BaNZeR
27-09-2009, 09:09 AM
أجراس الاحد
بعد ظهور 4 قنوات مسيحية علي ترددات النايل سات
من نُصدِّق: الكنيسة.. أم شركة الأقمار الصناعية؟!
البابا شنودة: "أغابي" علي القمر المصري من أول سبتمبر
أمين بسيوني: لم نتعاقد مع أحد.. لا صفقات مع الكنيسة.. تداخل الترددات السبب
وكيل وزارة الأوقاف: مرحباً بالفكر الحر.. لا للتشكيك في الآخر
أساتذة الإعلام: تنوع القنوات يعكس ثقافة المجتمع
تحقيق: إيمان إبراهيم
يقدمها : سامح محروس
* قبل الأول من شهر سبتمبر الحالي كان استقبال القنوات الفضائية المسيحية داخل البيوت يتطلب رصد ميزانية خاصة لتركيب طبق استقبال كبير ومتحرك وشراء جهاز ريسيفر يستطيع التقاط هذه القنوات المتناثرة بين القمرين الأوروبي والصيني.
الأقباط يشاهدون حالياً ما لا يقل عن سبع قنوات فضائية تناقش الدين المسيحي وتعاليمه.. وكانت البداية قبل عامين بقناة "أغابي" المملوكة للكنيسة القبطية.. والتي رفضت في البداية أن يتم بثها علي القمر الأوروبي الذي يحمل أغلب القنوات المسيحية الأخري.. حتي لا يكون هناك احتمال لمن يقوم بتصفح قنوات هذا القمر من أن تقع عيناه علي أي قناة أخري من القنوات ال*****ة.. ولذلك اختارت الكنيسة قمراً صناعياً مجهولاً وهو "تيلستار" أو القمر الصيني.. ليتم بث هذه القناة من خلاله..
وكان المشهد شديد الغرابة فهي القناة الوحيدة الناطقة باللغة العربية علي هذا القمر الذي لم يكن يحمل سوي 16 أو 17 قناة أغلبها قنوات صينية غير مفهومة بالتأكيد.. بالطبع كان التقاط إشارات هذه القناة قطعة من العذاب.. لأن هذا القمر له زاوية مدارية أبعد بكثير من القمرين المصري والأوروبي.. ومن كان يرغب في التقاط ما عليه.. لم يكن أمامه سوي أن يتكبد عناء تركيب نظام دش مكلف نسبياً.. وكأن الكنيسة باختيارها لهذا القمر المهجور ستمنع الناس عن مشاهدة أي قناة أخري إذا رغبوا في ذلك.
وعلي الجانب الآخر احتضن القمر الأوروبي النسبة الأكبر من القنوات المسيحية ومن بينها قناة "سي تي في" المملوكة لرجل الأعمال ثروت باسيلي.. وهي بشكل أو بآخر تدور داخل نفس إطار قناة "أغابي".. فيما ظلت إدارة القمر الصناعي المصري "نايل سات" علي موقفها الرافض لتحميل وبث هذه القنوات.
ظل هذا هو المشهد الإعلامي القبطي حتي شهر مضي.. وإن كان الأمر بالطبع لم يمنع كثيراً من الأصوات للمطالبة ببث القنوات المسيحية علي القمر المصري.. وكان "للجمهورية" فضل السبق في هذا الصدد عندما نشرت تحقيقاً استقصائياً في عددها الصادر الأحد 26 يوليو الماضي طالبت فيه ببث تلك القنوات.. تدعيماً لمبدأ المواطنة من ناحية.. وحداً من معاناة المشاهدين الراغبين في متابعتها من ناحية أخري.
الانفراجة التي حدثت في موقف إدارة النايل سات كانت مفاجأة للأوساط القبطية عندما أعلن البابا شنودة الثالث في اجتماعه الأسبوعي قبل شهر عن أنه سيتم بث قناة أغابي اعتباراً من الأول من شهر سبتمبر.
كان الإعلان مثيراً للانتباه.. ووقف الأنبا بطرس المشرف علي القناة ليقدم التهنئة للبابا وسط تصفيق حاد وهادر من الحشود التي حضرت هذا الاجتماع واعتبروا أن موقف النايل سات يعد أول ترجمة حقيقية وفعلية لمفهوم المواطنة.
ووسط هذا الجو المفعم بالإثارة خرجت عشرات المقالات والتقارير التي لم تكتف بتأكيد الخبر.. بل أخذت تحلل وتشرح وتفسر الدوافع الحقيقية وراء قرار بث القنوات المسيحية علي النايل سات جنباً إلي جنب مع القنوات الإسلامية.. هذا يتحدث عن صفقة بين الكنيسة والدولة.. وذاك يشكك ويري أن القرار يستهدف تجميل وجه النظام.. وثالث يربط الموضوع بقضية خلافة البابا ويعتقد أن المقصود به هو تلميع شخص معين من خلال بث قناته علي النايل سات لتسويقه بين الأقباط.
المفاجأة الحقيقية التي تكشفها "الجمهورية".. أن شركة النايل سات تؤكد أنها لم تبث أي قناة مسيحية.. وأن الأمر لا يعدو كونه مجرد تداخل في الإشارات لتجاور الأقمار الصناعية في الفضاء.. رغم أن الأقباط يلتقطون بالفعل نحو 4 قنوات علي الأقل وهي قنوات أغابي. وسي تي في. والمعجزة والملكوت علي التردد .11355
** أمين بسيوني رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات" قال ل "الجمهورية" إن موقف الشركة من بث القنوات المسيحية لم يتغير.. نحن لم نتعاقد مع أي قناة دينية مسيحية أو إسلامية.
* سألناه: وبماذا تفسر وجود القنوات المسيحية علي القمر المصري؟
قال : مواقع الأقمار المتجاورة.. تؤدي إلي تداخل القنوات.. ويشاهدها المشاهد وكأنها تبث عبر نفس القمر.
* معني ذلك أنه لا يوجد تعاقد بين النايل سات وأي قناة دينية مسيحية؟
- لم يتقدم أحد لنا بطلب تعاقد ولا يوجد مكان لبث أي قناة علي النايل سات سواء كانت قناة دينية أو غيرها والتعاقد يكون من خلال المنطقة الإعلامية الحرة وهي التي تمنح تصريح بث أي قناة. ونظراً للإقبال الشديد علي النايل سات سيتم اطلاق أول أقمار الجيل الثاني 201 في شهر مايو المقبل ومن نفس موقع القمرين السابقين في ولاية جيانا الفرنسية بأمريكا اللاتينية.
* وهل ستوافق إدارة نايل سات علي بث قنوات دينية مسيحية جديدة بعد إطلاق القمر الجديد في مايو القادم؟
- القمر 201 أكبر من الأقمار السابقة وسيستوعب قنوات جديدة إضافة إلي القنوات الموجودة حالياً علي القمرين الأول والثاني بعد انتهاء عمرهما الافتراضي وهذا كان الدافع في التفكير في القمر الجديد المضاف إليه بعض التقنيات الحديثة.
* هل هناك صفقة مع الكنيسة لبث قناتها علي النايل سات؟
- هذا غير صحيح.. لا توجد صفقات بيننا وبين أي جهة. الأمر لا يحتاج إلي صفقات لبث قنوات دينية لأنه منذ زمن بعيد والإذاعة المصرية تذيع قداس الأحد إلي يومنا هذا من خلال شبكة صوت العرب كما تبث صلوات الأعياد من خلال التليفزيون وهذا يحقق مبدأ المواطنة لأننا جميعاً أبناء وطن واحد وليس هناك فرق في شيء.
* إذن إدارة النايل سات مازالت تعارض بث قنوات دينية مسيحية من خلال القمر المصري؟
- ليس هناك رفض ونحن غير مسئولين عن بث القنوات لأن جهة الاختصاص هي المنطقة الإعلامية الحرة.
