msamido
07-07-2006, 01:57 AM
بالفساد وحده الجزء الرابع
اسف علي التأخير ولنكمل المقال
"إيران دولة قويّة .. أو أنها كانت كذلك فى عهد الشاه السابق … لقد كانت تمتلك قوة عسكرية ضاربة ، تعدّ أكبر قوة فى المنطقة بأسرها ، وثروة بترولية ضخمة ،تؤهّلها لأن تتبوأ مكانة رفيعة ، ليس وسط دول الأوابك وحدها ولكن وسط الدول العظمى أيضاً ….. وفى الداخل كانت هناك خطط طموحة ، ومشروعات كبرى ، وتطويرات مستمرّة مبهرة ... ولكن كانت هناك دودة صغيرة تنخر فى كل هذا ، دون أن يبالى بها أحد … دودة اسمها الفساد …. والفساد يبدأ دوماً كدودة صغيرة ، وفى مستويات متوسّطة ، لا هى بالمواطن العادى ، ولا بالمسئول الكبير … يبدأ من كبار صغار المسئولين … أو من صغار كبار المسئولين ... ولكن المشكلة أنه شديد العدوى كالأوبئة ، وتنتشر عدواه دوماً من أعلى إلى أسفل ، وإلى أسفل السافلين أيضاً .. .. ومع انتشاره يتحوّل من دودة إلى ثعبان أرقط سام ، ثم يبلغ خانة كبار المسئولين فيصبح تنيناً ، يصعب التعامل معه ومواجهته … وتعالت الأصوات فى إيران تشكو من الفساد ، ومن انتشاره ، ومن سيطرته على مقاليد الدولة ، حتى صار من العسير أن يحصل المواطن العادى على حقوقه الطبيعية ، دون رشوة أو وساطة أو محسوبية … وتجاهل المسئولون تلك الأصوات .. تجاهلوها ، وأغلقوا آذانهم عن سماعها تماماً ,, ربما لأنهم لم يدركوا أو يتخيّلوا حجم الفساد .. أو لأنهم - وهو ماثبت فيما بعد - كانوا جزءاً منه .. أوكانوا قادته وزعمائه ، إن شئنا الدقّة والصراحة … ولأنهم كذلك ، لم يبلغوا تلك الأصوات للشاه أبداً …. وبالنسبة إلى جلالته ، كان كل شىء يسير على مايرام ، وكانت كل الأصوات المعارضة حاقدة .. ناقمة .. فاسدة ... وتسعى لتشويه صورة الحكومة الشريفة المخلصة فحسب … والكل كان مطمئناً ... فالدولة قوية ، وأجهزتها الأمنية صارمة ، قاسية ، لا ترحم ، وعلى رأسها (السافاك) ، الذى كان مجرّد ذكر اسمه يلقى الرعب فى القلوب …. والمسئولون الكبار كانوا مطمئنين ؛ لأن النظم الأمنية القمعية ستبطش حتماً بكل من يجروء على الكلام ، دون رحمة أو شفقة .. لذا فقد زاد الفساد أكثر .. واكثر .. وأكثر.. وتجاهلته الدولة أكثر وأكثر …. ثم حدث ما لم تتخيّل الإمبراطورية الإيرانية حدوثه ، مع كل قوتها ، وصرامتها ، وأجهزتها الأمنية الباطشة ، القامعة …. الثورة … اندلعت الثورة على الفساد ، الذى لم يعد الشعب يطيقه أو يحتمله … اندلعت فجأة ، على الرغم من وجود وقوة الأجهزة الأمنية ، والقمعية ، والرقابية ، وكل الأجهزة الأخرى ... وحتى مع اندلاعها ، لم يتصوّر الكبار إمكانية نجاحها ، مع كل مالديهم من قوى .. تصوّروا أنها مجرّد (هوجة) ، لن تلبث أجهزتهم أن تسيطر عليها ، وتسحقها ، وتعود الأمور إلى ماهى عليه ... ولكن مشكلة الفساد ، هى أنه يمتدّ دوماً إلى كل شىء … وبلا استثناء … وحتى إلى أجهزتهم نفسها ... وانهارت الإمبراطورية الإيرانية ، وانهار معها أرباب الفساد وصانعوه … بل وتدلّت أجسادهم من حبال المشانق هناك ... ولم ينج منه سوى الشاه نفسه ، الذى راح يبحث عن دولة تؤيه ، حتى جاء ، ومات فى مصر ... خسر مملكته ، وحكمه ، وقوته ، وسطوته بالفساد .. بالفساد وحده .. وللحديث بقية .. وختام. "
والكلام لكاتبه الدكتور نبيل فاروق
اسف علي التأخير ولنكمل المقال
"إيران دولة قويّة .. أو أنها كانت كذلك فى عهد الشاه السابق … لقد كانت تمتلك قوة عسكرية ضاربة ، تعدّ أكبر قوة فى المنطقة بأسرها ، وثروة بترولية ضخمة ،تؤهّلها لأن تتبوأ مكانة رفيعة ، ليس وسط دول الأوابك وحدها ولكن وسط الدول العظمى أيضاً ….. وفى الداخل كانت هناك خطط طموحة ، ومشروعات كبرى ، وتطويرات مستمرّة مبهرة ... ولكن كانت هناك دودة صغيرة تنخر فى كل هذا ، دون أن يبالى بها أحد … دودة اسمها الفساد …. والفساد يبدأ دوماً كدودة صغيرة ، وفى مستويات متوسّطة ، لا هى بالمواطن العادى ، ولا بالمسئول الكبير … يبدأ من كبار صغار المسئولين … أو من صغار كبار المسئولين ... ولكن المشكلة أنه شديد العدوى كالأوبئة ، وتنتشر عدواه دوماً من أعلى إلى أسفل ، وإلى أسفل السافلين أيضاً .. .. ومع انتشاره يتحوّل من دودة إلى ثعبان أرقط سام ، ثم يبلغ خانة كبار المسئولين فيصبح تنيناً ، يصعب التعامل معه ومواجهته … وتعالت الأصوات فى إيران تشكو من الفساد ، ومن انتشاره ، ومن سيطرته على مقاليد الدولة ، حتى صار من العسير أن يحصل المواطن العادى على حقوقه الطبيعية ، دون رشوة أو وساطة أو محسوبية … وتجاهل المسئولون تلك الأصوات .. تجاهلوها ، وأغلقوا آذانهم عن سماعها تماماً ,, ربما لأنهم لم يدركوا أو يتخيّلوا حجم الفساد .. أو لأنهم - وهو ماثبت فيما بعد - كانوا جزءاً منه .. أوكانوا قادته وزعمائه ، إن شئنا الدقّة والصراحة … ولأنهم كذلك ، لم يبلغوا تلك الأصوات للشاه أبداً …. وبالنسبة إلى جلالته ، كان كل شىء يسير على مايرام ، وكانت كل الأصوات المعارضة حاقدة .. ناقمة .. فاسدة ... وتسعى لتشويه صورة الحكومة الشريفة المخلصة فحسب … والكل كان مطمئناً ... فالدولة قوية ، وأجهزتها الأمنية صارمة ، قاسية ، لا ترحم ، وعلى رأسها (السافاك) ، الذى كان مجرّد ذكر اسمه يلقى الرعب فى القلوب …. والمسئولون الكبار كانوا مطمئنين ؛ لأن النظم الأمنية القمعية ستبطش حتماً بكل من يجروء على الكلام ، دون رحمة أو شفقة .. لذا فقد زاد الفساد أكثر .. واكثر .. وأكثر.. وتجاهلته الدولة أكثر وأكثر …. ثم حدث ما لم تتخيّل الإمبراطورية الإيرانية حدوثه ، مع كل قوتها ، وصرامتها ، وأجهزتها الأمنية الباطشة ، القامعة …. الثورة … اندلعت الثورة على الفساد ، الذى لم يعد الشعب يطيقه أو يحتمله … اندلعت فجأة ، على الرغم من وجود وقوة الأجهزة الأمنية ، والقمعية ، والرقابية ، وكل الأجهزة الأخرى ... وحتى مع اندلاعها ، لم يتصوّر الكبار إمكانية نجاحها ، مع كل مالديهم من قوى .. تصوّروا أنها مجرّد (هوجة) ، لن تلبث أجهزتهم أن تسيطر عليها ، وتسحقها ، وتعود الأمور إلى ماهى عليه ... ولكن مشكلة الفساد ، هى أنه يمتدّ دوماً إلى كل شىء … وبلا استثناء … وحتى إلى أجهزتهم نفسها ... وانهارت الإمبراطورية الإيرانية ، وانهار معها أرباب الفساد وصانعوه … بل وتدلّت أجسادهم من حبال المشانق هناك ... ولم ينج منه سوى الشاه نفسه ، الذى راح يبحث عن دولة تؤيه ، حتى جاء ، ومات فى مصر ... خسر مملكته ، وحكمه ، وقوته ، وسطوته بالفساد .. بالفساد وحده .. وللحديث بقية .. وختام. "
والكلام لكاتبه الدكتور نبيل فاروق