اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-10-2017, 05:54 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
Impp إيجابية الحب


كان عكرمةُ بن أبي جهل مِن أشدِّ أعداء الإسلام، خاض المعارك ضد المسلمين بضراوةٍ وشراسة، وعندما فتح النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكة، أهدَر دمَه، وأمَر ب***ِه، ولو تعلَّق على أستار الكعبة، بالرغم من أنه عفا عن مشركِيها؛ وذلك لعظيم عداوته للإسلام والمسلمين.
*
هرَب عكرمة وركِب إحدى السفن المتجهة إلى اليمن؛ خوفًا من هدر دمه، بعدما أعزَّ الله الإسلام والمسلمين، ولم يعُدْ هناك قوة تُذكر للمشركين.
*
فماذا فعلت الزوجةُ المحبةُ لزوجها، أمُّ حكيم بنت الحارث؟
هل تترك زوجها يُقتَل، أم تتحمل ألم بُعدِه عنها وشتاته في الأرض؟
هل تستطيع أن تتحمل سوء خاتمته، وعاقبةَ شركه، إن هو أصر على الشرك؟
هل تتركه لشيطانه يتحكم فيه، ولهوى نفسه ليُضلَّه وعن الحق يَثنيه؟
لقد تعلَّمت بالفطرة أن الحب عطاء، وأن الحب لا تقف حدودُه عند الأقوال، ومشاركةِ الحبيب لحظات السعادة في أوقات الانسجام، بل يتعدَّى ذلك إلى إنقاذ المحبوب من نفسه إن ضلَّ الطريق وحاد عن جادَّة الصواب.
*
لقد ذاقَتْ حلاوة الإيمان، وعلِمت أنَّه من كمال الإيمان أن يحبَّ المسلمُ لأخيه ما يحب لنفسه، ومِن كمال الحب في الإسلام أن يحمي الحبيب محبوبَه من نفسه إذا أمرَتْه بما فيه فسادُه أو هلاكه؛ لذلك فقد عقَدَت النيةَ على الوقوف إلى جوار زوجها حتى تُعيده إلى الحق، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يعفوَ عن زوجها وابن عمِّها وحبيبِ قلبها، فاستجاب لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وقدَّر لها عظيم حبها لزوجها، وجميلَ حرصها عليه.
*
انطلقت أمُّ حكيم فرِحةً مسرعة، فقطعت الصحراء باحثةً عن عكرمة، مُعرِّضة نفسها للمخاطر الجِسام، حتى وصلت إليه بعد طول عناءٍ، وبعد مكابدة طول الطريق ووحشته، ووَعْثَاءِ السفر وقسوته، فأقنَعَتْه بالعودة إلى مكة والدخول في الإسلام، وعاد عكرمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن الإسلام، وأسلَمَ وحسُن إسلامه.
*
وعادت الحياة بين الزوجين صافيةً، تجمعهم أواصر الحب، وقوةُ العقيدة والإيمان، وظل عكرمة يدافع عن الإسلام حتى مات شهيدًا!
وهكذا نُقشت على صفحات التاريخ الإسلاميِّ كلمةُ الحب الإيجابي؛ لتُعلِن لنا أن الحب مواقفُ.
*
الحب في الإسلام لا يُسمَّى حبًّا إلا حين تقف في ظهر محبوبِك في لحظات سقوطه فتُثبته، وفي لحظات ضياعه فتُنقِذه، وتصبح بإيجابيتك سببًا لهدايته، فتأخذ بيدِه حتى تردَّه إلى الله، وتُعيد للقلب استقامته.
*
هذا هو الحب نفسه الذي جعل سعد بن معاذ حين عانقت حلاوةُ الإسلام نبضَ قلبه، جعله ذلك يخشى على قومه، ويرجو لهم هذه الخيرات التي نالها، وتلك الحلاوة التي ذاقها، ولأنَّه يعلم مكانته في قلوبهم، وسيادة كلمته عليهم، انطلاقًا من الحب والاحترام، فقد هرول إلى قومه من بني عبدالأشهل، قائلًا لهم بكل الحب: كيف تعلمون أمري فيكم؟
قالوا: سيدنا فضلًا، وأيمنُنَا نقيبة.
قال: فإن كلامكم عليَّ حرامٌ، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله!
هذه هي كلماته لهم، فهل تعلمون ماذا حدث بعد كلماته تلك؟
لم يبقَ رجل ولا امرأة في تلك الليلة في دار بني عبدالأشهل إلا وقد أسلم!
*
أرأيتم كيف أنَّه لم يكتفِ بما وصل إلى قلبه من هداية وخير، بل دفعه الحبُّ لحماية قومه من أنفسهم، فلما صدَق النية مع الله، بلَّغه الله مُراده بسهولة ويسر.
تلك هي الإيجابية التي تجعل المُحب يتخطَّى حدود ذاته؛ ليجدَ سعادته في سعادة وهداية أحبابه.
*
تلك هي إيجابية الحب نفسُها، التي جعلت أبا هريرة رضي الله عنه يبكي على أمه حين حاول أن يَهديَها إلى الإسلام فأبَتْ، بل أسمعَتْه سبًّا وقدحًا، وكلامًا سيئًا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبكي، ويطلُب منه أن يدعو لأمِّه بالهداية، فدعا لها، فأسلمت.
*
إنَّه الحب الذي يجعلنا نُفكِّر في حال أحبابنا في الآخرة، فليست الدنيا هي كلَّ همِّنا، الحب لدى المؤمنين طاقةُ عطاءٍ إيجابيةٌ، إيجابية تجعل الحبيب يُكابِد الصعاب حتى يطمئنَّ على قلوب وإيمانِ أحبابه.
*
الإيجابية التي تجعلك سببًا في هدايةِ مَن تحب، ويدًا تأخذ بيده إلى الجنة، إيجابية تجعلك لا تتركه لنفسه ولشيطانه مهما كانت قوة سقطته، ومهما كان عِظَم زلَّته؛ لأنك تعرِف أنَّ للنفس البشرية دائمًا سقطاتٍ وهفوات، إن خضع لها الإنسان ربما نسِي نفسه، وزاد في التوغُّل فيها إلى حد الغرق، فتزداد مهمة انتشاله من هذا المستنقع صعوبةً.
*
ولأنك تعرف أنَّ الحب في الإسلام يجعل المحب سباحًا ماهرًا يعرف كيف يغوص بقوة وذكاء لينتشلَ حبيبه مِن وَحَلِ المعصية، ويعيده إلى الحياة الصافية؛ لذلك إذا وجدت أحد أبنائك يَغرَقُ في المعاصي، لا تُغلِق بابك في وجهه، بل تودَّد إليه، وتقرَّب منه، وأكثِر من دعائك له، كن معه حتى يعود إليه رشده بإذن الله، وحتى يعود إليه النبض الحقيقيُّ للحياة، لا تنظر إليه نظر القاضي إلى المتهم المُدان، بل انظر إليه نظر الطبيب المُشفِق إلى المريض الذي يعاني أشدَّ الآلام، وقتها ستُثمِر دعوتك، وتُزهِر إيجابيَّتك، ويَسْعَد قلبك حين ترى ابنك وقد عاد إلى الله مهرولًا، ومِن ذنوبه تائبًا ونادمًا.
*
وأنتِ أيتها الزوجة الرائعة، إذا وجدتِ زوجَكِ صاحبَ الدين والخلق قد سقط فجأةً في بئر النزوات، فلا تتركِيه لنفسه إذا كنتِ له حقًّا مُحبة؛ فالحب الحقيقي إيجابية، وليس خضوعًا لاعتبارات ذاتية.
*
كوني وراءه حتى يعود إلى الله سالِمًا، وبعدها ستجدين ثورةَ نفسِك قد هدأت؛ لأنك ستدركين أن ما فعله زوجُك لم يفعله كراهية لكِ، أو انتقاصًا من قدركِ، ولا انحرافًا منه، ولا عادةً له اعتادها، بل هي لحظاتُ ضعف تمكَّن فيها الشيطانُ منه، فهل يليق بزوجة مسلمة مُحبة أن تترك زوجها للشيطان؟!
*
وأنتَ أيها الزوج الحكيم، إذا وجدتَ زوجتَكَ قد بعُدَت عن الله تعالى، وقصَّرت في طاعتها له أو لك، لا تيئس وتتركها لنفسها، ولا تَملَّ دعوتها بالحسنى؛ ففي هدايتها هدايةٌ لأبنائكما، وسكينة لبيتكما.
*
وتذكَّر أن إيجابية الحب أن تشُدَّ مِن أَزْرِ مَن تحب، وتظل بجانبه حتى يعود إليه بريقُ إيمانه من جديد، لا أن تتركه لِذَاتِه ليضيع، فهل يليق بزوج مسلم مُحب أن يترك حبيبته لهوى نفسها؟
*
وهل يليق بزوج مسلمٍ أن يهجر زوجته؛ لأنها اعتراها ضعف بشريٌّ؟ أم أنَّه من الرجولة وكمال الإيمان أن يتودَّد إليها ويحتوي ضعفها؛ حتى تعود إلى الله مُخْبِتةً كما كانت من قبل؟!
*
وأنت أيها الصديق الوفِيُّ، إذا وجدتَ صديقَ العمر قد انغمس في المحرَّمات، واستسلم للشهوات، لا تولِّ ظهرك عنه راحلًا، بل حاول بقدر طاقتك أن تكون له جاذبًا، فالحب الحقيقي يأخذ بطريق أتباعه إلى الجنة، والصديق الحقيقيُّ لا يرضى لصديقه بغير الإيمان والرقي.
*
الحب في الإسلام مملوء بالإيجابية التي تجعل الأحبة يجتمعون على غاية عظمى، وهي الالتقاء والعيش معًا في روضات الجنة في الآخرة؛ لذلك كلما حاد أحبابُكم عن الطريق تذكَّروا القاعدة الثالثة من قواعد وفنون الحب في الإسلام:
"الحب إيجابية، والإيجابية تتجسَّد في أن تشُدَّ مِن أزر محبوبك، وترتقي بإيمانه كلما حاد عن الطريق وقلَّ إيمانه وهبط، أو في وَحَل الذنوب وبئر المعصية سقط، فكونوا إلى جوار أحبابكم حتى يعود إليهم صفاء القلب وحلاوة الإيمان، وسَلُوا الله أن يجعلكم قرةَ أعين لبعضكم البعض، وأن يجمعكم معًا في جنات الخلد".

أ. رضا الجنيدي

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:23 AM.