* لماذا وافقت إدارة النايل سات علي بث قناة أزهري علي النايل سات؟
- قناة أزهري لا تبث عبر النايل سات ولكنها تبث من خلال قمر آخر مجاور لنفس الموقع.
* هل وجود القمر الأوروبي علي الموقع المداري سبع درجات ونصف إلي جانب القمر عرب سات. والنايل سات علي مدار سبع درجات يزيد من تداخل القنوات علي النايل سات مما أفقدكم القدرة علي منعها؟
- لا توجد مصلحة لأحد في أن يمنع قناة من المشاهدة.. وعلي سبيل المثال قناة الجزيرة تبث إرسالها عبر عدة أقمار فإذا توقف إرسالها مثلاً علي النايل سات سيشاهدها المشاهد علي العرب سات وأقمار أخري.
انتهي كلام المسئول الأول عن الشركة المصرية للأقمار الصناعية.. وبعيداً عن اختلاف تفسير الدوافع وراء ظهور القنوات المسيحية لأول مرة علي القمر المصري.. فإن بث هذه القنوات حظي بارتياح وترحيب كبيرين من جانب المثقفين.. وبسطاء المواطنين علي حد سواء الذين سيزداد ارتباطهم أكثر بالقمر الصناعي لبلدهم.
* المستشار نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان أوضح أن القنوات المسيحية تبث برامج تثقيفية في إطار الثقافة المسيحية السليمة.. وهي تمثل خطوة إيجابية وهامة نحو ترسيخ مفهوم التعايش الإيجابي المشترك وإزالة سوء الفهم الذي تسبب فيه كثير من المتطرفين دون أي سند من الحقيقة.
* ويؤكد هاني جرجس فوزي المنتج السينمائي انه ضد منع أي قناة دينية مسيحية كانت أو إسلامية.. ولكن المهم أن تحرص هذه القنوات علي قيم المجتمع وأمنه وسلامته.
شدد علي ضرورة الابتعاد عن مهاجمة الأديان والحرص علي الأمن العام.. وألا تنساق هذه القنوات وراء قنوات أخري تهاجم الأديان السماوية.. وأصبحت تبث إرسالها بوضوح.. الأمر الذي يمكن أن يسبب كوارث عند انتشاره.
*ورحب الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل وزارة الأوقاف ببث هذه القنوات وأكد ضرورة وجود مساحة دينية علي النايل سات سواء للقنوات المسيحية أو الإسلامية لأن الدين هو العصمة والحصانة للأمة وأبنائها.
وأكد أن الدين الإسلامي لا يناهض الشرائع السماوية بل يعترف بها. وأضاف: نحن كدولة ديمقراطية نطبق سماحة الإسلام.. ونري أن الدين هو الحصن الحصين والعامل الأول لنشر الثقافة وبنيان الحضارة.
ورحب بأي فكر معتدل.. وأكد أنه لا يوجد أي قلق من أي دعوة مسيحية أو يهودية في إطار الدعوة المعتدلة وفي إطار الوسطية وعدم التنافر.
وشدد علي ضرورة تدعيم ثقافة المواطنة الموجودة بمصر والتي تحتضن جميع الشرائع السماوية وهي ملك للجميع.. وحرية الكلمة مكفولة للمسلمين والمسيحيين.. وحرية الدعوة مكفولة.. ولذلك لا مانع من بث تلك القنوات في إطار الالتزام بالإعداد الجيد لما يتم تقديمه.
* ويتفق معه الشيخ عادل أبو العباس عضو لجنة الفتوي بالأزهر ويؤكد أن الإسلام اهتم بالعقيدة والعقائد الأخري.. وأوضح منذ البداية أن اختلاف البشر واختلاف العقائد قضية إنسانية راعي فيها الإسلام طبيعة الخلق وذلك في قوله تعالي: "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم".. وقد عاش النبي في مجتمع يضم أطيافاً من البشر وعدداً من الديانات وأثبت أنه لا إكراه في الدين بعد أن تبين الرشد من الغي.. وأكد أيضا أن العقيدة بالذات لا يمكن إكراه الناس عليها فقال: "لكم دينكم ولي دين". ويستطيع كل إنسان أن يثبت مما سبق دينه بالطريقة التي يراها بشرط ألا يحدث وقيعة بين أهل العقائد المختلفة.
ورحب ببث الفضائيات للقضايا الدينية التي تدعو إلي التسامح وإلي جذب الناس إلي الله.. لكننا إذا تحدثنا في الجانب العقائدي فإن الخلاف سيتسع. وسيكون مثاراً للجدل بين أصحاب الديانات المختلفة. ونحن ندعو إلي أن تقف الأديان صفاً واحداً في مواجهة ال*****ة والمذاهب المتطرفة التي تدعو إلي نبذ الأديان أو الإساءة إلي القيم المشتركة بين الإنسانية.. والمسيحية واليهودية تدعوان إلي مكارم الأخلاق والي تجريم المخدرات وإلي القيم الإنسانية المشتركة.
* وأكد الشيخ سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف ورئيس قناة أزهري أنه لا يوجد أي مانع من بث القنوات المسيحية عبر القمر الصناعي المصري "نايل سات".
وأضاف قائلا: إننا نؤمن بحرية الاعتقاد وحرية التعبير والدعوة إلي أي فكر ولكن بشرطين:
الأول: أن يكون قائماً علي المنطق والعقل وليس قائماً علي شراء الناس بمغريات الحياة.
الثاني: ألا يعمل علي هدم الآخر والتشكيك فيه.. وإذا توافر هذان الشرطان لا مانع إطلاقاً من إطلاق أي عدد من الفضائيات القبطية.. ونحن في قناة أزهري التي أشرف برئاستها نعتمد علي المنطق والحوار ونبتعد كل البعد عن التشكيك في الآخر أو هدمه.. وهذا هو منطق القرآن الكريم في الآية الكريمة: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
* ويؤكد الفنان لطفي لبيب أن بث القنوات الدينية المسيحية إلي جانب القنوات الدينية الإسلامية علي القمر الصناعي المصري النايل سات جزء من تدعيم روح المواطنة ومن الطبيعي بث جميع القنوات الدينية المسيحية والإسلامية علي القمر المصري.
* ويتفق معه الدكتور محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ويؤكد أن بث القنوات المسيحية علي النايل سات تدعيم لثقافة المواطنة وشيء منطقي وطبيعي أن تتواجد علي القمر الصناعي المصري النايل سات قنوات فضائية مسيحية إلي جانب القنوات الدينية الإسلامية فهذا يدعم فكرة المواطنة وعنصري الأمة.
وأوضح أنه من المفيد أن يجد المواطن المسيحي أن القناة التي يشاهدها تبث الدين والعقيدة التي يؤمن بها ويدرك أن هناك اهتماماً من الدولة به كمواطن مثلما يري الاهتمام بجاره أو بزميله المسلم في بث قنوات دينية إسلامية ولا شك أيضا أن التنوع في بث القنوات للتعبير عن عقائد المواطن أمر يحقق درجة مهمة من درجات المواطنة ومن المهم أنه يتحمل قادة الرأي الدينيون سواء مسلمين أو مسيحيين شيوخاً وقساوسة دورهم في جعل الدعوة الدينية دعوة مستنيرة وإيجابية تحقق مصلحة الوطن وبقاء عنصري الأمة في إطار مفهوم الوحدة الوطنية.
* وطالب الدكتور صفوت العالم الأستاذ بإعلام القاهرة بالبحث عن أفضل السبل لتناول الموضوعات بشكل إيجابي يسد الثغرات الموجودة ويحقق المواطنة. كما طالب بعدم إتاحة أي مساحة لأي رجل دين متعصب يسعي إلي إشعال الخلاف أو يضخم الأحداث الفردية مع إفساح المجال لرجال الدين المستنيرين في كلا الجانبين.
الجمهورية (http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/fpage/detail05.asp)
بعد ظهور 4 قنوات مسيحية علي ترددات النايل سات
من نُصدِّق: الكنيسة.. أم شركة الأقمار الصناعية؟!
البابا شنودة: "أغابي" علي القمر المصري من أول سبتمبر
أمين بسيوني: لم نتعاقد مع أحد.. لا صفقات مع الكنيسة.. تداخل الترددات السبب
وكيل وزارة الأوقاف: مرحباً بالفكر الحر.. لا للتشكيك في الآخر
أساتذة الإعلام: تنوع القنوات يعكس ثقافة المجتمع
تحقيق: إيمان إبراهيم
يقدمها : سامح محروس
* قبل الأول من شهر سبتمبر الحالي كان استقبال القنوات الفضائية المسيحية داخل البيوت يتطلب رصد ميزانية خاصة لتركيب طبق استقبال كبير ومتحرك وشراء جهاز ريسيفر يستطيع التقاط هذه القنوات المتناثرة بين القمرين الأوروبي والصيني.
الأقباط يشاهدون حالياً ما لا يقل عن سبع قنوات فضائية تناقش الدين المسيحي وتعاليمه.. وكانت البداية قبل عامين بقناة "أغابي" المملوكة للكنيسة القبطية.. والتي رفضت في البداية أن يتم بثها علي القمر الأوروبي الذي يحمل أغلب القنوات المسيحية الأخري.. حتي لا يكون هناك احتمال لمن يقوم بتصفح قنوات هذا القمر من أن تقع عيناه علي أي قناة أخري من القنوات ال*****ة.. ولذلك اختارت الكنيسة قمراً صناعياً مجهولاً وهو "تيلستار" أو القمر الصيني.. ليتم بث هذه القناة من خلاله..
وكان المشهد شديد الغرابة فهي القناة الوحيدة الناطقة باللغة العربية علي هذا القمر الذي لم يكن يحمل سوي 16 أو 17 قناة أغلبها قنوات صينية غير مفهومة بالتأكيد.. بالطبع كان التقاط إشارات هذه القناة قطعة من العذاب.. لأن هذا القمر له زاوية مدارية أبعد بكثير من القمرين المصري والأوروبي.. ومن كان يرغب في التقاط ما عليه.. لم يكن أمامه سوي أن يتكبد عناء تركيب نظام دش مكلف نسبياً.. وكأن الكنيسة باختيارها لهذا القمر المهجور ستمنع الناس عن مشاهدة أي قناة أخري إذا رغبوا في ذلك.
وعلي الجانب الآخر احتضن القمر الأوروبي النسبة الأكبر من القنوات المسيحية ومن بينها قناة "سي تي في" المملوكة لرجل الأعمال ثروت باسيلي.. وهي بشكل أو بآخر تدور داخل نفس إطار قناة "أغابي".. فيما ظلت إدارة القمر الصناعي المصري "نايل سات" علي موقفها الرافض لتحميل وبث هذه القنوات.
ظل هذا هو المشهد الإعلامي القبطي حتي شهر مضي.. وإن كان الأمر بالطبع لم يمنع كثيراً من الأصوات للمطالبة ببث القنوات المسيحية علي القمر المصري.. وكان "للجمهورية" فضل السبق في هذا الصدد عندما نشرت تحقيقاً استقصائياً في عددها الصادر الأحد 26 يوليو الماضي طالبت فيه ببث تلك القنوات.. تدعيماً لمبدأ المواطنة من ناحية.. وحداً من معاناة المشاهدين الراغبين في متابعتها من ناحية أخري.
الانفراجة التي حدثت في موقف إدارة النايل سات كانت مفاجأة للأوساط القبطية عندما أعلن البابا شنودة الثالث في اجتماعه الأسبوعي قبل شهر عن أنه سيتم بث قناة أغابي اعتباراً من الأول من شهر سبتمبر.
كان الإعلان مثيراً للانتباه.. ووقف الأنبا بطرس المشرف علي القناة ليقدم التهنئة للبابا وسط تصفيق حاد وهادر من الحشود التي حضرت هذا الاجتماع واعتبروا أن موقف النايل سات يعد أول ترجمة حقيقية وفعلية لمفهوم المواطنة.
ووسط هذا الجو المفعم بالإثارة خرجت عشرات المقالات والتقارير التي لم تكتف بتأكيد الخبر.. بل أخذت تحلل وتشرح وتفسر الدوافع الحقيقية وراء قرار بث القنوات المسيحية علي النايل سات جنباً إلي جنب مع القنوات الإسلامية.. هذا يتحدث عن صفقة بين الكنيسة والدولة.. وذاك يشكك ويري أن القرار يستهدف تجميل وجه النظام.. وثالث يربط الموضوع بقضية خلافة البابا ويعتقد أن المقصود به هو تلميع شخص معين من خلال بث قناته علي النايل سات لتسويقه بين الأقباط.
المفاجأة الحقيقية التي تكشفها "الجمهورية".. أن شركة النايل سات تؤكد أنها لم تبث أي قناة مسيحية.. وأن الأمر لا يعدو كونه مجرد تداخل في الإشارات لتجاور الأقمار الصناعية في الفضاء.. رغم أن الأقباط يلتقطون بالفعل نحو 4 قنوات علي الأقل وهي قنوات أغابي. وسي تي في. والمعجزة والملكوت علي التردد .11355
** أمين بسيوني رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات" قال ل "الجمهورية" إن موقف الشركة من بث القنوات المسيحية لم يتغير.. نحن لم نتعاقد مع أي قناة دينية مسيحية أو إسلامية.
* سألناه: وبماذا تفسر وجود القنوات المسيحية علي القمر المصري؟
قال : مواقع الأقمار المتجاورة.. تؤدي إلي تداخل القنوات.. ويشاهدها المشاهد وكأنها تبث عبر نفس القمر.
* معني ذلك أنه لا يوجد تعاقد بين النايل سات وأي قناة دينية مسيحية؟
- لم يتقدم أحد لنا بطلب تعاقد ولا يوجد مكان لبث أي قناة علي النايل سات سواء كانت قناة دينية أو غيرها والتعاقد يكون من خلال المنطقة الإعلامية الحرة وهي التي تمنح تصريح بث أي قناة. ونظراً للإقبال الشديد علي النايل سات سيتم اطلاق أول أقمار الجيل الثاني 201 في شهر مايو المقبل ومن نفس موقع القمرين السابقين في ولاية جيانا الفرنسية بأمريكا اللاتينية.
* وهل ستوافق إدارة نايل سات علي بث قنوات دينية مسيحية جديدة بعد إطلاق القمر الجديد في مايو القادم؟
- القمر 201 أكبر من الأقمار السابقة وسيستوعب قنوات جديدة إضافة إلي القنوات الموجودة حالياً علي القمرين الأول والثاني بعد انتهاء عمرهما الافتراضي وهذا كان الدافع في التفكير في القمر الجديد المضاف إليه بعض التقنيات الحديثة.
* هل هناك صفقة مع الكنيسة لبث قناتها علي النايل سات؟
- هذا غير صحيح.. لا توجد صفقات بيننا وبين أي جهة. الأمر لا يحتاج إلي صفقات لبث قنوات دينية لأنه منذ زمن بعيد والإذاعة المصرية تذيع قداس الأحد إلي يومنا هذا من خلال شبكة صوت العرب كما تبث صلوات الأعياد من خلال التليفزيون وهذا يحقق مبدأ المواطنة لأننا جميعاً أبناء وطن واحد وليس هناك فرق في شيء.
* إذن إدارة النايل سات مازالت تعارض بث قنوات دينية مسيحية من خلال القمر المصري؟
- ليس هناك رفض ونحن غير مسئولين عن بث القنوات لأن جهة الاختصاص هي المنطقة الإعلامية الحرة.
* لماذا وافقت إدارة النايل سات علي بث قناة أزهري علي النايل سات؟
- قناة أزهري لا تبث عبر النايل سات ولكنها تبث من خلال قمر آخر مجاور لنفس الموقع.
* هل وجود القمر الأوروبي علي الموقع المداري سبع درجات ونصف إلي جانب القمر عرب سات. والنايل سات علي مدار سبع درجات يزيد من تداخل القنوات علي النايل سات مما أفقدكم القدرة علي منعها؟
- لا توجد مصلحة لأحد في أن يمنع قناة من المشاهدة.. وعلي سبيل المثال قناة الجزيرة تبث إرسالها عبر عدة أقمار فإذا توقف إرسالها مثلاً علي النايل سات سيشاهدها المشاهد علي العرب سات وأقمار أخري.
انتهي كلام المسئول الأول عن الشركة المصرية للأقمار الصناعية.. وبعيداً عن اختلاف تفسير الدوافع وراء ظهور القنوات المسيحية لأول مرة علي القمر المصري.. فإن بث هذه القنوات حظي بارتياح وترحيب كبيرين من جانب المثقفين.. وبسطاء المواطنين علي حد سواء الذين سيزداد ارتباطهم أكثر بالقمر الصناعي لبلدهم.
* المستشار نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان أوضح أن القنوات المسيحية تبث برامج تثقيفية في إطار الثقافة المسيحية السليمة.. وهي تمثل خطوة إيجابية وهامة نحو ترسيخ مفهوم التعايش الإيجابي المشترك وإزالة سوء الفهم الذي تسبب فيه كثير من المتطرفين دون أي سند من الحقيقة.
* ويؤكد هاني جرجس فوزي المنتج السينمائي انه ضد منع أي قناة دينية مسيحية كانت أو إسلامية.. ولكن المهم أن تحرص هذه القنوات علي قيم المجتمع وأمنه وسلامته.
شدد علي ضرورة الابتعاد عن مهاجمة الأديان والحرص علي الأمن العام.. وألا تنساق هذه القنوات وراء قنوات أخري تهاجم الأديان السماوية.. وأصبحت تبث إرسالها بوضوح.. الأمر الذي يمكن أن يسبب كوارث عند انتشاره.
*ورحب الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل وزارة الأوقاف ببث هذه القنوات وأكد ضرورة وجود مساحة دينية علي النايل سات سواء للقنوات المسيحية أو الإسلامية لأن الدين هو العصمة والحصانة للأمة وأبنائها.
وأكد أن الدين الإسلامي لا يناهض الشرائع السماوية بل يعترف بها. وأضاف: نحن كدولة ديمقراطية نطبق سماحة الإسلام.. ونري أن الدين هو الحصن الحصين والعامل الأول لنشر الثقافة وبنيان الحضارة.
ورحب بأي فكر معتدل.. وأكد أنه لا يوجد أي قلق من أي دعوة مسيحية أو يهودية في إطار الدعوة المعتدلة وفي إطار الوسطية وعدم التنافر.
وشدد علي ضرورة تدعيم ثقافة المواطنة الموجودة بمصر والتي تحتضن جميع الشرائع السماوية وهي ملك للجميع.. وحرية الكلمة مكفولة للمسلمين والمسيحيين.. وحرية الدعوة مكفولة.. ولذلك لا مانع من بث تلك القنوات في إطار الالتزام بالإعداد الجيد لما يتم تقديمه.
* ويتفق معه الشيخ عادل أبو العباس عضو لجنة الفتوي بالأزهر ويؤكد أن الإسلام اهتم بالعقيدة والعقائد الأخري.. وأوضح منذ البداية أن اختلاف البشر واختلاف العقائد قضية إنسانية راعي فيها الإسلام طبيعة الخلق وذلك في قوله تعالي: "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم".. وقد عاش النبي في مجتمع يضم أطيافاً من البشر وعدداً من الديانات وأثبت أنه لا إكراه في الدين بعد أن تبين الرشد من الغي.. وأكد أيضا أن العقيدة بالذات لا يمكن إكراه الناس عليها فقال: "لكم دينكم ولي دين". ويستطيع كل إنسان أن يثبت مما سبق دينه بالطريقة التي يراها بشرط ألا يحدث وقيعة بين أهل العقائد المختلفة.
