مشاهدة النسخة كاملة : التسمم بالفيتامينات !!


عبد العليم غزي
22-11-2009, 10:31 PM
التسمم بالفيتامينات !!
**************
لقد اكتشف العلماء أن الفيتامينات تنتمي إلى إحدى عائلتين ، العائلة الأولى هي :
الفيتامينات التي تذوب في الدهون ، وتوجد ذائبة فيها مثل فيتامين ( أ ) و ( د ) .
العائلة الثانية هي : الفيتامينات التي تذوب في الماء ، مثل فيتامين ( ج ) و ( ب ).
غير أن القناعة التي ترسبت في اذهان الناس أن الفيتامينات تتعدى حدود الضرورة إلى حدود إعطاء القوة والمناعة والصحة ، ولهذا أفرطوا في استعمالها وأسرفوا في تعاطيها بعد أن ألبسوها ثوب العقاقير المقوية !
وعمت بين الناس صرعة جديدة لاتقبل جدلا ولا نقاشا ، أطلق عليها الأطباء اصطلاح جنون الفيتامينات ، بل وانضم فريق من الأطباء إلى هذه التظاهرة الطبية ، يروجون لها عندما كانوا يصنعون الفيتامينات لكل مريض يعاني من ضعف وهزال أو سوء الشهية ، بحجة مغلوطة هي أن الفيتامينات إذا لم تفد فإن زيادتها لا تضر !
إن هذه القناعة الخاطئة كانت سر مأساة الفيتامينات التي انزلقت إليها أقدام العامة والخاصة من الناس ، وأثرى من أرباحها من له مصلحة في ترويج هذه الشائعة .
لم يبحث أحدا في بداية المر في مصير من يلتهم من الناس فيضا من الفيتامينات يزيد عن حاجة بدنه اليومية ، ولكنهم عندما بحثوا وجدوا أن الفيتامينات التي تذوب في الدهون لها خاصية تراكمية ، بمعنى أنها تتراكم في الجسم ، ويسبب هذا التراكم ضررا ربما يفوق ضرر نقصانها .
أما الفيتامينات التي تذوب في الماء ، فهي تنصرف من الجسم بعد – أن يأخذ الإنسان حاجته – منها مع ما يطرده من سوائل سواء كان منها البول أو العرق أو البراز ، فهي إذن تبذير وإهدار لا مبرر له ولا فائدة منه لأنها لا تخزن .
ومن هنا بدأ الفيتامين يتخذ منعطفا أخر في كتب الطب وهو البحث عن أضرار فيضه بمثل ما بحث عن أضرار نقصه ، وتوصلوا إلى حقائق لاتدع مجالا للشك فيها ومنها :
التسمم بفيتامين ( أ ) :
************* عرفت جماعات الإسكيمو من سكان أرض الجليد في الأصقاع الشمالية منذ قديم الزمان أن الإفراط في التهام أكباد الدببة لا يتسمم بالحكمة لأنه يسبب لهم الدوار والصداع والقيء مع تقشر الجلد .
وقد أثبت تحليل كبد الدب أنه يحتوي من فيتامين ( أ ) الرينول 600 ملجم في كل 100 جرام منه ، وتشير الحوادث التي تتواتر عن تسمم الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تناولهم كميات كبيرة من زيت كبد الحوت الغني بفيتامين ( أ ) تتراوح ما بين 30-150 ملجم يوميا على مدى عدة شهور مع أن الجرعة التي يحتاج لها الإنسان تتراوح مابين ملجم واحد وملجم ونصف من هذا الفيتامين في اليوم الواحد .
لهذا فإن الشخص المتسمم بهذا الزائد من فيتامين أ الذي يتراكم في الأنسجة الدهنية من جسمه يعاني من فقدان الشهية والتوتر ، وجفاف الجلد مع حكة وسقوط الشعر ، وتضخم في الكبد يصاحبها صداع وألام عضلية عامة لا تشفى إلا بوقفتعاطي هذا الفيتامين .
التسمم بفيتامين ( د) :
*************
ربما كان التسمم بهذا الفيتامين هو الأشهر والأعم والأكثر انتشارا لكون هذا الفيتامين أرخص الفيتامينات وأكثرها وفرة ، لأن أشعة الشمس تعمل على تحويل مادة في الجلد من شقيقات الكوليسترول إلى فيتامين ( د ) ، أضف إلى هذا ما يترسخ في قناعة الأمهات من أن تقوية عظام الطفل يتولى فيتامين ( د) مهمتها لذا فإنهن يقدمن أشربة وسوائل غنية بهذا الفيتامين تفوق حاجة أطفالهن أضعافا مضاعفة .
وهنا يصاب الطفل بفقدان الشهية وربما يعاني من القيء والغثيان والعطش الشديد وكثرة إدرار البول .
ويعقب هذا إمساك متعاقب مع إسهال ، والطفل غالبا يشكو الصداع والآلام العامة والخوف والهلوسة التي ربما انتهت بالغيبوبة . ومن تشريح من ساء حظهم وانتهت مأساتهم بالوفاة وجدوا أن هناك تكلسا منتشرا في جدران الأوعية الدموية وقنوات الكلى وحويصلات الرئتين وجدار القلب مع اضطراب في تكلس العظام مما ذهبت إليه أمال الأمهات وقناعتهن ، ولا حل لهذه المعاناة سوى إنقاص جرعة الفيتامين أو وقفه كليا .
التسمم بفيتامين ( ج ) :
**************
لقد ذهبت قناعة الناس إلى أن هذا الفيتامين مفيد ، فإذا لم يكن فإنه لن يضر وخاصة في منع نزلات البرد وشفائها ، حيث يدعم المناعة ويقوي المقاومة ، فهو ذو نفع كبير في مقاومة العدوى وإيقاف النزيف ، لهذا أسرفوا في تناوله بقدر يفوق عشرات المرات بل ألاف المرات بخمسة وسبعين ملجم ، فتناولوا ألفا أو ألفين أو ربما ثلاثة ألاف من المليجرامات في اليوم الواحد .
غير أن هذا الفائض كله يصرفه الإنسان في البول فهو إهدار للمال والجهد والطاقة دون مبرر أو فائدة ، ولكن الأسوأ من هذا هو احتمال الضرر بعد أن ثبت أن فيتامين ( ج)يشجع على ترسب أملاح اكزالات الكالسيوم في قنوات الكلى ومنه تتكون الحصيات ، وتبدأ المشاكل البولية . ومن هنا يبدأ الضرر حين نريد المنفعة !!
فاتقواالوجه الأخر للفيتامينات بعدم الإسراف في تعاطيها فهي لها وجهان والله أعلم !