مشاهدة النسخة كاملة : عظماء أسلموا


خالد مسعد .
06-01-2010, 02:49 PM
عبد الله بن سلام

هو الصحابي الجليل عبد الله بن سَلاَم بن الحارث، وكُنيته: أبو يوسف، من ذُرِّيـة يوسف الصدِّيق عليه السلام. قال عنه الذهبي في السير: "الإمام الحَبْر، المشهود له بالجنة، حليف الأنصار، من خواصِّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
كان عبد الله يهوديًّا من يهود بني قَيْنُقَاع، ثم أسلم مَقْدَمَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة[1] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn1).

قصة إسلامه:
روى حميد، عن أنس: أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه إلى المدينة، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمها إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول ما يأكل أهل الجنة؟ ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أخبرني بهنَّ جبريل آنفًا". قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة.
قال: "أمّا أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق، فتحشر الناس إلى المغرب. وأما أول ما يأكله أهل الجنة، فزيادة كبد حوت. وأما الشَّبَهُ، فإذا سَبَقَ ماء الرجل نَزَعَ إليه الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزع إليها".
قال: أشهد أنك رسول الله.
وقال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت; وإنهم إنْ يعلموا بإسلامي بهتوني، فأرسلْ إليهم، فسَلْهُمْ عنِّي.
فأرسل إليهم.
فقال: "أي رجل ابن سلام فيكم؟"
قالوا: حَبْرُنا وابن حبرنا، وعالمنا وابن عالمنا.
قال: "أرأيتم إن أسلم، تسلمون؟" قالوا: أعاذه الله من ذلك!
قال: فخرج عبد الله، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله ; وأن محمدًا رسول الله.
فقالوا: شرُّنا وابن شرِّنا; وجاهلنا وابن جاهلنا.
قال: ويلكم! اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقًّا.
قالوا: كذبت.
فقال: يا رسول الله، ألم أخبرك أنهم قوم بُهْتٌ؟!
فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم[2] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn2).

فضله:
عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في ابن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسد بن عبيد: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} الآيتين [آل عمران: 113، 114][3] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn3).
وعن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد: إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، وفيه نزلت: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10][4] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn4).
وعن مصعب بن سعد، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل من هذا الفَجِّ رجلٌ من أهل الجنة"، فجاء ابن سلام[5] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn5).
والآية {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}، قال مجاهد: هو عبد الله بن سلام[6] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn6).
وهو ممن يؤتون أجورهم مرتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيِّه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدَّى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أَمَةٌ يطؤها، فأدَّبـها فأحسن تأديبها، وعلَّمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها؛ فله أجران"[7] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn7).
ومن مناقبه رضي الله عنه أنه نصر عثمان يوم الدار.

وفاته:
تُوُفِّي رضي الله عنه بالمدينة سنة ثلاث وأربعين[8] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftn8) من الهجرة.

[1] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref1) صيد الفوائد، http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/127.htm

[2] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref2) أخرجه البخاري 7/ 195 و 198 في الهجرة، من طريق محمد بن سلام، عن عبد الصمد بن عبد الوارث بهذا الإسناد.

[3] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref3) أخرجه الطبري في تفسيره (7644) و (7645) من طريقين.

[4] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref4) أخرجه مالك في الموطأ، ورواه البخاري 7/ 97 في المناقب، باب مناقب عبد الله بن سلام. ومسلم (2483) في الفضائل.

[5] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref5) إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وهو في المسند 1/ 169 و 183، وصححه الحاكم 3/ 416، ووافقه الذهبي.

[6] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref6) تفسير مجاهد 1/ 331.

[7] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref7)البخاري ومسلم.

[8] (http://www.islamstory.com/%d8%b9%d8%a8%d8%af_%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87_%d8%a8 %d9%86_%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85#_ftnref8) صيد الفوائد، الرابط: http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/127.htm

خالد مسعد .
06-01-2010, 02:52 PM
إبراهيم متفرقة


وُلِدَ إبراهيم متفرقة بالمجر لأبوين يعتنقان المسيحية في عام 1674م، ثم أَسَرته الجيوش العثمانية في أثناء غزوها للمجر, وأُحضِر إلى الأستانة وبِيع فيها، ثم اعتنق الإسلام فأُعتِقَ، وتُوفِّي في عام 1744م.
إسلامه:
بعد أن أسلم متفرقة انصرف إلى دراسة العلوم الدينية, وقرأ العديد من الكتب الإسلامية، حتى أصبح من كبار المثقفين في الدولة العثمانية ومن أصحاب الرأي، كما شغل إبراهيم متفرقة وظيفة ترجمان الباب العالي, وعُيِّن سفيرًا لبلاده في بولونيا عام 1737م, واشترك في الحرب ضد النمسا، وقد ندبه السلطان لمهام سياسية خطيرة.
إسهاماته:
تُعَد أبرز أعمال متفرقة وأكثرها نفعًا للإسلام والمسلمين قيامه بإنشاء أوَّل مطبعة في الدولة الإسلامية، وتعتبر هذه المطبعة أول مطبعة إسلامية نشرت كتبًا عربية في الأستانة، وأصدرت عام 1728م تاريخ الحاج خليفة (1004- 1067هـ) بعنوان (تحفة الكبار في أسفار البحار)، وهو باكورة مطبوعاتها العربية[1] (http://www.islamstory.com/%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85_%d9%85% d8%aa%d9%81%d8%b1%d9%82%d8%a9#_ftn1).
ولا يتسع المجال هنا للحديث عن الفائدة الجمَّة التي عادت على المسلمين من جرَّاء إدخال هذا الاختراع لأراضيها، حيث تعتبر الطِّباعة بمنزلة ثورة تقنية نقلت البشرية كلَّها خطوات إلى الأمام، ولم يكن من المعقول أن تكون دولة في حجم ونهضة الدولة العثمانية - التي كانت في ذلك الوقت تمتد حدودها من المجر إلى اليمن - لا يُوجد فيها هذا الاختراع المعرفي العظيم.
ثم قامت تركيا بعد ذلك بإنشاء دار الطباعة في إسطنبول في عام 1796م، بعد أن نقلت إليها متبقيات مطبعة إبراهيم متفرقة بعد أن اشترتها الحكومة، والتي أخذت تنشر الكتب باللغة العربية[2] (http://www.islamstory.com/%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85_%d9%85% d8%aa%d9%81%d8%b1%d9%82%d8%a9#_ftn2).

[1] (http://www.islamstory.com/%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85_%d9%85% d8%aa%d9%81%d8%b1%d9%82%d8%a9#_ftnref1) جريدة الصباح الكويتية، الرابط: http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=copy&sid=1511
[2] (http://www.islamstory.com/%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85_%d9%85% d8%aa%d9%81%d8%b1%d9%82%d8%a9#_ftnref2) جريدة الغد الأردنية، الرابط: http://www.alghad.jo/?news=27380

خالد مسعد .
06-01-2010, 03:04 PM
الدكتور بلال فيلبس


المولد و النشأة:
وُلِدَ بلال فيلبس عام 1947م في جامايكا, ونشأ في كندا التي يحمل جنسيتها، وفي الخامسة والعشرين من عمره أعلن بلال إسلامه، وذلك في عام 1972م.
اجتهد بلال في تحصيل العلوم الشرعية، وعلوم اللغة العربية؛ فحصل على دبلوم اللغة العربية من كلية الدراسات الإسلاميّة في الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنورة في عام 1979م، وأتم دراسة الماجستير في أصول الدّين الإسلامي من جامعة الرّياض في عام 1985م, وفي قسم الدراسات الإسلامية بجامعة واليز أكمل الدكتوراه في أصول الدّين الإسلامي في 1994م.

قصة إسلامه
يعود السبب الرئيسي لإسلام بلال فيلبس بعد إرادة الله إلى حُبِّه للاطلاع، ونهمه الشديد للقراءة؛ حيث قرأ بلال كل ما هو متاح من كتب عن الإسلام باللغة الإنجليزية، واقتنع أنه هو العلاج الناجع لكل مشاكل البشرية، ومن ثَمَّ اتخذ هذا القرار، الذي يَعُدُّه أهم قرار في حياته.

إسهاماته
عمل بلال فيلبس على نقل ما تعلمه من علوم الشرع واللغة إلى غيره من الناس؛ فقام بتدريس الدين الإسلامي واللغة العربية بمدارس الرّياض لمدّة امتدت إلى عشر سنوات، كما قام بإلقاء محاضرات عن أصول الدين الإسلامي لطلبة M.Ed في قسم الدراسات الإسلاميّة بجامعة Shariff Kabunsuan Islamic University في مدينة (مينداناو) بالفلبّين مدةَ ثلاث سنوات.
وفي عام 1994م أنشأ الدكتور بلال مركز المعلومات الإسلامية في دبي بالإمارات العربية المتحدة، والمعروف الآن بمركز Discover Islam.
وله كتابات في العقيدة الإسلامية، والبيوع، والدعوة، والإيمان، والجنائز، والجهاد، واللباس، والنكاح، والرِّقَاق، والصلاة، والصوم، والزكاة، والطهارة[/URL].

وفي الوقت الحالي يلقي الدكتور بلال محاضرات عديدة عن الأدب العربي وأصول الدين الإسلامي بجامعتي عجمان، والجامعة الأمريكية في دبي بالإمارات العربيّة المتّحدة.
في 4 من إبريل 2007م منعت السلطات الأستراليّة الداعية الإسلامي الدكتور (بلال فيلبس) من دخول أراضيها بزعم صلته بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكان الشيخ (بلال فيلبس) قد دُعِي لإلقاء كلمة في مؤتمر إسلامي في ملبورن.
جدير بالذكر أن كتابات الشيخ (بلال فيلبس) في الماضي كانت قد تضمنت انتقادات كبيرة للغرب، ومنها قوله: "الحضارة الغربية بقيادة الولايات المتحدة عدوٌّ للإسلام". كما تمَّ ترحيله من الولايات المتحدة عام 2004م، بمزاعمٍ مشابهة (http://www.islamstory.com/%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85_%d8%a7%d9%84%d8%af% d9%83%d8%aa%d9%88%d8%b1_%d8%a8%d9%84%d8%a7%d9%84_% d9%81%d9%8a%d9%84%d8%a8%d8%b3#_ftn1).



الموقع الشخصي للداعية بلال فيلبس، http://www.bilalphilips.com/ (http://www.islamstory.com/%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85_%d8%a7%d9%84%d8%af% d9%83%d8%aa%d9%88%d8%b1_%d8%a8%d9%84%d8%a7%d9%84_% d9%81%d9%8a%d9%84%d8%a8%d8%b3#_ftnref1)

وكالة نبأ الإسلامية للأخبار، الرابط [url]http://www.islamicnews.net/Document/ShowDoc07.asp?DocID=92622&TypeID=7&TabIndex=3 (http://www.islamstory.com/%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85_%d8%a7%d9%84%d8%af% d9%83%d8%aa%d9%88%d8%b1_%d8%a8%d9%84%d8%a7%d9%84_% d9%81%d9%8a%d9%84%d8%a8%d8%b3#_ftnref2)

خالد مسعد .
06-01-2010, 03:05 PM
الشيح حمزة يوسف مارك هانسن سابقًا


مولده
وُلِدَ حمزة يوسف في عام 1960م باسم مارك هانسن في
واشنطن لعائلة مثقفة؛ فوالده أستاذ لمادة الإنسانيات في جامعة هارفارد، وأمُّه خريجة جامعة بيركلي العريقة، أما جَدُّه فكان عمدة لإحدى مدن كاليفورنيا، وتربَّى حمزة في كاليفورنيا.

نشأتـه

نشأ في كاليفورنيا الشمالية في عائلة يونانية أرثوذوكسية ، دخل الجامعة قسم الفلسفة و تعرض خلالها لبعض المعرفة عن الشرق والعالم والأفكار الإسلامية ، ثم قابل بعض المسلمين من الأمريكيين السود الذي أثروا فيه فقرر البحث في الدين الاسلامي ، وفي سن الـ 17 عام 1977م اعتنق الإسلام في سانتا باربرا في كاليفورنيا .

قصة إسلامه
يعود السبب الرئيسي لاعتناق حمزة الإسلام إلى نجاته من الموت المحقق في حادث سيارة؛ مما دفعه للاطِّلاع والبحث في الأديان للتعرف على حقيقة الحياة والموت، وقد انجذب بشدة لقراءة القرآن، وفي نهاية هذه الرحلة البحثية اعتنق الإسلام.
بعد قرار حمزة بالإسلام عام 1977م، وهو في السابعة عشرة من عمره، ترك دراسته الجامعية التي كان قد أوشك على الانتهاء منها ليذهب في جولة لعشر سنوات في المنطقة العربية، تعلَّم فيها الفقه في الإمارات، وحفظ القرآن الكريم في المدينة المنورة، ودرس اللغة والشعر العربي في المغرب والجزائر، وعاش التصوف مع مرابطي موريتانيا.

إسهاماته:
في بدايات 1990م بدأ حمزة التدريس لبعض التجمعات الإسلامية في سان فرانسيسكو، وفي 1996م أسَّس معهد الزيتونة للعلوم الإسلامية في كاليفورنيا، وأصبح يُحاضِر فيه.
ويصدر معهد الزيتونة الكتب والمواد الصوتية التي تتحدث في القضايا المعاصرة التي تواجه الأمريكيين.
كما أنَّ للشيخ حمزة أيضًا مؤلفات عديدة، منها:
قانون الجهاد - تعليم الأطفال في العصر الحديث - جدول أعمال لتغيير ظروفنا[1].

من أقواله:
يقول: "إذا كان الناس في أمريكا يعتقدون أن أمريكا هي المجتمع المثالي، فلا أعتقد أنهم يطالعون نفس المصادر التي أطالعها: معدلات الاكتئاب، والانتحار، وال******، والجريمة، ووضع المدارس والإجهاض، والتفسخ الأسري، والطلاق".
لكنه في ذات الوقت لا يجامل المسلمين، فهو يرى بوضوح أن "العقبة الأساسية أمام الدعوة الإسلامية في هذه الأراضي هم المسلمون أنفسهم بسلوكياتهم".
ويُشخِّص مرضهم فيقول: "صراحة إن الذين هاجروا هاجروا بمشاكلهم، وعمروا مساجدهم بها، والمسلم الجديد يتعب جدًّا من هذه التناقضات".

داعية متميز ومجدد
يحب التجديد ويجيد مخاطبة الجمهور، ولا يعرف الكثيرون أنه صاحب فكرة برنامج (يالاَّ شباب) الذي يذاع على mbc، وهو البرنامج الذي نجح في مخاطبة جماهير الشباب من خلال محتوى ديني جذاب. وهو ما أكَّده خالد طاش أحد معدي البرنامج لجريدة الوطن السعودية؛ حيث أشار إلى أن فكرة البرنامج نبعت من نصيحة قدمها الشيخ حمزة يوسف، أشار فيها إلى ضرورة البحث عن وسيلة إعلامية جادة تتصل بالشباب المسلم، وتقدم له جرعات ثقافية ومعرفية، بعيدًا عن الإعلام الاستهلاكي. ومن المعروف أن الشيخ حمزة يقدم برنامجًا اسمه (رحلة مع حمزة يوسف)، واشترك في بعض حلقات (يالاَّ شباب)، حيث تجول مع فريق البرنامج في عدد من المدن الإسبانية للحديث عن حضارة المسلمين ومعالمها. وكذلك التقى مع عدد من الشخصيات المؤثرة في مسلمي الغرب، مثل يوسف إسلام الفنان البريطاني الذي أسلم في سبعينيات القرن الماضي.
ورغم هذا التجديد في الخطاب فإنه يرى أهمية التقيد بالمذاهب الأربعة، فيقول: "لا بد لكل مسلم أن يلتزم بأحدها". وهو يحمل على من يتجاهل تلك المذاهب، فيقول: "يدعون إلى تجاهل المذاهب الأربعة، وأخذ الأحكام من القرآن والسنة، كيف يرجع كل واحد إلى القرآن، وهو حتى لا يتقن العربية؟![2]".



[1] الموقع الشخصي للشيخ حمزة يوسف، الرابط Sheikhhamza.com www.

خالد مسعد .
07-01-2010, 03:08 PM
الفيلسوف الفرنسي رينيه جينو (عبد الواحد يحيى)


التعريف به

لم يكن انتقال رينيه جينو من المسيحية إلى الإسلام بعد أن درس الماسونية وفلسفات الشرق القديم من قبيل التذبذب وعدم الاستقرار أو حبًّا في التغيير، وإنما بحثًا عن الحقيقة المفقودة، تلك الحقيقة التي كانت تربط الإنسان قديمًا بالكون الواسع في توازن حكيم، ثم انقطع خيطها في ضغط هذا العصر الغارق في الماديات، إنه عبد الواحد يحيى الذي اعتنق الإسلام، ووضع خطة لبناء المسجد الكبير في باريس قُبَيل الحرب العالمية الأولى، وإنشاء جامعة إسلامية في فرنسا.
وُلِدَ رينيه جينو في 15 من نوفمبر عام 1886م بمدينة بلوا جنوب غرب باريس، ونشأ في أسرة كاثوليكية محافظة، وكان رينيه ضعيف البِنية؛ وهو ما عطَّل التحاقه بالمدرسة، فتولَّت عمته "دورو" تعليمه القراءة والكتابة في منزلها الجميل على ضفاف نهر اللوار حتى بلغ الثانية عشرة من العمر.
وما إن بلغ السادسة عشرة من عمره حتى التحق بكلية "رولان" في باريس، ولم يكتفِ بالدراسة الجامعية وراح ينهل من العلم في باريس الزاخرة بالمعلمين والمرشدين من الشرق والغرب.
في عام 1906م خالط المدرسة الحرة للدراسات الغيبية ليابوس، وانتقل إلى منظمات أخرى كالمارتينية والماسونية التابعة للطقس المعروف باسم الطقس الوطني الإسباني، وفي عام 1908م انضم إلى المحفل الماسوني الكبير في فرنسا، كما انضم إلى الكنيسة الغنوصية القائمة على عكس الكنيسة السائدة التي تؤمن بتجسد الله (عز وجل) في صورة بشر وما إلى ذلك (تعالى الله عمّا يقولون علوًّا كبيرًا)، وفي نفس هذه الفترة التقى العديد من الشخصيات التي سمحت له بتعميق معرفته بمذهب الطاوية الصيني وبالإسلام.
مع نهاية عام 1909م عُيِّن رينيه جينو أسقفًا غنوصيًّا بكنيسة الإسكندرية الغنوصية، فأسس مجلة الغنوص، وأصدر مجموعة من الأبحاث في هذه المجلة، ولكن كان انتقاده لهذه الكنيسة قويًّا، على اعتبار أن المذاهب الروحية الحديثة ليست إلا مادية جديدة في مستوى آخر، وهمُّها الوحيد أن تطبق على الروح منهاج العلم الوضعي.
قصة إسلامه

كانت معرفته بالمفكر والرسام السويدي "جان جوستاف أجلي" - الذي اعتنق الإسلام عام 1897م، وصار اسمه عبد الهادي، والذي كان يشارك في تحرير مجلة عربية إيطالية باسم "النادي" - لها الأثر الأكبر في إسلامه، خاصةً أن جينو نشر العديد من المقالات عن المتصوف العربي الشهير محيي الدين بن عربي.
كان جينو إذ ذاك يصدر مجلة باسم "المعرفة"، فأخذ عبد الهادي في عام 1910م يُسهم فيها بجد ونشاط، وينشر فيها أبحاثًا وترجمةً لكثير من النصوص الصوفية إلى اللغة الفرنسية، ومن هنا تمكَّن عبد الهادي من أن يعقد بين جينو والشيخ عليش - الذي أسلم هو على يديه - صلة قوية متينة عن طريق تبادل الرسائل والآراء، وكانت النتيجة أن اعتنق جينو الدين الإسلامي عام 1912م بعد أن درسه دراسة مستفيضة، واتخذ لنفسه اسم عبد الواحد يحيى.
ويقول الإمام عبد الحليم محمود عن سبب إسلام رينيه جينو: "وكان سبب إسلامه بسيطًا ومنطقيًّا في آنٍ واحد، لقد أراد أن يعتصم بنص مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلم يجد بعد دراسته العميقة سوى القرآن، فهو الكتاب الوحيد الذي لم ينله التحريف ولا التبديل؛ لأن الله تكفل بحفظه؛ فاعتصم به وسار تحت لوائه، فغمره الأمن النفساني في رحاب الفرقان".
وفي شهر يوليو من عام 1915م حصل جينو على شهادة ليسانس الآداب في الفلسفة من جامعة السوربون الشهيرة، وتابع بعد ذلك دراسته؛ حيث حصل على دبلومة الدراسات العليا des. وفي عام 1917م عُيِّن أستاذًا للفلسفة في الجزائر فقضى فيها عامًا، ثم عاد إلى مدينة بلوا الفرنسية، ولكن المقام لم يطب له في مدينته، فغادرها إلى باريس من أجل الإعداد لرسالة الدكتوراه حول موضوع "ليبنتز والحساب التفاضلي"، ولكن بسبب استقلاله الفكري ومجاهرته بأفكاره فإن أستاذه المشرف على الدكتوراه رفض منحه تلك الشهادة. وفي عام 1918 بدأ جينو يُعِدُّ لدرجة (الأجريجاسيون) في الفلسفة.
ولم يكن ذلك ليمنع الشيخ عبد الواحد يحيى من متابعة أعماله والتفرغ لأبحاثه، وكان من ثمرة هذا التفرغ أن نشر في عام 1921م كتابين أحدهما "مدخل لدراسة العقائد الهندية".
وتوالى بعد ذلك نشر كتبه وتوالت مقالاته في مختلف الجرائد، وفي سنة 1925م فتحت له مجلة "قناع أيزيس" صدرها، فأخذ يكتب فيها، وانتهى به الأمر في سنة 1929م إلى أن أصبح أهم محرِّر بها، ومع هذا رفض رئاسة تحريرها.
في عام 1925م ألقى الشيخ عبد الواحد يحيى محاضرة من أهم المحاضرات في جامعة السوربون تحت عنوان "الميتافيزيقا الشرقية"، أوضح فيها الفرق بين الشرق والغرب في المجال الغيبي، موضحًا فيها أنَّ الميتافيزيقا واحدة لا شرقية ولا غربية، مثلها مثل الحقيقة الخالصة، إلا أنه يختلف مفهومها أو يختلف تناولها في كلٍّ من الشرق والغرب، واختياره لعبارة شرقية يعني به دراسة المجال الغيبي في الشرق بعامة وليس في الهند وحدها؛ فالحضارات الشرقية مستمرة بنفس تواصلها، وهي ما زالت تُعَدُّ الممثل المختص الذي يمكن اللجوء إليه للتزود بالمعلومات الحقة، وذلك لأن الحضارات الغربية تفتقد هذه الأصول الممتدة.
وفي عام 1927م نشر كتابه "ملك العالم" أو "القطب"، وأصدر كتابه "أزمة العالم الحديث" الذي لقي نجاحًا كبيرًا، وقد أُعِيد طبعُه عشرات المرات في طبعات فاخرة وأخرى شعبية، وهذا الكتاب ليس دعوة إلى الانطواء، بل هو دعوة إلى الفهم الصحيح والنظر إلى الحضارة الغربية نظرة نقدية بوصفها عملاً إنسانيًّا يحتمل النقد ولا يعلو عليه.
القاهرة.. أخيرًا

جاء عرض بيت النشر في باريس على الشيخ عبد الواحد يحيى أن يسافر إلى مصر ليتصل بالثقافة الصوفية، فينقل نصوصًا منها ويترجم بعضها، فانتقل للقاهرة في عام 1930م، وكان المفروض أن يقضي فيها بضعة أشهر فقط، ولكن هذا العمل اقتضاه مدة طويلة، ثم عدل بيت النشر عن مشروعه، فاستمر الشيخ عبد الواحد يحيى في القاهرة يعيش في حي الأزهر متواضعًا مستخفيًا لا يتصل بالأوروبيين، ولا ينغمس في الحياة العامة، وإنما يشغل كل وقته بدراساته.
حضر عبد الواحد إلى القاهرة وحيدًا، ووجد الكثير من المشاق في معيشته منفردًا، فتزوج سنة 1934م كريمة الشيخ محمد إبراهيم، وأنجب منها أولاده الأربعة.

أراد الشيخ عبد الواحد أن ينشر الثقافة الصوفية في مصر فأسس مجلة "المعرفة" بالتعاون مع عبد العزيز الإسطنبولي، ولعل اختياره لهذا الاسم يكشف عن جزء من مكنون فكره؛ فالمعرفة هي إحدى الطرق المؤدية إلى الله سبحانه وتعالى، في حين الطريق الآخر هو المحبة.
وكان برنامج المجلة بذلك يتضمن مشروعًا بأسره، يهدف إلى التعرف بمعرفة العلم المقدس حقًّا. ومكث الشيخ عبد الواحد يحيى يؤلف الكتب ويكتب المقالات ويرسل الخطابات، فكان حركة دائمة فكرية وروحانية.
إسهاماته

ترك الشيخ عبد الواحد يحيى العديد من المؤلفات التي ضمَّت بين صفحاتها دفاعًا عن الإسلام وصورته لدى الغرب، في مواجهة الصورة التي كان يُروِّجها المستشرقون حول كون الإسلام انتشر بحد السيف، وأنه لا يثمر الروحانية العميقة.
وقد جاءت إسهاماته في الرد على هذه الاتهامات من خلال كتبه التي من أهمها:
خطأ الاتجاه الروحاني (تحضير الأرواح)، والشرق والغرب، وعلم الباطن لدانتي، والإنسان ومستقبله وفقًا للفيدانتا، وأزمة العالم المعاصر، وملك العالم، والقديس برنارد، ورمزية الصليب، والسلطة الروحية والسلطة الزمنية، وأحوال الوجود المتعددة، وعروض نقدية، وسيادة الكم وعلامات الزمان، والميتافيزيقا الشرقية، ولمحات عن التسليك الروحي، والثالوث الأعظم، ومبادئ الحساب التفاضلي، ولمحات عن الباطنية المسيحية، والبدايات: دراسة في الماسونية الحرة وجماعات الأخوة (جزآن)، والصور التراثية والدورات الكونية، ولمحات عن الصوفية الإسلامية والطاوية، وكتابات متناثرة.
وفاته

تُوُفِّي الشيخ عبد الواحد يحيى عام 1951م عن عمر يناهز الرابعة والستين في القاهرة، محاطًا بزوجته وأبنائه الثلاثة، وجنين كان لا يزال في مرحلة التكوين، وكان آخر كلمة يتفوه بها كلمة الاسم المفرد "الله".
مراجع

1- د.عبد الحليم محمود: الفيلسوف المسلم رينيه جينو - مكتبة الأنجلو - القاهرة 1945م.
2- د.عبد الحليم محمود: أوروبا والإسلام - مطابع الأهرام التجارية - القاهرة 1973م.
3- د.عبد الحليم محمود: قضية التصوف.. المدرسة الشاذلية - دار المعارف - القاهرة 1999م.
4- نجيب العقيقي: المستشرقون - دار المعارف - القاهرة 1965م.
5- محمد كامل عبد الصمد: الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء - الدار المصرية اللبنانية - القاهرة 1995م.
6- د. زينب عبد العزيز: مقالات من رينيه جينو - دار الأنصار - القاهرة.
7- أحمد حامد: لماذا أسلم هؤلاء؟! - مطبوعات الشعب - القاهرة 1976م.
8- رينيه جينو: مدخل عامل إلى فهم النظريات التراثية - ترجمة: عمر الفاروق عمر - نشر المجلس الأعلى للثقافة - القاهرة 2003م - الطبعة الأولى.
9- مجلة التواصل، ليبيا، العدد الثاني.
10- صحيفة القاهرة- العدد 344- 14 نوفمبر 2006م[1].

خالد مسعد .
14-01-2010, 07:34 PM
الفيلسوف الفرنسي رينيه جينو (عبد الواحد يحيى)


التعريف به

لم يكن انتقال رينيه جينو من المسيحية إلى الإسلام بعد أن درس الماسونية وفلسفات الشرق القديم من قبيل التذبذب وعدم الاستقرار أو حبًّا في التغيير، وإنما بحثًا عن الحقيقة المفقودة، تلك الحقيقة التي كانت تربط الإنسان قديمًا بالكون الواسع في توازن حكيم، ثم انقطع خيطها في ضغط هذا العصر الغارق في الماديات، إنه عبد الواحد يحيى الذي اعتنق الإسلام، ووضع خطة لبناء المسجد الكبير في باريس قُبَيل الحرب العالمية الأولى، وإنشاء جامعة إسلامية في فرنسا.
وُلِدَ رينيه جينو في 15 من نوفمبر عام 1886م بمدينة بلوا جنوب غرب باريس، ونشأ في أسرة كاثوليكية محافظة، وكان رينيه ضعيف البِنية؛ وهو ما عطَّل التحاقه بالمدرسة، فتولَّت عمته "دورو" تعليمه القراءة والكتابة في منزلها الجميل على ضفاف نهر اللوار حتى بلغ الثانية عشرة من العمر.
وما إن بلغ السادسة عشرة من عمره حتى التحق بكلية "رولان" في باريس، ولم يكتفِ بالدراسة الجامعية وراح ينهل من العلم في باريس الزاخرة بالمعلمين والمرشدين من الشرق والغرب.
في عام 1906م خالط المدرسة الحرة للدراسات الغيبية ليابوس، وانتقل إلى منظمات أخرى كالمارتينية والماسونية التابعة للطقس المعروف باسم الطقس الوطني الإسباني، وفي عام 1908م انضم إلى المحفل الماسوني الكبير في فرنسا، كما انضم إلى الكنيسة الغنوصية القائمة على عكس الكنيسة السائدة التي تؤمن بتجسد الله (عز وجل) في صورة بشر وما إلى ذلك (تعالى الله عمّا يقولون علوًّا كبيرًا)، وفي نفس هذه الفترة التقى العديد من الشخصيات التي سمحت له بتعميق معرفته بمذهب الطاوية الصيني وبالإسلام.
مع نهاية عام 1909م عُيِّن رينيه جينو أسقفًا غنوصيًّا بكنيسة الإسكندرية الغنوصية، فأسس مجلة الغنوص، وأصدر مجموعة من الأبحاث في هذه المجلة، ولكن كان انتقاده لهذه الكنيسة قويًّا، على اعتبار أن المذاهب الروحية الحديثة ليست إلا مادية جديدة في مستوى آخر، وهمُّها الوحيد أن تطبق على الروح منهاج العلم الوضعي.
قصة إسلامه

كانت معرفته بالمفكر والرسام السويدي "جان جوستاف أجلي" - الذي اعتنق الإسلام عام 1897م، وصار اسمه عبد الهادي، والذي كان يشارك في تحرير مجلة عربية إيطالية باسم "النادي" - لها الأثر الأكبر في إسلامه، خاصةً أن جينو نشر العديد من المقالات عن المتصوف العربي الشهير محيي الدين بن عربي.
كان جينو إذ ذاك يصدر مجلة باسم "المعرفة"، فأخذ عبد الهادي في عام 1910م يُسهم فيها بجد ونشاط، وينشر فيها أبحاثًا وترجمةً لكثير من النصوص الصوفية إلى اللغة الفرنسية، ومن هنا تمكَّن عبد الهادي من أن يعقد بين جينو والشيخ عليش - الذي أسلم هو على يديه - صلة قوية متينة عن طريق تبادل الرسائل والآراء، وكانت النتيجة أن اعتنق جينو الدين الإسلامي عام 1912م بعد أن درسه دراسة مستفيضة، واتخذ لنفسه اسم عبد الواحد يحيى.
ويقول الإمام عبد الحليم محمود عن سبب إسلام رينيه جينو: "وكان سبب إسلامه بسيطًا ومنطقيًّا في آنٍ واحد، لقد أراد أن يعتصم بنص مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلم يجد بعد دراسته العميقة سوى القرآن، فهو الكتاب الوحيد الذي لم ينله التحريف ولا التبديل؛ لأن الله تكفل بحفظه؛ فاعتصم به وسار تحت لوائه، فغمره الأمن النفساني في رحاب الفرقان".
وفي شهر يوليو من عام 1915م حصل جينو على شهادة ليسانس الآداب في الفلسفة من جامعة السوربون الشهيرة، وتابع بعد ذلك دراسته؛ حيث حصل على دبلومة الدراسات العليا des. وفي عام 1917م عُيِّن أستاذًا للفلسفة في الجزائر فقضى فيها عامًا، ثم عاد إلى مدينة بلوا الفرنسية، ولكن المقام لم يطب له في مدينته، فغادرها إلى باريس من أجل الإعداد لرسالة الدكتوراه حول موضوع "ليبنتز والحساب التفاضلي"، ولكن بسبب استقلاله الفكري ومجاهرته بأفكاره فإن أستاذه المشرف على الدكتوراه رفض منحه تلك الشهادة. وفي عام 1918 بدأ جينو يُعِدُّ لدرجة (الأجريجاسيون) في الفلسفة.
ولم يكن ذلك ليمنع الشيخ عبد الواحد يحيى من متابعة أعماله والتفرغ لأبحاثه، وكان من ثمرة هذا التفرغ أن نشر في عام 1921م كتابين أحدهما "مدخل لدراسة العقائد الهندية".
وتوالى بعد ذلك نشر كتبه وتوالت مقالاته في مختلف الجرائد، وفي سنة 1925م فتحت له مجلة "قناع أيزيس" صدرها، فأخذ يكتب فيها، وانتهى به الأمر في سنة 1929م إلى أن أصبح أهم محرِّر بها، ومع هذا رفض رئاسة تحريرها.
في عام 1925م ألقى الشيخ عبد الواحد يحيى محاضرة من أهم المحاضرات في جامعة السوربون تحت عنوان "الميتافيزيقا الشرقية"، أوضح فيها الفرق بين الشرق والغرب في المجال الغيبي، موضحًا فيها أنَّ الميتافيزيقا واحدة لا شرقية ولا غربية، مثلها مثل الحقيقة الخالصة، إلا أنه يختلف مفهومها أو يختلف تناولها في كلٍّ من الشرق والغرب، واختياره لعبارة شرقية يعني به دراسة المجال الغيبي في الشرق بعامة وليس في الهند وحدها؛ فالحضارات الشرقية مستمرة بنفس تواصلها، وهي ما زالت تُعَدُّ الممثل المختص الذي يمكن اللجوء إليه للتزود بالمعلومات الحقة، وذلك لأن الحضارات الغربية تفتقد هذه الأصول الممتدة.
وفي عام 1927م نشر كتابه "ملك العالم" أو "القطب"، وأصدر كتابه "أزمة العالم الحديث" الذي لقي نجاحًا كبيرًا، وقد أُعِيد طبعُه عشرات المرات في طبعات فاخرة وأخرى شعبية، وهذا الكتاب ليس دعوة إلى الانطواء، بل هو دعوة إلى الفهم الصحيح والنظر إلى الحضارة الغربية نظرة نقدية بوصفها عملاً إنسانيًّا يحتمل النقد ولا يعلو عليه.
القاهرة.. أخيرًا

جاء عرض بيت النشر في باريس على الشيخ عبد الواحد يحيى أن يسافر إلى مصر ليتصل بالثقافة الصوفية، فينقل نصوصًا منها ويترجم بعضها، فانتقل للقاهرة في عام 1930م، وكان المفروض أن يقضي فيها بضعة أشهر فقط، ولكن هذا العمل اقتضاه مدة طويلة، ثم عدل بيت النشر عن مشروعه، فاستمر الشيخ عبد الواحد يحيى في القاهرة يعيش في حي الأزهر متواضعًا مستخفيًا لا يتصل بالأوروبيين، ولا ينغمس في الحياة العامة، وإنما يشغل كل وقته بدراساته.
حضر عبد الواحد إلى القاهرة وحيدًا، ووجد الكثير من المشاق في معيشته منفردًا، فتزوج سنة 1934م كريمة الشيخ محمد إبراهيم، وأنجب منها أولاده الأربعة.

أراد الشيخ عبد الواحد أن ينشر الثقافة الصوفية في مصر فأسس مجلة "المعرفة" بالتعاون مع عبد العزيز الإسطنبولي، ولعل اختياره لهذا الاسم يكشف عن جزء من مكنون فكره؛ فالمعرفة هي إحدى الطرق المؤدية إلى الله سبحانه وتعالى، في حين الطريق الآخر هو المحبة.
وكان برنامج المجلة بذلك يتضمن مشروعًا بأسره، يهدف إلى التعرف بمعرفة العلم المقدس حقًّا. ومكث الشيخ عبد الواحد يحيى يؤلف الكتب ويكتب المقالات ويرسل الخطابات، فكان حركة دائمة فكرية وروحانية.
إسهاماته

ترك الشيخ عبد الواحد يحيى العديد من المؤلفات التي ضمَّت بين صفحاتها دفاعًا عن الإسلام وصورته لدى الغرب، في مواجهة الصورة التي كان يُروِّجها المستشرقون حول كون الإسلام انتشر بحد السيف، وأنه لا يثمر الروحانية العميقة.
وقد جاءت إسهاماته في الرد على هذه الاتهامات من خلال كتبه التي من أهمها:
خطأ الاتجاه الروحاني (تحضير الأرواح)، والشرق والغرب، وعلم الباطن لدانتي، والإنسان ومستقبله وفقًا للفيدانتا، وأزمة العالم المعاصر، وملك العالم، والقديس برنارد، ورمزية الصليب، والسلطة الروحية والسلطة الزمنية، وأحوال الوجود المتعددة، وعروض نقدية، وسيادة الكم وعلامات الزمان، والميتافيزيقا الشرقية، ولمحات عن التسليك الروحي، والثالوث الأعظم، ومبادئ الحساب التفاضلي، ولمحات عن الباطنية المسيحية، والبدايات: دراسة في الماسونية الحرة وجماعات الأخوة (جزآن)، والصور التراثية والدورات الكونية، ولمحات عن الصوفية الإسلامية والطاوية، وكتابات متناثرة.
وفاته

تُوُفِّي الشيخ عبد الواحد يحيى عام 1951م عن عمر يناهز الرابعة والستين في القاهرة، محاطًا بزوجته وأبنائه الثلاثة، وجنين كان لا يزال في مرحلة التكوين، وكان آخر كلمة يتفوه بها كلمة الاسم المفرد "الله".
مراجع

1- د.عبد الحليم محمود: الفيلسوف المسلم رينيه جينو - مكتبة الأنجلو - القاهرة 1945م.
2- د.عبد الحليم محمود: أوروبا والإسلام - مطابع الأهرام التجارية - القاهرة 1973م.
3- د.عبد الحليم محمود: قضية التصوف.. المدرسة الشاذلية - دار المعارف - القاهرة 1999م.
4- نجيب العقيقي: المستشرقون - دار المعارف - القاهرة 1965م.
5- محمد كامل عبد الصمد: الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء - الدار المصرية اللبنانية - القاهرة 1995م.
6- د. زينب عبد العزيز: مقالات من رينيه جينو - دار الأنصار - القاهرة.
7- أحمد حامد: لماذا أسلم هؤلاء؟! - مطبوعات الشعب - القاهرة 1976م.
8- رينيه جينو: مدخل عامل إلى فهم النظريات التراثية - ترجمة: عمر الفاروق عمر - نشر المجلس الأعلى للثقافة - القاهرة 2003م - الطبعة الأولى.
9- مجلة التواصل، ليبيا، العدد الثاني.
10- صحيفة القاهرة- العدد 344- 14 نوفمبر 2006م[1].

مستر .سعد الحجرى
12-03-2010, 12:17 AM
http://www.ii1i.com/uploads6/242cfd76e5.jpg (http://www.ii1i.com)

محمد رافع 52
04-11-2011, 07:37 AM
جزاكم الله خيرا واثابك الجنة

فى انتظار المزيد