ورحب ببث الفضائيات للقضايا الدينية التي تدعو إلي التسامح وإلي جذب الناس إلي الله.. لكننا إذا تحدثنا في الجانب العقائدي فإن الخلاف سيتسع. وسيكون مثاراً للجدل بين أصحاب الديانات المختلفة. ونحن ندعو إلي أن تقف الأديان صفاً واحداً في مواجهة ال*****ة والمذاهب المتطرفة التي تدعو إلي نبذ الأديان أو الإساءة إلي القيم المشتركة بين الإنسانية.. والمسيحية واليهودية تدعوان إلي مكارم الأخلاق والي تجريم المخدرات وإلي القيم الإنسانية المشتركة.
* وأكد الشيخ سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف ورئيس قناة أزهري أنه لا يوجد أي مانع من بث القنوات المسيحية عبر القمر الصناعي المصري "نايل سات".
وأضاف قائلا: إننا نؤمن بحرية الاعتقاد وحرية التعبير والدعوة إلي أي فكر ولكن بشرطين:
الأول: أن يكون قائماً علي المنطق والعقل وليس قائماً علي شراء الناس بمغريات الحياة.
الثاني: ألا يعمل علي هدم الآخر والتشكيك فيه.. وإذا توافر هذان الشرطان لا مانع إطلاقاً من إطلاق أي عدد من الفضائيات القبطية.. ونحن في قناة أزهري التي أشرف برئاستها نعتمد علي المنطق والحوار ونبتعد كل البعد عن التشكيك في الآخر أو هدمه.. وهذا هو منطق القرآن الكريم في الآية الكريمة: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
* ويؤكد الفنان لطفي لبيب أن بث القنوات الدينية المسيحية إلي جانب القنوات الدينية الإسلامية علي القمر الصناعي المصري النايل سات جزء من تدعيم روح المواطنة ومن الطبيعي بث جميع القنوات الدينية المسيحية والإسلامية علي القمر المصري.
* ويتفق معه الدكتور محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ويؤكد أن بث القنوات المسيحية علي النايل سات تدعيم لثقافة المواطنة وشيء منطقي وطبيعي أن تتواجد علي القمر الصناعي المصري النايل سات قنوات فضائية مسيحية إلي جانب القنوات الدينية الإسلامية فهذا يدعم فكرة المواطنة وعنصري الأمة.
وأوضح أنه من المفيد أن يجد المواطن المسيحي أن القناة التي يشاهدها تبث الدين والعقيدة التي يؤمن بها ويدرك أن هناك اهتماماً من الدولة به كمواطن مثلما يري الاهتمام بجاره أو بزميله المسلم في بث قنوات دينية إسلامية ولا شك أيضا أن التنوع في بث القنوات للتعبير عن عقائد المواطن أمر يحقق درجة مهمة من درجات المواطنة ومن المهم أنه يتحمل قادة الرأي الدينيون سواء مسلمين أو مسيحيين شيوخاً وقساوسة دورهم في جعل الدعوة الدينية دعوة مستنيرة وإيجابية تحقق مصلحة الوطن وبقاء عنصري الأمة في إطار مفهوم الوحدة الوطنية.
* وطالب الدكتور صفوت العالم الأستاذ بإعلام القاهرة بالبحث عن أفضل السبل لتناول الموضوعات بشكل إيجابي يسد الثغرات الموجودة ويحقق المواطنة. كما طالب بعدم إتاحة أي مساحة لأي رجل دين متعصب يسعي إلي إشعال الخلاف أو يضخم الأحداث الفردية مع إفساح المجال لرجال الدين المستنيرين في كلا الجانبين.
الجمهورية (http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/fpage/detail05.asp)