مشاهدة النسخة كاملة : العقيدة بعد رفع محنة خلق القرآن


خالد مسعد .
27-12-2009, 02:55 PM
البدعة الكبرى– المحاضرة العاشرة

العقيدة بعد رفع المحنة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الذِي خَلقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلقَ مِنْهَا زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذِي تَتَساءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَليْكُمْ رَقِيبًا ) ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ) ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلمُون ) أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
فإن البدعة هي كل حدث في الدين بعد كماله وتمامه ، وهي ما لم يكن في عصر النبي صلي الله عليه وسلم ، مما فعله أو أقر عليه ، أو أذنت فيه شريعته ، أو ما كان في عصر الصحابة رضي الله عنهم ، مما أجمعوا عليه قولا أو فعلا أو تقريرا ، وأصل كلمة البدعة من الاختراع ، وهو الشيء الذي يحدث ، من غير أصل سابق ، ولا مثالٍ محتذي ، ولا أُلف مثلُه ، ومنه قولهم أبدع الله الخلق أي خلقهم ابتداء ، ومنه قوله تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَي أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (البقرة:117) وقوله : ( قُل مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُل ) (الاحقاف:9) والبدعة يدخل فيها ما تخترعه القلوب من عقائد ، وما تنطق به الألسنة ، وما تفعله الجوارح من طاعة بلا دليل عليها من كتاب أو سنة ، قال معاذ رضي الله عنه : إن من ورائكم فتن يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق ، والرجل والمرأة ، والصغير والكبير ، والعبد والحر ، فيوشك أن يقول قائل : ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ، ما هم بمتبعي ، حتى ابتدع لهم غيره ، فإياكم وما ابتدع ، فإنما ابتدع ضلالة ، واحذروا زيغة الحكيم ، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلال على لسان الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق .
لقد وقف الإمام أحمد بن حنبل لأهل البدعة وقفة ، يضرب بها المثل في الثبات على الحق ، والتمسك بالسنة ، فما قام أحد في الإسلام ، كما قام أحمد بن حنبل ، إلا أن البلاء استمر بعد خلافة المعتصم إلي عهد ولده الواثق ، فلا زال القول بخلق القرآن ، واعتماد عقيدة المعتزلة ، هو المنهج الرسمي لسياسة الدولة ، وأعاد الواثق امتحان الناس مرة أخرى كما فعل أبوه ، وابتلي بذلك خلق كثير في هذه البدعة الكبرى ، حتى قتل العالم الجليل أحمد بن نصر الخزاعي ، رحمه الله وأكرم مثواه ، وقد علق الواثق جثته في سري من رأي ، ورأسه في بغداد لست سنوات .
هذه البدعة الكبرى التي امتحن فيها الناس ، سببها هو المنهج العقلي الذي سلكه أهل الضلال من الاعتزال ، والذي زعموا فيه أنهم يجتهدون في دين الله ، فكان اجتهادهم الباطل في نفي أوصاف الله ورد ما دلت عليه النصوص ، ويا ليتهم ما اجتهدوا ، فقد كان اجتهادهم بلاء على الأمة ، ورفع لراية البدعة ، وقد حذر النبي صلي الله عليه وسلم أمته من البدع ، وحذرهم من محدثات الأمور ، وأمرهم بالاتباع الذي فيه النجاةُ من كل محذور ، وقد جاء في كتاب الله تعالى الأمر بالاتباع وترك الابتداع ، يقول تعالى : ( قُل إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) وقال تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلهِ ذَلكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لعَلكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153) قال المفسرون في قول الله تعالى : ( ولا تتبعوا السبل ) البدع والشبهات والشهوات ، وقال عز وجل : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلي اللهِ وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) (النساء:59) .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ( ما من نبي بعثه الله عز وجل في أمه قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، وفي رواية يهتدون بهدية ويستنون بسنته، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .
وما أحسن ما قاله إبراهيم النخعي : ( ما أعطاكم الله خيرا خبيء عن أصحاب رسوله وخيرته من خلقه ) وهو يشير بذلك إلي ترك الغلو في الدين وإلى الاقتداء بعلماء السلف الصالحين ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَهْل الكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا على اللهِ إِلا الحَقَّ ) (النساء:171) فكل من فعل أمرا موهما أنه مشروع وليس كذلك فهو غال في دينه ، مبتدع فيه ، قائل على الله غير الحق ، بلسان مقاله أو لسان حاله ، كما فعل المعتزلة بالمسلمين .
جاء رجل إلي الإمام مالك بن أنس فقال : من أين أحرم ؟ فقال : من الميقات الذي وقت رسول الله وأحرم منه فقال الرجل فإن أحرمت من أبعد منه فقال مالك لا أري ذلك فقال ما تكره من ذلك قال أكره عليك الفتنة قال وأي فتنة في ازدياد الخير ، فقال مالك : فإن الله تعالى يقول : ( فَليَحْذَرِ الذِينَ يُخَالفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ) (النور:63) وأي فتنة أعظم من أن تري أن اختيارك لنفسك خير من اختيار الله ورسوله ، وأي فتنة أ كبر من أنك خصصت نفسك بفضل لم يختص به رسول الله .
واعلموا عباد الله أن حيث الأمر إذا ورد بلزوم الجماعة ، فالمراد به لزوم الحق واتباعة ، وإن كان المتمسك بالحق قليلا والمخالف كثيرا لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولي من النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، ولا ننظر إلي كثرة أهل الباطل بعدهم ، قال عمر بن ميمون الأودي : صحبت معاذا باليمن ، فما فارقته حتى واريته التراب بالشام ، ثم صحبت بعده أفقه الناس عبد الله بن مسعود ، فسمعته يقول عليكم بالجماعة ، فإن يد الله على الجماعة ثم سمعته يوما من الأيام وهو يقول : سيلي عليكم ولاة يؤخرون الصلاة عن مواقيتها فصلوا الصلاة لميقاتها ، فهي الفريضة وصل معهم فإنها لك نافلة ، قال عمر بن ميمون لعبد الله بن مسعود قلت : يا أصحاب محمد ما أدري ما تحدثون قال عبد الله : وما ذاك ؟
قلت : تأمرني بالجماعة وتحضني عليها ثم تقول لي صل الصلاة وحدك وهي الفريضة وصل مع الجماعة وهي نافلة ، قال عبد الله بن مسعود : يا عمرو بن ميمون قد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية ، تدري ما الجماعة قلت لا قال إن جمهور الناس فارقوا الجماعة ، وأن الجماعة ما وافق الحق وأن كنت وحدك ، وفي رواية يقول عمرو بن ميمون فقال : ابن مسعود وضرب على فخذي ويحك أن جمهور الناس فارقوا الجماعة وأن الجماعة ما وافق طاعة الله تعالى ، يقول نعيم ابن حماد يعني عبد الله إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد وأن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة .
والبدعة الكبرى التي حدثت في تاريخ المسلمين في القرن الثالث الهجري والتي تعد من أبرز الأحداث التاريخية في ابتلاء أصحاب العقيدة السلفية ، هزت كيان الأمة وظهر مصطلح جديد لم يكن من قبل هو مصطلح الخلف في مقابل السلف ، فأصبح مصطلح السلف يطلق على كل من عاصر الفترة الزمنية التي تسمي بعصر خير القرون ، وكان منهجه تقديم النقل على العقل وتقديم الرأي والهوى ، فلا بد أن يتحقق في مصطلح السلف عاملان :
أولا – العامل الزمني : وهو إدراك الفترة الزمنية التي حددها رسول الله بالقرون الثلاثة الفاضلة ، فعند البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال صلي الله عليه وسلم: ( خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ ، قَال عِمْرَانُ : لا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً ، قَال صلي الله عليه وسلم : إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ ) وعنده أيضا من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَال : ( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ ، فَلا أَدْرِي فِي الثَّالثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ قَال : ثُمَّ يَتَخَلفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلفٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهـ) والقرن قد يطلق على المائة عام وقد يطلق على أهل كل مدة كان فيها نبي أو كان فيها طبقة من أهل العلم قلت السنون أو كثرت ، وكأنه مشتق من الاقتران .
