مشاهدة النسخة كاملة : داركوا الهموم بالصدقات
المفكرة 13-06-2009, 06:23 PM عشرون جنيه + عشرون جنيه = مليون جنيه
لم أكن حينها غنية أو ميسورة ، على العكس تغلبني الشدائد حتى أحسد الصحيح على صحته و الراضي على هناءة باله ! لكنه لم يحرمني الإصرار و الأمل ضمن ما ترك لي من أدوات لبناء حياتي .
إصرار يدفعني للمشي مهما ثقلت قدماي إلى جامع قريب أؤدي فيه الجماعة صلاة و أضع صدقة هينة بالجنيه و الإثنين و النصف و الربع بحسب ما يتيسر .
ذات ممشى تواجهني يافطة من قماش أبيض جوار الجامع. تعلن عن دار للأيتام مشهورة في مصر تدعى دار الأورمان ، تتخذ لها فرعاً جديداً في الحي ليس بعيداً عن الجامع و بيتي .
أقطع الشارع كله بحثاً عنها فلا أجدها . أسأل من يؤكد وجودها في هذا الشارع ، بلا معرفة لمكانها المحدد! أكرر البحث بدقة حتى يقهرني اليأس و العجز فأفوض أمري للذي خلقني أنه قدّر و ما شاء فعل .
أصلي طويلاً حتى يفتح باباً جديداً فألج . أترك الجامع عائدة لبيتي فتنسى قدماي الطريق و تأخذاني إلى شارع جانبي لم أره قبلاً و تضعاني أمام الدار مباشرة في غيبة من وعيي!
أفتش حقيبتي فتسفر عن عشرين جنيهاً ، أقلبها مترددة فهي آخر ما معي حالياً ... شيء يوسوس في صدري : لا تتردي !
أفعل .
تسألني شابة لطيفة يشرق وجهها بنور حجابها و تبيض يدها الصدقة ، ماذا تنوين أن تفعلي بها ؟ تعرض علي مشاريع كثيرة تقوم بها الجمعية ، فلا أتردد ، أعرف تماماً أين أضع هذا المال : جاموسة عُـشر تسلم لأم أيتام .
في البيت أفكر ملياً فيما فعلت . تحتل الوساوس صدري تمنع عني النفس ، ينقذني ذكر الله فأسبّـح و أدعو المولى ، فتغمرني سكينة توحي أن الذي وقع انتهى و أنه مقدر على هذا النحو لا غير .
تطلب مني أمي شراء غرض هين من السوق أسفل المنزل فأفعل و بينما أناول التاجر الثمن تسألني إمرأة : أنت مدرسة أليس كذلك ؟
_ أجل .
_ رأيتك سابقاً في هذا السوق .
_ آسفة لم آخذ بالي منك قبلاً.
تعرفني بنفسها ، ثم تطلب مني تعليمها و ابنيها القراءة و الكتابة مقابل مبلغ شهري لا بأس به .
لا أطيل التفكير و أوافق دون أن أدري ماذا قلت. أؤكد عليها أنني أتقاضى أجري عن كل حصة . توافق ، تفضل هذه الطريقة في الدفع .
أصعد إلى بيتي تملأني الدهشة . جسمي يتولى الفعل عني بعد أن أصابه اليأس من تخاذلي عند أي قرار حد ضياع الفرص منه ، هذه المرة أخذ الزمام مني !
العشرون تضاعفت عشر مرات . فقط أن المائتان لا تسد كل الحاجات . أفكر في استثمار المائتين مجدداً .
تنتهي الحصة ، أتناول المال فأضعه مجدداً في الدار .
تسألني الموظفة مجدداً فلا تجد إجابة مغايرة ، فقط تلك الجاموسة العشر ، أنوي شراء واحدة عما قريب (وقتها كانت تساوي أربعة آلاف جنيه) .
فصل يتبعه مئات الفصول و ألوفها و عشرات الألوف ....... حتى نصل إلى هذا المشهد الفريد الذي مر بي اليوم أحببت أن أشارككم فيه ، ثقوا بكلماتي : كان رائعاً .
aly almasry 15-06-2009, 07:12 AM جزاكم الله خير الجزاء لى المعنى المتضمن الجميل فى القصة السابقة
لكن كنت اود من باب الايضاح والبيان
معرفة مصدر هذا الامر
هل هو حضرتك
هل منقول بتصرف
هل واقعة حقيقية
ام اسلوب ادبى
المفكرة 15-06-2009, 10:22 AM جزاكم الله خير الجزاء لى المعنى المتضمن الجميل فى القصة السابقة
لكن كنت اود من باب الايضاح والبيان
معرفة مصدر هذا الامر
هل هو حضرتك
هل منقول بتصرف
هل واقعة حقيقية
ام اسلوب ادبى
السلام عليكم
لي عدة سنوات أكتب ، أسجل ما وقع لا غير ، فقط أنه يمر عبر عدسة عقلي فيتخذ شكلي .
لا أنسب لنفسي سوى ما فعلته و ما فعله غيري نسبته له . الكذب و التدليس لم يصلحا أمر إنسان قبلاً كي أتخذهما طريقاً .
حكاية عمري اتهام عريض بمفارقة المألوف ، لا أنا و النقل لم نتفق يوماً ، وحده النفور يجمعنا ، أما الأدب في رأيي فهو فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام و كل فعل نبيل رأيته على آدمي يستحق أن يسجل منسوباً لفاعله .
لا ، لا أندرج تحت المسميات و الأصناف المعتادة ، طموحي كل يوم لما هو فوق العادي .
بارك الله فيك و جزاك خيراً ، أسعدني مرورك ، و تابع باقي الحكاية .. حكايتي .. حكاية البشر في مصر المحروسة كما تحصل كل يوم .
المجاهد فى سبيل الله 15-06-2009, 11:37 AM جزاكى الله خيرا
اسلوب حضرتك احييكى عليه
وطريقة العرض
جعله الله فى ميزان حسناتك ان شاء الله
جزاكى الله خيرا
جعله الله فى ميزان حسنات حضرتك
وماشاء الله على اسلوب حضرتك فى الكتابه
المفكرة 16-06-2009, 01:37 PM جزانا و إياكم يا مروة و شكراً للكلام اللطيف
عاشقة الموج 16-06-2009, 05:30 PM الصدقة تغسل القلب وتقرب العبدمن الرب إيماناً منا كما قال سبحانه وتعالى :-
(و الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل
فى كل سنبلة مائة حبة و الله يضاعف لم يشاء )
فبك نقتدى و ليكن نبراساً لنا و أولادنا إن الصدقة تطفئ
غضب الرب وتنير الطريق للضال اللهم ارحمنا
و اهدنا سبيل الرشاد
مشكورة أختى على فكرة الصدقة الجميلة
و لنعمل على نشرها
جزاك الله خير الجزاء
تقبلى مرورى
المفكرة 17-06-2009, 05:45 PM الأخت الكريمة عاشقة الموج ، جزاك الله خيراً لإضافتك القيمة . (و ذكـّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)
المفكرة 17-06-2009, 05:50 PM جزاكى الله خيرا
اسلوب حضرتك احييكى عليه
وطريقة العرض
جعله الله فى ميزان حسناتك ان شاء الله
اللهم ربي الواحد الأحد يسـّر لنا الصدقة و أعنـّا عليها و تقبلها منـّا إنك أنت السميع العليم و اشف بها مرضانا و ارض بها عنا و أنت الواحد الأحد في علاك . و صلّ اللهم على خير خلقك أجمعين نبي النور و الهدى و الصدقة إلى يوم الدين .
المفكرة 22-06-2009, 02:36 PM قال - صلى الله عليه وسلم -: "داووا مرضاكم بالصدقة " حسنه الألباني في صحيح الجامع
راودني طيفه طويلاًً
تجمع دار الأورمان للأيتام أموال المتبرعين ثم تشتري جاموسة عشر (حامل في خمس أشهر) ثم تناولها لأم أيتام في إحدى القرى الفقيرة . و لطالما تمنيت أن يمن الله علي بالمال كي أشتري أكثر من جاموسة أمر يغني تلك المرأة و لا يجعلها تحتاج لغير الله كما أنه ينمي البلد حقاً و يساهم في حل مشكلة الغذاء و تنمية الثروة الحيوانية بدل الإستهلاك المتخلف الذي يمارسنا ببلاهة .
و قد منّ الله علي بمال فدفعت ثمن عدة جواميس في الدار. هنا تتلقاني مديرة الدار بالترحيب و تصر أن أحضر حفل تسليم الجاموس للفلاحات .
أتردد كثيراً لكنها تضغط برفق كي أذهب معها . يعرض علي مدير المشروع أن أسلم وثيقة تمليك الجاموسة للأرملة مع مظروف به مبلغ من المال لإطعام الجاموسة ريثما تدر عليها دخل من بيع اللبن و القشدة . هنا ألقي التردد خلفي و أعانق حلمي . أشد على يد أربعين أرملة بوثيقة الجاموسة بينما توفيق المولى يظلننا من حر الدنيا و هجير الآخرة .
ينتهي التسليم مذيباً حمى لازمتني ربع قرن و تذوي آلام مفاصل يدي تلك التي حرمتني كفاءة استخدام يداي.
سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته .
المفكرة 01-07-2009, 03:53 PM قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"تداركوا الهموم و الغموم بالصدقات يدفع الله ضركم و ينصركم على عدوكم."
********************
أمر بجوارها في ممر المدرسة فتنادي علي ، تقول أمعك عشرون جنيهاً ؟
أسأل : لماذا ؟
تجيب : ليس معي و لا جنيه .
أهز رأسي و أتجه عائدة إلى حجرة المدرسات ، أجل أفهم ، مرتبها وضيع بالنسبة للغلاء و الشهر يعصر آخره ما في الجيب من مال و خمسة عيال أمر يثقل ذا جاه فما بالك بعاملة نظافة .
أدس في يدها العشرين المطلوبة .
********************
أزور أمي في المساء فتستقبلني مرحبة ، تزعم أنها نافحت عني حتى قرر الوالد أن يمنحني ألفي جنيه منحة غلاء ذاك الذي يأكل اليابس قبل الأخضر . لا لم أتوقع شيئاً كهذا . طبعاً أوافق جداً .
اتصل بدار الأيتام المجاورة : أيمكن أن يأتي مندوب الدار لإستلام مبلغ للصدقة مني ؟
_ بالطبع ، كم المبلغ؟ و فيم توضع ؟
_ ألف جنيه تذهب للأرامل ، هؤلاء لا يلتفت إليهن أحد .
********************
لي زمن أنبش تشابكات أعصابي بحثاً عمّـأ أكتبه تالياً ، تطفو الصدقة في صميم الوعي ، تشدني نحوها فالتفت إليها .
أرأيتم كيف يعانق الماء ذرات الطين فتتناسق كل ذرات العناصر تبني أخضراً يورق كل ألوان الحياة ؟ ماء الصدقة يروي الإيمان صدقاً و حقاً فتنبت شجرته في النفس وارفة الظلال .
و حكايتنا كتبها ربع قرن من الزمن مر نحوي . و أعصابنا تشابكت حتى صارت الصدقة أحد مسلمات وجودي ، مزاج كياني وبدهيات ذاتي ، ما يتكرر بوعي و غير ما وعي على مدى الأيام . حتى لفتت انتباهي أن الكثير حالهم غير حالي و أنها تود لو تعانق أيامهم تخبرهم سحرها ، توشوش في صدورهم حكايات عطاء المولى و مودة الخلق و عظمة الكون .. فقط لو أصغوا إليها قليلاً .
********************
لكل من يبحثون عن التغيير في أنحاء كل فكرة ، وجدت التالي :
أحاول كثيراً في أمر الثبات ، أن تكون لي رواتب لا أغيرها ، تغير نية الصدقة كياني فلا أعرفني .
********************
المفكرة 06-07-2009, 02:55 PM أقف في شرفة منزلي أطالعها ، فتسترعي انتباهي خشونة يديها و صلابة ملامح رسمتها الحياة في الشارع تحت شمس القاهرة الجديدة الحارقة، قطعة من الصحراء بردها لاذع ، حرها مارد .
أهم ببدء التعارف ثم تحدثني نفسي بالتراجع . تقترب مني في ثقة ، و تخبرني اسمها فأناولها قطعة من حلوى و أهندم بيدي شعرها المشعث ، أسأل عن عمرها ، تقول أنها في السادسة ، تبدو في الثامنة .
_ أريد أن أتعلم يا أبلة .
تعزف أحد أوتار النفس ، ما أكثر ما أعلن تلاميذي الإضراب . يقاطعون المدرسين و ما يفوح منه التعلم ، يود أحدهم لو يطير في الفضاء و يهزم شرايفر الخارق . أوقظه من خياله . فأم شرايفر ستأتي عما قريب لتأخذه من عهدتنا و عندها فالويل لمن يصيب فلذة كبدها بسوء .
آخذ بيدها ، نجلس في شرفة المنزل ، أحضر أدوات الكتابة .
نبدأ بسم الله ، أريها كيف نكتب حرف الألف و الباء و أضعهما في عدة كلمات بسيطة ، باب ، بابا ، أتبع ذلك بالأرقام . تمر ساعة و نصف حتى تستوي حروفها على السطر بعض الشيء .
_ أراك غداً .
******************
أجيب دق الهاتف : من بالباب ؟
_ تلميذتك و معي إخوتي .
أرحب بالأربعة .
أجهز المكان لإستقبال ضيوف ، كراسي و طاولة و أدوات مكتبية و مجلة مصورة عن الحيوانات ، أحدد مهام كل منهم و أعينه فيها ، نحاول قدر الإمكان ، يكتب الكبار الفاتحة و يقرأونها على نحو سليم أما الصغيرة فتكتفي بما هو أبسط حتى تكتسب يدها مهارة الكتابة .
نردد قصار السور .
تحضر الصلاة فينصرف الصبيان إلى المسجد بينما تؤدي الفتيات الصلاة في جماعة في المنزل .
نسبح ربنا و نشكر له جزيل نعمه منه جلستنا هذه ، تحفنا السكينة بعض أثر من ملائكة تضع أجنحتها لطلبة علم ، يشملنا المولى برضاه .
لو تكتمل سعادتنا بتحسن الطقس فالحر يكاد يخنق أنفاسي ، و الغبار يؤذي الأجساد يقلل كفاءة العقول.
يحين وقت العشاء افتش في خزائن المطبخ عمّـا يكرم ضيوف ، كيك و تمر و شاي بلبن ، يفي ذلك بالغرض .
أحضر صينية عامرة بالطيبات رزق المولى ، يلطف الجو فتتحسن الأمزجة .
أحياناً ما ترد الصدقة لنا يساراً و هناءة بال ، بركة أعلى و أعظم ... لحظة ، هذا ما كنت أطلبه .... أسأله أن ننتفع بما علمنا و بما عندنا .
يا كريم يا حليم يسّـر لي الصدقة و أعني عليها و تجاوز عن سيئاتي . اللهم آمين .
********************
المفكرة 24-10-2009, 07:27 AM استثمار ، مال مكنوز بالدولار ، لا يربو ، عملة تراكم عليها غبار الزمن ، يوشك أن يزول عنها تأثيرها . أفكر أن أستبدلها إلى الجنيه المصري أو أوظفها في أسهم شركة محلية ؟
أنقب النفس بحثاً عن إجابة ، أطيل الصلاة فتوحي بالصدقة به على أحوج خلق الله لمساعدة هذه الأيام ، أهل غزة . أفعل عما قريب بإذن الذي خلقني .
ابو اسلام 24-10-2009, 08:14 PM اختى المفكرة **** [.جزاك اللة خيرا **** الدال على الخير كفاعلة ***** صنائع المعروف تقى مصارع السوء
المفكرة 17-09-2010, 07:01 PM اختى المفكرة **** [.جزاك اللة خيرا **** الدال على الخير كفاعلة ***** صنائع المعروف تقى مصارع السوء
أحسنت القول ، بارك الله كلماتك المنيرة و جزاك الله خيرا.
المفكرة 16-10-2010, 04:23 PM في حجرة المدرسات تخبرنا زميلة عن مديرة مدرسة حكومية لديها مئة يتيم في المرحلة الإعدادية لم يدفعوا مصاريف المدارس تلك التي تبلغ خمسين جنيها لكل ولد!
في البيت أخبر الكثيرين عن تلك الحاجة و أجمع مبلغاً أسد به جزءاً من مصاريف الأولاد . تأتي غيري بمبلغ آخر و نسد الحاجة .
في الحقيقة لا يصح أن يدفع أحدهم لآبنائه المئات و الألوف كي يعلمهم و يربيهم و ينسى أن يدفع ليتيم مبلغاً صغيراً يضع في يده قلماً و كراسة و كتاباً.
|