khaled_TheEnergizer
06-10-2006, 09:28 PM
عثرت على هذا الخطاب بمحض الصدفة حيث كان من مقتنيات أحد الكتاب المجهولين ،
وكان قد شرع فى إرساله إلى أحد أصدقائه المهاجرين إلى خارج البلاد ، إلا أن شيئاً ما قد منعه من إرساله ،
فاحتفظ به بين أوراقه ثم شاءت المقادير أن يقع هذا الخطاب بين يدى فقرأت فيه إحباطات كاتب وإخفاقات جيل ،
ويبدو أن صديق هذا الكاتب كان يسأله النصيحة بشأن العودة إلى مصر والإستقرار بها فقال له الكاتب المجهول فى خطابه:
(( <span style="color:#663300">لا كنت إن عدت إلى مصر ، فمصر لم تعد كما كانت ، هل تذكر أيام البهجة ، والحلم ، والطفولة ، والصبا ، والشباب؟ .
.. هل تذكر أيام أن كانت قلوبنا تهتف لمصر قبل أن تنطق ألسنتنا؟ هل تذكر النقاء إذ يضمخ أفئدتنا؟ والشهامة
إذ تلتصق برجالنا؟ والرجولة إذ تحرك ضمائرنا؟ كنا نتضاحك ونحن نذكر تلك القصة التى تروى فى الأثر من أن
"الذوق لم يخرج من مصر" ولكن ياصديقى الآن خرج الكل من مصر ... لم يبق فيها إلا الجرذان والبوم والثعابين ،
حتى الكرم الذى أشتهرنا به بين الأمم ... أصبح الآن من الصفات والخصال الذميمة والمستقبحة ...
إى والله إنها أيام البؤس والنكد .... أعرف طبعاً أنك تذكر تلك القصة التى رواها لنا فى يوم
من سالف الأيام أحد رفقاءنا الكبار – وبالمناسبة لقد مات فى مستشفى الأمراض العقلية
– والتى قال فيها أن العز بن عبد السلام سلطان العلماء كان قد أفتى ببيع المملوك الذى كان يحكم مصر ، لأن هذا المملوك لم يعتقه أحد ، فضلاً عن أنه من ممتلكات بيت مال المسلمين ، فلما رفض المملوك هذه الفتوى خرج العز بن عبد السلام من مصر غضباً من عدم إنفاذ فتواه ، فإذا بأهل مصر كلهم يخرجون خلف سلطان العلماء يريدون مغادرة البلاد غضباً ممن تعدى على مقام ذلك الشيخ الكبير ، فما كان من الحاكم المملوك إلا أن خرج مسرعاً يترجى العز بن عبد السلام فى العودة إلى البلاد على أن يتم إنفاذ الفتوى !!!
كانت قصة محيرة يا صديقى ، لماذا كان الشعب بأكمله وقتها شعباً إيجابياً فاعلاً؟
ولماذا أصبحنا الآن شعباً من خيالات المآتة التى لا تتحرك ولا تغادر موقعها قيد أنملة ؟
من الذى سحبنا إلى السلبية والخضوع والذلة والإستكانة؟ من الذى أغرقنا فى مستنقعات البلادة والنفاق والمحسوبية
والنفعية؟ من الذى غير المنظومة الأخلاقية لنا؟ ستجد أسئلتى كثيرة ولكنك لن تجد إجابة , فماذا نملك الآن غير أن نسأل
وقد جحظت عيوننا من شدة الدهشة !!! بل لا أريد أن أقول لك أنك إذا مشيت الآن فى شوارعنا ستجد رجالنا وقد إستطالت أقفيتهم وتدلت ألسنتهم ، وليس من الغريب أن تجد بعض الرجال وقد نبت لهم فى مؤخرتهم ذيل صغير ، وأعرف بعضهم وقد
إهتم إهتماماً كبيراً بالذيل الذى نبت له حتى أنه يشترى له من باريس "شامبو" مخصوص لكى يزيده جمالاً ونعومة ،
وفى فترة من الفترات كان البعض قد أنشأ عيادات تجميل غرضها "إطالة الأذن" كى تكون شبيهة بأذن الحمار ،
فمع تغير الزمن تغيرت مقاييس الجمال وأصبحت أذن الحمار موضة يسعى الشباب إليها سعياً حثيثاً ،
ولكن على حين غرة إستيقظ الناس من نومهم ذات صباح فإذا بأذنهم وقد تحولت إلى أذن حمار ،
فحار الناس فى تفسير هذه الظاهرة ، وأفلست عيادات التجميل ، ولعلك تذكر تلك الجمعية التى أنشأها البعض حيث جعلوا
"حمار الحكيم" رمزاً لهم ، إلا أنك لا تعرف أن أعضاء هذه الجمعية وضعوا مع الحمار شعاراً آخراً هو "عصى موسى" وكان منطقهم فى هذا أن الحمار لا يسير إلا بالعصى ، وأن مجموعة الخراف لابد أن يقوم راعيها بهشها وتنظيم سيرها بعصاه ،
وقد إستدل الفقهاء والشيوخ على شرعية ضرب الناس بالعصا بل ووجوبه أحياناً بهذا الحوار الذى أجراه رب العزة
مع موسى عليه السلام عندما سأله عن عصاه فقال سيدنا موسى "وأهش بها على غنمى" ونحن غنم !! وأعرف عالماً
إستبط تخريجاً على هذه الآية الكريمة فقال أن ضرب الشعب بالعصى فرض كفاية إذا فعله حاكم سقط عن باقى الحكام!!
