eng.sabry elbrins
06-07-2009, 07:28 PM
**** مصر والمصريين ***
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعاني الحياة المصرية اليومية من أمراض اجتماعية عديدة, وخاصة في غالب تفاصيلها من النفاق والمنافقين. هؤلاء الحاضرون دائما في تفاعلات العائلات والأسر والجيرة, والمدارس والجامعات, والمؤسسات والعمل في أجهزة الدولة أو القطاع الخاص. يبدو النفاق كثقافة وآلية للدفاع عن الذات, أو بهدف الحصول علي بعض المغانم بلا استحقاق, أو بمشروعية! أصبح النفاق يشكل ثقافة للتعايش مع قوانين القوة والمكانة والثروة والهيبة من قبل ذوي المصلحة أيا كانت مادية أو معنوية…إلخ. والسؤال هنا ما هو النفاق وما الفارق بينه وبين المجاملات الاجتماعية ؟ وماهي أسباب وآثاره الوبيلة ؟
النفاق ليس المجاملات الاجتماعية, أو اللياقة السلوكية في المجالين السياسي والاجتماعي. النفاق هو مدح وتملق الشخص الممدوح بصفات قد توجد فيه ويتم تضخيمها لمصلحة ما, أو لا توجد في سلوكه, أو أخلاقياته وقيمه أو ثقافته أو اعتقاداته أو سلوكه الاجتماعي أو السياسي, أو في خطابه اليومي أيا كان. ويرمي المنافق الحصول علي منفعة آجلة, أو عاجلة. وقد ينافق بعضهم لخلل نفسي في تكوينة- المنافق/المادح للآخرين- أيا كانوا لضعف في شخصيته أو إحساس غامر بالمهانة والانحطاط والوضاعة, ومن ثم يمدح وينافق الآخرين مداراة لعجزه ومرضه النفسي, أو خوفا منهم, أو طلبا لمزية يستحقها أو يخشي عدم الحصول عليها, لأن الممدوح لن يعطيها له إلا إذا أغدق عليه المنافق من الصفات الإيجابية المبالغ فيها من قبيل: وصفه بالجود والكرم والقوة, والشجاعة والعدل, والنزاهة والاستقامة, والمعرفة والذكاء والموهبة والتدين.
اللياقة الاجتماعية أمر آخر غير النفاق, فهي نمط من السلوك الاجتماعي المهذب والخطاب اللفظي الأنيق الذي يستخدم بعض الكلمات والتعبيرات اللفظية الناعمة ـ العامية أو الفصيحة ـ والتي تتسم بالفطنة في بعض المواقف الاجتماعية الحرجة أو إزاء بعض الشخصيات أو الأسر أو العائلات أو الجماعات.
اللياقة الاجتماعية أيضا هي نمط سلوكي يتخذه الشخص إزاء مواقف محددة كالترقية إلي وظيفة أو مكانة أعلي, أو في بعض المواقف الحرجة_ أيا كانت- في نسيانها, أو تعمد إغفال مشاهدتها, أو إبداء الحرج في طلب ما رغما عن استحقاق له, أو في كيفية الخروج من موقف متأزم, أو خلاف محتدم. المجاملة سلوك وخطاب به بعض من المشروعية, وبعض أخلاقيات وقيم وخطاب البورجوازيات العريقة الذي وصم تاريخيا بالنفاق والتهتك والكذب, وغالب الانتقاد لها به بعض من الصحة لا شبهة حولها, من الأخلاق البرجوازية الكاذبة انطوي أيضا علي نمط من التربية والسلوك والأقوال لا تزال حاملة لشرعية أخلاقية ما إزاء نمط غوغائي وسوقي وشاع, ولايزال في بلادنا, ومجتمعات أخري عديدة, انكسرت بعض تقاليدها, وأصاب الخلل والأعطاب نظامها الأخلاقي وقيمها التي افترسها الاهتراء.
النفاق السياسي والاجتماعي يتزايد في المرحلة الراهنة في ظل اتساع الفجوات الاجتماعية بين الأثرياء عند القمة والفقراء عند سفح الهرم الاجتماعي وبين الشرائح بعضها بعضا, وذلك لأسباب عديدة منها:
* تناقص الفرص الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية, وبطء الحراك الاجتماعي لأعلي.
* ارتفاع معدلات الفساد والرشوة والمحسوبية والوساطات في الترقي الوظيفي, وفي الحصول علي العمل, أو الخدمات الصحية الحكومية أو الخيرية, أو في محاولة الإفلات من تطبيق القانون, أو خشية بعض البسطاء والعوام_ أيا كان وضعهم الاجتماعي- من قوة بعض الخارجين علي القانون, ومن يمارسون البلطجة والعنف بلا رادع من قانون أو أخلاق.
* الخوف من ذوي السلطة والغلبة والمكانة والنفوذ والأذي الذي يلحق بغالب الناس.
* السلطة المطلقة التي لا رادع لها من الدستور أو القانون أو وسائل الضبط الاجتماعي والقيمي, فضلا عن الطابع الشخصاني للسلطة واعتمادها علي تفضيلات شخصية ومعيارية لمن بحوزتهم القوة.
* اعتماد ثقافة النفاق علي ثقافة الخنوع والاستسلام الشائعة تاريخيا لدي غالب المصريين إزاء الأقوياء, والتي تعتمد علي الامتثالية والخضوع أو ما نطلق عليه معامل القابلية للاستبداد والاستعباد إزاء سلطة مركزية طاغية ومفرطة في استخدام القوة, أنها ثقافة بها بعض من بقايا قيم’ الفرعونية السياسية’- بتعبير جمال حمدان_ والجبرية الاجتماعية, والإحساس شبه الجماعي بحتميات اجتماعية وسياسية وطبيعية غلابة ترتكز علي ثقافة ميتاوضعية تختلط فيها الأساطير الوضعية والأخيلة الشعبية مع واقع الاستبداد السياسي التاريخي وفوائضه العديدة من الاستسلام, والصبر وفق معانيه السلبية في ظل بعض من ثقافة شعبية مواتية داعمة ومبررة للقهر.
* الخلل في أنظمة التنشئة الاجتماعية والسياسية والتربية والتعليم علي الموالاة والنقل والحفظ والإتباع والخضوع لولي الأمر أيا كان سياسيا واجتماعيا واقتصاديا, وذلك بدءا من كفاءته واستحقاقه و’عبقريته’, إلي أناقته واختياراته لخطوط موضة ملبسه!, وصولا إلي استحقاقه مواقع سياسية ووزارية عليا, وأنه أكثر أهمية من’ المديوكرات’ في بعض المواقع المتميزة, وهكذا يتزايد سحر خطاب النفاق المعلن لدي الممدوحين ويتراكم بحيث ينتفخون مع فيض النفاق وكلماته المثيرة للسخرية والضحك!.
في متابعة النفاق وجماعات المنافقين علي اختلافهم!, يمكنك ملاحظة بعض ملامح التغير في التركيبة النفسية لبعض الأشخاص العاديين أو حتي من يعلوهم, عندما يتولوا سلطات أو مكانة أعلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعاني الحياة المصرية اليومية من أمراض اجتماعية عديدة, وخاصة في غالب تفاصيلها من النفاق والمنافقين. هؤلاء الحاضرون دائما في تفاعلات العائلات والأسر والجيرة, والمدارس والجامعات, والمؤسسات والعمل في أجهزة الدولة أو القطاع الخاص. يبدو النفاق كثقافة وآلية للدفاع عن الذات, أو بهدف الحصول علي بعض المغانم بلا استحقاق, أو بمشروعية! أصبح النفاق يشكل ثقافة للتعايش مع قوانين القوة والمكانة والثروة والهيبة من قبل ذوي المصلحة أيا كانت مادية أو معنوية…إلخ. والسؤال هنا ما هو النفاق وما الفارق بينه وبين المجاملات الاجتماعية ؟ وماهي أسباب وآثاره الوبيلة ؟
النفاق ليس المجاملات الاجتماعية, أو اللياقة السلوكية في المجالين السياسي والاجتماعي. النفاق هو مدح وتملق الشخص الممدوح بصفات قد توجد فيه ويتم تضخيمها لمصلحة ما, أو لا توجد في سلوكه, أو أخلاقياته وقيمه أو ثقافته أو اعتقاداته أو سلوكه الاجتماعي أو السياسي, أو في خطابه اليومي أيا كان. ويرمي المنافق الحصول علي منفعة آجلة, أو عاجلة. وقد ينافق بعضهم لخلل نفسي في تكوينة- المنافق/المادح للآخرين- أيا كانوا لضعف في شخصيته أو إحساس غامر بالمهانة والانحطاط والوضاعة, ومن ثم يمدح وينافق الآخرين مداراة لعجزه ومرضه النفسي, أو خوفا منهم, أو طلبا لمزية يستحقها أو يخشي عدم الحصول عليها, لأن الممدوح لن يعطيها له إلا إذا أغدق عليه المنافق من الصفات الإيجابية المبالغ فيها من قبيل: وصفه بالجود والكرم والقوة, والشجاعة والعدل, والنزاهة والاستقامة, والمعرفة والذكاء والموهبة والتدين.
