اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > معلمي مصر > أخبار التعليم المصــــــــــرى

أخبار التعليم المصــــــــــرى نقاشات وأخبار تعليمية متنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-07-2012, 01:20 AM
الصورة الرمزية محمد عباس 011
محمد عباس 011 محمد عباس 011 غير متواجد حالياً
عضو متواصل
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 871
معدل تقييم المستوى: 16
محمد عباس 011 is on a distinguished road
افتراضي السادة الزملاء الافاضل انتم جميعا مدعوون لحضور الافطار الجماعى بالنقابة العامة للمعلم


بسم الله الرحمن الرحيم
..........................
السادة الزملاء الافاضل .............. السيدات الزميلات الفضليات
بعد التحية
انتم جميعا مدعوون لحضور الافطار الجماعى بالنقابة العامة للمعلمين بالجزيرة بالقاهرة ... بمبنى النقابة العامة ... وذلك يوم السبت الموافق 16 من رمضان .. لاحياء ذكرى فطار العام السابق .. يبدأ اليوم بحضور اجتماع المعلمين مع الدكتور الحلوانى وبعض اعضاء مجلس ادارة النقابة العامة ..بعد صلاة العصر مباشرة ( اى من الساعة الخامسه حتى الساعة السادة والنصف بعد العصر ) لمناقشة ورقة العمل الذى قدمها نقيب المعلمين للسيد الرئيس من أسبوع ..... ومناقشة احوال وقضايا المعلمين ودور النقابة العامة فى الوقوف بجانب قضايا المعلمين .. وبعدة افطار جماعى للسادة الحضور وعلى كل معلم التصرف فى افطارة بمعرفتة .. وبعد الفطار لقاء حر مع الزملاء والاصدقاء واحاديث جانبية
تنبيـــــــــــــــــه :
......................
على كل من يريد عرض أمر من الامور على السادة الحضور كتابة ورق عمل وتسليمها للجنة المنظمة وطلب التعليق فى عجاله عليها
نشكركم لتعاونكم على انجاح فطار العمل .. وكل عام وانتم بخير..
اخوكم / محمود عبدالرحيم الاشقر ....

منقول من صفجة اتحاد معلمى مصر على الفيس بوك

__________________
من وجد الله فمن فقد ومن فقدالله فمن وجد
محمد عباس محمد

آخر تعديل بواسطة شريف حسن . ، 30-07-2012 الساعة 06:05 PM سبب آخر: ممنوع وضع ارقام تليفونات
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-07-2012, 02:41 AM
مسز إيمي مسز إيمي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 259
معدل تقييم المستوى: 14
مسز إيمي is on a distinguished road
افتراضي

وماذا عن النقابات الفرعية في باقي المحافظات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30-07-2012, 02:44 AM
عوضكو عوضكو غير متواجد حالياً
عضو قدير
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 411
معدل تقييم المستوى: 12
عوضكو is on a distinguished road
افتراضي

لو سمحت أنا مش من القاهرة ممكن أعرف مضمون ورقة العمل الذى قدمها نقيب المعلمين للسيد الرئيس من أسبوع ..... وما هو الدور الذى قامت به النقابة العامة فى الوقوف بجانب قضايا المعلمين ؟
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30-07-2012, 05:23 AM
waleed shoaib waleed shoaib غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 46
معدل تقييم المستوى: 0
waleed shoaib is on a distinguished road
افتراضي

طب كانت الفلوس دي أتوفرت لحاجة أنفع
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30-07-2012, 10:44 AM
الأستاذ نادي ربيع الأستاذ نادي ربيع غير متواجد حالياً
مدرس اللغة الانجليزية
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 371
معدل تقييم المستوى: 16
الأستاذ نادي ربيع is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة waleed shoaib مشاهدة المشاركة
طب كانت الفلوس دي أتوفرت لحاجة أنفع
فلوس اية يا استاذ ؟ بيقولوا كل واحد يتصرف في افطاره بمعرفته؟!!!!!!!!!!!!!!!!!
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 30-07-2012, 01:28 PM
الصورة الرمزية صبري الحبيشي
صبري الحبيشي صبري الحبيشي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 244
معدل تقييم المستوى: 15
صبري الحبيشي is on a distinguished road
افتراضي

ليه هو النقابة افتقرت عشان مفيش فيها تمن فطار للمعلمين يبطلوا سرقة شوية
__________________
صبري الحبيشي
معلم أول أ اللغة العربية
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 31-07-2012, 09:50 AM
مستر مصطفى الناقه مستر مصطفى الناقه غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,465
معدل تقييم المستوى: 13
مستر مصطفى الناقه has a spectacular aura about
افتراضي

والله يااخى حاجه تكسف النقابة بتاعتنا دى تعتبر اغنى نقابة فى مصر لكن متعرفش ايه اللى بيحصل
نقابة المهندسين العامه والفرعية فى كل المحافظات والمراكز بتعمل افطار كل سنه وافطار افطار وبتعمل رحلات حج وعمرة بالتقسيط وحجز
شقق وحاجات محترمة كتير
احنا ونقابتنا فين من ده كله

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 31-07-2012, 02:21 PM
alien2 alien2 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,569
معدل تقييم المستوى: 16
alien2 is on a distinguished road
افتراضي

ثروت الخرباوي يكتب عن الجماعة التى كان منها وكانت منه «الحلقة الأولى»

هل تريدون أن ألخِّص لكم الجزء الأول من كتاب «قلب الإخوان» فى كلمة أو فى بضع كلمات؟ إذن فاسمعوا خفقات قلبى وهى تقول:
فىجماعة الإخوان كانت لى أيام.. صرت أنا من الإخوانوصار الإخوانمنى.. وفى الإخوان نزفتُ نفسى وللإخوان سكبتُ نفسى وفىالإخوان نسيتُنفسى.. فتلاشيتُ كقطرة ماء تبخرت.. وحين يوم وقعت قطرة الماءمن السحابةفتألمَتومن ألمها ستنبت خضرة.. وذات يوم عرفت قطرة الماء أنالضياء ينيرالطريقولكنه أحيانا يعمى البصر
مرت سنوات وأنا فى قلب الإخوان، رأيت فيهاأفكارا ترتفعوأفكاراتتهاوى، شخصيات حملت الجماعة، وشخصيات حملتهاالجماعة، كان فى ظنىأنالتنظيم ما هو إلا وسيلة لتوجيه طاقات الفردالإبداعية وتنميتها، فإذابهوسيلة لتكبيل الفرد فى سلسلة بشرية طويلةأشبه ما تكون بسلسلة العبيدالتىكانت تُحمل إلى أمريكا من بداية القرنالسادس عشر، الفارق أن «كونتاكنتى» الشاب الإفريقى المسكين الذى كان يتمأسره من غرب إفريقيا قهرا وغصباليدخل فى سلسلة المستعبدين، كان لا ينفكعن التمرد على العبودية إلى أنيستنيم لها مجبرا، ولكنه يظل أبد الآبدينمستعبد الجسد طليق الروحوالنَّفْس، ثم تخرج من صلبه بعد ذلك أجيال لاتعرف إلا العبودية فتظنهاالحياة وحينها تكون هذه الأجيال هى أعدى أعداءالحرية، ويكون السجان هوسيدها وقُرَّة عينها، أما الذى يفتح لها الأبوابالمغلَّقة لتنطلق إلىحريتها فهو العدو الذى يجب أن تقاومه.
عبوديةالتنظيمات الحديدية هى أشد وأنكى من عبودية «كونتا كنتى» إذإنها عبوديةالأجساد والأرواح والأنفس، هى أشبه ما تكونبقصة «فاوست»،الذى كان يبحثعن «حجر الفلاسفة» فباع برغبته روحه للشيطان،ما أقسى أنترهن روحكلآخرين حتى ولو كانوا ملائكة، وما أروع أن تكون عبدالله وحده،حين قرأتترجمة الفيلسوف المصرى عبد الرحمن بدوى لقصة «فاوست» لجوتة،أدركت أنشقاء الإنسان لا يكون إلا بفعله، ولكن هل يدرك الإنسان حجمالمأساة التىتنتج عن تفريطه فى حريته! لا شك أنه قد لا يدرك عمق المأساةوقت التفريطفى الحرية، ولكنه قد يعرف فداحة فعله بعد حين، وقد يظل عمرهكله جاهلا ماوقع فيه، انظروا إلى هذا الشاب غض الإهاب، الذى لم يُعجم عودهبعد،والذى تدفعه عاطفته الدينية إلى الوقوف فى صف السلسلة البشريةالمستعبدةمنتظرا دوره فى التكبيل التنظيمى على أحرّ من الجمر وكأنه يتعبدلله حينيصبح فردا يقوده راعى البشر، ما أغبانا حين يقودنا الراعى بعصاالدينوالأخلاق والشريعة، ونحن نهش له، يا لله! كم من العبوديات تُرتكبباسمالله، أصاب طاغور الحكيم حين قال «ثقيلة هى قيودى والحرية هى مناىَولكننى لا أستطيع أن أحبو إليها، فمن استعبدونى رفعوا لافتات الفضيلةوجعلوها حائطا بينى وبين حريتى».
سر عضو «الإخوان» الذى كـــــان عميلا لأمن الدولة
هلمن الممكن أن أصف لكم مشاعرى وأبث لكم شجونى، أناالآن أحلِّق فىالسماء، كالطير يجنح نحو الأفق، أو كسهمٍ مَرَق، ولعلنىاليوم أعرف مدىسعادة الطير وهو يجوب الآفاق حرًّا، لا تظن أبدا أن الهواءهو الذى يحملالطير حين يحلق، الحرية فقط هى التى تحمله، ما أعظم الحريةحين تداعبمشاعر من عاش مقيدا مكبلا، كانت آخر أيامى فى تنظيم الإخوان هىأسعد أيامحياتى، ويالها من أيام، كنت قد عقدت العزم على التخلص من تلكالقيودالثقيلة التى أقعدتنى وعرقلتنى وحاولت تكبيل أفكارى، فالنَّفْسالسويةترفض الاستبداد حتى ولو كانت قيوده من ذهب، أو كانت جدرانه قدشُيِّدت منلافتات الفضيلة، ها هى اللحظات الأخيرة تداعب خيالى من جديد،تحث ذاكرتىعلى العودة إلى لحظات الخروج، تلك اللحظات التى اعتبرتها أزمنةقدسية،زمنالحصول على صكّ الحرية هو الأعظم فى تاريخى، قبلها نشبت معركةطاحنةبينقلبى وعقلى، هل أترك الجماعة، أم أظل فيها حتى ولو تحكَّم فيهاالاستبداد؟فتحتُ حوارات مع أصدقائى عن قيمة الحرية، قلت لعاطف عواد الذىترك الجماعة قبلى: عظيمة هى قصة «وداعا شاوشنك» تلك القصة الرائعة التىكتبها ستيفن كينج، ثم تحوَّلَتْ إلى فيلم سينمائى بطولة تيم روبنز ومورجانفريمان، دخل روبنز سجن شاوشنك ولكنه ظل عشرين عاما يبحث عن حريته إلى أنحصل عليها فى الوقت الذى أصبح فيه هذا السجن هو كل الدنيا لمساجين آخرين،لا يعرفون غيره ولا يتقبلون سواه كأنه هو الحياة، أظن جماعة الإخوانتحولتإلى سجن بشرى لا يحفل كثيرا بقيمة الحرية، يستحقون الرثاء من عاشوافىالظلام وينزعجون من النور، من يقبعون فى أقبيتهم وسراديبهم الضيقةوهميحسبون أن الطريق إلى الدين والفضيلة لا يكون إلا من خلال الأقبيةوالسراديب المغلقة.
قال عاطف «الذى أصبح فى ما بعد عضوا بالهيئةالعليالحزب الوسط»: كأنكتستعيد يا صديقى قول لامارتين «أى قيمة للفضيلةإذا لمتوجد حرية؟!».
قلت له: لامارتين! لو سمعوك لقالوا إنك صبأتوأصبحت منالليبراليين أوالعلمانيين وساء أولئك رفيقا، ثم استطردت وأناأغالط نفسى: ولكن هليطاوعنى قلبى على أن أترك جماعة أحببتها.. أتركهاوالفساد يعشش فىرأسهاويضرب بجذوره فى أطنابها.. لك أن تعرف أن عديدا منالإخوان النبهاءمنأصحاب العقول النيرة والقلوب المضيئة يجاهدون داخلالجماعة حتى لا تصبحخاوية على عروشها بلا مصلحين... فلماذا أتركهموحدهم؟ أكون حينئذ قد تخليتعنهم.
قال وقد نفد صبره: يا سيدى.. الإصلاحيون لا يستطيعونالتنفس داخل جماعة «كتم النفس» هذه.. عبد المنعمأبو الفتوح يظن أنه يستطيعالإصلاح ويحاولأن يجمع معه جيل الوسطيين مثلإبراهيم الزعفرانى وآخرين،لكنهم جميعهميعيشون على وهم لن يتحقق، إنالفريق الذى سرق الجماعة يقومبدوره بنجاحملحوظ وهم يسحبون حاليا كلالملفات التى كان أبو الفتوح مسؤولاعنها، أصبحعبد المنعم الآن يجلس فىالجماعة بلا عمل، وأظن أنه سيستيقظذات يوم منحلم الإصلاح هذا على قطارالإخوان وقد ابتعد عنه وتركه وحيدابلا جماعة.
تأملت قوله وانتابتنىلحظة صمت وسرعان ما قطعتها قائلا: أصدقك القول،لقد كنت أشعر منذ آمادطويلة أن هذه الجماعة سجن وقيود وأناالسجين الذىلا يستطيع أن يحبو إلىحريته.. ثقيلة هى قيودى.. ندت عنىابتسامة ساخرةوأنا أقول: أخشى أن أكونقد أدمنت السجن والسجان.
الآن وبعد سنوات عديدة من يوم الخروج منالجماعة أجلسفى غرفة مكتبىوحيدا أخطّ هذه الذكريات، أذكر آخر لقاءجمعنى بالمستشارمأمون الهضيبى،كان ذلك فى غضون عام 2002 صدمنى الرجلبكلماته الجافةالخشنة، أهكذا يكونالدعاة! كان اللقاء قد دفعنى إليهالدكتور عبد المنعمأبو الفتوح من أجلتخفيف حدة الهجوم ضدى داخلالجماعة، كان من المفترض وفقالما وقَرَ فىيقينى أن لقائى المستشارمأمون الهضيبى سيكون ثريًّا لهقيمته، فالرجليحمل فوق كتفيه تاريخاويختزن فى مكنون ذاته كمًّا متنوعًامن المعارفالقانونية والخبراتالسياسية والتنظيمية، إلا أننى تذكرت عندلقائى الأخيرمعه ذلك المثلالعربى الذى يقول «أن تسمع بالمعيدى خير من أنتراه». ويبدو أن معارفالإنسان وخبراته قد تكون عبئا عليه أو يكون هو عبئاعليهاإن لم تكن لهبصيرة وسِعة أفق، كذلك الجواهرى الذى وهبه الله ذهباوجواهرنفيسة فقذفهافى اليم إلى غير رجعة!
كان عديد من اللقاءات الإخوانية التنظيمية قدجمعنىبالمستشار الهضيبىسابقا إلا أنه فى الغالب الأعم كان قليل الكلاميميل إلىالاستماع ولايعقّب إلا بكلمات قليلات... وكان معظم الحواراتالتى جمعتناتدور فى مجملهاحول شؤون تنظيمية وحركية لا علاقة لها بالفكركما لم تكنلها علاقةبالإنسانيات والمشاعر، لذلك لم تتح لى الفرصة كىأختبر عن كثببصيرة هذاالرجل وقلبه، إلا أنه ظهر لى من خلال خبرتى فىالتعامل معه كماظهر لآخرينأنه يتسم بضيق الصدر وسرعة نفاد الصبر.
كانلقائى إياه هو خاتمة قصتى مع الجماعة، حين تكلمظهرت على قَسَمَاتوجهىمخايل الدهشة حتى إننى كدت أهزّ رأسى لأعيد عقلىإلى مكانه المعهود،هممتبالوقوف للانصراف، فدفقات الكلام الذى خرج من فمهتوحى بأنه كان يعيشفىمرحلة ذهنية متأخرة.
أشار إلىّ بيده يأمرنى بالجلوس وهو يقول: اقعد.. اقعد.. هل تظن أن «دخول الحمام كما الخروج منه؟!».
جلستوأنا أقول فى نفسى بعد أن غالبت ابتسامة طفت علىسطح وجهى «ما دامالرجليعتبر بيته حمَّامًا فكان من المفروض أن أدخل بقدمىاليسرى وأقولوأناداخل: اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث».
ودون تمهيد بادرنىبلهجة يشوبها الاستعلاء وكأنه رئيسمجلس إدارة شركةيخاطب أحد الموظفينعنده: أنت أخطأت فى حق الجماعة ياثروت.. ويبدو أنك لمتعرف ما قاله حسنالبنا.. قال «نحن جماعة انتظمنا فىصف واحد فإذا خرجمنا واحد لن يقولالناس خرج واحد ولكن سيقولون صف أعوج»،تركته يسترسل فىحديثه إلى أنقال: نحن نتحالف مع من يستطيع أن يقرِّبنا مندوائر صنعالقرار.. نحنتحالفنا فى «الأطباء» مع حمدى السيد ومع حسب اللهالكفراوىفى «المهندسين» لهذا السبب.. وأى شخص قريب من دوائر السلطة العلياسنتحالفمعه ولن نقبل أن يخرج أى واحد منا عن هذا القانون.. هذا هو دستورالجماعة.. دستور الجماعة.. وأنت رجل قانون.
انتظرت إلى أن استكملكلامه ثم قلت: قانون التحالف معمن يكون قريبا منالسلطة أظن أنه منالممكن أن يكون وسيلة مرحلية وليسدستورا دائما.
ظهر الضيق على وجههثم قال بنفاد صبر: لا تجادلنى، أنترجل قانون،لماذا وضعتْ الدولةقانونا للمرور؟ طبعا حتى لا تتصادمالسيارات، ماذا لوخالفت سيارة قانونالدولة وقطعت الإشارة الحمراء؟ قطعًاستقع حوادثوستصطدم السياراتبالمارة، ماذا لو أقام أحدهم بناية دون ترخيصمن الحىّوفقا للقانون؟سيصبح الحال فوضى... هناك قانون للعقوبات، مَنيخالفه يكون قدارتكبجريمة، أليس كذلك؟
تنفست الصعداء وأنا أقول: لا ليس كذلك.
- ماذا تقصد؟ قالها مقاطعا وهو يبدى استغرابه.
أكملتكلامى وأنا أتناول كتابا كان على المنضدة وكأنهلم يقاطعنى: هناكموادفى القانون تتم محاكمة الإخوان بموجبها مثل المادة 86 من المدونةالعقابية.. وبالمناسبة الإخوان يخالفون هذه المادة ويرتكبونبمخالفتهم هذهجريمة إنشاء تنظيم دون أن يكون لهذا التنظيم رخصة من الجهاتالرسمية.. فإذا كان قانون الجماعة فى رأيك يجب أن يتم احترامه كما نحترمقانونالمرور وقانون العقوبات فحينئذ يجب أن نعلن عن حل الجماعة لأنهاتخالفقوانين الدولة، لأنها نشأت دون رخصة كما البنايات التى تنشأ من غيررخصة،وإلا لأدت هذه المخالفة إلى اصطدام السيارات ووقوع الحوادث وإشاعةحالةفوضى.. أليس كذلك؟
هبَّ الرجل واقفا وهو يقول بعصبية وحِدّة وهو يشير إلى الباب: اتفضل يا أستاذ المقابلة انتهت.
تجمعفى ذهنى فى تلك اللحظة كل العمر الذى قضيته فىالجماعة وكل ما مربى منأحداث، مرّ شريط الذكريات كأنه دهر ولكنه مرّ فىجزء من الثانية،رأيتأمام عين خيالى تلك المشاهد الرائعة التى شاركت فيهاأو اقتربت منهاأوتفاعلت معها، رأيت أشخاصا أفذاذا فى الفقه والفهم وسِعةالأفق، رأيتعقولا موسوعية وقلوبا نورانية، والآن واحسرتاه أرى جماعة بلاقلب.. هذا هوقلب الإخوان!! فى مكانه فراغ!! فقد تبخر القلب وتناثر خلف منماتوا ومعمن خرجوا.. اندثر القلب وضاع مِن يد مَن قَلَبَ الإخوان إلىناحية أخرى.. الآن آن لى أن أختار.. آن لى أن أحسم أمرى.. أحببت جماعةالإخوانووهبتهاقلبى ومشاعرى وعقلى، فضّلتها على نفسى وبيتى وأولادى، لمأكنأحبها لذاتهاكذلك المحب الولِه العاشق الذى يتدله حبا فى محبوبتهلذاتها، ولكننىأحببتها لما ترمى إليه، لأنها دعوة وحكمة ووسطية وفهمواعتدال.. والآنتبدل الحال فلِمَ أبقى؟ لِمَ أظل أسيرا فى حبائل تلكالجماعة التى فقدتقلبها؟ لِمَ أرضى بالأسر والحبسفى أسوار عالية تمنعالرؤية وتحجبالرؤيا.. فلا خيال ولا إبداع؟ أأظل رهينة فى محبسهم مكبلابأغلالهم وأنامن تاقت نفسه إلى سماء بلا قيود وأرض بلا حدود كطائرالباتروس الذى يقضىحياته محلِّقا فوق مياه البحار والمحيطات..؟ طِرْ أيهاالطائر.. غادرهم.. اذهب إلى سمائك.. واحذر من أولئك الذى سيقولون لك إنكستطير فى سماء ملبدةوتسير فى أرض مظلمة، فالنور فى قلبى وبين جوانحى،فعلام أخشى السير فىالظلماء؟ علامَ أخشى الطيران فى العتماء؟ كُنْ كالنسرفوق القمة الشمَّاءولا تكن كدودة الأرض فى جحر كئيب وجُبٍّ سحيق.. لكنظرولك بصيرة، فأينانتفاعك بنظرك ونظرتك؟ لله در المتنبى حين قال: وماانتفاعأخى الدنيابناظره/ إذا استوت عنده الأنوار والظُّلَم.. قُم الآنوأمعِنالنظر ويجبإذا نظرت أن تحسن الخروج كما أحسنت الدخول.
قمتمتثاقلا ثم قلت بهدوء وأنا أنظر إلى الناحيةالأخرى: المقابلةانتهت قبلأن تبدأ.. الآن آن لى أن أختار الصواب.. أناالآن لست معكم فىالإخوان.
كان الفرار من ضيق التنظيم فرصتى للحرية، إلا أننى رأيت وأنا خارج قلب الإخوان أشياء تحير منها الألباب وتستعصى على التصديق.
تقولالأسطورة اليونانية إن إيكاروس كان يعيش مع أبيهفى جزيرة كريت،أحبإيكاروس الطيران، فصنع لنفسه أجنحة أخذها من الطيور،ولصقها فى يديهبالشمع، ثم تهيأ للطيران، وقبل أن يطير نصحه أبوه: لا ترتفعكثيرا ياإيكاروس، لا تفكر فى الوصول للشمس، فإنك إن وصلت إليها فقدتحياتك، ولكنإيكاروس كان طموحا للمعرفة فلم يستمع إلى نصيحة أبيه وطار وطاروطارمحلقًا فى الأجواء حتى اقترب من الشمس، اقترب من الحقيقة التى كانتواقاإليها، ولكن أشعة الشمس القوية الحارقة أذابت الشمع وحرقت الأجنحةفوقعإيكاروس ميِّتًا قبل أن يصل إلى مبتغاه.
فهل كنت كإيكاروس عندماحاولت أن أصل للحقيقة فى جماعةالإخوان، وهلسأنال ما ناله؟ كانت رحلتىنحو الحقيقة قد بدأت مصادفة، إذ لميرد فىخاطرى أن جماعة الإخوان تضمرفى نفسها حقائق مفزعة لا يعرفها معظمالإخوان، فالأسرار محفوظة عندالكهنة الكبار، فى صندوق خفىّ لا يستطيع أحدأن يطّلع على ما فيه، إذ إنالعتمة التى يعيشها أفراد الجماعة تحجب عنهمنور الحقيقة، وحين سرتُ وراءبصيص الضوء أرانى الله ما يعجز العقل عناستيعابه لأول وهلة، فمن عاش فىالعتمة زمنا يفاجئه النور فيعشى بصرهللحظات ويصعب على حدقتيه استيعابالضياء.
كان من قدر الله أن تم القبض على بعض إخوة لى منالإخوانعام 1999 فىالقضية التى عُرفت بقضية النقابيين، كان هؤلاء الإخوةيحضروناجتماعا خاصابقسم المهنيين بالجماعة فى مقر إحدى الجمعيات التابعةلنقابة المهندسينفى منطقة المعادى، وعندما تم القبض عليهم كان رد فعلالجماعة على المستوىالإعلامى والسياسى رديئا بطيئا، وحين وجدت أن الجماعةلم تُلقِ بالًا لهذهالقضية، أخذت أبحث عن سر هذا التهاون، فالمستغرَبأنبعض المقبوض عليهمكانوا من كبار قيادات الجماعة، فمنهم الدكتور محمدبديععضو مكتب الإرشادوقتها ومرشد الإخوان فى ما بعد، ومنهم أيضاالدكتور محمدبشر عضو مكتبالإرشاد، والأستاذ مختار نوح مسؤول قسمالمحامين بالجماعةوغيرهم، إلاأننى لم أصل فى الأشهر للأولى للقضية إلىشىء، فقد شغلتنىالأحداث عن تتبع «حقيقة الإعراض».
حينما وجدت أنالإخوان صنعوا لأنفسهم أُذنًا من طينوأُذنًا من عجينبخصوص قضيةالنقابيين، أخذت أدفع قسم المحامين إلى القيامبدور فاعلومؤثر، وكانالدكتور محمد بديع وإخوانه فى السجن يرسلون إلىّرسائل شبهيومية يطلبونمنى فيها أن أتحرك مع المحامين على المستوى السياسىوالقانونى بعيدا عنأقسام الجماعة الرسمية التى رأوا أنها خذلتهم، كانترسائلهم لى تقطر أسىوحزنا من إخوانهم فى الله الذين تركوهم بلا اهتمام،حتى إن مكتب الإرشادعندما قرر تخصيص مرتب شهرى لأسر الإخوة المحبوسين،أغدق على البعض وحرمالبعض الآخر! كان شهر أكتوبر من عام 1999 هو الشهرالذى تم القبض فيه علىالإخوان فى هذه القضية، وكأن شهر الخريف هو الشهرالذى أسفر عن بصيصالضوء الذى تتبعته لأصل إلى صندوق الأسرار، وفى منتصفشهر نوفمبر من نفسالعام صدر قرار رئيس الجمهورية بإحالتهم إلى المحكمةالعسكرية، وكان قرارالإحالة هذا على غير ما أنبأنا به الوسطاء! لذلك كانوقعه على نفسىمؤلما جارحا، وبعد يوم من قرار الإحالة إلى المحكمة العسكريةعقدنا فىقسم المحامين بالجماعة اجتماعا فى مكتب الأخ بهاء عبد الرحمنالمحامى عضومجلس نقابة المحامين.
كان بهاء من الإخوة الذين كان من المقدر لهمأن يحضرواالاجتماع الذىتم القبض فيه على الدكتور بديع وإخوانه إلا أنهتأخر فىالوصول إلى المكانوكان من حسن طالعه أن ذهب فى أثناء القبض علىالإخوةفرأى قوات الشرطةالمدججة بالسلاح تطوّق الشارع ففر هاربا بنفسهوتركسيارته، وذهب إلى متروالأنفاق وكاد يقبض عليه أحد المخبرين إلا أناللهسلَّم.
مكتب بهاء عبد الرحمن يقع فى منطقة عابدين وهو مكتبمتسع الحجراتوالردهات، بدأت وفود الإخوة تهل على المكان حتى اكتمل الجمعفى الساعةالعاشرة صباحا، وحين بدأت وقائع اجتماعنا تحدث الأستاذ محمدطوسون عضوالجماعة، وقال إن الدكتور محمد بديع المحبوس فى القضية طلب منهتشكيل لجنةإخوانية تكون مهمتها إدارة معركة هذه القضية من الناحيتينالسياسيةوالقانونية، واقترح الأستاذ طوسون أن يكون اسم هذه اللجنة هو «لجنة إدارةالأزمة» وأن تكون بالانتخاب وفقا للائحة قسم المحامين، أخذ كلواحد منالإخوة يدلى برأيه فى الاقتراح، وتحدث كل ممثلى المحافظات، كانكلامالجميع حماسيا إلا أنه تلاحظ لى أن كلام المشاعر كان خطابيا بليداكأنه منتماثيل الشمع التى تشبه الحقيقة ولكنها ليست هى، نظرت إلى الإخوانالذينيتحدثون وكأننى أجلس فى متحف «مدام تيسو» للشمع فى لندن! تخيلتأننىأقتربمن حماسهم المتدفق لألمسه وأتبين حقيقته فإذا بى أكتشف أنهبلا حياة،مزيفون، كلهم مزيفون، إلا هو، شعرت بصدقه وحرقة قلبه، أحمدربيع غزالى... كان أحمد ربيع يتولى مسؤولية قسم الأشبال بجماعة الإخوانفى محافظة الجيزة،وكان عضوا بمجلس شورى الجماعة وأمينا لصندوق نقابةالمحامين بالجيزة، كانهو أعلى الموجودين فى رتبته الإخوانية، وشعرت أنهأعلاهم فى رتبتهالإنسانية، والحق أننى لم أكن من أصدقاء أحمد ربيعالمقربين، ولذلك لم أكنأراه كثيرا قبل وقائع هذه القضية، ولكننى كنتأشعر بنفسى تهفو إليه دونماسبب ظاهر، ولكأنما كانت جرأته فى الحق هى سببانشداهى له، ولربما كان صدقههو الرابطة التى أوصلته لفؤادى، وأشهد أننىلم أكن أراه من قبل إلا منخلالضوء ضعيف، هو ضوء «الروابط الإخوانية» وهو أخفت من ضوء الشمعة، وضوءالشمعة لا يكفى لكى تكتشف الجمال الإنسانىفى من تحبهم.
وعلى آخر النهار تمت انتخابات «لجنة إدارة الأزمة» وانتخابات الإخوانلها طبيعة خاصة، فلا يجوز فيها أن يتقدم أحد للترشيح،ولكن الكل ينتخب،والكل مرشح، وأسفرت الانتخابات عن فوزى برئاسة لجنةالأزمة «بالإجماع» ماعدا صوتى أنا فقد ذهب لأحمد ربيع، ونجح فى عضويةاللجنة تسعة أعضاء كانمنهم أحمد ربيع وبهاء عبد الرحمن، وجمال حنفى عضومجلس الشعب فى ما بعد،وبعض أفراد آخرين، وأخذت اللجنة بعد ذلك دورها فىإدارة الأزمة، ويبدو أنهذه اللجنة كانت مصدر قلق للجماعة، وكان الذى أثاراندهاشى أن الأستاذمحمد طوسون عندما رأى السرعة التى نسير بها لنصرةإخواننا كان يقول لىولأحمد ربيع مستنكرا وقد اشتد به الحنق: لماذا هذاالحماس؟! هذه ليست أولقضية يتم حبس الإخوان فيها، خفِّفا عنكما فقد يكونحبسهم فيه مصلحةللجماعة!
لماذا أكتب هذه الذكريات؟ يلومنى البعضعليها ويقولونإنك بها تفتّ عضدالجماعة التى تربيت فيها، ولكنهم لايعلمون أن الحكاياتالتى نكبتها ولانكتبها تصبح غنيمة لأعدائنا، لايعلمون أننا لا نرتفع إلاإذا تعلمنا منتجاريب الحياة، ومن يقص عليناتلك التجاريب أبد الدهر لا أبالك يرفعناوينفعنا.
فى إحدى الجلساتالهامة بالمحكمة العسكرية التى انعقدتلمحاكمةالنقابيين الإخوان تذكرتواقعة خطيرة كانت قد حدثت عام 1995، كانالنظامقد قبض على عدد كبير منالإخوان ما بين عامى 1995 و1996، وكانالمقبوضعليهم من أعلى قياداتالجماعة، فمنهم عصام العريان وخيرت الشاطروعبدالمنعم أبو الفتوح وعبدالحميد الغزالى ولاشين أبو شنب وجمعة أمينورشادالبيومى ومحمد حبيبومحمود عزت ومهدى عاكف وإبراهيم الزعفرانى وسعدالحسينى وحسن الجملوالسيد النزيلى ومحسن راضى ومحيى الزايط وحلمى الجزاروأبو العلا ماضىوآخرون ،وأخذت هذه القضايا أرقام 8 و11 لسنة 1995 و5 لسنة 1996، وكانالدكتور محمد سليم العوا هو رئيس هيئة الدفاع ومعه مختار نوحالذى كانمنسقا لهيئة الدفاع، وقتها قام الإخوان باستقدام عدد من المحامينالإنجليز لحضور جلسات المحاكمات بصفتهم مراقبين، وكان من حظى أن كنت مكلفامن الإخوان مع بعض المحامين الإخوان بمرافقة هذا الوفد، كان الدكتورالعواهو الشخص الوحيد الذى كان مؤهلا للتعامل مع هذا الفريق، أما نحن فقدكنامجرد رفقاء طريق، فالدكتور العوا لديه كل تفصيلات القضايا حسب موقعهفىرئاسة فريق الدفاع كما أنه يجيد الإنجليزية إجادته للعربية، وفى هذهالفترةعرفت من خلال أحد الإخوة المقربين من الدكتور العوا أنه أىالدكتورالعواتدخّل سياسيًّا للصلح بين جماعة الإخوان والنظام، كان هدفالدكتورالعوا منالوساطة للصلح أن يتيح للحركة الإسلامية مساحة كبيرة فىالحركةالدعوية،فالدعوة هى الوسيلة الإنسانية الرفيعة التى من شأنهاالارتقاءبمفاهيم وقيمالناس، وترشيد سلوكياتهم، وبالدعوة تقوم الحضارات،فما منحضارة إلا ولهادعوة ودعاة.
طلب الدكتور العوا مقابلةاللواء عمر سليمان مديرالمخابرات فحدد لهالأخير موعدا، وفى الاجتماععرض العوا الوساطة فى الصلح،فوافق عمر سليمانإلا أنه اشترط عدة شروط،منها أن يمتنع الإخوان عن خوضأى انتخاباتنقابية أو برلمانية لمدة خمسسنوات، على أن يتيح لهم النظاممساحة حركة منخلال المساجد، فإذا وافقالإخوان على هذا الشرط يتم الإفراجعن كلالمحبوسين الإخوان، كان هذاالعرض مرضيا للدكتور العوا، ظن وقتها أنقيادات الإخوان ستوافق على هذاالعرض وسترحب به أيما ترحيب، فهى فرصة نادرةلا تتكرر، وقبل أن يغادرالعوا مكتب عمر سليمان قال له هذا الأخير: علىفكرة يا دكتور.. الإخوانلن يوافقوا على هذا العرض، مأمون الهضيبى سيرفضبشدة... ويبدو أن الدكتورالعوا أصابته حالة من الاندهاش عندما جاء له ردالمستشار الهضيبى قاطعابرفض العرض!! كيف يرفض الهضيبى اتفاقا كهذا، ومنأنّى لعمر سليمان أنيعرف الرفض مسبقا!! إلا إذا كان صندوق الأسرار لا يزاليرفض البوحبأسراره.
جرت هذه الذكريات فى خاطرى وأنا فى المحكمة العسكريةأنتظرمع باقىالمحامين مشاهدة شريط الفيديو الذى سجلته مباحث أمن الدولةللمتهمين لحظةالقبض عليهم فى الاجتماع الذى عقدوه بالمعادى، انعقدتالجلسةبرئاسةاللواء أحمد الأنور، وبعد الإجراءات القانونية الأولى تماستدعاءشاهدالإثبات الأول الذى كان ضابطا بمباحث أمن الدولة ومسؤول قسمالإخوانبالجهاز وكان اسمه الحركى عاطف الحسينى، وكان من المعروف عنعاطف الحسينىأنه يعرف كل كبيرة وصغيرة فى الإخوان ويحفظ وجوه أفرادهمفردا فردا، قامعاطف الحسينى بتشغيل شريط الفيديو وبدأت الصورة تظهر علىشاشة التليفزيون،كانت الصور التى تتابعت هى صور بعض الإخوان وهم يدخلونإلى مقر الاجتماع،وطلبت المحكمة من الشاهد عاطف الحسينى أن يوقف الشريطعند كل فرد دخل إلىالمكان ثم يقوم بالتعريف بهذا الشخص، وكانت المحكمةتستدعى كل متهم تعرَّفعليه الشاهد فى الشريط لتقوم بمناظرته، وظهر أنالشاهد يعرف الجميع.
هل تعرفون قصة المرشد السرى، ليس قصدى هنا مرشدجماعةالإخوان السرى،فقد تحدثت عنه بما فيه الكفاية فى الجزء الأول منكتابى،وأظن أن الحديثعنه أثار حالة من الجدل التاريخية، إثباتا أونفيا، ولكنالمرشد السرى هناهو ذلك الأخ الإخوانى الذى قام بإبلاغ مباحثأمن الدولةعن هذا اللقاء،نعم فجهاز أمن الدولة وفقا لما قاله الدكتورمحمد حبيب فىأكثر من لقاءاستطاع اختراق الجماعة من أعلاها إلى أدناها،وكانت الشكوك قدحامت حولبعض الإخوة الذين تخلفوا فجأة عن حضور هذاالاجتماع الهام،فلربما قامأحدهم بالإبلاغ عن هذا اللقاء، أخذتالاتهامات تصيب الكثير منأفرادالجماعة من الذين كانوا يعرفون خبر هذااللقاء، وكانت هذه الاتهاماتوالشبهات تزعزع الثقة فى كثير من الإخوة كماأنها كانت تصيب هؤلاء الإخوةبحالة من الغضب والإحباط، فما أقسىالاتهامات التى لا تكون بلا سند أودليل.
إلا أن الشاهد عاطفالحسينى فى شهادته أمام المحكمة قالإنه اتفق معمرشده السرى الإخوانىعلى حضور الاجتماع وجهزه بالتسجيلاتاللازمة لتسجيلكل شاردة وواردة فىاللقاء، وكنا فى جلسة سابقة قد سمعناالتسجيلات، وبقىأن نعرف من هوالمرشد السرى؟!
الدكتور عمرو عبد الإله البلبيسى، هو أحد الإخوانالفاعلين فى قسمالنقابيين بالإخوان، وعندما بدأ المهندس أبو العلا ماضىفىتشكيل حزبالوسط أواخر عام 1995 انضم عمرو إلى الحزب، وبعد أن احتدمتالخلافات بينأبو العلا والإخوان طلب المستشار الهضيبى من كل الإخوانالذينكانوا قدحرروا توكيلات لوكيل المؤسسين أبو العلا ماضى أن يقوموابإلغائها، فقامعمرو البلبيسى بإلغاء التوكيل فورا، لم يكن البلبيسى وحدههو من فعل ذلكولكن كان معه فى ذلك صلاح عبد المقصود وجمال حشمت وغيرهم،الكل انساق خلفمأمون الهضيبى الذى كان يسوق الجماعة فتنساق له، وفى لقاءجمع أبو العلاماضى بعمرو البلبيسى، بكى البلبيسى أسفًا على إلغاءالتوكيلوقال: لم يكنلى حيلة فى ذلك، فرد عليه أبو العلا ردا قاسيا: يبدو يا دكتورعمرو أنقادة الجماعة قامت بعملية «إخصاء» لأفراد الجماعةالأمر الذى ترتبعليهفقدكم لرجولتكم!
كان الدكتور عمرو البلبيسىقد حضر لقاء النقابيينوانصرف منه قبل القبضعلى الإخوة بعشر دقائق، وكنانعرف هذا الأمر، كانالعجب يلفنا، لماذا لميتم القبض على البلبيسى رغمأنه كان من الحاضرين، بلإن أحد من حضروااللقاء كان قد انصرف هو الآخرإلا أن ضباط أمن الدولةقبضوا عليه قبل أنيركب مترو الأنفاق، وتم تقديمهفى القضية مع باقىالمتهمين، بل إن الدكتورمحمد بشر عضو مكتب الإرشادلم يحضر اللقاء منالأصل ومع ذلك تم القبضعليه! فلماذا تم استثناء عمروالبلبيسى؟! كانت هذهالأفكار تباغتنى وأناأشاهد شريط الفيديو مع باقىالمحامين بجلسة المحكمةالعسكرية، وكان عاطفالحسينى لا يزال يتوقف عندصورة كل متهم ليقومبتعريفه، وفجأة ظهر علىالشاشة صورة عمرو البلبيسىوهو يدخل المكان، ثمظهرت بعد ذلك صورته وهويغادر المكان قبل القبض علىالمتهمين بدقائق، طلباللواء أحمد الأنور رئيسالمحكمة، إيقاف الشريط عندصورة عمرو البلبيسىوقال للشاهد عاطف الحسينى: مَن هذا؟ هل تعرفه؟ هل هومن المتهمين؟ وهنانظرتُ إلى وجه الشاهدالحسينى لأقرأه ثم نظرت إلىوجوه بعض المحامين منالإخوان لأترقب ردفعلهم، وجاءت إجابة عاطف الحسينىمن أغرب ما يمكن.



















تُلحّ علىَّأحيانا الرغبة فى الصمت.. اصمت، اكسر قلمك،إنك لن تصلِحالكون أبدا،سيجهل قومك مقصدك، سيمزقون صورتك، سيتهمونك فىوطنيتك أحياناوفى عقيدتكأحيانا أخرى، كن كباقى أصحابك، امسك العصا منالمنتصف، حاول أنترضىالجميع، ما الذى ستربحه من كشف الحقيقة؟! هل تظن أنالحياة مثلالحدوتةالتى نقصّها على الصغار؟! فى الحدوتة يدور الصراع بينالخيروالشر، بينالحق والباطل، وفى النهاية ينتصر الخير وتعلو راية الحق،ولكنالدنيا غيرذلك، الخير لا ينتصر دائما وراية الباطل تعلو كثيرا، ولكنيهزنى «فعلأمر» يصدر من أعماقى، هو «اكتب، اكتب» الكتابة تسبق القراءة،ولولاها ماقال الله لنا «اقرأ»، يبدأ الإنسان طريق المعرفة بقراءة الكتبثم يرتقىفيقرأ الناس ثم يرتقى فيقرأ الحياة ثم يرتقى فيقرأ الموت ، ولكىنقرأ يجبأن نكتب.

عدد من أعضاء الإخوان كانوا ضباط مباحث ويقدمون للجماعة خدمات كثيرة

بديع حثَّ قيادات الجماعة خلال وجوده فى السجن على الثناء على مبارك ليثبت للجميع أن «الإخوان» لا تعارض من أجل المعارضة
القاعة الكبرى فى المحكمة العسكرية بالهايكستب هى فىالأصل قاعة مسرح،كنا نعيش فى أجوائها وكأننا بالفعل على مسرح تجريبى،نشاهد مسرحية عبثية،يشترك فيها الممثلون والجمهور، يؤدى بعضهم دورهارتجاليا، ويؤدى البعضالآخر دوره المرسوم له من المؤلف العبقرى الذى كادينافس شكسبير فى حبكاتهالدرامية، تقع منصة القضاة على خشبة المسرح،وأمامهم ميكروفونات ليصلصوتهم بوضوح إلى كل الجمهور، يقف المحامون والشهودخلف منصة خاصة بهم أسفلخشبة المسرح، أمامهم هم أيضا ميكروفونات، قفصالمحكمة كئيب متشابكالأسلاك بحيث يصعب عليك أن تتبين بوضوح وجوه الأشخاصالذين يقبعون خلفه،أما القاعة فتتسع لنحو ثلاثمئة شخص، وبجوار منصةالمحامين منضدة مرتفعةوضعوا عليها جهاز تليفزيون كبيرا وجهاز فيديو،وبجوارهما يقف ضابط أمنالدولة عاطف الحسينى، كان العرض المسرحى الذىنشاهده ونشترك فيه هو تسجيلفيديو لمدخل عمارة، الصورة أمامنا جامدة ولكنهاكانت تتحرك كل فترة بدخولأحدهم العمارة.

حين دخل الدكتور عمرو البلبيسى لم ينبس الضابط عاطفالحسينى ببنت شفه،تفحصت وجهه لحظتئذٍ فوجدته جامدا لا يشى بما بداخله، وفىنهايات عرضالشريط خرج عمرو البلبيسى من العمارة فلم يحرك عاطف الحسينىساكنا أو يوقفشريطا، قطع صوت اللواء أحمد الأنور صمت القاعة قائلا: لمتُجب عن سؤالىيا عاطف بك، من هذا؟

رد عاطف الحسينى قائلا: لا أعرفه! فى الغالب هو أحد سكان العمارة ولا علاقة له بتنظيم الإخوان.

كنت أقف بجوار عاطف الحسينى حينما قام بإغلاق شريطالفيديو وصوت الحاجبيخترق آذاننا قائلا: محكمة، معلنا رفع الجلسة، رَبَتَأحد المحامين علىكتفى قائلا: الدكتور بديع يريد أن يتكلم معك.

ذهبت إلى القفص فوجدت عاطف عواد يتحدث مع الدكتور بديعومختار نوح منخارج القفص، وقفت بجوار عاطف صامتا فسألنى الدكتور بديع: منهذا الذى سألعنه رئيس المحكمة؟ هل هو واحد من الإخوان؟

قلت هامسا: نعم هو عمرو البلبيسى.

بديع: الحمد لله أن الضابط لم يتعرف عليه وإلا لكانوا قد قبضوا عليه هو الآخر، ربنا نجاه وأعمى بصرهم وبصيرتهم.

أنا: الحمد لله يا دكتور، ربنا ينجيكم.
بديع: على فكرة، إخوانك فى السجن يحبونك كلهم ويدعون لكبظهر الغيب،ويطلبون منك الأخذ بالأسباب، ولا تيأس إن لم تتحقق النتائجفما علينا إلاالعمل.

أنا: طبعا طبعا يا دكتور، إحنا تلاميذك.

بديع: أنا من سجنى أساعدك قدر المستطاع، وقد أرسلت إلىإخوانك فىالمكتب «مكتب الإرشاد» كى يكتبوا مقالة باسم الحاج مصطفى مشهوروينشروهافى جريدة «الشعب» عن زيارة الرئيس مبارك لبيروت ودعمه لها ولإميللحود بعدالاعتداءات الإسرائيلية لها.

تدخَّل عاطف عواد قائلا: يا ريت تطلب منهم يا دكتوريكتبوها كويس ربنايكرمك، أنا خايف يشتموا فى لبنان أو إميل لحود ويقولواعليه شيعى أودُرزى!

ابتسم الدكتور بديع وهو يقول: لا أنا طلبت منهم يمدحوا مبارك جدًّا، هذه فرصة لنا كى نثبت أننا لا نعارض من أجل المعارضة.

عاطف عواد: هوّ ده الكلام يا دكتور، ربنا يكرمك، ينبغى أن لا نكون عدميين، نحن نعارض الخطأ ونوافق على الصواب.

بعد انتهاء جلسة المحكمة جلست مع أحمد ربيع فى السيارةلمدة ساعةنتداول ما حدث بالجلسة، قلت له وأنا أختبر فراسته: أظن المسألةواضحة.

ضحك بخيبة أمل: للأسف آه.

استرسلت قائلا: هل يُعقل أن يكون عاطف الحسينى بجلالةقدر أهله لا يعرفمَن هو عمرو عبد الإله البلبيسى، عمرو العضو البارز بقسمالمهنيين، عمروالذى كتب توكيلا لحزب الوسط ثم سحبه؟!

قال أحمد وهو يبتسم ابتسامة ساخرة: أزيدك من الشعربيتا، عمرو الذىاستدعاه عاطف الحسينى أكثر من مرة للتحقيق معه فى أنشطةقسم النقابيين!

قلت: إذن هو من قام بالإبلاغ.

أحمد ربيع: قد لا يكون وحده، العصافير تغرد فى سماء الإخوان.

رددت قائلا: هل تشك فى آخرين؟

أحمد ربيع: هل تعرف أن الأخ إسماعيل بكير كان يعرف خبراللقاء وكان منالمفترض أن يذهب مع مختار نوح وخالد بدوى بسيارته إلا أنهاعتذر فىاللحظةالأخيرة مما جعلهما يستعينان بعم محمود سائق التاكسىالمسكين الذىقبضتعليه مباحث أمن الدولة لأيام؟!

أنا: ولكن هذا ليس دليلا على شىء.

أحمد ربيع: نعم ولكن الاحتياط واجب، وخذ بالك أنت تعرفأن بعض أعضاءالإخوان كانوا ضباط مباحث سابقين وهم على صلة قوية بالأمنويقدمون لقياداتالجماعة خدمات كثيرة من خلال علاقتهم بالقيادات الأمنية فىمصر.

أنا: اعقلها وتوكل.

ضحك أحمد ربيع قائلا: هل ستفعل كحسنى مبارك، مبارك قالمرة فى خطبة له «اعقلها وتوكل» وهو يشير إلى رأسه، وكأنه يظن أن اعقلها منإعمال العقل.

بادلته الضحك وأنا أقول: إذن اربطها وتوكل.

يسألنى صديقى دائما، ما الذى كسبته من محاولاتك التىبذلتها كى تصل إلىالحقيقة؟ أظنك خسرت كثيرا.، نعم يا صديقى، خسرت كثيرا،كى أكسب نفسى.

أعود إلى أوراقى التى دونت فيها مذكراتى كى آخذكم خطوةخطوة نحو كشفالمستور، فالقصة لم تبدأ بعد، والحكاية ما زالت فى قلبالحاكى، تضع نفسهاعلى الأوراق على مهل وتؤدة، وها أنا ذا أقرأ قصة «إيكاروس» الذى رامالوصول إلى الحقيقة فأخذ ينشد أهازيجه مترنما:

من رام نبع النور حاك نسيجه

حبلا إلى آفاقه ثم ارتقى

فتسلقوا صوب السماء وشمسها

فلرُبّ طين ٍ قد سما فتسلقا

ظنى أن كل من يحاول الوصول إلى الحقيقة هو «إيكاروس» الجديد، فخلف كل تجربة إنسانية ثرية «إيكاروس» الذى لن يموت ما بقيت الحياة.

الجماعة محضن كالأم، ولكنها يجب أن تتصرف كأم راشدة،الأم الطيبة صاحبةالأمومة الخالصة لا تحرم الوطن من أبنائها، ولا تسيطرعلى قراراتهم،الإخوان أحوج ما يكونون إلى الوطن، يحتاجون إلى الوقوف علىأرضية الوطن لاعلى أرضية الجماعة، هم فى أشد الحاجة إلى حضن الوطن لا حضنالجماعة،فإذاتنكّبوا سبيل الوطنية فيجب أن نأخذ على أيديهم ليعودوا إلىالصفالوطنى،هكذا حدثتنى روحى، وهكذا تحدثت أنا مع محمد منيب، من محمدمنيب؟إذناسمعوا قصته وقصتى، تلك القصة التى أماطت اللثام عن جزء من أسرارجماعةالإخوان المخفية، أو قل أماطت اللثام فى المقام الأول عن نفسية منيعيشعمره أسيرا «تحت التوقيف» فى جماعة الإخوان، أو بالأحرى فى جماعةسريةلاتعرف كيف تمارس الاختلاف فى الرأى بل وتعتبره ذنبا كبيرا،الجماعةالسريةهى جماعة «إلغاء العقول».

محمد منيب المحامى، نقابى شهير، شغل بعد هذه القصةعضوية مجلس نقابةالمحامين متحالفا مع جماعة الإخوان المسلمين، ثم شغلعضوية مجلس الشعبمتحالفا أيضا مع جماعة الإخوان، انخرط منيب فى الأنشطةالسياسية الناصريةوكان متهما فى إحدى القضايا التى حوكم فيها الناصريون فىأوائلالثمانينيات، وبعد خروجه من المعتقل أسهم فى تأسيس حزب الكرامةوأصبح أحدرموزه، وقد ربطتنى به صلة صداقة واحترام متبادَل، فهو رجل مثقفدمثالخلق،يجيد عرض فكرته ويقاتل من أجلها، ولعلكم ستعجبون حين أقول لكمإنمحمدمنيب كان هو مفتاح البداية.

بعد فترة المخاض التى انتهت بخروجى من الجماعة عام 2002والتىاعتبرتُها شهادة ميلاد جديدة لى، حرصت على مقابلة معظم رموز الحركةالوطنية فى مصر، والحديث معهم وإنصات السمع لهم، فالذى أُصيب بالصمم الجزئىبحيث أصبح لا يسمع إلا من اتجاه واحد، يتوق شوقا إلى كل الأصوات من كلالاتجاهات إذا ما انفتحت أذناه على الدنيا، وحين جمعتنى الأقدار بالأستاذمحمد منيب دار بيننا حوار طويل عن التجربة الناصرية والتجربة الإخوانية.

قلت لمنيب: منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أعيش حالةمراجعة فكرية عنالإخوان والحركة الإسلامية وأولوياتها وفهمها، وأظن أننىوصلت من خلال هذهالمراجعاتوالقراءات المتنوعة إلى مرحلة متقدمة، أجدنىالآن أقف على أرضغير أرض الإخوان.

رد منيب مندهشا: مَرْحَى يا صديقى، نحن كذلك فى «الكرامة» فعلنا مثلماتفعل ولعلك تابعت تصريحات حمدين صباحى عن رؤيتهللتجربة الناصرية ونقدهمايتعلق بسلبيات الفترة الناصرية فى ما يتعلقبالحريات.

قلت: أنا الآن أكتب بعض أفكار عن الأفكار التى اختلفتُ معها، أدوِّنها لنفسى.

منيب: ولماذا لا تنشرها؟ أنا أيضا شرعت فى كتابة أفكار عن التجربة الناصرية ما لها وما عليها.

قلت: والله شىء طيب، أنا مستعد للنشر، فمثل هذهالدراسات النقدية يجبأن تخرج للناس، ويكون من الأفضل أن ننشر معا، ليتكتكتب مقالات عن نقدكللتجربة الناصرية، وأظن أن هناك الكثير من الصحف التىسترحب بالنشر لنا.

منيب: سأكتب، تقترح فى أى مكان ننشر.

قلت: أنا متواصل مع كثير من الصحف، وأستطيع الاتفاق مع جريدة «صوت الأمة» على هذا.

منيب: فليكن، اكتب ثم سأكتب أنا بعدك.

عكفت عدة أيام على الكتابة حتى أخرجت ثلاث مقالات، وبعدأن كتبت ذهبتبالمقالات إلى صديقين إخوانيين من أحبابى المقربين من منطقةالزيتون،الأول هو أحد الإخوان الكبار واسمه «محمد البدراوى» وهو أخ لهتاريخ كبيرفى الجماعة إلا أنه كان يحمل فى نفسه العديد من الانتقاداتلتنظيمالإخوانفى عهده الجديد بعد أن وقع فى قبضة القطبيين، والأخ الثانىهوأحد شيوخالإخوان من أصحاب التأثير الكبير على عامة الناس واسمه الشيخ «جابر حمدى» وكان أيضا كثير النقد للجماعة ولكنه لم يصدح بنقده أمامالناس،إذ كانيكتفى بالحديث معنا عن الهُوَّة السحيقة التى وقعت فيهاالجماعة،وأزعمأننى تعلمت الكثير من هذين الأخين وما زلت مدينا بالفضللهما، وإنكانتالأيام والأحداث قد باعدت بينى وبين الشيخ جابر حمدى، كانالأخان، ولايزالان، من أصحاب الحظوة فى نفسى، ولعلنى أفسح لبعض الأسرارالشخصية أنتتحدث عن أحد هذين الأخين وهو الشيخ جابر، حيث كتب الله لىالحج عام 2000وكنت فى رحلة الحج هذه مع فوج لا أعرف فيه أىَّ حاج، وفىمِنى دعوت الله منقلبى صادقا أن يجمعنى لحظة الدعاء بشخص أحبه. ثق أنكفى الحج مستجابالدعوة، فقد كنت أظن أننى أطير ولا أمشى على قدمين من فرطالحالة الوجدانيةالنورانية التى احتوتنى، وسبحان الله، لم أكمل الدعاءحتى رأيت أمامىالشيخ جابر، وكانت مفاجأة لى، إذ لم أكن أعرف أنه يحج هذاالعام!

شغلتُكم كثيرا بالكلام عن بعض جواهر أسرارى، ولكن حديثىهنا له مغزى،وحكايتى لها دلالة، فحينما عرضت على الصديقين أصحاب الفضلعلىَّ المقالاتالتى كتبتها عن خواطرى النقدية للإخوان، رحَّبا بها كثيراوناقشانى فىبعضمعانيها، وأضاف إلىَّ الشيخ جابر بعض أفكارها، وفى نفسالجلسة عرضالأخمحمد البدراوى أن يفتح لى مجالا فى قناة «الجزيرة» وقتهاكانتالوحيدةللمشاركة فى برنامج عن الإخوان ورأْى بعض المنفصلينوالمفصولينفيها وفىمنهجها الفكرى الأخير.

والآن بعد أن مرّ على هذا اللقاء عشر سنوات كاملة، تسكنقلبى الطمأنينةوأنا أتذكر تأثير كلامهما الطيب على نفسى وعقلى: نحن لانبتغى النقدللنقد، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، كان فى قلبى قبل هذااللقاء بعضالشذرات التى تجرح ضميرى، كيف أنتقدهم؟! أليست هذه خيانة للعيشوالملح؟! من أجل «عضم التربة» الذى جمعنا لا تجعل كلماتك تفرقنا.. بلا جدالكنتأشعر بالحرج من أننى سأتعرض للجماعة بالنقد العلنى، ولكن هبطتكلماتهماعلى فؤادى فهدهدت شكوكى، تأصيلهما الفقهى للنقد العلنى للجماعةسكن فىضميرى وأراح فؤادى، قلت لهما قبل أن أنصرف: أنا لا أملك إلا كلمتىسأقولها، والأجر والثواب على الله.

كان صديقى الصحفى الكبير أسامة سلامة رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» وقتها قد قدمنى للأستاذ عادل حمودة فى أثناء قضية النقابيين،والحق أنالأستاذ عادل حمودة رغم خصومته الفكرية مع الإخوان فإنه فتح صحيفة «صوتالأمة» للدفاع عن الدكتور محمد بديع ومختار نوح وإخوانهما المحبوسين،كنتأنا بطبيعة الحال مصدر كل الأخبار التى تم نشرها فى الصحيفة دفاعا عنالإخوان، بل إنه فى أحد الأعداد نشر الأستاذ حمودة رسالة من الإخوانالمحبوسين موجهة إلى الأستاذ رجائى عطية وجعلها العنوان الرئيسى للصفحةالأولى للجريدة، وكانت الرسالة مقصودة فى ذاتها لكى يصل صوت المحبوسينللرأى العام، قال لى الأستاذ عادل: أنا أختلف مع الإخوان جدا ولكننى معحقهم فى الحرية.
عندما أخبرت الأستاذ حمودة بأن لدىَّ سلسلة مقالات عنالإخوان وهىبمثابة دراسة نقدية لهم، رحب بنشرها جميعا، كانت افتتاحيةالمقالة الأولىمشكلة، إذ انتقدتُ فيها المستشار مأمون الهضيبى، وقلت إنهقال فى مناظرتهبمعرض الكتاب فى أوائل التسعينيات فى مواجهة فرج فودة «إنالإخوانيتعبّدون لله بأعمال النظام الخاص قبل الثورة»، وإن كلماته هذهكانت جارحةلمدنيتى وسلميتى، أنتعبد لله بالاغتيالات والتفجيرات؟!! أىُّإسلامهذا؟! وما الذى دعا المستشار الذى يحترم القانون إلى أن يقول قولا لايحترمالقانون؟!

نُشرت المقالة فى جريدة «صوت الأمة»، وكانت بمثابةمفاجأة لكثيرين،أذكر أن المقالة الأولى أثارت حالة من الجدل، ولو عدنا إلىهذه المقالاتلوجدتنى أستشرف فيها مستقبل الجماعة وأكتب أدواءها.

رنّ هاتفى المحمول مساء اليوم التالى لنشر المقال وكانالذى يهاتفنى هوالصديق الصحفى عبد الحفيظ سعد الذى كان يعمل وقتها فى «صوتالأمة».

قال لى عبد الحفيظ: المقال عامل ردود فعل كبيرة يا أبو يحيى، وهناك من أرسل إلينا ردًّا على مقالك.

استفسرت قائلا: مَن الذى أرسل؟

عبد الحفيظ: الأستاذ محمد البدراوى والشيخ جابر حمدى.

قلت: تقصد أنهما أرسلا يؤيدان نقدى أو يختلفان مع بعضه؟

عبد الحفيظ: لا، يردان عليك، يقولان كلاما سيئا فى حقك،سأحضر لك ردهمالأن الأستاذ عادل يريد أن ترد أنت عليهما، ستصاب «بالاستبحس» والذهول ياصديقى عندما تقرأ ردهما.

لم يتلقَّ عبد الحفيظ ردًّا منى فقد كان الصمت حينئذ أبلغ من الكلام.