ولكن أحدهم تشدد وقال أنه فرض عين يجب أن يفعله كل حاكم بنفسه ولا يجوز الإنابة فيه ، هل تأنف ياصديقى أن تكون
حماراً أو خروفاً؟ لا تمتعض كثيراً فلربما يكون الخروف أكرم منا ، على الأقل فإن الخروف عندما يذبح يكون ذلك لإقامة
سنة من سنن الإسلام أو لإطعام جائع من لحم حلال ، أما أنت فإنك تذبح ذبح الإبل والخراف كل يوم مائة مرة ... مرة من
أجل أن تمتلئ كروشهم بدماءك .... ومرة من أجل أن تفرش قصورهم بجلدك المدبوغ .... ومرة من أجل أن يصنع أثاثهم
من عظامك الهشة ... وهكذا دواليك ... والحقيقة أنهم لا يذبحوننا لينتفعوا ولكنهم يذبحوننا ليتمتعوا ، ولذلك نرجوا من
الله أن يتركوا لنا "لية الخروف" حتى نصنع منها مرقاً لأولادنا ، وبمناسبة ذكر الشيوخ هل أتاك نبأ الشيخ الذى إمتعض من الرسوم التى كانت تستهزئ برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم والمنشورة فى جريدة دينماركية فقال تنديداً بهذه الفعلة الشائنة "ليس لكم حق فى هذا فرسول المسلمين ميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه"
هل تعرف ياصديقى لماذا رسول المسلمين صلى الله عليه وسلم ميت فى عيون الشيخ الكبير ؟
ميت لأن سنته وعقيدته ماتت فى نفس هذا الشيخ فلم ير فى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا رجلاً ميتاً ، قبحاً لهذا الشيخ ، وقبحاً لمن هم على شاكلته.
لاكنت إن عدت إلى مصر ، فمصر لم تعد كما كانت ، هل رأيت أحداً يرقص على جثة أخيه ؟
أنت لم تر ولكننا الآن فى مصر يرقص الأحياء منا على جثث الأموات فرحاً وطرباً ،
لا تعجب كثيراً فمصر
والحمد لله وبفضله فازت على الكونغو الديمقراطية .... طبعاً هى لم تفز عليها فى الديمقراطية ولكن فازت
عليها فى مبارة كرة القدم حيث إستطاع العجوز حسام حسن شن غارات كروية على مرمى الخصم العنيد مما حقق لنا نصراً
عزيزاً بين الأمم ، وهكذا ياعزيزى أصبحت رقابنا أطول قليلاً من رقبة النعامة وأقصر بعض الشيئ من رقبة الزرافة ....
فماذا تريد من شعب محروم من الإنجازات ، ممنوع من الفرحة ، محبط من الفشل ، محطم من الإخفاقات ؟
لم يكن أمام الشعب إلا الخروج فرادى وجماعات لكى يرقص فى الشوارع فى مظاهرات لم نر لها مثيلاً من قبل .
.. شعب فرحان بالنصر .. من حقه أن يفرح ، هل يستطيع أحد أن يلومه؟ ... ولكن للأسف قبل هذا النصر بيوم كانت
سفينة السلام قد غرقت ... لا تذهب بفكرك إلى بعيد ، فسفينة السلام مع إسرائيل مستمرة فى الطفو ولم تغرق فهذا خيار إستراتيجى !!! ولكن السفينة التى غرقت هى سفينة السلام التى تقل الركاب من ميناء "ضبا" بالسعودية إلى "سفاجة"
فى مصر ، وهى سفينة مصرية لم يتم تدريبها جيداً على السباحة ، كما انها لم تعرف قانون الطفو "لأرشميدس" ونظراً
لأن ربانها جاءوا به قائداً للمسيرة .... مسيرة السفينة .... إعتماداً على أنه هو الذى حقق النصر لمصر فى موقعة
"مرج دابق" ونظراً لأن ربان السفينة كانت كل معلوماته عن قيادة السفن قد إستقاها من مشاهدته لفيلم "تيتانيك"
فما كان منه إلا أن أغرقها فى وسط البحر الأحمر ، فى الوقت الذى كنا فيه نرفع أعلام الفرحة الحمراء والبيضاء إبتهاجاً بإنتصارات الكرة !!! غرق ألف ومائة إنسان .... ألف ومائة مصرى ... هلك من هلك .... ونجى من نجى ... وعن
هذه الكارثة حدث ولا حرج ، لا إشارات إستغاثة ولا إغاثة ، إنها ليست سفينة .... إنها ياصديقى مصر ، كما يحدث
فى مصر حدث فى السفينة ، ماذا تريدون إذن ... ولكن الأنكى أن تقام فى بيوتنا المآتم على من فقدنا من أهلنا و
إخواننا فى الوقت
الذى نخرج فيه إلى الشوارع لكى نرقص فرحاً على هدف حسام حسن فى الكونغو ، قل شيزوفرينيا ، أو إنفصام فى
المشاعر ، أو بلادة فى الأحاسيس ، قل ماشئت ولكن لا تقل أننا كنا كذلك ... لا لمن نكن كذلك ، لم نرقص أبداً على أشلاء أبنائنا ، ليست هذه هى مصر.
لا كنت إن عدت إلى مصر ، فمصر لم تعد كما كانت ، إحذر ياصديقى من العودة ، وخذ أبنائك معك كى تنقذهم من
مجتمع الذئاب ، فإذا عدت فلا تلومن إلا نفسك ، لن تسلم ياصديقى من لدغات العقارب ، وإذا وقعت فى ضائقة
فلن يمد أحدهم يده لينقذك ، وسوف تتأذى أذنك بفاحش القول ، وتتأذى عينك من كأبة المنظر ، وتتحطم رئتك من
سحب الدخان الملوث ، وستصبح فى النهاية حطام رجل ، إذا حدثتك نفسك بالعودة فلن تجد أصدقائك الذين كانوا ،
وستعجب عندما تراهم يسعون إلى نهش لحمك ، وتلويث سمعتك ، وتحطيم آدميتك ، سيقولون عنك أنك إمبريالى و
صهيونى ورجعى وعميل للمخابرات الأمريكية ورفيق للمخابرات الروسية ، سيضعون أياديهم فى جيوبك كى يستولون
على ما بها ، ثم يتضاحكون ويقولون فيما بينهم هذا غر أحمق حلال فيه السرقة ، ولكنهم سيخرجون أمام الناس ويتصايحون عليك ويرجمونك بالحجارة وهم يقولون: عاد يهوذا الأسخريوطى ، أو يقولون: هذا هو المسيخ الدجال.
فإذا عدت فذنبك على جنبك ، حينذاك أنصحك بشراء نظارة "أشعة إكس" التى تخترق الحجب ، فلا قدرة لك بالحياة فى
مصر إلا بها ... فمن خلالها سترى أشخاصاً تظنهم ملائكة ، فإذا بك عندما تنظر إليهم من خلال نظارة إكس ستجدهم
شياطين مردة ، ومن هنا ستتعلم عدم أخذ الناس بظاهرهم ، فلو كانت للذنوب رائحة لفررنا من جوار من كنا نظن أنهم أتقى الناس !!
لا تعد إلى مصر فمصر لم تعد لنا ، مصر لم تصبح بلدنا ، لن أقول لك غابت مكارم الأخلاق ، لن أقول لك غابت القدوة ، لن أقول لك إن بطن الأرض أصبح خيراً من ظهرها ، ولكنى سأقول لك غابت مصر ... فلمن تعود إذن؟ ))
والغريب أننى وجدت الكاتب المجهول قد وقع خطابه تحت إسم
"صديقك الذى يشتاق إليك ... حمار حصاوى"</span>
منقول
وكان قد شرع فى إرساله إلى أحد أصدقائه المهاجرين إلى خارج البلاد ، إلا أن شيئاً ما قد منعه من إرساله ،
فاحتفظ به بين أوراقه ثم شاءت المقادير أن يقع هذا الخطاب بين يدى فقرأت فيه إحباطات كاتب وإخفاقات جيل ،
ويبدو أن صديق هذا الكاتب كان يسأله النصيحة بشأن العودة إلى مصر والإستقرار بها فقال له الكاتب المجهول فى خطابه:
(( <span style="color:#663300">لا كنت إن عدت إلى مصر ، فمصر لم تعد كما كانت ، هل تذكر أيام البهجة ، والحلم ، والطفولة ، والصبا ، والشباب؟ .
.. هل تذكر أيام أن كانت قلوبنا تهتف لمصر قبل أن تنطق ألسنتنا؟ هل تذكر النقاء إذ يضمخ أفئدتنا؟ والشهامة
إذ تلتصق برجالنا؟ والرجولة إذ تحرك ضمائرنا؟ كنا نتضاحك ونحن نذكر تلك القصة التى تروى فى الأثر من أن
"الذوق لم يخرج من مصر" ولكن ياصديقى الآن خرج الكل من مصر ... لم يبق فيها إلا الجرذان والبوم والثعابين ،
حتى الكرم الذى أشتهرنا به بين الأمم ... أصبح الآن من الصفات والخصال الذميمة والمستقبحة ...
إى والله إنها أيام البؤس والنكد .... أعرف طبعاً أنك تذكر تلك القصة التى رواها لنا فى يوم
من سالف الأيام أحد رفقاءنا الكبار – وبالمناسبة لقد مات فى مستشفى الأمراض العقلية
– والتى قال فيها أن العز بن عبد السلام سلطان العلماء كان قد أفتى ببيع المملوك الذى كان يحكم مصر ، لأن هذا المملوك لم يعتقه أحد ، فضلاً عن أنه من ممتلكات بيت مال المسلمين ، فلما رفض المملوك هذه الفتوى خرج العز بن عبد السلام من مصر غضباً من عدم إنفاذ فتواه ، فإذا بأهل مصر كلهم يخرجون خلف سلطان العلماء يريدون مغادرة البلاد غضباً ممن تعدى على مقام ذلك الشيخ الكبير ، فما كان من الحاكم المملوك إلا أن خرج مسرعاً يترجى العز بن عبد السلام فى العودة إلى البلاد على أن يتم إنفاذ الفتوى !!!
كانت قصة محيرة يا صديقى ، لماذا كان الشعب بأكمله وقتها شعباً إيجابياً فاعلاً؟
ولماذا أصبحنا الآن شعباً من خيالات المآتة التى لا تتحرك ولا تغادر موقعها قيد أنملة ؟
من الذى سحبنا إلى السلبية والخضوع والذلة والإستكانة؟ من الذى أغرقنا فى مستنقعات البلادة والنفاق والمحسوبية
والنفعية؟ من الذى غير المنظومة الأخلاقية لنا؟ ستجد أسئلتى كثيرة ولكنك لن تجد إجابة , فماذا نملك الآن غير أن نسأل
وقد جحظت عيوننا من شدة الدهشة !!! بل لا أريد أن أقول لك أنك إذا مشيت الآن فى شوارعنا ستجد رجالنا وقد إستطالت أقفيتهم وتدلت ألسنتهم ، وليس من الغريب أن تجد بعض الرجال وقد نبت لهم فى مؤخرتهم ذيل صغير ، وأعرف بعضهم وقد
إهتم إهتماماً كبيراً بالذيل الذى نبت له حتى أنه يشترى له من باريس "شامبو" مخصوص لكى يزيده جمالاً ونعومة ،
وفى فترة من الفترات كان البعض قد أنشأ عيادات تجميل غرضها "إطالة الأذن" كى تكون شبيهة بأذن الحمار ،
فمع تغير الزمن تغيرت مقاييس الجمال وأصبحت أذن الحمار موضة يسعى الشباب إليها سعياً حثيثاً ،
ولكن على حين غرة إستيقظ الناس من نومهم ذات صباح فإذا بأذنهم وقد تحولت إلى أذن حمار ،
فحار الناس فى تفسير هذه الظاهرة ، وأفلست عيادات التجميل ، ولعلك تذكر تلك الجمعية التى أنشأها البعض حيث جعلوا
"حمار الحكيم" رمزاً لهم ، إلا أنك لا تعرف أن أعضاء هذه الجمعية وضعوا مع الحمار شعاراً آخراً هو "عصى موسى" وكان منطقهم فى هذا أن الحمار لا يسير إلا بالعصى ، وأن مجموعة الخراف لابد أن يقوم راعيها بهشها وتنظيم سيرها بعصاه ،
وقد إستدل الفقهاء والشيوخ على شرعية ضرب الناس بالعصا بل ووجوبه أحياناً بهذا الحوار الذى أجراه رب العزة
مع موسى عليه السلام عندما سأله عن عصاه فقال سيدنا موسى "وأهش بها على غنمى" ونحن غنم !! وأعرف عالماً
إستبط تخريجاً على هذه الآية الكريمة فقال أن ضرب الشعب بالعصى فرض كفاية إذا فعله حاكم سقط عن باقى الحكام!!
ولكن أحدهم تشدد وقال أنه فرض عين يجب أن يفعله كل حاكم بنفسه ولا يجوز الإنابة فيه ، هل تأنف ياصديقى أن تكون
حماراً أو خروفاً؟ لا تمتعض كثيراً فلربما يكون الخروف أكرم منا ، على الأقل فإن الخروف عندما يذبح يكون ذلك لإقامة
سنة من سنن الإسلام أو لإطعام جائع من لحم حلال ، أما أنت فإنك تذبح ذبح الإبل والخراف كل يوم مائة مرة ... مرة من
أجل أن تمتلئ كروشهم بدماءك .... ومرة من أجل أن تفرش قصورهم بجلدك المدبوغ .... ومرة من أجل أن يصنع أثاثهم
من عظامك الهشة ... وهكذا دواليك ... والحقيقة أنهم لا يذبحوننا لينتفعوا ولكنهم يذبحوننا ليتمتعوا ، ولذلك نرجوا من
الله أن يتركوا لنا "لية الخروف" حتى نصنع منها مرقاً لأولادنا ، وبمناسبة ذكر الشيوخ هل أتاك نبأ الشيخ الذى إمتعض من الرسوم التى كانت تستهزئ برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم والمنشورة فى جريدة دينماركية فقال تنديداً بهذه الفعلة الشائنة "ليس لكم حق فى هذا فرسول المسلمين ميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه"
هل تعرف ياصديقى لماذا رسول المسلمين صلى الله عليه وسلم ميت فى عيون الشيخ الكبير ؟
ميت لأن سنته وعقيدته ماتت فى نفس هذا الشيخ فلم ير فى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا رجلاً ميتاً ، قبحاً لهذا الشيخ ، وقبحاً لمن هم على شاكلته.
لاكنت إن عدت إلى مصر ، فمصر لم تعد كما كانت ، هل رأيت أحداً يرقص على جثة أخيه ؟
أنت لم تر ولكننا الآن فى مصر يرقص الأحياء منا على جثث الأموات فرحاً وطرباً ،
لا تعجب كثيراً فمصر
والحمد لله وبفضله فازت على الكونغو الديمقراطية .... طبعاً هى لم تفز عليها فى الديمقراطية ولكن فازت
عليها فى مبارة كرة القدم حيث إستطاع العجوز حسام حسن شن غارات كروية على مرمى الخصم العنيد مما حقق لنا نصراً
عزيزاً بين الأمم ، وهكذا ياعزيزى أصبحت رقابنا أطول قليلاً من رقبة النعامة وأقصر بعض الشيئ من رقبة الزرافة ....
فماذا تريد من شعب محروم من الإنجازات ، ممنوع من الفرحة ، محبط من الفشل ، محطم من الإخفاقات ؟
لم يكن أمام الشعب إلا الخروج فرادى وجماعات لكى يرقص فى الشوارع فى مظاهرات لم نر لها مثيلاً من قبل .