ثانيا - العامل المنهجي : ويتمثل في طريقتهم التي فهموا بها القرآن والسنة وبلغوا من خلالها أعلى درجات الإسلام والإيمان ، فهم يعتقدون أنه لا تعارض بين العقل الصريح والنقل الصحيح ، وأن العقل يشهد للنقل ويؤيده وأن الإنسان لو اتبع النقل اتباعا كاملا فهو المهتدي بنور الحق وهو بذلك من أسعد الخلق ، وأن الذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل ومن المحال أن يرسل إليه ما يفسده فإذا عرفنا الله بنفسه في النقل الصحيح أو عرفنا بشيء مما غاب عنا في عالم الغيب أو في عالم الشهادة ، وجب على كل إنسان مسلم عاقل أن يفعل كما فعل سلفنا الصالح ، يصدق بالمنقول عن الرسول صلي الله عليه وسلم تصديقا جازما يبلغ حد اليقين ولا يعارض ذلك بعقله ورأيه لأن مهمة العقل تجاه النقل تصديق الأخبار وتنفيذ الأوامر ، ومن المحال أن يتعارض العقل الصريح الواضح مع النقل الصحيح الثابت ، بل العقل يشهد للنقل ويؤيده ، والسبب في ذلك أن المصدر واحد فالذي خلق العقل هو الله والذي أرسل إليه النقل هو الله ، وهو سبحان أعلم بصناعته لعقل الإنسان وأعلم بما يصلحه في كل آن ، فإذا وضع نظاما لتشغيل صنعته وألزم الإنسان بشريعته ، كان من المحال أن يضل الإنسان أو يشقي أو يعيش معيشة ضنكا إذا اتبع هداية الله ومنهجه ، كما قال : ( فَإِمَّا يَأْتِينَّكُمْ مِنِّي هُدًي فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَي وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَي )(طه/124:123) ، وقال أيضا : ( قَدْ جَاءكُمْ مِنْ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُل السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلي النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلي صِرَاطٍ مُسْتَقِيم ) (المائدة/16:15) .
ولو ظهر الخلل والتعارض بين العقل والنقل ، فلن يكون ذلك بسبب نظام التوجيه الذي وضعه الله في شرعه وما نقل عن نبيه صلي الله عليه وسلم، ولكن السبب قلة الالتزام به وعدم العمل بمنهج الله والعدول عنه إلي نظم قاصرة من وضع العقول البشرية ، أو اتباع الآراء الوهمية .
وإذا تعارض العقل والنقل لجهل العقل بما ورد في النقل وغياب الفهم الصحيح للأدلة ، وجب على المسلم العاقل قبل التعطيل أو التأويل بغير دليل أن يتقي الله ولا يقدم عقله وهواه على كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم فمهمة العقل تجاه النقل لمن صدق في إسلامه تصديق المنقول إذا كان خبرا وتنفيذه إذا كان أمرا ، ومن ثم فإن الله إذا عرفنا بنفسه في النقل الصحيح أو عرفنا بشيء مما في عالم الغيب أو عالم الشهادة وجب على كل إنسان مسلم عاقل أن يصدق بالمنقول عن الرسول صلي الله عليه وسلم تصديقا جازما يبلغ حد اليقين الذي ينافي الشك ، ولا يرد الأدلة ويعطلها زاعما أنه من أصحاب المدرسة العقلية التي تحكِّم العقل في كل شيء حتى في باب الأسماء والصفات فيوجب على الله بعقله أشياء ويجوز له من الصفات ما يشاء ويجعل ما نزل من السماء في الصفات الخبرية دربا من المستحيلات .
وقد يسمي المتمسكون بطريقة السلف سلف على اعتبار التشابه في منهج الأوائل وطريقتهم في فهم القرآن والسنة وإن كانوا خلفا للسلف من الناحية الزمنية ، وهؤلاء هم خير خلف لخير سلف بعكس الخلف من الناحية الاصطلاحية ، فالخلف اصطلاحا ، لا بد أن يتحقق فيه عاملان أيضا :
1- العامل الزمني وبدايته تقترن مع نهاية عصر خير القرون وبداية المحنة سنة 218 تقريبا عندما أصبح مذهب الدولة الرسمي في العقيدة هو المذهب الاعتزالي .

خالد مسعد .
27-12-2009, 02:56 PM
2- العامل المنهجي : وهو تقديم العقل على النقل فقد ظهر كما علمنا من المحاضرات الماضية في البدعة الكبرى ظهر اتجاه في تاريخ المسلمين مخالف لما كان عليه أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم والتابعون وتابعوهم من سلف الأمة ، خالفوا السلف في فهمهم لكتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وبخاصة في النصوص المتعلقة بذات الله وصفاته وأفعاله ، هذا الاتجاه الاعتزالي تأسس على تحكيم العقل والهوى في أمور العقيدة وعدم التسليم لأي نص في كتاب الله أو حديث يخالف ما تقرر في أذهانهم من أمور عقلية سقيمة ، فتارة يردونه وتارة يؤولونه على غير ما دل عليه ظاهر اللفظ العربي الذي نزل به القرآن ، هذا الاتجاه عرف بمذهب الخلف واستمر حتى عصرنا الحالي ، وقد كان المنطق اليوناني هو المحاط بهالة من التقديس والإعجاب لدي هؤلاء ، إذ جعلوه أصلا يسيرون على نهجه وميزانا لقياس الأمور العقائدية الثابتة بالوحي ، ومن ثم جعلوا النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي فهمها الصحابة بسليقتهم دون إشكال ، جعلوا ظاهرها باطل محال ، ولا تدل على حقيقة معينة تليق بذات الله ، ولكن جعلوها تدل على أمور مجازية أو معنوية لا إثبات فيها ولا صفات ، وقد قال بعضهم معظما للمنطق أرسطوا اليوناني الملحد : ( إن من لا يحيط به فلا ثقة بعلومه) وبالغ وغالي غلوا كبيرا في تمجيده حتى جعله ميزانا يزن به كل العلوم والمعارف الدينية وسواها فيقول : ( لا أدعي أني أزن بها المعارف الدينية فقط ، بل أزن بها العلوم الحسابية والهندسية والطبيعة والفقهية والكلامية وكل علم حقيقي غير وضعي فإني أميز حقه عن باطله بهذه الموازين وكيف لا وهو القسطاس المستقيم ؟ ) ونظروا إلي القرآن والسنة على أن ظاهر ما ورد فيه تشبيه وهدم للتوحيد وأن الاستدلال بهما يأتي على آخر قوائم الأدلة يقول بعضهم : ( من أخذ علمه من العبارات والألفاظ ضل ضلالا بعيدا ومن رجع إلي العقل استقام أمره وصلح دينه) وقد زعم هؤلاء الخلف من أتباع الجهمية وجود التعارض بين العقل ونصوص الكتاب والسنة وأرادوا أن يجعلوا دلالة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتعلق بالصفات الإلهية دلالة باطلة يجب صرفها عن ظاهرها وإبعادها عن حقيقتها إلي معني آخر .
ولذلك فإن أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم في خلال ثلاثة وعشرين عاما كانوا يسمعون القرآن ويفهمون معناه ثم يؤمنون به ويعملون بمقتضاه حتى أكمل الله لنبيه ولأمته الدين وأتم النعمة ، وقد كان فيما نزل به القرآن الكريم الإخبار عن الأمور الغيبية كالإخبار عن ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وعن اليوم الآخر ووصف الجنة والنار كل ذلك ومما هو في معناه كان القرآن يتنزل به والرسول صلي الله عليه وسول يبلغه ويبينه والصحابة يتلقونه بالقبول ويفهمونه ويؤمنون به ، ولم يعرف عن أحد منهم أنه تردد أو استشكل شيئا من ذلك ، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه : ( ما رأيت خيرا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض صلي الله عليه وسلم كلهن في القرآن يسألونك عن المحيض ويسألونك عن الشهر الحرام ويسألونك عن اليتامى ما كانوا يسألونه إلا عما ينفعهم ) .
ويذكر العلامة ابن القيم أن الصحابة قد تنازعوا في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا ، ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال ، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمتهم واحدة ، من أولهم إلي آخرهم تلقوا النصوص بالقبول والتسليم وقابلوها بالإيمان والتعظيم وجعلوا الأمر فيها أمرا واحدا وأجروها على منهج واحد ، ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها أجزاء متفرقة ، فأقروا ببعضها وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين .
وهذا الاتجاه المخالف لفهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن سلك سبيلهم والمعروف بمذهب الخلف قد احتذا حذوه طائفة كبيرة في عالمنا الإسلامي ، وظن كثير من الإسلاميين أنه مذهب حق وصدق لأنه كما يزعم أصحابه فيه تنزيه لله تعالى عن مماثلة الحوادث والأجسام ، وفيه تعظيم للعقل وإبداع في الكلام .
وقد تناسوا في طي ذلك أن أفضل من وحد الله وأفرده بربوبيته وأسمائه وصفاته وأفعاله وصرف له كل أنواع العبادة هو رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم أصحابه والتابعون لهم ومن سلك سبيلهم بإحسان إلي يوم الدين ، وهم سلفنا الصالح المعنيون بقوله صلي الله عليه وسلم :
( خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) قال الحافظ ابن حجر : ( وقد توسع من تأخر عن القرون الثلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم ولم يقتنعوا بذلك حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان وجعلوا كلام الفلاسفة أصلا يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل ولو كان مستكرها ، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أن الذي رتبوه هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل ، وأن من لم يستعمل ما اصطلحوا عليه فهو عامي جاهل فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف واجتنب ما أحدثه الخلف )
وهذا الاتجاه للأسف قائم ومستمر إلي عصرنا الحالي لكن ألبسوه ثوباً جديداً ، وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل العقلانية أو التنوير أو التجديد أو التحرر الفكري أو التطور الحضاري أو العقل المعاصر أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي ، وقد قوي هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي المادي العقلاني ، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وفق العقل الإنساني ، فلجئوا إلي التأويل كما لجأت المعتزلة من قبل ، ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم ، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات المادية ، الشيخ محمد عبده يفسر الطير الأبابيل الذي أهلك الله به أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري ، وآراؤه من هذا القبيل كثير وكثير .

خالد مسعد .
27-12-2009, 02:57 PM
فأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجديد ، هو زعمهم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلي الحقيقة ، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية ، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة ، وكل فكر للعقل البشري القاصر ، ومن أخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي الحديث ، محاولتهم تغيير الأحكام الشرعية التي وردت فيها النصوص اليقينية ، مثل عقوبة المرتد ، وأوقات الحج ، وفرضية الجهاد ، وتسميد الحدود الشرعية ، وغير ذلك ، فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات ، والطلاق والإرث .. إلخ .. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله .. وتحكيم العقل في هذه المواضيع ، ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر .
وقد ساعد على انتشار هذا الاتجاه المعروف بمذهب الخلف في الوسط الإسلامي ، تدريسه بين طلبة العلم ، وتبني كثير من الدعاة له في أحاديثهم وكتبهم ، يقول البيجوري في حاشيته ، مفضلا اتجاه الخلف على طريقة السلف تحت قول صاحب الجوهرة : وكل نص أوهم التشبيها : أوّله أوفوّض ورم تنزيها ( وطريقة الخلف أعلم لما فيها من ممثل د الإيضاح والرد على الخصوم وهي الأرجح ولذلك قدمها المصنف ، وطريقة السلف أسلم لما فيها من السلامة من تعيين معني قد يكون غير مراد لله تعالى ) وهذا من الكلام المقرر على المرحلة الثانوية بالمعاهد الأزهرية في كتاب جوهرة التوحيد .
والآن نتحدث عن مرحلة ما بعد المحنة ، أو أحداث البدعة الكبرى ، وعودة المذهب الرسمي للدولة إلي مذهب السلف الصالح ، في الحقيقة لم تعد أمور العقيدة على نقائها فيما سلف ، بل ظهر ممثل ج من الآراء العقلية في القضايا الغيبية ، لوث النقاء الذي عرف به مذهب السلف قبل المحنة ، فقد كان الواقع يعج بالفرق والأحزاب والطوائف المتعددة التي نتجت عن جيل ، ولد في عصر البدعة وألف تهوين السنة ، ونفي أوصاف الله عز وجل ، ومن ينظر في كتب الفرق والاختلافات العقلية التي أعقبت المحنة ، يجد فوضي فكرية يحار معها من ولد وجد في هذا العصر .
فتجد كتاب الفرق والمقالات ينقلون لنا صورا من الواقع الاعتقادى الذي انتشر بعد رفع المحنة يقول أحدهم مصوا هذا الواقع : واختلفت المعتزلة في صفات الأفعال كالقول خالق رازق محسن جواد وما أشبه ذلك هل يقال إن البارىء لم يزل غير خالق ولا رازق ولا جواد أم لا على ثلث فرق ، فالفرقة الأولي منهم يزعمون انه لا يقال إن البارىء لم يزل خالقا ولا يقال لم يزل غير خالق ولا يقال لم يزل رازقا ولا يقال لم يزل غير رازق وكذلك قولهم في سائر صفات الأفعال ، والفرقة الثانية منهم يزعمون أن البارىء لم يزل غير خالق ولا رازق فإذا قيل لهم فلم يزل غير عادل قالوا لم يزل غير عادل ولا جائر ولم يزل غير محسن ولا مسيء ولم يزل غير صادق ولا كاذب ، والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن البارىء عز وجل لم يزل غير خالق ولا رازق ولا يقولون لم يزل غير عادل ولا محسن ولا جواد ولا صادق ولا حليم لا على تقييد ولا على إطلاق لما في ذلك من الإيهام وهذا قول معتزلة البغداديين وطوائف من معتزلة البصريين ، واختلفت المعتزلة هل يقال لله وقدرة أم لا وهم أربع فرق ، واختلفوا هل يقال لله وجه أم لا وهم ثلاث فرق واختلفوا هل الباري مريد على خمسة أقاويل ، واختلفوا في كلام الله عز وجل هل هو جسم أم ليس بجسم وهل هو مخلوق على ستة أقاويل ، واختلفت المعتزلة في الكلام هل هو حروف أم لا على مقالتين ، واختلفت المعتزلة في الكلام هل هو موجود مع كتابته أم لا على ، واختلفت المعتزلة هل يقال : إن البارىء محبل أم لا وهم فرقتان فزعمت فرقة منهم أن البارىء بخلق الحبل محبل ، والقائل بهذا القول أبو على الجبائي ومن قال بقوله ، وزعمت فرقة أخرى منهم أن البارىء لا يجوز أن يكون محبلا بخلق الحبل ، كما لا يكون والدا بخلق الولد ، واختلفت المعتزلة في معني القول أن الله خالق وهم فرقتان ، وأجمعت المعتزلة بأسرها على إنكار العين واليد ، واختلفت المعتزلة في البارىء هل يقال انه وكيل انه لطيف على مقالتين فمنهم من زعم أن البارىء لا يقال إنه وكيل وأنكر قائل هذا القول أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل من غير أن يقرأ القرآن .
واختلفت المعتزلة هل يقال إن البارىء قبل الأشياء أو يقال قبل ويسكت على ذلك على ثلاث مقالات واختلفت المعتزلة هل يجوز أن يسمي البارىء عالما ، واختلفت المعتزلة هل يجوز أن يقلب الله الأسماء فيسمي العالم جاهلا والجاهل عالما أم لم يكن ذلك جائزا ، واختلفت المعتزلة هل يجوز أن يسمي الله سبحانه نفسه جاهلا ميتا عاجزا على طريق التقليب واللغة على ما هي عليه وهم فرقتان ، واختلفت المعتزلة في البارىء سبحانه هل يوصف بالقدرة على الجور والظلم أم لا يوصف بالقدرة على ذلك وهم فرقتان .
ولما بالغت المعتزلة في نفي أوصاف الله بالغ آخرون في الإثبات حتى وقعوا في التشبيه ، فاختلفت المجسمة فيما بينهم في التجسيم وهل للبارىء تعالى قدر من الأقدار وفي مقداره على ست عشرة مقالة فقال هشام بن الحكم أن الله جسم محدود عريض عميق طويل طوله مثل عرضه وعرضه مثل عمقه ، وهو نور ساطع ، له قدر من الأقدار بمعني أن له مقدارا في طوله وعرضه وعمقه لا يتجاوزه في مكان دون مكان ، كالسبيكة الصافية يتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها ، ذو لون وطعم ورائحة وأنه يتحرك ويسكن ويقوم ويقعد ، وقال بعضهم مساحته على قدر العالم وقال بعضهم إن البارىء جسم له مقدار في المساحة ولا ندري كم ذلك ، وقال قوم إن معبودهم هو الفضاء وهو جسم تحل فيه الأشياء ليس بذي غاية ولا نهاية وقال داود الجواربي ومقاتل بن سليمان إن الله جسم وإنه جثة على صورة الإنسان مكون من لحم ودم وشعر وعظم ، له جوارح وأعضاء كيد ورجل ولسان ورأس وعينين وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه وحكي عن الجواربي انه كان يقول أجوف من فمه إلي صدره ومصمت ما سوي ذلك تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .
واختلفوا في رؤية البارىء بالأبصار على تسع عشرة مقالة ، فقال قائلون يجوز أن نري الله بالأبصار في الدنيا ولسنا ننكر أن يكون بعض من تلقاه في الطرقات وأجاز عليه بعضهم الحلول في الأجسام وأصحاب الحلول إذا رأوا إنسانا يستحسنونه لم يدروا لعل إلههم فيه وأجاز كثير ممن أجاز رؤيته في الدنيا مصافحته وملامسته ومزاورته إياهم وقالوا إن المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا أرادوا ذلك قال قائلون نري الله جهرة ومعاينة وقال قائلون لا نري الله جهرة ولا معاينة ، ومنهم من يقول يجوز أن تحدق إليه إذا رأيته ومنه من يقول لا يجوز التحديق إليه ، واختلفوا في الذي يقدر على حمل خمسين رطلا ولا يقدر على حمل مائة رطل على مقالتين ، فقال قائلون لا بد من أن يكون فيه عجز عن حمل الخمسين الفاضلة ، وقال قائلون لا عجز فيه وإنما عدم القوة على ذلك فقط ، واختلفوا هل يجوز أن يقوي الإنسان على حمل جزأين بجزء من القوة أم لا .
واختلفوا هل يجوز أن يؤمر بالصلاة قبل دخول وقتها أم لا على مقالتين فأجاز ذلك بعضهم وأنكره بعضهم واختلفوا هل يجوز أن يأمر الله سبحانه بالفعل في وقت فعل ثاني وهو يعلم انه يحول بين الإنسان وبين الفعل على ثلاثة أقاويل ، واختلفوا هل الأجسام كلها متحركة أم كلها ساكنة أم كيف القول في ذلك على مقالات .
وفي خضم هذه المعمعة الفكرية والمعركة العقلية ، ولد أبو الحسن الأشعري الذي تنسب إليه فرقة الأشعرية ، وهو هو على بن إسماعيل بن إسحاق الأشعري ، نشأ بالبصرة يتيما فتزوجت أمه رجلا من شيوخ المعتزلة يقال له أبي على الجبائي فتربي في حجره وتعلم من فنه في نفي صفات الله ، وكان واقع المسلمين الفكري ملوثا كما وصفناه ، فقد وجد الأشعري ساحة من الفكر الاعتزالي أخذ يدقق فيها ويجمع أقوال الطوائف المنحرفة حتى ألف في ذلك كتابا كبيرا سماه مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ، فتكافأت عنده الأدلة العقلية في العقائد الغيبية ولم يترجح عنده شيء من الآراء الاعتزالية ، ما هي قصة الأشعري ، وما هي عقيدة الأشعرية التي تتبناها أكبر المؤسسات العلمية في البلاد الإسلامية ؟ ونظرا لأهمية هذا الموضوع ، سوف نفرد له بإذن الله تعالى عدة محاضرات ولقاءات خاصة ، فيا مجتنبا من الهدي طريقا واضحا ، افتح عين البصيرة تر العلم لائحا ، يا غاديا في غفلة ورائحا إلي متي تستحسن القبائحا ، وكم إلي كم لا تخاف موقفا يستنطق الله به الجوارحا ، يا عجبا منك وأنت مبصر ، كيف تجنبت الطريق الواضحا ، كيف تكون حين تقرأ في غد صحيفة قد حوت منك الفضائحا ، وكيف ترضي أن تكون خاسرا يوما يفوز من يكون رابحا ، وصلي الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .



خاص لبوابة الثانوية العامة

فضيلة الشيخ الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني - حفظه الله- استاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة