عبقرينومان
22-01-2009, 10:04 AM
بعد ثلاثة أسابيع من العدوان الإسرائيلي على غزة ، انفضح المستور حول الأهداف الحقيقية من وراء تلك الهجمة الصهيونية على الأبرياء والمدنيين ، حيث تأكد بما لايدع مجالا للشك أن العدوان لم يكن يستهدف حماس بالأساس وإنما حصار العالم العربي برا وبحرا وجوا ، بجانب تهيئة الأجواء لضرب إيران .
ففي 16 يناير ، وقعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ونظيرتها الأمريكية كونداليزا رايس اتفاقا مشبوها في واشنطن ينص على فرض مراقبة صارمة على مداخل قطاع غزة البرية والبحرية والجوية بمشاركة حلف الناتو وقوى إقليمية بحيث تنتشر هذه المراقبة لتشمل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وخليج عدن والخليج العربي وكذلك سيناء المصرية.
كما تضمن الاتفاق تعهد واشنطن لإسرائيل بإقامة جهاز مراقبة واسع لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ومراقبة معابرها ، وتزويدها بأجهزة متطورة لاكتشاف الأنفاق ، بجانب تدريب قوات محلية في المنطقة على كيفية مواجهة تهريب السلاح إلى غزة.
وبالنظر إلى أن الترتيبات السابقة تتعامل مع غزة وكأنها قوة عظمى وليست مساحة صغيرة واقعة تحت الاحتلال الصهيوني ، فقد تنبه كثيرون من دول المنطقة لحقيقة أن العدوان على غزة لم يكن فقط بهدف استعادة قوة الردع الإسرائيلية منذ الهزيمة القاسية التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في حرب تموز 2006 أو لتأديب حماس وردعها عن إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية الجنوبية وإنما له أهداف خفية أخرى تتلخص في حصار العالم العربي وإرهابه للقبول بالتسوية التي أعدت لتصفية القضية الفلسطينية سواء كان ذلك عبر القبول بدولة فلسطينية بدون القدس الشرقية المحتلة وغير قابلة للحياة أو عبر المخطط الذي كشف عنها جون بولتون المندوب الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة والذي يهدف لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وإلقاء مسئولية القطاع على مصر والضفة على الأردن كما كان الحال قبل هزيمة 5 يونيو 1967 .
مصر تحركت سريعا لإحباط الاتفاق السابق ، لأنه من ناحية يورطها في ترتيبات أمنية إقليمية جديدة تهدف فقط لخدمة مصالح إسرائيل وتهدد أمنها القومي بصفة خاصة والأمن القومي العربي بصفة عامة ، بجانب أنه يعد تجاوزا لمبادرتها لوقف العدوان ، حيث أعلنت مصادر حكومية إسرائيلية فور توقيعه بأن إسرائيل ستعلن وقفا لإطلاق النار من جانب واحد وكأن المبادرة المصرية لم تكن موجودة من الأساس ، أو أنها لم تحقق لإسرائيل ما كانت تسعى إليه عبر الحصول على انتصار دبلوماسي يغطي على إخفاقها العسكري الواضح .
التحرك المصري جاء عبر عدة خطوات كان أولها الدعوة لقمة إقليمية ودولية تشاورية تضم كلا من رئيس السلطة الفلسطينية وملك الأردن والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية والأمين العام للأمم المتحدة ، لتوصيل رسالة لهم مفادها أن إسرائيل تجاوزت المبادرة المصرية وقرار مجلس الأمن 1860 وتخطط لإبقاء الوضع مشتعلا في
غزة والمنطقة برمتها عبر الحديث عن إطلاق النار من جانب واحد وعدم التطرق لمسألة الانسحاب الفوري ، بالإضافة لتأكيد أن العدوان على غزة لم يكن كما هو معلن بهدف وقف إطلاق الصورايخ وإنما بهدف وضع ترتيبات أمنية جديدة تضر بدول المنطقة برمتها ومصر لن تكون جزءا من هذا المخطط ، وهذا ما عبر عنه بوضوح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عندما أكد في 17 يناير أن مصر غير ملزمة بهذا الاتفاق ، كما أكد الرئيس المصري حسني مبارك بعد ذلك بساعات قليلة أن مصر لن تقبل أبدا بنشر قوات دولية على الحدود مع غزة واعتبر هذا الأمر خطا أحمر.
ورغم أن الموقف المصري وجهت له انتقادات كثيرة منذ بدء العدوان لأنه لم يقم بما هو معتاد من مصر في الأزمات العربية المختلفة ، إلا أن هذا التحرك السريع اعتبر خطوة على الطريق الصحيح ، كما أن تصريحات الرئيس مبارك أزالت كثيرا من سوء الفهم حول هذا الموقف ، حيث طالب إسرائيل بوقف غير مشروط لإطلاق النار وسحب كل القوات الإسرائيلية تماما من القطاع ، وتوجه إلى اسرائيل بالقول :"العدوان لا يوقف المقاومة ولا يحقق أمن الإسرائيليين ، بل يعمق مشاعر الغضب والكراهية عن الفلسطينيين ويقطع الطريق إلى السلام ".
وحول المعابر، قال مبارك إنه يدعو إسرائيل إلى فتح كافة المعابر ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن معبر رفح سيظل مفتوحا أمام المساعدات الإنسانية ونقل الجرحى، إلى حين يعاد افتتاحه بشكل كامل بموجب اتفاقية المعابر التي وقعت العام 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.
http://www.moheet.com/image/63/225-300/636893.jpg
واستعرض جهود مصر في القضية الفلسطينية ، قائلا:" كنا مع أبو عمار في نضاله من أجل شعبه وأخرجناه من حصاره في لبنان وكنا معه في مؤتمر مدريد ، دعمناه كرئيس للسلطة الفلسطينية ، صاحبته مصر في عودته لغزة بعد اتفاقيات أوسلو 1993 ، رفضنا تشجيعه على قبول تسوية ظالمة في كامب ديفيد عام 2000 ، كنا معه في الانتفاضة الأولى والثانية ومع أبو مازن في جهوده من أجل دولة فلسطينية".
وتابع " مصر احتضنت شعب وقضية فلسطين بمواقف واضحة وبدون أي غرض ، دعونا أن يكون قرار أبناء فسلطين بأيدهم ، وأن تقف المقاومة وراء المفاوض تشد أزره وتدافع عن قضيته".
واستطرد مبارك ، قائلا :" تحسبت مصر من تبعات عدم تمديد التهدئة وأن إسرائيل تتخذ منها ذريعة للعدوان ، طالبنا بأقصى درجات ضبط النفس ، فعندما وقع العدوان على غزة ، كانت مواقفنا الإدانة والتحرك عمليا باتجاه وقف العدوان ، طرحنا المبادرة الوحيدة للخروج من الأزمة وسعينا إلى انجاحها ، طرحت مصر هذه المبادرة في غياب أي مبادرة أخرى لوقف نزيف الدماء ومواجهة مماطلة مجلس الأمن ، ورغم اعتماد قرار مجلس الأمن فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية تواصلت بقطاع غزة المحتل".
واختتم مبارك تصريحاته مؤكدا التزام مصر تجاه الحوار الفلسطيني - الفلسطيني وحرص مصر على إنهاء الانقسام الفلسطيني ووحدة العرب دون التفات إلى "المزايدات والصغائر".
والخلاصة أن الأهداف الحقيقية للعدوان انفضحت وتهدف لتغيير الخارطة الأمنية للمنطقة برمتها ، عبر قيام الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا بمراقبة وتفتيش السفن التي تعبر في كل المسطحات المائية التي تمر بالعالم العربي ، وبالتالي حصار دوله وانتهاك سيادتها وتهديدها بعدوان مماثل لما جرى في غزة إن لم تذعن لإسرائيل ، وهذا ما أدركته مصر وكلنا أمل أن يتناسى العرب خلافاتهم الثانوية والانتباه لما يحاك من مؤامرات ضدهم ، وهنا لامناص أمام العرب من خيار سوى تقوية التعاون مع إيران وتركيا والبعد عن الحديث الطائفي بين سنة وشيعة ، فهذا لايخدم سوى مخططات أمريكا وإسرائيل في المنطقة
نقلا عن موقع محيط العربي
اعجبتني فاردت ان يعرف الجميع هذه الحقائق لان موقع محيط ليس محنيذ لجهة ومحايد تماما
mR . mOstafa Fathi
22-01-2009, 10:21 AM
بس على فكرة هما عملو اللى عايزينه بردو
شكرا ً على الحقائق يا استاذ اشرف
aly almasry
22-01-2009, 11:07 AM
مصر وحماس.. طبيعة العلاقة ومسارها (1-2)
http://www.aljazeera.net/mritems/images/2009/1/15/1_886182_1_34.jpg
محسن محمد صالح (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B4CB7A98-CB61-44C3-A2AE-465AEC8EAC13.htm#0)
[/URL]
(http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B4CB7A98-CB61-44C3-A2AE-465AEC8EAC13.htm#2)
تفرض روابط العروبة والإسلام واللغة والتاريخ والجغرافيا نفسها فرضاً عندما يتم الحديث عن مصر وفلسطين. وتدرك مصر أن أمنها القومي مرتبط بسلامة جناحها الشرقي في فلسطين.
في فهم الدور المصري
وبالنظر إلى الإمكانات البشرية والمادية والقيادية لمصر في العالم العربي، فقد مارست منذ إنشاء الجامعة العربية سنة 1945 دوراً "أبوياً" ومهيمناً في الشأن الفلسطيني، وهي التي تولت قيادة الجيوش العربية في المعارك مع "إسرائيل"، وكانت الداعم الرئيسي لإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، ولحصولها على صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
صحيح أنه قد تمّ تحييد مصر إلى حد كبير عندما وقّعت اتفاقات كامب ديفد مع "إسرائيل" في سبتمبر/أيلول 1978، وصحيح أن أداء النظام المصري قد شابه الكثير من الارتباك والتراجع خصوصاً في السنوات الماضية. ولم يستثمر النظام ما لديه من أوراق بشكل فعال سواء في أداء الدور القومي المرتجى أو في ممارسة الضغوط باتجاه انتزاع الحقوق الفلسطينية. غير أنه، وبالرغم من كل ذلك، ظل لمصر ثقلها الذي لا يمكن تجاوزه.
ومهماً يكن الخلاف بين مصر وأي من الفصائل الفلسطينية، فإن مصر لا تقطع "شعرة معاوية" مع الفصائل الفاعلة على الساحة، لأنها عند ذلك ستخسر دورها "الأبوي" وستخسر قدرتها على الإمساك بخيوط وتشابكات الوضع الفلسطيني.
وعندما يتعلق الأمر بطرفين يتنازعان الساحة الفلسطينية، فمن الصعب على مصر أن تتنازل عن "صافرة الحكم". وقد ترفع البطاقة الصفراء أو الحمراء لهذا الفريق أو ذاك، لكنها لا ترضى إلا أن تكون في وضع يجعل الجميع يقبلها (أحبوا أم كرهوا) كحكمٍ أو راعٍ.
أما عندما يتعاظم دور مصر فقد تتجاوز الإمساك بالصافرة، إلى محاولة تحديد شروط اللعبة ومواصفات المشاركين و"تأديب المشاغبين" وقد سبق لها أن وجهت "دروساً" في ذلك للحاج أمين وللشقيري بل ولعرفات نفسه.
التعامل مع حماس
"
النظام المصري يتعامل بحساسية شديدة مع الحركات الإسلامية، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالإخوان المسلمين الذين يمثلون المعارضة الأقوى، والوريث المحتمل للنظام، والذين تعترف حماس بالانتماء إلى جماعتهم
"تعامل نظام الحكم في مصر مع حماس على أساس مخاوفه المعتادة من الإسلاميين، وخشيته من أن نجاح نموذج حماس قد يؤثر على وضعه الداخلي من حيث تقوية الإخوان المسلمين في مصر، أو من حيث إضعاف المسارين اللذين يتبناهما (المسار العلماني الموالي للغرب ومسار التسوية).
وعلى هذا فقد كان صعود حماس واتساع شعبيتها وفوزها وتشكيلها للحكومة أمراً غير مرغوب. لكن مقتضيات العمل المصري في الساحة الفلسطينية جعلت نظام الحكم في مصر يتجنب الدخول في أي صراع مكشوف مع حماس.
وفي الوقت نفسه، سعت السلطات المصرية بشكل منهجي حذر لمحاولة ضبط إيقاع عمل الحركة، بحيث لا يؤثر سلباً على مسار التسوية وسلطة الحكم الذاتي، كما سعت لإبقاء هامش من العلاقة يُمكّنُ من التأثير على حماس، بل وربما تطوير هذا التأثير إلى شكل من أشكال الاستيعاب و"الترويض".
لكن يكمن التعارض بين حماس ونظام الحكم في مصر في أمرين أساسيين، الأول: أن حماس حركة إسلامية، والثاني: أنها حركة مقاومة. وهما أمران مرتبطان بجوهر تكوين حماس، إذ إن اسم حماس الرسمي هو "حركة المقاومة الإسلامية".
النظام المصري يتعامل بحساسية شديدة مع الحركات الإسلامية، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالإخوان المسلمين الذين يمثلون المعارضة الأقوى، والوريث المحتمل للنظام، والذين تعترف حماس بالانتماء إلى جماعتهم.
ويحاول النظام المصري أن يقدم نموذجاً علمانياً ليبرالياً في الوقت الذي يهاجم فيه التيارات الأصولية التي يتهمها بالتطرف وبخدمة المشروع الإيراني في المنطقة.
ومن جهة أخرى فإن مصر اختارت مسار التسوية والسلام مع "إسرائيل" وتدعم القوى الفلسطينية التي اختطّت مسارأ مماثلاً، وترى أن العمل المقاوم في هذه المرحلة لا يخدم الواقعية السياسية، ولا يفهم حقيقة موازين القوى على الأرض، والتي تقتضي العمل من خلال الوسائل الدبلوماسية لانتزاع جانب من الحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة والقطاع.http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B4CB7A98-CB61-44C3-A2AE-465AEC8EAC13.htm#4)
[U]مدركات حماس وسياساتها
تدرك حماس هذين التعارضين وتحاول إن تطمئن النظام المصري أن عملها الإسلامي منصبٌّ على شعب فلسطين، وأنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية، وهو ما أثبتته في السنوات الـ21 الماضية.
كما تحاول أن تؤكد أن مشروعها المقاوم مستقل ومركز في الداخل الفلسطيني، وأنه تعبير عن رغبة وإرادة قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، وهو ما أثبتته الانتخابات الحرة النزيهة، وأنه ينبغي أن يُنظر لفعلها المقاوم كورقة ضغط لانتزاع الحقوق الفلسطينية وليس العكس.
وتدرك حماس أن مصر تمثل البوابة الرسمية للوصول إلى الشرعية العربية، وأنها مدخل مهم لاكتساب الشرعية في العالم الإسلامي ودول العالم الثالث.
كما تدرك حماس خطورة استعداء مصر لكونها المتنفس الوحيد لقطاع غزة، وبسبب تشابك علاقاتها ونفوذها. وتدرك حماس أنه مهما كان الخلاف مع النظام المصري مستحكماً، فإن مصر بإمكاناتها المادية والبشرية الهائلة وبانتمائها العربي والإسلامي تظل ذخراً لفلسطين ولقضيتها.
تميزت حماس بالكثير من المرونة والديناميكية، وسعت إلى توظيف العديد من نقاط التقاطع لطمأنة النظام المصري، وإظهار روح المسؤولية تجاه المصالح الوطنية الفلسطينية والمصرية. لكنها كانت تتصرف باستقلالية تامة، عندما يتعلق الأمر بهويتها الإسلامية أو بالمقاومة، أو عندما ترى أن النظام أخذ يمارس الضغط عليها لصالح مسارات لا تؤمن بها كمسارات التسوية، أو عمل ترتيبات تنتقص من حقوقها في الساحة الفلسطينية.
مسار العلاقة
كانت أول رعاية مصرية لمباحثات بين فتح وحماس في ديسمبر/كانون الأول 1995، عندما كانت السلطة الفلسطينية على مشارف الانتخابات، وقد تحقق هدف أساسي لهذه المباحثات عندما تعهدت حماس بعدم التسبب في تعطيل انتخابات رئاسة سلطة الحكم الذاتي والمجلس التشريعي ولكنها قررت في الوقت نفسه مقاطعتها.
وعندما انتقمت حماس لاغتيال الشهيد يحيى عياش بسلسلة عمليات هزت "إسرائيل"، استضافت مصر مؤتمر شرم الشيخ لمكافحة الإرهاب في أبريل/نيسان 1996، الذي شاركت فيه العديد من القوى الإقليمية والدولية، ودعمت الإجراءات القاسية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية بحق حماس وعناصرها بما في ذلك ضرب تنظيمها، ومطاردة خلاياها العسكرية، وإغلاق مؤسساتها، وتشويه صورتها.
وعندما تم تحجيم حماس ووضعها "تحت السيطرة" في السنوات الأربع التالية، لم يشغل النظام المصري نفسه بها. غير أنه عندما انطلقت انتفاضة الأقصى، وأصبح واضحاً أن حماس تقود العمل المقاوم، فضلاً عن استرجاعها زخمها وشعبيتها، وعدم قدرة السلطة على السير في مسار التسوية أو وقف الانتفاضة دون موافقة حماس (أعلنت رئاسة السلطة وقف الانتفاضة عدة مرات في الأشهر التسعة الأولى للانتفاضة دونما فائدة)، فقد ظهرت الحاجة لضبط وتوجيه مسار العمل الوطني الفلسطيني. http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif
ولذلك عاد الدور المصري للبروز ورعاية مباحثات فتح وحماس في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، ويناير/كانون الثاني 2003، وديسمبر/كانون الأول 2003. وتكللت الجهود المصرية في مباحثات مارس/آذر 2005 عندما عقدت فتح وحماس وباقي التنظيمات الفلسطينية اتفاق القاهرة الذي وضع أسس العمل الفلسطيني المرحلي، وأكد على التهدئة حتى نهاية 2005 وعلى توفير المناخات المناسبة للانتخابات البلدية والتشريعية.
وهكذا أُسدل الستار عملياً على انتفاضة الأقصى، وأُتيح المجال للرئيس الجديد المنتخب محمود عباس لأخذ زمام المبادرة في ترتيب البيت الفلسطيني في الضفة والقطاع. وكان هذا ما يريده الرئيس عباس، أما باقي النقاط وخصوصاً ما يتعلق بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها، فلم تكن هناك أية جدية من قيادة فتح لتنفيذها، كما لم تكن هناك أية ضغوط من مصر تجاه تحقيقها.
كان من المتوقع مصرياً وعربياً وعالمياً أن تحقق الانتخابات انتصاراً لفتح يعطيها شرعية شعبية، ويضع حماس والآخرين في وضع الأقلية التي عليها أن تحترم رأي الأغلبية، التي وعدت قيادتها (الرئيس عباس) باستئناف عملية التسوية وبنزع سلاح المقاومة.
لكن فوز حماس أربك حسابات النظام في مصر كما أربك حسابات الآخرين. وقد أدركت حماس حجم المخاوف التي سببها فوزها، فكانت مصر هي محطة قيادتها الأولى في جولتها العربية والدولية؛ حيث حرصت على طمأنتها.
ولم يكن لدى الحكم في مصر بدٌّ (مهما كان انزعاجه) من لعب دوره "الأبوي" الراعي، ومن إظهار احترامه لنتائج الانتخابات، واعترافه الرسمي بحكومة حماس، ولكنه من الناحية العملية تعامل مع فوز حماس وحكومتها كمشكلة، وليس كتطور طبيعي في المسيرة الديمقراطية للشعب الفلسطيني، وعلى حد تعبير مسؤول مصري كبير، فقد قال لبعض قيادات حماس "إيه المصيبة دي اللي عملتوها".
وبالرغم من أن حماس شكلت حكومتها فإن التعامل الرسمي معها استمر في معظم الأوقات من خلال النافذة الأمنية، ولم يتمكن رئيس الوزراء هنية ولا وزراء حكومته من التواصل مباشرة مع أقرانهم المصريين.
كانت الحكومة المصرية تريد من حماس التناغم مع متطلبات الرباعية والالتزام بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية، وقالت على لسان وزير خارجيتها إنها "لن تكون مع من يعيد عقارب الساعة إلى الوراء".
ولم تقم الحكومة بدور جدي في كسر الحصار وكانت أقرب إلى التجاوب مع الحصار وإملاءاته، منها إلى تحديه ومحاولة رفع السقف العربي والإسلامي.
كما رشحت تقارير عن تدريب السلطات المصرية لعناصر القوة الخاصة التي كان دحلان يتولى قيادتها والتي كان هناك علامات استفهام كبيرة عن دورها في الانفلات الأمني ومحاولة تشويه وإسقاط حكومة حماس. بل رشحت تقارير أخرى عن توبيخ مسؤولين مصريين لدحلان على التقصير والعمل بعفوية أدت لتمكين حماس من السيطرة على قطاع غزة بسهولة مما تسبّب بالإضرار بأمن مصر القومي.
أثارت سيطرة حماس على القطاع استياء النظام المصري، واعترف فقط بالرئيس عباس وحكومة الطوارئ التي شكّلها في رام الله. وأبقى على خيط علاقته مع حماس، وظل هو الوسيط المعتمد لإنجاز صفقة تبادل الأسرى وتحرير الجندي الإسرائيلي شاليط، كما ظل الوجهة المعتمدة من فتح وحماس وباقي الفصائل لرعاية الحوار الفلسطيني، لكنه تابع إغلاق معبر رفح وهو ما جعل حماس (وكثيرا من الفلسطينيين والعرب والمسلمين وغيرهم) يعتبرونه شريكاً في الحصار، وفي محاولة إسقاط وإفشال حماس وحكومتها. http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif
وقد برّر النظام المصري موقفه بالتزامه بالاتفاقيات الدولية، وباتفاقية المعابر بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل". لكن ذلك لم يكن مقنعاً للكثيرين فمصر ليست طرفاً في اتفاقية المعابر، كما أن مدة اتفاقية المعابر كانت سنة واحدة انتهت في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، ولم يتمّ رسمياً تجديدها ثم إن "إسرائيل" نفسها لم تحترم هذه الاتفاقية وقامت بخرقها مئات المرات واستخدمتها أداة لإذلال وتركيع الفلسطينيين.
وكان مقتضى الواجب القومي المصري فتح معبر رفح خصوصاً أن "إسرائيل" تدَّعي ليل نهار أنها قد انسحبت من القطاع وأنه ليست مسؤولة تجاهه.
قامت حماس ومعها مئات الآلاف من الشعب الفلسطيني باختراق معبر رفح في يناير/كانون الثاني 2008 بعد أن اشتد الحصار الإسرائيلي، وقد أثار ذلك حرج مصر وغضبها، لكنها قررت امتصاص التعاطف الهائل الذي لقيه سلوك أهل القطاع، بالسماح لهم بالتسوق بضعة أيام، ثم ما لبثت أن أعادت غلق معبر رفح من جديد، بينما هدد وزير الخارجية المصري بكسر سيقان من يعبر الحدود.
وأصبح واضحاً لدى الكثير من المحللين أنه يتم التعامل مع قطاع غزة بأسلوب "طنجرة الضغط" الموضوعة تحت النار، والتي عندما تقترب من الانفجار تقوم "صفارة الأمان" بالتنفيس عن بعض البخار (فتح المعابر مؤقتاً) غير أن "الطبخة" تستمر في انتظار إنضاجها (سقوط حكومة حماس).
وعلى الرغم من شعور حماس بالامتعاض نتيجة ما تراه من موقف مصري متحيز، فإنها قبلت من جديد الرعاية المصرية للحوار بين فتح وحماس ولعملية المصالحة الفلسطينية وهي العملية التي انتهت بقرار حماس عدم الذهاب للمؤتمر، الذي كان مقرراً في أكتوبر/تشرين الأول 2008، ومعها ثلاثة فصائل فلسطينية أخرى، لأنها شعرت أن الشكل الذي سينعقد هو شكل احتفالي يتم فيه إعطاء الغطاء للتمديد لعباس، بينما تحال باقي القضايا الجوهرية للجان، حيث ستضيع في دهاليزها كما حدث سابقاً، في الوقت الذي تكون فيه السلطة (وربما مصر) قد حققت ما تريد من المؤتمر، واستشهدت حماس بعدم جدية عباس في المصالحة بعدم إطلاق سراح سجنائها لدى السلطة الفلسطينية.
وقد أثارت مقاطعة حماس للمؤتمر استياء مصر، التي بذلت الكثير للترتيب له ولإنجاحه، واعتبرته إساءة لها، وألقت اللوم على حماس. وهكذا، جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أجواء مشحونة بين مصر وحماس، ووسط شائعات برغبة بعض القيادات المصرية "بتأديب مشاغبي حماس".http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B4CB7A98-CB61-44C3-A2AE-465AEC8EAC13.htm#)
يتبع جزء ثان للمقال
ــــــــــ
كاتب فلسطيني
aly almasry
22-01-2009, 11:12 AM
مصر وحماس.. الحركة رصيد إستراتيجي وليست عبئاً (2-2)
http://www.aljazeera.net/mritems/images/2009/1/18/1_887070_1_34.jpg
محسن محمد صالح (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F8128708-35D8-4F02-A3EF-CC23933C23E5.htm#0)
حماس "العبء" (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F8128708-35D8-4F02-A3EF-CC23933C23E5.htm#1)
حماس كرصيد إستراتيجي (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F8128708-35D8-4F02-A3EF-CC23933C23E5.htm#2)
هل يمكن لمصر أن تتعامل مع حماس باعتبارها رصيداً إستراتيجياً يخدم مصالحها العليا وأمنها القومي؟ وليس باعتبارها مشكلة أو عبئاً يحرجها ويثقل كاهلها، وتود لو ترتاح منه؟
حماس "العبء"
"
تعامل مصر مع حكومة حماس وموقفها من الحصار، ومن سيطرة حماس على القطاع، ومن إغلاق معبر رفح، ومن مشروع المقاومة، ومن مسار التسوية، ومن العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع. كلها تشير إلى مدى شعورها بوجود عبء أو "مشكلة" اسمها حماس
"من الواضح أن سلوك نظام الحكم في مصر مع حماس، خصوصاً منذ فوزها في الانتخابات وتشكيلها للحكومة، قد تعامل معها باعتبارها عبئاً ومشكلة.
ودونما حاجة للتكرار، فإن تعامل مصر مع حكومة حماس، وموقفها من الحصار، ومن سيطرة حماس على القطاع، ومن إغلاق معبر رفح، ومن مشروع المقاومة، ومن مسار التسوية، ومن التيارات الإسلامية، ومن الرئاسة الفلسطينية، ومن العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع. كلها تشير إلى مدى شعورها بوجود عبء أو "مشكلة" اسمها حماس.
التسريبات التي رافقت إغلاق معبر رفح إثر سيطرة حماس على القطاع تحدثت عن أن الرئيس المصري كان يتحدث لمقربيه بأنه لن يسمح بنجاح حكومة حماس في القطاع.
ولذلك، فهمت حماس إغلاق المعبر باعتباره جزءاً من عملية الإفشال والإسقاط غير المعلنة التي يمارسها النظام الحاكم في مصر ضدها. ويظهر أن عمليات خرق الحدود والأنفاق، والأحداث المرتبطة بخروج الحجاج والمرضى والمسافرين وعودتهم, كلها زادت من حالة الاحتقان بين الطرفين.http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F8128708-35D8-4F02-A3EF-CC23933C23E5.htm#)
كما أن تأييد الجانب المصري إرسال قوات عربية إلى القطاع فسرته حماس أيضاً على أنه محاولة لإسقاطها، ولتعبيد الطريق أمام رئاسة السلطة وفتح للسيطرة على قطاع غزة قبل تحقيق المصالحة والتوافق الوطني. وعندما أبلغت حماسُ مصر باعتذارها عن المشاركة في مؤتمر الحوار، كان الردّ المصري الشفوي عنيفاً وغاضباً.
وقبل أسبوع من العدوان الإسرائيلي على القطاع سربت الصحافة الإسرائيلية (بن كاسبيت، معاريف، 20/12/2008) معلومات تذكر أن بلاداً عربية أرسلت لـ"إسرائيل" تطلب منها أن تقوم "بالمهمة". وأضافت "على الأقل في الوقت الحالي يشجعوننا على تحطيم رأس حماس. والقضاء على قادتها"، وأن إحدى الرسائل تضمنت قائمة أسماء "موصى بها" للاغتيال من قادة حماس.
وفي زيارة ليفني للقاهرة قبل يومين من العدوان الإسرائيلي، صرحّت من هناك بأن الوضع سيتغير في القطاع، وأن "سيطرة حماس على القطاع ليست مشكلة إسرائيل فقط، نحن نتفهم احتياجات مصر، ولكن ما نفعله هو تعبير عن احتياجات المنطقة". وقد رأى كثيرون في ذلك ضوءاً أخضر مصرياً بالغزو.
وقد فسر متخصصون إصرار السلطات المصرية على الاستمرار في إغلاق معبر رفح بعد بدء العدوان، وعلى عدم اتخاذ أي إجراء ضدّ المذابح الإسرائيلية في القطاع وحتى مجرد سحب السفير المصري أو طرد السفير الإسرائيلي (كما فعلت فنزويلا)، ومضمون خطاب الرئيس المصري بل والمبادرة المصرية نفسها على أنها أدلة على رغبة النظام بسقوط حماس. يضاف إلى ذلك قدوم محمد دحلان إلى القاهرة قبيل العدوان، ومعه الكثير من أتباعه، لعمل ترتيبات ما بعد سقوط حماس.
وأشارت الأنباء إلى أن الرئيس المصري خلال محادثاته مع ساركوزي بعد أيام من العدوان قد أكد على ضرورة تغيير سلطة حماس وضمان عودة سلطة أبي مازن إلى القطاع، مشيراً إلى دعم دول عربية أخرى لهذا الخيار، وقال إن مصر لن تفتح معبر رفح إلا بوجود السلطة والمراقبين الدوليين وإشراف إسرائيلي لمنع تهريب أي أسلحة في المستقبل.
وقد تسربت معلومات قريبة بهذا المعنى، عندما زار الجنرال عاموس جلعاد (المستشار السياسي لوزير الدفاع باراك) مصر يوم الخميس 8/1/2009، حيث تحدث إليه مسؤول أمني مصري كبير مؤكداً أن عودة السلطة وأبو مازن ضمانة للطرفين "في فرض الاستقرار والأمن والنظام".
"
المبادرة المصرية صبّت في إطار إضفاء مزيد من قلق حماس من الدور المصري، إذ لم تنص على إدانة العدوان الإسرائيلي، ولم تميّز بين المعتدي والمعتدى عليه، ولم تطالب بشكل واضح بانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع
"المبادرة المصرية التي أعلنها الرئيس المصري صبّت في إطار إضفاء مزيد من قلق حماس من الدور المصري، إذ لم تنص على إدانة العدوان الإسرائيلي، ولم تميّز بين المعتدي والمعتدى عليه، ولم تطالب بشكل واضح بانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، ولم تتعامل بشكل مباشر مع الطرف الفلسطيني الذي يدير القطاع ويتولى الدفاع عنه، عندما دعت كلاً من "إسرائيل" و"الجانب الفلسطيني" لاجتماع عاجل من أجل التوصل للترتيبات والضمانات الكفيلة بعدم تكرار التصعيد ومعالجة مسبباته.
والجانب الفلسطيني المقصود هو قيادة السلطة في رام الله لأنها الوحيدة التي يمكن أن تجتمع مع الجانب الإسرائيلي أو يجتمع معها الجانب الإسرائيلي.
إن سلوك النظام المصري خصوصاً في الفترة الأخيرة لا يمكن أن يفهم منه إلا مزيداً من الضغوط على حماس. وهو يعبر إلى أي مدى تتعامل السلطات المصرية مع حماس كعبء ثقيل.http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F8128708-35D8-4F02-A3EF-CC23933C23E5.htm#)
حماس كرصيد إستراتيجي
ماذا لو نظر النظام في مصر إلى حماس من زاوية أخرى، كرصيد إستراتيجي يصبّ في المصلحة القومية العليا لمصر؟ ولعل المعطيات التالية تفيد في توضيح الصورة:
أولاً: إن حركة حماس حركة حصرت عملها في العمل الوطني المقاوم على أرض فلسطين، ولم تتدخل في الشأن المصري (ولا الشؤون العربية) طوال الـ21 سنة التي مضت على نشأتها. كما أن مشروعها الإسلامي مرتبط بالعمل على تحرير فلسطين، ولم يهدد النظام المصري ولا الأنظمة العربية القائمة.
ثانياً: إن حركة حماس حركة مستقلة غير مرتهنة لأي من الأنظمة أو المحاور، والنظام المصري أول من يعلم أن دعوى الولاء لإيران أو العمل لحسابها غير صحيحة، وأن استفادة حركة حماس من علاقتها مع إيران في دعم برنامج المقاومة، كانت أساساً بعد أن حاربتها الأنظمة العربية وأغلقت الأبواب في وجهها. ثم إن الحركة تتمتع بدينامية عالية تمكنها من التعامل بإيجابية حتى مع الجهات التي تختلف معها.
ثالثاً: إن حركة حماس حركة متجذرة في وجدان الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وفضلاً عن أنها أصبحت رائدة المقاومة الفلسطينية في السنوات الماضية، فإنها فازت بشكل رسمي ونزيه بالانتخابات في الضفة والقطاع، وأصبحت من ناحية المؤسسة التشريعية تمثل أبناء هذه المناطق وتعبر عن همومهم وتطلعاتهم، ومن العبث تجاوزها أو محاولة تهميشها أو تهشيمها.
وقد أظهرت التجارب أن كل محاولات اجتثاث أو ضرب حركة حماس طوال الـ21 سنة الماضية قد فشلت، وأنها كانت تعود في كل مرة أصلب عوداً وأكثر شعبية.
رابعاً: من المعروف في التخطيط الإستراتيجي أنه لا بد من وجود ما يعرف بـ"تهديد حقيقي" في المفاوضات مع الخصم أو العدو، عندما يجنح للمراوغة أو لا يستجيب للحد الأدنى من المطالب. والتهديد الحقيقي الوحيد المتاح لمفاوضات التسوية مع الطرف الإسرائيلي هو اللجوء للمقاومة المسلحة.http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F8128708-35D8-4F02-A3EF-CC23933C23E5.htm#)
"
ضرب المقاومة الفلسطينية هو ضرب لأداة الضغط الحقيقية للفلسطينيين، وهو إضعاف للمفاوض الفلسطيني نفسه، إن كان جاداً في انتزاع حقوق أو بعض حقوق شعبه، ووضع له في أحوال وأوحال لا يمكن إلا أن تؤدي إلى فرض شروط الاحتلال عليه
"إن ضرب المقاومة الفلسطينية هو ضرب لأداة الضغط الحقيقية للفلسطينيين، وهو إضعاف للمفاوض الفلسطيني نفسه، إن كان جاداً في انتزاع حقوق أو بعض حقوق شعبه، ووضع له في أحوال وأوحال لا يمكن إلا أن تؤدي إلى فرض شروط الاحتلال عليه.
ومن المثير للأسى أن يأتي الكيان الإسرائيلي ليسوق نفسه لبعض الأنظمة العربية كشريك في الحرب على "التطرف والإرهاب"، بينما هو يحارب حماس وقوى المقاومة، ليتمكن من الاستمرار في مصادرة الأرض المقدسة وتهويدها وإذلال شعبها، وفي الوقت نفسه تتعامى الأنظمة العربية عن النظر لحماس وقوى المقاومة باعتبارها عنواناً لعزتها وكرامتها، وخط الدفاع المتقدم عن الأمة، بل ورافعة حقيقية لمطالبها السياسية.
إن الطرفين الإسرائيلي والأميركي يفهمان لغتي القوة والمصلحة. وإن وجود حماس ينبغي التعامل معه كقيمة مضافة حتى لمن يخالفها مسارها.
خامساً: دونما انتقاص لشعب مصر العظيم وجيشها الذي لم تتح له فرصة قتال حقيقية، فقد خسر النظام المصري قطاع غزة في حرب 1967 في يوم واحد. بينما لا يزال القطاع صامداً منذ أيام طويلة بقيادة حماس دون أن تتمكن آلة الدمار الإسرائيلية الهائلة من دخول المدن.
إن أمن مصر القومي يحتم عليها النظر إلى حركات المقاومة الفلسطينية بمعيار يبحث عن العناصر الإيجابية والإمكانات المذخورة فيها. ويمكن النظر هنا إلى قيمة قوى المقاومة الشعبية في أوضاع لا تكون فيها الجيوش النظامية قادرة أو راغبة في الدخول في حروب أو أداء أدوار معينة.
سادساً: إن أي عملية لإصلاح البيت الفلسطيني سواء كان ذلك متعلقاً بمنظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الوطنية أو الأجهزة الأمنية، لن تتمّ إلا بمشاركة حماس، وبأن تأخذ حماس حقها العادل ودورها الطبيعي في هذا المسار.
ثم إن حماس لا تزال تتمتع بتماسك كبير وفعالية عالية وقيادة شابة، في مقابل حالة التفكك والترهل والفساد والتراجع، التي تعاني منها حركة فتح والتي لم تتمكن من عقد مؤتمرها السادس طوال الـ20 سنة الماضية.
وعلى هذا فإن مصر ستتعامل إن عاجلاً أو آجلاً مع حماس إما كقيادة للشعب الفلسطيني أو كشريك في تلك القيادة. ولذلك فمن الأولى أن يوجه النظام المصري جهده للتفاهم مع هذه الحركة، وأن يستفيد منها في رفع سقف المطالب الفلسطينية.
"
ليس مطلوباً من نظام الحكم في مصر الكثير في هذه المرحلة، فقط المطلوب ألا تكون شريكاً في الحصار, وأن تعلن أنها لم تعد ملزمة بإغلاق بوابة رفح أو الحدود، لأن "إسرائيل" نفسها لم تحترم اتفاقية المعابر وخرقتها مئات المرات
"سابعاً: إن الطريقة التي أدار بها النظام المصري علاقته بحماس بما في ذلك قضية قطاع غزة ومعبر رفح، قد أثارت استياء وغضب الشارع المصري والعربي والإسلامي، بل والعالمي. وتسببت في خسائر كبيرة للدبلوماسية المصرية، ولهيبة مصر ومكانتها. ولو أن النظام فتح معبر رفح وأفشل الحصار:
• لكان قد حقق شعبية هائلة في الشارع المصري، وقوى جبهته الداخلية.
• ولجعل من مشكلة تنفيذ الحصار مشكلة إسرائيلية وليس مشكلة مصرية.
• ولأصبح أقدر على التأثير على كل من فتح وحماس في تسريع خطوات المصالحة الوطنية.
ثامناً: لا يزال الكيان الإسرائيلي ينظر إلى مصر كعدو محتمل، ويضع إستراتيجياته وفق معايير واحتمالات خوض حرب مع مصر وباقي الدول العربية، ومن حقّ مصر أن تضبط إستراتيجياتها وفق احتمالات العدوان الإسرائيلي، خصوصاً وأن اتفاقيات كامب ديفد جعلت من سيناء منطقة ساقطة عسكرياً.
ولذلك فإن وجود كتلة مقاومة قوية في غزة لن يكون فقط عنصر حماية للفلسطينيين، يمنع تهجيرهم وتجويعهم وإذلالهم، بل سيكون أيضاً عنصراً دفاعياً وخطاً أمامياً رادعاً للكيان الإسرائيلي من أن يقوم بمغامرات محسوبة أو غير محسوبة ضدّ مصر.
تاسعاً: لقد أسقطت الثورة المصرية سنة 1952 النظام الملكي عندما قصَّر في حقّ فلسطين في حرب 1948، وحملت مصر على كاهلها لسنوات طويلة عبء قيادة الأمة العربية لتحرير فلسطين، ولا يزال شعبها زاخراً بالعطاء والإمكانات.
ولا يعقل لدولة انطلقت منها جيوش تحرير فلسطين من الغزوين الصليبي والتتري، ألا تتمكن حتى الآن من مجرد طرد السفير الإسرائيلي أو سحب السفير المصري.
وليس مطلوباً من نظام الحكم في مصر الكثير في هذه المرحلة، فقط المطلوب ألا يكون شريكاً في الحصار. وأن يعلن أنه لم يعد ملزما بإغلاق بوابة رفح أو الحدود، لأن "إسرائيل" نفسها لم تحترم اتفاقية المعابر وخرقتها مئات المرات. وأن مصر لن تدخل في أي اتفاق جديد ما لم يضمن الحقوق الكاملة للفلسطينيين، فضلاً عن أمن مصر القومي.http://www.aljazeera.net/KNOWLEDGEGATE/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F8128708-35D8-4F02-A3EF-CC23933C23E5.htm#)
ـــــــــــ
كاتب فلسطيني