.. شعب فرحان بالنصر .. من حقه أن يفرح ، هل يستطيع أحد أن يلومه؟ ... ولكن للأسف قبل هذا النصر بيوم كانت
سفينة السلام قد غرقت ... لا تذهب بفكرك إلى بعيد ، فسفينة السلام مع إسرائيل مستمرة فى الطفو ولم تغرق فهذا خيار إستراتيجى !!! ولكن السفينة التى غرقت هى سفينة السلام التى تقل الركاب من ميناء "ضبا" بالسعودية إلى "سفاجة"
فى مصر ، وهى سفينة مصرية لم يتم تدريبها جيداً على السباحة ، كما انها لم تعرف قانون الطفو "لأرشميدس" ونظراً
لأن ربانها جاءوا به قائداً للمسيرة .... مسيرة السفينة .... إعتماداً على أنه هو الذى حقق النصر لمصر فى موقعة
"مرج دابق" ونظراً لأن ربان السفينة كانت كل معلوماته عن قيادة السفن قد إستقاها من مشاهدته لفيلم "تيتانيك"
فما كان منه إلا أن أغرقها فى وسط البحر الأحمر ، فى الوقت الذى كنا فيه نرفع أعلام الفرحة الحمراء والبيضاء إبتهاجاً بإنتصارات الكرة !!! غرق ألف ومائة إنسان .... ألف ومائة مصرى ... هلك من هلك .... ونجى من نجى ... وعن
هذه الكارثة حدث ولا حرج ، لا إشارات إستغاثة ولا إغاثة ، إنها ليست سفينة .... إنها ياصديقى مصر ، كما يحدث
فى مصر حدث فى السفينة ، ماذا تريدون إذن ... ولكن الأنكى أن تقام فى بيوتنا المآتم على من فقدنا من أهلنا و
إخواننا فى الوقت
الذى نخرج فيه إلى الشوارع لكى نرقص فرحاً على هدف حسام حسن فى الكونغو ، قل شيزوفرينيا ، أو إنفصام فى
المشاعر ، أو بلادة فى الأحاسيس ، قل ماشئت ولكن لا تقل أننا كنا كذلك ... لا لمن نكن كذلك ، لم نرقص أبداً على أشلاء أبنائنا ، ليست هذه هى مصر.
لا كنت إن عدت إلى مصر ، فمصر لم تعد كما كانت ، إحذر ياصديقى من العودة ، وخذ أبنائك معك كى تنقذهم من
مجتمع الذئاب ، فإذا عدت فلا تلومن إلا نفسك ، لن تسلم ياصديقى من لدغات العقارب ، وإذا وقعت فى ضائقة
فلن يمد أحدهم يده لينقذك ، وسوف تتأذى أذنك بفاحش القول ، وتتأذى عينك من كأبة المنظر ، وتتحطم رئتك من
سحب الدخان الملوث ، وستصبح فى النهاية حطام رجل ، إذا حدثتك نفسك بالعودة فلن تجد أصدقائك الذين كانوا ،
وستعجب عندما تراهم يسعون إلى نهش لحمك ، وتلويث سمعتك ، وتحطيم آدميتك ، سيقولون عنك أنك إمبريالى و
صهيونى ورجعى وعميل للمخابرات الأمريكية ورفيق للمخابرات الروسية ، سيضعون أياديهم فى جيوبك كى يستولون
على ما بها ، ثم يتضاحكون ويقولون فيما بينهم هذا غر أحمق حلال فيه السرقة ، ولكنهم سيخرجون أمام الناس ويتصايحون عليك ويرجمونك بالحجارة وهم يقولون: عاد يهوذا الأسخريوطى ، أو يقولون: هذا هو المسيخ الدجال.
فإذا عدت فذنبك على جنبك ، حينذاك أنصحك بشراء نظارة "أشعة إكس" التى تخترق الحجب ، فلا قدرة لك بالحياة فى
مصر إلا بها ... فمن خلالها سترى أشخاصاً تظنهم ملائكة ، فإذا بك عندما تنظر إليهم من خلال نظارة إكس ستجدهم
شياطين مردة ، ومن هنا ستتعلم عدم أخذ الناس بظاهرهم ، فلو كانت للذنوب رائحة لفررنا من جوار من كنا نظن أنهم أتقى الناس !!
لا تعد إلى مصر فمصر لم تعد لنا ، مصر لم تصبح بلدنا ، لن أقول لك غابت مكارم الأخلاق ، لن أقول لك غابت القدوة ، لن أقول لك إن بطن الأرض أصبح خيراً من ظهرها ، ولكنى سأقول لك غابت مصر ... فلمن تعود إذن؟ ))
والغريب أننى وجدت الكاتب المجهول قد وقع خطابه تحت إسم
"صديقك الذى يشتاق إليك ... حمار حصاوى"</span>
منقول