مشاهدة النسخة كاملة : معلمون من ذهب!!


ledo2005
14-02-2009, 03:56 AM
معلمون من ذهب!!
أحمد النمر
من رجال التعليم
يأبي الزمن إلا أن يغرس خناجر الحزن الأسود في خاصرة الأمل الراقد علي الصبر وكأننا ورثنا المستحيل سيظل المحك في غيابة الجب ما لم يتسن للمعلم ان يتبوأ مكانته الاجتماعية التي تتجلي في أرقي صور المجتمع فإذا كان هذا الزمان يكرم فيه ضارب الكرة بأرجله وهازات وسطهن ويعيش هؤلاء في أفضل حياة من الأبهة والعظمة والتلميع الإعلامي ويلعبون بالمال ويسخرونه في أغراضهم وأصبح الاعلام بأنواعه اداة سهلة وميسرة لأهوائهم ولم يبق للمعلم صاحب اعظم رسالة سوي التكدير والتنكيت كما جاء في فيلم "رمضان مبروك أبوالعلمين" ولم تصل مصر إلي أعظم الحضارات والمكانة العلمية إلا بالمعلمين الذين علموا كل المتعلمين وقدوتهم في ذلك رسول رب العالمين محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين فإن رسالة المعلم رسالة سماوية عظيمة كما جاء في قول أمير الشعراء أحمد شوقي: قم للمعلم وفه التبجيلا - كاد المعلم أن يكون رسولا. أرسلت بالتوراة موسي مرشدا - وابن البتول فعلم الانجيلا. فإن المعلم هو أهم أركان العملية التعليمية.
الأربعة.. المعلم. المناهج. الطالب. المدرسة.
ولو نظرنا للمعلم فإن التقدير المادي أحد المحكات التي تحدد درجة رضا المعلم عن مهنته ودرجة تفانيه فيها وبذل الجهد في سبيلها فإذا كان المعلم قبل ثورة يوليو 1952 يتقاضي مرتبا يصل إلي سبعة جنيهات في ذلك الوقت وكان جرام الذهب يساوي اثني عشر قرشا أي كان يعادل 56 جراما من الذهب وبحسب جرام الذهب في فبراير 2009 أي كان مرتب المعلم يزيد علي ثلاثة آلاف ومائتي جنيه تقريبا وكان بالطبع يعني هذا اشباع حاجة المعلم وأسرته من سلع وبضائع وخدمات وترفيه وغيرها من الاحتياجات ولم ترتفع أسعار الذهب إلا بعد الحرب العالمية الثانية وارتفعت مرة ثانية بعد 23 يوليو 1952 وواصلت الارتفاع بعد حرب السويس 1956 ليصل سعر جرام الذهب إلي ثلاثة وثلاثين قرشا في نفس الوقت الذي كان فيه راتب المعلم تسعة جنيهات ومعني ذلك ان راتب المعلم كان يعادل سعر سبعة وعشرين جراما من الذهب وفي آخر الخمسينيات وصل راتب المعلم من المؤهلات العليا إلي اثني عشر جنيها وزادت في الستينيات لتصل إلي سبعة عشر جنيها وفي آخر السبعينيات وصل راتب المعلم من أصحاب المؤهلات العليا ثمانية وعشرين جنيها بينما اسعار الذهب 120 قرشا أي ان راتب المعلم اصبح يعادل ثلاثة وعشرين جراما من الذهب بينما في آخر القرن العشرين تدهورت قيمة العملة تدهورا كبيرا بفضل التضخم وبفعل طباعة أوراق البنكنوت علي المكشوف بدون ان يوازيها الانتاج أو الذهب مع استمرار سياسة ربط السوق المصرية بالسوق العالمية وتحرير العملة وتساوي أسعار السلع بين داخل مصر وخارجها.. واليوم بعد ما حصل المعلم علي الكادر الذي نصدع به من الاعلام والمجتمع وزاد عليه من الهجوم معنويا واجتماعيا ومع بداية شهر فبراير 2009 يبلغ راتب المعلم في أول تعيينه حوالي مائتين واربعين جنيها أي ما يقل عن جرامين ونصف من الذهب وهكذا يمكننا ان نقول ان راتب المعلم في مطلع القرن الحادي والعشرين قد انخفض بمقدار خمس عشرة مرة بالمقارنة بزميله المعلم أول القرن العشرين فهل فهمنا الآن أهم أسباب تدهور التعليم في مصر.