خالد مسعد .
25-12-2009, 05:25 PM
كيف ظهرت الجهمية ؟
الحمد لله مسبغ النعم ، وبارئ النسم ، وموجد الخلق بعد العدم ، حكمته في خلقه تاهت في فهمها عقول ذوي الحكم ، خالف بأنواع الابتلاءات بين الآراء والاعتقادات كما خالف بين الصور والهيئات ، وأخبرنا بما في ذلك من الحكم والغايات والآيات ، فقال سبحانه وتعالي : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلسِنَتِكُمْ وَأَلوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلكَ لآيَات للعَالمِينَ ) ، وقال جل جلاله : ( وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لجَعَل النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلذَلكَ خَلقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) (هود:119/118) .
وبين لنا أنه قدير على أن يكونوا مؤتلفين غير مختلفين فقال سبحانه وهو أصدق القائلين : ( وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَليْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلوْ شَاءَ اللهُ لجَمَعَهُمْ على الهُدَي فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الجَاهِلينَ ) (الأنعام:35) ، ونبهنا الله عز وجل ألطف تنبيه على أن هذا الخلاف بين المستخلفين في أرضه فيه حكمة بالغة ، ليعتبر البشر عند النظر ، إلي صحة البعث والحساب ، ووجود الثواب والعقاب ، وردا على المنكرين للنعيم والعذاب ، فقال وقوله الحق ، ووعده الصدق : ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلي وَعْدًا عَليْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلمُونَ )(النحل:38) ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، بلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين ، فاللهم اجزه خير ما جازيت به نبيا عن أمته ، ورسولا عن رسالته ، أما بعد ..
نبدأ اليوم معكم بإذن الله تعالى الحديث عن موضوع عظيم كان له عظيم الأثر في تاريخ الإسلام والمسلمين ، بدعة كبري حدثت في تاريخ الإسلام والمسلمين ، بدعة عصفت بالأمة الإسلامية اكتوينا بنارها على مر السنين ، بدعة قتل بسببها آلاف المؤمنين الموحدين ، بدعة كبري ثبت فيها أمام أهل السنة في وجه الخليفة والمبتدعين ، فهو الوحيد الذي ثبت على قول الحق في عقيدة التوحيد حتى قيل : أحمد ليوم البدعة ، ، سوف نعرض لكم كيف نشأت هذه البدعة ؟ ولماذا عذب الإمام أحمد بن حنبل قامع البدعة وناصر السنة ؟ ومن الذي كان خلفها ؟ ومن الذي فتن بها وما آثارها على الإسلام والمسلمين ؟ .
بداية نقول وبالله التوفيق ، إذا كان الاختلاف بين العقول البشرية ، مقدرا في سنن الله الكونية ، وجاريا على العباد بحكمة المتوحد في الربوبية ، إلا أنه من جهة العبودية ابتلاء لسائر الإنسانية ، في قوة التمسك بعقيدة التوحيد وطاعة الأحكام الشرعية ، من أجل ذلك نهانا الله عن الاختلاف وحذرنا من الوقوع في الخلاف ، وأمرنا بالاستسلام لله والاعتصام بكتابه وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، فقال جل ذكره : }يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ على شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلكَ يُبَيِّنُ اللهُ لكُمْ آيَاتِهِ لعَلكُمْ تَهْتدُونَ ) (آل عمران:103:102) ، وقال تعالى : } فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلمُوا تَسْليمًا { (النساء:65) .
والصحابة جميعهم آمنوا بكلام الله ، واتبعوا طريقة رسول الله ، صدقوا نبيهم فكل ما أخبرهم به ، وأطاعوه عن حب في كل ما أمرهم به ، كما قال نبينا لسفيان بن عبد الله : قل آمنت بالله فاستقم ، وظل أمر السلف من بعدهم يسير بفضل الله على دربهم ، يخضعون لله عن طواعية وتسليم ، يصدقون خبر نبيهم ، وينفذون أمر رسولهم ، يتابعونه من غير ابتداع ، ويسلمون للوحي بلا نزاع ، ويعلمون أن صلاح العقول في اتباع المنقول ، في التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، وظلت أمور العقيدة على هذا الحال صافية نقية ، والأمة الإسلامية تمثل كمال البشرية في تحقيق العبودية لله عز وجل ، حتى ظهر أثر الحاقدين في التشويش على اعتقاد المؤمنين ، وبرز فكر الجاهلين ، الذين يقدمون آراءهم وأهواءهم على كل نص قرآني أو حديث نبوي ، فكان من أبرزهم في التاريخ الإسلامي ، عبد الله بن سبأ اليهودي ، الذي أسهم في تفرق الأمة الإسلامية ، وكان سببا في ظهور الشيعه والخوارج كأبرز الفرق الإسلامية ، وله بإذن الله حديث مستفيض ، في مجموعة من المحاضرات عن الشيعة وتاريخهم ، وأما أس البلاء وسبب ما نحن فيه من الشقاء ، وحامل لواء مقدمي الآراء على كتاب الله وسنة رسوله فهو الجهم بن صفوان الخرساني ، الذي توفي في نهاية الربع الأول من القرن الثاني الهجري .
والجهم بن صفوان استمد فكره من طريقين : طريق يهودي والآخر وثني ، فقد تربّيَ الجهم بن صفوان على يد أستاذه الجعد بن درهم الذي أخذ أفكاره وآراءه من أبان ابن سمعان الذي تعلم من طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم وتلميذه ، ولبيد هو الساحر اليهودي الذي سحر النبي في مشط ومشاطة ، فقد روي البخاري من حديث عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا أنها قَالتْ سَحَرَ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لهُ لبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حتى كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ يُخَيَّلُ إِليْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلهُ ، حتى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ ليْلةٍ وَهُوَ عِنْدِي ، لكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ، ثُمَّ قَال يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ، أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْليَّ ، فَقَال أَحَدُهُمَا لصَاحِبِهِ : مَا وَجَعُ الرَّجُل ؟ فَقَال : مَطْبُوبٌ ، قَال : مَنْ طَبَّهُ ؟ قَال : لبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، قَال : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَال : فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلعِ نَخْلةٍ ذَكَرٍ ، قَال : وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَال : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَجَاءَ فَقَال : يَا عَائِشَةُ ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ، قُلتُ : يَا رَسُول اللهِ أَفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ قَال : قَدْ عَافَانِي اللهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ على النَّاسِ فِيهِ شَرًّا ، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ ، وفي رواية أخرى عند البخاري : فَقُلتُ اسْتَخْرَجْتَهُ فَقَال لا أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلكَ على النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ .
الحمد لله مسبغ النعم ، وبارئ النسم ، وموجد الخلق بعد العدم ، حكمته في خلقه تاهت في فهمها عقول ذوي الحكم ، خالف بأنواع الابتلاءات بين الآراء والاعتقادات كما خالف بين الصور والهيئات ، وأخبرنا بما في ذلك من الحكم والغايات والآيات ، فقال سبحانه وتعالي : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلسِنَتِكُمْ وَأَلوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلكَ لآيَات للعَالمِينَ ) ، وقال جل جلاله : ( وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لجَعَل النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلذَلكَ خَلقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) (هود:119/118) .
وبين لنا أنه قدير على أن يكونوا مؤتلفين غير مختلفين فقال سبحانه وهو أصدق القائلين : ( وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَليْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلوْ شَاءَ اللهُ لجَمَعَهُمْ على الهُدَي فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الجَاهِلينَ ) (الأنعام:35) ، ونبهنا الله عز وجل ألطف تنبيه على أن هذا الخلاف بين المستخلفين في أرضه فيه حكمة بالغة ، ليعتبر البشر عند النظر ، إلي صحة البعث والحساب ، ووجود الثواب والعقاب ، وردا على المنكرين للنعيم والعذاب ، فقال وقوله الحق ، ووعده الصدق : ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلي وَعْدًا عَليْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلمُونَ )(النحل:38) ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، بلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين ، فاللهم اجزه خير ما جازيت به نبيا عن أمته ، ورسولا عن رسالته ، أما بعد ..
نبدأ اليوم معكم بإذن الله تعالى الحديث عن موضوع عظيم كان له عظيم الأثر في تاريخ الإسلام والمسلمين ، بدعة كبري حدثت في تاريخ الإسلام والمسلمين ، بدعة عصفت بالأمة الإسلامية اكتوينا بنارها على مر السنين ، بدعة قتل بسببها آلاف المؤمنين الموحدين ، بدعة كبري ثبت فيها أمام أهل السنة في وجه الخليفة والمبتدعين ، فهو الوحيد الذي ثبت على قول الحق في عقيدة التوحيد حتى قيل : أحمد ليوم البدعة ، ، سوف نعرض لكم كيف نشأت هذه البدعة ؟ ولماذا عذب الإمام أحمد بن حنبل قامع البدعة وناصر السنة ؟ ومن الذي كان خلفها ؟ ومن الذي فتن بها وما آثارها على الإسلام والمسلمين ؟ .