اللياقة الاجتماعية أمر آخر غير النفاق, فهي نمط من السلوك الاجتماعي المهذب والخطاب اللفظي الأنيق الذي يستخدم بعض الكلمات والتعبيرات اللفظية الناعمة ـ العامية أو الفصيحة ـ والتي تتسم بالفطنة في بعض المواقف الاجتماعية الحرجة أو إزاء بعض الشخصيات أو الأسر أو العائلات أو الجماعات.
اللياقة الاجتماعية أيضا هي نمط سلوكي يتخذه الشخص إزاء مواقف محددة كالترقية إلي وظيفة أو مكانة أعلي, أو في بعض المواقف الحرجة_ أيا كانت- في نسيانها, أو تعمد إغفال مشاهدتها, أو إبداء الحرج في طلب ما رغما عن استحقاق له, أو في كيفية الخروج من موقف متأزم, أو خلاف محتدم. المجاملة سلوك وخطاب به بعض من المشروعية, وبعض أخلاقيات وقيم وخطاب البورجوازيات العريقة الذي وصم تاريخيا بالنفاق والتهتك والكذب, وغالب الانتقاد لها به بعض من الصحة لا شبهة حولها, من الأخلاق البرجوازية الكاذبة انطوي أيضا علي نمط من التربية والسلوك والأقوال لا تزال حاملة لشرعية أخلاقية ما إزاء نمط غوغائي وسوقي وشاع, ولايزال في بلادنا, ومجتمعات أخري عديدة, انكسرت بعض تقاليدها, وأصاب الخلل والأعطاب نظامها الأخلاقي وقيمها التي افترسها الاهتراء.
النفاق السياسي والاجتماعي يتزايد في المرحلة الراهنة في ظل اتساع الفجوات الاجتماعية بين الأثرياء عند القمة والفقراء عند سفح الهرم الاجتماعي وبين الشرائح بعضها بعضا, وذلك لأسباب عديدة منها:
* تناقص الفرص الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية, وبطء الحراك الاجتماعي لأعلي.
* ارتفاع معدلات الفساد والرشوة والمحسوبية والوساطات في الترقي الوظيفي, وفي الحصول علي العمل, أو الخدمات الصحية الحكومية أو الخيرية, أو في محاولة الإفلات من تطبيق القانون, أو خشية بعض البسطاء والعوام_ أيا كان وضعهم الاجتماعي- من قوة بعض الخارجين علي القانون, ومن يمارسون البلطجة والعنف بلا رادع من قانون أو أخلاق.
* الخوف من ذوي السلطة والغلبة والمكانة والنفوذ والأذي الذي يلحق بغالب الناس.
* السلطة المطلقة التي لا رادع لها من الدستور أو القانون أو وسائل الضبط الاجتماعي والقيمي, فضلا عن الطابع الشخصاني للسلطة واعتمادها علي تفضيلات شخصية ومعيارية لمن بحوزتهم القوة.
* اعتماد ثقافة النفاق علي ثقافة الخنوع والاستسلام الشائعة تاريخيا لدي غالب المصريين إزاء الأقوياء, والتي تعتمد علي الامتثالية والخضوع أو ما نطلق عليه معامل القابلية للاستبداد والاستعباد إزاء سلطة مركزية طاغية ومفرطة في استخدام القوة, أنها ثقافة بها بعض من بقايا قيم’ الفرعونية السياسية’- بتعبير جمال حمدان_ والجبرية الاجتماعية, والإحساس شبه الجماعي بحتميات اجتماعية وسياسية وطبيعية غلابة ترتكز علي ثقافة ميتاوضعية تختلط فيها الأساطير الوضعية والأخيلة الشعبية مع واقع الاستبداد السياسي التاريخي وفوائضه العديدة من الاستسلام, والصبر وفق معانيه السلبية في ظل بعض من ثقافة شعبية مواتية داعمة ومبررة للقهر.
* الخلل في أنظمة التنشئة الاجتماعية والسياسية والتربية والتعليم علي الموالاة والنقل والحفظ والإتباع والخضوع لولي الأمر أيا كان سياسيا واجتماعيا واقتصاديا, وذلك بدءا من كفاءته واستحقاقه و’عبقريته’, إلي أناقته واختياراته لخطوط موضة ملبسه!, وصولا إلي استحقاقه مواقع سياسية ووزارية عليا, وأنه أكثر أهمية من’ المديوكرات’ في بعض المواقع المتميزة, وهكذا يتزايد سحر خطاب النفاق المعلن لدي الممدوحين ويتراكم بحيث ينتفخون مع فيض النفاق وكلماته المثيرة للسخرية والضحك!.
في متابعة النفاق وجماعات المنافقين علي اختلافهم!, يمكنك ملاحظة بعض ملامح التغير في التركيبة النفسية لبعض الأشخاص العاديين أو حتي من يعلوهم, عندما يتولوا سلطات أو مكانة أعلي