المفكرة
06-05-2009, 03:06 PM
دعني أعرفكم ببطل ملحمي ، يقضي يومه يوفر للجميع طاقة الفعل : إنه الهيموجلوبين ، بروتين كريات الدم الحمراء و المسؤول عن أعمال نقل الغازات بين الرئتين و باقي خلايا الجسم . تستأمنه الرئتان على حمولة الأكسجين فينقلها إلى الخلايا . و إذ تستلم الخلايا ، تلقي في حجره ما لا تحتاجه من غاز ثاني أكسيد الكربون فيكر عائداً إلى الرئتين ، شاكياً همه ، فتعذرانه و تستلمان منه حمله كي يحمل مزيد أكسجين : غاز الحياة .
فالأكسجين غاز شحيح الذوبان في الماء و الدم محلول مائي و قد قام الطرفان بحل المعضلة بتوكيل بروتين الدم : الهيموجلوبين بتلك المهمة لفض النزاع بينهما ، ألم أقل لكم أنه بطل و أي بطل !
أربع وحدات من البروتين اثنتان تدعيان ألفا و الأخريتان تدعيان بيتا تكونان البطل ، بكل وحدة جزيء يدعى الهيم . يتوسطه أيون (شذرة مشحونة) الحديد يلتقط الأكسجين من الرئتين و يلفظه عند الخلايا.
و إذ يلتقط الهيموجلوبين الأكسجين يتغير وضع الوحدات الأربعة في الفراغ فتدور اثنتان بزاوية 15 درجة بالنسبة للأوليتين و تنزلقان قليلاً ، حركة على صغرها تجر عدداً ضخماً من التغييرات في مواضع الإلكترونات . و الإلكترونات أجسام ذات شحنة متماثلة ، بينها من التنافر ما بينها و أي تغيير في الأبعاد بينها يغير مقدار القوة بينها فتتغير خصائص الهيموجلوبين الكيميائية و بالتالي البيولوجية.
بذرة الحديد 4 الكترونات منفردة كل في فلك يسبحون بسرعة عالية بسبب اتساع المكان . و عند اكتساب الأكسجين تتشبع أفلاك الحديد نصف الممتلئة بالكترونات الأكسجين ، تضيق الأفلاك بساكنيها فتقل سرعتها و تبطىء حركتها ، يصغر حجم الحديد المؤكسج (حامل الأكسجين) قليلاً عن الحديد غير المؤكسج و ليحافظ أيون الحديد على توازنه و على باقي ارتباطاته في الجزيء فإنه يتحرك مسافة نصف نانومتر (النانومتر 10 -9 من المتر أي جزء من الألف مليون من المتر ) .
تسبب تلك الحركة اللطيفة مشاكل جمة للحديد مع جاراته من الذرات المجاورة في هذا الجزيء الضخم ، فيتنافر الحديد مع ذرة نيتروجين مجاورة و تلك تتحرك متأففة فتدفع جارة أخرى و هكذا ، (شيء مشابه لتـأثير الدومينو إذ تتهاوى واحدة فتدفع اخرى و تلك تدفع التي بعدها) .
تغيير مقلق لراحة الهيموجلوبين ، فقد كان الجميع في وئام و توافق قبل أن يعكر الأكسجين صفوهم بميله العالي للإلكترونات . لذلك لا يحب الهيموجلوبين الأكسجة (التشبع بالأكسجين و هو أمر مغاير للأكسدة التي تعني تفاعلاً أكثر قوة مع الأكسجين) .
حين تصل كريات الدم الحمراء بمحتواها من الأكسجين إلى العضلات يستقبلها بروتين العضل الميوجلوبين مرحباً ، الميوجلوبين له ضعف قدرة الهيموجلوبين على الأكسجة و بالتالي يستلم الميوجلوبين شحنة الأكسجين ، حكمة المولى ، فلا يعطى متساويان بعضهما شيئاً . لو تساويا في ميلهما للأكسجة متنا من تنافسهما على الأكسجين.
لو كنت مسترخياً أو نائماً تنتقل نصف كمية الأكسجين التي يحملها الهيموجلوبين للميوجلوبين ، أما حين تنطلق في تمرين قوي فإن الخلايا تطلق مادة يقال لها دي بي جي تدفع باقي الأكسجين من الهيموجلوبين دفعاً فتخلّـص كل الحمولة و تنقلها للعضلات .
تتشبع خلايا العضلات بغاز آخر هو ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من حرق السكر في الخلايا أثناء العمل . ينافس ثاني أكسيد الكربون الأكسجين على مقعده من الهيموجلوبين و كلما زادت كمية ثاني أكسيد الكربون في العضلات زاد تعاون وحدات ألفا و بيتا في الهيموجلوبين بحيث تتخلص من الأكسجين المزعج فتتركه للعضلات و تقتنص ثاني أكسيد الكربون عوضاً عنه و تحمله للرئتين .
أما الجنين في بطن امه فله نوع مغاير من الهيموجلوبين يتكون من بروتين يختلف في سلسلة الأحماض الأمينية عن البروتين ألفا وبيتا ، هيموجلوبين الجنين يتكون من 4 وحدات جاما و تلك لا تبالي بوجود الدي بي جي و لها قابلية أعلى في التقاط الأكسجين من هيموجلوبين الأم ، فيدفعه هذا كرهاً للجنين فينتشر الأكسجين خلال الأوعية الدموية في المشيمة إلى الجنين.
و عندما يولد الطفل ، يتوقف الجين الذي ينسخ البروتين جاما و يبدأ جين آخر في العمل في نسخ و من ثم صناعة الهيموجلوبين ألفا و بيتا الذي يماثل هيموجلوبين البالغين .
ما رأيكم في ابداع الخالق ؟ يكلؤكم بالليل و النهار ، و بأي علم من العلوم أصنف ما كتبت ، مزيج من الهندسة و الكيمياء و الأحياء و الإدارة ، ذاك علم الكيمياء الحيوية .
فالأكسجين غاز شحيح الذوبان في الماء و الدم محلول مائي و قد قام الطرفان بحل المعضلة بتوكيل بروتين الدم : الهيموجلوبين بتلك المهمة لفض النزاع بينهما ، ألم أقل لكم أنه بطل و أي بطل !
أربع وحدات من البروتين اثنتان تدعيان ألفا و الأخريتان تدعيان بيتا تكونان البطل ، بكل وحدة جزيء يدعى الهيم . يتوسطه أيون (شذرة مشحونة) الحديد يلتقط الأكسجين من الرئتين و يلفظه عند الخلايا.
و إذ يلتقط الهيموجلوبين الأكسجين يتغير وضع الوحدات الأربعة في الفراغ فتدور اثنتان بزاوية 15 درجة بالنسبة للأوليتين و تنزلقان قليلاً ، حركة على صغرها تجر عدداً ضخماً من التغييرات في مواضع الإلكترونات . و الإلكترونات أجسام ذات شحنة متماثلة ، بينها من التنافر ما بينها و أي تغيير في الأبعاد بينها يغير مقدار القوة بينها فتتغير خصائص الهيموجلوبين الكيميائية و بالتالي البيولوجية.
بذرة الحديد 4 الكترونات منفردة كل في فلك يسبحون بسرعة عالية بسبب اتساع المكان . و عند اكتساب الأكسجين تتشبع أفلاك الحديد نصف الممتلئة بالكترونات الأكسجين ، تضيق الأفلاك بساكنيها فتقل سرعتها و تبطىء حركتها ، يصغر حجم الحديد المؤكسج (حامل الأكسجين) قليلاً عن الحديد غير المؤكسج و ليحافظ أيون الحديد على توازنه و على باقي ارتباطاته في الجزيء فإنه يتحرك مسافة نصف نانومتر (النانومتر 10 -9 من المتر أي جزء من الألف مليون من المتر ) .
تسبب تلك الحركة اللطيفة مشاكل جمة للحديد مع جاراته من الذرات المجاورة في هذا الجزيء الضخم ، فيتنافر الحديد مع ذرة نيتروجين مجاورة و تلك تتحرك متأففة فتدفع جارة أخرى و هكذا ، (شيء مشابه لتـأثير الدومينو إذ تتهاوى واحدة فتدفع اخرى و تلك تدفع التي بعدها) .
تغيير مقلق لراحة الهيموجلوبين ، فقد كان الجميع في وئام و توافق قبل أن يعكر الأكسجين صفوهم بميله العالي للإلكترونات . لذلك لا يحب الهيموجلوبين الأكسجة (التشبع بالأكسجين و هو أمر مغاير للأكسدة التي تعني تفاعلاً أكثر قوة مع الأكسجين) .
حين تصل كريات الدم الحمراء بمحتواها من الأكسجين إلى العضلات يستقبلها بروتين العضل الميوجلوبين مرحباً ، الميوجلوبين له ضعف قدرة الهيموجلوبين على الأكسجة و بالتالي يستلم الميوجلوبين شحنة الأكسجين ، حكمة المولى ، فلا يعطى متساويان بعضهما شيئاً . لو تساويا في ميلهما للأكسجة متنا من تنافسهما على الأكسجين.
لو كنت مسترخياً أو نائماً تنتقل نصف كمية الأكسجين التي يحملها الهيموجلوبين للميوجلوبين ، أما حين تنطلق في تمرين قوي فإن الخلايا تطلق مادة يقال لها دي بي جي تدفع باقي الأكسجين من الهيموجلوبين دفعاً فتخلّـص كل الحمولة و تنقلها للعضلات .
تتشبع خلايا العضلات بغاز آخر هو ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من حرق السكر في الخلايا أثناء العمل . ينافس ثاني أكسيد الكربون الأكسجين على مقعده من الهيموجلوبين و كلما زادت كمية ثاني أكسيد الكربون في العضلات زاد تعاون وحدات ألفا و بيتا في الهيموجلوبين بحيث تتخلص من الأكسجين المزعج فتتركه للعضلات و تقتنص ثاني أكسيد الكربون عوضاً عنه و تحمله للرئتين .
أما الجنين في بطن امه فله نوع مغاير من الهيموجلوبين يتكون من بروتين يختلف في سلسلة الأحماض الأمينية عن البروتين ألفا وبيتا ، هيموجلوبين الجنين يتكون من 4 وحدات جاما و تلك لا تبالي بوجود الدي بي جي و لها قابلية أعلى في التقاط الأكسجين من هيموجلوبين الأم ، فيدفعه هذا كرهاً للجنين فينتشر الأكسجين خلال الأوعية الدموية في المشيمة إلى الجنين.
و عندما يولد الطفل ، يتوقف الجين الذي ينسخ البروتين جاما و يبدأ جين آخر في العمل في نسخ و من ثم صناعة الهيموجلوبين ألفا و بيتا الذي يماثل هيموجلوبين البالغين .
ما رأيكم في ابداع الخالق ؟ يكلؤكم بالليل و النهار ، و بأي علم من العلوم أصنف ما كتبت ، مزيج من الهندسة و الكيمياء و الأحياء و الإدارة ، ذاك علم الكيمياء الحيوية .