أنين المذنبين
26-01-2010, 09:42 AM
ومن مكارم الأخلاق أيضاً بر الوالدين : وذلك لعظم حقهما . فلم يجعل الله لأحد حقاً يلي حقه وحق رسوله صلى الله عليه وسلم إلا للوالدين . فقال ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )]النساء34[
ــــــــــ
(1)أخرجه مسلم رقم22 كتاب البر والصلة (2) أخرجه أبو داود رقم1672 والنسائي 2566 كتاب الزكاة باب 72 وهو في صحيح الجامع 6021 .
وحق الرسول ضمن الأمر بعبادة الله , لأنه لا تتحقق العبادة حتى يقوم العبد بحق الرسول عليه الصلاة والسلام , بمحبته واتباع سبيله , ولهذا كان داخلاً في قوله ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )]النساء34[ وكيف يعبد الله إلا من طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!
وإذا عبد الله على مقتضى شريعة الرسول صلى اله عليه وسلم , فقد أدى حقه .
ثم يلي ذلك حق الوالدين , فالوالدين تعبا على الولد , ولا سيما الأم قال الله تعالى ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيــْهِ إِحْسَانًا حَمــَلَتْهُ أُمُّهُ كُــرْهًا وَوَضَعـَتْهُ كُرْهًا )]الأحقاف15[ , وفي آية أخـرى ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ )]لقمان14[ . فالأم تتعب في الحمل , وعند الوضع , وبعد الوضع وترحم صبيها أشد من رحمة الوالد له , ولهذا كانت أحق الناس بحسن الصحبة والبر حتى من الأب .
قال رجل يا رسول الله من أحـق الناس بحـسن مصـاحبتي ؟ قال ( أمـك ) قال : ثم مـن ؟ قـال ( أمك ) قال ثم من ؟ قال ( أمك ) قال ثم من ؟ قال ( أبوك )(1) .
والأب أيضاً يتعب على أولاده ويضجر بضجرهم ويفرح لفرحهم ويسعى بكل الأسباب التي فيها راحتهم وطمأنينتهم وحسن عيشهم , يضرب الفيافي والقفار من أجل تحصيل العيش له ولأولاده .
فكل من الأب والأم له حق , ومهما عملت من العمل فلن تقضي حقمها , ولهذا قال الله عز وجل ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )]الإسراء24[ فحقهم سابق , حيث ربياك صغيراً حين كنت لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً فواجبهما البر .
*والبر فرض عين بالإجماع على كل واحد من الناس , ولهذا قدمه النبي صلى الله عليه وسلم على الجهاد في سبيل الله , كما في حديث ابن مسعود , قال , قلت : يا رسول الله , أي العمل أحب إلى الله ؟ قال ( الصلاة في وقتها ) وقلت : ثم أي ؟ قال ( بر الوالدين ) قلت : ثم أي ؟ قال ( الجهاد في سبيل الله )(2) .
*والولدان هما الأب والأم , أما الجد والجدة فلهما بر , لكنه لا يساوي بر الأم والأب , لأن الجد والجدة لم يحصل لهما ما حصل للأم والأب من التعب , والرعاية والملاحظة , فكان برهما واجباً من باب الصلة , أما البر فإنه للأم والأب .
لكن ما معنى البر ؟
البر : إيصال الخير بقدر ما تستطيع , وكف الشر .
إيصال الخير بالمال , وإيصال الخير بالخدمة , وإيصال الخير بإدخال السرور عليهما , من طلاقة الوجه وحسن المقال والفعال ’ وبكل ما فيه راحتهما .
ــــــــــ
(1)أخرجه البخاري رقم5971 ومسلم رقم1 , 2 كتاب البر والصلة (2)أخرجه البخاري رقم527 ومسام رقم139 كتاب الإيمان .
*ولهذا كان القول الراجح وجوب خدمة الأب والأم على الأولاد إذا لم يحصل عليه بضرر , فإن كان عليه ضرر , لم يجب عليه خدمتهما , اللهم إلا عند الضرورة .
ولهذا نقول : إن طاعتهما واجبة فيما فيه نفع لهما , ولا ضرر على الولد فيه , أما ما فيه ضرر عليه , سواء كان ضرراً دينياً , كأن يأمراه بترك واجب , أو فعل محرم , فإنه لا طاعة لهما في ذلك , أو كان ضرراً بدنياً , فلا يجب عليه طاعتهما . أما المال فيجب عليه أن يبرهما ببذله , واو كثر , إذا لم يكن عليه ضرر , ولم تتعلق به حاجة , والأب خاصة له أن يأخذ من مال ولده ما شاء ما لم يضر .
وإذا تأملنا في أحوال الناس اليوم , وجدنا كثيراً منهم لا يبر بوالديه , بل هو عاق , تجده يحسن إلى أصحابه , ولا يمل الجلوس معهم , لكن لو يجلس إلى أبيه أو أمه ساعة نهار لوجدته متمللاً , كأنما هو على الجمر , فهذا ليس ببار , بل البار من ينشرح صدره لأمه , وأبيه , ويخدمهما على أهداب عينيه , ويحرص غاية الحرص على رضاهما بكل ما يستطيع .
وكما قالت العامة ( البر أسلاف ) فإن البر مع كونه يحصل به البار على ثواب عظيم في الآخرة , فإنه يجازى به في الدنيا , فالبر والعقوق كما يقول العامة ( أسلاف ) أقرض , تستوف إن قدمت البر لأبيك وأمك , برك أولادك , وإن قدمت العقوق عقك أولادك .
وهناك حكايات كثيرة في أن من الناس بر والديه فبر به أولاده , وكذلك في العقوق هناك حكايات تدل على أن الإنسان إذا عق أباه عقه أولاده .
ومن مكارم الأخلاق أيضاً صلة الأرحام : وهناك فرق بين الوالدين , والأقارب الآخرين , فالأقارب لهم الصلة , والوالدان لهما البر . والبر أعلى من الصلة , لأن البر كثيرة الخير والإحسان , لكن الصلة ألا يقـطع , ولهذا يقال في تارك الــبر : إنه عاق , ويـقال فيمن لم يصل : إنه قاطع !
فصلة الأرحام واجبة , وقطعها سبب للعنة والحرمان من دخول الجنة , قال الله تعالى ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )]محمد 22 ,23[ , وقال النبي عليه الصلاة والسلام ( لا يدخل الجـنة قاطع )(1) أي قاطع رحم , والصلة جاءت في القرآن والسنة مطلقة .
وكُل ما أتى وَلَم يُحددِ *** بِالشرعِ كالحرِز فالعُرفِ احْدُدِ
وعلى هذا , يرجع إلى العرف فيها , فما سماه الناس صلة , فهو صلة , وما سموه قطيعة , فهو قطيعة , وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأزمان والأمكنة والأمم .
إذا كان الناس في حالة فقر وأنت غني , وأقاربك فقراء , فصلتهم أن تعطيهم بقدر حالك .
*وفي زماننا هذا الصلة بين الناس قليلة , وذلك لانشغال الناس في حوائجهم , وانشغال
ــــــــــ
(1)أخرجه البخاري رقم5984 ومسلم رقم19 كتاب البر والصلة
بعضهم عن بعض والصلة التامة أن تبحث عن حالهم , وكيف أولادهم , وترى مشاكلهم , ولكن هذه الأمور مع الأسف مفقودة عند كثير من الناس .
ــــــــــ
(1)أخرجه مسلم رقم22 كتاب البر والصلة (2) أخرجه أبو داود رقم1672 والنسائي 2566 كتاب الزكاة باب 72 وهو في صحيح الجامع 6021 .
وحق الرسول ضمن الأمر بعبادة الله , لأنه لا تتحقق العبادة حتى يقوم العبد بحق الرسول عليه الصلاة والسلام , بمحبته واتباع سبيله , ولهذا كان داخلاً في قوله ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )]النساء34[ وكيف يعبد الله إلا من طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!
وإذا عبد الله على مقتضى شريعة الرسول صلى اله عليه وسلم , فقد أدى حقه .
ثم يلي ذلك حق الوالدين , فالوالدين تعبا على الولد , ولا سيما الأم قال الله تعالى ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيــْهِ إِحْسَانًا حَمــَلَتْهُ أُمُّهُ كُــرْهًا وَوَضَعـَتْهُ كُرْهًا )]الأحقاف15[ , وفي آية أخـرى ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ )]لقمان14[ . فالأم تتعب في الحمل , وعند الوضع , وبعد الوضع وترحم صبيها أشد من رحمة الوالد له , ولهذا كانت أحق الناس بحسن الصحبة والبر حتى من الأب .
قال رجل يا رسول الله من أحـق الناس بحـسن مصـاحبتي ؟ قال ( أمـك ) قال : ثم مـن ؟ قـال ( أمك ) قال ثم من ؟ قال ( أمك ) قال ثم من ؟ قال ( أبوك )(1) .
والأب أيضاً يتعب على أولاده ويضجر بضجرهم ويفرح لفرحهم ويسعى بكل الأسباب التي فيها راحتهم وطمأنينتهم وحسن عيشهم , يضرب الفيافي والقفار من أجل تحصيل العيش له ولأولاده .
فكل من الأب والأم له حق , ومهما عملت من العمل فلن تقضي حقمها , ولهذا قال الله عز وجل ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )]الإسراء24[ فحقهم سابق , حيث ربياك صغيراً حين كنت لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً فواجبهما البر .
*والبر فرض عين بالإجماع على كل واحد من الناس , ولهذا قدمه النبي صلى الله عليه وسلم على الجهاد في سبيل الله , كما في حديث ابن مسعود , قال , قلت : يا رسول الله , أي العمل أحب إلى الله ؟ قال ( الصلاة في وقتها ) وقلت : ثم أي ؟ قال ( بر الوالدين ) قلت : ثم أي ؟ قال ( الجهاد في سبيل الله )(2) .
*والولدان هما الأب والأم , أما الجد والجدة فلهما بر , لكنه لا يساوي بر الأم والأب , لأن الجد والجدة لم يحصل لهما ما حصل للأم والأب من التعب , والرعاية والملاحظة , فكان برهما واجباً من باب الصلة , أما البر فإنه للأم والأب .
لكن ما معنى البر ؟
البر : إيصال الخير بقدر ما تستطيع , وكف الشر .
إيصال الخير بالمال , وإيصال الخير بالخدمة , وإيصال الخير بإدخال السرور عليهما , من طلاقة الوجه وحسن المقال والفعال ’ وبكل ما فيه راحتهما .
ــــــــــ
(1)أخرجه البخاري رقم5971 ومسلم رقم1 , 2 كتاب البر والصلة (2)أخرجه البخاري رقم527 ومسام رقم139 كتاب الإيمان .
*ولهذا كان القول الراجح وجوب خدمة الأب والأم على الأولاد إذا لم يحصل عليه بضرر , فإن كان عليه ضرر , لم يجب عليه خدمتهما , اللهم إلا عند الضرورة .
ولهذا نقول : إن طاعتهما واجبة فيما فيه نفع لهما , ولا ضرر على الولد فيه , أما ما فيه ضرر عليه , سواء كان ضرراً دينياً , كأن يأمراه بترك واجب , أو فعل محرم , فإنه لا طاعة لهما في ذلك , أو كان ضرراً بدنياً , فلا يجب عليه طاعتهما . أما المال فيجب عليه أن يبرهما ببذله , واو كثر , إذا لم يكن عليه ضرر , ولم تتعلق به حاجة , والأب خاصة له أن يأخذ من مال ولده ما شاء ما لم يضر .
وإذا تأملنا في أحوال الناس اليوم , وجدنا كثيراً منهم لا يبر بوالديه , بل هو عاق , تجده يحسن إلى أصحابه , ولا يمل الجلوس معهم , لكن لو يجلس إلى أبيه أو أمه ساعة نهار لوجدته متمللاً , كأنما هو على الجمر , فهذا ليس ببار , بل البار من ينشرح صدره لأمه , وأبيه , ويخدمهما على أهداب عينيه , ويحرص غاية الحرص على رضاهما بكل ما يستطيع .
وكما قالت العامة ( البر أسلاف ) فإن البر مع كونه يحصل به البار على ثواب عظيم في الآخرة , فإنه يجازى به في الدنيا , فالبر والعقوق كما يقول العامة ( أسلاف ) أقرض , تستوف إن قدمت البر لأبيك وأمك , برك أولادك , وإن قدمت العقوق عقك أولادك .
وهناك حكايات كثيرة في أن من الناس بر والديه فبر به أولاده , وكذلك في العقوق هناك حكايات تدل على أن الإنسان إذا عق أباه عقه أولاده .
ومن مكارم الأخلاق أيضاً صلة الأرحام : وهناك فرق بين الوالدين , والأقارب الآخرين , فالأقارب لهم الصلة , والوالدان لهما البر . والبر أعلى من الصلة , لأن البر كثيرة الخير والإحسان , لكن الصلة ألا يقـطع , ولهذا يقال في تارك الــبر : إنه عاق , ويـقال فيمن لم يصل : إنه قاطع !
فصلة الأرحام واجبة , وقطعها سبب للعنة والحرمان من دخول الجنة , قال الله تعالى ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )]محمد 22 ,23[ , وقال النبي عليه الصلاة والسلام ( لا يدخل الجـنة قاطع )(1) أي قاطع رحم , والصلة جاءت في القرآن والسنة مطلقة .
وكُل ما أتى وَلَم يُحددِ *** بِالشرعِ كالحرِز فالعُرفِ احْدُدِ
وعلى هذا , يرجع إلى العرف فيها , فما سماه الناس صلة , فهو صلة , وما سموه قطيعة , فهو قطيعة , وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأزمان والأمكنة والأمم .
إذا كان الناس في حالة فقر وأنت غني , وأقاربك فقراء , فصلتهم أن تعطيهم بقدر حالك .
*وفي زماننا هذا الصلة بين الناس قليلة , وذلك لانشغال الناس في حوائجهم , وانشغال
ــــــــــ
(1)أخرجه البخاري رقم5984 ومسلم رقم19 كتاب البر والصلة
بعضهم عن بعض والصلة التامة أن تبحث عن حالهم , وكيف أولادهم , وترى مشاكلهم , ولكن هذه الأمور مع الأسف مفقودة عند كثير من الناس .