د/بسمة الاسلام
20-12-2009, 04:53 PM
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
خلق الله سبحانه وتعالى كل شئ زوجين في هذا الكون .. كل شئ مبني على ظاهرة الزوجية .. بمعنى أنك تجد الشئ وضده معاً .. فهناك الجنة والنار , الملائكة والشياطين , السماوات والأرض , الليل والنهار , الشمس والقمر , السواد والبياض , الخير والشر , القوة والضعف , اللذة والألم , الروح والجسد , الوجود والعدم , السعادة والألم , الحب والكراهية , التجاذب والتنافر , القبح والجمال , إلى آخر ما هنالك .. وهذا لا يقع تحت حصر بل يستحيل حصره لأنه سنة عامة في الكون سواء في الماديات أو المعنويات .. لدرجة أن هناك حديث عجيب لحضرة نبينا وسيدنا صلى الله عليه وسلم عجبت لما قرأته , وهو قوله : " فيقتل مسيحُ الهدى مسيحَ الضلالة " أي أن السيد المسيح عيسى يقتل الدجال . فجعلهما النبي ضدان , هذا ضد هذا , هذا مسيح الهدى وهذا مسيح الضلال , وهذا متماش تماماً مع ظاهرة " الزوجية " السارية في الكون ...
هذه الزوجية ترجع في الحقيقة إلى الله ذاته , ألم تعلم أنه ذو " الجلال " و " الاكرام " ؟ فصفات الله سبحانه وتعالى قسمان : صفات جلال وصفات جمال , وإلى هذا ترجع ظاهرة "الزوجية" السارية في الكون كظاهرة عامة في كل المخلوقات ..
من ضمن مفردات هذه الزوجية : زوجية التفكير فالتفكير له عدة أنماط لكنها كلها ترجع إلى نمطين في التفكير , وهما ما نستطيع أن نسميهما ( التفكير العميق ) و ( السطحي ) , ( الباطني ) و ( الظاهري ) , فالأول ينظر إلى الحقائق والمسببات والمقاصد الكليّة , والأخير ينظر إلى الفروع والهوامش الصغيرة المبعثرة التي لا يجمع بينها أي جامع اللهم إلا جامع واحد ربما يركز عليه ويسلم له قياده ويلغي كل ما سواه حتى لو كان مطالباً به ..
هذا التزاوج في أنماط التفكير يسبب كثيراً من الخلاف بين الجماعات البشرية خصوصاً في ميدان الفكر والدين والثقافة , هذا فضلاً عن الصدامات اليومية في معترك الحياة ...
خلاف على كل الأصعدة وكل المستويات , بداية من الأسرة حتى العلاقات الدولية بين الحكام العرب , لكن أشد ما تعانيه الشعوب المسلمة اليوم من الخلاف هو الخلاف حول الدين وفهمه .. وأقول ( نعانيه ) لأنه كان من المفترض أن نسمح لأنفسنا بمساحة من الخلاف , ولكننا للأسف - مع اختلاف عقولنا وأنماط تفكيرنا بل واختلافنا في العلم والثقافة والمعرفة وكل شئ - نريد لأنفسنا أن نتفق في أدق التفاصيل ..
انظروا على سبيل المثال إلى المعارك التي تقوم على حكم استماع الغناء أو حكم النقاب ! فضلاً عن الخلافات التي هي أكبر من ذلك كالخلاف بين المدرسة النصّيّة والمدرسة المقاصدية , فهذه تجمد على النص وتلغي العقل تماماً مع أنه أداة لفهم النص وتفسيره , والأخرى أيضاً تعمل بالنص ولكنها توظف العقل لفهم مراد المشرع ومقاصده العامة فتجعل هذه المقاصد هي الأصل الكُلّي ثم تدرج النصوص تحته ( ولا تلغيها كما يقول خصومهم ) فتتضح الرؤية ويمكن الجمع بين النصوص أو معرفة اطارها الزمني الذي تصلح له بسهولة .. على عكس المدرسة النصّيّة التي لا تلتفت إلى مقاصد الشريعة وتعتبر النص هو البداية والنهاية , وتتهم المدرسة المقاصدية بالعقلانية المفرطة وإهمال النص ! في حين تتهمها المدرسة المقاصدية بالجمود وعدم الأهلية لاستنباط الأحكام من النص لأنه لا أدوات تملكها لتمكنها من ذلك..
ليت الأمر يقف عند هذا الحد ! ولكنه يتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك , إلى قضية الوحدة الإسلامية ليضربها في مقتل .
وهكذا فلكل فريق نظرته التي ينظر بها إلى الإسلام ويتعبد لله بمقتضاها , ولا يتزحزح عن موقفه قيد أنملة أو قيد شعرة , ويكون العدوان أكبر من المدرسة النصية لأنها تعتبر نفسها الاتجاه المحافظ وغيرها الاتجاه المُنحل المُتفسّخ , لأن النظر إلى النصوص وحدها دون مقاصدها يجعل دائرة التحريم أكبر وأكبر حتى تفرز في النهاية ما يسمى بعقلية التحريم . عقل يرى كل شئ حراما , وأن حياة المسلمين عادت جاهلية أولى , وتنبت مفاهيم خاطئة ومصطنعة للغُربة فتتأول حديث ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ) بأنه الغربة بين المسلمين والجماعة المسلمة نفسها , وهذا فهم خطير جداً نشأ عنه ظواهر خطيرة ليس من أخطرها احتقار المسلمين وجفاؤهم والاستعلاء عليهم , بل هناك ما هو أخطر كظاهرة التكفير والتي انتهت مؤخراً بظاهرة ( التفجير ) ..
أيها الأخ الكريم .. أيتها الأخت الكريمة ..
من أي القسمين أنت !!
ليس العيب في اختلاف عقولنا وثقافاتنا وأنماط تفكيرنا .. وإنما العيب كل العيب يكون حين نتجبر ونريد من الآخرين أن يغيروا خلقة عقولهم التي جبلهم الله عليها لكي يخضعوا لنا كما قال فرعون لقومه ( ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) ! ما هكذا أراد الله لنا ولو كان الحق معنا .
وبدلاً من أن نتبادل التهم بالعمالة للإستعمار فلنبصر أن اختلافنا هو أعظم مخلفات ورواسب الاستعمار بل وأعظم أسباب نمو واستفحال الاستعمار التربوي والفكري الذي تئن منه أمتنا حتى اللحظة .
ولنتذكر أن القدس لن تعود باستعباد أو استعمار أو بمعنى أدق ( استحمار ) بعضنا للبعض الآخر بعد انتهاء الاستعمار العسكري حتى اسبدلناه باستعمار أهلي وحروب أهلية ..
( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الناس ولكن كونوا ربانين ) ..
فهل أنت من الربانيين أم من القسم الآخر ..
موضوع منقوووووووووووووووووول :028ja7::028ja7:
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
خلق الله سبحانه وتعالى كل شئ زوجين في هذا الكون .. كل شئ مبني على ظاهرة الزوجية .. بمعنى أنك تجد الشئ وضده معاً .. فهناك الجنة والنار , الملائكة والشياطين , السماوات والأرض , الليل والنهار , الشمس والقمر , السواد والبياض , الخير والشر , القوة والضعف , اللذة والألم , الروح والجسد , الوجود والعدم , السعادة والألم , الحب والكراهية , التجاذب والتنافر , القبح والجمال , إلى آخر ما هنالك .. وهذا لا يقع تحت حصر بل يستحيل حصره لأنه سنة عامة في الكون سواء في الماديات أو المعنويات .. لدرجة أن هناك حديث عجيب لحضرة نبينا وسيدنا صلى الله عليه وسلم عجبت لما قرأته , وهو قوله : " فيقتل مسيحُ الهدى مسيحَ الضلالة " أي أن السيد المسيح عيسى يقتل الدجال . فجعلهما النبي ضدان , هذا ضد هذا , هذا مسيح الهدى وهذا مسيح الضلال , وهذا متماش تماماً مع ظاهرة " الزوجية " السارية في الكون ...
هذه الزوجية ترجع في الحقيقة إلى الله ذاته , ألم تعلم أنه ذو " الجلال " و " الاكرام " ؟ فصفات الله سبحانه وتعالى قسمان : صفات جلال وصفات جمال , وإلى هذا ترجع ظاهرة "الزوجية" السارية في الكون كظاهرة عامة في كل المخلوقات ..
من ضمن مفردات هذه الزوجية : زوجية التفكير فالتفكير له عدة أنماط لكنها كلها ترجع إلى نمطين في التفكير , وهما ما نستطيع أن نسميهما ( التفكير العميق ) و ( السطحي ) , ( الباطني ) و ( الظاهري ) , فالأول ينظر إلى الحقائق والمسببات والمقاصد الكليّة , والأخير ينظر إلى الفروع والهوامش الصغيرة المبعثرة التي لا يجمع بينها أي جامع اللهم إلا جامع واحد ربما يركز عليه ويسلم له قياده ويلغي كل ما سواه حتى لو كان مطالباً به ..
هذا التزاوج في أنماط التفكير يسبب كثيراً من الخلاف بين الجماعات البشرية خصوصاً في ميدان الفكر والدين والثقافة , هذا فضلاً عن الصدامات اليومية في معترك الحياة ...
خلاف على كل الأصعدة وكل المستويات , بداية من الأسرة حتى العلاقات الدولية بين الحكام العرب , لكن أشد ما تعانيه الشعوب المسلمة اليوم من الخلاف هو الخلاف حول الدين وفهمه .. وأقول ( نعانيه ) لأنه كان من المفترض أن نسمح لأنفسنا بمساحة من الخلاف , ولكننا للأسف - مع اختلاف عقولنا وأنماط تفكيرنا بل واختلافنا في العلم والثقافة والمعرفة وكل شئ - نريد لأنفسنا أن نتفق في أدق التفاصيل ..
انظروا على سبيل المثال إلى المعارك التي تقوم على حكم استماع الغناء أو حكم النقاب ! فضلاً عن الخلافات التي هي أكبر من ذلك كالخلاف بين المدرسة النصّيّة والمدرسة المقاصدية , فهذه تجمد على النص وتلغي العقل تماماً مع أنه أداة لفهم النص وتفسيره , والأخرى أيضاً تعمل بالنص ولكنها توظف العقل لفهم مراد المشرع ومقاصده العامة فتجعل هذه المقاصد هي الأصل الكُلّي ثم تدرج النصوص تحته ( ولا تلغيها كما يقول خصومهم ) فتتضح الرؤية ويمكن الجمع بين النصوص أو معرفة اطارها الزمني الذي تصلح له بسهولة .. على عكس المدرسة النصّيّة التي لا تلتفت إلى مقاصد الشريعة وتعتبر النص هو البداية والنهاية , وتتهم المدرسة المقاصدية بالعقلانية المفرطة وإهمال النص ! في حين تتهمها المدرسة المقاصدية بالجمود وعدم الأهلية لاستنباط الأحكام من النص لأنه لا أدوات تملكها لتمكنها من ذلك..
ليت الأمر يقف عند هذا الحد ! ولكنه يتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك , إلى قضية الوحدة الإسلامية ليضربها في مقتل .
وهكذا فلكل فريق نظرته التي ينظر بها إلى الإسلام ويتعبد لله بمقتضاها , ولا يتزحزح عن موقفه قيد أنملة أو قيد شعرة , ويكون العدوان أكبر من المدرسة النصية لأنها تعتبر نفسها الاتجاه المحافظ وغيرها الاتجاه المُنحل المُتفسّخ , لأن النظر إلى النصوص وحدها دون مقاصدها يجعل دائرة التحريم أكبر وأكبر حتى تفرز في النهاية ما يسمى بعقلية التحريم . عقل يرى كل شئ حراما , وأن حياة المسلمين عادت جاهلية أولى , وتنبت مفاهيم خاطئة ومصطنعة للغُربة فتتأول حديث ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ) بأنه الغربة بين المسلمين والجماعة المسلمة نفسها , وهذا فهم خطير جداً نشأ عنه ظواهر خطيرة ليس من أخطرها احتقار المسلمين وجفاؤهم والاستعلاء عليهم , بل هناك ما هو أخطر كظاهرة التكفير والتي انتهت مؤخراً بظاهرة ( التفجير ) ..
أيها الأخ الكريم .. أيتها الأخت الكريمة ..
من أي القسمين أنت !!
ليس العيب في اختلاف عقولنا وثقافاتنا وأنماط تفكيرنا .. وإنما العيب كل العيب يكون حين نتجبر ونريد من الآخرين أن يغيروا خلقة عقولهم التي جبلهم الله عليها لكي يخضعوا لنا كما قال فرعون لقومه ( ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) ! ما هكذا أراد الله لنا ولو كان الحق معنا .
وبدلاً من أن نتبادل التهم بالعمالة للإستعمار فلنبصر أن اختلافنا هو أعظم مخلفات ورواسب الاستعمار بل وأعظم أسباب نمو واستفحال الاستعمار التربوي والفكري الذي تئن منه أمتنا حتى اللحظة .
ولنتذكر أن القدس لن تعود باستعباد أو استعمار أو بمعنى أدق ( استحمار ) بعضنا للبعض الآخر بعد انتهاء الاستعمار العسكري حتى اسبدلناه باستعمار أهلي وحروب أهلية ..
( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الناس ولكن كونوا ربانين ) ..
فهل أنت من الربانيين أم من القسم الآخر ..
موضوع منقوووووووووووووووووول :028ja7::028ja7: