اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-05-2015, 03:25 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي مبادئ وثوابت في سياسة أبي بكر الصديق


مبادئ وثوابت في سياسة أبي بكر الصديق


مهما اختلف الزمان وتغير المكان وتبدلت الأحوال هناك مبادئ وثوابت لا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول
، وأهم هذه الثوابت والمبادئ الشريعة الإسلامية.. أما التغير ففي التفاصيل والظروف التي تتحدد في كل زمان ومكان.

وكلما غفل المسلمون عن مبادئ الإسلام وثوابته وأخذوا بمناهج الأمم الأخرى تدخل مجتمعاتهم في عالم الفوضى والصراعات والانقسامات.. وهذا ما هو حاصل منذ أن بدأت عملية عزل الإسلام – قبل قرن من الزمان - عن شؤون الحياة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً..ومن خلال نصوص الشريعة وأحداث التاريخ الإسلامي سندرك معاني تلك المبادئ والثوابت وأهميتها في بناء المجتمعات..وسنجد أن عصور الازدهار والحضارة الإسلامية كانت مرتبطة بوجود تلك المبادئ والثوابت، بينما ارتبط التخلف والانقسام والضعف بغيابها.
وبعد أن توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شهدت الأمة الإسلامية كل أنواع الفتن والمحن والأخطار الداخلية والخارجية.. وكانت أولى تلك الفتن ظاهرة الردة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وفي التقرير التالي عرض مختصر لمنهج الصديق وسياسته في التعامل مع الأزمات انطلاقاً من مبادئ الشريعة الإسلامية وقواعدها.. إلى جانب نبذة عن سيرته التي توضح صفات القائد والحاكم الذي تحتاجه الأمة.
صحيح أن شخصية الصديق لا تتكرر وأن المسلمين يختلفون في مقدار التزامهم بالشرع إلا أن هناك صفات عامة لا بد من وجودها في الحاكم الصالح، ومن ذلك التقوى، وإعطاء الأولوية لتطبيق الشريعة والدفاع عنها، والعدل، وحسن التدبير في أمور الحكم.. إلى آخر الصفات التي سنجدها في سيرة الصديق هنا وفي سير بعض قادة الأمة في تقارير لاحقة.
أبو بكر الصديق
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي..ويلتقي مع النبي في النسب في الجد السادس مرة بن كعب.
لم يختلف العلماء في أنه ولد بعد عام الفيل، وإنما اختلفوا في المدة التي كانت بعد عام الفيل، فبعضهم قال بثلاث سنين، وبعضهم ذكر بأنه ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وآخرون قالوا بسنتين وأشهر، ولم يحددوا عدد الأشهر. وقد نشأ نشأة كريمة طيبة في حضن أبوين لهما الكرامة والعز في قومهما؛ مما جعل أبا بكر ينشأ كريم النفس، عزيز المكانة في قومه.
ويكنى بأبي بكر، وهي من البكر وهو الفتى من الإبل، والجمع بكارة وأبكر، وقد سمَّت العرب بكراً، وهو أبو قبيلة عظيمة. ولُقب أبو بكر بألقاب عديدة كلها تدل على سمو المكانة، وعلو المنزلة وشرف الحسب منها:
- العتيق: لقبّه به النبي؛ فقد قال له: [أنت عتيقُ الله من النار]؛ فسُمِّيَ عتيقاً.
وقد ذكر المؤرخون أسباباً كثيرة لهذا اللقب، فقد قيل: إنما سمي عتيقاً لجمال وجهه، وقيل لأنه كان قديماً في الخير، وقيل سمي عتيقاً لعتاقة وجهه، وقيل إن أم أبي بكر كان لا يعيش لها ولد، فلما ولدته استقبلت به الكعبة وقالت: اللهم إن هذا عتيقك من الموت فهبه لي، ولا مانع للجمع بين بعض هذه الأقوال، فأبي بكر جميل الوجه، حسن النسب، صاحب يد سابقة إلى الخير، وهو عتيق الله من النار بفضل بشارة النبي.
- الصديق: لقبه به النبي، ففي حديث أنس أنه قال: إن النبي صعد أحداً، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فوجف بهم، فقال: [اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان].
وقد لقب بالصديق لكثرة تصديقه للنبي، وفي هذا تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فتقول: لما أسري بالنبي إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناسٌ كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعى رجال إلى أبي بكر، فقالوا: هل لك إلى صاحبك؟، يزعم أن أسري به الليلة إلى بيت المقدس. قال: وقد قال ذلك؟، قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك فقد صدق. قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟. قال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. فلذلك سمي أبو بكر الصديق.
وقد أجمعت الأمة على تسميته بالصديق؛ لأنه بادر إلى تصديق الرسول، ولازمه الصدق فلم تقع منه هناة أبداً.
- الأتقى: لقبه به الله عز وجل في القرآن العظيم في قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى} (سورة الليل، الآية: 17).
قال ابن كثير: وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك. وقال: ولا شك أنه داخل فيها، وأولى الأمة بعمومها، فإن لفظها لفظ العموم، وهو قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى}، ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة؛ فإنه كان صديقًا تقيًا كريماً جوادًا بذالاً لأمواله في طاعة مولاه، ونصرة رسول الله.
- الأواه: لقب أبو بكر بالأواه وهو لقب يدل على الخوف والوجل والخشية من الله تعالى، فعن إبراهيم النخعي قال: كان أبو بكر يسمى بالأواه لرأفته ورحمته.
مخاطر وأولويات
ذكر السيوطي أن من الأمور الكبار التي وقعت في خلافة الصديق: تنفيذ جيش أسامة، وقتال أهل الردة وما نعي الزكاة ومسيلمة الكذاب، وجمع القرآن.
أخرج أبو القاسم البغوي وأبو بكر الشافعي في فوائده وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأب النفاق وارتدت العرب وانحازت الأنصار، فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي بكر لهاضها (الهيض: الكسر للعظم).
وكان أول اختلاف وقع بين الصحابة رضي الله عنهم حول مكان دفن رسول الله، فقال بعضهم: ندفنه بمكة بلده الذي ولد بها، وقال آخرون: بل بمسجده، وقال آخرون: بل بالبقيع، وقال آخرون: بل في بيت المقدس مدفن الأنبياء، حتى حسم أبو بكر الأمر بما عنده من العلم.
حيث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من نبي يقبض إلا دفن تحت مضجعه الذي مات فيه قالت.
واختلفوا في ميراثه فما وجدوا عند أحد من ذلك علماً، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة.
قال ابن زنجويه: وهذه سنة تفرد بها الصديق من بين المهاجرين والأنصار، ورجعوا إليه فيها.
الأولوية للإسلام
صلاح الحاكم
بعد أن تمت بيعة أبي بكر بيعة عامة صعد المنبر، وقال - بعد أن حمد الله وأثنى عليه-:
"أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه والقوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
دحر الردة
لما تولى الخلافة أمر رجلاً في اليوم الثالث من مُتَوَّفى رسول الله أن ينادي في الناس: ليُتمَّ بعث أسامة، ألا لا يبيتنَّ في المدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف.
وقال الذهبي: لما اشتهرت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بالنواحي ارتدت طوائف كثيرة من العرب عن الإسلام ومنعوا الزكاة؛
فنهض أبو بكر الصديق لقتالهم، فأشار عليه عمر وغيره أن يفتر عن قتالهم. فقال: والله لو منعوني عقالاً أو عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. فقال عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فمن قالها عصم مني ماله و دمه إلا بحقها وحسابه على الله]؟. فقال أبو بكر: و الله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال، وقد قال: [إلا بحقها]. قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال؛ فعرفت أنه الحق.
وكان قد قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، وقال: يا أيها الناس: إنما أنا مثلكم، وإني لا أدري لعلكم ستكلفونني ما كان رسول الله يطيق. إن الله اصطفى محمداً على العالمين، وعصمه من الآفات، وإنما أنا متبع ولست مبتدع، فإن استقمت فتابعوني، وإن زغت فقوموني، وإن رسول الله قبض وليس لأحد من هذه الأمة يطلبه بمظلمة ضربة سوط فما دونها. ألا وإن لي شيطاناً يعتريني، فإذا أتاني فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم، وأنتم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه، فإنه ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله، فسابقوا في جهل آجالكم من قبل أن تسلمكم آجالكم إلى انقطاع الأعمال، فإن قوماً نسوا آجالهم، وجعلوا أعمالهم لغيرهم، فإياكم أن تكونوا مثلهم، الجد الجد، والوحا الوحاء، والنجا النجاء، فإن وراءكم طالباً حثيثاً، مره سريع. احذروا الموت، واعتبروا بالآباء والأبناء والإخوان، ولا تغبطوا الأحياء إلا بما تغبطون به الأموات.
وقام أيضاً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما أريد به وجهه. فأريدوا الله بأعمالكم، فإنما أخلصتم لحين فقركم وحاجتكم، اعتبروا عباد الله بمن مات منكم، وتفكروا فيمن كان قبلكم، أين كانوا أمس، وأين هم اليوم، أين الجبارون الذين كان لهم ذكر القتال والغلبة في مواطن الحروب، قد تضعضع بهم الدهر، وصاروا رميماً، قد تولت عليهم العالات.. وأين الملوك الذين أثاروا الأرض وعمروها؟، قد بعدوا ونسي ذكرهم، وصاروا كلا شيء، إلا أن الله عز وجل قد أبقى عليهم التبعات، وقطع عنهم الشهوات، ومضوا والأعمال أعمالهم، والدنيا دنيا غيرهم، وبعثنا خلفاً بعدهم، فإن نحن اعتبرنا بهم نجونا، وإن انحدرنا كنا مثلهم. أين الوضاءة الحسنة وجوههم، المعجبون بشبابهم؟، صاروا تراباً، وصار ما فرطوا فيه حسرة عليهم. أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط، وجعلوا فيها الأعاجيب؟، قد تركوها لمن خلفهم، فتلك مساكنهم خاوية وهم في ظلمات القبور، {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} (سورة مريم، آية:98). أين من تعرفون من آبائكم وإخوانكم؟، قد انتهت بهم آجالهم فردوا على ما قدموا فحلوا عليه وأقاموا للشقاوة أو السعادة بعد الموت. ألا إن الله لا شريك له، ليس بينه وبين أحد من خلقه سبب يعطيه به خيراً، ولا يصرف به عنه سوءاً، إلا بطاعته واتباع أمره. واعلموا أنكم عبيد مدينون، وأن ما عنده لا يدرك إلا بطاعته، أما آن لأحدكم أن تحسر عنه النار ولا تبعد عنه الجنة.
وذكر الدكتور الصلابي بعض الدروس المستفادة من هذه الخطبة، منها:
أ- بيان طبيعة خليفة رسول الله، وأنه ليس خليفة عن الله بل عن رسوله، وأنه بشر غير معصوم لا يطيق مقام رسول الله بنبوته ورسالته؛ ولذلك فهو في سياسته متبع وليس بمبتدع، أي أنه على نهج النبي في الحكم بالعدل والإحسان.
ب- بيان واجب الأمة في مراقبة الحاكم؛ لتعينه في إحسانه وصلاحه، وتقومه وتنصحه في غير ذلك، ليظل على الطريق متبعاً غير مبتدع.
جـ- بيان أن النبي عدل بين الأمة فلم يظلم أحداً؛ ولذلك ليس لأحد عند النبي مظلمة صغيرة أو كبيرة، ومعنى هذا أنه سوف يسير على نفس النهج؛ ينشر العدل ويبتعد عن الظلم، ومن ثم على الأمة أن تعينه على ذلك. وإذا رآه أحد غاضباً فعليه أن يجتنبه حتى لا يؤذي أحداً، فيخالف ما رآه في سياسة الاتباع للنبي.. والشيطان الذي يعتري الصديق يعتري جميع بني آدم، فإنه ما من أحد إلا وقد وكَّل الله به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن. والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فقد قال رسول الله: ما من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن، قيل: وأنت يا رسول الله؟، قال: وأنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير.
ومقصود الصديق بذلك: إني لست معصوماً كالرسول، وهذا حق.
د- حرص الصديق على وعظ المسلمين وتذكيرهم بالموت وحال الملوك الذين مضوا، وحثهم على العمل الصالح ليستعدوا للقاء الله عز وجل، ويستقيموا في حياتهم على منهج الله تعالى.
وهنا نلحظ توظيف الصديق لقوة البيان في خطبه وفي حديثه للأمة، وقد كان أفصح خطباء النبي. يقول عنه الأستاذ العقاد: أما كلامه فهو من أرجح ما قيل في موازين الخلق والحكمة، وله من مواقع الكلم أمثلة نادرة تدل الواحدة منها على ملكة صاحبها؛ فيغني القليل منها عن الكثير، كما تغني السنبلة الواحدة عن الجرين الحافل، فحسبك أن تعلم معدن القول من نفسه وفكره حين تسمع كلمة كقوله: "احرص على الموت تهب لك الحياة"، أو قوله: "أصدق الصدق الأمانة وأكذب الكذب الخيانة. الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله". فهي كلمات تتسم بالقصد والسداد، كما تتسم بالبلاغة وحسن التعبير، وتنبئ عن المعدن الذي نجمت منه، فتغني عن علامات التثقيف التي يستكثر منها المستكثرون؛ لأن هذا الفهم الأصيل هو اللباب المقصود من التثقيف، وكانت له لباقة في الخطاب إلى جانب البلاغة في الكلام.
وعن عروة قال: خرج أبو بكر في المهاجرين والأنصار حتى بلغ نقعا حذاء نجد، وهربت الأعراب بذراريهم، فكلم الناس أبا بكر وقالوا: ارجع إلى المدينة وإلى الذرية والنساء، وأمر رجلاً على الجيش. ولم يزالوا به حتى رجع وأمر خالد بن الوليد، وقال له: إذا أسلموا وأعطوا الصدقة فمن شاء منكم أن يرجع فليرجع.
وأخرج الدارقطني عن ابن عمر قال: لما برز أبو بكر و استوى على راحلته أخذ علي بن أبي طالب بزمامها وقال: إلى أين يا خليفة رسول الله؟، أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك وارجع إلى المدينة، فو الله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبداً.
وعن حنظلة بن علي الليثي أن أبا بكر بعث خالداً وأمره أن يقاتل الناس على خمس من ترك واحدة منهن قاتله كما يقاتل من ترك الخمس جميعاً: على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت. وسار خالد ومن معه في جمادى الآخرة، فقاتل بني أسد وغطفان، و*** من *** وأسر من أسر، ورجع الباقون إلى الإسلام.
ثم سار بجموعه إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب في أواخر العام والتقى الجمعان، ودام الحصار أياماً ثم *** الكذاب، ***ه وحشي قاتل حمزة.
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: والذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف ما عبد الله، ثم قال الثانية، ثم قال الثالثة. فقيل له: مه يا أبا هريرة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه أسامة بن زيد في سبعمائة إلى الشام، فلما نزل بذي خشب قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب حول المدينة، واجتمع إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: رد هؤلاء توجه هؤلاء إلى الروم، وقد ارتدت العرب حول المدينة؟، فقال: والذي لا إله إلا هو لو جرت الكلاب بأرجل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما رددت جيشاً وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حللت لواء عقده. فوجه أسامة، فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداء إلا قالوا: لو لا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم. فلقوهم فهزموهم و***وهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام.
ويعلق الصلابي: نعم لقد كان أبو بكر مصيباً فيما عزم عليه من بعث أسامة مخالفاً بذلك رأي جميع المسلمين؛ لأن في ذلك أمراً من رسول الله، وقد أثبتت الأيام والأحداث سلامة رأيه وصواب قراره الذي اعتزم تنفيذه.
ولهذا تحدث عن أهم الدروس والعبر والفوائد من إنفاذ الصديق جيش أسامة، منها:
1- الأحوال تتغير وتتبدل والشدائد لا تشغل أهل الإيمان عن أمر الدين:
إن وفاة الرسول الكريم لم تشغل الصديق عن أمر الدين، وأمر ببعث أسامة في ظروف كالحة مظلمة بالنسبة للمسلمين، ولكن ما تعلمه الصديق من رسول الله من الاهتمام بأمر الدين مقدم على كل شيء، وبقى هذا الأمر حتى ارتحل من هذه الدنيا.
2- المسيرة الدعوية لا ترتبط بأحد، ووجوب اتباع النبي:
وفي قصة إنفاذ أبي بكر الصديق جيش أسامة رضي الله عنهما نجد أن الصديق بين بقوله وعمله أن مسيرة الدعوة لم ولن تتوقف، حتى بموت سيد الخلق، وإمام الأنبياء وقائد المرسلين. وأثبت مواصلة العمل الدعوي بالمبادرة إلى تنفيذ هذا الجيش حيث نادى مناديه في اليوم الثالث من وفاة رسول الله بخروج جند أسامة إلى عسكره بالجرف. وقد كان الصديق ( قبل ذلك قد بين في خطبته التي ألقاها إثر بيعته عن عزمه على مواصلة بذل الجهود لخدمة هذا الدين. وقد جاء في رواية قوله: فاتقوا الله أيها الناس، واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم فإن دين الله قائم، وإنَّ كلمة الله تامة، وإن الله ناصر من نصره، ومعز دينه. والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله. إن سيوف الله لمسلولة، ما وضعناها بعد، ولنجاهدنّ من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله، فلا يبغين أحد إلا على نفسه.
ومن الدروس المستفادة من قصة إنفاذ الصديق جيش أسامة رضي الله عنهما أنه يجب على المسلمين اتباع أمر النبي في السراء والضراء، فقد بين الصديق من فعله أنه عاض على أوامر النبي بالنواجذ ومنفِّذها مهما كثرت المخاوف وشدّت المخاطر، وقد تجلّى هذا أثناء هذه القصة عدة مرات منها:
أ- لما طلب المسلمون إيقاف جيش أسامة؛ نظراً لتغير الأحوال وتدهورها، أجاب بمقولته الخالدة: والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته.
ب- ولما استأذنه أسامة رضي الله عنهما في الرجوع بجيشه من الجرف إلى المدينة خوفاً على الصديق وأهل المدينة، لم يأذن له، بل أبدى عزمه وتصميمه على تنفيذ قضاء النبي الكريم بقوله: لو خطفتني الكلاب والذئاب لم أردّ قضاء قضى به رسول الله. وقدّم بموقفه هذا صورة تطبيقية لقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} (سورة الأحزاب، آية:36).
جـ- وعندما طلب منه تعيين رجل أقدم سناً من أسامة أبدى غضبه الشديد على الفاروق بسبب جرأته على نقل مثل هذا الاقتراح، وقال له: ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب، استعمله رسول الله وتأمرني أن أنزعه.
د- وتجلّى اهتمام أبي بكر الصديق باتباع النبي الكريم كذلك في خروجه لتشييع الجيش، ومشيه مع أسامة الذي كان راكباً..ولقد كان الصديق في عمله هذا مقتدياً بما فعله سيد الأولين والآخرين رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه مع معاذ بن جبل لما بعثه رسول الله إلى اليمن.
قال الشيخ أحمد البنا تعليقاً على هذا الحديث: وقد فعل ذلك أبو بكر بأسامة بن زيد رضي الله عنهما مع صغر سنه، فقد عقد له النبي قبل وفاته لواء على جيش، ولم يسافر إلا بعد وفاة النبي، فشيعه أبو بكر ماشياً، وأسامة راكباً؛ اقتداءً بما فعله النبي بمعاذ.
هـ- وظهرت عناية أبي بكر الصديق بالاقتداء بالرسول الكريم أيضاً في قيامه بتوصية الجيش عند توديعهم، حيث كان رسول الله يوصي الجيوش عند توديعهم. ولم يقتصر الصديق على هذا، بل إن معظم ما جاء في وصيته لجيش أسامة كان مقتبساً من وصايا النبي للجيوش.
ولم يقف أبو بكر الصديق في الاقتداء بالرسول الكريم فيما قاله وفعله فحسب، بل أمر أمير الجيش أسامة بتنفيذ أمره، ونهاه عن التقصير فيه. فقد قال له رضي الله عنهما: اصنع ما أمرك به نبي الله، ابدأ ببلاد قضاعة، ثم أت آبل، ولا تقصرنَّ شيئاً من أمر رسول الله. وفي رواية أخرى أنه قال: امض يا أسامة للوجه الذي أمرت به، ثم اغز حيث أمرك رسول الله من ناحية فلسطين، وعلى أهل مؤتة، فإن الله سيكفي ما تركت.
لقد انقاد الصحابة رضي الله عنهم لرأي الصديق وشرح الله صدورهم لذلك، وتمسكوا بأمر الرسول الكريم، وبذلوا المستطاع لتحقيقه فنصرهم الله تعالى، ورزقهم الغنائم، وألقى في قلوب الناس هيبتهم، وكفّ عنهم كيد الأعداء وشرهم.
وقد تحدث توماس آرنولد عن بعث جيش أسامة فقال: بعد وفاة محمد أرسل أبو بكر الجيش الذي كان النبي قد عزم على إرساله إلى مشارف الشام، على الرغم من معارضة بعض المسلمين، بسبب الحالة المضطربة في بلاد العرب، إذ ذاك، فأسكت احتجاجهم بقوله: أرى قضاءً قضى به رسول الله، ولو ظنتت أن السباع تخطفني لأنفذت جيش أسامة كما أمر النبي.. ثم قال: وكانت هذه هي أولى تلك السلسلة الرائعة من الحملات التي اجتاح العرب فيها سورية وفارس وإفريقية الشمالية، فقوضوا دولة فارس القديمة، وجردوا الإمبراطورية الرومانية من أجمل ولاياتها.
وهكذا نرى أن الله تعالى قد ربط نصر الأمة وعزها باتباع النبي الكريم، فمن أطاعه فله النصر والتمكين، ومن عصاه فله الذل والهوان، فسر حياة الأمة في طاعتها لربها واقتدائها بسنّة نبيها.
3- لا عبرة في الأغلبية إذا خالفت النص:
ومما نستفيد من هذه القصة أنه قد يحدث الخلاف بين المؤمنين الصادقين حول بعض الأمور، فقد اختلفت الآراء حول تنفيذ جيش أسامة في تلك الظروف الصعبة، وقد تعددت الأقوال حول إمارته ولم يجرهم الخلاف في الرأي إلى التباغض والتشاجر، والتدابر، والتقاطع، والتقاتل، ولم يصر أحد على رأي بعد وضوح فساده وبطلانه. وعندما ردّ الصديق الخلاف إلى ما ثبت من أمر النبي ببعث أسامة، وبين أنه ما كان ليفرّط فيما أمر به رسول مهما تغيرت الأحوال وتبدلت، واستجاب بقية الصحابة لحكم النبي بعد ما وضحه لهم الصديق.
كما أنه لا عبرة لرأي الأغلبية إذا كان مخالفاً للنص، فقد رأى عامة الصحابة حبس جيش أسامة، وقالوا للصديق: إن العرب قد انتقصت عليك وإنك لا تضع بتفريق الناس شيئاً، فأولئك الناس لم يكونوا كعامة الناس بل كانوا من الصحابة الذين هم خير البشر وجدوا على الأرض بعد الأنبياء والرسل عليه السلام، لكن الصديق لم يستجب لهم، مبيناً أن أمر رسول الله أجل وأكرم، وأوجب وألزم من رأيهم كلهم.
وقد تجلت هذه الحقيقة في حادثة وفاة النبي، حيث رأى عامة الصحابة رضي الله عنهم وفيهم عمر أن النبي لم يمت ورأى عدد قليل من الصحابة رضي الله عنهم أنه قد مات منهم أبو بكر، وقد رأينا أن أبا بكر تمسك بالنص وبين خطأ من قال أن رسول الله لم يمت.
قال الحافظ بن حجر تعليقاً على رأي الأكثرية حول وفاته: "فيؤخذ منه أن الأقل عدداً في الاجتهاد قد يصيب ويخطئ الأكثرية، فلا يتعين الترجيح بالأكثر".
فخلاصة الكلام أن مما نستفيده من قصة تنفيذ الصديق جيش أسامة رضي الله عنهما أن تأييد الكثرة لرأي ليس دليلاً على إصابته؛ ومما يستفاد من هذه القصة انقياد المؤمنين وخضوعهم للحق إذا اتضح لهم، فعندما ذكرهم الصديق أن النبي قد أمر بتنفيذ جيش أسامة وهو الذي عين أسامة أميراً على الجيش، انقاد أولئك الأبرار للأمر النبوي الكريم.
4- مكانة الشباب في خدمة الإسلام:
لما أصر أبو بكر على إبقاء أسامة بن زيد أميراً للجيش حرصاً منه على التمسك بما قرره رسول الله، لم يقتصر على الإصرار على إمارته فحسب بل قدم اعترافاً عملياً بإمارته وقد تجلى ذلك في أمرين:
أ- مشى أبو بكر مع أسامة وهو راكب، وقد كان ابن عشرين سنة أو ثماني عشرة سنة، وكان الصديق قد تجاوز ستين سنة من عمره، وأصر على المشي مع أسامة، كما أصر على بقاء أسامة راكباً لما طلب منه أسامة إما أن يركب هو، أو يأذن له بالنزول، فلم يوافق لا على هذا ولا على ذاك، وبهذا قدّم باستمراره في مشيه ذلك دعوة لجيش أسامة إلى الاعتراف بإمارة أسامة، ورفع الحرج عنها من صدورهم، وكأن الصديق بمشيه ذلك يخاطب الجيش فيقول: انظروا أيها المسلمون أنا أبو بكر رغم كوني خليفة رسول الله أمشي مع أسامة وهو راكب إقراراً وتقديراً لإمارته حيث أمره رسولنا الكريم، فكيف تجرّأتم أنتم على الانتقاد على إمارته.
ب- كان أبو بكر الصديق يرغب في بقاء عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بالمدينة؛ نظراً لحاجته إليه. لكنه لم يأمره بذلك، بل استأذن من أسامة في تركه إياه بالمدينة إن رأى هو ذلك مناسباً، وبهذا قدّم الصديق صورة تطبيقية أخرى لاعترافه واحترامه لإمارة أسامة، وفيها بلا شك دعوة قوية للجيش إلى الإقرار والانقياد لإمارته.
وهذا الذي اهتم به الصديق من جعل دعوته مقرونة بالعمل هو الذي أمر به الإسلام.
ومما يتجلى في هذه القصة كذلك منزلة الشباب العظيمة في خدمة الإسلام، فقد عين رسول الله الشاب أسامة بن زيد رضي الله عنهما أميراً على الجيش المعدّ لقتال الروم - القوة العظمة في زعم الناس في ذلك الوقت - وكان عمره آنذاك عشرين سنة، أو ثماني عشرة سنة، وأقره أبو بكر الصديق على منصبه رغم انتقاد الناس. وعاد الأمير الشاب بفضل الله تعالى من مهمته التي أسندت إليه غانماً ظافراً. وفي هذا توجيه للشباب في معرفة مكانتهم في خدمة الإسلام. ولو نعيد النظر في تاريخ الدعوة الإسلامية في المرحلتين المكية والمدنية لوجدنا شواهد كثيرة تدل على ما قام به شباب الإسلام في خدمة القرآن والسنّة، وإدارة أمور الدولة، والمشاركة في الجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الله تعالى.
5- أثر جيش أسامة على هيبة الدولة الإسلامية:
عاد جيش أسامة ظافراً غانماً بعد ما أرهب الروم؛ حتى قال لهم هرقل وهو بحمص بعدما جمع بطارقته: هذا الذي حذرتكم فأبيتم أن تقبلوا مني. قد صارت العرب تأتي مسيرة شهر فتغير عليكم، ثم تخرج من ساعتها ولم تكلم. قال أخوه (يناف): فابعث رباط (جنداً مرابطين) تكون بالبلقاء، فبعث رباطاً واستعمل عليهم رجلاً من أصحابه، فلم يزل مقيماً حتى تقدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
ثم تعجب الروم بأجمعهم وقالوا: ما بال هؤلاء يموت صاحبهم ثم أغاروا على أرضنا؟. وأصاب القبائل العربية في الشمال الرعب والفزع من سطوة الدولة.
وعندما بلغ جيش أسامة الظافر إلى المدينة تلقاه أبو بكر، وكان قد خرج في جماعة من كبار المهاجرين والأنصار للقائه وكلهم خرج وتهلل. وتلقاه أهل المدينة بالإعجاب والسرور والتقدير، ودخل أسامة المدينة وقصد مسجد رسول الله، وصلى لله شكراً على ما أنعم به عليه وعلى المسلمين.
وكان لهذه الغزوة أثر في حياة المسلمين وفي حياة العرب الذين فكروا في الثورة عليهم، وفي حياة الروم الذين تمتد بلادهم على حدودهم. فقد فعل هذا الجيش بسمعته ما لم يفعله بقوته وعدده، فأحجم من المرتدين من أقدم، وتفرق من اجتمع، وهادن المسلمين من أوشك أن ينقلب عليهم، وصنعت الهيبة صنيعها قبل أن يصنع الرجال، وقبل أن يضع السلاح.
جمع القرآن
أخرج البخاري عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه - وكان ممن يكتب الوحي – قال: أرسل إلي أبو بكر م*** أهل اليمامة، وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن ال*** قد استحر يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحر ال*** بالقراء في المواطن؛ فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر: قلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: هو والله خير. فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد بن ثابت: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر. فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال، حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم} إلى آخرهما. وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر.
سياسةالصديق في محاربة التدخل الأجنبي
يقول الصلابي: أدت حركة الدولة الإسلامية الضاربة في الجزيرة العربية إلى لجوء كثير من القبائل المجاورة لكل من الروم والفرس التسليم للدولة الإسلامية، وما أن سمعوا بوفاة رسول الله حتى سعوا للتقرب من الدولتين، واستغل الفرس والروم هذه القبائل بالحض والتشجيع والدعم لتقف ضد الدولة الإسلامية. فكانت سياسة الصديق للتصدي لهذا الدعم الخارجي، بأن أرسل حملة أسامة بن زيد إلى الشام بعد وفاة رسول الله؛ فكانت تلك الحملة بمثابة الضمان لاسترسال تلك القبائل على مهاجمة الدولة الإسلامية. وأرسل أبو بكر أيضاً خالد بن سعيد بن العاص على رأس جيش إلى الحمقتين من مشارف الشام. وعمرو بن العاص إلى تبوك ودومة الجندل. وأرسل العلاء بن الحضرمي إلى البحرين (أي ساحل الخليج العربي كله). ثم تابع المثنى بن حارثة الشيباني إلى جنوب العراق بعد القضاء على ردة البحرين. واضطرت سجاح التميمية - وقد كانت من نصارى العرب في العراق التي كانت تحت سيطرة الفرس - أن ترتد عائدة إلى العراق لما رأت قوة المسلمين.
لقد كان المسلمون بقيادة أبي بكر على مستوى اليقظة والمسؤولية، فحفظوا الحدود الشمالية بدقة، فمن الشرق إلى الغرب على طول الحدود الشمالية المتاخمة للفرس والروم نجد العلاء الحضرمي، وخالد بن الوليد شمال نجد، ثم عمرو بن العاص في دومة الجندل، وخالد بن سعيد على مشارف الشام، ناهيك عن جيش أسامة.
وكان الفرس يتربصون بالإسلام الدوائر، ولكنهم كمنوا كمون الأفعى، وخاصة أنهم كانوا يرون المد الإسلامي يكتسح من أمامه كل أقزام التاريخ، ويزيح من وجهه جميع قوى الشر والطغيان. وعندما حانت الفرصة بارتداد بعض القبائل عن الإسلام وتوجهت قبيلة بكر بن وائل إلى كسرى بعد وفاة الرسول تعرض عليه إمارة البحرين، فلاقى العرض قبولاً لديه، وأرسل معهم المنذر بن النعمان على رأس قوة مؤلفة من سبعة آلاف فارس وراجل وعدد من الخيل تقارب في أعدادها المائة لمساعدتهم في مواجهة المسلمين وهم شرذمة لا يخشى خطرهم كما يقول الكلاعي. وكان مسيلمة الكذاب تتطلع إليه الأعين من بلاط فارس.
ونقل الصلابي عن الدكتور محمد حسين هيكل قوله: إن سجاح لم تنحدر من شمالي العراق إلى شبه الجزيرة يتبعها رهطها إلا مدفوعة بتحريض الفرس، وعمالهم في العراق؛ كي يزيدوا الثورة في بلاد العرب اشتعالاً.
هذا عن دور الفرس أما دور الروم فقد كان أظهر وأخطر؛ ذلك لأن موقف الروم من الإسلام ودولته كان أصلب وأعتى، فهم أمة ذات فكر وعقيدة، وذات نظم وقوانين متقدمة، ولهم من العَدد والعُدد مدد لا يكاد ينقطع، ومن الحلفاء والأتباع دول ودول، ولذا كانت العلاقات بينهما في أعلى درجات سخونتها وتوترها منذ فترات مبكرة.
وقد لجأ الروم ومنذ وقت مبكر بعد وصول كتب رسول الله إلى محاولة الصدام مع المسلمين، فكان من جرّاء ذلك غزوتا مؤتة وتبوك اللتان اثبتتا لهم مادياً أن الدولة الإسلامية ليس من السهل ابتلاعها أو شراء أصحابها، كما أثبتت للمسلمين من جهة أخرى إخلاص متنصرة العرب من قبائل الشام لأبناء دينهم من الروم. وعلى الرغم من الاتفاقيات التي عقدها رسول الله بنفسه إثر غزوة تبوك مع أمراء الشام من أتباع الروم، فإن الروم كانوا لا يكفّون عن مناوشة الدولة الإسلامية ومحاولة قص أجنحتها، وبالتالي القضاء عليها، وكان الصديق متنبهاً لهذا الأمر جيداً، وقد تمثل ذلك بإصراره الشديد على إنفاذ جيش أسامة لوجهته، وقد رأى قبائل العرب في شمالي الجزيرة من لخم وغسان وجذام وبلي وقضاعة وعذره وكلب تعود للانقضاض على عهود رسول الله التي أبرمها معها.
ومن غير الدولة الرومية يمدهم بوقود المعركة من سلاح ورجال ومال، ومخططات؟. وكأنه كان يريد أن يقول للروم بلسان الحال: إنه على الرغم من انتقاض العرب داخل بلادي، فإن ذلك لن يفت في عضدنا نحن المسلمين، ونحن قادرون أن نصد عن دولتنا أكبر هجمة عالمية ولو كانت من جانبكم.
إن انتقاض الجزيرة العربية جدد الأمل عند الفرس والروم بأن العرب سيقضون على الإسلام، وقدمت الفرس والروم للعرب الثائرين على الحكم الإسلامي كثيراً من المساعدات، وآوت الفارين منهم، ولذلك لم يكد المسلمون يعيدون الجزيرة العربية إلى وحدتها حتى كان الأوان قد آن للزحف نحو الشمال لمواجهة العدوين الكبيرين اللذين يتربصان بالإسلام.
لقد تحرك الصديق من قاعدته الأمينة (المدينة المنورة)، وبعث منها الجيوش وزودها بكل ما من شأنه يجعلها ذات هيبة في عيون أعدائها وفي قلوبهم، وقد استطاع الصديق أن يفيض من قاعدته الخير على بقية أرجاء الجزيرة العربية. وما كان له أن ينطلق لفتح بلاد الشام والعراق لولا أنه أمّن قاعدته الكبرى الجزيرة العربية، موالية للإسلام موحدة على أساسه.
وقد تمثل أمن هذه القاعدة في ثلاثة مستويات هي:
أولاً : عزم الخليفة على مواصلة الجهاد، وإيمانه الوطيد بصلاحية فكره وتميزه واستعلائه به.
وثانياً: نظافة مجتمعه الأصغر، مجتمع المدينة من مهاجرين وأنصار.
وثالثاً: تطهير مجتمعه الأكبر وهو المجتمع العربي من أدران الشرك، وعقابيل الردة.
وقد انبنت هذه المستويات بعضها على بعض حتى سما البناء شامخاً قوياً، واستطاع أن يرمي به ثغور العراق والشام رمياً زعزع كيانات الروم والفرس زعزعة شديدة في أمد قصير؛ وما ذلك إلا لأن الجيوش المنطلقة من الجزيرة كانت موحدة الصفوف، موحدة الفكر، موحدة الراية، محمية الظهر، مؤمنة مراكز التموين.
من صفات الخليفة
حلمه وتواضعه
أخرج ابن عساكر عن أنيسة قالت: نزل فينا أبو بكر ثلاث سنين قبل أن يستخلف وسنة بعدما استخلف، فكان جواري الحي يأتينه بغنمهن فيحلبها لهن.
وأخرج أحمد في الزهد عن ميمون بن مهران قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: السلام عليك يا خليفة رسول الله، قال: من بين هؤلاء أجمعين؟.
وأخرج ابن عساكر عن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب كان يتعهد عجوزاً كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل فيسقي لها ويقوم بأمرها، فكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها، فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الذي يأتيها، وهو يومئذ خليفة. فقال عمر: أنت هو لعمري.
وأخرج أبو نعيم و غيره عن عبد الرحمن الأصبهاني قال: جاء الحسن بن علي إلى أبي بكر - وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال: انزل عن مجلس أبي فقال: صدقت إنه مجلس أبيك، وأجلسه في حجره وبكى، فقال علي: والله ما هذا عن أمري، فقال: صدقت والله ما أتهمك.
جوانبمن سيرته وسياسته
أخرج اللالكائي في السنة عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: أرأيت الزنا بقدر؟، قال: نعم. قال: فإن الله قدره علي ثم يعذبني، قال: نعم يا ابن اللخناء، أما والله لو كان عندي إنسان أمرت أن يجأ أنفك.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن دينار قال: قال أبو بكر: استحيوا من الله فو الله إني لأدخل الكنيف فأسند ظهري إلى الحائط حياء من الله.
وأخرج ابن أبي خثمة وابن عساكر عن ابن عيينة قال: كان أبو بكر إذا عزى رجلاً قال: ليس مع العزاء مصيبة وليس مع الجزع فائدة، الموت أهون مما قبله وأشد مما بعده. اذكروا فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم تصغر مصيبتكم، وأعظم الله أجركم.
وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: إن أبي يريد أن يأخذ مالي كله يجتاحه، فقال لأبيه: إنما لك من ماله ما يكفيك. فقال: يا خليفة رسول الله، أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك؟، فقال: نعم، وإنما يعني بذلك النفقة.
وأخرج أحمد و أبو داود و النسائي عن أبي برزة الأسلمي قال: غضب أبو بكر من رجل فاشتد غضبه جداً، فقلت: يا خليفة رسول الله اضرب عنقه، قال: ويلك، ما هي لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سيف في كتاب الفتوح عن شيوخه أن المهاجر بن أبي أمية - و كان أميراً على اليمامة - رفع إليه امرأتان مغنيتان، غنت إحداهما بشتم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقطع يدها ونزع ثنيتها. وغنت الأخرى بهجاء المسلمين؛ فقطع يدها ونزع ثنيتها. فكتب إليه أبو بكر: بلغني الذي فعلت في المرأة التي تغنت بشتم النبي صلى الله عليه وسلم، فلولا ما سبقتني فيها لأمرتك ب***ها؛ لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر. وأما التي تغنت بهجاء المسلمين فإن كانت ممن يدعي الإسلام فأدب وتعزير دون المثلة، وإن كانت ذمية فلعمري لما صفحت عنه من الشرك أعظم، ولو كنت تقدمت إليك في مثل هذا لبلغت مكروها فأقبل الدعة، وإياك والمثلة في الناس؛ فإنها مأثم ومنفرة إلا في قصاص.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي صالح قال: لما قدم أهل اليمن زمان أبي بكر وسمعوا القرآن جعلوا يبكون، فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب. قال أبو نعيم: أي قويت واطمأنت بمعرفة الله تعالى.
وأخرج البخاري عن قيس بن أبي خازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟، فقالوا: حجت مصمتة. قال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت فقالت: من أنت؟، قال: امرؤ من المهاجرين. قالت: أي المهاجرين؟، قال: من قريش، قالت: من أي قريش؟، قال: إنك لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟، قال: بقاؤكم عليه ما استقامت أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟، قال: أو ما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟، قالت: بلى قال: فهم أولئك الناس.
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟، قال أبو بكر: ما هو؟، قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني هذا الذي أكلت منه. فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن سيرين قال: لم أعلم أحداً استقاء من طعام أكله غير أبي بكر.
وأخرج النسائي عن أسلم أن عمر اطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه، فقال: هذا الذي أوردني الموارد.
وأخرج أبو عبيد في الغريب عن أبي بكر أنه مر بعبد الرحمن بن عوف وهو يماظ جاراً له فقال: لا تماظ جارك فإنه يبقى ويذهب عنك الناس. (المماظة: المنازعة والمخاصمة).
وأخرج ابن عساكر عن موسى بن عقبة أن أبا بكر الصديق كان يخطب فيقول:
"الحمد لله رب العالمين أحمده وأستعينه، ونسأله الكرامة فيما بعد الموت، فإنه قد دنا أجلي وأجلكم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً؛ لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد ضل ضلالاً مبيناً. أوصيكم بتقوى الله والاعتصام بأمر الله الذي شرع لكم وهداكم به، فإن جوامع هدي الإسلام بعد كلمة الإخلاص السمع والطاعة لمن ولاه الله أمركم فإنه من يطع الله وأولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أفلح وأدى الذي عليه من الحق واتباع الهوى فقد أفلح من حفظ من الهوى والطمع والغضب. وإياكم و الفخر وما فخر من خلق من تراب ثم إلى التراب يعود ثم يأكله الدود ثم هو اليوم حي وغدا ميت. فاعملوا يوماً بيوم وساعة بساعة، وتوقوا دعاء المظلوم، وعدوا أنفسكم في الموتى، واصبروا فإن العمل كله بالصبر، واحذروا والحذر ينفع، واعملوا والعمل يقبل، واحذروا ما حذركم الله من عذابه، وسارعوا فيما وعدكم الله من رحمته، وافهموا وتفهموا واتقوا وتوقوا؛ فإن الله قد بين لكم ما أهلك به من كان قبلكم وما نجى به من نجى قبلكم قد بين لكم في كتابه حلاله وحرامه وما يحب من الأعمال وما يكره. فإني لا آلوكم ونفسي والله المستعان ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن يحيى بن أبي كثير أن أبا بكر كان يقول في خطبته: أين الوضاء الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم؟، أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها؟، أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟. قد تضعضع أركانهم حين أخنى بهم الدهر وأصبحوا في ظلمات القبور. الوحا الوحا ثم النجاء النجاء.
وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان قال: أتيت أبا بكر فقلت: اعهد إلي، فقال: يا سلمان اتق الله واعلم أنه سيكون فتوح، فلا أعرفن ما كان حظك منها ما جعلته في بطنك أو ألقيته على ظهرك، واعلم أنه من صلى الصلوات الخمس فإنه يصبح في ذمة الله ويمسي في ذمة الله تعالى، فلا ت***ن أحداً من أهل ذمة الله فتخفر الله في ذمته فيكبك الله في النار على وجهك.
وأخرج أحمد و أبو داود و النسائي عن أبي برزة الأسلمي قال: غضب أبو بكر من رجل فاشتد غضبه جداً، فقلت: يا خليفة رسول الله اضرب عنقه، قال: ويلك، ما هي لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سيف في كتاب الفتوح عن شيوخه أن المهاجر بن أبي أمية - و كان أميراً على اليمامة - رفع إليه امرأتان مغنيتان، غنت إحداهما بشتم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقطع يدها ونزع ثنيتها. وغنت الأخرى بهجاء المسلمين؛ فقطع يدها ونزع ثنيتها. فكتب إليه أبو بكر: بلغني الذي فعلت في المرأة التي تغنت بشتم النبي صلى الله عليه وسلم، فلولا ما سبقتني فيها لأمرتك ب***ها؛ لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر. وأما التي تغنت بهجاء المسلمين فإن كانت ممن يدعي الإسلام فأدب وتعزير دون المثلة، وإن كانت ذمية فلعمري لما صفحت عنه من الشرك أعظم، ولو كنت تقدمت إليك في مثل هذا لبلغت مكروها فأقبل الدعة، وإياك والمثلة في الناس؛ فإنها مأثم ومنفرة إلا في قصاص.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي صالح قال: لما قدم أهل اليمن زمان أبي بكر وسمعوا القرآن جعلوا يبكون، فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب. قال أبو نعيم: أي قويت واطمأنت بمعرفة الله تعالى.
وأخرج البخاري عن قيس بن أبي خازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم؟، فقالوا: حجت مصمتة. قال لها: تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت فقالت: من أنت؟، قال: امرؤ من المهاجرين. قالت: أي المهاجرين؟، قال: من قريش، قالت: من أي قريش؟، قال: إنك لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟، قال: بقاؤكم عليه ما استقامت أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟، قال: أو ما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟، قالت: بلى قال: فهم أولئك الناس.
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟، قال أبو بكر: ما هو؟، قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني هذا الذي أكلت منه. فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه.
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن سيرين قال: لم أعلم أحداً استقاء من طعام أكله غير أبي بكر.
وأخرج النسائي عن أسلم أن عمر اطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه، فقال: هذا الذي أوردني الموارد.
وأخرج أبو عبيد في الغريب عن أبي بكر أنه مر بعبد الرحمن بن عوف وهو يماظ جاراً له فقال: لا تماظ جارك فإنه يبقى ويذهب عنك الناس. (المماظة: المنازعة والمخاصمة).
وأخرج ابن عساكر عن موسى بن عقبة أن أبا بكر الصديق كان يخطب فيقول:
"الحمد لله رب العالمين أحمده وأستعينه، ونسأله الكرامة فيما بعد الموت، فإنه قد دنا أجلي وأجلكم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً؛ لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد ضل ضلالاً مبيناً. أوصيكم بتقوى الله والاعتصام بأمر الله الذي شرع لكم وهداكم به، فإن جوامع هدي الإسلام بعد كلمة الإخلاص السمع والطاعة لمن ولاه الله أمركم فإنه من يطع الله وأولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أفلح وأدى الذي عليه من الحق واتباع الهوى فقد أفلح من حفظ من الهوى والطمع والغضب. وإياكم و الفخر وما فخر من خلق من تراب ثم إلى التراب يعود ثم يأكله الدود ثم هو اليوم حي وغدا ميت. فاعملوا يوماً بيوم وساعة بساعة، وتوقوا دعاء المظلوم، وعدوا أنفسكم في الموتى، واصبروا فإن العمل كله بالصبر، واحذروا والحذر ينفع، واعملوا والعمل يقبل، واحذروا ما حذركم الله من عذابه، وسارعوا فيما وعدكم الله من رحمته، وافهموا وتفهموا واتقوا وتوقوا؛ فإن الله قد بين لكم ما أهلك به من كان قبلكم وما نجى به من نجى قبلكم قد بين لكم في كتابه حلاله وحرامه وما يحب من الأعمال وما يكره. فإني لا آلوكم ونفسي والله المستعان ولا قوة إلا بالله.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن يحيى بن أبي كثير أن أبا بكر كان يقول في خطبته: أين الوضاء الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم؟، أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها؟، أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟. قد تضعضع أركانهم حين أخنى بهم الدهر وأصبحوا في ظلمات القبور. الوحا الوحا ثم النجاء النجاء.
وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان قال: أتيت أبا بكر فقلت: اعهد إلي، فقال: يا سلمان اتق الله واعلم أنه سيكون فتوح، فلا أعرفن ما كان حظك منها ما جعلته في بطنك أو ألقيته على ظهرك، واعلم أنه من صلى الصلوات الخمس فإنه يصبح في ذمة الله ويمسي في ذمة الله تعالى، فلا ت***ن أحداً من أهل ذمة الله فتخفر الله في ذمته فيكبك الله في النار على وجهك.
وصية عظيمة
بعث أبو بكر جيوشاً إلى الشام، وأمر عليهم يزيد بن أبي سفيان، وكان مما قاله أبو بكر ليزيد:
"إني وليتك؛ لأبلوك وأجربك وأخرجك، فإن أحسنت رددتك إلى عملك وزدتك، وإن أسأت عزلتك. فعليك بتقوى الله؛ فإنه يرى من باطنك مثل الذي من ظاهرك، وإن أولى الناس بالله أشدهم تولياً له، وأقرب الناس من الله أشدهم تقرباً إليه بعمله. وقد وليتك عمل خالد، فإياك وعبّيّة الجاهلية؛ فإن الله يبغضها ويبغض أهلها،. وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتهم وابدأهم بالخير وعدهم إياه. وإذا وعظتهم فأوجز؛ فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضاً. وأصلح نفسك يصلح لك الناس، وصل الصلوات لأوقاتها بإتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها. وإذا قدم عليك رسل عدوك فأكرمهم، وأقلل لبثهم؛ حتى يخرجوا من عسكرك وهم جاهلون به، ولا ترينهم فيروا خيلك ويعلموا علمك، وأنزلهم في ثروة عسكرك، وامنع من قبلك من محادثتهم، وكن أنت المتولي لكلامهم، ولا تجعل سرك لعلانيتك؛ فيختلط أمرك. وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة، ولا تخزن عن المشير خبرك؛ فتؤتى من قبل نفسك، واسمر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار وتنكشف عنك الأستار، وأكثر حرسك وبددهم في عسكرك، وأكثر مفاجأتهم في محارسهم بغير علم منهم بك، فمن وجدته غفل عن حرسه فأحسن أدبه وعاقبه في غير إفراط، وأعقب بينهم بالليل، واجعل النوبة الأولى أطول من الأخيرة؛ فإنها أيسرهما لقربهما من النهار. ولا تخف من عقوبة المستحق، ولا تلجن فيها، ولا تسرع إليها، ولا تتخذ لها مدفعاً، ولا تغفل عن أهل عسكرك فتفسدهم، ولا تتجسس عليهم فتفضحهم، ولا تكشف الناس عن أسرارهم واكتف بعلانيتهم. ولا تجالس العباثين، وجالس أهل الصدق والوفاء، واصدق اللقاء، ولا تجبن فيجبن الناس. واجتنب الغلول؛ فإنه يقر بالفقر، ويدفع النصر. وستجدون أقواماً حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعهم وما حبسوا أنفسهم له".
من فوائدهذه الوصية:
* أن الولايات والمناصب ليست حقاً ثابتاً لأصحابها، وإنما بقاؤهم فيها مرهون بالإحسان والنجاح في العمل، ومن واجب المسؤول الأعلى أن يَعْزلهم إذا أساؤوا، وإن هذا الشعور يدفع صاحب العمل إلى مضاعفة الجهد في بذل الطاقة ليصل إلى مستوى أعلى من النجاح في العمل، أما إذا ضمن البقاء فإنه قد يميل إلى الكسل والاشتغال بمتاع الدنيا، فيخل بمسؤوليته ويعرَّض من تحت ولايته إلى أنواع من الفساد والفوضى والنزاع.
* إن تقوى الله عز وجل هي أهم عوامل النجاح في العمل؛ لأن الله تعالى مطلع على ظاهر أعمال الناس وباطنهم، فإذا اتقوه في باطنهم فَحَريٌّ بهم أن يتقوه في ظاهرهم؛ وبذلك يتجنب الوالي كل مظاهر الفساد والإفساد، التي تكون عادة من الاستجابة للعواطف الجامحة التي لا تلتزم بتقوى الله تعالى.
* إذا أصلح المسؤول نفسه وتفقد عيوبه وجعل من نفسه نموذجاً صالحاً للقدوة الحسنة؛ فإن ذلك يكون سبباً في صلاح من هم تحت رعايته.
* الاهتمام بإقامة الصلاة كاملة مظهراً ومَخْبَراً، مَظْهَراً من ناحية إكمال أقوالها وأفعالها، ومَخْبَراً من ناحية الخشوع فيها وحضور القلب مع الله تعالى؛ فإن هذه الصلاة الكاملة يقام بها ذكر الله في الأرض، وتهذّب السلوك، وتقوِّي القلوب، وتبعث على ارتياح النفوس، وتعتبر ملاذاً للمسلم عند الشدائد.
* إكرام رسل العدو إذا قدموا، مع الاحتراس منهم، وعدم تمكينهم من معرفة واقع الجيش الإسلامي، فإكرامهم نوع من الدعوة إلى الإسلام فيما إذا عرف العالم ما يتحلى به المسلمون من مكارم الأخلاق، ولكن لا يصل هذا الإكرام إلى حد إطلاعهم على باطن أمور المسلمين، بل ينبغي إطلاعهم على قوة جيش المسلمين ليُرهبوا بذلك أقوامهم.
* الاحتفاظ بالأسرار وعدم التهاون بإفشائها، خاصة فيما يتعلق بأمور المسلمين العامة، فإن الحكيم يستطيع التصرف في الأمور وإن تغيرت وجوهها مادام سرُّه حبيساً في ضميره، فإذا أفشاه اختلطت عليه الأمور ولم يستطع التحكم فيها.
* إتقان المشورة أهم من النظر في نتائجها فإن المستشار وإن كان حصيف الرأي ثاقب الفكر فإنه لا يستطيع أن يفيد من استشاره حتى ينكشف له أمره بغاية الوضوح، فإذا أخفى المستشير بعض تفاصيل القضية فإنه يكون قد جنى على نفسه، حيث قد يتضرر بهذه المشورة.
* أن على القائد وكل مسؤول أن يكون مخالطاً لمن ولي أمرهم على مختلف طبقاتهم ليكون دقيق الخبرة بأمورهم، وفي هذا أكبر العون له على تصور مشكلاتهم والمبادرة بإيجاد الحلول لها، أما المسؤول الذي يعيش في عزلة ولا يختلط إلا بأفراد من كبار رعيته، فإنه لا يصل إليه من المعلومات إلا ما كان من طريق هؤلاء، وقد لا يكشفون له الأمور بكل تفصيلاتها، وقد يحللون له الأمور على غير وجهها الصحيح.
* أن يكون لدى المسؤول يقظة وانتباه لكل ما يجري في حدود المسؤولية المناطة به؛ حتى يشعر أفراد الرعية بأن هناك اهتماماً بأمورهم، فيزيد المحسن إحساناً ويقتصر المسيء عن الإساءة، ولكن بدون تجسس عليهم؛ فإن ذلك يعتبر فضيحة لهم، وقد ينقطع بذلك خيط العلاقة الذي يربط المسؤول بأفراد رعيته، من المودة والإعجاب والشكر على الجميل، وهذا الخيط مادام قائماً فإنه يمنع أصحاب الجنوح من ارتكاب المخالفات التي تفسد المجتمع وتحدث الفوضى، فإذا انقطع ولم يكن هناك عاصم من تقوى الله تعالى فإن أهم الحواجز التي تحول دون الانطلاق وراء الشهوات تكون قد تحطمت، ويصعب بعد ذلك علاج الأمور؛ لأنها تحتاج إلى قوة رادعة وهذه لها سلبياتها المعروفة.
* أن يصدق القائد في لقاء الأعداء وأن لا يجبن، فإن جُبنه يسري على جنده؛ فيقع بذلك الفشل والهزيمة، وفي غير الحرب أن يكون المسؤول شجاعاً في مواجهة المواقف، وأن لا يضعف فيسري ضعفه على من هم تحت إدارته من العاملين، فيقل بذلك مستوى الأداء ويضعف الإنتاج.
* أن يتجنب القائد الغلول، وهو الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها هذا في مجال الحرب، وفي مجالات السلم أن يتجنب المسؤول أية استفادة دنيوية من عمله لا تحل له شرعاً.
* ومن هذه الفوائد تبين لنا عظمة هذه الوصية التي أوصى بها أبو بكر أحد قواده، وهي تبين لنا أنه كان يعيش بفكره مع قضايا المسلمين، وأنه كان يتصور ما قد يواجهه قواده فيحاول تزويدهم بما ينفعهم في تلافي الوقوع في المشكلات، وحلها إذا وقعت.
وفاته ووصاياه
أخرج سيف والحاكم عن ابن عمر قال: كان سبب موت أبي بكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كمدَ، فما زال جسمه يجري حتى مات: أي ينقص.
وأخرج ابن سعد والحاكم عن ابن شهاب أن أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر، فقال الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إن فيها لسم سنة، وأنا وأنت نموت في يوم واحد. فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة.
وأخرج الحاكم عن الشعبي قال: ماذا نتوقع من هذه الدنيا الدنية وقد سم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسم أبو بكر؟.
ودخل عليه بعض الصحابة فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته؟. فقال أبو بكر: بالله تخوفني؟، أقول: اللهم إني استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت من وراءك. ثم دعا عثمان فقال: اكتب "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجا منها وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب. إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً. فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير. أردت، ولا أعلم الغيب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
ثم أمر بالكتاب فختمه ثم أمر عثمان فخرج بالكتاب مختوماً فبايع الناس ورضوا به ثم دعا أبو بكر عمر خالياً فأوصاه قائلاً:
"إني قد استخلفتك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".. وأوصاه بتقوى الله ثم قال: "يا عمر إن لله حقاً بالليل ولا يقبله بالنهار وحقاً بالنهار ولا يقبله بالليل، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة. ألم تر يا عمر إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق وثُقله عليهم، وحُق لميزان لا يوضع فيه غداً إلا حقٌ أن يكون ثقيلاً. ألم تر يا عمر إنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخِفته عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً. ألم تر يا عمر إنما نزلت آية الرخاء مع الشدة وآية الشدة مع آية الرخاء؛ ليكون المؤمن راغباً راهباً لا يرغب رغبة يتمنى فيها على الله ما ليس له، ولا يرهب رهبة يلقى فيها بيديه. ألم تر يا عمر إنما ذكر الله أهل النار بأسوأ أعمالهم، فإذا ذكرتهم قلت إني لأرجو ألا أكون منهم، وإنه إنما ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم؛ لأنه تجاوز لهم عما كان من سيئ، فإذا ذكرتهم قلت أين عملي من أعمالهم. فإذا حفظت وصيتي فلا يكونن غائب أحب إليك من حاضر من الموت ولست بمعجزة".
ثم خرج عمر من عنده فرفع أبو بكر يديه، وقال: اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم وخفت عليهم الفتنة، فعملت فيهم بما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأياً فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم وأحرصهم على ما أرشدهم. وقد حضرني من أمرك ما حضر فاخلفني فيهم، فهم عبادك ونواصيهم بيدك. أصلح اللهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين، وأصلح له رعيته.
الخلاصة
كان الإسلام على رأس قائمة اهتمام الخليفة أبي بكر؛ لأن أي خطر يهدد الإسلام ستكون له آثار مدمرة على المجتمع المسلم..فلا صلاح ولا استقرار ولا أمان لأي مجتمع مسلم إلا بالإسلام.
ولهذا كانت المهام الأولى لأبي بكر هي مواجهة المخاطر التي تهدد الإسلام وتتربص به في الداخل والخارج.
ولم يتوقف الدفاع عن الإسلام في جانب مواجهة الأعداء، بل كان حريصاً على مواصلة تثبيت دعائم الإسلام داخل المجتمع وبين المسلمين؛ ولهذا كانت خطبه وكلماته تركز على جوانب التقوى والصلاح؛ لأن صلاح النفس واستقامتها طريق إلى صلاح المجتمع بأكمله.
كذلك اهتم الصديق في جانب العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وذلك بتقوية الرابطة بين السلطة والشعب على أسس قوية راسخة مصدرها الشريعة الإسلامية وغايتها خدمة الإسلام والأمة المسلمة.. وظهر ذلك من خلال تعامله مع أبناء المسلمين، ووصاياه التي كان يلقيها على القادة السياسيين والعسكريين، كوصيته ليزيد ابن أبي سفيان.
وكان قد جعل الأمة كلها معارضة تراقب أعماله وتقف في وجهه إذا خالف شرع الله في سياسته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
- صحيح البخاري.
- (تاريخ الخلفاء) - عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.
- (أبو بكر الصديق رضي الله عنه.. شخصيته وعصره) - الدكتور علي محمد الصَّلاَّبي.
- (أبو بكر الصديق) - محمد رضا.
اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم




رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:53 PM.