محمد صفوت
25-01-2007, 11:56 PM
مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــنقول
هل تعرف صديقا كان يعشق الرسم وحلم كثيرا بكلية الفنون الجميلة، لكنّه أجبر على الالتحاق بكلية الهندسة عشان (مايضيعش مجموعه)؟.. هل تعرفين صديقة أجبرها والداها على دخول كلية الطب، رغم أنها أبدت رغبتها في كلية السياسة والاقتصاد؟.. حسنا.. حسنا.. أنا أعرف!
كان السؤال الأبدي الذي أسمعه قبل بدء مرحلة الثانوية العامة: "ناوي على إيه؟.. طِب ولاّ هندسة؟".. وكأن الكل قد لاحظ تفوقي الدراسي؛ فاختار لي القسم العلمي بلا تردد.. حسنا، لقد دخلت القسم العلمي، واخترت مادة الأحياء أيضا في العام الأول..
وبتلقائية تحوّل السؤال: "ناوي على إيه.. طِب ولاّ صيدلة؟"
بصراحة أنا لم أدخل القسم العلمي ولعا بعيون الفيزياء أو حبا في معادلات الكيمياء كما يزعم البعض، ولا أعرف أحدا من اصدقائي اختار القسم العلمي لأنه (بيموت) في الذرّة أو لا يطيق فراق الكهربية أو الجدول الدوري.. القاعدة التي لم يخالفها أحد –ولا أحد يجرؤ أصلا– هي أن المتفوقين يدخلون القسم العلمي باحثين عن كليات القمة، أما الفاشلين –لاحظ كلمة الفاشلين دي– فلهم الحق في دخول قسم (سهل) زي الأدبي، عشان (يجيبوا مجموع) لكلية عِدلة!.. إذن آخر ما يتعلق به الأمر هو ميولك، مَن الساذج الذي قال إن القسم الأدبي لصاحبي الميول الأدبية؟
وهكذا دخلت (علمي علوم) مع الشِّلة، كأن الأمر نوع من المرح.. في رأيي كان القسم العلمي يتيح لي خيارات أكبر في الاختيار، فكليات العلمي والأدبي متاحة أمامي، بينما لا يُسمَح القسم الأدبي سوى بكلياته فحسب، بغض النظر عن أنني لن أجد في القسم الأدبي سوى (الفاشلين)، ولن أجد أحدا من أصدقائي!.. أما لماذا (علمي علوم) ومش (علمي رياضة)، فلأنني لم أحلم بلقب (مهندس) إطلاقا.. بدا لي الطب أكثر رومانسية، وأن حرف (الدال) قبل اسمي سيكون أكثر أناقة من (الميم)!
في هذين العامين اللذين يشكلان الثانوية العامة، بدا الحلم الكبير يرتسم أمامي.. كلية الطب!.. يا سلام على كلية الطب!.. يا بخت من يدخل الطب!.. أصدقائي ينامون ويستيقظون على حلم المجموع الكبير الذي يؤهلهم للحلم الأعظم.. نمشي في الشارع، فيشيرون لصديقنا الذي يكبرنا بعامين أو أكثر، الذي دخل كلية العباقرة.. نجلس في الدرس، فتبدأ معلمة الأحياء في مدح تلاميذها العباقرة الذين (جابوا) خمسين في الأحياء، ودخلوا كلية الطب! العباقرة هؤلاء حفظوا منهج الأحياء، ودخلوا رصوه في صفحة الإجابة في الامتحان ليدخلوا الكلية العظيمة!
تدور حلقة الاسئلة، ليأتي الدور عليّ.. أبدأ في الإجابة، فينهال عليّ مزيد من أسئلة المعلمة... في النهاية تومِئ المعلمة برأسها في رضا، وتجيب: "لازم تذاكر كويس.. مستنيّة مِنّك الخمسين!.."
نأتي للحظة الفارقة بعد نتيجة المرحلة الأولى، التي تحدد المصير المحتوم.. مَن يستمر في (علمي علوم) ومن يحول إلى قسم آخر..
والقواعد تحتم أيضا من يحصل على مجموع يفوق 95% يستمر، ومن يحصل على مجموع أقل فعليه أن يفكر من جديد.. هذه هي القواعد أيها الطلبة، ولا مجال للمناقشة!
ولأنني كنت في مركز متقدم بين أوائل المدرسة، فكان لابد أن أستمر، وقد صار لقب (دكتور) قريبا جدا.. في كل مكان أسمعه باعتبار (ما سيكون)، وكأن النتيجة النهائية قد ظهرت ودخلتُ كلية الطب بالفعل.. أمي تجلس جواري، ضاربة المثل بابن أختها الذي في عامه الخامس في كلية الطب.. في زيارة لأحد الأطباء مع أبي، يبدأ الأخير في التحدث للطبيب عن مجموعي الكبير وحلمي –حلمي أنا– في كلية الطب، فيثني عليّ الطبيب ويبدأ في مدح كل مزايا كلية الطب!
الكارثة عادة ما تقع بعد نتيجة الثانوية العامة.. هناك من يرون الكارثة أن يضيع مجهود العام ويضيع معه الحلم الكبير، وهناك من يراها أن (تقع الفاس في الرأس) وتحصل على المجموع الكبير، فلا يكون أمامك خيار سوى (كلية الطب)!
وإليك السيناريو بكل تفاصيله.. تحصل على المجموع؛ لتكون في نظر الكل الآن (طبيبا).. تسير في الشارع، فيتعالى صياح البائع (ازيك يا دكتور).. تصافح أصدقاءك فيكون الرد (نسلِّم بقى ع الدكتور).. وحتى من هم قادمون لتهنئتك بالنجاح، يقولون (مبروك يا دكتور)... بعد كل هذا، قد يجن جنونك، وتقول (مش عاوز طب!).. هنا ينظر لك أحد هؤلاء، ويسألك مندهشا: (أمال إيه يا بني؟.. صيدلة؟)!
والقصة تتردد كثيرا.. كم مرة سمعت عن شاب رفض دخول الطب، لكن أهله أجبروه على دخولها؟.. هناك قصة شهيرة للفنان "مصطفى شعبان" بذات السيناريو، حكاها أكثر من مرة في مقابلات تليفزيونية، وتتلخص في أنه أرغم على كلية الطب، لكنه لم يلبث أن تركها لكلية الإعلام.
وأنا أعترف بأن الأمر ليس بهذه السهولة.. الكل مقتنع تماما بأن كلية الطب هي كلية القمة، وهي الدار التي تخرج السادة الأطباء صاحبي المكانة الاجتماعية المتميزة، والعيادات التي تُدِرُّ مالا وفيرا.. الميزة الأهم في كلية الطب هي أنك تضمن وظيفة حكومية بعد تخرجك.. بعد سبع سنوات من الدراسة الشاقة، ستتخرج وتتعين في مستشفى عام، أو وحدة صحية ما، وبمرتب خيالي.. مائة وخمسين جنيها في الشهر!.. الأمر يختلف كثيرا إذا دخلت الطب عن حب للمهنة وليس لمجرد أنها كلية القمة.
حتى من يرفض الطب ويبدأ التفكير في كلية بديلة مثل صيدلة، ولسان حاله يقول (بدل السبع سنين يبقوا خمسة).. هذا المنطق العجيب الذي تسمعه كثيرا من طلبة الثانوية العامة، وكأنهم بيبيعوا بطاطا مش بيحدودا مستقبلهم.. الأمر معلق في النهاية على المهنة، دون ارتباط الأمر بالحب أو الهواية والكلام الفاضي ده.. إيه بيشغل في النهاية ويجيب فلوس أكتر؟
بالنسبة لي فقد خضت المعركة حتى النهاية، التي تمثلت في انتصار ساحق لرغبة والديّ ووصول استمارة ترشيح مكتب التنسيق حاملة اسم (طب المنصورة)، لكن الله سبحانه وتعالى أهداني فرصة أخرى أشكره كثيرا عليها، ووجدت نفسي أخوض اختباراتٍ كثيرة ومقابلات شخصية انتهت في مكان آخر تماما أفضل ما فيه أنه بلا طب ولا صيدلة، وأن عليّ أن أختار بنفسي ما أريد دراسته.. كان هذا المكان هو الجامعة الأمريكية.
حتى في هذا المكان، كنت أرى أصدقائي يلتحقون بكلية الهندسة بلا تفكير.. تجد من ترك كلية الطب في إحدى الجامعات المصرية، وجاء يلتحق بكلية الهندسة لمجرد (أنها أعلى حاجة).. وكثيرا ما حكى لي أصدقاء تخرجوا في الجامعة أو في آخر سنواتهم فيها عن أحلامهم بدراسة الإعلام أو البيزنس أو أي شيء آخر، على أن يكون بعيدا عن المجال الذي قضوا في دراسته أربع أو خمس سنوات، وأنفقوا فيه عشرات الآلاف من الجنيهات، لكنهم كانوا مرغمين عليه.. فهذا يريده والده أن يصير مهندسا مثله، وهذا يريده أن يدخل أفضل الأقسام دون أن يولي أي اهتمام لميول ابنه، وذاك يريد أن يدرس ابنه إدارة الأعمال ليساعده في شركاته بعد تخرجه.. حسنا.. ماذا يحدث في النهاية إذن؟
أعرف كثيرا من أصدقائي تركوا المجال الذي درسوه تماما، وأخذوا يبحثون عن عمل كانوا يحبونه ويؤدونه على سبيل الهواية أثناء الدراسة بالجامعة، وهم يندمون على السنوات التي أضاعوها في دراسة ما لن يفيدهم يوما ما!
السؤال هو:
كم منا يترك ما يحب من أجل ما يحبه الأخرون؟.. مَن فعلا المسئول عن تحديد مستقبلنا؟
أهي رغباتنا نحن أم رغبات الآخرين، حتى ولو كانوا والدينا؟.. كم منا دخل كلية الطب وحلمه الإعلام؟.. كم منا دخل الصيدلة وحلمه السياسة والاقتصاد؟.. كم منا دخل الهندسة وحلمه الفنون الجميلة؟
هل تعرف صديقا كان يعشق الرسم وحلم كثيرا بكلية الفنون الجميلة، لكنّه أجبر على الالتحاق بكلية الهندسة عشان (مايضيعش مجموعه)؟.. هل تعرفين صديقة أجبرها والداها على دخول كلية الطب، رغم أنها أبدت رغبتها في كلية السياسة والاقتصاد؟.. حسنا.. حسنا.. أنا أعرف!
كان السؤال الأبدي الذي أسمعه قبل بدء مرحلة الثانوية العامة: "ناوي على إيه؟.. طِب ولاّ هندسة؟".. وكأن الكل قد لاحظ تفوقي الدراسي؛ فاختار لي القسم العلمي بلا تردد.. حسنا، لقد دخلت القسم العلمي، واخترت مادة الأحياء أيضا في العام الأول..
وبتلقائية تحوّل السؤال: "ناوي على إيه.. طِب ولاّ صيدلة؟"
بصراحة أنا لم أدخل القسم العلمي ولعا بعيون الفيزياء أو حبا في معادلات الكيمياء كما يزعم البعض، ولا أعرف أحدا من اصدقائي اختار القسم العلمي لأنه (بيموت) في الذرّة أو لا يطيق فراق الكهربية أو الجدول الدوري.. القاعدة التي لم يخالفها أحد –ولا أحد يجرؤ أصلا– هي أن المتفوقين يدخلون القسم العلمي باحثين عن كليات القمة، أما الفاشلين –لاحظ كلمة الفاشلين دي– فلهم الحق في دخول قسم (سهل) زي الأدبي، عشان (يجيبوا مجموع) لكلية عِدلة!.. إذن آخر ما يتعلق به الأمر هو ميولك، مَن الساذج الذي قال إن القسم الأدبي لصاحبي الميول الأدبية؟
وهكذا دخلت (علمي علوم) مع الشِّلة، كأن الأمر نوع من المرح.. في رأيي كان القسم العلمي يتيح لي خيارات أكبر في الاختيار، فكليات العلمي والأدبي متاحة أمامي، بينما لا يُسمَح القسم الأدبي سوى بكلياته فحسب، بغض النظر عن أنني لن أجد في القسم الأدبي سوى (الفاشلين)، ولن أجد أحدا من أصدقائي!.. أما لماذا (علمي علوم) ومش (علمي رياضة)، فلأنني لم أحلم بلقب (مهندس) إطلاقا.. بدا لي الطب أكثر رومانسية، وأن حرف (الدال) قبل اسمي سيكون أكثر أناقة من (الميم)!
في هذين العامين اللذين يشكلان الثانوية العامة، بدا الحلم الكبير يرتسم أمامي.. كلية الطب!.. يا سلام على كلية الطب!.. يا بخت من يدخل الطب!.. أصدقائي ينامون ويستيقظون على حلم المجموع الكبير الذي يؤهلهم للحلم الأعظم.. نمشي في الشارع، فيشيرون لصديقنا الذي يكبرنا بعامين أو أكثر، الذي دخل كلية العباقرة.. نجلس في الدرس، فتبدأ معلمة الأحياء في مدح تلاميذها العباقرة الذين (جابوا) خمسين في الأحياء، ودخلوا كلية الطب! العباقرة هؤلاء حفظوا منهج الأحياء، ودخلوا رصوه في صفحة الإجابة في الامتحان ليدخلوا الكلية العظيمة!
تدور حلقة الاسئلة، ليأتي الدور عليّ.. أبدأ في الإجابة، فينهال عليّ مزيد من أسئلة المعلمة... في النهاية تومِئ المعلمة برأسها في رضا، وتجيب: "لازم تذاكر كويس.. مستنيّة مِنّك الخمسين!.."
نأتي للحظة الفارقة بعد نتيجة المرحلة الأولى، التي تحدد المصير المحتوم.. مَن يستمر في (علمي علوم) ومن يحول إلى قسم آخر..
والقواعد تحتم أيضا من يحصل على مجموع يفوق 95% يستمر، ومن يحصل على مجموع أقل فعليه أن يفكر من جديد.. هذه هي القواعد أيها الطلبة، ولا مجال للمناقشة!
ولأنني كنت في مركز متقدم بين أوائل المدرسة، فكان لابد أن أستمر، وقد صار لقب (دكتور) قريبا جدا.. في كل مكان أسمعه باعتبار (ما سيكون)، وكأن النتيجة النهائية قد ظهرت ودخلتُ كلية الطب بالفعل.. أمي تجلس جواري، ضاربة المثل بابن أختها الذي في عامه الخامس في كلية الطب.. في زيارة لأحد الأطباء مع أبي، يبدأ الأخير في التحدث للطبيب عن مجموعي الكبير وحلمي –حلمي أنا– في كلية الطب، فيثني عليّ الطبيب ويبدأ في مدح كل مزايا كلية الطب!
الكارثة عادة ما تقع بعد نتيجة الثانوية العامة.. هناك من يرون الكارثة أن يضيع مجهود العام ويضيع معه الحلم الكبير، وهناك من يراها أن (تقع الفاس في الرأس) وتحصل على المجموع الكبير، فلا يكون أمامك خيار سوى (كلية الطب)!
وإليك السيناريو بكل تفاصيله.. تحصل على المجموع؛ لتكون في نظر الكل الآن (طبيبا).. تسير في الشارع، فيتعالى صياح البائع (ازيك يا دكتور).. تصافح أصدقاءك فيكون الرد (نسلِّم بقى ع الدكتور).. وحتى من هم قادمون لتهنئتك بالنجاح، يقولون (مبروك يا دكتور)... بعد كل هذا، قد يجن جنونك، وتقول (مش عاوز طب!).. هنا ينظر لك أحد هؤلاء، ويسألك مندهشا: (أمال إيه يا بني؟.. صيدلة؟)!
والقصة تتردد كثيرا.. كم مرة سمعت عن شاب رفض دخول الطب، لكن أهله أجبروه على دخولها؟.. هناك قصة شهيرة للفنان "مصطفى شعبان" بذات السيناريو، حكاها أكثر من مرة في مقابلات تليفزيونية، وتتلخص في أنه أرغم على كلية الطب، لكنه لم يلبث أن تركها لكلية الإعلام.
وأنا أعترف بأن الأمر ليس بهذه السهولة.. الكل مقتنع تماما بأن كلية الطب هي كلية القمة، وهي الدار التي تخرج السادة الأطباء صاحبي المكانة الاجتماعية المتميزة، والعيادات التي تُدِرُّ مالا وفيرا.. الميزة الأهم في كلية الطب هي أنك تضمن وظيفة حكومية بعد تخرجك.. بعد سبع سنوات من الدراسة الشاقة، ستتخرج وتتعين في مستشفى عام، أو وحدة صحية ما، وبمرتب خيالي.. مائة وخمسين جنيها في الشهر!.. الأمر يختلف كثيرا إذا دخلت الطب عن حب للمهنة وليس لمجرد أنها كلية القمة.
حتى من يرفض الطب ويبدأ التفكير في كلية بديلة مثل صيدلة، ولسان حاله يقول (بدل السبع سنين يبقوا خمسة).. هذا المنطق العجيب الذي تسمعه كثيرا من طلبة الثانوية العامة، وكأنهم بيبيعوا بطاطا مش بيحدودا مستقبلهم.. الأمر معلق في النهاية على المهنة، دون ارتباط الأمر بالحب أو الهواية والكلام الفاضي ده.. إيه بيشغل في النهاية ويجيب فلوس أكتر؟
بالنسبة لي فقد خضت المعركة حتى النهاية، التي تمثلت في انتصار ساحق لرغبة والديّ ووصول استمارة ترشيح مكتب التنسيق حاملة اسم (طب المنصورة)، لكن الله سبحانه وتعالى أهداني فرصة أخرى أشكره كثيرا عليها، ووجدت نفسي أخوض اختباراتٍ كثيرة ومقابلات شخصية انتهت في مكان آخر تماما أفضل ما فيه أنه بلا طب ولا صيدلة، وأن عليّ أن أختار بنفسي ما أريد دراسته.. كان هذا المكان هو الجامعة الأمريكية.
حتى في هذا المكان، كنت أرى أصدقائي يلتحقون بكلية الهندسة بلا تفكير.. تجد من ترك كلية الطب في إحدى الجامعات المصرية، وجاء يلتحق بكلية الهندسة لمجرد (أنها أعلى حاجة).. وكثيرا ما حكى لي أصدقاء تخرجوا في الجامعة أو في آخر سنواتهم فيها عن أحلامهم بدراسة الإعلام أو البيزنس أو أي شيء آخر، على أن يكون بعيدا عن المجال الذي قضوا في دراسته أربع أو خمس سنوات، وأنفقوا فيه عشرات الآلاف من الجنيهات، لكنهم كانوا مرغمين عليه.. فهذا يريده والده أن يصير مهندسا مثله، وهذا يريده أن يدخل أفضل الأقسام دون أن يولي أي اهتمام لميول ابنه، وذاك يريد أن يدرس ابنه إدارة الأعمال ليساعده في شركاته بعد تخرجه.. حسنا.. ماذا يحدث في النهاية إذن؟
أعرف كثيرا من أصدقائي تركوا المجال الذي درسوه تماما، وأخذوا يبحثون عن عمل كانوا يحبونه ويؤدونه على سبيل الهواية أثناء الدراسة بالجامعة، وهم يندمون على السنوات التي أضاعوها في دراسة ما لن يفيدهم يوما ما!
السؤال هو:
كم منا يترك ما يحب من أجل ما يحبه الأخرون؟.. مَن فعلا المسئول عن تحديد مستقبلنا؟
أهي رغباتنا نحن أم رغبات الآخرين، حتى ولو كانوا والدينا؟.. كم منا دخل كلية الطب وحلمه الإعلام؟.. كم منا دخل الصيدلة وحلمه السياسة والاقتصاد؟.. كم منا دخل الهندسة وحلمه الفنون الجميلة؟