بداية نقول وبالله التوفيق ، إذا كان الاختلاف بين العقول البشرية ، مقدرا في سنن الله الكونية ، وجاريا على العباد بحكمة المتوحد في الربوبية ، إلا أنه من جهة العبودية ابتلاء لسائر الإنسانية ، في قوة التمسك بعقيدة التوحيد وطاعة الأحكام الشرعية ، من أجل ذلك نهانا الله عن الاختلاف وحذرنا من الوقوع في الخلاف ، وأمرنا بالاستسلام لله والاعتصام بكتابه وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، فقال جل ذكره : }يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ على شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلكَ يُبَيِّنُ اللهُ لكُمْ آيَاتِهِ لعَلكُمْ تَهْتدُونَ ) (آل عمران:103:102) ، وقال تعالى : } فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلمُوا تَسْليمًا { (النساء:65) .
والصحابة جميعهم آمنوا بكلام الله ، واتبعوا طريقة رسول الله ، صدقوا نبيهم فكل ما أخبرهم به ، وأطاعوه عن حب في كل ما أمرهم به ، كما قال نبينا لسفيان بن عبد الله : قل آمنت بالله فاستقم ، وظل أمر السلف من بعدهم يسير بفضل الله على دربهم ، يخضعون لله عن طواعية وتسليم ، يصدقون خبر نبيهم ، وينفذون أمر رسولهم ، يتابعونه من غير ابتداع ، ويسلمون للوحي بلا نزاع ، ويعلمون أن صلاح العقول في اتباع المنقول ، في التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، وظلت أمور العقيدة على هذا الحال صافية نقية ، والأمة الإسلامية تمثل كمال البشرية في تحقيق العبودية لله عز وجل ، حتى ظهر أثر الحاقدين في التشويش على اعتقاد المؤمنين ، وبرز فكر الجاهلين ، الذين يقدمون آراءهم وأهواءهم على كل نص قرآني أو حديث نبوي ، فكان من أبرزهم في التاريخ الإسلامي ، عبد الله بن سبأ اليهودي ، الذي أسهم في تفرق الأمة الإسلامية ، وكان سببا في ظهور الشيعه والخوارج كأبرز الفرق الإسلامية ، وله بإذن الله حديث مستفيض ، في مجموعة من المحاضرات عن الشيعة وتاريخهم ، وأما أس البلاء وسبب ما نحن فيه من الشقاء ، وحامل لواء مقدمي الآراء على كتاب الله وسنة رسوله فهو الجهم بن صفوان الخرساني ، الذي توفي في نهاية الربع الأول من القرن الثاني الهجري .
والجهم بن صفوان استمد فكره من طريقين : طريق يهودي والآخر وثني ، فقد تربّيَ الجهم بن صفوان على يد أستاذه الجعد بن درهم الذي أخذ أفكاره وآراءه من أبان ابن سمعان الذي تعلم من طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم وتلميذه ، ولبيد هو الساحر اليهودي الذي سحر النبي في مشط ومشاطة ، فقد روي البخاري من حديث عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا أنها قَالتْ سَحَرَ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لهُ لبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حتى كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ يُخَيَّلُ إِليْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلهُ ، حتى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ ليْلةٍ وَهُوَ عِنْدِي ، لكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ، ثُمَّ قَال يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ، أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْليَّ ، فَقَال أَحَدُهُمَا لصَاحِبِهِ : مَا وَجَعُ الرَّجُل ؟ فَقَال : مَطْبُوبٌ ، قَال : مَنْ طَبَّهُ ؟ قَال : لبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، قَال : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَال : فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلعِ نَخْلةٍ ذَكَرٍ ، قَال : وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَال : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَجَاءَ فَقَال : يَا عَائِشَةُ ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ، قُلتُ : يَا رَسُول اللهِ أَفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ قَال : قَدْ عَافَانِي اللهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ على النَّاسِ فِيهِ شَرًّا ، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ ، وفي رواية أخرى عند البخاري : فَقُلتُ اسْتَخْرَجْتَهُ فَقَال لا أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللهُ وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلكَ على النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ .