية.doc‏ (511.5 كيلوبايت, المشاهدات 143)
  #28  
قديم 25-10-2010, 02:14 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114

تحية وتقدير واحترام
الملفات المرفقة
نوع الملف: doc مبادئ القانون المدني.doc‏ (271.0 كيلوبايت, المشاهدات 202)
نوع الملف: doc مبادئ قانون الأحوال الشخصية.doc‏ (420.5 كيلوبايت, المشاهدات 170)
  #29  
قديم 25-10-2010, 02:16 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114

تحية وتقدير واحترام
الملفات المرفقة
نوع الملف: doc مبادئ قانون المرافعات.doc‏ (389.0 كيلوبايت, المشاهدات 173)
نوع الملف: doc مبادى قانون العقوبات نهائى.doc‏ (345.5 كيلوبايت, المشاهدات 183)
  #30  
قديم 26-10-2010, 12:49 PM
looloo= looloo= غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 42
معدل تقييم المستوى: 0
looloo= is on a distinguished road
افتراضي

thnx alot mr.
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:02 AM.