آهٍ من هؤلاء الذين لا يرون إلا أنفسهم فلا يشعرون بآلامالآخرين،يبصرون ذاتهم فيجزعون من همسة تمسهم فيبطشون بأحبابهم، آهٍ منهموهميشعرون أنهم الشمس وأن أحبابهم هم الكواكب التى ينبغى أن تدور فىفلكهم،تحكى الأسطورة القديمة أنه كان هناك شاب اسمه نرسيس كان مفتونابنفسه، رأىهذا الشاب بحيرة صافية فلم ينتبه إلى جمالها، ولكن أسعده فقطأنه كان يرىوجهه من خلال صفحة ماء البحيرة الصافى التى كانت فى جلاءالمرآة، فكانيذهب إلى البحيرة كل يوم ليتأمل جمال وجهه، كان مفتونا بصورتهذاهلا عماحوله لدرجة أنه لم ينتبه إلى موضع قدميه فسقط فى البحيرة وغرق،وفى المكانالذى سقط فيه نبتت زهرة سُميت نرسيس (نرجس) وعندما مرت الملائكةعلىالبحيرة وجدتها تحولت إلى دموع، لم يدهشهن هذا فلا بد أن البحيرة حزنتكثيرا على نرسيس الجميل الذى كان يأتى إليها كل يوم، ولكن البحيرة قالتللملائكة إنها لم تلاحظ أبدا أن نرسيس جميل لأنها كانت دائما مشغولة عندماينحنى على ضفافها بتأمل جمال صفحتها فى عينيه. لم أتحدث من قبل عن الشيخجابر حمدى ومنزلته فى قلبى، وأظنه يجهل هذهالمنزلة لأنه لم ينظر إلى قلبىقط، وعلى قدر حبك لصديقك يكون مقدار ألمك،فما بالك عندما تكون الضربةالموجعة من صديقين هما الأقرب إلى قلبى، محمدالبدراوى وجابر حمدى... قاللى عاطف عواد ذات يوم: لقد قدَّمتَ لهما الكثير،فقلت له: إنما كنت أقدملنفسى عند الله.
عندما زارنى صديقى الصحفى عبد الحفيظ سعد أعطانى صورة من رد جابر حمدىومحمد البدراوى على مقالى الأول، طويته ولم أرغب فى قراءته أمامه.
سألنى: أفلا تقرؤه؟
قلت باقتضاب: ليس الآن.
عبد الحفيظ: الأستاذ عادل منتظر تعقيبك على ردهما.
مستمرا فى اقتضابى: لن أرد.
عبد الحفيظ مندهشا: لماذا يا أبو يحيى، ردهما فيه إساءة إليك؟!
قلت بلا مبالاة مصطنعة: فليكن، أحب أن أحصل على حقى فى يوم أعظم من أيامالدنيا، ليتكم تنشرون ردهما كاملا، وسيظل العمود المواجه لردهما شاغرا لايحير جوابا.
ظل الرد مطويا عندى ليوم لم أفضّه أو ألمسه، وكأن الزمن توقف عندى ولميتحرك، أو كأن الدنيا تجمدت عند هذه الورقة، ألا يتحرك الزمن؟! ألا لعنةالله على الذاكرة، قد تنسى الإساءة وتغفر لأحبابك ولكنك لن تنسى الألمأبدا.
قرأت الرد، انغرست كلماته فى ذاكرتى، كانت الكلمات حادة قاسية غاضبة لامشاعر فيها، وكأنها حجارة تدحرجت على رأسى من فوق جبل صخرى... أسلوبالكتابةكان للشيخ جابر حمدى، هكذا هى لغته عندما يكون غاضبا، أما محمدالبدراوىفلا يغلق الأبواب أبدا فى وجه أحد، قد يفتحها على مصراعيها، وقديواربها.
«... ما الجهة التى دفعتك لكتابة هذا المقال... ما سردته فى مقالك يصبفىمصلحة أعداء الإسلام... أفكارك هى أفكار من ظلوا يحاربون الإخوان لحاجةفىأنفسهم.. نقدك غير صحيح وقد حركه الهوى والغل وأنت تتجنّى على إخوانكأصحابالفضل عليك، ما نسبته إلى أخينا الكبير المستشار محمد المأمونالهضيبى محضكذب... توقيع محمد حسنين البدراوى، جابر محمد حمدى».
غالبت دموعى وأنا أقرأ الرد، أقنعت نفسى أنه لا يهمّ أن يكون هذا هوسلوك الأصدقاء، المهم هو أن يكون سلوكك معبرا عن قيمتك، أنت تمارس قناعاتكأنت، فدعهم يمارسون طموحاتهم.
ولكن يبدو أن هناك أشياء لا أعرفها حدثت فألزمتهم بهذا الرد المؤلم! مأساة أن تكون مكبَّلا لا تستطيع أن تعبر عن رأيك، مأساة أن يكون قراركوفكرك مرهونا عند آخرين يملكون إرغامك على الصمت وإرغامك على الكلام... بئستالعبودية التى جعلت بعضنا مسوخا مشوهة.
كانت إرهاصات هذا الرد مفصحة عن نفسها قبل ساعات من نشر مقالى فى «صوتالأمة»، فقد كنت أحضر عزاء والد زوجة الشيخ جابر حمدى، وعندما سلمت عليهمعزيا همس فى أذنى: لا تنشر المقالات، اسحبها فورا.
قلت له: قُضى الأمر الذى فيه تستفتيان، الجريدة خرجت من المطبعة وبعد ساعتين ستكون عند الباعة، ولكن لماذا أسحب المقال؟
زَمّ جابر شفتيه ثم قال: غيَّرت رأيى، لا أوافقك على النقد العلنى.
قلت مندهشا: ولكننى لم أغير رأيى، هذا مقالى وليس مقالك، هذه أفكارىاستقيتها من تجربتى ومن تجارب الآخرين وأنت واحد من هؤلاء الذين كوّنت جزءامن رأيى من خلالهم.
أومأ جابر برأسه مبديا امتعاضه فأوجست خيفة، يبدو أن التاريخ ما فتئ يعيد عبارة قيصر: حتى أنت يا بروتس.
بعد أن قرأت الرد غمرتنى حالة من السكينة وكأننى أسبح فى بحر اليقين، كلالدنيا تتهاوى أمام اليقين، وما رحلتى فى جماعة الإخوان إلا خطوات مشيتهاللبحث عن الحقيقة، ما الإخوان؟ ما الدنيا؟ ما الزمن؟ ما الحق؟ دار فىضميرىأننا فى حياتنا الدنيا نسير فى رحلة اليقين، نصعد فى مدارجه، من علماليقين، إلى عين اليقين، إلى حق اليقين، وإذا بنا من نور اليقين، وأيننحنمن نور اليقين!
سمعت مفكرا كبيرا يقول: إن الحاضر لا زمن له، تأملت هذه الكلمة وأناأسترجع الأحداث الرهيبة التى مرت بى وأنا فى جماعة الإخوان أو تلك التى مرتبى بعد أن تركتها، الحاضر لا زمن له، كلمة تستحق التأمل، هل يستطيع أحدناأن يضبط الوقت الحاضر ويحبسه حتى لا يمر؟! نعم نحن نشاهده ونشعر به ولكنهفى عمر اللحظة لا شىء، ولكن وحده القلم هو الذى يستطيع أن يستدعى الماضىويجعله حاضرا، تظل الكلمة مكتوبة فيظل الحاضر قائما.
ولكن ما جدوى أن يظل الحاضر قائما، أليس هذا مدعاة لأن يتكرر الألم، لأنيتكرر الألم أفضل من أن تضيع التجربة، فالتجربة هى إضافة ثرية تستفيدمنهاالبشرية، والألم هو نغزة فى قلب واحد من البشر، والبشرية أبقى منالبشر،وفى لحظات الألم يستدعى الإنسان من يخفف عنه ألمه، يبث لهم شجونه،خفت أنأحكى ما حدث من «الصديقين» لصديقى أحمد ربيع الذى كان رفيقا لى فىرحلة «التصحيح الإخوانية» فالله أعلم بما يدور فى كواليس الإخوان الخفية،وسبحانالله مقلِّب القلوب، ولكننى جلست مع صديقين آخرين لا علاقة لهمابالإخوانأحكى لهما وأنزف لهما ألمى.
الصديق الأول هو «السيد على حامد» وهو من الشخصيات النادرة التى قلّماتقابلها فى حياتك، فهو شخصية مسالمة راضية قنوعة هادئة متصالحة مع ذاتها،لا يحب المعارك ولا الخصومة، وقد كان رفيق رحلة عمر، قضينا فى مكتب المرحوممحمد علوان سنوات، ووقعّنا معا على استمارة عضوية بحزب الوفد عندما طلبمنا فؤاد باشا سراج الدين ذلك، جمعتنا الأيام والأحداث فلم نفترق منذ أنتعارفنا، وهو مع قناعته وصل إلى أعلى المناصب فى قطاع البنوك.
طَيّب «سيد حامد» خاطرى وهدهد ألمى وأخذ يضاحكنى ويذكّرنى بمرافعة مضحكةترافعها أحد الزملاء المحامين فى قضية إعلام وراثة وكأنها جناية ***،وطلبمنى أن ألتمس العذر لأصدقائى فلعلهم أُرغموا على ذلك.
الصديق الثانى الذى رويت له ما حدث هو عاطف عواد الذى تعرفونه والذى تركالإخوان قبلى، وقد أبدى عاطف أسفه مما حدث وقال لى: لقد رفعنا بعضهم فوقأكتافنا فلم نشمّ منهم إلا رائحة أحذيتهم الكريهة، ثم دعانى عاطف إلى حضوراجتماع مهم فى مكتب المحامى عصام سلطان بشارع قصر العينى.
حين حضرت الاجتماع كنت مشتت الذهن، لم أنتبه إلى تفصيلات الحوار وإن كنتقد عرفت مضمونه، كان الموضوع هو البحث عن صيغة تجتمع حولها قوى المعارضةلمواجهة مبارك ومسلسل التوريث، وقت هذا الاجتماع لم تكن «حركة كفاية» قدنشأت بعد، ويبدو أن هذا الاجتماع كان من إرهاصات «كفاية» كان الحاضرون هم: الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، والكاتب الصحفى جمال فهمى عضو مجلس نقابةالصحفيين، وعاطف عواد، وعصام سلطان، والمحامى الناصرى المثقف ياسر فتحى.
فى نهاية الاجتماع قال لى إبراهيم عيسى قبل أن ينصرف من اللقاء: أناعرفت من عاطف وعصام إن بعض أصحابك أرسلوا ردا على مقالك لـ«صوت الأمة»،ماذا ستفعل هل سترد عليهما؟
قلت وأنا أصطنع ابتسامة: لا لن أرد.
إبراهيم عيسى ضاحكا: طول عمرى وأنا أقول إن هذه الجماعة هى عبارة عن جسدديناصور وعقل عصفور، إذا حدث جديد أخبرنى فهذه الجماعة تمارس الأكشنوالإثارة.
وفى نفس اليوم هاتفنى عبد الحفيظ سعد: أنا مش قادر أفهم الناس دى.
أنا: خير، حصل إيه تانى؟
عبد الحفيظ: ألغازهم باتت غير مفهومة.
قلت له مستفهما: هل من جديد؟
عبد الحفيظ: أرسل صاحبك محمد البدراوى محاميا إخوانيا مفوَّضًا منه ومنالجماعة يطلب سحب رده هو وجابر حمدى وعدم نشره، وأعطانا بدلا منه ردًّا منالمستشار مأمون الهضيبى، وسآتى إليك برد الهضيبى لعلك ترد عليه.
أمامى ساعات ويجب أن أعقّب فيها على رد مأمون الهضيبى، ولكن رد الهضيبىأثار علامة استفهام كبرى فى خاطرى، الرجل يكذب، نعم مأمون الهضيبى كذاب،كذاب، يبدو أن مقدمة مقالى هى التى أوجعته فاضطر إلى الكذب وكأنه يدارىسوأته فطفق يخصف عليها من ورق بعض الكتب.
كنت قد كتبت فى مقدمة مقالى: صدمتنى عبارة قالها المستشار مأمون الهضيبىفى مناظرته بمعرض الكتاب عام 1992 فى مواجهة فرج فودة: «نحن نتعبد للهبأعمال النظام الخاص للإخوان المسلمين قبل الثورة».
كانت هذه العبارة فى مقالى هى موضع رد المستشار الهضيبى حيث قال: إن الكاتب لم يكن صادقا حين نسب هذه العبارة إلىّ.
استشهد الهضيبى فى رده بتفريغ المناظرة الذى قامت به هيئة الكتاب، حيثوضعت المناظرة كلها فى كتاب نشرته وطرحته فى الأسواق، وقال إن تفريغ هيئةالكتاب لم يَرِد به هذه العبارة مما يدل على أن الكاتب غير صادق، دار رأسىمن هذا الرد، فأنا أثق بذاكرتى خصوصا أن هذه العبارة تركت أثرا عميقا فىنفسى بل كانت بداية لبحثى عن «الحقيقة»، هذه العبارة بالذات هى التى فتحتلى حوارا مع أسامة الغزاوى وهو أحد الإخوان من منطقة الزيتون الذى قصَّعلىَّ لماذا تذلف الهضيبى للنظام الخاص ورجاله، كانت قصته معهم مثل قصة «تاييس» التى كتبها الروائى الفرنسى «أناتول فرانس» عن تاييس والراهببافنوس.. ذهب بافنوس إلى تاييس كى يسحبها إلى دائرة الإيمان فخرج هو مندائرة الإيمان، فهل يُعقل أن تكون هذه العبارة قد اختفت عند تفريغ المناظرةفى كتاب؟ هل كانت سقطة لسان من الهضيبى فخاف أن يمسكها الناس عليه؟ ولكنمن الذى حذفها؟! هل الإخوان يسيطرون على الهيئة المصرية للكتاب دون أنيدرىأحد؟! كان لا بد أن يكون ردى موثَّقا فقضيت يومى أبحث عن أحد يكون قدسجلالمناظرة، سألت صديقى الصحفى أسامة سلامة الذى سأل بدوره الكاتبالصحفىحلمى النمنم الذى يهتم بالتأريخ إلا أن الرد جاء محمولا بخيبةالأمل، تذكّرحلمى النمنم أن الهضيبى قال هذه العبارة إلا أنه لم يجدتسجيلا للمناظرة!
وكان من حظى أن عثرت عند عاطف عواد على تسجيل كاسيت، وشريط فيديوللمناظرة، ولكن المدهش أن هذه العبارة لم تكن موجودة فى الشريطين، لاالكاسيت ولا الفيديو، هل تبخرت؟! هل أنا أحد أفراد فيلم «المنسى» لجوليانمور «forgotten» حيث قامت كائنات فضائية بمحو ذاكرة البشر ولكنها فشلت فىأن تمحو طفلا صغيرا قامت باختطافه من ذاكرة أمه، قامت الكائنات الفضائيةبمحو كل شىء يدل على وجود هذا الطفل إلا أن قلب الأم ظل حافظا له حتى إنالناس اتهموها بالجنون، فيلم «المنسى» الإخوانى لا يبتعد كثيرا عن فيلمجوليان مور، فقد قامت كائنات إخوانية بمحو كل شىء يدل على أن الهضيبى قالفى معرض الكتاب عام 1992: إن الإخوان يتعبّدون لله بأعمال النظام الخاص قبلالثورة! ولكن قلبى ظل متذكرا هذه العبارة التى كانت صادمة لى كما وصفتهافى مقالى.
نسى الكل هذه العبارة إلا صديقى المهندس أحمد حامد، لم تكن لأحمد حامدعلاقة تنظيمية بالإخوان، إذ كان أحد نشطاء حزب الوسط، وكان من المتفاعلينمع أنشطة الحزب، بل كان مسؤولا فى فترة من الفترات عن تنظيم بعض فاعلياتالحزب، وفى ذات الوقت كان من النشطاء فى جمعية «مصر للثقافة والحوار» وهوأحد التلاميذ المقربين للدكتور محمد سليم العوا، حيث كان يحضر كل محاضراتهوندواته، وبحكم صداقته لى ولمجموعة من الأصدقاء المقربين منى، وفى نفساليوم الذى كنت أبحث فيه عن تسجيل كامل للمناظرة جلست مع أصدقائنا فى مقهىقريب من جمعية «مصر للثقافة والحوار»، استمع أحمد حامد إلى كلماتى الساخطةالمندهشة، ثم غاب عنا برهة، وكانت مفاجأة بمعنى الكلمة حين عاد وهو يحملمعه شريط فيديو للمناظرة، كان أحمد قد غافلنا وذهب إلى قريب له يسكنبالجوار وحصل من أحد أقاربه من كبار الإخوان على نسخة من الشريط الأصلىللمناظرة.
بعد نصف ساعة كنا نجلس عاطف عواد وأحمد حامد وأنا فى بيتى نشاهد الشريط، وحين وصلنا إلى الجزء الذى تحدث فيه الهضيبى كانت المفاجأة.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-08-2012, 09:58 AM
قرشم قرشم غير متواجد حالياً
عضو قدير
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 424
معدل تقييم المستوى: 16
قرشم is on a distinguished road
افتراضي

كرهت الاخوان بسبب معلمى الاخوان

لانهم بيعلموا الاولاد السلبية ومنتظرين قرار من فوق وانهم الفئة الوحيدة فى الدولة اللى بتتحرك بامر من سلطة عليا

وليسوا كالمعلمين الشرفاء يسعون الى حياة كريمة لاولادهم ولنفسهم

يعنى يضيع كرامة نفسه ورزق اولاده علشان مستنى قرار مش سلطة عليا

نحن لسنا قلة وسوف يعرف معلمى الاخوان ان فى معلمين شرفاء وهيجبوا حقهم

ومش منتظرين من معلمى الاخوان اى تحرك معانا خليكم نايمين زى ايام الثورة

انتم مش بتنزلوا ثورة الى تانى يوم هههههههههههههههههههههههه
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:49 AM.